آمن الفنان خالد أبو النجا منذ فترة طويلة بالتغيير وحلم به ولم يتردد ولو
للحظة واحدة فى تسجيله واختار أن يكون واحدا ممن وثقوا للثورة من خلال
الصورة وبرغم كونه احد الخاسرين ماديا وفنيا منها لعدم حصول فيلمه ميكروفون
على فرصة عرض كاملة إلا أنه ليس نادما على شىء وهو فى هذا الحوار يتحدث عن
مشروعه الجديد ومدى علاقته بالبرادعى.
●أنت مؤيد جدا للبرادعى منذ اللحظة الأولى فهل نتوقع منك أن تكون ضمن فريقه
الخاص بانتخابات الرئاسة؟
ـ مبدئيا انا لم أرشحه لشخصه هو بل أؤمن بسياساته ومبادئه، وللعلم هناك
كثيرون يعتقدون اننى عضو بالجمعية المصرية للتغيير ولكننى لست عضوا فيها
انا وقعت فقط مثلى مثل مليون شخص على بيانها وأنا أشبهه بالحجر الذى تم
إلقاؤه فى مياه السياسة المصرية الراكدة ولولا دوره لما حدث الحراك، هو صاغ
الأمل المصرى فى بدايته وتعرض بسبب موقفه الجرىء للعديد من المواقف المحرجة
والمضايقات.
●لكن البعض لديه الكثير من التحفظات على مواقفه عندما كان فى الوكالة
الذرية ويشير لضرب العراق فى عهده؟
ـ هذه اشياء عارية من الصحة واشعر بقلبى يعتصر من الأسى على هذا فقد نال
جائزة نوبل فى السلام لأنه حاول أن يمنع هذه الحرب وهو ظلم بين وانا ادعمه
لانه حركنا واعطانا املا فى التغيير.
●البعض تعجب من قيامك بتنظيم عرض خاص لفيلمك ميكروفون يوم 25 يناير ليلا؟
ـ كان عرض فيلمنا الأسبوع الذى يليه لكن التوزيع قرر تغيير الموعد وجعله
يوم 26 وقتها قلت موافق وعندما طالبنى المنتج بتنظيم عرض خاص يوم 25 قلت له
لن يصلح فى يوم 25 لدينا ثورة دعنا نجعلها فى يوم آخر لكنه اصر وتحدثت مع
أحمد عبد الله المخرج واتفقنا على تقسيم أنفسنا وهو ما حدث وذهبت بكاميرتى
للتحرير وقمت بتصوير فيلم تسجيلى عن الثورة مدته 7 دقائق ووضعته على اليو
تيوب قبل أن يتم قطع الإنترنت بيومين.
●نعرف انك صورت عددا كبيرا من الساعات فما هو مصيرها؟
ـ أنا صورتها كى نستطيع توثيق روح ما حدث وفى لحظة التصوير كنت ارغب فى
التوثيق فقط صورت 16 ساعة وأنا بصدد عمل مشروع توثيقى حاليا ربما يكون
يوميات ميدان التحرير.
●لو صنعت فيلما طويلا عن الثورة اى دور ستقدمه؟
ـ لم اصل بعد لتصور منطقى ولو اردنا صنع فيلم يبقى ويعيش فيجب أن نصنعه
ونقدمه بعد 5 سنوات على الأقل. وخصوصا اننا ولمرة واحدة امتلكنا بلدنا
وعرفناها عن حق.
●اليست مصادفة أن يكون ميكروفون الفيلم الاكثر تضررا من الثورة وهو الذى
شارك جميع صناعه فيها؟
ـ انا اتذكر اننى كنت اقول للمنتج محمد حفظى دوما أن فيلمنا سيصنع ثورة
وعندما حدثت الثورة اتصل بى وقال الفيلم صنع ثورة وضحكنا معا وللعلم الفيلم
بدايته غريبة جدا حيث كان المخرج احمد عبد الله فى اسكندرية وشاهد جدار
مكتوبا عليه «من هنا تبدأ الثورة» والتقى فتاة صغيرة كانت هى من تكتب هذا
بالجرافيتى وكانت قد كتبت ايضا «حدد مصيرك وخذ قرارك» ومن هنا بدأت القصة
وبدا أحمد عبد الله يبحث فى اسكندرية عن مثل هذه الاشياء واخر مشهد فى
الفيلم كان يقول لنا انه وضع لا يمكن أن يستمر فهو يحكى حال مصر قبل يوم من
الثورة وتم عرضه يوم الثورة وهو عاد للعرض فى السينمات والفيلم يوثق مصر
قبل يوم من الثورة.
●متى عرفت انها قد تكون ثورة ناجحة؟
ـ سأخبرك بقصة حقيقية حدثت معى يومها طفل صغير يبيع مناديل ورقية قال لى
بالحرف: «نهايتهم قربت» وهو ما تحقق بالفعل ويومها كانت اول مرة أشاهد مثل
هذه الأشياء بعينى حيث اننى كنت دوما اشاهدها على الإنترنت وموقع اليو تيوب
ويومها تأكدت أن النظام قد انتهى وكنا كلنا نعرف هدفنا وماذا نريد. وبدات
الطبقة المتوسطة فى الغليان وخصوصا مع خروج أبنائهم للمظاهرات بداوا
التفكير ويوم 28 ومع كل العدد الضخم الذى خرج أدركت انها ثورة. وهنا قررت
أن دورنا هو توثيق ما يحدث.
●هل حاولت أن تستغل منصبك كسفير فى الأمم المتحدة لإيصال هذه التسجيلات
للعالم لتكشف له حقيقة ما كان يحدث فى مصر خلال هذه الايام العصيبة؟
ـ للأسف كانت كل الوسائل مقطوعة فلم أتمكن من ايصال أى شىء لهم كل ما
استطعت فعله هو وضع فيلم قصير مدته 7 دقائق. والواقع كان الموقف غير مفهوم
وحالة ضبابية والمعلومات التى كانت تذهب لهم من الحكومة انها اعمال شغب
وبلطجة وكانوا يرهبون السفارات الاجنبية وهم كانوا يحاولون اختطاف مصر بنفس
طريقتهم خلال 30 عاما ولكن فى خلال 3 أيام وهو ما كان مكشوفا لنا جميعا.
●لفتت مشاركة الفنانين فى هذه الثورة وحجمها انظار الجميع والبعض اعتبرها
مغامرة بمستقبلهم ألم تشعروا بالخوف؟
ـ نحن كسرنا حاجز الخوف ولو لم نعبر عن رأينا كنا سنشعر بالخجل من انفسنا
والنظام كان يجعلنا نشعر جميعا بالخوف من انفسنا مسلمين ومسيحيين وما حدث
جعلنا نشعر أن هذا بلدنا وتوحدنا كلنا كمصريين ونحن كفنانين كنا فى قلب
الميدان لأننا واحد وكان احساسنا اننا استعدنا السلطة مرة اخرى والشعب كله
انضم للجميع وحضارتنا ظهرت وعادت من فترة تعطيل طويلة استمرت 30 سنة.
●كيف ترى الفترة المقبلة؟
ـ الناس وصلت لمرحلة من الغضب والفهم والشعب اصبح يعرف تماما انه ليس مصدر
الفوضى واية متاعب تحدث اصبح الناس يعرفونها انها من فلول النظام السابق.
ونحن الآن فى عملية مراجعة شاملة لكل شىء وهذا هو المهم.
الشروق المصرية في
08/04/2011
الأفلام والمهرجانات والمسلسلات على المحك
النشاط الفني والثقافي يشهد تراجعا بعد الثورات العربية
القاهرة: طارق الشناوي
بعد الأحداث المؤسفة لمباراة كرة القدم بين نادي الزمالك المصري ونادي
الأفريقي التونسي تقرر تأجيل مسابقة الدوري العام الكروي إلى أجل غير مسمى
وهكذا صار سلاح الإلغاء أو التأجيل هو الوسيلة الوحيدة لمواجهة الخوف من
الانفلات الأمني!! في مصر صرنا نعتبر أن هذا هو الحل الأول وربما الوحيد
أمام بوادر الخوف من أي خلل في الانضباط ولهذا تم إلغاء أكثر من تظاهرة
فنية بدأت بالمعرض الدولي للكتاب الذي تصادف تواكب موعده مع بدايات الثورة
فكان الإلغاء مبررا.. ثم مهرجان سينما الأطفال الذي جاء موعد إقامته في شهر
مارس (آذار) الذي كان أيضا من المستحيل المطالبة بإقامته في هذا التوقيت..
ثم أصدر وزير الثقافة عماد أبو غازي قرارا بإلغاء مهرجان المسرح التجريبي
والمهرجان القومي للسينما المصرية، وصار مهرجانا القاهرة والإسكندرية
الدوليان وغيرهما من المهرجانات الفنية والثقافية على المحك!! مهرجان
الإسكندرية السينمائي تعثر سنوات كثيرة من قبل وألغيت حتى الآن 6 من دوراته
على مدى تاريخه لأسباب متعلقة بعدم توفر التمويل المادي.. أما مهرجان
القاهرة السينمائي فلقد تم إلغاؤه فقط في عام 1980 لدورة واحدة بسبب خلافات
نشبت بين وزير الثقافة الأسبق منصور حسن، والجمعية المصرية لكتاب ونقاد
السينما التي كانت تتولى في تلك السنوات من عمر المهرجان مسؤولية إقامته
فتوقف في ذلك العام، لكنه عاد في العام التالي مباشرة، ولم تلغ أي من
دوراته على مدى تاريخه بعد تلك الدورة، خاصة أن مهرجان القاهرة هو الوحيد
في الشرق الأوسط الذي يشرف عليه الاتحاد الدولي للمنتجين، ولا يملك حرية
مطلقة في تأجيل فعالياته أو تغيير موعد إقامته، وينبغي أن يحصل أولا على
موافقة الاتحاد الدولي، ورغم ذلك فإن الموافقة على التأجيل أو الإلغاء ليست
مستحيلة، سبق وأن ألغيت دورة مهرجان «كان» عام 1968 تضامنا مع ثورة الشباب
التي انطلقت من فرنسا حيث رأى منظمو المهرجان أن عليهم إلغاء الاحتفال وظلت
دورة وحيدة سقطت من عمر المهرجان طوال تاريخه.
الأسباب المعلنة في مصر لإلغاء مهرجان القاهرة السينمائي وعلى لسان وزير
الثقافة عماد الدين أبو غازي متعلقة بالأزمة المادية التي تحول دون
التمويل، والحقيقة أن مأزق التمويل هو إحدى أكثر المشكلات التي واجهت
المهرجان على مدى عمره منذ انطلاق أول دوراته عام 1976 ورغم ذلك كان يتم
التغلب على هذه العقبات في ظل ما هو متاح من إمكانيات.. كما أن الاستعانة
برجال الأعمال طوال الدورات السابقة محفوفة بالمخاطر، وكانت كثيرا ما تؤدي
مشاركة رجال الأعمال إلى تفاقم المشكلات بين صاحب رأس المال وإدارة
المهرجان.. أكثر من ذلك فإن المهرجان كثيرا ما عانى في السنوات الأخيرة من
تراجع الممولين عن تنفيذ تعهداتهم بعد الاتفاقات المبدئية التي كان بعضها
قد تم إبرامه معهم إلا أنهم لا يلتزمون!! هل لا يدرك المجلس الأعلى للقوات
المسلحة الذي يتولى حاليا الحكم في مصر أهمية إقامة المهرجان، أم أنه يريد
أن ينتظر انتخاب رئيس مدني للبلاد يتحمل هو المسؤولية في تحديد أولويات
الاهتمام، وبالطبع فإن انتظار انتخاب الرئيس الجديد لا يعني سوى إلغاء كل
الأنشطة الثقافية والفنية طوال 2011.. من الواضح أن إدارة مهرجان القاهرة
استسلمت تماما لما يريده الوزير وهي تميل إلى تأجيل هذه الدورة وتسعى إلى
إقامة جناح باسم مصر في مهرجان «كان» الذي يفتتح يوم 11 مايو (أيار) ورحبت
إدارة المهرجان بتلك المبادرة وفى حالة اتخاذ موقف نهائي بالتأجيل سوف
يتضمن الجناح المصري عددا من الأفلام الروائية القصيرة والتسجيلية التي تم
تصويرها عن ثورة يناير (كانون الثاني). كما أن الدعوة سيتم توجيهها إلى كل
الضيوف الذين سيحضرون إلى مهرجان «كان» وسبق لهم الاشتراك في مهرجان
القاهرة لزيارة الجناح ومشاهدة الأفلام التي تناولت الثورة المصرية.
أما مهرجان الإسكندرية السينمائي حتى الآن لم يحدد مجلس إدارته موقفه
النهائي وكيف يستطيع مواجهة الأزمة، خاصة أنه لا يحقق من خلال العروض
السينمائية إيرادات تمكنه من الإنفاق على فعالياته واعتماده الحقيقي على
الدعم الذي تقره وزارة الثقافة ومحافظة الإسكندرية، وعلى هذا فلا يملك أحد
أن يتحمل مسؤولية إقامته بعيدا عن الدولة، وهكذا فإن القرار الأقرب للتحقيق
هو تأجيل هذه الدورة، إنه المصير الذي ينتظر مهرجان الإسكندرية هذا الصيف..
كذلك مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة لا يمكن إقامته بعيدا
عن الدولة لأنها هي الداعم الرئيسي، بل والوحيد له، ورغم ذلك فإن رئيسه
الناقد علي أبو شادي أكد أنه سوف يقاتل من أجل إقامة المهرجان في موعده
أكتوبر (تشرين الأول) المقبل ولا أحد يدري ما الذي من الممكن أن يفعله إذا
أصرت الدولة على الرفض، خاصة أن المهرجانات ينبغي أن تبدأ في الاتصال بصناع
الأفلام من الآن، ولن يستطيع أن يبدأ الاتصالات إلا بعد موافقة الدولة
ممثلة في وزارة الثقافة!! مهرجانات أخرى غير تابعة مباشرة لوزارة الثقافة
ولكنها تحصل على دعم مباشر مثل مهرجان الأغنية الذي يقام سنويا في
الإسكندرية في شهر سبتمبر (أيلول) مهدد أيضا بالتوقف.. مهرجان القاهرة
للإذاعة والتلفزيون الذي تقيمه وزارة الإعلام بعد إلغاء الوزارة وتقلص
الميزانية التي رصدها المجلس العسكري لاتحاد الإذاعة والتلفزيون أظنها أيضا
لن تسمح بإقامة المهرجان في دورته القادمة التي تحمل رقم 17، ولم يحدث مع
انطلاق المهرجان عام 1995 أن أرجئت إحدى دوراته مهما كانت الأسباب المعلنة،
ولكن التوقيت الزمني لعقد المهرجان الذي يواكب الانتخابات البرلمانية
والرئاسية في مصر أظنه لا يسمح بإقامته.
لا شك أن هناك تناقصا هذا العام في الإنتاج الدرامي على مستوى العالم
العربي الذي كان يصل إلى 70 مسلسلا في رمضان.. الرقم المعلن حتى الآن 30
مسلسلا وربما تلمح دلالة إيجابية مباشرة وهي أن العدد الأكبر من هذه
المسلسلات كان يؤدي إلى تشتت المشاهدين بسبب الكم الكبير الذي يتجاوز ولا
شك قدرة الجمهور على الاستيعاب.. إلا أن الوجه الآخر للصورة هو أن هناك
حالة من التراجع لوكالات الإعلان الداعم الأساسي للمسلسلات وكذلك العدد
الأكبر من الشركات الإنتاجية أرجأت مشاريعها وهذا يعني تخوف رؤوس الأموال
من الرهان على المسلسلات الدرامية فلا يستطيعون المراهنة على ذوق الجمهور
في المرحلة القادمة.. والأمر ليس له علاقة فقط بالدراما المصرية حيث إن
الدراما السورية حتى قبل اندلاع المظاهرات الأخيرة في بعض المدن السورية قد
شهدت تراجعا لارتباطها أيضا بالإنتاج المشترك مع مصر في عدد منها، كما أن
بعض الشركات الخليجية تراجعت عن الدخول كشريك في إنتاج عدد من المسلسلات،
مما أدى إلى مأزق في التوزيع أثر بدوره على الحالة الإنتاجية.. إنها أشبه
بنظرية الأواني المستطرقة، لا شك أن تقليص الإنتاج في بلد بحجم مصر التي
كانت تشكل قرابة 40 في المائة من الإنتاج الدرامي العربي سوف يؤثر سلبا على
الخريطة التلفزيونية، خاصة أن أغلب الإنتاج الدرامي في الأعوام الأخيرة صار
إنتاجا مشتركا مصريا سوريا خليجيا وهكذا حدثت خلخلة في السوق تؤثر على
الأنشطة والمهرجانات الثقافية والفنية في العالم العربي.. وإذا كان مهرجان
القاهرة قد صار على المحك وأغلب الظن أنه سوف يرجئ هذه الدورة، فإن مهرجان
دمشق السينمائي الدولي، الذي أصبح يقام سنويا وتتكفل بإقامته وزارة الثقافة
السورية لا أعتقد أن هناك ما يمكن أن يعوق إقامته هذا العام، خاصة أن سورية
على الجانب السياسي يعنيها بالدرجة الأولى أن تصدر الرسالة إلى العالم بأن
الأحوال مستقرة، ولا يتفق ذلك بالطبع لو تم إلغاء أو تأجيل هذه الدورة..
هذا الأمر غير مطروح داخل الدولة السورية.. أما في تونس، فإن مهرجان «قرطاج»،
هذه الدورة تقام للمسرح، حيث إنه يعقد بالتبادل بين المسرح والسينما وحتى
الآن لم يعلن أحد تأجيل المهرجان، وعلى هذا فإن المهرجان قائم في موعده
نهاية شهر أكتوبر كالعادة، كما أن كل الأنشطة الثقافية مستمرة مع مراعاة أن
تتواءم فقط مع ثورة الياسمين!! الأسباب التي تؤدي عادة إلى إلغاء
المهرجانات الفنية لا أتصورها بالضرورة اقتصادية، هناك عوامل أخرى قاهرة لا
يتم عادة إعلانها، وهي متعلقة بالأمن، خاصة أن إقامة مهرجان ممتد الفعاليات
والأنشطة في أكثر من فندق ودار عرض يحتاج إلى قدرة كبيرة على الضبط والربط
الأمني، والكل يعرف أن الأمن في مصر في أعقاب ثورة يناير لم يعد إلى كامل
قوته وقدرته.. كما أن أحداث المباراة الأخيرة بين فريقي الزمالك والأفريقي
التونسي أكدت حالة الانفلات الأمني، وهو ما يضع الأمر في إطار مأزق آخر
خارج عن إرادة الجميع، لأن الملف الأمني لا يملك رئيس الوزراء أن يتجاوزه،
ورغم ذلك فإن إلغاء التظاهرات الثقافية في هذا التوقيت أراه يحمل ظلالا غير
مطمئنة، لأن علينا أن نقدم رسالة للعالم بعودة مصر إلى حالتها الطبيعية،
وبالتالي فإن التعثر السياحي الذي عانت ولا تزال تعاني منه مصر في أعقاب
الثورة من الممكن أن يحمل تأجيل الأنشطة الثقافية رسالة ملتبسة للعالم تؤثر
سلبا على السياحة وأيضا على الدخل القومي لمصر.. الخيوط تتشابك ولكن ينبغي
ألا يدفع النشاط الثقافي والفني الثمن!!
الشرق الأوسط في
08/04/2011
الفنانون يعانون من الثورات العربية
قائمة سوداء سورية يتصدرها عباس النوري ودريد لحام وجورج
وسوف
بيروت: «الشرق الأوسط»
ليست مصر أم الدنيا في كتب التاريخ فحسب، بل هي كذلك تحديدا بالنسبة إلى
لبنان ونجومه الذين يعتبرون مصر مصدر رزقهم ومركز عملهم الأول، لدرجة أن
جميعهم تقريبا يملكون بيوتا فيها ويعيشون هناك بشكل دائم لمتابعة أعمالهم
بشكل يومي! ورغم أن ثورة 25 يناير (كانون الثاني) فتحت أمام المصريين
مستقبلا جديدا بعيدا عن حكم حسني مبارك الطويل، فإنها لخبطت جميع الأمور
الحياتية بشكل عام والفنية بشكل خاص في البلاد باعتراف أبناء مصر وجميع
العرب، فنانين كانوا أو من عامة الشعب.
ففيلم «365 يوم سعادة» الذي شاركت بالتمثيل فيه لاميتا فرنجية وأخرجه
المخرج اللبناني سعيد الماروق، تأثر شباك تذاكره بالأحداث لأنه نزل إلى
الصالات يوم 25 يناير، فاعتبره البعض وجه خير على المصريين.. إلا أن هذا
الـ«خير» لم يدر أرباحا على منتجي الفيلم والعاملين فيه! وخلال أحداث
الثورة كانت قد عبرت لاميتا عن حزنها وتضايقها لما يحدث مع المصريين، خصوصا
أنها عاشت بينهم وباتت تعتبر نفسها واحدة منهم.
وبسبب الأحداث المصرية تأجل أيضا تصوير مسلسل «الشحرورة» الذي يروي قصة
حياة الشحرورة، صباح، ثم عاد ليستأنف منذ فترة قصيرة.. ويشارك في الفيلم
مجموعة من الممثلين اللبنانيين، على رأسهم كارول سماحة وكارمن لبس! وكانت
كارول التي علقت في مصر، أصرت على البقاء هناك رغم الخطر المحدق بها، ولم
تعد إلى بيروت إلا بعد انفجار الأوضاع، فكارول تعتبر مصر بلدها الثاني.
أما كارمن لبس فأعلنت عن حزنها حينها، وتمنت لو بقيت المظاهرات سلمية دون
أي سرقة ونهب، وتمنت لو أن ما حدث في مصر من انتفاضة، يحدث في لبنان،
مستبعدة ذلك، لأن اللبنانيين لن يحركوا ساكنا حتى لو وصلت «تنكة البنزين»
إلى 50 دولارا «لأننا شاطرون بالنق» وليس أكثر.
أما ورد الخال، الممثلة اللبنانية الشهيرة التي فتحت لها مصر أبوابها على
مصراعيها، وقفت ودعمت صرخة المصريين مقدرة معاناتهم الطويلة ومتطلباتهم،
معبرة عن قلقها من المستقبل المصري.
الممثلون اللبنانيون لم يكونوا وحدهم الذين عانوا من نتائج الثورة المصرية،
بل هذه كانت الحال أيضا بالنسبة إلى مطربي لبنان، فمصر مصدر رزقهم الأساسي
وتوقف الحفلات فيها، لا بد أنه أثر سلبا على مداخيلهم، خصوصا أن الحفلات في
لبنان موسمية ترتبط بالأعياد والمناسبات، بينما الحفلات في مصر تستمر بشكل
أسبوعي، ونجوم لبنان محبوبون ومطلوبون من الـ85 مليون مصري، والبعض منهم
يعتبرون نجوم صف أول في مصر، بينما لم يصنفوا بعد كـClass A
في لبنان، ومنهم إيوان ودوللي شاهين وغيرهما.
نيكول سابا كانت من أولى النجمات اللبنانيات اللواتي تعاطفن مع الشعب
المصري، فأوقفت جميع حفلاتها، ولم تشارك في الـValentine Cruise
في «ميامي» التي أطلقها متعهد الحفلات الشهير يوسف حرب، لأنها وحسبما صرحت
لا تستطيع الغناء والشعب المصري الذي عاشت كواحدة منه لسنوات طويلة ينزف
ويعاني! كما أن الثورة المصرية تسببت في إيقاف تصوير مسلسل «نور مريم» الذي
تلعب بطولته سابا، إلا أن التصوير استؤنف منذ أسبوعين ونيكول وفريق العمل
يجتهدون للحاق بالسباق الرمضاني، حسبما أخبرتنا نيكول في اتصال أجريناه
معها إلى القاهرة.
وفي خضم توقف أعمالهم وحفلاتهم في مصر، عبرت الفنانات اللبنانيات عن
تضامنهن مع المصريين كل منهن على طريقتها، فأطلقت وصورت كارول سماحة أغنية
«مصري أبو دم حامي»، كذلك فعلت نانسي عجرم ونوال الزغبي التي انتظرت هدوء
الأوضاع في مصر لتصوير أغنية «هنا القاهرة» لأنها أبت أن تصورها على طريقة
الـ«Croma»
وأرادت أن تفعل ذلك في الشوارع المصرية رغم فرض حظر التجول.
أما المفاجأة الأكبر فكانت إعلان نجوى كرم عن اختيارها وتحضيرها أغنية
باللهجة اللبنانية للتضامن مع المصريين، رغم الهجوم الكبير الذي شنته، وما
زالت، بعض الأقلام الصحافية المصرية على نجوى كرم، لرفضها الغناء باللهجة
المصرية التي تعتبر أنها ليست ملعبها ولا تتقنها.
وقد صرحت نجوى كرم: «تابعت انطلاق المظاهرات في 25 يناير، ثم اشتعال حركة
الشباب وتجمهر الناس في ميدان التحرير، دون أن يتزحزحوا حتى تتحقق مطالبهم،
وما تعرضوا له من اعتداء بالرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع.. كل ذلك
دفعني للاتصال بالشاعر نزار فرنسيس، وطلبت منه كتابة أغنية عن مصر في أسرع
وقت ممكن، وبالفعل كتب نزار أغنية بعنوان (لأنك أم الدنيا)، ثم لحنها وسام
الأمير»! إلا أن كرم أجلت إطلاق الأغنية ريثما تهدأ الأوضاع المصرية كي لا
يفهم أحد أنها تستغل الأوضاع لاستعطاف المصريين واستمالتهم.
إن سقوط النظام المصري بكافة رموزه، وإن سبب حزنا لكثيرين بسبب توقف
أعمالهم، كان مصدر فرح لكل من اللبنانية رولا سعد والسورية أصالة نصري،
فبسقوط مبارك سقط نقيب الموسيقيين منير الوسيمي، فحل مكانه مجلس إدارة
نقابة المهن الموسيقية الجديد، الذي أقر إلغاء وإبطال جميع قرارات النقيب
السابق الوسيمي، منها منع أصالة ورولا من الغناء في مصر، كلتا الفنانتين
عبرت عن سعادتها بوقف قرار المنع، فقررت أصالة أن تحيي الشباب الثائر
بأغنية من كلمات هشام الجخ، وألحان إيهاب عبد الواحد، وأقامت حفلا جمعها
بأقاربها وأصدقائها في سورية للإعلان عن فرحتها، بينما اعتبرت رولا أن فكرة
الغناء للثورة تم استهلاكها واكتفت بالتصريح: «ما في حد ما بينظلم، ولكن
مهما كنا مظلومين راح يجي يوم وننتصر.. ألف مبروك لمصر».
الثورات لم تنحصر فقط في مصر، فقبلها كانت تونس ومع ثورتها الياسمينية
البيضاء، تأثر فنانون كثر، منهم لطيفة وصابر الرباعي وهند صبري وجورج
وسوف.. فهند صبري وضعت على اللائحة السوداء بسبب توقيعها على كتاب تأييد
للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ورغم أنها أكدت أن الأمر لم يكن بيدها
وأن صهر الرئيس وشقيق ليلى الطرابلسي هو من أجبرها على ذلك، فإن اسمها
وبالتالي جميع أعمالها اللاحقة ستتأثر وسيخاف المنتجون من التعامل معها
بسبب احتمال ألا تقبل الجماهير على أعمالها، فالجمهور لم ولن يرحم كل من
كان له يد في دعم الرئاسات المخلوعة! لطيفة لم تسلم أيضا لأنها غنت للثورة
المصرية ولم تغن لتونس، ما دفع مجموعة كبيرة من الشباب التونسي إلى
المطالبة بمقاطعة جميع أعمالها، متهمين إياها بأنها مصرية أكثر منها
تونسية.
أما سلطان الطرب السوري، جورج وسوف، فكاد يقع هو الآخر في الحفرة بعد تسرب
فيديو له عبر الإنترنت، وهو يحيي حفلا حضرته سيدة تونس الأولى السابقة ليلى
الطرابلسي، حيث حياها وقبل يدها، فقامت الدنيا عليه ولم تقعد وهدد
بالمقاطعة.
ويبدو أن لوسوف «في كل عرس قرصا»، حسب المثل الشعبي الذي يردده اللبنانيون،
فهو أطل الأسبوع الماضي باتصال هاتفي عبر الفضائية السورية وأعلن تأييده
للرئيس السوري بشار الأسد، الأمر الذي لم يعجب الشباب الثائر في سورية.
وسوف ليس الوحيد في هذه المعمعة، فعلى غرار القائمة السوداء التي أعدتها
مجموعة من شباب ثورة 25 يناير في مصر، قام عدد من شباب الثورة في سورية
بنشر «قائمة عار» على الإنترنت تتضمن عددا من المثقفين والصحافيين
والفنانين السوريين المناهضين للثورة وعلى رأس تلك القائمة، الممثل عباس
النوري، الذي سبق أن قال: «لو كان هناك بعض المطالبات فإنها لا تستحق ثورة،
لأنه من السهل تحقيقها بمفاوضات بدلا من إحداث شغب يؤثر في استقرار البلد»،
كما تم وضع اسم الممثل القدير دريد لحام في تلك القائمة، وهو أيضا تعرض
لهجوم حاد من قبل الثوار الليبيين لاستقباله القائد معمر القذافي في بيته،
أثناء زيارة الأخير لسورية.
الشرق الأوسط في
08/04/2011 |