عرض الحلقات الأولى من المسلسل لم يُخمد الحملات التي استهدفته منذ
البداية. هذه المرة، امتد الهجوم، وانتشر، لكنّ فراس إبراهيم يستغرب هذه
الضجة
في نهاية عام 2008، أعلن فراس إبراهيم نيّته إنتاج مسلسل يروي سيرة الشاعر
الراحل محمود درويش. كان إعلان المنتج والممثل السوري عن مشروعه كافياً
لتنطلق ضدّه حملة عنيفة من أطراف مختلفة. وبدا واضحاً أن هؤلاء لن ينتظروا
خروج العمل إلى النور، بل شنّوا معركة ضدّ إبراهيم ومشروعه حتى قبل قراءة
السيناريو أو انطلاق عملية التصوير.
هكذا واجه إبراهيم حرباً نفسية وإعلامية عنيفة، زادها سوءاً حادث السير
الخطير الذي تعرّض له عندما كان عائداً مع مرسيل خليفة من زيارة لعائلة
الشاعر الفلسطيني الراحل في الأردن. ولم تقف الأمور عند هذا الحدّ، بل
انسحب كل الممولين للمسلسل نتيجة التطورات الأمنية والسياسية التي شهدها
العالم العربي، وتحديداً في سوريا. أضف إلى ذلك أزمة تسويق الأعمال السورية
للفضائيات الكبرى، وخصوصاً الخليجية. رغم كل ما سبق، أنهى مخرج مسلسل «في
حضرة الغياب» نجدت أنزور التصوير، بعد استعانته بالمخرج الشاب المثنّى صبح.
وبدأ عرض العمل على أكثر من عشر فضائيات، بينها «فلسطين»، و«الجديد»،
و«السومرية»...
إلا أنّ عرض الحلقة الأولى من المسلسل الاثنين الماضي، أعاد الجدل إلى
الواجهة. بدأت الحملات على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بوقفه «لأنه يهين
محمود درويش وتاريخه». ثمّ أصدرت «مؤسسة محمود درويش» بياناً الثلاثاء
الماضي تطرّقت فيه إلى العمل، وطالبت بإيقاف عرضه «لأنه يسيء إلى درويش».
وأضافت إنّ المسلسل «يعدّ إساءة إلى الشاعر وصورته وحضوره في الوعي الثقافي
العربي والإنساني»، لافتة إلى أنها أبلغت القائمين على العمل ذلك. وأضافت
إن «غياب القوانين الخاصة بحقوق الملكية الفكرية، وضعف العمل في التشريعات
المتعلقة بالحقوق الثقافية (...) سمحت بتجرّؤ البعض على إرث الراحل الكبير،
سواء عبر انتحال حضوره على الشاشة أو من خلال الالتفاف على اسمه، وهو ما
ستعمل «مؤسسة محمود درويش» على التصدي له في إطار القوانين».
«الأخبار» تحدّثت مع فراس إبراهيم للوقوف عند رأيه في الحملة الموجّهة ضدّ
مسلسله، فقال: «فوجئت ببيان نشر على موقع فايسبوك يحمل اسم «مؤسسة محمود
درويش» ويتّهم العمل ويتبرأ منه... وللأمانة، كنت آمل أن يحصل تعاون بيننا،
وأن يكون نشاطها الأول خارجاً عن حدود الكلام والبيانات»، مضيفاً: «أعرف
جيداً الأشخاص الذين يديرون هذه المؤسسة، وهؤلاء الذين يقفون خلف هذه
البيانات المفبركة الحاقدة، التي تكشف عن نتيها كونها تستبق الأحداث».
من جهة أخرى، يؤكد إبراهيم أنه ليس ضدّ النقد، بل إن انتقاد «في حضرة
الغياب» أمر ضروري «لكن بعد انتهاء عرض كل الحلقات... لذلك لا بدّ من طرح
علامات استفهام حول هذه المؤسسة، وأين كانت أثناء الإعداد للعمل، ولماذا لم
تبلغنا تحفظها آنذاك؟»، ويضيف: «لا أعترف ببيان مفبرك ينطوي على أحكام
مسبقة وسطحية... وها أنا أردّ كي لا أُتّهم بالتهرب من الصحافة». ويعلن
إبراهيم صراحة أن من أصدر البيان «كان همه الوحيد التشويش على عرض العمل،
وإدخال الصحافة في هذه البلبلة».
لكن هل هو متخوّف من لجوء المؤسسة إلى القضاء لإصدار قرار بوقف عرض «في
حضرة الغياب»؟ يقول منتج مسلسل «أسمهان»: «نحن كـ«شركة فراس إبراهيم
للإنتاج والتوزيع الفني» مسؤولون مسؤولية كاملة عن هذا العمل، ولم نبلغ أي
قرار حتى الساعة. أما البيان، فهو مجرد كلام افتراضي لا يمت إلى الحقيقة
بصلة». وماذا عن الموافقة التي حصل عليها من عائلة محمود درويش قبل عرض
العمل؟ يجيب «لقد قُرئت الموافقات على المسلسل التي حصلتُ عليها من صديق
درويش المحامي جواد بولس، وأحمد درويش شقيق الراحل، على الهواء خلال لقاء
تلفزيوني أجراه معي زاهي وهبي في برنامج «خليك في البيت» قبل بث العمل. وقد
تشاركت مع مرسيل خليفة في المسلسل بما أن الفنان اللبناني يعرف درويش جيداً
وقد تعاون معه طويلاً».
ورداً على كل الانتقادات التي طاولت المسلسل، يقول إبراهيم إنّ ردود الفعل
على أولى حلقات العمل كانت إيجابية «مع ذلك، أرفض المديح قبل متابعة القسم
الأكبر من المسلسل، وأطلب من الجميع التروي قبل إطلاق الأحكام».
الأخبار اللبنانية في
05/08/2011
احتجاجات في رام الله أوقفوا هذه الركاكة!
عباد يحيى / رام الله
لم يكتفِ المحتجون على المسلسل بكتابة آرائهم على فايسبوك، بل نظّموا أمس
اعتصاماً أمام مبنى فضائية «فلسطين» لوقف عرض العمل
صباح أمس، تجمّع عشرات الفلسطينيين أمام مبنى فضائية «فلسطين» في رام الله
احتجاجاً على عرض التلفزيون مسلسل «في حضرة الغياب». وكان هؤلاء قد أسسوا
مجموعة على فايسبوك بعنوان «المشاهد العربي يريد الاحتفاظ بصورة محمود
درويش»، دعوا فيها إلى تحركات شعبية تؤدي إلى وقف المسلسل. ويقول مجد هشهش،
أحد المشرفين على الصفحة في حديث مع «الأخبار»، إنّ «عدد المشاركين في
الاعتصام كان مخيّباً للآمال. مع ذلك، سنتابع نشاطاتنا المعارضة، ومن بينها
فتح حلقات نقاش يومياً بعد عرض كل حلقة». ويضيف هشهش إنّ المعتصمين قدّموا
أمس عريضة إلى المسؤولين في فضائية «فلسطين»، لكن هؤلاء شدّدوا على«رفض وقف
بث أي مادة تلفزيونية». وأكد المدير العام للمحطة محمد الداهودي أن
«التلفزيون ليس جهة إنتاج، وليس له أي علاقة بالمعالجة الدرامية للمخرج»،
مضيفاً إن «في حضرة الغياب» هو «عمل درامي وليس ،وثائقياً ليصوّر درويش كما
كان».
وشارك في الاعتصام عازف العود سمير جبران. وحمل هذا الأخير على إدارة
التلفزيون لقبولها بث العمل بكل الأخطاء اللغوية في القصائد. وقال إنهّ
«يرفض أي عمل يتناول حياة درويش كإنسان، لأن درويش نفسه رفض ذلك...
وليعلموا أنّ خطأً نحوياً واحداً كان يؤلم درويش، فكيف الحال وقصائده تقرأ
بركاكة في المسلسل؟». من جهته، يرى الكاتب زياد خدّاش أن الإشكالية
الحقيقية تكمن في قبول «أحد أشقاء درويش العمل وإبلاغ المنتج موافقة
العائلة». ولم يسلم مرسيل خليفة من انتقادات المعتصمين بسبب مشاركته في
العمل.
لكن لماذا هذا الهجوم العنيف على المسلسل؟ يبدو الجواب واضحاً بالنسبة إلى
المنتقدين: هذا العمل يسيء إلى الشاعر الراحل «وإلى كل فلسطين» يقول هؤلاء.
ولا يتردّد أعضاء الصفحة في القول إن «العمل مَليء بالعواطف الرخيصة
ويَقتُل الذاكرة الحيّة... من أجل الربح فقط»! وقد قابل زكي درويش، شقيق
الشاعر الراحل، المشرفين على الصفحة، وعبّر عن موقفه الرافض للعمل، مضيفاً
إنه يعبّر عن موقفه الخاص لا عن موقف العائلة.
إلى جانب ما سبق، فإن النصوص التي يقرأها إبراهيم في المسلسل تعاني «ضعفاً
في الإلقاء وأخطاء لغوية» تقول الكاتبة وفا ربايعة، وهي ناشطة أيضاً في
التجمع الرافض للمسلسل على فايسبوك. وتضيف إن هناك «مغالطات تتعلق بالأشخاص
الذين يتطرّق إليهم العمل، وتحديداً عاشقات درويش».
وكانت قد انتشرت على الإنترنت مقالة مطولة كتبتها واحدة من أعلام التدوين
في فلسطين هي أسماء الغول. وقالت فيها «لم تنفع الحملة الإعلامية التي
قادها بعض الناشطين في دبي لمحاولة إيقاف عرض المسلسل (...) والآن بعد
الحلقات الأولى، نحن نتأكد من فجاعة الركاكة ومحاولات التشويه...». وما
أعطى دفعاً إضافياً للمعارضين كان إصدار «مؤسسة محمود درويش» بياناً تتبرأ
فيه من العمل وتطالب بوقفه.
أما وزيرة الثقافة الفلسطينية، سهام البرغوثي، فقالت لـ«الأخبار» إنها
شاهدت حلقة المسلسل الأولى، وتحترم رأي المعترضين «لكن الموقف من العمل
يحتاج إلى شيء من الروية ومتابعة الحلقات حتى تتضح الصورة». من جهته، قال
مدير البرامج في تلفزيون «فلسطين» إن عرض المسلسل «لن يتوقف مهما تصاعدت
الضغوط»، منوّهاً بأهمية عرض عمل عن شاعر فلسطيني على 12 فضائية لمشاهدين
لا يعلم معظمهم الكثير عن درويش.
وكان لافتاً أن الانتقادات الموجّهة إلى المسلسل طاولت فراس إبراهيم شخصياً
على مستويَين: الأول يطاول عجزه عن أداء شخصية «شاعر الأرض»، والثاني يرتبط
بموقفه من الأحداث السورية، ومساندته للنظام.
يذكر أن الناشطين في الحملة المضادة للعمل ينوون القيام بتحرّك داخل
الأراضي المحتلة عام 1948، من دون أن يتّضح بعد ما إذا كان سيقام في
الناصرة، أو أمام منزل عائلة درويش في حيفا.
الأخبار اللبنانية في
05/08/2011
مراهق ببدلة ليلكية... يبتسم برعونة
أحمد الزعتري / عمّان
في عمّان، تبدو حملات الاعتراض أخفّ وتيرة، على الأقلّ بالنسبة إلى أصدقاء
صاحب «أثر الفراشة». هؤلاء يطلبون التروي قبل الحكم، وإن كان لديهم
انتقادات للصورة التي أطلّ بها شاعرهم الراحل
ناضل فراس إبراهيم طويلاً لتنفيذ مسلسل «في حضرة الغياب»، وحصل على مباركة
أصدقاء محمود درويش، وبعض أفراد عائلته، وحتى زوجته السابقة حياة الحيني.
مع ذلك، قوبل العمل باعتراضات شديدة حتى قبل بدء عرضه. وزادت حدّة مع العرض
مطلع هذا الأسبوع.
لكن هل يمكن فعلاً التعامل مع إرث محمود درويش كخطّ أحمر ومقدّس لا يمكن
المساس به؟ في حديثه مع «الأخبار»، يرى صديق الشاعر الفلسطيني في عمّان
غانم زريقات أن درويش «شخصية عامة لا يمكن أحداً أن يمنع أي جهة من إنتاج
مسلسل عنه». ويشير إلى أنّه عندما التقى فراس إبراهيم في مرحلة تطوير
السيناريو والاستشارات، كان الأخير «مصمّماً على إنتاج المسلسل وعرضه رغم
الصعوبات والانتقادات». وأضاف أن إبراهيم «أرسل السيناريو إلى شقيق الشاعر
أحمد درويش، وصديقيه جواد بولس وعلي حليلة وزوجته السابقة حياة الحيني،
وأنا شخصياً شعرت بالرضى عن مرحلة طفولة درويش في منطقة البروة».
لكن لا يبدو أن ما يقوله زريقات مقنع؛ إذ أصدر أكثر من 2000 مثقف بياناً
يطالبون فيه تلفزيون «فلسطين» بوقف عرض المسلسل، ويدينون «تورّط» مارسيل
خليفة، وكاتب السيناريو حسن يوسف، والمخرج نجدت أنزور في «عمل سطحي مزيّف».
ومن أبرز هذه الأسماء الموقعة: زكي درويش شقيق الراحل، ونصري حجّاج، وصبحي
حديدي، ووديع سعادة، وغسان زقطان، وطاهر رياض، وأمجد ناصر، وزهير أبو شايب،
إضافة إلى الناقد فخري صالح، صديق درويش في عمّان الذي يرى أن للجميع الحق
في تجسيد أي شخصية عامة وتأويلها بالطرق المختلفة، لكن ما يعترض عليه هو
«الضعف الشديد الذي بدا على الحلقات، وصورة محمود درويش التي لا تتطابق مع
ما يُعرف عن شخصية الراحل». ويعلن أن شخصية صاحب «أثر الفراشة» تظهر في
المسلسل «هائمة كاريكاتوريّة شديدة النرجسيّة وضحلة، لا يتكلم معها أحد إلا
تردّ عليه بقصيدة».
ويتفق الشاعر الفلسطيني المقرب من درويش زياد خدّاش مع هذا الرأي، منتقداً
طريقة تجسيد الراحل على أنه «مراهق يرتدي بدلة ليلكيّة ويبتسم بحماس ويفرح
برعونة لإعجابه بمراهقة»، ومعترضاً على «ابتذال العواطف وترخيصها
وتمييعها».
وكانت «الأخبار» قد حاولت الاتصال بـ«مؤسسة محمود درويش» من دون أن تتمكّن
من الحديث مع المسؤولين فيها. إلا أن زريقات ينتقد المؤسسة لأنها «لا تملك
الحق في إعطاء الموافقة أو رفضها... وخصوصاً أن أعضاء المؤسسة لم يجتمعوا،
ولو مرة واحدة بعد وفاة درويش».
الأخبار اللبنانية في
05/08/2011
رقابة جديدة أشد بطشاً من الرقابات الرسمية؟
خليل صويلح / دمشق
حلقة درامية واحدة كانت كفيلة بتفجير هذا الكم من الاحتجاجات. هكذا، سمعنا
مفردات الإقصاء والتخوين من القاموس نفسه الذي قامت ضده الثورات العربية
الحملة الباكرة التي شنها شباب فلسطينيون وعرب على «في حضرة الغياب» تفتح
الباب أمام أسئلة تتعلق بمعنى التغيير في الذهنية العربية. الثورات لم تنجز
عملياً، آلية تفكير جديدة في مفهوم الحرية والاختلاف. هكذا تحضر مفردات
الإقصاء والتخوين من القاموس نفسه الذي قامت ضده هذه الثورات، كأن اختراع
الشعارات المضادة وحده يوجه ذهنية الشباب العربي. حلقة درامية واحدة من
سيرة صاحب «لماذا تركت الحصان وحيداً» فجّرت كل هذه الاحتجاجات، دفاعاً عن
«الأيقونة» رغم حاجتنا إلى تحطيم الأيقونات، وإلّا فسنبقى متمترسين في
الخندق نفسه الذي أوصلنا إلى طريق مسدود. لا شك أن سيرة الشاعر الفلسطيني
تحتاج إلى رؤية عميقة في تفكيك صورته الملتبسة، نظراً إلى تعدد الرواة،
وتجربته الحياتية العاصفة التي تحتمل وجهات نظر متناقضة. أما أن نرسم صورة
قدسية له مقتبسة عن نصوصه «الثورية؟» وحدها، فتلك ذهنية مستقرة، لا تشبه
اللحظة التي ننادي بها. ما المانع من مقاربة حميميات الشاعر، أو تخيّل حياة
موازية، في عمل روائي، لا تسجيليّ، أم أن المحرمات ذاتها هي التي توجه
نصوصنا الجديدة؟ هناك أكثر من نسخة فنيّة عن صورة المسيح، تبلغ حدود
التجديف.
ما أثارته حلقة من «في حضرة الغياب» من احتجاجات، يؤكد سطوة عقلية قديمة
تعيش فصاماً بين ما تحتج لتغييره في الشوارع العربية، وما تتمترس به من قيم
عدّتها سبب البلاء والتخلّف. ما الفرق إذاً، بين صورة الزعيم الأوحد التي
يمزّقها المتظاهرون في الساحات، والصورة المقدّسة التي نسعى إلى وضعها في
برواز مذهّب على الجدار المائل؟ لعل ما يحدث هنا مجرد تمارين أولية للمنع،
ورقابة أشد بطشاً من الرقابات الرسمية السيئة الصيت. لم يحتجّ عشاق غيفارا
على ظهوره بصورة «دون جوان» في أشرطة عدة، ولم تسئ قصائد بابلو نيرودا
الحسيّة إلى صورته كشاعر ثوري في شريط «ساعي بريد نيرودا». ثم لماذا لا
يُنجز أكثر من عمل عن درويش بصوره المتعددة من دون أن نصادر وجهة نظر
الآخر؟ هكذا نستعيد السيناريو نفسه الذي استخدمه بعضهم في حربهم ضد غادة
السمّان، حين تجرأت على نشر رسائل غسان كنفاني لها، بصفته عاشقاً، وتالياً
لن ننجو من هذا النفق المظلم.
الأخبار اللبنانية في
05/08/2011
«طاش
18» على «أم بي سي» أفضلها
انتقادات للدراما السعودية لاعتمادها
التكرار
(أ
ف ب)
يوجه كتّاب وإعلاميون
انتقادات حادة للدراما السعودية التي تعرض خلال رمضان، لأنها تحاول التطرق
للعديد
من القضايا الشائكة في المجتمع، عبر أسلوب ساخر مكرر منذ أعوام عدة.
ويقول
الكاتب حسين شبكشي إن «الخطورة تكمن في أن التطرق الى قضايا حساسة لا يزال
يعالج من
جانب كوميدي ساخر، أي طرح واحد على مدى سنوات، ما يجعل المشاهدين يرونها
كطبق
الكنافة اليومي على وجبة الإفطار». ويضيف أن «الدراما السعودية بحاجة الى
تغيير في
أسلوب الطرح والمعالجة وفتح المجال للتطرق الى جوانب أخرى، عبر إدخال
السينما مثلا
وإذاعة المسلسلات بدلاً عن الأغاني».
وكان المسلسل الرمضاني الشهير «طاش 18»
تطرق الى مسائل الدين والتشدد، في عدد من حلقاته الأعوام
الماضية، بينما كان عنوان
الحلقة الأولى من المسلسل للعام الحالي
«التعايش» لمحاربة تصنيف الإسلام. ويقوم
الفنان ناصر القصبي بدور أحمد الصحافي الذي يطالب بمحاربة التشدد والتطرف
ويشيد
بالحرية والتحضر، في حين يلعب الفنان عبد الله السدحان دور المتدين المتشدد
المناهض
للحريات والمهاجم لدعاة التغريب. وختم أبطال «طاش 18» حلقة «التعايش»
بكلمات مؤثرة
وقوية موجهة الى العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي كان
دعا الى «عدم
تقسيم الإسلام والمسلمين وتصنيفهم بالعلماني والليبرالي والمتطرف
وغيرها».
يذكر أن القصبي والسدحان سبق أن انتقدا المتشددين والليبراليين على حد
سواء خلال مواسم سابقة. وتؤكد استطلاعات الرأي أن «طاش 18»، الذي تعرضه
قناة «أم بي
سي»، ما يزال في المرتبة الأولى بين البرامج الرمضانية في المملكة. ويعتبر
شبكشي
أنه «اذا تم التعرض لهذه القضايا بجانب كوميدي يبكي المشاهدين كما يضحكهم،
فسيكون
له تأثيره الإيجابي لأن العناصر الدرامية قادرة على التغيير». وأشار الى
الفيلم
المصري «شرف» الذي تسبب بتغيير في أحد القوانين بسبب تطرقه الى الموضوع
بطريقة
درامية وليست ترفيهية فقط.
وكانت حلقة بعنوان «تعدد الأزواج» من «طاش 17» العام
الماضي أثارت جدلاً حاداً بين بطليه
والتيار الديني. واتهم الشيخ سعد البريك
المسلسل «باستخدام الكوميديا للسخرية من العلماء والجهات الشرعية (...) لقد
آلمنا
ما يفعله هؤلاء باسم الفكاهة من سخرية بديننا واستهزاء بعقيدتنا». وطالب
بإحالتهم
الى «المحاكم الشرعية مع القناة التي تبث هذا المسلسل». لكن السدحان رد
قائلا «أردنا
أن نقدم الصورة مقلوبة لإيصال شعور الظلم والقهر والمعاناة التي تقع على
المرأة جراء التعدد من دون حاجة لذلك». ويعرض مسلسل «طاش ما طاش» منذ عام
1992. وقد
تعرض لهجمات المحافظين والمتشددين، كما أن بعض الممثلين تلقوا تهديدات
بالقتل.
السفير اللبنانية في
05/08/2011
مغامرة «طالع الفضة».. وتقاطع «رجال العز» مع «الدبور»
قراءة في الحلقات الأولى لدراما البيئة
الشامية
دمشق ـ ماهر
منصور
تبقى دراما البيئة الشامية المرغوب بها في عرف التسويق الدرامي، حتى لو
كانت دراما تستنسخ نفسها عاماً بعد عام بأسماء جديدة، وبالنسيج
الحكائي ذاته،
والحوارات والبهارات الدرامية ذاتها من هيئة الرجال، وتفتيل شواربهم،
والتلويح
بخناجرهم في المعارك.. وتلك صفات تبدو كما لو أنها «عدة الشغل»، بدونها لا
يستوي
مسلسل شامي، وإلا فهو على حافة المغامرة.. مغامرة التسويق
الإنتاجي والجماهيري في
آن معاً. مغامرة لا تأتي من عدم ضمانة جودة ما يقدم خارج الصورة النمطية
للدراما
الشامية، وإنما تأتي من سيادة هذه الصورة على عقل المشاهد والفضائيات، من
دون أن
يعني ذلك أن الصورة الجديدة تحررت تماماً من الصورة القديمة،
ولا سيما لجهة الفرز
الواضح بين طرفي الصراع الدرامي، الذي سيطر على الأعمال الشامية الأربعة
التي تقدم
هذا العام وهي «طالع الفضة»، و«الزعيم»، و«رجال العز»، و« الدبور 2»!
الحلقات
الأولى المعروضة حتى اليوم من هذه المسلسلات لا تكفي بالطبع لتكوين فكرة عن
مستوى
هذه الأعمال، إلا أنها تكفي لالتماس مواضع الخلاف والمغامرة،
والاستنساخ الفاقع
أيضاً.
مغامرة هذا العام يخوضها مسلسل «طالع الفضة» للكاتبين عنود الخالد
والفنان عباس النوري، والمخرج سيف الدين سبيعي. وهي مغامرة
تعلن عن نفسها منذ
الحلقة الأولى، حيث لا الشكل ولا الحكاية تقارب الصورة النمطية لبيئة
الدراما
الشامية، ولا سيما مع التحديد الزماني والمكاني للحـكاية (نهاية الدولة
العثمانية،
وحرب الترعة التي تخوضها السلطنة العثمانية)، وتقديم شخـصية
تاريخية معروفة مثل
الدكتور عبد الرحمن الشهبندر، وما يرافقها من صراع مع الاحتلال العثماني.
فضلاً عن
المعالم الواضحة لتلك الفترة، حيث لا سيادة للزي الشامي التقليدي، وإنما
تنوع يتبع
المرجعيات الاجتماعية والعلمية للسكان، ولا إنكفاء مطلق للمرأة
في بيتها، ولا لون
واحد للنسيج الاجتماعي المكون للحارة، حيث نجد في هذا الحي المسلم إلى جانب
المسيحي
واليهودي، وهؤلاء جزء من الحكاية وليسوا جانباً فلكــلورياً فيها.. وعند
هذا الحد
ينتهي تحدي الـصورة النــمطية، ليبدأ تحدي اختلاف الحكاية التي
تحتاج لأيام أخرى
لتكتمل ملامحها، وإن كان ما بدا منها حتى الآن هو «صراع ورثة على حقوق من
ورثوا
عنه».
بدا «رجال العز» للكاتب طلال مارديني والمخرج علاء الدين كوكش منذ حلقاته
الأولى أسير الاستنساخ. وبغض النظر كيف ستسير حكايته في الأيام
القادمة واخــتلافها
عن سواها، إلا أنه من الصعب أن نزيح من ذاكراتنا حكاية مسلسل «الدبور1»،
حتى أن
مشهداًُ (ماستر) لبطل الحكاية عبود (قصي خولي) عرض في الحلقة الثانية بدا
كما لو
أنه هارب من مسلسل «الدبور1». ففي هذا المشهد يدخل عبود إلى
حارة اللوز، عائداً من
السجن، بينما يتجمع أهل الحارة متعجبين من عودته، يخرجون من محلاتهم،
وينبثق من
بينهم الزعيم فجأة، ليقف أمام أهل حــارته في مواجــهة عبود الذي يتوعد أهل
حارته
الذين ظلموه بالأسلوب التقليدي ذاته: «قلبي مليان منكم خيرات
الله.. يا أهل حارتي..
كل يـوم بدي أعمل عي (مشكلة).. وحـياة من زرع هالشوارب.. هتندموا على كل شي
عملتوه».. هذا المشهد يتقاطع مع عودة خطاب (سامر المصري) إلى حارته في
مسلسل
«الدبور»
وتوعده أهل الحارة.
أما مسلسل «الزعيم» للكاتب وفيق الزعيم والمخرجين
مؤمن وبسام الملا فيمــسك العصا من النصف، إذ يحافظ على ما أحــبه النــاس
في
الصورة التقلــيدية لدراما البيــئة الشامية، ويحاول تجنب ما انتقد فيها،
مع إخلاصه
لروح الحكاية الاجتماعية الافتراضية، مستنداً الى خلفية زمنية محددة في
نهاية العهد
الفيصلي، وصولاً إلى فترة «إنذار غورو» الشهير.
ما سبق ليس قراءة نقدية، بل
محاولة استشراف مضامين قياساً بما عرض من أعمال مشابهة خلال السنوات
الفائتة. لتبقى
القراءة النقدية رهن العرض.
السفير اللبنانية في
05/08/2011 |