حصد فيلم «أسماء» للنجمة هند صبرى والمخرج عمرو سلامة خمس جوائز
بمهرجان جمعية الفيلم.
وتنافس «أسماء» مع فيلم «الشوق» لخالد الحجر، و«ميكروفون» لأحمد عبد الله،
و»حاوى» لإبراهيم البطوط، و«المسافر» لأحمد ماهر، و«إكس لارج» لشريف عرفة،
و»كف القمر» لخالد يوسف، وذلك بالإضافة إلى عدد من الأفلام التسجيلية
والقصيرة التى تناولت أحداث الثورة المصرية.
واستمرت عروض المهرجان فى الفترة من 3 وحتى 10 مارس الجاري.
وجاءت جوائز أسماء كالتالي:
حصلت بطلته النجمة هند صبرى على جائزة أفضل ممثلة عن دورها بالفيلم.
وحصل المخرج والمؤلف عمرو سلامة على جائزة أفضل سيناريو وجائزة خاصة.
أما الجائزة الرابعة فكانت جائزة أحسن تصوير.
وحصل الفيلم أيضاً على جائزة أفضل عمل أول أو ثان لمخرجه.
وتأتى هذه الجوائز استكمالا لسلسلة الجوائز التى حصل عليها خلال
الفترة الماضية من عدد كبير من المهرجانات، وآخرها جائزة سينما المرأة من
مهرجان «مونز» لأفلام الحب ببلجيكا.
الفيلم بطولة النجمة هند صبرى وماجد الكدوانى وهانى عادل وسيد رجب،
وتأليف وإخراج عمرو سلامة.
وتدور أحداث الفيلم حول امرأة ريفية فى الأربعين من عمرها مصابة
بالإيدز، توفى زوجها بالمرض ذاته أيضا، ويجسد الفيلم معاناتها فى التعايش
مع المرض.
وعن آراء النقاد وصناع السينما فى جوائز المهرجان:
فى البداية تقول الناقدة السينمائية ماجدة موريس: أنا سعيدة جدا بحصول
فيلم « أسماء» على خمس جوائز لانه يستحق ذلك عن جدارة وذلك لأن قصة العمل
كانت فكرة مختلفة وجريئة وتناقش قضية مهمة جدا لم يتم تناولها من قبل بهذه
الجرأة، أيضا الفنانة هند صبرى استطاعت ان تقدم شخصية بمنتهى الحرفية
الشديدة والتلقائية فى التمثيل، فبالفعل هى أبدعت وتستحق هذه الجائزة، أيضا
الجدير بالذكر ان هناك أفلاما دخلت حلبة المنافسة مع فيلم « أسماء» مثل
فيلم «الشوق»، و«ميكروفون»، و«حاوى»، و«المسافر»، و«إكس لارج»، و«كف
القمر»، وهذه الافلام لا تقل أهمية إطلاقا عن فيلم «أسماء» فجميعها أفلام
متميزة للغاية، أيضا فيلم «إكس لارج» للفنان أحمد حلمى كان مميزاً للغاية
ويحمل فكرة مختلفة تماما عما تقدم..
ويؤكد الناقد نادر عدلى على ما قالته مويس قائلا: فيلم «أسماء» يعتبر
من أفضل الافلام التى قدمت فى عام 2011 لان قصته جريئة ومختلفة علاوة على
الإخراج المميز فالمخرج عمرو سلامة أبدع فى هذا الإخراج وأبدع فى التأليف
أيضا، ومن الملاحظ أن الحوار تمت كتابته بحرفية شديدة للغاية، فهو قدم قصة
لم تقدم فى السينما إلا من خلال فيلم واحد وهو فيلم «الحب فى طابا» الذى
كان يحمل طابعاً سياسياً ورسالة واضحة بإنه إذا تم نقل هذا المرض للمصريين
سيكون عن طريق إسرائيل، ولكن قصة «أسماء» مختلفة تماما فتناول من خلاله
نظرة المجتمع لمن تصاب بهذا المرض، والمعالجة الدرامية تناولت اشكالا
متعددة وهذا ما جعله مختلفاً، ولكن أحب ان أشير إلى أن حصود فيلم «أسماء»
على كل هذه الجوائز يتوقف على الافلام التى دخلت المنافسة معه ويتوقف أيضا
على لجنة التحكيم .
ويقول الناقد السينمائى أسامة الشاذلى: فيلم «أسماء» يشكل عملاً فنياً
رائعاً يعوض غياب الفن الحقيقى عن السينما طوال عام 2011، ما بين أفلام دون
المستوى، وأفلام خفيفة تجارية، أما فيلم أسماء فهو فيلم حقيقى يحمل بداخله
قضية غاية فى الإنسانية، أدارها «سلامة» ككاتب بطريقة سلسة وبعناية شديدة
بالتفاصيل الخاصة، قبل أن يديرها مخرجاً بكاميرا شديدة الحساسية ليستقر
المعنى فى روح المشاهد.
السيناريو المكتوب عن إحدى مريضات الإيدز والمستوحى من قصة حقيقية
سيناريو رائع يعيبه فقط اضطرار بطلة الفيلم إلى كشف كيفية إصابتها بالمرض
وهو ما لم يحتاجه الفيلم ولا المشاهد وكان سيصل برسالة الفيلم إلى معناها
الحقيقى فى حق المريض فى العلاج دون أى جوانب أخلاقية، ولكن السيناريو يبدو
مترابطاً وينتقل زمنياً بين الماضى والحاضر بطريقة مدهشة لا تزعج المتفرج،
ويتخللها الحلقات العلاجية التى تم تصويرها بطريقة خاصة أعطت معنى أعمق
للصورة، ويجرنا هذا إلى المخرج عمرو سلامة والذى قفز درجات عديدة من السلم
بعد فيلمه الأول «زى النهاردة»، والذى صنع فيلماً كاملاً سينمائياً كمخرج،
يستحق عليه الإشادة والتقدير، خاصة ذلك الهارمونى الرائع بين أداء
الممثلين، وإيقاع الفيلم الذى كان يحتاج إلى عناية خاصة حتى لا يسقط فى فخ
الرتابة وهو ما نفذه عمرو بحرفية عالية،أما عن التمثيل فحدث ولا حرج، هند
صبرى فقدت قدرتها تماماً على مفاجأتنا، دائماً تؤدى بنفس الروعة، ممثلة
مبهرة، حملت عيناها طوال الفيلم إحساساً موجعاً للمشاهد، تفوقت على نفسها
وأهدتنا «أسماء»، ماجد الكدوانى أحسن ممثل مصرى فى الوقت الحاضر، يعيد
اكتشاف نفسه فى تأكيد لما قدمه من قبل فى فيلم «678» فى العام الماضى ليمضى
فى طريق حفر اسمه كأحد أفضل نجوم السينما العربية.
فيلم «أسماء» فيلم يستحق الجوائز عن جداره، لانه فيلم يعيد للسينما
المصرية ذلك الأمل الذى صنعه أفلام مثل «ميكروفون»، «678»، «بنتين من مصر»،
العام الماضى فى أن نملك سينما حقيقية.
ويقول السيناريست محمد حفظى: فيلم «أسماء»، رغم المصاعب المحيطة به
والهجوم الذى واجهه، إلا انه يعد «من أهم الأفلام فى السينما المصرية فى
الفترة الأخيرة»، ولذلك فهو يستحق ان يحصد الجوائز عن جدارة ليس فقط فى
مهرجان جمعية الفيلم ولكن أتوقع له ان يحصد جوائز جميع المهرجانات.
والذى لم يعرفه كثيرون أن بطلة القصة الحقيقية توفيت على خلفية مرضها
وسوء الرعاية، وسبق أن رفضت الظهور فى برنامج تيلفزيونى، على عكس أسماء
التى رفضت أن تخضع للمجتمع وتحدته بالظهور.
و قد يبدو الفيلم للوهلة الاولى فيلم توعية، إلا أنه يطرح مشكلة امراض
المجتمع من خلال مرض الفرد ثم يقوم بتعميم الفكرة.
أكتوبر المصرية في
18/03/2012
«جون إدجار»..
عن الرجال الذين يبتلعون المؤسسات !
محمود عبدالشكور
يمكن اعتبار الفيلم الأمريكى المهم «J.
Edgar» الذى قام ببطولته «ليوناردو ديكابريو» وأخرجه «كلينت ايستوود» عملاً
مُنحازاً تماماً لعرض وجهة نظر «جون إدجار هوفر» - المدير الأسطورى، ومؤسس
مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكى، الذى استمر فى منصبه حتى وفاته
مُعاصرا لثمانية من رؤساء أمريكا، ولكن الفيلم يحاول أن يناقش ما هو بعد من
وجهة نظر «هوفر» ليتطرق إلى بناء النظام القضائى والسياسى الأمريكى، يناقش
أيضاً فكرة الأمن والقانون، ويطرح الفرد فى مقابل المؤسسة لينتهى إلى
الانتصار للفرد رغم أنّ «هوفر» يقول فى الفيلم إن الفرد والمؤسسة يتبادلان
التأثير والتأثر فيما يتعلق بالسُمعة والإنجاز المهنى، وفى كل الأحوال نحن
أمام فيلم جدير بالجدل والنقاش، كما أنه عمل رفيع المستوى ودسم للغاية
فنياً وسياسياً.
يتحرك السرد فى الفيلم ما بين لحظات قيام إدجار هوفر وهو فى مرحلة
متقدمة من العمر فى الستينيات بإملاء مذكراته حول قصة تأسيس مكتب التحقيقات
الفيدرالية، ومنذ اللحظة الأولى يعلن «هوفر» الحرب على الشيوعية ويصفها
بأنها مرض، ومع إملاء كل فقرة تعود إلى الماضى مُتتبعين نقاطاً مهمة فى
مسيرة «هوفر» المهنية والخاصة والسياسية، فمن شاب يعمل فى مكتب النائب
العام 1919، إلى مُشارك فى مطاردةً الجماعات الشيوعية الأمريكية متجاوزاً
فى ذلك القانون الذى لم يكن يسمح لأعضاء الضبطية القضائية بحمل السلاح، إلى
اختيار ليكون مُديراً للمكتب ليغير تماماً معايير الاختيار لتكون الكفاءة
أولاً، ثم تأسيس «هوفر» لطريقة الملفات الجنائية التى تستخدم بصمات
الأصابع، واستعراض تفصيلى لتحقيقات إختطاف وقتل ابن «ليندنبرج» ودور هوفر
فى كشف المختطف والقاتل وتقديمه للمحاكمة، وإنشاء معامل جنائية حديثة،
والاعتماد على المعلومات والعلم للوصول إلى القتلة، ومطاردة رجال العصابات
الشهيرة مثل «آل كابونى»، وتحوُّل مكتب التحقيقات إلى مؤسسة ضخمة قوية
تمتلك ملفات لكل السياسيين، ثم تضخم شخصية «هوفر» نفسه واستخدامة للدعاية
بكل الوسائل بما فى ذلك مجلات الأطفال المصورة، وابتزازه للرؤساء
الأمريكيين بتهديدهم وكشف فضائحهم المسجّلة لإطلاق يده فى تجاوز القانون مع
مَنْ يعتقد أنهم شيوعيون أو رجال الجريمة المنظمة. وفى سياق رسم ملامح
الجانب المهنى يتطرق الفيلم بصراحة إلى علاقه «هوفر» الشاذة مع مساعده
الأول وصديق عمره «كلاين تونسون»، وعلاقته الخاصة بأمه التى لعبت دورها
باقتدار النجمة البريطانية «جودى دِنْسن». لم تكن لـ «هوفر» حياة اجتماعية
ناجحة، وينحاز الفيلم إليه تماماً باعتباره الرجل الذى أنقذ أمريكا مع بعض
الاشارات إلى أكاذيبه حول تضخيم دوره فى كشف الجرائم، ولكن يظل العمل
بأكمله منحازاً إلى فكرتين هما أن أمريكا مُهددة دائماً، وأن مكتب
التحقيقات الفيدرالية - مع بعض التجاوزات - هو الذى يحقق لها الأمن
مُستلهما القيم الأمريكية فى المبادرة الفردية، ومعتبراً الأمن يَسبق
القانون!!
قد لا نتفق على الإطلاق مع هذه النظرة التى انتهت بإدانة «هوفر»
بانتهاك الحريات المدنية المقدسة فى أمريكا، وقد نأخذ على السيناريو تجاهل
تقصير مكتب التحقيقات فى اغتيال «كيندى» وفى اغتيال «مارتن لوتر كينج»،
ولكننا أمام فيلم مهم جداً يؤدى فيه ليوناردو دى كابريو أحد أفضل أدواره
تحت قيادة مخرج كبير هو «استوود»، وهناك أيضاً أداء مميز جداً للمثل «أرمى
هامر» فى دور «كلايد» وناعومى واتس فى دور السكرتيرة الوفية «هيلين جاندى».
أكتوبر المصرية في
18/03/2012
السينما والثـورة... يا مولاى كما خلقتنى
محمد رفعت
فيما عدا استثناءات قليلة لمخرجين وأفلام انحازت للشعب وحرضت على
الثورة منذ فيلم «لاشين» عام 1938، ومرورا بأفلام صلاح أبو سيف ويوسف شاهين
وكمال الشيخ وحسين كمال وتوفيق صالح وعلى بدرخان، ثم جيل الواقعية الجديدة
محمد خان وداود عبدالسيد وخيرى بشارة والمخرج الثائر عاطف الطيب، وحتى
أفلام خالد يوسف، فقد كانت السينما المصرية دائما فى خدمة السلطة، وظل صناع
السينما قبل ثورة يوليو 52 يرسخون للوضع القائم، ويعالجون قضية استئثار فئة
قليلة من الناس بمعظم ثروات البلاد بقدر كبير من السطحية وبقصص حب ساذجة
تنتهى بزواج ابن الأكابر من الفتاة الفقيرة التى يقع فى حبها ويتحدى أهله
الباشوات من أجلها.. ويا دار ما دخلك شر، فيما عدا استثناءات قليلة كما قلت
ومن بينها طبعا الفيلم الثورى الرائد «السوق السوداء» للمخرج كامل
التلمسانى.
أما بعد ثورة يوليو فقد قدم الكثير من المخرجين- وبعضهم كانوا ضباطا
سابقين- عددا كبيرا من الأفلام يبشرون فيها بجيل الثوار الجدد ويشوهون صورة
باشوات ما قبل الثورة من خلال أعمال سينمائية من أشهرها فيلم «رد قلبى» قصة
الضابط يوسف السباعى وإخراج الضابط عز الدين ذوالفقار، ومجموعة الأفلام
التى تفضح دور عملاء السراى و«البوليس السياسى» الاسم القديم لجهاز «أمن
الدولة» مثل «غروب وشروق» قصة اللواء جمال حماد، و«فى بيتنا رجل» لإحسان
عبدالقدوس، «لا وقت للحب» بطولة رشدى أباظة وفاتن حمامة وقصة الدكتور يوسف
إدريس، و«الأرض» ليوسف شاهين، وغيرها من الأعمال السينمائية التى تجاهلت كل
الإنجازات التى حققتها مصر ما قبل الثورة ومن بينها الحياة النيابية الحرة
والتعددية الحزبية الحقيقية والليبرالية الواعدة والاقتصاد المصرى القوى،
والأهم وحدة التراب الوطنى الذى احتل جزءًا عزيزاً منه فى حرب 67.
ولم يختلف الحال كثيرا بعد وفاة الزعيم جمال عبدالناصر وتولى الرئيس
الراحل أنور السادات للحكم، فقد فاجأتنا السينما بسيل من الأفلام التى تدين
عهد عبدالناصر وتصفه بأنه عهد ظلامى بوليسى امتلأت فيه السجون بالأبرياء
والأحرار، ومن أشهر هذه الأفلام «الكرنك» للمخرج على بدرخان، و«احنا بتوع
الأتوبيس» المأخوذ عن قصة للكاتب الصحفى الراحل جلال الدين الحمامصى.
ورغم أن الرئيس السابق حسنى مبارك لم يختلف كثيرا فى سياساته عن
السادات، وخاصة فيما يتعلق بانتهاج سياسة الانفتاح الاقتصادى وتسليم البلاد
والعباد لرجال الأعمال والدوران فى فلك السياسة الأمريكية، فإنه قرر هو
الآخر منذ البداية أن يمشى على خطى سلفه «بالأستيكة»، وهو ما استشفه بعض
صناع السينما من تصريحاته وتصرفاته فقدموا سلسلة أخرى من الأفلام التى تسىء
للسادات ونظامه مثل «الغول» لسمير سيف ووحيد حامد، وكل ما فعله المخرجون
ومنتجو السينما الرخيصة بعد الثورة أنهم ابتذلوا الحدث الكبير فى أفكار
تافهة، كان أبشعها فيلمان من تأليف وبطولة ممثلان كوميديان، حاول الأول
المصالحة مع الثوار، وهو طلعت زكريا فى فيلم «الفيل فى المنديل»، فقاطع
الناس الفيلم وتذيل الايرادات، وحاول الثانى الخروج من أسر شخصية «اللمبي»
وهو محمد سعد، فقدم أسوأ أفلامه على الاطلاق مستغلا الثورة فى «إفيهات»
بايخة الصيف الماضى، وبعد أن ضاعت البوصلة من الجميع، ودخلنا فى مرحلة
الانفلات ومؤامرات الطرف الثالث، وقفت السينما تتفرج كعادتها على الثورة
وهى تضيع دون أن تقدم رؤية فنية للواقع أو المستقبل، باستثناء فيلم وحيد
وهو الفيلم التسجيلى «الطيب والشرس والقبيح..تحرير 2011»، ولولاه لخرجت
السينما المصرية من الثورة ..يا مولاى كما خلقتنى.!
أكتوبر المصرية في
18/03/2012
نيويورك الماضي وروسيا الحاضر في جديد الصالات
أمستردام – محمد موسى
بعد شهرين تقريبا على غياب شبه كامل للأفلام التسجيلية عن برمجة صالات
السينما في عدة دول اوربية، وخاصة بريطانيا، هولندا وبلجيكا، تعود صالات
فنية في هذه الدول، و منذ بداية شهر مارس الجاري، بعرض مجموعة جديدة من
الافلام التسجيلية، والتي يعود تاريخ انتاج بعضها الى بدايات العام الماضي،
بل إن أحدها ( أطفال للمخرج الفرنسي توماس بالميس) هو من انتاج عام 2010.
فيما غابت الافلام التسجيلية التي تعبر الحدود لتعرض في الوقت نفسه بعدة
دول اوربية، باستثناء فيلم الابعاد الثلاث ( بينا) للمخرج الالماني المعروف
فيم فيندرز، والذي لازال يعرض بعدة دول اوربية وفي صالات مجهزة بامكانية
المشاهدة بنظام الابعاد الثلاث.
والمعروف إن برمجة الافلام التسجيلية في الصالات الاوربية لا يشبه تلك
التي تخضع لها الافلام الروائية الطويلة، فالاولى، التي تنافس على مساحة
صغيرة فقط ضمن برمجة الصالات الفنية، المحدودة العدد اصلا، تخضع كثيرا
لسياسية الصالات المحلية، وتفاعلها مع جمهورها المحدود، لذلك تحظى الافلام
التسجيلية ذات المواضيع المحلية على مساحة عرض دائمة، كذلك تهتم تلك
الصالات بافلام السيرة الذاتية، او تلك التي تتناول سيرة فرق موسيقية،
كالتي يقدمها فيلم
(Beats Rhymes & Life: The Travels of a Tribe Called Quest)
للمخرج مايكل رابابورت، عن فرقة "قبيلة تدعى بحث" لموسيقى الهب هوب
الامريكية، والذي يعرض حاليا في عدة صالات سينمائية هولندية.
والالفت ان برمجة الافلام التسجيلية وسياسات توزيعها الاوربية لا
تستجيب سريعا للاهتمام الاعلامي والشعبي الذي يسلط احيانا على السينما
التسجيلية، فجميع الافلام التي نافست على جائزة الاوسكار في فئة الافلام
التسجيلية لهذا العام، لم تعرض في الصالات الاوربية بعد، باستثناء فيلم (
بينا). في الوقت الذي قامت صالات اوربية عديدة باعادة عرض الفيلم الروائي(
الانفصال) للايراني أصغر فرهادي، والذي عرض في تلك الصالات في العام
الماضي، بعد فوزه بجائزة افضل فيلم اجنبي في الدورة الرابعة والثمانين من
جوائز الاوسكار التي وزعت في السادس والعشرين من شهر فبراير الماضي.
نيويورك مدينة الحالمين والفنانين والتي لم يبقى منها شيء
من الافلام التي بدأ عرضها في بريطانيا مؤخرا، الفيلم التسجيلي
الامريكي (المدينة الفارغة) للمخرجة الامريكية سيلين دانهير، والذي يعود
الى فترة بدايات السبعينات من القرن الماضي، ليركز على الحركة الفنية التي
بدأت في التنامي في مدينة نيويورك، وخاصة الافلام السينمائية التجريبة التي
ظهرت في تلك السنوات، كاستجابة للتغييرات التي جلبتها معها سنوات الستينات
الثورية، وايضا تاثرا بموجة السينما الجديدة في فرنسا، والتي ألهمت مخرجين،
موسيقين، وفنانين، لانجاز افلامهم الخاصة، التي صورت بكاميرات 8 ملم في
شوارع المدينة ومواقع طبيعة اخرى، مبتعدة بالكامل عن نفوذ القصة والسرد
التقليدي.
تمكن المخرج من انجاز عديد من المقابلات مع كثير من وجوه تلك السنوات
الفنية. من الذين تحدثوا لكاميرا الفيلم، المخرج الامريكي المستقل المعروف
جيم جارموش، والذي خرج من رحم عناد وتجريب تلك السنوات، وايضا من جمعيات
الفنانين الذين تعاضدوا من اجل سينما شديدة الخصوصية، بعيدا عن راس المال
التقليدي، فمعظم الاموال صورت بما يشبه المعجزات الصغيرة، بغياب اي
امكانيات فعلية، باستثناء كاميرات ومواد خامة يتم سرقتها احيانا من المحلات
من قبل صانعيها أنفسهم، والذين كانوا يخرجون الى شوراع مدينة نيويورك
لتصوير اعمالهم، ليعرضوها بعد ذلك في بيوتهم الخاصة، داعين رفاقهم
لمشاهدتها. هذا قبل ان يصل بعضها في وقت لاحق الى صالات فنية محدودة في
مدينة نيويورك.
باستثناء جيم جارموش لم يستطع اغلب مخرجو تلك الفترة في الاستمرار في
الوقوف خلف الكاميرات، ولم تتكمن الحركة السينمائية بمجملها من تاسيس موجة
او تقاليد سينمائية مؤثرة، حتى ضمن السينما الامريكية المستقلة الامريكية،
لكن هذا لم يكن ابدا على بال الذين اشتغلوا في تلك الاعمال التجريبة وقتها
، اذ اختاروا منذ البداية ان يبتدعوا عن وصف "موجة" او "اتجاه" ، فالسينما
كانت لمعظم الذين اشتغلوا بها في تلك السنوات، واحدة من ادوات التعبير عن
حراك تلك السنوات الثري، فالذين وقفوا خلف الكاميرات في الشوراع الخلفية
لمدينة نيويورك، جربوا ايضا في تاليف وغناء الموسيقى السوداوية، والفن
التشكيلي ايضا.
يوفر الفيلم صور ومشاهد رائعة لمدينة نيويورك في تلك السنوات. المدينة
التي زحفت اليها اموال شارع البورصات المعروف لتغيرها بشكل حاسم، من المكان
الذي كانت تنطلق منه الاتجهات الفنية الحديثة، الى مدينة لرجال الاعمال
الشباب، الذين حلو بدل فنانينها وادبائها، وغيروا في النهاية وجه المدينة
الاستثنائي.
لذلك يمكن اعتبار الفيلم تحية الى نيويورك، المدينة الامريكية
المتلاشية، باستعادتة تلك المشاهد التي سجلتها كاميرات مخرجين ومخرجات
شباب، قدموا الى تلك المدينة، هاربين من تحفظ مدنهم الامريكية الاخرى،
متوزعين على بنايات متهالكة، باحثين في المدينة، التي كانت تقترب من اعلان
افلاسها، عن فهم جديد للعالم، يمثل الفن عصبه الاساس.
الشاب الثري الذي تحدى الرئيس الروسي بوتين
لا يخفى ان توقيت عرض فيلم (خودوركوفسكي) في الصالات البريطانية له
علاقة بالانتخابات الروسية، خاصة ان شخصيتا الفيلم الاساسيتين مازالا
تهيمنان على الاهتمام في روسيا، فاحداهما هو الرئيس القوي بوتين، والذي
يريد ان يرجع الى قلب السياسية الروسية كرئيس جديد للبلاد وبعد سنوات من
الاكتفاء بادارتها من الكواليس، والآخر يقبع في سجن بارد في سيبيريا
البعيدة، معزولا بشكل كبير عن العالم.
يستعيد الفيلم قصة الروسي " ميخائيل خودوركوفسكي "، وصعودة الالفت، من
شاب مشغول بحياة واحلام عادية، الى واحد من أغنى اثرياء العالم، من الذين
لم يتعدوا الاربعين من العمر، وحسب احصائية نشرت في عام 2004 . لكن تطلعات
ميخائيل خودوركوفسكي الاخرى، دفعته سريعا الى مواجهة مع الرئيس الروسي
بوتين، لتقذف به الى السجن، والذي لازال يقضي عقوبات فيه بتهمة التلاعب
الضرائب، وهي التهمة التي يراها كثير من الروس بانها "لفقت" له لابعاده عن
السياسية، التي بدأت تجذب الثري الروسي الشاب، والذي تحدى الرئيس الروسي
بوتين في لقاء تلفزيوني شهير، اثار وقتها كثير من الاهتمام في روسيا.
يحاول المخرج الالماني سيريل توسشي إعادة ترتيب حكاية ميخائيل
خودوركوفسكي، من طفولته وحتى اليوم، فيذهب الى روسيا، التي يتلقى فيها
تحذيرات بانه قد يدفع حياته اذا فتح ملف الثري الروسي الشائك، لكنه ينجح في
مقابلة زملاء دراسة لخودوركوفسكي، والدته، زوجته السابقة، وابنه الذي يعيش
في الولايات المتحدة الامريكية، والذي لا يجروء على العودة الى زيارة والده
في السجن. كما سيأخذ التحقيق التسجيلي القوي المخرج الى بريطانيا، اسرائيل،
الولايات المتحدة الامريكية، المانيا، لتعقب اثرياء روس، هربوا من البلد،
بعد ان تم القبض على خودوركوفسكي في عام 2003.
رغم محاولات ضيوف الفيلم شرح الظرف التاريخي الذي حول خودوركوفسكي الى
واحد من اكثر اثرياء العالم في غضون سنوات قليلة فقط، الا انه لم ينجح في
مسعاه تماما، فهو، اي الفيلم، اعاد تقديم المعلومات نفسها، عن تلك السنوات،
عندما قام الاتحاد السوفيتي ببيع اصول شركات النفط الى روس عاديين،
ليتحولوا خلال سنوات قليلة، وبسبب ارتفاع النفط الى اثرياء روسيا الجدد،
لكن الشيء الذي ينجح الفيلم في تفسيره، لماذا تم البيع الى هذه المجموعة من
الروس بالتحديد ؟ وكيف وقع الاختيار عليهم ؟ وما هي طبيعة الاتفاقات التي
تمت وقتها؟
عندما يصل الفيلم الى حادثة اعتقال خودوركوفسكي، عندما كان يستعد
للسفر في طائرته الخاصة، قبل ان تهاجمة قوة روسية امنية خاصة، يستعين
بالتحريك القاتم، والذي يذكر بالفيلم الاسرائيلي (الرقص مع بشير)، والذي هو
الآخر يعيد تجسيد وقائع حقيقية حدثت في حرب لبنان وأثناء اجتياح القوات
الاسرائيلية لها في عام 1982. هذا التحريك، والذي سيعود مرات قليلة في فيلم
(خودوركوفسكي)، لن يكون تكمله عادية للروايات التي نسمعها على الشاشة فقط،
بل سيمنح قصة خودوركوفسكي كثير من القسوة والسوداوية، كما لم تفعل اي من
شهادات الذين عرفوا الثري الروسي، وحتى شهادة والدته او ابنه.
يضع الفيلم هدفا للمشروع التحقيقي بلقاء خودوركوفسكي نفسه، والذي يتم
في نهاية الفيلم، لكنه، اي اللقاء، سيكون عاديا كثيرا، بسبب الظروف الامنية
التي تم فيها، حيث كان خودوركوفسكي يتحدث من خلف زجاج متين، ومحاط بالحراس.
في رده على سؤال المخرج، عن وقته في السجن وكيف يقضيه، يرد الثري الروسي
بان مشغول بالكامل بمراجعة ملف القضية، للعمل على اعادة فتحها من جديد.
لكنها عندما تفتح من جديد في نهاية عام 2011، وبعد ان انهى المخرج الالماني
تصوير فيلمه، لا تفضي الى اي نتائج جديدة، فخودوركوفسكي سيرسل الى عقوبة
جديدة في السجن السيبيري، وبعيدا جدا عن موسكو والرئيس بوتين.
الجزيرة الوثائقية في
18/03/2012
افتتاح قاعة شندرلي و انطلاق بانوراما الوثائقية
ضاويـة خلـيفـة – تلمسان
تم نهاية الأسبوع الماضي بولاية تلمسان افتتاح سينماتيك ''جمال الدين
شندرلي''أو ''الكوليزي'' سابقا، حيث تم تجديدها و تجهيزها بأحدث المعدات و
التقنيات بطاقة استيعاب تقدر ب 600 مقعد، بعدما ظلت مهملة لمدة تقارب عشرين
سنة، و بذا تكون ولاية تلمسان قد تعززت بصرح ثقافي أخر وجديد يضاف إلى
سلسلة القاعات السينمائية و الانجازات التي تدعمت بها الولاية في إطار
تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية التي ستختم شهر ابريل المقبل.
افتتاح قاعة سينما ''جمال الدين شندرلي'' تميز بحضور عدد كبير من
الممثلين، المخرجين والسينمائيين كبن عمر بختي، بهية راشدي، فريدة
صابونجي،محمد عجايمي، لمين مرباح، غوثي بن ددوش، و كذا بعض المسؤولين في
مقدمتهم عبد الحميد بلبليدية المنسق العام للتظاهرة و رابح حمدي المفتش
العام لوزارة الثقافة و ممثل وزيرة القطاع خليدة تومي، الذي أكد في الكلمة
التي ألقاها بالمناسبة، أن افتتاح سينماتيك شندرلي هو بمثابة استثمار في
الثقافة الجزائرية، يضاف إلى مجمل المشاريع والانجازات التي استفادت منها
تلمسان مؤخرا، معتبرا أن هذا الصرح الثقافي الذي يحمل اسم أحد أيقونات
السينما الجزائرية سيساهم في دفع عجلة المشهد السينمائي و إبراز دور
التنمية الثقافية في عملية التشييد الكامل و الشامل للبلاد.
من جهته أشاد ''حكيم ميلود'' مدير الثقافة لولاية تلمسان بالجهود التي
بدلتها وزارة الثقافة لاستعادة بعض القاعات و إعادة هيكلة قاعة شندرلي التي
كلفت خزينة الدولة 12 مليار سنتيم، في انتظار استلام قاعتين جديدتين و
يتعلق الأمر بقاعة ''إفريقيا'' و ''لوراست''، معتبرا أن مثل هذه الهياكل
والمنشآت ستسهل على الجميع عملية ترويج الثقافة و الفن الجزائري، و ستسمح
للمبدع السينمائي بالترويج لإنتاجه، و من شأنها أيضا الإسهام في استعادة
السينما الجزائرية لبريقها كما كانت عليه في الستينات و السبعينات من القرن
الماضي.
شندرلي قامة سينمائية و روائع ببصمة وطنية
وكما كان مبرمجا عقب الافتتاح الرسمي تم عرض ثلاث أفلام للمخرج
السينمائي الراحل جمال الدين شندرلي، حيث استمتع الجمهور بفيلم
''جزائرنا''، ''صوت الشعب''، و ''ياسمينة''، أعمال تشترك كلها في دفاع
شندرلي المجاهد و السينمائي عن الثورة الجزائرية إذ يعتبر من الفنانين
الذين حملوا الهم الوطني و أرادوا تصدير صور متعددة عن الثورة الجزائرية
بلغة سينمائية راقية جعلت منه اسما سينمائيا كبيرا.
إعادة تسمية سينما كوليزي باسم السينمائي المناضل جمال الدين شندرلي،
خطوة جاءت لتحارب ثقافة النسيان، و مبادرة أشاد و نوه بها جموع الفنانين
الحاضرين و الجماهير التي لم تخلف الموعد، ومن لا يعرف هذه القامة الفنية
سنعّرف بها من خلال أعمالها السينمائية، فشندرلي الذي اتخذ من السينما و
الكاميرا وسيلة للتعريف بالثورة الجزائرية في الخارج و التأكيد على شرعية
نضال ابناءها، يعد أول من أنتج صورا من داخل البلاد عن الكفاح المسلح للشعب
الجزائري إبان الثورة التحريرية، و لهذا اختارته الحكومة الجزائرية المؤقتة
سنة 1957 ضمن فريقها، ليروج للثورة من بوابة الإعلام، و هذا يعكس ثقل هذا
المجاهد و السينمائي في مسار الثورة التحريرية، فقد جمعه العمل المسلح
بكبار السينمائيين الذين شغلهم وجمعهم هم واحد وهو استقلال البلاد و تحرير
العباد، "كمحمد لخضر حمينة" و "بيار كلارمون" الذي أنجز و إياه فيلما
وثائقيا بعنوان "لاجئون جزائريون"، و السجل السينمائي يحتفظ برصيد هام و
كبير للسينمائي و المصور الفوتوغرافي جمال الدين شندرلي ك"بنادق الحرية"،
"جزائر وسط النيران''، "أمة الجزائر".
وثائقيات تلمسان في بانوراما السينما الجزائرية
ويأتي تدشين سينماتيك ''جمال الدين شندرلي'' تزامنا و افتتاح بانوراما
السينما الجزائرية التي سيتم خلالها عرض ثلاثين فيلما من مجموع أربعين
وثائقيا منجز في إطار تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية، فالأعمال الثلاثين
تتناول جوانب مختلفة من تاريخ، أعلام و تراث تلمسان، فقد حاول أصحابها
التعريف بالإرث الثقافي و البعد الديني و كذا الوجه الحضاري للمنطقة، و
تسليط الضوء على الانجازات التاريخية والذاكرة الشعبية الجماعية، و ستدخل
المنافسة الرسمية للبانوراما الأفلام التالية: "عبد المؤمن بن علي الكومي"
لجمال بن صابر، "مساجد تلمسان في عهد المرابطين ومن بعدهم" لكمال بوعلام،
"الشيخ سيدي محمد السنوسي" للمين مرباح، "الشيخ عبد الكريم المغيلي" للعربي
لكحل، "حلم النسور" لمحمد حازورلي، "المساجد والزوايا والأضرحة" لحسين
نازف، "تلمسان تقاوم" لعمار عراب، "أسرار أبواب تلمسان" لأحمد عطاطفة، "دار
الحديث فضاء علم و عبادة" لسعيد عولمي، "بستان تلمسان" لحفيظ صالح، "الشيخ
عبد الكريم دالي" لبن نوار بكار، "تلمسان الشجرة الطيبة" لرابح لعراجي،
"سيدي بومدين شعيب الغوث" ليحي مزاحم، " الشيخ قدور بن عاشور" لنزيم قايدي،
"الحاجة لالة مغنية" لمصطفى حسيني، "القوال" لبوعلام عيساوي، "تلمسان معالم
وميراث" لسعيد مهداوي، "حصار تلمسان" للطيب شريف صديق ، "تلمسان نوبة
الأندلس" لشريف عقون، "العالم وفق ديب" لجيلالي خلاص، "تلمسان المدينة
العتيقة" لمهمل عماروش، "على خطى الشيخة طيطمة" لمينة كسار، "تلمسان المسجد
الكبير" لمحمد حويدق، "الشيخ سيدي محمد بلقايد" للحاج أحمد منصوري، "مزاهر
عالمات ومجاهدات" لنور الدين بن عمار، "تلمسان - بجاية علاقات ثنائية
عميقة" لبن عمار بختي، "عندما أصبحنا غرباء في بلادنا" لمريم حميدات، "ابن
خلدون" لشرقي خروبي، "مصير راع" وهو فيلم ثان عن شخصية سيدي بومدين الغوث
لعبد الرحمن بن عروس.
وستقيم لجنة التحكيم المكونة من مخرجين سينمائيين و مؤرخين أفلام
البانوراما لتتوج أفضلها بجائزة ''أحسن فيلم وثائقي''، ''أحسن تكييف للنص و
البحث التاريخي"، و ''أحسن إعادة تركيب تاريخي''.
الجزيرة الوثائقية في
18/03/2012 |