اعتادت السينما الأمريكية منذ بدايتها أى منذ أيام السينما الصامتة على
الإساءة للعرب والمسلمين وتصويرهم إما بشكل شعوب همجية أو إرهابية بالإضافة
إلى الاستهزاء والسخرية من عاداتهم وتقاليدهم بدءا من أساطير الشيوخ العرب
فى العشق والغرام والمرأة العربية الجارية مرورا بعرب البترول ( الغطر
المليئة بالنقود ) والمثقف العربى (المتفرنج) انتهاء بالعنصرية خلف قناع
المناصرة وقد تضمنت عشرات الأفلام الأمريكية التى عرضت فى مصر مؤخرا مثل
هذه الإساءات كأفلام: "المتحولون، يوم الاستقلال، أكاذيب صادقة و كليك"
وعشرات غيرها، ولكن من المؤكد أن التطاول مهما كان لابد من وجود حدود له
إما أن يتعرض فيلم لرمز من رموز الدولة وتكتفى الرقابة بحذف المشهد
واستكمال الفيلم كما لو كان ما حدث أمرا عاديا فإن هذا يستوجب وقفه.
نظراء لطبيعة عملى فإننى أتابع بشكل عام كل ما ينزل إلى دور العرض وانتقاء
ما يستوجب الكتابة عنه وكان أن مر بى فيلم يسمى (I love you ma
) وهو من نوعية الأفلام الخفيفة التى تهبط فى موسم الركود فى دور العرض فلم
أتحمس لمتابعته رغم وصوله للمركز الثانى فى الإيرادات الأمريكية لأسبوعين
متتاليين.
المهم مرت أيام وحصلت على نسخة كاملة من الفيلم من احد الأصدقاء ونسيته حتى
منذ أيام قليلة فأخرجته وبدأت فى المشاهدة وكما توقعت مر الفيلم فى سلاسة
وبساطة كموضوع رومانسى خفيف يتخلله الدعوى إلى الصداقة والمحبة ويطالب
بالحقوق الطبيعية للشواذ وتلك أمور عادية فى تلك النوعية من الأفلام حتى
وصلت إلى منتصف الفيلم، حيث يلتقى البطل (زويي) بصديق جديد (بيتر) ويسيران
سويا ومعهما الكلب الخاص بالصديق ويدور هذا الحوار:
زويي: كلب لطيف، ما اسم هذا الكلب؟
بيتر: أنور السادات
زويي: ما هذا الاسم؟
بيتر: انه رئيس مصر السابق.
زويي: وهل كان رجلا عظيما؟
بيتر: لا.. لكنه يشبه هذا الكلب!
وبعد عدة مشاهد يظهر طبق الكلب وعليه اسم (أنور) والى أعلاه صورة الرئيس
الراحل أنور السادات ويتنقل الفيلم بين الكلب والصورة من وجهه نظر الصديق
الذى يحاول التأمل فى الشبه وفى نهاية الفيلم تذكر التترات أن "أنور
السادات" هو اسم الكلب الذى ظهر فى الفيلم بدون داع سوى تأكيد الإساءة
وبالطبع فقد اكتفت الرقابة للتصريح بالفيلم بأن حذفت تلك الجمل المسيئة
وكفى الله المؤمنين شر القتال، ولن اشجب أو أندد أو أطالب ولكنى سأكتفى
بالتذكير بان محمد هنيدى عندما حاول تقديم فيلم (فول الصين) كان الاسم
المقترح (فول الصين العظيم) ولكن بعد احتجاج السفير الصينى تم تغييره وهو
ما حدث مع احمد ادم فى فيلم (ولا كان فى النية) كان الاسم الأصلى له (ولا
كان فى النية أبقى فلبينية) وعندما علمت سفارة الفلبين بالقاهرة بهذا الاسم
احتجت دولة الفلبين احتجاجا رسميا عن طريق سفيرها فى مصر وعلى الرغم من عرض
سيناريو الفيلم على السفير الفلبينى بالقاهرة لإثبات انه لا يوجد بالفيلم
ما يسيء للفلبين كدولة ولكن السفير أصر على تغيير الاسم وقد تم التغيير
فعلا، مع إننا جميعا شاهدنا الفيلمين ـ فول الصين، ولا فى النية ـ ويكاد كل
واحد منا يجزم انه لا يوجد بالفيلمين ما يسيء لأحد.
أما بالنسبة لنا فالإهانة ليست لمجرد اسم البلد كالفلبين ولا لرمز حجرى
كصور الصين ولكنها لرمز سياسى مهم (اتفقنا معه فى الرأى أو اختلفنا) فهل
مخزون الكرامة عند المصريين أقل من الصين والفلبين للدفاع عن ما يخصهم بل
نحن أقل من الهنود أيضا فقد هدد نجم السينما الهندية أميتاب باتشان
بالانسحاب من حفل التكريم الذى من المقرر أن تجريه له جامعة بريسبان
الأسترالية بسبب ما سماه "الاعتداءات المتواصلة على الهنود فى أستراليا"
باتشان الذى تعتزم جامعة بريسبان منحه درجة الدكتوراه الفخرية فى تكريم له
عن مجمل إنتاجه الفنى قد هدد برفض هذا التكريم ما لم تتدخل الحكومة
الأسترالية فإن ضميرى لا يسمح لى أبدا بأن أقبل شهادة دكتوراه من الدولة
نفسها التى تسمح بإهانة كهذه لبنى وطني" لا جدال أن صناع هذا الفيلم على
علم بمكانة السادات وإلا من أين لهم بتلك المعلومات عنه؟! ومن هنا يتأكد أن
ما جاء بالفيلم هو أمور متعمدة.
العربي المصرية في
11/08/2009 |