أن تنجح في تقديم عمل ملفت ومتقن ومملوء بالإبداع فذلك قد يبدو شيئاً
رائعاً بلا شك. ولكن أن تنجح في خلق آلية عمل إبداعي تقدم كل عام أو عامين
فيلماً مملوءاً بالجماليات البصرية والفكرية حد الترف، فذلك بلا شك أمر
استثنائي.
أستديوهات بيكسار، حتى بعد أن اشترتها والت ديزني بالكامل، لا تزال تثبت
حتى الآن أنه حتى الإبداع يمكن تأطيره بأطر العمل المنظم وأنه ليس رهين
لمحات متقطعة أو نوبات متباعدة.
فيلم (أب-UP) أو بالأعلى أحدث إنتاجات استيدوهات بيكسار الرقمية، يروي قصة
إنسانية حد التأثر، كوميدية حد الطفولة أحياناً عن قصة حلم طفل صغير يتحقق
بعد مرور عشرات الأعوام. من مخرج فيلم (شركة المرعبين المحدودة) والكاتب
المساهم في أفلام (حكاية لعبة) بجزئيه و(وولي)، بالتعاون مع كاتب فيلم (راتتوي)
و(البحث عن نيمو) فيما يبدو شبه اندماج بين مدرستين في الكتابة داخل بيكسار
نفسها.
وكما شاهدنا في فيلم (وولي) تمر الدقائق العشرون الأولى من الفيلم دون حوار
نصي مكتوب بين الشخصيات بالقدر الذي يتركنا المخرج نتعرف على الشخصيات
ونألف الأماكن بهدوء. ولا يتردد الفيلم للحظة في خطف دموعنا بمشهد بالغ
التأثير بين الزوجين «كارل» و»ايلي» اللذين رافقناهما منذ الطفولة وحتى
المشيب.
هذه المقدمات الهادئة سواء في فيلمي (أب) و(وولي) هي محل تميز وإبداع
كبيرين لجعل الصورة تتنفس وتأخذ حقها من التعبير.
وكعادة بيكسار في خلطتها السحرية، فهي تقدم قصة ذات أبعاد محددة مسبقاً،
فأنت كمشاهد متيقن من نهاية القصة ومآل الأحداث في نهاية المطاف، ولكنك لا
تملك إلا أن تبقى مشدوهاً على كرسيك لمتابعة آلاف التفاصيل والدقائق
السحرية التي تملأ بها بيكسار، وفقط بيكسار دون غيرها، أفلامها الرسومية.
أنت تشاهد رجلاً مسناً هو بطل الفيلم، بكل ما يمكن أن تلمحه في شخصية
المسن، من خجل باقِ من الطفولة، إلى مزاجية المسنين وعنادهم، إلى بقايا حزن
عالقة لفراق زوجته، وأخيراً إلى حلم جامح عجزت عشرات السنين عن كبحه أو
إخماده.
«كارل» الرجل المسن الذي يعيش عزلة عن المجتمع العصري حوله، والذي يحلم بأن
يكون مغامراً في أدغال أمريكا الجنوبية، يواجه مشكلة أمر قضائي صادر بحقه
ليودع إحدى دور المسنين بعد تصنيفه خطراً على المجتمع.
«كارل» بائع البالونات الطائرة المملوءة بغاز الهيليوم، وهنا تبدأ بيكسار
بمداعبة أحلامنا الطفولية وهو فن تتقنه، فمن منا لم يحلم بالطيران متعلقاً
بواحدة من هذه البالونات، ومن منا لم يكلم ألعابه متيقنا أنها تعيش عالمها
الخاص أثناء غيابنا!. يقوم «كارل» بربط منزله بآلاف البالونات الطائرة
ليبدأ رحلة مغامرته الموعودة لأداغال أمريكا الجنوبية.
ولكن ما لم يكن يخطر على بال «كارل» هو وجود زائر يطرق باب بيته المعلق في
الهواء على ارتفاع آلاف الأقدام!.
تميز فيلم (أب) بحبكة درامية متوازنة وإخراج خلاق لمشاهد الطيران في الجو
كما هي عادة بيكسار في خلق تحديات لأنفسهم من خلال طرق أغرب الأماكن
وأكثرها ملئاً بالتفاصيل والإثارة لتصويرها ثلاثية الأبعاد.
هذه الإثارة في القصة والإتقان في الإخراج والقدرة التعبيرية لدى ممثلي
الفيلم الافتراضيين، تجعل العديد من الأفلام الواقعية في موقف محرج إذا ما
قورنت بكم الجهد والإتقان في هذا العمل.
يسبق عرض فيلم (أب) فيلم قصير اعتادت بيسكار على تنفيذه وعرضه قبل كل فيلم
رئيسي ويكون عادة مقتبساً من ذات أجواء الفيلم أو شخصياته. والفيلم القصير
المرافق لفيلم (أب) هو بعنوان (غائم جزئياً) وهو فيلم قصير صامت يحمل فكرة
خلاقة حول نسبية الجمال رغم طفوليتها المباشرة.
مشروع بيكسار القادم للعام 2010 والفيلم الأكثر انتظاراً من قبل عشاق
بيكسار ربما، هو الجزء الثالث من السلسلة الناجحة (حكاية لعبة). ومن
المتوقع إطلاق الجزء الثالث منتصف العام 2010 بعد خمسة عشر عاماً من إطلاق
الجزء الأول الذي شكل نقلة نوعية في هذا الصنف من الأفلام. وطاقم عمل
(حكاية لعبة) ومن حسن الحظ لا يزال كما هو وعلى رأسهم «توم هانكس» في دور
«وودي» و»تيم الن» في دور «بز يطير».
الرياض السعودية في
14/08/2009
النافذة السابعة
نجوم مبدعون، مخرجة كوميدية ناجحة، ميزانية كبيرة، وفشل
تاريخي!
إعداد: عبدالله آل عياف
الزمان: أكتوبر 1985م – يونيو 1986م
المكان: المغرب
الحدث: صناعة فيلم عشتار
Ishtar
ما الذي يمكن أن يجعل الأمر سيئاً؟ كل الأمور كانت مواتية لفيلم "عشتار"
ليكون فيلماً ناجحاً. فالمخرجة إلين ماي هي صاحبة الفيلم الناجح جداً (ذا
هرتبريك كيد-The
Heartbreak Kid)
والذي ترشح لأوسكارين ويحتل مركزاً في أفضل 100 فيلم في قائمة الجمعية
الأمريكية للأفلام كما ترشحت لأوسكار أفضل سيناريو عن فيلم (هيفن كان ويت-Heaven
Can Wait) عام 1978م.
وإن جئنا للبطولة فلدينا اسمان من ألمع الأسماء السينمائية آنذاك، وارن
بيتي و داستن هوفمان وكان –آنذاك- قد فاز كل منهما بأوسكار وترشح مرات
عديدة (9 مرات لبيتي و 4 مرات لهوفمان)، وكان كل منهما قد حقق نجاحاً
نقدياً وتجارياً في الفيلم الذي يسبق هذه التجربة، ف"بيتي" كان قد توقف بعد
فيلمه الرائع (ريدز-Reds) عام 1981م وسيكون "عشتار" هو فيلم عودته كممثل، بينما كان هوفمان قد
أنهى قبل سنوات فيلمه الشهير جداً (توتسي).
تم إعطاء بيتي وهوفمان مبلغاً عالياً –بمعايير ذلك الوقت- فاستلم كل منهما
خمسة ملايين دولار ليقوم بدوره في الفيلم.
تدور حبكة فيلم عشتار حول "لايل" و"تشك" وهما فنانان فاشلان جداً يتوجهان
للمغرب بحثاً عن فرصة للنجاح وجني المال لكنهما يجدان نفسيهما في منتصف حرب
متعددة الأطراف في قصة كوميدية مليئة بالمواقف الطريفة.
بدأ تصوير الفيلم في الحادي عشر من أكتوبر 1985م وتم الانتهاء منه في
الرابع والعشرين من مارس 1986م، لكن صعوبات التصوير في صحراء المغرب جعلت
الفريق يعود ليعيد تصوير بعض المشاهد الغير مرضية ولم ينته تصوير الفيلم
نهائياً إلا في شهر يوليو 1986م. تأخرت المخرجة كثيراً في مرحلة المونتاج
مما أثار حنق المنتجين ولم تسلم لهم النسخة النهائية من الفيلم إلا بعد أن
هدد الأستديو ولوح باللجوء للقضاء ورفع قضية ضد المخرجة.
هاجمت الصحافة الفيلم حتى قبل نزوله بسبب الميزانية المرتفعة وتأخر مرحلة
صناعته، وعندما تم طرح الفيلم في الصالات الأمريكية في شهر مايو 1987م ورغم
تحقيقه المركز الأول في قائمة شباك التذاكر في أسبوعه الأول إلا أنه تراجع
بشدة في الأسبوع الثاني للمركز الرابع ولتتوالى انحداراته ليفشل في النهاية
في تعويض ميزانيته وبعجز يتجاوز 42 مليون دولار. اعتبر النقاد والصحفيون
الفيلم أحد أكبر الأفلام خسارة من الناحية التجارية وارتبط اسم الفيلم
بمصطلح (فشل تجاري ذريع) فأصبح الفيلم هو أكثر الأمثلة تداولاً حتى اليوم
عندما يأتي الكلام عن الأفلام التي فشلت في تحقيق أرباح أو حتى تغطية
ميزانيتها الأصلية.
تم ترشيح الفيلم لجائزة الرازي والتي تمنح لأسوء الأفلام (وليس لأفضلها)
وفازت مخرجته بجائزة أسوأ مخرجة وقد يكون هو الأمر الذي جعلها تتوقف عن
الإخراج منذ عشتار لتتفرغ للكتابة والتي يبدو أن حظها فيها أفضل حيث ترشحت
لأوسكار عام 1998م عن سيناريو فيلم (ألوان أولية-Primary Colors).
الرياض السعودية في
14/08/2009
يفتتح في صالات العرض الأمريكية 11 ديسمبر المقبل
نيلسون مانديلا يحقق أحلام مورغان فريمان.. في
Invictus
الدمام – علي سعيد:
أخيراً تحققت أمنية الممثل الأمريكي مورغان فريمان بتجسيد شخصية الزعيم
الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا في فيلم هوليودي للمخرج كلينت إيستوود يطل من
خلاله على جانب آخر من حياة مانديلا في صراعه ضد التمييز العنصري الذي ساد
جنوب أفريقيا منذ 500 سنة؛ أي من أيام احتلال الإمبراطورية البرتغالية
لأفريقيا وحتى خروج مانديلا من سجن جزيرة روبن عام 1990 بعد 27 سنة من
الأسر.
فيلم (إنفيكتوس -
Invictus ) الذي يلعب فريمان بطولته يتناول قصة خروج مانديلا من السجن
وانتخابه كأول رئيس أسود لجنوب أفريقيا في 10 مايو أيار 1994 بعد فوز حزبه
(المؤتمر الوطني الأفريقي) بأغلبية ساحقة في أول انتخابات متعددة الأعراق.
ويصوّر محاولته لاستخدام لعبة الركبي والرياضة كلغة عالمية مضادة للغة
التمييز العنصري والعنف في بلد خارج للتو من أتون اقتتال عنصري. ولأن
الاختيار وقع على جنوب إفريقيا كي تستضيف اللعبة عام 1995، في محاولة لجلب
البيض والسود في مكان واحد تجمعهم لعبة رياضية بعد الفصل العنصري. فإن
الفيلم سيظهر كيف استثمر مانديلا هذا الحدث في مشروعه المناهض للعنصرية مع
سرد استعادي سينمائي لمراحل من حياة المناضل الافريقي.
وينضم سكوت ايستوود (ابن مخرج الفيلم) إلى الممثل مورغان فريمان ومات ديمون
للتعبير عن قصة مانديلا الحقيقية فى توحيد جنوب أفريقيا وليست هذه المرة
الأولى التى يقوم فيها ابن "إيستوود" بدور فى فيلم يخرجه والده حيث سبق له
المشاركة في فيلم (غرين تورينو-Gran Torino)
وفيلم (رايات آبائنا-Flags of Our Fathers).
وكتب المؤلف الجنوب إفريقي أنتوني بيكهام سيناريو الفيلم الجديد استناداً
إلى رواية "ملاعبة العدو" لجون كارلين. ومن المقرر إطلاق الفيلم الذي صُور
بالكامل في مدينتي جوهانسبرغ وكيب تاون بجنوب أفريقيا، في صالات السينما
الأميركية، مساء 11 ديسمبر المقبل ولكن لم يحدد مخرج الفيلم حتى الآن إذا
ما كان الفيلم سيعرض في افتتاح مهرجان تورنتو السينمائي (9-19).
أما بالنسبة لبطل الفيلم مورغان فريمان فثمة قصة طويلة وراء تصوير وإنجاز
هذا الفيلم ابتدأت من يونيو 2006 عندما التقى بطل فيلم (إصلاحية شاوشانك)
في بلدة صغيرة بالميسسبي؛ صدفةً بمؤلف سيرة روائية عن حياة مانديلا بعنوان
"ملاعب العدو"، وكان فريمان يتمنى لعب دور مانديلا منذ سنوات ولكنه لم يجد
رواية تنفع للتحويل إلى فيلم. يقول الروائي جون كارلين متذكراً: تُرجم ذاك
اللقاء، بعد خمسة شهور حيث عقدنا اتفاقاً وحضر بعدها كاتب السيناريو لنجلس
أسبوعاً من أجل تحويل الرواية إلى سيناريو. أعجب مورغان بالسيناريو كثيراً
ليأخذ نسخة منه إلى صديقه كلينت ايستوود وشركة وارنر برذر ومن ثم تم توزيع
الأدوار ليبدأ التصوير بداية 2009 متزامناً مع عام احتفالات العالم ببلوغ
مانديلا ال"90" سنة في 18 يوليو الماضي وإطلاق يوم ميلاد مانديلا كيوم
عالمي من أجل الإنسانية تحت مسمى (يوم مانديلا-
Mandela day).
يذكر أن "أنفيكتوس" ليس أول فيلم أمريكي عن سيرة "مانديلا"؛ فقد سبقه فيلم
(وداعا بافانا-Goodbye Bafana)
الذي تناول نيلسون مانديلا خلال سنوات السجن الطويلة عبر حكاية سجين يسرد
مذكراته التي يكون مانديلا محوراً رئيساً وبطلاً فيها.
الرياض السعودية في
14/08/2009 |