تؤكد ادارة مهرجان الفيلم العربي في بروكسل
الذي افتتحت دورته الرابعة امس الاربعاء انه يسعى لان يكون مهرجانا عربيا
اساسيا
يعرف بالافلام العربية ويعطيها فرصا متساوية للتوزيع في اوروبا.
وتؤكد ادارة
المهرجان على ان هذه الدورة تشهد 'تطورا كبيرا'، اذ تقول مديرته الفنية
رشيدة جباني
لوكالة فرانس برس ان المخرجين في البداية لم يكونوا متشجعين على المشاركة
في
المهرجان لكنهم الان 'هم من يتصلون ويبدون رغبتهم في حضور
افلامهم'.
وتشير الى
ان هؤلاء يلمسون 'اهتماما كبيرا' من الجمهور الذي يتواصل معهم مستفسرا عن
المهرجان
وعروضه.
وسيعرض في المهرجان نحو ثلاثين فيلما، بين الافلام الروائية الطويلة
والقصيرة لمخرجين عرب، من مصر وسوريا والمغرب وتونس والعراق
ولبنان ومن الاراضي
الفلسطينية المحتلة.
كما ستعرض افلام لمخرجين من اصل عربي يعيشون في بلدان
اوروبية.
ومن الافلام التي ستعرض في هذا المهرجان الفيلم السوري 'الليل الطويل'
للمخرج السوري حاتم علي.
ويطير هذا الفيلم من مهرجان الى آخر، بعد ان نال العديد
من الجوائز العالمية، لكنه عندما يعود الى سورية يبقى فيها حبيس خزائن
صانعيه الذين
لم يحصلوا حتى الان على موافقة لعرضه في الصالات السورية كما يؤكد مخرجه.
وقال
علي في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس في بروكسل ان السلطات المختصة 'لم
تعط
الموافقة' لعرض الفيلم في صالات السينما السورية. واضاف ان
'موضوع الفيلم جديد
وكذلك معالجته، ومقاربة هذا الموضوع فيه احراج للبعض'.
ويعرض الفيلم موضوع
السجناء السياسيين الذي لا يزال يعد 'محظورا' على الساحة السورية. ويرصد
الليل
الطويل الذي يعيشه بعض السجناء السياسيين الذين تم اطلاق
سراحهم بعد سجن تجاوز
عشرين عاما.
ويتجنب الفيلم الخوض المباشر في اشكالية السجن السياسي لكنه يعرض
لما يتصل بها عبر حديث عائلات السجناء المطلق سراحهم، التي
تنتظر بترقب عودتهم الى
حياة شهدت انقلابات جوهرية.
وعبر حاتم علي عن امله في ان ينال فيلمه الموافقة
ليعرض في سورية، موضحا ان هذا الامل مبني على ان 'العرض سيكون لصالح
الجميع'. واضاف 'يجب ان نتحدث عن مشاكلنا بصراحة ونناقشها
بجرأة وهذا فيه فائدة لكل الاطراف'
المعنية بها.
واشار الى 'اصوات قليلة تمانع عرض الفيلم' في الهيئات الرقابية
المعنية بذلك، معبرا عن قناعته بان 'الغلبة في النهاية ستكون
للصوت
العاقل'.
وكتب سيناريو 'الليل الطويل' المخرج السوري هيثم هقي وانتجته شركة 'ريل
فيلز' الخاصة التي يديرها. وقد ادى ادوار البطولة فيه مجموعة
من كبار الممثلين
السوريين على راسهم خالد تاجا وسليم صبري ونجاح سفكوني ورفيق سبيعي.
وحصل
الفيلم على عدة جوائز ابرزها جائزة افضل فيلم في مهرجان نيودلهي لسينما
اسيا
والعالم العربي الشهر الماضي، وجائزة دعم الفيلم الاسيوي
واتحاد نقاد السينما
الدوليين في نفس المهرجان.
والجائزة الاخيرة يراها مخرج الفيلم 'افضل رد' على كل
الاصوات التي انتقدته معتبرة انه مشغول بلغة تلفزيونية.
ويقول علي 'انا مخرج
تلفزيون وعندي ارث فيه'، معتبرا ان تلك الانتقادات للغة الفيلم الفنية هي 'تلفيقات
سريعة وجاهزة'.
ويرى المخرج ان اصحابها في ذهنهم نموذج معين عن الفيلم السوري
الذي ساد خلال سنوات طويلة، ولذلك يعتبرون اي خروج عن ذلك
النموذج يمثل 'نكوصا
وتراجعا'.
ويحضر حاتم علي للاشتغال على مشروعين سينمائيين هما فيلم 'موزاييك'
الماخوذ عن رواية السوري فواز حداد، و'المرود والمكحلة' الذي كتبه عدنان
عودة كنص
مسرحي قدمه في دمشق، والان حوله الى سيناريو فيلم روائي.
ويستضيف مهرجان الفيلم
العربي العديد من مخرجي الافلام المشاركة فيه وممثلين فيها اذ ستعقد لهم
نقاشات مع
الجمهور بعد عرض افلامهم.
ومن الضيوف المخرجين المصريين عمر سلامة وخالد يوسف
والمغربي محمد زين الدين والفرنسية المغربية زكية طاهري وكثيرين غيرهم.
وسيمنح
المهرجان جوائز للمرة الاولى منذ انعقاده هي جائزة لجنة التحكيم لافضل فيلم
طويل
وجائزة افضل اداء وجائزة افضل فيلم قصير.
وستقرر هذه الجوائز لجنتا تحكيم لكل من
الافلام الطويلة والقصيرة، وتضم سينمائيين عرب واوروبيين.
وتمول المهرجان ياتي
وزارة التنمية الفدرالية في بلجيكا، وتأمل مديرته الفنية ان يستقطب ايضا
الدعم
العربي مشيرة الى انه لا يحصل على اي تمويل سواء من جهات عربية خاصة ام
حكومية.
وتؤكد جباني ان طموحهم هو وجود مهرجان عربي كبير في عاصمة اوروبا، يقارن
بمهرجانات السينما العربية الكبرى، معتبرة ذلك امرا 'ضروريا'
سيعطي فرصة متساوية
امام جميع الافلام العربية لتوزع في دور السينما في اوروبا.
كما ترى ان المهرجان
سيسهم في نشر السينما العربية والتعريف بثقافات العالم العربي 'على انه ليس
فقط
حروبا وارهابا بل يقدم فنا وابداعا'.
القدس العربي في
20/11/2009
المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بأغادير المغربية:
الاصرار
على التمويه في حق الانتاجات الفلسطينية
تطورات غريبة عرفتها الدورة الثانية للمهرجان الدولي للفيلم
الوثائقي باغادير، حيث على عكس دعوات حضور الافتتاح التي تحمل
عبارة 'تحت الرعاية
السامية لجلالة الملك محمد السادس'، منع المنظمون من وضع العبارة على
لافتات معلقة،
وربما يعود الامر الى عدم وجود اي ترخيص يقتضي ذلك، مع تسجيل غياب معالي
وزير
الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة عن الحفل الافتتاحي.
وكان إشراك فيلم وثائقي
إسرائيلي خلال الدورة الاولى قد طرح العديد من الاسئلة والاستهجان من قبل
الرأي
العام المحلي، بالاضافة الى منابر اعلامية مغربية وعربية، كانت
'القدس العربي'
واحدة منها.
وفي الوقت الذي تلقى الجميع بارتياح غياب طرف حكومي وغياب السيد
محافظ ولاية اغادير انزكان عن التظاهرة، كإشارة ربما الى عدم
الزج بمواقف رسمية
تجاه مهرجان غير واضح الاهداف والغايات، تم قبل المهرجان توزيع بلاغ صحافي
كاذب،
تعمد ان لايشير الى ورود فيلم إسرائيلي من جديد خلال الدورة الحالية، حيث
ان
كاتالوغ المهرجان ادرج فيلم 'ديتايند' تحت جنسية مزدوجة 'اسرائيل
/ فلسطين'، بالرغم
من كونه فيلما ناطقا بالعبرية اصلا، وانتاجا اسرائيليا صرفا، قدم وجهة نظر
الآخر عن
قضايا فلسطينية، في الوقت الذي غاب فيه صناع الفيلم الوثائقي الفلسطيني
والعرب
عموما، مما يجعلنا نتبنى فرضية الحذر من مغبة المشاركة في
تظاهرات غير واضحة
المواقف خاصة تجاه القضية الفلسطينية.
وكان المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي قبل
عقد دورته السابقة قد ربط تواصلا مابين رئيسته الحالية وناقد عربي سوري
مقيم
بالديار الفرنسية، قبل ان ينسحب من اية مشاركة ولو على سبيل الاستشارة،
وبذلك يواصل
المهرجان محاولاته الغريبة للتطبيع مع الكيان الاسرائيلي
والتمويه في حق الانتاجات
الفلسطينية التي غيبت، وتم اسناد الصفة لافلام اسرائيلية محضة،فخلال الدورة
الحالية
تم اعتماد فيلم اسرائيلي ناطق باللغة العبرية ويحمل عنوان 'السجينات'
كمشاركة
اسرائلية فلسطينية، وكأن الكيانين جسد واحد حسب المنظمين، إما
قفزا على السياسي
والتاريخي وإما جهلا بالواقع او تمييعا له، بحثا ربما عن مصادر تمويل
اضافية مشبوهة .
وحين نناقش في الجوهر مسألة صفة 'الدولية' في المهرجان الخاص بالفيلم
الوثائقي
الذي اصبح ينظم في اكادير جنوب المغرب مؤخرا، فإن عرض اقراص
مدمجة بواسطة 'الفيديو
بروجيكتر'، في قاعة غير سينمائية او غير ذات طاقة استيعابية كبيرة، ورغم
ذلك لا
تستقطب الا بعض المارة الذين يجلبهم حب الاستطلاع نحو القاعة لتزجية الوقت،
في ظل
ضعف التواصل والاعلان الجيد والكافي عن التظاهرة، كلها شروط لا
تمكننا من اضفاء صفة
الدولية على التظاهرة، بحكم كونها عادية جدا وتدخل ضمن التجارب الهاوية غير
الاحترافية في اطار التدبير والبرمجة .
وفي الوقت الذي اقتبست فكرة المهرجان
شكلا ومضمونا من تجربة مهرجان اسني وورغ الامازيغي الذي يقام بنفس المدينة،
ومن
تجربة المهرجان الوطني للفيلم الامازيغي بوارزازات، حيث سبق لمبتكرة
المهرجان
الدولي للفيلم الوثائقي ان شاركت كعضوة ضمن لجنة تحكيم الدورة
الثانية لإسني وورغ،
فإن هذا الاخير نجح في استقطاب سينمات اوروبية ومغاربية دون وضع يافطة
'مهرجان
دولي' وإن كانت له مواصفات افضل نجاعة حقيقة من مهرجان الوثائقي، ليبقى
التساؤل
المريب هو التمويل المبالغ فيه والذي يستفيد منه مهرجان الفيلم
الوثائقي مقارنة مع
الفتات الذي رغم ان بقية المهرجانات تحظى به، بما في ذلك المال العام ودعم
المركز
السينمائي المغربي السخي، قلت، يبقى التساؤل حول معايير التمييز المعتمدة،
وحول
خفايا وخبايا هدر مال عام على تظاهرة ولدت ميتة من الاصل،
ولايرتجى منها اي تغير
بدون اعادة النظر في تركيبة المنظمين، حيث يستحيل تماما ان نسمع بمهرجان
دولي
تنظمــه جمعية مكونة كما اوردت احدى اليوميات المغربية مؤخـــرا من ثلاثة
افراد،
وهذه ألغاز تبين ان الحضوة والزبونية لا تصنعان ابدا ابداعا او
تظاهرة لها علاقة
بالابداع، بقـــدرما تكون وسيلة مقنعة لاتخاذ الابداع والفنون مطية لتحقيق
مآرب
بعيدة عن خدمــــة الوعي الفني والثقــــافي، وهو ما يتطلب على عجل اعادة
تقييــــم
المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي، والتعامل معه كمهرجان عادي،
هو في حاجة ماسة الى
مأسسة بشكل يقربه فعلا من سمة الدولية، حتى لا نروج اعلاميا لتظاهرات كاذبة
في
ادعاءاتها.
ناقد سينمائي من المغرب
القدس العربي في
20/11/2009 |