دورياً، صاحبت صعود الرأسمالية كمرحلة تاريخية من تطور المجتمعات
الصناعية، على وجه التحديد، أزمات مالية سميت ب"الدورية" لإنتظام حدوثها في
فترات زمنية متقاربة نسبياً، تُسبب كنتيجة موضوعية لها، بموجات هجرة بشرية،
حجمها على الدوام يتناسب طردياً مع شدتها. ومع التَغَيُر الحاصل اليوم في
شكل العلاقات الإقتصادية وإكتسابها طابعاً كونياً (غلوبال)، طُبعت الهجرة
بذات الطابع، فلم تعد محصورة فقط في المنطقة المتأثرة بها، بل إمتدت الى
العالم كله كما رأينا في الأزمة المالية المعاصرة، والتي عُنيت بها السينما
الوثائقية موضوعياً بوصفها فناً لصيقاً بالحياة وقضاياها. وفي الدورة
الرابعة عشر لمهرجان تسالونيكي للأفلام الوثائقية تجلت الظاهرتين بوضوح
لكثرة الأفلام المتناولة لها كَون الهجرة في عمومها ذات صلة وثيقة، لا
بالفقر والحاجة الإقتصادية، فحسب، بل وأيضاً بالأزمات السياسية والحروب
والمجاعات، في حين غَلب الطابع المحلي للمشكلات الإقتصادية على كثير من
أفلام الدورة خاصة واليونان البلد المُنَظم للمهرجان كان ومن بين أكثر دول
العالم تأثرا بها. ولكثرتها أعطت الأفلام التي رصد حالات القمع السلطوي
والعسف السياسي تصوراً جلياً عن طغيان الظلم في عالمنا وتشابه سلوك
الدكتاتوريات في كل مكان.
"الغاضبون"
يتحدون
قوة إلتِحام الظاهرتين في الواقع نجدها في فيلم الفرنسي توني غاتليف
"الغاضبون" الذي جمع فيه الروائي والوثائقي في تناغم داخلي رائع. قوة
مقاربة الواقع، من توثيق للمظاهرات والإحتجاجات في سوح مدن أوربية كثيرة،
هي من أكسبته هويته الوثائقية وبسببها أيضاً قد تثار أسئلة حول الحدود
الفاصلة بين الجنسين فيما يُبَيّن الشريط بكامله مقدار سعة التخوم التي يقف
عندها ال"دوكودراما" وكيف يَقدر مخرج مُهم مثل صاحب التحفة السينمائية
"جاديو ديلو" أن يُداخلها دون إشعار متفرجه بنوع الفيلم الذي يشاهده.
اقتبس غاتليف أفكار فيلمه من كتاب ستيفان هسيل "إغضبوا" وكان يقدم بعض
أفكاره الثورية عبر جمل يضيفها على الشاشة لتُشبع معاني بعض مشاهد فيلمه،
التي توزعت أماكن تفاعل وجود بطلته الأفريقية "بيتي" في عدة دول أوربية
كفرنسا، إسبانيا واليونان، بعد أن وجدت نفسها ودون مقدمات في مواجهة مع
شرطتها ودوائر هجرتها. مشهده الأول يظهر الشابة وقد لفظها البحر للتو، مثل
حورية بائسة ولدت في أحشاءه وما عاد بحاجة اليها، وعند وصولها اليابسة لم
يكن أمامها سوى الإستسلام لقدرها، فكانت تقطع الحدود مشياً دون كَلل، وكُل
أملها في الوصول الى مكان يأويها!. فكرة "الغاضبون" تتجاوز المكان الواحد،
فالأزمة تخلق بنفسها معارضين عالميين لها، يدخلون في حركات إحتجاجية دون
وعي مسبق منهم، ف"بيتي" لم يكن في بالها يوماً انها ستشارك المتظاهرين
الغربيين ردود فعلهم الغاضبة على سياسات بلدانهم، إلا حين زجها المخرج
غاتليف وسطهم وتركها تتحرك بعفوية، غير عابئة بوجود كاميرا قريبة منها تسجل
كل إنفعالاتها وحيرتها، وهي معهم وسط ساحات وشوارع مدنها الرافضة. لم يخطر
ببالها قط إنها ستشهد بؤس المهاجرين في محطات قطارات أثينا ولا إنها ستلاحق
يوماً مثل طريدة، أينما حلت في أرض أوربية بلا مالٍ ودون وثائق تثبت
هويتها. لقد كانت مجرد شابة فقيرة، حَذاها الأمل في الخلاص لكنها وجدت
نفسها تشارك سكان جنانها المأمولة نفس المصير. قصيدة غاتليف السينمائية
"الغاضبون" تُلخص أزمة كونية، يرزخ تحت ثقلها سوداً وبيضاً، مهاجرون
و"أصليون" فالمال لا وطن له والغاضبون مثله.
فخ دبلن..
عنوان جميل لفيلم وثائقي بلجيكي، تلاعب فيه بريان كارتر على التسمية
الرسمية ل "معاهدة دبلن" الدولية وعالج من خلالها حالة المهاجرين والدول
الساقطة في فخ نصها الملتبس. فالمعاهدة الموقعة من قبل أكثر دول الوحدة
الأوربية وأخرى خارج القارة، تنص على إرجاع المهاجر في حالة إنتقاله من
أحدى بلدانها خلال فترة طلبه حق اللجوء، الى البلد الأول الذي وصل اليه.
لقد صارت هذة المعاهدة فخاً لليونان كونها من أكثر وجهات الهجرة غير
الشرعية في العالم، لموقعها الجغرافي القريب من تركيا التي يعبر حدودها
ألاف من البشر صوب المياه الإقليمية اليونانية وحدودها البرية أملاً في
الإقامة فيها، ومع الوقت صارت أزمتها الإقتصادية الخانقة فخاً للواصلين
اليها وعرضة لمعاملة لاانسانية غاية في السوء تدفع كُثُر منهم للهرب الى
مكان أخر. المفارقة الناتجة عن رحلة المهاجرين بين دول الوحدة الأوربية
يعالجها "فخ دبلن" بعمق وبمعايشة دقيقة لضحايا نص "القانون" الأعمى.
"فخ دبلن" تسجيل لحياة أكثر من ربع مليون طالب لجوء يعيشون في
أطراف مدينة أثينا، جاء أكثريتهم من العراق وأفغانستان ومدن أفريقية فقيرة،
أو مَدميَّة بحروب أهلية، ومنهم من جرب الخروج منها لكنهم أعيدوا اليها
ثانية. رحلاتهم، بل مغامراتهم الخطيرة، للهروب الى ضفاف أخرى صورها كارتر
وحمل بعضها كوثائق تفضح زيف إدعاء حكومات أوربية بإحترامها لحقوق الإنسان
ومنها بلاده بلجيكا التي ظل طويلاً يجادل ساستها حول مسؤليتهم كبشر قبل
مسؤولية نصوصهم القانونية التي يتعكزون عليها والتي في جوهرها لا تؤدي إلا
لمزيد من آلام البشر. وفي اليونان رصد صعود النازيين الجدد ومعادي الأغراب
وما يصاحبها من إرتفاع لمنسوب العنف كإسلوب يتخذونه لحل مشكلة هي أكبر
منهم ومن المعاهدات الدولية، التي صار بعضها بحق فخاً قاتلاً لا بد من كسره.
"أولغارشية"
عالمية المشكلة المالية وما يصاحبها من أزمات من بينها الهجرة
الجماعية، تفحصها نص سينمائي تحليلي، حمل عنواناً دالاً: "أولغارشية" أو
الطغمة المالية فهي المسؤولة الحقيقية عما يحدث اليوم وليس الفقر والحروب
وحدهما، ولعمقها لا تعالج قطعاً بنصوص قانونية مثل "دبلن" وغيرها. إنها
آلية عمل بنكية رأسمالية، تطحن كل من يدخل بناياتها الأنيقة وهي "الفخ"
الحقيقي لمؤسسات ودول من بينها اليونان. هكذا يتوصل المخرج اليوناني ستليوس
كولوغلو الى إستناج مُعبر عنه بفيلم كثير الإقناع مدهش التنفيذ لا يقل
عمقاً عن فيلم "عمل داخلي" لتشارليس فيرغسون، فالإثنان حللا أسباب أزمة
"وول ستريت"، مع أن "أولغارشية" مال أكثر لتحليل أزمة بلاده المتفاقمة
جداً. وعلى مستوى قريب، وأن كانت معالجتها منظورة بعدسة تسجيل تلفزيوني،
جاء فيلم "155 بيعَت" ليورغوس بناديليكس و"أزمات" نيكولاس كاتساونيس.
وكلاهما سجل بكاميرته تفاصيل ردود الأفعال الشعبية المحتجة ضد إستهتار
دولتهم ورجال أعمالها بمصير مجتمع مهدد كله بالإنفجار.
الجزيرة الوثائقية في
22/03/2012
وثائقيات تسالونيكي (2)
الهجرة والأزمة المالية في الواجهة وديكتاتوريات.. تتغيَّر
قيس قاسم ـ السويد
يكثف، الفيلم الوثائقي اليوناني "ما بَيْن" علاقات المهاجر الملتبسة
والحزينة بين موطنه الأصلي الذي تركه مجبراً والبلد الثاني الذي عاش فيه،
الى أقصى درجات التكثيف والتقشف، ويقدم نموذجاً لنوعه الدرامي قادر على
منافسه الروائي القصير من حيث قوة التعبير المركزة والمختصرة زمنياً.
غَرَفت المخرجة جورجيا سلامباسي مادة فيلمها من تاريخ بلادها المعاصر،
فأولت إهتماماً بمصير المعارضين للحركات القومية المتشددة، الصاعدة بعد
الحرب العالمية الثانية، وهجرتهم الإجبارية الى أوزبكستان السوفيتية.
تناولت سلامباسي موضوعها من زاوية إنسانية وإجتماعية وعالجت فيه مصير
الأجيال "المتوالدة" من أبناء المهاجرين السياسيين الأوائل الذين أقاموا في
بلادٍ غير بلادهم غير أن أبناءهم كانوا يشعرون بها كما لو كانت وطنهم
الحقيقي. عن هوية الأجيال الجديدة تدور الدقائق العشرين لفيلم "ما بَيْن"
وتسجل فيه، بمعونة أرشيف شخصي غني وحيوي، بديات تَكيُّفهم مع المجتمع
السوفيتي في مدينة طاشقند وكيف تعلموا فيها حب تلك البلاد مع إحتفاظهم
بموروثهم اليوناني. فهؤلاء كانوا طاشقندين ويونانيين في آن وفي هذة
الإزدواجية كمنت معظلتهم الإنسانية التي تجلت حين تَغيَّرت الأوضاع
السياسية واستقر النظام الديمقراطي في اليونان فحاولوا العودة اليها،
وحينما وصولوا الى أرض أجدادهم وجدوا أنفسهم فيها طاشقنديين، ليس لأن الناس
كانت تعاملهم على هذا الأساس، فحسب، بل لأنهم نقلوا معهم مورثاً ثقافياً
أوزبكستانياً لم يجدوا حرجاً في التواصل معه ولا غرابةً. و.. حينما أدركوا
صعوبة الملائمة مع الواقع الجديد، مع كل الجهد الذي بذلوه من أجل التواصل،
قرروا العودة ثانية الى موطنهم الثاني. لطول المدة التي قضوها في اليونان
عاملهم الطاشقنديون وكأنهم ضيوف عابرون جاءوا لزيارة أقاربهم. لقد شعر
الرجال الموزعون بين مكانين بإغتراب حزين ومؤلم بعد أن صاروا غرباء هنا
وهناك. لقد توقف مصيرهم الشخصي وسط الطريق، بعد أن توزعت هوياتهم "ما بَين"
بلَدَّين وثقافتين.
بَيْنَ ضفتي مصر واليونان
مثلهم، كان مصير العجوز اليونانية الأصل كاتينولا موزعاً بين ضفتي مصر
واليونان، مع إختلاف جوهري إنها حسمت أمرها وقررت البقاء في القاهرة حتى
الرمق الأخير. ربما لكون الأمكنة قد فقدت حرارة معناها بسبب تقدم عمرها
الذي تجاوز الثمانين وربما لأنها أرادت البقاء في مكان أحبتهُ وقبِلت به
واقعاً؟ حيرة غير محسومة، تفاصيل عيشها اليومي المليء بالإغتراب أوحت بها
الينا، خارج ما بدا ثباتاً أو خياراً مدروساً لنهاية حياة إنسان عادي كل ما
نعرفه عنه إنه غريب وينتمي الى مكان ثانٍ أهله طيبون ويعاملونه كأنه واحد
منهم. فكرة إقتراب موت الغريب خارج أرضه تشتغل عليها المخرجة ميرنا تيستا
في فيلمها "كاتينولا" بطريقة غير مباشرة، فبدلا من أن تأتي منها تحاول
ايجادها في الوسط الخارجي الذي يحيط بها. فالجيران وبائعو الخضروات في
السوق القريب يعبرون عن أحساسيهم بقرب خاتمة حياة الكائن الذي أمامهم، بلغة
سحرية غير ملموسة، تحس بها العجوز ما يدفعها للتذمر والشكوى من المصريين
بكلمات خاوية المعنى تنشد إهتماماً ناضباً وحسرة على حميمية مفقودة،
فالمحيط الحيوي الخارجي هو كل ما تبقى لها بعد أن تفرق من حولها ناسها وما
عاد للأشياء كبير معنى عندها، حتى المال الذي تكتنزه كانت تعاملة كأوراق
منسية مثل الصور والذكريات. تنازع الهوية عند كاتينولا جواني غير معلن
يكحبه خارج مسالم ويفضحه حنين مكبوت. يمتاز شغل ميرنا بحساسية عالية كونه
يلامس حالة إنسانية محددة لا تحتمل كثير تأويل ولكنها قابلة للتفكير في
معنى المكان في حياتنا ومعنى العيش في وسط مختلف وكيف يصعب على أكثر الشعوب
إنفتاحاً فهم ما يغالبه الغريب من آسى وإختلال في التوازن الداخلي الذي قد
تفضحه لفظة أو كلمة بسيطة ملحونة النطق. كانت عَربيةُ العجوز من أكثر نقاط
قوة تكاملها الإجتماعي وأكثرها فضحاً لغربتها في آن، والفيلم في جزء كبير
منه مبني على أساسها، كونها الذخيرة الأخيرة والوسيلة المتبقية للعجوز
اليونانية في تواصلها المصري اليوناني.
ما بَيْنَ مصر وغزة
في فيلم الهولندية الشابة سابينا لوبي باكر "بين غزة مصر" هَمُ
الهوية، وأن حمل ظاهره هماً سياسياً، كون موضوعه يتعلق بالأنفاق المحفورة
بين غزة ومصر. في وثائقيها تفاصيل كثيرة مكررة في أفلام أخرى، عالجت نفس
الموضوع، بخاصة تلك المتعلقة بالمواد المنقولة بين الجانبين والأرباح
السريعة والكبيرة لأصحاب الأنفاق التي زاد عددها على 1400 نفق، خلال فترة
حصار غزة، وطريقة حفرهم لها وآلية نقل البضائع داخلها كل هذا كان في فيلمها
وفي داخلة كان هاجس البحث عن الذات، عن الهوية. فالفلسطينيون وفي غمرة
إنشغالاتهم كانوا يشعرون بمؤازرة جيرانهم المصريين، لكن ثمة تهديد لهويتهم
يحسونه في حصارهم ذاته، لهذا تراهم يبنون بيوتهم في مناطق غزة وأن لم
يسكنوها بعد، فبالنسبة اليهم ثمة خطر يهدد هويتهم ولا بد إبعاده بالبقاء في
الأرض المحاصرة. قد تزيد الرمال الصحراوية من الشعور بالخوف على الذات من
الإمحاء، فهي متحركة لا تعرف لها قرار، ومن يسكنها يتلائم مع حركتها، ولكن
كيف لإبن غزة أو رفح أن يذهب مع هوى رياحها بعيداً وثمة من يريد له أن يفعل
هذا، أن يهاجر الى ضفة أخرى يفصلها نفق قصير. في ما "بين مصر غزة" حيرة
المحاصر المنفي في وطنه، والأنفاق المظلمة رموز جلية لها.
كوبنهاجن والقاهرة
لو تركنا العنصر الشخصاني في فيلم"½ ثورة" جانباً لتأكد لنا بأن هاجس،
صاحبه
الدنماركي المصري الأصل عمر شرقاوي، الأقوى كان توثيق تفاصيل ثورة يناير
المصرية، وأنه كان معنياً بها في المقام الأول، غير أن تمحيصاً أدق في
تفاصيله سنجد الى جانبه موضوعاً ثانياً له علاقة بالهجرة المعاكسة والتوزع
الهوياتي للمخرج نفسه وأصحابه، ولعل هذا الجانب الداخلي هو من أعطى جزءا من
تميزه عن بقية أفلام الثورة المصرية، لكونه وبسهولة ومنذ البداية كسر
الحاجز بين "الموضوعي" "والذاتي". فالشرقاوي كان بصحبة مجموعة من الأصدقاء
بينهم شريكه في الفيلم كريم الحكيم، وعائلة عندها طفل في شقة قريبة من ساحة
التحرير في القاهرة، جاؤها للإقامة أو لنسميها كما هي: العودة بدافع الحنين
القاتل الى المكان الأول. مسار الأحداث وتأثيراته عليهم وصل عبر كاميراتهم
الديجيتال الصغيرة، وفي اللحظة التي سيطرة الجيش فيها على زمام الأمور
شعروا بأن الثورة قد توقفت في منتصف الطريق، ولم تكتمل. كانت في تلك اللحظة
"1/ 2 ثورة"، مثلهم، فقد وقفوا هم أيضاً وسط خياراتهم المكانية، وبسبب
الفوضى العارمة وإحتمالات أقتراب الخطر منهم، فكر القادمون الجدد بالعودة
ثانية الى المهجر. هكذا عادوا دون هوية مكتملة، وسيظلوا كما هم الآن موزعين
بين هويتين، غربية وشرقية. لقد تقاطعت طرقهم في لحظة من ثورة لم ينتظروها
وبمصادفة تاريخية بحتة تقاطعت مصائرهم الشخصية معها فتوزعوا ثانية في أكثر
من مكان.
الجزيرة الوثائقية في
25/03/2012
العراقي الذي كذب على العالم
!
أمستردام – محمد موسى
من معضلات الافلام التسجيلية الاستقصائية، بخاصة تلك التي تتناول قضايا
راهنة، هي حساسيتها الكبيرة للتطورات التي قد تشهدها هذه القضايا، والتي
يعقب بعضها تصوير تلك الافلام، الى الحد الذي يسلبها اهميتها احيانا.
فطبيعة تلك الافلام، والتي تسعى لكشف حقائق جديدة لمشاهديها والوصول معه
الى خلاصات والعثور على اجوبة، تخوض احيانا تنافسا مع التركيبة التقليدية
للتحقيق الصحفي او التلفزيوني. هذه المنافسة لا تكون في صالح الفيلم
التسجيلي الاستقصائي بالعادة، بسبب تحول الاخير سريعا الى جزء من الماكنة
الاخبارية المتواصلة، والتي تصبغه بالآني وتفقده روح الوثيقة التاريخية
الطويلة الآجل.
من الافلام التسجيلية التي عانت من تصاعد احداث القضية التي يتناولها،
وإلتفات الاعلام الشعبي للموضوعة، هو فيلم المخرج الدنمركي بول – أيريك
هايلبوث ( الرجل الذي ادخل العالم للحرب بالكذب). فقبل الانتهاء من
العمليات الفنية الخاصة بالفيلم، قامت الشخصية الرئيسية في القضية التي
يتناولها الفيلم، بالتوجه الى الاعلام العالمي، متحدثة لعدة صحف ومحطات
تلفزيونية اوربية وامريكية، الامر الذي حول جزء مهم من الفيلم التسجيلي الى
مايشبه العودة الى آخبار قديمة، بل ان المطلع على قصة الشخصية الرئيسية، لا
بد أن يشعر بالاسف على الوقت الذي سيضيع من وقت الفيلم ووقته ايضا، وخاصة
في المشاهد التي يتسائل فيها المخرج عن الاسباب التي دفعت شخصيته للاقدام
على فعل جسيم كالذي قامت به؟ ودواعي الاختفاء عن العالم والذي بدأ قبل عقد
من السنوات؟ ولماذا لم يبدي الندم على فعلته؟ كل هذه الاسئلة تم الاجابة
عليها في مقابلة مفصلة مع الشخصية المعنية قبل اشهر من عرض الفيلم التسجيلي.
يضع الفيلم، الذي كان ضمن احد البرامج الخاصة في الدورة الاخيرة من
مهرجان "أدفا" للفيلم التسجيلي في العاصمة الهولندية امستردام، وعرضته قناة
"كنفاس" التلفزيونية البلجيكية مؤخرا، هدفا واضحا لمهمته التحقيقية، وهو
ايجاد المهندس العراقي، الذي طلب اللجوء السياسي في المانيا في عام 1999،
وقدم عندها معلومات خطيرة عن اسلحة بايولوجية يقوم نظام صدام حسين باخفائها
بمركبات متحركة. هذه المعلومات، والتي قامت المخابرات الالمانية بتمريرها
الى المخابرات الامريكية وقتها، ستتحول بعد عام 2001 الى احد المصادر التي
ستعتمد عليها الحكومة الامريكية لتبرير حربها القادمة على العراق. بل إن
الكلمة الشهيرة لوزير الخارجية الامريكي السابق كولن باول في مجلس الامم
المتحدة تضمنت إشارات الى شهادة المهندس العراقي.
قصة هذا العراقي ومكانه الحالي سيتحولا الى "لغز"، ليس فقط للمخرج
الدنمركي، فالصحافة الالمانية نفسها اهتمت كثيرا بايجاده. لكن المخابرات
الالمانية، وباجراء متوقع، قامت باخفائه تماما، ومنعت وصول الاعلام اليه،
قبل ان يتغير هذا في شتاء العام الماضي، عندما اقدم هو نفسه، وربما
بالاتفاق مع السلطات الالمانية المختصة، على كشف هويته، واعترف باختلاقة
قصة الاسلحة العراقية المحظورة، دون أن يبدي ندما على فعلته، فهو مازال
يؤمن ان إسقاط النظام العراقي السابق يستحق الثمن الذي يدفعه العراقيين منذ
حرب عام 2003 ولليوم.
رغم السرية التي احاطت بها الاجهزة الامنية الالمانية قصة المهندس
العراقي، إلا معلومات قليلة تسربت عنه الى الاعلام الالماني، وهي التي
سيستند عليها فيلم (الرجل الذي ادخل العالم للحرب بالكذب) في بحثه، الذي
يقوده في النهاية الى بيت العراقي في أحدى المدن الالمانية الصغيرة. لكنه،
اي المهندس العراقي يرفض الحديث للمخرج، ويتصل بالبوليس، الذي يسرع بابعاد
فريق الفيلم عن المنطقة كلها.
كان يمكن للفيلم التسجيلي ان يكون كارثة لمخرجه والجهة الانتاجية التي
تقف خلف، لو لم يفرد جزء من وقته للتحقيق في الاسباب التي جعلت شهادة
المهندس العراقي تملك كل تلك الاهمية وقتها ، رغم ، وكما كشف بعض الذين
تحدثوا للمخرج من المسؤليين الامنيين الامريكيين السابقين وسفير المانيا
السابق في الولايات المتحدة الامريكية، بان السلطات الالمانية نقلت
للامريكيين وبعد اشهر من شهادة المهندس العراقي، إن تحقيقاتها الخاصة
الالحقة ومراقبتها لسلوك الشاب العراقي جعلها تشكك كثيرا في شهادته. لكن
الادارة الامريكية لم تولي وقتها اي اهتمام لنصائح الالمان.
تحقيق الفيلم في قصة الشهادة ، ستاخذه الى وجهة غير متوقعة قليلا، فهو
يصل الى نتائج تتضمن نقدا عنيفا للادارة السياسية الالمانية ( والتي اخذت
موقفا حاسما شهيرا ضد الحرب الامريكية البريطانية على العراق)، فلماذا لم
تقدم الحكومة الالمانية في الاشهر التي سبقت الحرب، وخاصة عندما كان
سياسيتها العلنية ضد تلك الحرب القادمة تلقى شعبية كبيرة في المانيا
واوربا، على كشف شكوكها بخصوص قصة المهندس العراقي ؟ هذا السؤال يبقى بدون
اجابة، فالسلطات الالمانية الرسمية ترفض اصلا الاعتراف بقصة المهندس
العراقي.
يهيمن هدف الوصول الى مكان المهندس العراقي على معظم وقت الفيلم
التسجيلي، ليبدو هذا الهدف احيانا وسيلة لاضافة اثارة مفتعلة على المشروع
التسجيلي. فالفيلم يسافر مثلا الى العراق، في محاولة للوصول الى عائلة
المهندس. تلك السفرة لن تؤدي الى اي نتائج كبيرة، لا على صعيد مقابلة
العائلة، او النبش في ماضي المهندس العراقي قبل تركه بلده وتوجهه الى
المانيا.
يمكن الآن ، وبسبب كشف المهندس العراقي لهويته في مقابلات عدة في
العام الماضي ، ذكر اسمه الصريح هنا ( يدعى رافد احمد علوان الجنابي) ، وهو
الامر الذي كان الفيلم سيقوم
به على اي حال ، رغم الخطورة التي تنطوي عليها خطوة كهذه ، بتعريض الشخص
المقصود الى مخاطر جمة ، خاصة بغياب التاكيدات الكافية للمخرج وفريقه (
وكما بدا في الفيلم على الاقل ) ، بان الشخص الذي قام باختلاق قصة الاسلحة
العراقية هو الشخص الذي قام المخرج بتتبع اثاره في عدة مدن المانية ، قبل
ان يجده في النهاية ، يتمشى وحيدا في شارع مدينة المانية صغيرة ، في نهار
يوم صيفي ، بعيدا كثيرا عن العراق ، والذي يتهم الآن بانه احد اسباب الحرب
التي دمرت الكثير منه ، وأهلكت عشرات الألف من أبنائه.
الجزيرة الوثائقية في
25/03/2012
3
انفجارات فى قلب السينما
خالد محمود
ما تكاد تظهر بادرة أمل لخروج السينما المصرية من كبوتها، وتضميد جراحها..
حتى تصاب بسهام أفكار ومعتقدات تدمى قلبها، وتجعله ينزف قلقا وهما وتوترا،
وإحباطا.
تفاءلت ومعى كثيرون من الرؤية الجديدة للجنة دعم وزارة الثقافة، ولمست مدى
التغير فى منهجها ورغبتها فى إنعاش السوق السينمائية، بمنحها الدعم لعدد من
السينمائيين الشبان أصحاب النظرة المستقلة المختلفة، وبهم تظهر الموجات
السينمائية الجديدة، ومعهم سينمائيون مخضرمون يملكون تاريخا سوف ينزلون
الساحة مرة أخرى بفضل الدعم الذى أنقذهم رغم تواضع نسبته من حالات اليأس
التام.. وسط هذه الحالة من الأمل، نجد من ينخر من جديد فى مسألة «الحلال»
و«الحرام» بل والمنع من أصله.. كانت المفاجأة الأولى عندما قرر وزير
الأوقاف منع تصوير مشهد من فيلم «فرش وغطا» للمخرج أحمد عبدالله داخل أحد
المساجد، وهو القرار الذى ينسحب بدوره على منع التصوير مطلقا بأى مسجد.
وجاءت مبررات رفض التصريح بـ«أن التصرير فى المساجد يخالف شرع الله» مع
التأكيد من أسرة الفيلم بأنه لا يوجد فى المشهد ما يخالف هذا الشرع.
الواقع يشير إلى أنها سابقة لم تحدث من قبل، فعلى امتداد تاريخ السينما
المصرية كانت هناك مشاهد تصور داخل المساجد لضرورة درامية وبالقطع أشهرها
«جعلونى مجرما» و«رصيف نمرة خمسة» و«حسن ومرقص» و«قنديل أم هاشم».
بدون شك القرار أصاب السينمائيين بحالة خوف ليس فقط بالحالة ولكن بطريقة
التفكير والرؤية تجاه فن السينما التى تجاوزت إلى حد «القرارات» ولم يكن
بيان المركز القومى للسينما الذى رفض فيه قرار وزير الأوقاف سوى مهدئ نفسى
ومعنوى، لكن لم تكن هناك نتيجة على أرض الواقع لمثل هذه البيانات حتى وإن
جاء فيها أن منع التصوير داخل أحد المساجد التابعة للأوقاف ليس له سند
قانونى، بل ومخالفة صريحة له، وربما عبر البيان عما يشعر به السينمائيون من
انزعاجهم من تزايد العداء الضمنى والصريح أحيانا من المؤسسات الحكومية
والخاصة لحرية الإبداع وممارسة الحق فى التعبير، والإشارة واضحة وهى تفاقم
هذه الروح المعادية للفن بتخاذلها عن اتخاذ خطوات حاسمة لمعالجة هذه
الظاهرة التى تعد انفجار فى قلب السينما.
وقبل أسابيع كان هناك انفجار، أولا مهد هو الآخر للسهام التى تصوب وتجرح
وتقلق وتؤلم من يحلمون بتنفيذ أعمالهم كما يتخيلون، وهى واقعة كلية هندسة
عين شمس حيث كان يتم تصوير مشاهد من مسلسل «ذات» وتم منع التصوير بحجة
ارتداء الممثلين لملابس ساخنة، الاعتراض على التصوير كان من فئة من الطلبة
وأساتذة الجامعة، رغم أن الملابس، ترجع لزمن السبعينيات، حيث تقع الأحداث،
وفى الواقعة نفسها خرج بيان يدين التصرف من جبهة الإبداع التى يبدو أنها
ستصارع من أجل البقاء.. والحكاية تتطلب تحركا من نوع آخر غير الشجب
بالبيانات بل تحتاج إلى إصرار من الفنانين لمواجهة هذه الهجمة الشرسة على
الإبداع.
الانفجار الثالث كان مثيرا للدهشة، حيث منع مجموعة من الطلبة عرض الفيلم
الإيرانى الرائع سينمائيا «انفصال نادر وسيمين» للمخرج أصغر فرهادى داخل
كلية الصيدلة بجامعة القاهرة بحجة أنه يدعو إلى أفكار المذهب الشيعى وسط
صمت تام من إدارة الجامعة.
والواقع أن الفيلم الحاصل على جائزة الأوسكار والجلدن جلوب، ودب برلين،
ومهرجانات أخرى عديدة هو برىء من هذا الادعاء لأنه فقط يرصد عبر شريطه قصة
زوج وزوجة قررا الانفصال لأنه لم يعد باستطاعتهما تقبل ظروف حياتهما معا،
وكنت أتمنى أن يشاهده الشباب العاشق للسينما بمصر ليقف على واقعية السينما
الإيرانية الجديدة وكيف وصلت إلى أهم مهرجانات العالم.
الانفجارات الثلاثة جرحت بحق السينما والمسألة تحتاج إلى وسائل جديدة
لتضميد الجرح قبل تفاقمه.
الشروق المصرية في
25/03/2012
المحافظة تتجاهله.. ودعم محدود من وزارة الإعلام.. وروح
صلاح مرعى حاضرة
غموض موعد إقامة مهرجان الإسماعيلية يثير غضب رئيسه
إياد إبراهيم
قال أمير العمرى، مدير مهرجان الإسماعيلية، إنه حتى الآن لم يتحدد موعدا
نهائيا لإقامة المهرجان نتيجة «عدم اهتمام المحافظة بالرد على طلبهم لتحديد
موعد يجتمع فيه مسئولو المحافظة مع مسئولى المهرجان لتحديد ملامح وتوقيت
الدورة القادمة».
وقال العمرى إنه متعجب من إهمال المحافظة للرد على مخاطبتنا معهم، حيث
أرسلنا لهم خطابا ولم نتلق أى رد ثم سألنا بعد 3 أسابيع فقالوا لم نتسلمه
الا منذ أسبوعين ونريد وقتا لدراسة الأمر ثم سألنا بعد عدة أيام فقالوا إن
الملف يفحص أمنيا وحتى الآن لم نتلق أى رد.
وأضاف العمرى: أشعر أن ادارة المهرجان والمركز القومى للسينما أكثر حرصا
على المهرجان من المحافظة التى يقام المهرجان على أرضها ويصب فى مصلحتها فى
النهاية، علما بأن المؤسسات الأجنبية التى نخاطبها وتتعاون معنا فى إقامة
المهرجان تريد مواعيد محددة لإقامته ومن غير الطبيعى أنه حتى الآن لا
نستطيع تحديد موعد مهرجان مفترض إقامته بعد 3 شهور.
وأوضح العمرى: عندما قابلت اللواء أحمد أنيس وزير الإعلام سألنا هل أرسلتم
الدعوات للضيوف وعندما أجابنا بالنفى لأننا لم نحدد الموعد غضب ووصف هذا
بغير المقبول لأن أى دولة تنظم حدثا كهذا لابد أن تراعى هذا وضرب مثلا
بتلقيه دعوة من الهند لحضور مؤتمر قبل تنظيمه بعام ونصف العام.
وردا على تساؤل هل سيواجه المهرجان خطر الإلغاء أجاب: هذا مستبعد تماما
ولازلت متفائل وأعتقد أن هذا التأخير غير متعمد ونوع من الانشغال بملفات
أخرى ولكن أدعو المحافظة والمسئولين للالتفات لأهمية الحدث.
وحول آخر ما وصل له العمل بالمهرجان قال: توصلنا لاتفاق مع وزارة الإعلام
بدعمها للمهرجان من خلال تغطية يومية مكثفة كما ستتولى إقامة ورشة للأفلام
التسجيلية وإقامة سوق لتلك الأفلام والإشراف عليها كما ستتولى إقامة ندوة
دولية كبرى عن الفيلم التسجيلى كما ستمول إنتاج مطبوعة من كتب المهرجان،
وتوصلنا أيضا لاتفاق بدعم المعهد الثقافى الفرنسى وأيضا اتفاق دعم مع بعض
شركات خاصة لدعم بعض الفعاليات.
كما أعلن عن إهداء الدورة القادمة إلى روح الفنان الراحل صلاح مرعى الذى
أدار المهرجان لعدة دورات ولدوره الفنى الكبير فى عالم الديكور والتصميم،
وسيتم إلى جانب تكريم الراحل وإهداء الدورة لاسمه إقامة معرض لأهم أعمال
الفنان الراحل، ويجرى الآن الاتفاق مع أرملته المونتيرة رحمة منتصر لإقامة
هذا المعرض.. كما سيقيم المهرجان أيضا معرضا آخر لأعمال المخرج الراحل شادى
عبدالسلام إلى جانب معرض الفنان صلاح مرعى.
الشروق المصرية في
25/03/2012
كابريرا إنفانتي.. مؤرخ السينما
ترجمة وإعداد يوسف يلدا – سيدني:
من بين أبرز المواد الصحفية التي يحتويها الجزء الأول من الأعمال
الكاملة للكاتب الكوبي، اللقاء الذي كان أجراه إنفانتي مع السينمائي
الإسباني لمجلة "كارتيليس".
شرعت دار النشر "غالاكسيا غيتنبرغ" في إصدار الأعمال الكاملة للكاتب
الكوبي غييرمو كابريرا إنفانتي. وقد تضمن الجزء الأول من هذه الأعمال، الذي
كتب المقدمة له أنتونيو مونيه وحمل عنوان " مؤرخ السينما"، مجموعة المقالات
النقدية التي كتبها إنفانتي تحت إسم "غ. كاين" المستعار.
ويضمّ هذا الجزء الذي يقع في أكثر من 1400 صفحة أيضاً، التقارير
والمقابلات الصحفية التي كتبها وأجراها ونشرها كابريرا إنفانتي في العديد
من وسائل الإعلام. ومن بين هذه المواد الوثائقية، والتي لم يتم نشر القسم
الأكبر منها، على شكل كتاب، تبرز الحوارات التي أجراها الكاتب مع شخصيات
معروفة مثل مارلون براندو، أو ماريو مورينو كانتيفلاس، وغيرهم.
ومن أهم اللقاءات التي إحتواها الجزء الأول من أعمال إنفانتي الكاملة،
تلك التي نشرها الكاتب في مجلة "كارتيليس" في 26 مايو/ مايس من عام 1957.
وكان كابريرا إنفانتي سافر الى المكسيك، لإجراء حوار مع لويس بونويل، وبعد
عدة محاولات إنتهت بالفشل، إستطاع إنفانتي اللقاء بالمخرج السينمائي في
ستوديوهات "تيبياك".
ويبدأ كابريرا بطرح السؤال التالي:
·
هل لا تزال سوريالياً؟
ليست السوريالية حالة مزاجية. هي وسيلة لرؤية الحياة. لابد للمرء أن
يكون سوريالياً. ومن الصعوبة أيضاً أن تتحول الى سوريالي.
·
والآن؟
عملياً، لم يبق منهم أحد.
·
وأندريه بريتون؟
يقوم بريتون الآن بأشياءٍ كان في السابق يقلل من شأنها: يزور النبلاء،
وهو صديق لأناس أثرياء، ويعمل بشكل علني، جنباً الى جنب مع الكاثوليك،
والرجعيين.
يعد إنفانتي من أفضل الذين يقومون بإجراء لقاءات ناجحة جداً. ويعرف
بشكل دقيق كل ما يتعلق بالسينما التي يتحدث عنها مع ضيفه، وشيئاً فشيئاً
يبدأ بالتوقف عند تأزم العلاقة بين صاحب فيلم "المنسيون"، والرسام
السوريالي. " كنا لا نفارق بعضنا البعض"، يؤكد بونويل، حتى جاء اليوم الذي
تحدث عنه دالي بالسوء، واصفاً بواوي بالملحد، وذلك في كتاب سيرته الذاتية
"حياة سرية"، وما كان عليه إلاّ أن تخلى عن منصبه في "متحف الفن المعاصر"
في نيويورك. لقد كان الوقت قد حان للسفر الى المكسيك، كي يجرب حظه هناك.
في المكسيك، حيث صناعة السينما محفوفة بالمخاطر، رغم الوفرة في إنتاج
الأفلام، إلتقى بونويل بالمنتج أوسكار دانسيجيرز، ليصبح من أوفى أصدقائه.
وفي الواقع، أنه رغم قلة الميزانية، يعترف لويس بونويل أنه تعلم المهنة،
والتكنيك، من خلال تلك الأشرطة الفلمية.
·
لماذا منعت السلطات الإسبانية
فيلم "العصر الذهبي"؟
كان الفيلم يعكس واقع إسبانيا المر، ألا وهو الجوع. أن نقل الواقع،
كما هو، أمر لا يسر الحكومات.
·
من بين أفلامك، ما هو الفيلم
المفضل لديك؟
ربما فيلم "المنسيون". ولوعملت ما كنت أريد، لأنجزت عملاً سينمائياً
عظيماً. أردت إدخال بعض اللمسات غير الواقعية على السرد الطبيعي للأحداث.
إيلاف في
25/03/2012 |