بلقيس حسب المصادر التاريخية اسم اشتهرت به ملكة سبئية كانت معاصرةً
للنبي سليمان عليه السلام الذي يرجح أنه عاش في القرن العاشر قبل الميلاد(
935-970م ق.م). وهي ابنة الملك الهدهاد الذي بدأت القصة معه ولعب الخيال
دورا في اطلاق قصة ذات مناح درامية بحيث يستطيع من خلالها المؤلف اطلاق
الخيال في توليفة لعبة الزمن والدراما بحضور للخير والشر.
وتشير المصادر ذاتها في روايتها لحكاية بلقيس أنها كانت سليلة حسبٍ و
نسب، فأبوها كان ملكاً، و قد ورثت الملك بولاية منه؛ لأنه على ما يبدو لم
يرزق بأبناء بنين .النص التلفزيوني يظهر ان له وليا للعهد أسر في الحبشة ،
لكن أشراف قومها استنكروا توليها العرش وقابلوا هذا الأمر بالازدراء و
الاستياء، فكيف تتولى زمام الأمور في مملكة مترامية الأطراف مثل مملكتهم
امرأة أليس منهم رجلٌ رشيد؟ و كان لهذا التشتت بين قوم بلقيس أصداء خارج
حدود مملكتها، فقد أثار الطمع في قلوب الطامحين الاستيلاء على مملكة سبأ،
ومنهم الملك «عمرو بن أبرهة» الملقب بذي الأذعار. فحشر ذو الأذعار جنده و
توجه ناحية مملكة سبأ للاستيلاء عليها و على ملكتها بلقيس، إلا أن بلقيس
علمت بما في نفس ذي الأذعار فخشيت على نفسها، واستخفت في ثياب أعرابي ولاذت
بالفرار.
و عادت بلقيس بعد أن عم الفساد أرجاء مملكتها فقررت التخلص من ذي
الأذعار، فدخلت عليه ذات يوم في قصره و ظلت تسقيه الخمر وهو ظانٌ أنها
تسامره وعندما بلغ الخمر منه مبلغه، استلت سكيناً و ذبحته بها إلا أن
رواياتٍ أخرى تشير إلى أن بلقيس أرسلت إلى ذي الأذعار وطلبت منه أن يتزوجها
بغية الانتقام منه، وعندما دخلت عليه قتلته، وخلصت بذلك أهل سبأ من شر ذي
الأذعار وفوازدهر زمن حكم بلقيس مملكة سبأ أيمّا ازدهار، واستقرت البلاد
أيمّا استقرار، وتمتع أهل اليمن بالرخاء و الحضارة والعمران والمدنية. كما
حاربت بلقيس الأعداء ووطدت أركان ملكها بالعدل وساست قومها بالحكمة.
ومما أذاع صيتها و حببها إلى الناس ترميم سد مأرب الذي كان قد نال منه
الزمن وأهرم بنيانه وأضعف أوصاله وبلقيس هي أول ملكة اتخذت من سبأ مقراً
لحكمها.
المؤلف بدأ بسرد تقليدي لسيرة حياة بلقيس منذ سنوات شبابها المبكر ،
حيث لمع فيها الجمال وسرعة البديهة وحدة الذكاء بالاضافة الى صراعها مع
والدها في كره سفك الدم ولربما استجاب الامر لطلب ابنته وصار يقيم الحوار
مع رعيته ، تتطور شخصية بلقيس وتأخذ منحى الرجال في ظل غياب العنصر الذكري
الفاعل في مملكة الهدهاد وربما قيل ان له ولدا واحدا قضى قبل ان يكتب له
العرش .
والمخرج راعى في سيرة حياة بلقيس تقديم اقتراحات فنية تقوم على
المعادل الفني فلجأ الى خيارات لباس افتراضية لتلك المرحلة وان تم انتقاد
تلك التصاميم لانها تظهر قدرا من عري الكتفين والصدر وتحديدا لدى صبا ونساء
المملكة ، وربما يدور هذا في فلك خيار واقتراحات المخرج والامر جائزله
طالما أن لا وثيقة تاريخية مدونة لتلك المرحلة التي طالت المؤرخين ايضا .
وقام المخرج بالاعتماد على اماكن طبيعية للتصوير ولكن ساء بعض المشاهد
انعدام الاضاء ة فيها أي انها كانت سوداء لدرجة غابت فيها معالم وجوه
الممثلين ..!على الرغم من أن معايير هامة في التصوير التلفزيوني لقضية
اللون والظل والنور في بعض تفاصيل هذا العمل تسجل له .
يسجل للعمل ايقاعه الذي ينسجم مع الأحداث ومع مجريات تسارعها ويلفت
العمل الى جهد تمثيلي طيب بذلته صبا مبارك فيما احسن الفنان اسعد فضة اللعب
على اوتار التناقض والحيرة والخوف والقلق الذي كان ينتاب الهدهاد بين الحين
والاخر مع المحافظة على هيبته كملك في ظل حالة الاضطراب والفوضى التي كانت
تسود حدود البلاد.
ويستفيد العمل من خبرة الفنان العالمي غسان مسعود الذي اختار ان يلون
وجهه بالأسود الكامل ليلعب دور الملك النجاشي وليسجل لنفسه حضور ضيف الشرف
، ولا بد من الاشادة بهدوء الملكة الفنانة القديرة عبير عيسى التي تسجل
حضورا طيبا لها في هذا العمل وقد استطاعت ان تنقل قلق الروح على وجهها قلق
الام والحبيبة والمواطنة والملكة .
على الرغم من الاجتهاد على المشهد الخارجي للفنان منذر رياحنة لتقديم
منظر الحاكم الشرير الحاقد الا ان هذه كانت مشهدا واحدا بل حالة واحدة دون
تطورات درامية لافتة في سيرته الدرامية لم يطرأ عليها تطور لافت وظل مشهد
حواره الممجوج مع قائد الحرس من جهة وتناوله العنب والفاكهة يتكرر في
الحلقات مما يحكي عن فقر النص في عدم دعم حضوره الدرامي بقصص وتنويعات تلفت
النظر الى شخصية جديدة في الدراما العربية شكلا ومضمونا.
ولا تعني ملاحظاتنا عن العمل من ضمن حلقات بثه الاولى انه يعاني من
تدني نسبة الاقبال عليه بل على العكس فحالة النجاح التي يلاقيها العرض تقود
لانتظار ما قد تسفر عنه الاحداث بعد قليل وتبلور حضور بلقيس وربما يكون
هناك مقاربة للجانب الديني والعقائدي في سيرتها.
البيان الإماراتية في
02/09/2009 |