حينما تذكر السينما الفرنسية، لابد وان نتوقف عند اسم
النجمة الجميلة كاترين دينوف... واذا كان فيلم «جميلة النهار» قد رسخها
وقدمها نجمة، فانها ظلت وعلى مدى أكثر من نصف قرن من الزمان، «جميلة النهار
دائما»، باطلالتها واختياراتها السينمائية، واهتمامها بجمالها وايضا حرفتها.
كما تتميز كاترين بانها تمثل نسبة علاقات تقرب جذورها في
آفاق الحرفة السينمائية، بالاضافة الى علاقاتها السياسية والاقتصادية
والاجتماعية.
لقد كانت كاترين ولاتزال، ليست مجرد نجمة جميلة او ممثلة
قديرة، بل هي كل تلك المفردات السخية بالمعاني.
ولدت كاترين دينوف، او دي نوف، في 22 اكتوبر 1943 وهذا يعني
انها اليوم في السبعين من عمرها، ورغم ذلك فان من يشاهدها لا يعطيها كل ذلك
العمر.
ويمثل فيلم «جميلة النهار» وفيلم «ريبلسوان - عام 1967»
نقطة تحول وانطلاقة حقيقية في مسيرتها... ولربما في مسيرة السينما الفرنسية.
وكانت كاترين، قد ترشحت خلال مسيرتها للعديد من الجوائز من
بينها الأوسكار كأفضل ممثلة عن دورها في فيلم «اندوشين - 1993»، كما فازت
جائزة سيزار عن فيلمها «المترو الاخير - 1990».
كما أسلفنا، فان كاترين ولدت في العاصمة الفرنسية باريس،
والدها هو الممثل المسرحي والسينمائي موريس دورلين، ووالدتها الممثلة آين
دينوف وكانت الثانية من أصل ثلاث بنات هن فرانسواز دورليك وشقيقتها الصغرى
سيلفى دورليك، ولهن ايضا شقيق من ناحية الأم. وقد درست كاترين في المراحل
الأولى من طفولتها في المدارس الكاتوليكية، دراسة ملتزمة.
في بداية مشوارها، مثلت تحت اسم كاترين دورلين عام 1957، في
فيلم «الرفاق» الذي تأخر اطلاقه لأكثر من عامين لظروف انتاجية. بعدها بدأت
كاترين تستخدم اسم عائلة والدتها فكانت «كاترين دينوف».
في عام 1962 قدمها المخرج روجيه فاديم «الزوج اسابق لبريجيت
باردو» في فيلم «فايس وفريتي» لتنتقل مباشرة بعدها للعمل مع المخرج جاك
ديمي في الاستعراض الموسيقي، «مظلات شيربورغ» عام 1963. كما عملت لاحقا مع
ديمي في فيلم «انسات ريشفورد - 1967».
وتواصلت الأعمال والبصمات بالذات مع كبار صناع السينما
الفرنسية والعالمية، ومنهم رومان بولانسكي في «ريبلسوان» دجان بول رانبو في
فيلم «حياة القصر -1966».
الا ان نقطة التحول، والانطلاقة، والمنصة الاساسية في
صعودها الى النجومية، كانت مع فيلم «جميلة النهار» مع المبدع الاسباني
المقيم في فرنسا لويس بونويل، وذلك عام 1967. ولا يمكن العبور عن هذا
الفيلم، دون الاشارة الى الشخصية المثيرة للجدل، حيث شخصية الزوجة
الارستقراطية، الثرية. والتي تشعر بالملل... من حياة البذخ والمال والثراء،
فتقرر ان تخرج كل صباح للتسكع في الشوارع واقامة علاقات وكأنها «بائعة
هوى»، وقد آثار الفيلم والشخصية يومها كثيرا من الجدل.
ولايزال هذا الفيلم يحظى بالاحتفاء والتحليل والدراسة، لانه
لا يذهب الى الجنس من أجل الجنس، بل بالمعاني الكبيرة التي تحملها تلك
الشخصية، وحاجتها الى الحياة الحقيقية، بعيدا عن حياة البذخ الخالية من
الاحساس والعاطفة.
في السبعينيات، حققت كاترين دينوف حضورا «جارف» في السينما
الاوروبية بشكل عام، وذلك لاجادتها التمثيل بلغات عدة، وهي الفرنسية
والاسبانية والايطالية والبرتغالية بالاضافة الى الانكليزية حيث حققت في
هذا الاطار مجموعة من الاعمال السينمائية الاميركية ومنها «سقوط ابريل -
1969» و«الهوستل - 1975».
وكان من المقرر ان يقوم ألفريد هيتشكوك في عام 1980 وقبيل
وفاته باختيارها للعمل في فيلمه «الليلة القصيرة» حيث كانت مرتبطة بتصوير
فيلم «المترو الاخير» مع الراحل فرانسو تريفو وعن هذه الشخصية فازت بجائزة
سيزار أفضل ممثلة، لتصور بعدها فيلم «الجوع» مع توني سكوت، والذي منحها
الفرصة للوقوف مع النجم دايفيد بوي والنجمة سوزان ساراندون حتى ان مشاهدها
مع ساراندون جلبت لها الكثير من الاشاعات بانها مثلية!
كاترين فازت بجائزة السيزار الثانية وايضا لترشيح للاوسكار،
في فيلم «اندوشين» «الهند الصينية».. لتتكرر المعادلة مع أفلام مثل «منزلي
المفضل» مع اندريه تشينية ومعه ايضا فيلم «اللصوص - 1997».
كما فازت كاترين بجائزة «فولبي» وهي جائزة افضل ممثلة في
مهرجان البندقية، عن فيلم «ساحة الفاندوم - عام 1998».
وفي العام الثاني مباشرة، ظهرت كاترين في خمسة افلام دفعة
واحدة.
وتأتي نقلة أخرى بارزة من خلال فيلم «الرقص في الظلام» مع
المخرج الدانماركي لارس فون ترير ومعهم النجمة والمطربة الايسلندية بجورك
والفيلم فاز يومها بالسعفة الذهبية عام 2000، في مهرجان «كان» السينمائي
الدولي.
كما كانت احدى الفائزات بجائزة مهرجان برلين كأفضل ممثلة
ضمن الجائزة التي ذهبت مناصفة لثمان ممثلات في فيلم «ثمان نساء - 2002».
ويأتي عام 2005، حيث تصدر كاترين دينوف مذكراتها التي حملت
عنوان «في ظلالي» «بالفرنسية» اما النسخة الانكليزية فقد حملت عنوان
«المذكرات الخاصة» لكاترين دينوف، وتحدثت مطولا في هذه المذكرات عن تجاربها
مع تصوير عدد من الافلام، ومنها «اندوشين والرقص في الظلام»، وعملها مع
نجوم كبار من أمثال بيرت رينولدز وجاك ليمون وفنسث بيريز ووليم هارث وجون
مالكوفيتش والان دبلون وجيرار دوبارديو وأخيرا مارسيلو ماستر ويأتي النجم
الايطالي الفذ الذي ارتبطت به لسنوات.
في عام 2006 ترأست لجنة تحكيم مهرجان فينيسيا السينمائي
الدولي، وكرمت في العام الثاني من قبل مهرجان «كان» السينمائي لدورها في
دعم التعاون السينمائي الاوروبي.
عملت الى جوار ابنها «كيارا ماستروباني» في العديد من
الاعمال السينمائية، وكان آخرها في فيلم «الصديق الطيب - 2011».
وعكس كثير من النجوم، حينما يسألون عن أهم أعمالهم يقولون
«جميعها»، فان كاترين دينوف اعترفت في حديث صحافي حيث قالت: أفضل أفلامي هو
«مظلات شيربورغ» فهو فيلم استعراضي موسيقي وهو ايضا فيلم حقيقي رائع... ومن
الصعوبة تحقيق أفلام موسيقية رائعة بجمالها الحقيقي، اختيرت كاترين دينوف
لتصبح رمزا للجمال في فرنسا في الفترة من 1985 - 1989، كما انها كانت وجه
دار «شانيل -5»، عن العطر الذي يحمل ذات الاسم، وهي ورغم تقدمها في العمل،
لاتزال الصديقة المقربة لأهم دور الأزياء والجمال في فرنسا والعالم.
ومن خلال تلك العلاقات، فانها قدمت مثلا أزياء إيف سان
لوران في العديد من أعمالها السينمائية، ومنها فيلم «جميلة النهار»
و«الجوع». وقبل ان نذهب الى بعض الجوانب السياسية، نشير الى شيء من حياتها
الخاصة.
حينما كانت في السابعة عشرة من عمرها عام 1961 ارتبطت
بعلاقة مع المخرج روجيه فاديم الذي كان يكبرها مرتين بالعمر، ولديها منه
ابنهما كرستيان فاديم 1963 وحينما بلغت كاترين التاسعة عشرة من عمرها كان
روجيه قد بلغ «35» وبعد شهرين قررا الانفصال.
في عام 1965، وحينما كانت في الحادية والعشرين من عمرها
تزوجت من المصور البريطاني دايفيد بايلي، وانفصلا عام 1972.
بعدها راحت تلتقي بالنجم الايطالي مارسيلو ماستروباني ومعه
قدمت خمسة افلام، وفي سن الثانية والعشرين من عمرها انجبت ابنتها «كيارا
ماستروباني»، ورغم انفصال كاترين ومارسيلو عام - 1975» الا انها ظلا صديقين
مقربين، بل انها كانت الى جواره في اللحظات الاخيرة من وفاته عام 1996 بعد
معاناته مع مرض السرطان.
كما ارتبطت كاترين في أوقات متفرقة بعلاقات مع النجم كلينت
ايستوود، وايضا المخرج فرانسوا تريفوا وفي الثمانينيات والتسعينيات ارتبطت
مع مالك قناة «بلاس» الفرنسي بيير لويسر.
أصبحت جدة، حينما بلغت «43» من عمرها حينما انجبت صديقة
ابنها كرستيان لطفل، وتكرر الامر مع ابن كيارا «ميلو» ثم «آنا» واخيرا ليو
ابن كرستيان.
المشكلة الانسانية التي تعاني منها كاترين دنيوف هي
التدخين، وهو ما يسبب لها الكثير من المشاكل... وهي ترفض ان تتوقف عن
التدخين في المؤتمرات الصحفية... او حتى الاماكن المغلقة.
وعلى الصعيد السياسي تبدو كاترين دينوف واحدة من أشد
المدافعات عن الحقوق والعدالة، ولها العديد من المساهمات في منظمات كبرى،
منها «امنستي» وضد حكم الإعدام... وتعتبر مدافعة كبيرة عن حقوق «البدون -
بدون أوراق» في فرنسا.
وهكذا هو شأن الكبار.
النهار الكويتية في
22/07/2013 |