حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

القرَّاء يرون في تركيز الدراما على الشَّخصيَّة القبطيَّة استغلال للأحداث

المسيحي والمسلم: غرام على الشَّاشة وإنتقام في الشَّارع (1-2)

أحمد عدلي من القاهرة وعامر عبدالسلام من دمشق

شهد شهر رمضان الماضي طفرةً في تقديم نموذج الشَّخصيَّة المسيحيَّة في كلِّ من الدراما المصريَّة والسوريَّة على حدٍّ سواء، وظهرت أدوار تستعرض "المسيحي" وتركِّز على تفاعله مع المحيط المسلم، كما تسلِّط الضوء على علاقة شاب بفتاة ينتميان إلى ديانتين مختلفتين. لاستقراء دلالات الموضوع، سألت "إيلاف" عن الأسباب وراء كثافة تقديم نماذج قبطيَّة ومسيحيَّة، فاتفق نصف المشاركين في الاستفتاء على أنَّ ذلك نتيجة "استغلال لحدثٍ ساخنٍ".

لم تطلق أعمال دراميّة مصريّة مثل "دوران شبرا" و"المواطن إكس" وآدم، أو سورية مثل "جلسات نسائية" و"باب الحارة"، تسمية على الشخصية التي تلعب دور المسيحيّ فيها، واكتفت بالاشارة إليها بوصف "مسيحيّ"، وأكملت هذه الأعمال التسمية بإضافة أكسسوارات مناسبة للشخصية، فألبستها صليبًا وتمّ تقديم عدة أعمال صورت الشخصيات المسيحية على أنّها متعايشة ومتفاعلة مع مجتمعها، فيما تطرق مسلسل "دوران شبرا" إلى المحاذير الاجتماعيّة التي تحيط بأيّ علاقة تجمع بين شاب وفتاة ينتميان إلى ديانتين مختلفتين.

في استفتائه الأسبوعي، سأل القسم الفني في إيلاف عن كثافة تقديم نماذج قبطية ومسيحية في الدراما المصرية والسورية خلال رمضان الماضي، فرأى 13.99 بالمئة من القرّاء أنّ طرح الشخصية القبطية أو المسيحية جاء نتيجة توجيه حكوميّ، واعتبر 38.34% أنّه نتاج وعي حقيقي يحارب الطائفية، فيما اعتبر أغلبيّة المشاركين (47.67%) أنه مجرد استغلال سطحي لحدث ساخن.

لاستكمال الاستفتاء، تمّ استصراح آراء مجموعة من العاملين في المجال الفني حول كثافة تواجد الأقباط في الأعمال الفنيّة التي عرضت خلال شهر رمضان الماضي، وتسليط الضوء على المراحل التي مرّت بها الشخصيّة القبطيّة مع تغيير الحكّام والأنظمة في مصر، فضلاً عن سؤال توجهت به إيلاف الى أقباط عملوا في الوسط الفني حول ما اذا كانوا تعرضوا لمضايقات أو تمييز ضدهم بسبب ديانتهم.

المحور الأول:

لماذا ظهر الاقباط على الشاشة بشكل مكثف في السنوات الاخيرة؟

تعددت النماذج القبطية على الشاشة المصرية سواء في السينما او التليفزيون، إذ باتت غالبية الأعمال التي تقدم في السنوات الاخيرة إما تقوم بطرح قضية العلاقة بين المسلمين والاقباط بشكل مباشر وتكون محور هام من أحداثها، او تطرحها بشكل فرعي وتقدم فكرة التعايش السلمي في المجتمع المصري.

المؤكد أن هناك سبب للاهتمام المفاجئ بطرح هذه القضية ضمن الأحداث الدرامية في السنوات العشر الاخيرة، وكثافتها ومباشرتها في الموسم الدرامي الأخير، وهو ما ارجعه مشتغلين بالحقل الفني الى كونه محاكاة للواقع والاحداث المتتالية التي تقع في المجتمع المصري:

شيري عادل: الشخصية القبطية لا تختزل بالصليب

تعتز الفنانة الشابة شيري عادل بمشاركتها في فيلم "حسن ومرقص" ليس فقط لكونه اول عمل سينمائي لها ولكن لأنها جسدت مشكلة حقيقية، مشيرة الى ان الواقعية في عرض المشكلة كانت أحد أسباب نجاح الفيلم.

شيري قالت لـ"إيلاف" ان الشخصية القبطية لا يمكن اختزالها في شخصية واحدة او نموذج واحد، لافتة الى انها عندما جسدتها مجدداً في مسلسل المواطن إكس في رمضان الماضي لم ترتد الصليب بشكل دائم او لافت في تحركاتها حتى يتذكر المشاهد انها قبطية.

وأوضحت أن لها صديقة قبطية على الرغم من انها شخصية متدينة وملتزمة دينياً لكنها لا ترتدي الصليب إلا خلال ذهابها للكنيسة او في جلوسها مع اقاربها.

ولفتت الى ان هناك بعض الأعمال التي قدمت الشخصية القبطية بشكل واقعي مثل فيلم "حسن ومرقص" مبررة عدم وجود العديد من الأعمال حول العلاقة بين المسلمين والاقباط بسبب حساسية التناول الدرامي للموضوع.

ونفت ان يكون لذلك علاقة بتوجه من اي سلطة، مستبعدة ان يكون الأمر له علاقة بتوجه من احد، وأشارت الى ان المؤلفين يقومون بتقديم أعمال تحاكي الواقع وتعبر عنه لذا تجد هناك موضوعات لم تكن مناسبة قبل الثورة واصبحت مناسبة الان والعكس، فكل مرحلة لها الأعمال التي تناسبها.

أحمد عزمي: قبطي بالثلاثة

يؤكد الفنان الشاب أحمد عزمي – جسد شخصية القبطي ثلاثة مرات اخرها في مسلسل دوران شبرا خلال رمضان الماضي- ان الشخصية القبطية يتم التعامل معها وفق وجودها الدرامي في الأحداث، لافتاً الى ان من تابع مسلسل "دوران شبرا" شعر بان الأحداث كتبت خصيصاً للتعبير عما يحدث في مصر، وهو أمر غير صحيح، إذ تم الانتهاء من المسلسل كتابة المسلسل قبل بداية الثورة، وقبل وقوع اي احداث فتنة بين المسلمين والاقباط.

وأشار عزمي الى انه تعايش مع الشخصية بشكل كامل خلال فترة التصوير لدرجة انه قام بالتسجيل مع أحد المحطات الفضائية التي حضرت لتسجيل كواليس البرنامج مرتديا الصليب ولم يكتشف ذلك إلا بعد الانتهاء من التسجيل، وعندما طلب منه مسؤولي المحطة اعادة التسجيل فضل عرضه هو لانه لا يجد غضاضة في ذلك.

ولفت الى ان علاقة التلاحم بين المسلمين والاقباط التي قدمها المسلسل هي نفسها العلاقة الموجودة في المجتمع المصري بغض النظر عن التصرفات الفردية التي تحدث احياناً، موضحاً ان المسلسل عمد الى عرض الحقيقة دون ان يستغل اي احداث إذ تم الانتهاء منه قبل أحداث كنيسة القديسين، وخرج فريق العمل ليؤكد ان المسلسل مكتوب بهذه الطريقة ولم يتم إجراء تعديل عليه.

عمرو الدالي: دوران شبرا يعكس واقع المنطقة

من جهته يقول السيناريست عمرو الدالي مؤلف مسلسل دوران شبرا – احد الأعمال الدرامية التي طرحت الموضوع بقوة في رمضان الماضي – انه عندما قرر كتابة مسلسل عن منطقة شبرا التي نشأ فيها لم يكن يفكر في طرح قضية العلاقة بين المسلمين والاقباط في المسلسل، لكن واقع المنطقة هو الذي فرضه، موضحاً ان منطقة شبرا في القاهرة أكبر المناطق التي يوجد فيها نسبة من الاقباط تعيش بجوار المسلمين بشكل سلمي، ومن ثم كان ضرورياً ان يكون لهم مساحة في المسلسل.

يوضح عمرو انه شرع في كتابة المسلسل منذ اوائل عام 2010 قبل ان تحدث الثورة المصرية والاحداث الأخيرة، مشيراً الى انه حاول ان يقدم الواقع كما هو حيث تناول في المسلسل إمكانية حدوث فتنة طائفية بسسبب علاقة تجمع بين شاب من دين وفتاة من دين أخر.

وأشار الى أن العلاقة بين المسلمين والاقباط في الشاشة اعتادنا عليها ان تكون علاقة ودية شعارها التسامح بشكل مبالغ فيه في كثير من الاحيان مؤكداً على انه حاول نقل الواقع في المسلسل لكنه في الوقت نفسه لا يستطيع ان يحدد ما إذ كان نجح في ذلك أم لا. ويبرر الدالي وجود أكثر من عمل في الفترة الاخيرة يتناول القضية لرغبة المؤلفين في محاكاة الواقع.

أحمد رزق: قبطي للضرورة الدرامية

يوضح الفنان احمد رزق – قدم دور ضابط قبطي في فيلم مافيا- ان تقديم اي عمل عن المجتمع المصري في الوقت الحالي لابد ان يكون فيه شخصيات قبطية، مشيراً الى انه ليس بالضرورة ان يظهر هؤلاء الاقباط في الكنيسة أثناء تأدية الصلاة ولكن لان كل منا في حياته صديق او جار او زميل قبطي.

يوضح رزق ان دوره في الفيلم كان لضرورة درامية لافتاً الى ان اي شخص لا يستطيع التمييز بين المسلم والقبطي في الشارع، لاسيما وان عدداً ليس قليلاً من الاقباط اصبح لا يضع علامة "الصليب" في يده.

وحيد حامد: لا نكتب بتوجيه حكومي

ويؤكد الكاتب وحيد حامد أن التوجه الحكومي كان غائبا بشكل كبير عن الدراما والسينما خلال الفترة الماضية سواء فيما يتعلق بتقديم الأقباط أو غيرهم، مشيراً الى أن الكتاب دائما هم من يحددون الموضوعات التي سيتناولونها في كتابتهم من واقع مشاهدتهم في الواقع والأحداث المتلاحقة.

وأشار الى ان التدخل الوحيد الذي كان يحدث يتعلق باختيار المشروعات الفنية لتكون من إنتاج التليفزيون أو الاهتمام بالعمل فحسب، لافتاً الى انه لا يعتقد ان ذلك قد حدث مع اي عمل باستثناء الأعمال الوطنية التي كانت تحظى باهتمام لفترة زمنية ليست قصيرة.

ولفت الى ان تقديم أعمال درامية تناولت العلاقة بين المسلمين والاقباط راجع الى ان هذه العلاقة باتت أحد الموضوعات الهامة على الساحة المصرية وبالتالي لابد من مناقشتها في أعمال سواء درامية او سينمائية بدافع من الكتاب للتعبير عن الواقع وليس استغلاله لأن الفن يعبر عن الواقع ولا ينفصل عنه.

نادر صلاح: نرفض الوصاية المسبقة

ويلفت السيناريست نادر صلاح الدين مؤلف فيلم "الرهينة" ان العلاقة بين المسلمين والاقباط جزء من تكوين المجتمع ومن الطبيعي تناولها في السينما او التليفزيون. مؤكداً على ان طبيعة العلاقة في العمل تحددها الفترة الزمنية التي يتم كتابة العمل فيها.

وهي لم ترتبط يوماً بأي توجيه من النظام او مسؤول سواء بالكنسية او الازهر، لان اي مؤلف يرفض ان تكون هناك وصاية مسبقة عليه، او ان يطرح العمل بوجهة نظر معينة لأن هذا الأمر سيفقده جوهره، وسيخرج عمل موجه يلاحظه الجمهور من دقائقه الأولى.

واعترف بان أي عمل يناقش هذه العلاقة على الشاشة يكون هناك إقبال عليه من قبل المسلمين او الاقباط لمعرفة كيفية تناوله، لافتاً الى ان الكاتب مطالب بان يقدم الصورة الموجودة في المجتمع كما هي دون ان يدخل عليها اي رتوش تجميليه.

وأوضح ان الأعمال التي عرضت خلال رمضان الماضي تناولت العلاقة بشكل سطحي نسبياً وليس باسلوب متعمق، مؤكداً على ان التعمق في طبيعة العلاقة بين المسلمين والاقباط في مرحلة ما بعد الثورة يحتاج الى فترة زمنية لتقديمه بشكل صحيح، وهو نفس ما ينطبق على الأعمال التي تتناول الثورة، فهي لا يمكن ان يتم تقديمها بمصداقية وواقعية في الوقت الحالي.

وأكد على ان غالبية الأعمال الفنية لم تحاول استغلال الأحداث بقدر ما سعت الى محاكاة الواقع ونقل ما حدث الى  الشاشة، لافتا الى ان هذا النمط من الأعمال الفنية لا يقتصر على طبيعة العلاقة فحسب ولكن على كافة الأحداث المؤثرة في المجتمع المصري.

الجزء الثاني من التحقيق سيتناول المحاور التالية:

الشخصية القبطية على مدار التاريخ

أقباط في الوسط الفني المصري

المسيحي في الدراما السورية

إيلاف في

08/12/2011

 

الشَّخصيَّة القبطيَّة على مدار التَّاريخ وواقع مسيحيي سوريا

المسيحي والمسلم: غرام على الشَّاشة وانتقام في الشَّارع (2-2)

أحمد عدلي وعامر عبد السلام  

شهد شهر رمضان الماضي طفرةً في تقديم نموذج الشَّخصيَّة المسيحيَّة في كلِّ من الدراما المصريَّة والسوريَّة على حدٍّ سواء، وظهرت أدوار تستعرض "المسيحي" وتركِّز على تفاعله مع المحيط المسلم، كما تسلِّط الضوء على علاقة شاب بفتاة ينتميان إلى ديانتين مختلفتين. لاستقراء دلالات الموضوع، سألت "إيلاف" عن الأسباب وراء كثافة تقديم نماذج قبطيَّة ومسيحيَّة، فاتفق نصف المشاركين في الاستفتاء على أنَّ ذلك نتيجة "استغلال لحدثٍ ساخنٍ".

المحور الثاني: الشخصية القبطية على مدار التاريخ:

لم تكن الشخصية القبطية ظاهرة بوضوح في تاريخ السينما المصرية والدراما التلفزيونية منذ بداياتها باستثناء قلة قليلة من الأعمال التي طرحت الشخصية القبطية بوضوح نذكر منها فيلم "حسن ومرقص وكوهين" الذي قدم في بداية الخمسينات، كذلك فيلم "شفيقة القبطية" الذي قدمته الفنانة الراحلة هند رستم" والذي يصنف ضمن الاعمال الدرامية التي تحدثت عن الشخصية القبطية بشكل صريح، وكانت تتناول حياة الاقباط، وهو الوصف نفسه الذي ينطبق على فيلم "الراهبة" الذي قدمته هند رستم ايضا، إلا أن الشخصية القبطية ظهرت بكثرة على الشاشة ضمن باقي شخصيات المجتمع بداية من نهاية السبعينات من القرن الماضي.

الناقد محمود قاسم: الشخصية القبطية ثرية درامياً

يؤكد الناقد والمؤرخ السينمائي محمود قاسم في إفادته لـ"إيلاف" أن الشخصية القبطية من الشخصيات الثرية على المستوي الدرامي خاصة في الفترة الاخيرة إذ تتشابك الأحداث السياسية في هذا الملف بشكل معقد ومن ثم يكون التطرق اليها في صالح الأعمال الدرامية التي تتناول العلاقة بين المسلمين والاقباط.

ويشدد على ان تاريخ العلاقة بين المسلمين والاقباط في مجملها تكون علاقات طيبة باستثناء بعض الحوادث العارضة، ومن ثم يكون الحديث عن التسامح والعلاقة الطيبة في الأعمال الدرامية مبرراً خاصة ان ظهرت خلال هذه الأعمال الوجوه الاستثنائية التي نراها في الواقع.

يشير الى ان تناول الشخصية القبطية ارتبط ارتباطا وثيقا بمدى مساحة الحرية الموجودة في كل عصر، ففي الماضي لم تكن هناك حساسية في العلاقة بين المسلمين والاقباط ومن ثم لم تكن ظاهرة الا في بعض الأعمال التي كانت طبيعتها تتطلب ذلك، فضلاً عن ان التناول كان يتم بحرية في نهاية عصر عبد الناصر وبداية عصر السادات.

وأوضح ان عصر الرئيس السابق مبارك ومرحلة ما بعد الثورة شهدت حساسية نسبية في التعامل مع الملف نظراً لعدم الاستقرار في العلاقة، وحدوث العديد من أحداث الفتنة الطائفية، لافتاً الى ان التلفزيون المصري كان يتبنى أحيانا بعض المبادرات لكتابة أعمال درامية عن الجو الودي والاخاء في العلاقة بين المسلمين والاقباط.

الناقد نادر عدلي: تعاملت السينما مع الاقباط بحسب المرحلة

من جهته قال الناقد السينمائي نادر عدلي لـ"إيلاف" إن السينما المصرية على مدار تاريخها تعاملت مع الاقباط بحسب الوضع القائم، فخلال الحقبة الاولى من تاريخها في عهد الملكية وعهد الرئيس جمال عبد الناصر لم تكن تحت دائرة الضوء، نظراً لكون المشكلة الحقيقية للاقباط لم تظهر في مصر إلا في عهد الرئيس السادات حيث حاول ان يستخدم تيارات دينية سياسية لتواجه تيارات يسارية اخرى، ما أفرز مداً متطرفاً إنعكس على الأقباط فظهرت شخصية القبطي على الشاشة.

ولفت الى ان الافلام القديمة كانت دائما ما تراعي ان تكون اسماء الشخصيات الموجودة فيها محايدة إذ يمكن مشاهدة الفيلم بالكامل اكثر من مرة دون ان تعرف ديانة ابطاله لأن المصريين في هذه الفترة كانوا نسيجا واحدا بالفعل.

واوضح ان تناول شخصية القبطي على الشاشة في زمن مبارك بدأ بشكل مثالي استمر لمدة 15 عاما تقريباً والتأكيد بصفة مستمرة خلال هذه الفترة على انه نسيج واحد وانه ليس دخيلا على المجتمع، نافياً ان يكون السبب في ذلك التوجه السياسي للدولة في عصر الرئيس السابق.

وأرجع عدلي ذلك الى وعي السينمائي المصري نظراً لكون السينمائيين المصريين واعين بطبيعة الشعب موضحاً ان السنوات الاخيرة شهدت تفاقماً للصراع الطائفي بين المسلمين والاقباط بدأت تظهر فيها شخصية القبطي بوضوح شديد، وأصبح يمكن ان يظهر القبطي في شكل الجاني وليس الملاك او المجني عليه.

واعتبر أن عددا من الأعمال السينمائية والدرامية التي تم تقديمها وتناولت العلاقة بين المسلمين والاقباط ومن بينها فيلم "حسن ومرقص" غلب عليها الطابع الإعلامي أكثر منه الطابع الفني نظراً لرغبتها في مسايرة ما يحدث مستشهدا بالفارق بين تناول فيلم "حسن ومرقص وكوهين" للواقع وتناول فيلم "حسن ومرقص" للمشكلة.

المحور الثالث: أقباط في الوسط الفني :

مثلما يعتبر الاقباط في مصر جزءا من نسيج الوطن، فهم جزء من نسيج الوسط الفني، فالوسط الفني في مصر يعجّ بالشخصيات القبطية سواء في مجال التمثيل او الإنتاج أو الإخراج.

هاني جرجس فوزي: لا تمييز ضد الأقباط في الصناعة

يعترف المنتج السينمائي هاني جرجس فوزي في حديثه لـ"إيلاف" بصعوبة تناول العلاقة بين المسلمين في عمل درامي او سينمائي بشكل صحيح بسبب التوترات التي يشهدها المجتمع وهو ما يستلزم ان تكون هناك وقفة لوضوح الرؤية وتقديم عمل جيد متكامل، بالاضافة الى التيارات الفكرية الموجودة في المجتمع والتي ستهاجم اي عمل يتعرض للعلاقة حتى لو كان بشكل صحيح. مشيراً الى أنه سابقاً كانت السينما تقوم بتقديم افلام جريئة تناولت القضية، ولكن بشكل سطحي.

وأكد ان الأنظمة السياسية لا يكون لها علاقة بالسينما او التلفزيون وطريقة تناولها لهذا الملف إلا في اضيق الحدود، لافتاً الى انه لا يمكن ان يتم فرض عمل على الجمهور يقوم بدفع اموال فيه لمشاهدته.

ولفت الى انه كمخرج ومنتج قبطي لم يتعرض لاي تمييز خلال عمله بسبب الديانة موضحاً ان الأمر يرتبط بطبيعة الأعمال التي يقدمها، فلا يمكن مثلا ان اقدم فيلما عن تطرف ديني إسلامي وبالطبع المجتمع لن يقبل ذلك.

السيناريست هاني فوزي قال لـ"إيلاف" إن صورة الاقباط في السينما المصرية عادة ما تظهر بشكل نمطي حيث تكون ضعيفة لعدم وجود عناصر قبطية في فريق العمل الخاص بالافلام وهو ما يؤدي الى عدم الدراية الكاملة بالديانة المسيحية وتفاصيلها.

وأكد ان غالبية الأعمال الدرامية التي تناولت الموضوع كانت بسبب جذب الجمهور والربح المادي في دور العرض وجذب الجمهور لمشاهدة الافلام بعد عرض البروموهات المثيرة التي تتناول الموضوع.

يرفض فوزي فكرة وجود تمييز ضد أحد الفنانين بسبب ديانته القبطية مؤكداً ان الديانة لم تكن يوما في تحقيق الشهرة لأي فنان او العكس، مؤكداً ان ديانة القائمين على صناعة السينما لا يتم الحديث فيها الا بالتزامن مع تقديم عمل مثير للجدل ويكون الأمر بمبادرة من وسائل الإعلام.

هيدي كرم: كثر لا يعرفون بأنني قبطية

الفنانة الشابة هيدي كرم تؤكد أن كثيرين لا يعرفون انها قبطية في الأصل موضحة أن هذا الامر اعتادت ان يكون لا علاقة له بالتعامل مع الاخرين او بالعمل لكون الدين لله وانها ليست لها علاقة بديانة الشخص الذي يتعامل معها.

وأشارت الى انها منذ الصغر وهي تعتاد اللعب مع زملائها المسلمين وتناول الافطار معهم في رمضان ومراعاة شعورهم خلال الصيام وعدم تناول اي مأكولات أو مشروبات لافتة الى ان هذا الأمر نشأت عليه في منزل اسرتها في منطقة شبرا.

هيدي نفت تماما ان تكون ديانتها قد اثرت في مسيرتها الفنية او تسببت باستبعادها من اي عمل وانها لم تتعرض لهذه المواقف خلال عملها على الإطلاق مؤكدة ان المنتجين المصريين وشركات الإنتاج لا تتعامل من منطلق الدين ولكن من منطلق فني بحت.

تحفظت هيدي عن الحديث عن رأيها في الأعمال التي تناولت العلاقة بين المسلمين والاقباط مؤكدة ان هذه الأعمال في مجملها جيدة.

المسيحي في الدراما السورية :

أما على صعيد الوسط الفني السوري فقد كان هناك حذر شديد لدى العديد من الفنانين والمشتغلين فيه من تناول هذا الموضوع، واعتذر عن الحديث الينا عدد آخر.

كمال مرة: الدراما السورية مقصّرة في تناول الشخصيات المسيحية

الكاتب كمال مرة نفى أن يكون هناك أي علاقة للسلطة بتوجيه الكتاب للبحث في أي من القضايا باستثناء بعض السهرات التلفزيونية التي تكتب لغايات تعليمية ومعرفية.

وقال الكاتب مرة لـ"إيلاف" إن أي مجتمع بشكل عام ما هو إلا عبارة عن توليفة عرقية وفيه نسيج متكامل من عدة أطياف ،والدراما العربية بشكل عام والسورية بشكل خاص مقصرة، أي أنها لم تأخذ كل شرائح المجتمع باعتبارهم نسيجا متكاملا ، لذا يكون طرح الموضوع عبارة عن حالة ذاتية من الكاتب نفسه ونتيجة وعي منه على أخذ عدة نماذج من المجتمع لتقديم تكامله.

ويضيف الكاتب مرة أنه أراد أن يقدم البيئات السورية بشكل غير منغلق، فادخل أكثر من حالة وشخصية منتمية بشكل مختلف طائفياً، وكون الكاتب يقدم ببساطة عدة نماذج أو شخصيات إنسانية تحمل أفكارا مختلفة على صعيد الفكر والايديولوجيا فلماذا لا يقدم شخصيات مختلفة طائفياً ما يعزز حالة التطور الفكري والتنوع الثقافي من جهة، بالإضافة إلى أنه يلامس الحقيقة الموجودة في الشارع السوري وبالتالي تقديم النسيج الواقعي في المجتمع ، معتبراً أن كل الوطن العربي خليط متكامل من شرقه لغربه ناس يعيشون الهمّ ذاته في الواقع المعيشي والاجتماعي والسياسي ولا يجوز استبعادهم.

ورأى أن من أجمل الشخصيات التي قدمها على صعيد الدراما كانت شخصية (أم جوزيف) في باب الحارة3 ،والتي جسّدتها ببراعة الفنانة السورية منى واصف، معتبراً أنه أراد تقديم شخصية تمثل نموذجاً لنساء سوريا في تلك الفترة، فهي المرأة المقاومة والواعية العفوية التي تدرك واقعها وما يحيط حولها، وهي المرأة السورية التي لم تفرق بين أبو احمد وأبو حنا عند استشهاد احدهم ، فتعتبر كل المقاومين أبناء لها ومن الجميل أن يتم تناول هذه اللحمة.

واعتبر مرة أن الدراما مقصرة في تناول الشخصيات المسيحية ،وان تناولتها سيتم تقديمها بحذر كون مثل هذه الشخصية ستصبح نموذجاً ومن الصعب الإساءة إليها لكيلا يتم فهمها بالإساءة للعنصر المسيحي لذا يتم التطرق إليها بشكل إيجابي ، مشيراً إلى أن الشخصية المسيحية قدمت في الدراما السورية بشكل نمطي بسبب الحذر الشديد من قبل الكتاب، ولا يوجد عمل تكون كل الشخصيات فيه من دين مسيحي كما هو الحال عند تقديم الكل الإسلامي وهنا تكمن المشكلة ، لافتاً إلى أن لكل عمل درامي صبغة معينة وعند اختراق تلك الصبغة بأحد النماذج لن تكون كافية كي تصبح محور الحبكة الدرامية، واستشهد مرة بمسلسل (ليس سراباً) معتبراً أنه تطرق إلى معالجة موضوع الزواج المدني ولم يسلط الضوء على شريحة الأخوة المسيحيين، وأضاف أن السينما السورية أصلاً مقلة بالإنتاج السينمائي ولا يتذكر سوى فيلم (الترحال) للمخرج ريمون بطرس حيث قدم عائلة مسيحية بطريقة خجولة وبسيطة لم تغن هذه الشريحة.

فراس دهني يستغرب طرح إيلاف للموضوع

واستغرب المخرج فراس دهني مدير مؤسسة الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني في سوريا طرح إيلاف لمثل هذه المواضيع والتساؤلات، باعتبار النسيج البشري السوري نسيجا مختلطا فيه كل طوائف وتنوعات الأديان ومن الطبيعي أن ينعكس هذا التنوع على الدراما والسينما بشكل قوي جداً، وأشار إلى أن التنوع الديني موجود في الأفلام السورية منذ السبعينات وخاصة أفلام المؤسسة العامة للسينما وكانت الشخصيات المسيحية دوماً حاضرة بمشاكلها وهمومها جنباً إلى جنب مع الشخصيات المسلمة، معتبراً أن انتماء هذه الشخصيات إلى أي دين كان يأتي دوماً في السياق ولا يأتي كشيء مفروض من الخارج.

ونفى المخرج دهني وجود أي تعليمات سياسية أو توجه يقود الكتاب لذلك كون الطرح موجودا منذ السبعينات خاصة في الأفلام التي أخذت عن روايات مثل روائع الكاتب الكبير حنا مينا، ويعتقد دهني أن وعي الأديب السوري هو من قدم التنوع الديني للشخصيات قبل أن يكون هناك سيناريو فيلم بالأساس في السينما وصولا إلى الدراما السورية التي قدمت فيها تنوعات المجتمع بشكل جيد ودقيق.

وأشار دهني لـ"إيلاف" إلى أنه لا يوجد تنميط للشخصية المسيحية في الدراما السورية لأن الأصل الأدبي الذي اعتمد عليه السينما كان أذكى وأكثر وطنية من تقديم شخصيات نمطية فيها انتماء ديني معين، معتبراً أنه لا تجوز المقارنة عند مناقشة الوضع الدرامي الحالي بفترات زمنية أخرى كون الوعي يتطور.

سمير ذكرى: العلمانية هي الحل

من جهته أشاد المخرج سمير ذكرى بعمل (ليس سراباً) كنموذج ممتاز للواقع السوري حيث لا توجد مشكلة بوجود مسيحي ومسلم في سوريا لكن المشكلة تأتي من القانون القائم وتطوير القانون باتجاه العلمانية ما سيحل الإشكال.

واعترف ذكرى لـ"إيلاف" بأن سيناريو فيلمه (علاقات عامة) كان قد عرض قبل تصويره على دار الإفتاء وبطريركية الروم الكاثوليك، حيث أدخل شخصية مسيحية فاسدة مثلها مثل أغلب شخصيات الأخرى من علوية وسنية لأنه ناقش الفساد بالأصل، مشيراً إلى ضرورة أن يقدم المسيحي كما يقدم المسلم كجزء من واقع معاش فعلاً وحذر من تقديم الشخصيات المسيحية بشكل مرضٍ باعتبار الكاتب يخاف من تناول صورته كفاسد مع أنه أحد أشخاص المجتمع ولا يتميز عن غيره.

ونفى المخرج ذكرى أن تكون هناك أي توجهات حكومية بخصوص تناول المسيحيين في الدراما معتبراً الجهات لا تملك هذا الوعي، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنه لا توجد شخصية نمطية للمسيحي وأنها تعامل وفق حجمها الدرامي دون توجه معين، وكل الشخوص في الأعمال تؤدي وظيفتها الدرامية فحسب وجود بعض الأسماء المسيحية تأتي من أن المجتمع فيه هذه الأسماء بالفعل.

وأضاف ذكرى أن تناول المسيحيين في الدراما لم يتغير عبر الأنظمة وقدمت حسب المبدعين كتابها الذين يتعاملون مع الشخصيات بسلوكها ومنطقها وتشابهها مع الآخرين.

واعتبر ذكرى أنه يوجد شخصية نمطية للمسيحي في التاريخ السوري حسب كتاب (النصارى العرب) كانوا يشكلون 80% من السكان منهم من أسلم ومنها من حافظ على نصرانيته، فالمسيحي في سوريا لم ينشأ على أساس طائفي، لذا وجد في الأدب والفن السوري شخصيات نمطية لكنها سورية بامتياز بغض النظر عن طائفتهم وحتى عند استعمال الأسماء فهي تختار بحيث لا تدل على الانتماء على عكس ما يجري في بلد مثل لبنان الذي نشأ على أساس طائفي وبالتالي من أهم أسباب فشل الدراما والفن اللبناني عدم قدرتهم على ابتكار شخصية نمطية لبنانية ،أما في مصر فقد بالغوا بتصنع الشخصية المسيحية وقد جاءت متأخرة كون القبطي يكون بمثابة عدو تاريخي للمصري منذ زمن عمر بن العاص وما يجري في مصر مفتعل.

واعتبر ذكرى أن أغلب أفلامه ذات صبغة إسلامية مع أنه مسيحي الديانة، معتبراً أن الفن يعكس ثقافة مجتمع بأكمله بكل دياناته ومصادر ثقافاته.

باسم ياخور: لا تمييز طائفيا في سوريا

وعلى صعيد الفنانين نفى الفنان السوري باسم ياخور لـ"إيلاف" وجود أي تمييز ضد الفنانين المسيحيين في سوريا بدليل وجود الكثيرين منهم في الصف الأول من نجوم الفن.

أندريه سكاف: قطاع الدراما يضم كل مكونات الشعب

واتفق معه الفنان اندريه سكاف على أنه لا تمييز ضد الفنان المسيحي السوري ،واعتبر أن كل أطياف المجتمع تعمل في الحقل الدرامي من ممثلين وفنيين وهذا ملاحظ عند زيارة مواقع التصوير ،وأشار إلى أن قطاع الدراما مثله مثل كل المؤسسات في سوريا يعمل فيه من مختلف مكونات الشعب.

واعتبر أندريه أن هناك تحفظا بالدراما على الشخصيات الدينية سواء إسلامية أو مسيحية بشكل عام في الوطن العربي ،ولا يتم تقديمها بطريقة جريئة لمعرفة الكتاب بردود أفعال الجمهور الشرقي ويتم تناولها وفق وعي الكاتب نفسه.

إيلاف في

09/12/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)