ظلت حياة النجمة الأميركية جوان كراوفورد تقترن بالقوة
والغموض في جميع مراحل حياتها، وكانت واحدة من اكثر نجمات هوليوود مقدرة
على التنويع، عبر مسيرة حافلة بالنتاجات، سواء في المراحل الأولى كراقصة ثم
نجمة في برودواي ولاحقا في هوليوود، وصولا الى أوسكار افضل ممثلة عام 1945
عن دورها في فيلم «ولدريد بيربس».
ولدت جوان كراوفورد في 23 مارس 1904 تحت اسم لوسيل فاي
لوسور في سان انتونيو - تكساس، وهي الابنة الثالثة لتوماس لوسور وهو من
اصول انكليزية - فرنسية مشتركة، والدتها هي انابيل جوانسون وهذه ايضا تنتمي
الى اصول سويدية - ايرلندية.
أقامت علاقتها في اوكلاهوما، حيث كان يعمل ابن عمها متعهدا
لدى دار الاوبرا، وهذا ما ساهم في تطوير علاقتها مع الرقص الاستعراضي ومسرح
الفدونيل المتجول، خصوصا في ظل
تراجع مشوارها الدراسي وعدم قدرتها على التحصيل العلمي، ما
جعلها تقضي اغلب وقتها مع عروض المسرح المتجول.
كانت امنيتها ان تتحول الى راقصة استعراضية، كما تعلمت
العزف على البيانو، الا انها كانت تفضل اللهو مع الاصدقاء على تلك الدروس،
وهذا ما دفعها الى ان تجرح رجلها ذات يوم وهي تهرب من الباب الخلفي، كما
جاء في مذكراتها التي نشرتها في نهاية الستينيات، ذلك الحادث منعها من
العودة الى المدرسة بعد اجراء عملية جراحية مركبة.
وبعد مرحلة صعبة من الحياة الاسرية والعمل، قررت ان تتحدى
ذاتها، وان تعود الى الدراسة في ستيفز كوليج وكولومبيا ميسوري، الا انها
اكتشفت بانها لا تستطيع تحمل حياة الدراسة.
تحت اسم لوسيل لاسور بدأت مشوارها كراقصة ضمن فرقة متجولة
بدأت في درترويت.
لتقدم اعمالاً عدة من بينها «العيون البريئة» في برودواي
لاحقا، على مسرح دينتر جوردن ثياتر وهنا تتعرف على صديقها وزوجها الاول
عازف السكسفون جيمس ويلتون «وكان زواجا غير رسمي نظرا لزواج جيمس».
وذات يوم وصلت كراوفورد للحصول على عقد قيمته 75 دولارا
اسبوعيا مع ستديوهات متروغولدن ماير.
أول أفلامها كان «الدائرة - الحلقة» 1925 ثم السيدات
الجميلات ثم «الشيء الوحيد» و «ملابس قديمة» وقد لاحظ مدير الدعاية في
متروغولدن ماير بيت سميث ان اسمها غير «حقيقي» بالنسبة للجمهور وأخبر بذلك
مدير الاستديوهات لويس ب. ماير وهذا ما دفع كلا من مايروسميث، لاجراء
استفتاء بين قراء مجلة «موفر ويكلي» لاختيار اسم لها، حيث تم اختيار اسم
«جوان اردن» اولا، ثم تم تغييره الى جوان كراوفورد رغم عدم اعجابها بالاسم،
الا انها وافقت لانه طلب الاستديو الذي تعمل له.
وتحت اسمها الجديد قدمت افلام «سالي وايرن وماري» 1925 ، ثم
فيلم «سيدة الليل».
والتحقت جوان لتكون ضمن قائمة النجمات الشابات المفضلات،
خصوصا بعد تجربتها في فيلم «باريس» 1926 لتكون واحدة من اهم النجمات
الرومانسيات.
وتمضي مسيرتها، عبر كم كبير من الافلام والتجارب السينمائية
مع نجوم تلك المرحلة المهمة من تاريخ السينما الأميركية.
في عام 1928 قدمت مع «رامون نوفارو فيلم «ممر الى سنغافورة»
الذي عملت معه كذا فيلم «غير المعروف».
في ذات العام، انجزت آخر افلامها الصامتة بعنوان «عقولنا
الحديثة».
في عام 1929 قدمت اول فيلم ناطق لها بعنوان «انتيميد» امام
روبرت مونتغمري، ليحقق الفيلم نجاحا كبيرا، وساهمت السينما الناطقة في
منحها نجاحات اكبر مع صوتها الجميل ورقصها الرائع.
ويأتي النجاح الآخر مع فيلم «قمر مونتانيا» 1930 محققا
نجاحات اكبر، ثم فيلم «جسرنا».
وخلال عملها مع كلارك كيبل في فيلم «بوسيسن» 1931، اقام
كيبل علاقة غرامية معها اثناء التصوير، ما جعل لويس ب. ماير مدير
الاستديوهات يتدخل لمنع العلاقة الفضيحة.
وتمضي المسيرة حافلة بالافلام وايضا العلاقات، مع نجاحات
رسخت حضورها كواحدة من اهم نجمات الشباك في السينما الأميركية الى جوار
غريت غاربو كاثرين هيبورن وفريد استرومارلين ديترش.
في عام 1939 قدمت فيلم «امرأة» ثم وجه امرأة 1941.
ومقابل نصف مليون دولار، انتقلت جوان كراوفورد من ستديوهات
مترو غولدن ماير الى وارنر برازرز لتصوير ثلاثة افلام لتقدم حفنة افلام
منها «هوليوود كانتون».
وتأتي التجربة الاهم مع فيلم «ميلدريد بيرنس» الذي رشحت له
اولا بيتي دينفر، وأصر المخرج مايكل كيرتس على جوان، وعن الفيلم فازت
بالاوسكار كأفضل ممثلة عام 1940.
كما شهدت تلك المرحلة نقلات من الشخصيات التي راحت تقدمها
فبعد ان كانت المراهقة والمرأة الشابة، باتت تقدم دور المرأة الناضجة
والكبيرة، مثل دورها في فيلم «امرأة في خطر» 1952.
في عام 1955 كان زواجها الأخير مع الفريد ستيل المدير الفني
في كوكاكولا، الذي انتقل لاحقا ليصبح رئيسا لمجلس ادارة «بيبسي كولا» والذي
توفي لاحقا بسكتة قلبية 1959.
خلال تلك المرحلة، بدأت تتجه جوان كراوفورد الى التلفزيون،
خصوصا بعد تجربتها الاخيرة في الترشيح للاوسكار في فيلم «علاقة مفاجئة»
1952.
في الثامن من مايو 1977 توفيت جوان كراوفورد في شقتها في
نيويورك بعد ازمة قلبية.
ومن الموضوعات، التي ظلت في اطار الاسرار غير المباحة
علاقتها مع مارلين مونرو، والتي اشير الى انها علاقة عاطفية كبيرة، وهذا ما
تم الاشارة اليه في عدد من المذكرات من بينها «مولي ديسرت للاخوين كرستينا
وكريستوفر.
تزوجت جوان اربع مرات، آخرهم رئيس «بيبسي كولا» الفريد ستيل،
وقد تبنت جوان خمسة ابناء يقومون حاليا بتخليد ذكراها.
وقد تم اختيارها لتكون العاشرة، بين اهم عشر نساء في ترسيخ
السينما الاميركية من قبل معهد الفيلم الاميركي.
وحتى اللحظة، ورغم بعض الاشارات الى علاقتها مع مارلين
مونرو في نهاية الاربعينيات وحتى منتصف الخمسينيات، الا ان اعداد من تلك
المصادر لم تجزم، وان اشير الى تلك العلاقة، من ضمن الاسباب التي ادت الى
انتحار مارلين مونرو لتزداد اسرار ذلك الانتحار تعقيدا، وغموضا.
الجانب الاهم، ان جوان عاشت الانتقال من السينما الصامتة
الى الناطقة، وبلباقة عالية، كما انها انتقلت بين الاستديوهات الكبرى،
مؤكدة على مقدرتها الفنية، وايضا تميزها في الانتقال من مرحلة عمرية الى
اخرى، وصولا الى العمل في التلفزيون كنهاية لمشوار حافل بالانجازات
والبصمات الكبرى.
هذه جوانب من مسيرة نجمة من ابرز نجمات العصر الذهبي
للسينما في هوليوود والعالم.
النهار الكويتية في
04/08/2013 |