ينتمي شريط مايكل مان الأخير "أعداء الحكومة"
Public Enemies
الى أفلام العصابات عموماً والى دراما الجريمة خصوصاً التي تطبع مسيرة
مخرجه، منذ بداياته ككاتب سيناريو لسلسلة "ستارسكي وهاتش" التلفزيونية (كتب
أربع حلقات بين 1975 و1977). يتناول الفيلم سيرة جون ديلينجر أحد أبرز لصوص
المصارف في شيكاغو الثلاثينيات. ولكن شريط مان، الذي يأتي من مسافة 75 سنة
عن مسرح الأحداث الواقعي، هو في الواقع تتمة لنوع سينمائي- فيلم العصابات
او قطاع الطرقGangster Movie-
شهد بداياته ونهاياته في النصف الاول من ثلاثينات القرن الماضي، وشكل بطله
ديلينجر أحد ملهميه. ذلك ان موجة الجريمة التي اجتاحت أميركا وقتذاك، بدّلت
نوعية الأفلام في هوليوود كما الكتاب والممثلين. هنا نظرة على صعود افلام
العصابات وأفولها (في شكلها الأولي) في ما يشكل الخلفية لفيلم مان وبطله
الذي اختار اختزالها وعدم اظهارها على الشاشة الا من خلال لمحات ومقتطفات
ومرجعيات أبرزها بالطبع المشهد الختامي حيث يُردى ديلينجر أمام صالة
سينمائية كانت تعرض فيلم عصابات.
كان جون ديلينجر يعشق أفلام العصابات وقد يكون الرجل الأوحد الذي ضحى
بحياته في سبيل مشاهدة واحد من تلك الأفلام. كثيرون ربما يعرفون الحكاية او
باتوا على علم بها بعيد مشاهدة فيلم مايكل مان. في صيف العام 1934، كان
سارق البنوك الشهير ديلينجر يختبئ في شيكاغو اجتناباً للمطاردة المكثفة
التي كان يخوضها "مكتب الحظر" (الذي اصبح معروفاً في العام 1935 باسم مكتب
التحقيقات الفيدرالي "أف.بي.آي") للقبض عليه. ذات ليلة حارة من شهر تموز
1934، قرر ديلينجر الذهاب لمشاهدة فيلم في صالة سينمائية مبرّدة هرباً من
القيظ وطلباً لمتعة مشاهدة أفلامه المفضلة. "ميلودراما مانهاتن" كان عنوان
الشريط الذي قام ببطولته ويليام بويل وكلارك غايبل، نجم ديلينجرالمفضّل
الذي قيل انه كان يشبهه كثيراً قبل خضوعه، أي ديلينجر، لمبضع جراح التجميل
لأسباب تتعلق بـ"مهنته". قصد ديلينجر قاعة "بيوغراف" السينمائية في شيكاغو
صحبة صديقته ومديرة إحدى بيوت الدعارة التي كانت تسمي نفسها "آنا سايج"
(أشارت اليها الصحف لاحقاً باسم "السيدة في الأحمر"). في فيلم "ميلودراما
مانهاتن"، ظهر غايبل في دور رجل عصابة طيب ـ شرير، يُعدم بواسطة الكرسي
الكهربائي لافتداء صديقه القديم وزوجته. قبل التوجه الى الصالة، أعلمت "آنا
سايج" مكتب الحظر (FBI) بخطة ديلينجر للأمسية وفاءً لوعد كانت قطعته لمسؤول المكتب في
شيكاغو "ميلفن بورفيس" لقاء عدم ترحيلها من البلاد. بعد انتهاء الفيلم ولدى
خروج ديلينجر من صالة السينما، عاجله رجال المكتب المتربصين برصاصاتهم التي
أردته قتيلاً على رصيف الشارع المحاذي للسينما. تجمع الناس حول الجثة وقيل
لاحقاً أن بعضهم انخرط في البكاء بينما قام أحدهم بمسح الدماء التي سالت من
فم ديلينجر بمحرمته ليحتفظ بذكراه. وقع ذلك في ليل 22 تموز 1934.
في حكاية ذات صلة، سُئل مرة جوزيف ل. مانكيويكز الذي كان "ميلودراما
مانهاتن" من أولى تجاربه في الكتابة عن شعوره عندما سمع بمقتل ديلينجر لدى
خروجه من مشاهدة الفيلم فأجاب: "شعرت بالأسف على ديلينجر.. شعرت بالاسف على
كل من ذهب لمشاهدة ذلك الفيلم الفاشل!"
كان ارتطام وجه جون ديلينجر بأسفلت الرصيف بمثابة الإيذان بنهاية حقبة:
موجة جريمة الثلاثينات التي جيش "مكتب الحظر" في سبيل انهائها كل طاقاته
معلناً خطته الشهيرة "الحرب على الجريمة". كانت تلك مرحلة صعود نجوم القتل
والسرقات والخطف من أمثال ديلينجر وأصدقائه: بايبي فايس نيلسن، جون دي،
بريتي بوي فلويد، ألفين "كريبي" كاربيس، بوني وكلايد، ما باركر غانغ
وسواهم. على صعيد آخر، كان موت ديلينجر رمزاً لنهاية مرحلة أخرى هي السنوات
الأولى لصناعة أفلام العصابات في هوليوود التي توقفت قسرياً على أيدي من
أردوا ديلينجر نفسه.
قامت بدايات افلام العصابات على أنقاض السينما الصامتة أواخر العشرينات ولم
تكن أكثر من وسيلة ترفيه وإثارة، تعكس واقعاً معاصراً جديداً. على الشاشة،
كما في الواقع، ظهر قاطع الطريق او رجل العصابة كقوة مفسدة وحتى ثورية،
يتحدى السلطة ويأخذ تحت جناحيه المفهوم العمومي للأخلاق مبتدعاً منظومته
الخاصة. أعاد أبطال موجة الجريمة تشكيل مفهوم الثقافة الشعبية كأنما بقوة
السلاح الذي كانوا يحملونه. ولكن على الرغم من النهاية السريعة لتلك الحقبة
السينمائية وما تلاها من تجسيد سينمائي لوجهها الآخر، اي الحرب على
الجريمة، ما كان لتأثيرها على هوليوود ان ينتهي او يتوقف خلال العقود
اللاحقة.
ولادة العصابات
على ان حكايات المجرمين في السينما تعود الى بدايات الفيلم الروائي وأشهر
مثال فيلم أدوين س. بورتر "سرقة القطار الكبرى" (1903) الذي اتفق على انه
باكورة سينما الغرب أو "الويسترن". ثم جاء د.دبليو غريفيث وراوول وولش
بفيلميهما
Musketeers of Pig Alley (1912) و
Regeneration (1915) تباعاً الأقرب الى صنف "أفلام العصابات" الذي
ازدهر فعلياً بشخصياته وخلفيات العصابات أواخر العشرينات. وأسهم التعديل
الثامن عشر للدستور الأميركي عام 1919 الذي قضى بتحريم الكحول في تسليط
الضوء أكثر على العالم السفلي، مترافقاً مع اتساع رقعة ما يُسمى بـ
"الجريمة المنظمة". كردة فعل على ذلك القانون، برزت عصابات، تنتمي
بغالبيتها الى مجموعات اثنية ومهاجرة، تولت الاتجار الممنوع بالكحول، مشرعة
اقتصاداً سرياً ضخماً، أغرى كثيرين من أبناء المجتمع المحافظ للمشاركة فيه.
وسرعان ما كبرت العصابات وتنامت ثرواتها ونفوذها، فأحكمت سيطرتها على
الأحياء بداية ومن ثم على المدن. ونشأت بين العصابات المتنافسة حروب شوارع،
أُريقت فيها الدماء وعمت الفوضى، على مرأى من جماهير متعطشة لكل ما هو
مختلف ومغاير. والواقع ان العصابات شكلت المدماك الاساسي في ما تحول
جيشاناً اجتماعياً وثقافياً ومرحلة صعود الثقافة السفلية المعاكسة التي
تحولت بدورها سائدة وعُرفت لاحقاً بعصر الجاز.
ذاع صيت "العِصابيين" (بكسر العين ـ ومعناها رجال العصابات) وحققوا شهرة
واسعة، كرستها الصحف والمجلات التي تهافتت على نشر أخبارهم من جرائم وسرقات
وخطف وقصص حياتهم بموازاة الافتتان الجماهيري المتنامي بهم. وتباهى
الصحافيون بعلاقات الصداقة التي نسجوها مع العِصابيين وبتسقط أخبارهم من
مصادرها الأساسية وكان من بينهم من سيصبحون من كتاب السيناريو المعروفين في
هوليوود من أمثال مارك هيلينغر ودايمن رونيون ودونالد هندرسن كلارك وبن
هيشت. كان الأخير السباق الى هوليوود بفضل ذكائه وموهبته ليس فقط كصحافي
وانما ككاتب وشاعر في ما بعد. الى هيرمن مانكيويكز (الشقيق الاكبر لجو)
يعود الفضل في انطلاقة هيشت في هوليوود من خلال التيليغرام ذائع الصيت الذي
بعث به اليه قائلاً: "هل تقبل بثلاثمئة دولار اسبوعياً مقابل العمل لصالح
بارامانوت بيكتشرز وتغطية كل النفقات؟ الثلاثمئة دولار لا شيء.هناك
الملايين في انتظارك هناك ومنافسوك الوحيدون أغبياء"...
في هوليوود، زود مانكيويكز صديقه بأخلاقيات السينما السائدة: "في الفيلم،
يجب ان يكون البطل او البطلة عذراء. الشرير يمكنه ان ينام مع من يشاء وان
يلهو بالسرقة والخداع والاغتناء وجلد المخدومين. ولكن في النهاية، عليك ان
تطلق النار عليه." كتب هيشت، رداً على ذلك، "ما يجب عمله هو التغاضي عن
الأبطال والبطلات وكتابة فيلم عن الاشرار فقط. عندها لا يتوجب علي أن
أكذب".
كان رده أقرب الى ما يُعرف اليوم برسالة القصد التي يخطها فنان للتعريف
بنيته وراء تقديم عمل ما. ولكنه أبعد من ذلك كان بمثابة الشعار للصنف
السينمائي الذي كان هيشت على وشك صنعه. افتتح الكاتب الحقبة بفيلم مقتبس عن
قصة ساخنة لرجل عصابة كبير يُدعى "بيل ويد"، كان مزيجاً من آل كابون وتومي
أوكونور صديقي هيشت. حمل الفيلم اسم
Underworld 01927) ولعب بطولته جورج بانكروفت مجسداً شخصية أكبر من
الواقع. على الفور، وضع هيشت الاساس لأفلام العصابات: الرجل الشرير/ الطيب
الكاريزماتي، المرأة الشريرة/الطيبة الخطرة، الشوارع الليلية المبهرة،
الولع بالسلاح، النادي الليلي الانيق، المواجهة عالية الذروة مع القانون...
بين يدي المايسترو السينمائي جوزيف فون ستيرنبورغ، كان الفيلم أقرب الى
رؤية حلمية منه الى الشوارع القذرة الأمر الذي كان مصدر شكوى الكاتب تجاه
ما وجده "غير واقعي". الا أن فوزه بأول أوسكار يمنح لقصة أصلية بدد كل
الشكاوى.
كان
Underworld حدثاً بكل المقاييس. تبعه في العام التالي 1928 فيلم آخر عن العالم
السفلي. ولكن
The Lights
of New York دخل التاريخ ليس كفيلم عصابات وانما كأول فيلم ناطق، لم يخلُ من نظرة
مثيرة على العالم السفلي.
أكمل فيلم العصابات صعوده خلال أواخر العشرينات مع أفلام مثل
Broadway
وNew York Nights
وChicago وThe Widow from Chicago
وغيرها من الأفلام التي مزجت بين الميلودراما قديمة الطراز واقتباسات
برودواي وبعض اللمحات المتجددة. على ان ملامح فيلم العصابات لم تتحدد
فعلياً حتى العام 1930 في وقت كانت علاقة الجمهور به قد توطدت ليبدأ عصره
الذهبي القصير.
العمر القصير
عن رواية لدبليو آر بورنيت، اقتبس فيلم
Little Caesar (1930)
الذي يدور حول شخصية متخيلة مستوحاة من آل كابون. كتب بورنيت روايته
انطلاقاً من معايناته الشخصية وعلاقته القريبة من كابون عندما كان مدير
فندق رخيص خارج شيكاغو. لعب بطولة الفيلم الممثل الروماني الاصل ادوارد ج.
روبنسن في دور إنريكو بانديللو المفلس الذي يتحول ملكاً في عالم الجريمة
والعصابة.تميز هذا الفيلم الذي أخرجه ميلفن ليروي ببعده من التنظير والوعظ،
متقفياً أثر "عِصابي" في صعوده وسقوطه. بالنسبة الى الجمهور، كان الفيلم
تجربة واقعية مثيرة. للمرة الأولى يشاهد هؤلاء تماماً كما في الحياة.
أتبعت استديوات وارنر بروذرز ذلك الفيلم بآخر كان
Public Enemy (1931) مع إضافة خلفيات الشخصيات وعائلاتهم ومشاهد من طفولاتهم واستقت
الشخصيات السينمائية من أخرى واقعية ومعروفة. وقع الاختيار هذه المرة على
ممثل غير معروف من نيويورك أضاف الى شخصية "العِصابي" صفة الاثارة الجنسية.
كان جايمس كاغني الذي أداره المخرج ويليام ويلمن باسلوب قوي وحيوي انسحب
على الفيلم الذي صدم الجمهور بلقطته النهائية لجثة البطل تهوي على عتبة
منزل والدته. كما في
Little Caesar،
جاء النص السينمائي مرفقاً بتجربة كاتبيه، جون برايت وكيوبيك غلاسمن،
العينية. الأخير كان صيدلانياً في شيكاغو. بتعبير آخر، كان يملك سلطة
الحصول على الكحول بشكل قانوني مما جعله صديق السكيرين. أما برايت فكان
مساعده وتلميذه وقبلها ساعي بن هيشت في صحيفة "شيكاغو دايلي نيوز". وجد
غلاسمن وبرايت نفسيهما على مقربة من العصابات ومن آل كابون نفسه. وفي إحدى
المناسبات كانا شاهدين على اعدام رجلين في فندق كومونويلث. هكذا شرع
الاثنان في كتابة سيناريوات للنجمين الصاعدين روبنسن وكاغني مثل
Smart Money
وTaxi وBlonde
Crazy.
استكمالاً للثلاثية التي أصبحت تُعرف لاحقاً بـ "الثالوث غير المقدس"، أنجز
هاورد هيوزScarface في نفس الوقت مع
Public Enemies. غير ان مشكلاته الكثيرة مع الرقابة أجلت عرضه الى العام 1932. عن
سيناريو لهيشت، خرج الفيلم شديد الواقعية، قاسياً وعنيفاً، يتضمن مشاهد
لأحداث واقعية. أعقبت تلك الثلاثية مجموعة أفلام دارت في فلك الصنف عينه
وتفردت بمميزاتها ومواصفاتها الفنية منها:
Quick
Millions
لولاند براون مع سبينسر ترايسي؛
Bad Company
لتاي غارنيت مع ريكاردو كورتيز؛
City Streets لروبن ماموليان مع غاري كوبر في دور مناقض لنمطه وغيرها. حتى جون
فورد دخل المعترك بفيلم
Born reckless المقتبس عن رواية دونالد هندرسن كلارك "لوي بيريتتي".
رافق ازدهار افلام العصابات بروز مواهب كتابية جديدة وفي التمثيل ايضاً.
فكان يجدر ببطل تلك الأفلام ان يكون قادراً على تصدير صورة البطل القوي
والخشن والعنيف الذي "يبصق" حواراته بصقاً مثل كاغني وروبنسن وكلارك غايبل
ووالتر هيوستن وجورج رافت وهمفري بوغارت الذي بنى أداءه المفصلي في مسيرته
في
The
Petrified Forest (1935)
على شخصية جون ديلينجر.
الملاحقة
خلال كتابته سيناريو
Scarface، استُدعي بن هيشت من قبل أحد مساعدي آل كابون للتأكد من ان الفيلم لن
يسيء الى زعيمهم. أكد لهم الكاتب ان الفيلم يدور حول شخصية أخرى وان
العنوان ليس سوى لجذب الجمهور. تبين هذه الحادثة انه منذ اللحظة الاولى
لولادة افلام العصابات كان هنالك من يخشاها. فقد عممت الرقابة التي كانت
تُعرف باسم "هايز أوفيس" أو "مكتب هايز" مع انطلاقة افلام المرحلة ما مفاده
انه لا يحق للأفلام أن تظهر الجريمة في ضوء ايجابي او أن تجعلها ملهمة بما
يخلق مقلدين لها. كما منعت تصوير الجريمة بشكل تفصيلي او تقديم اساليب
عنيفة في عمليات السرقة والقتل او خطط. وتلك في الواقع كانت تحديداً
المقومات التي قامت الافلام عليها. تجاهل الجميع قوانين المكتب ولم يبحث
الاخير كثيراً في الافلام عن المخالفات الى ان ابصر فيلم هاورد هيوز
Scarface
النور متجاوزاً حدود الافلام السابقة من حيث العنف والقتل. تحت ضغط عدم
السماح بعرض الفيلم، اضطر هيوز الى اجراء تعديلات على فيلمه فبدل النهاية
وصور مشهداً يظهر فيه المواطنون غاضبين مطالبين بمحاكمة العصابات ووضع حد
لسيطرتها. غني عن القول ان ذلك ما كان لينسجم مع رؤية هيوز او الكاتب هيشت.
ولكن رقابة "مكتب هايز" لم تكن وحدها الضاغطة، بل تحركت الكنائس وحراس
الاخلاق ومجموعات حكومية أخرى ضد ما اسموه "تقديس المجرمين" والجنس السهل
والعنف. مما لا شك فيه ان تلك الخلطة أخافت المؤسسة الرسمية من تأثيراتها
الممكنة على جماهير واقعة تحت تأثير الانهيار الاقتصادي الكبير. خاف هؤلاء
انتقال النمط السينمائي الى الشارع: الفوضى ومناوءة القوانين وأبطال يحصلون
على ما يريدون بواسطة القوة. شخصيات مثل جون ديلينجر وبوني وكلايد تحولوا
ابطالاً شعبيين وشُبهوا بروبن هود.
مع تنامي شهرة افلام العصابات وشعبيتها خلال 1931 و1932 في محيط تغمره
البطالة وانهيار الاقتصاد وتسكنه ارهاصات الحرب، أعلنت هوليوود مسؤولة، او
الكبش الذي يمكن احراقه لتلميع صورة المؤسسة الرسمية. هكذا سرت موجات
مناهضة لافلام العصابات ونظيراتها من نوع الكوميديا الجنسية البلاد. قاطعت
الكنائس الافلام وهوجمت الصالات واجبر الكاثوليكيين على التوقيع على عريضة
جاء فيها: "سأفعل كل ما بوسعي لتحريك الرأي العام وتوعيته ضد تقديم
المجرمين ابطالاً وبطلات وتقديم فلسلفتهم القذرة للحياة كأمر مقبول للرجال
والنساء المحترمين."هكذا استدعت الادارة السياسية في واشنطن رؤساء
الاستديوات في هوليوود وأنشأت لجنة رقابية فيدرالية لمراقبة كل الانتاجات.
أصاب الهلع هوليوود. فتبنت في العام 1934 مدونة هي بمثابة رقابة ذاتية كانت
أقسى من اي شيء سبقها تحت طائلة معاقبة من يخالفها بغرامات مالية. أعيدت
كتابة بعض السيناريوات وألغيت مشاريع كثيرة. هكذا اندثر النوع بشكله الاولي
وغاب عن الشاشة لبعض الوقت ولم يعد المخرجون الى زيارة مرحلة الانهيار
الاقتصادي الا في الستينات من القرن الماضي التي سنتناولها الاسبوع المقبل.
المستقبل اللبنانية في
07/08/2009 |