شاهدنا كيت وينسليت (36 سنة) تنجو من الغرق في ختام الفيلم الذي حطم
الأرقام القياسية في شباك التذاكر على مستوى العالم، «تايتانيك»، ورفعها
الى مصاف النجمات العالميات. والآن بعد مرور حوالى 14 سنة على هذا الحدث،
ها هو الفيلم نفسه يعود إلى صالات السينما لكن بالأبعاد الثلاثية، في وقت
تقاسمت وينسليت مع جودي فوستر بطولة فيلم «مذبحة» الذي أخرجه رومان
بولانسكي عن مسرحية للمؤلفة الفرنسية الإيرانية الجذور ياسمينا رضا.
وفي باريس حيث جاءت وينسليت كي تروج للحدثين، إضافة إلى حضورها حفلة
دار»لانكوم» بتقديم النجمة إلى الإعلام كسفيرة لعطر «تريزور»، التقتها
«الحياة» وحاورتها.
·
لماذا امتنعت عن استغلال رواج
«تايتانيك» من أجل الاستمرار في مشوار هوليوودي طويل؟
- لأن السينما مهما كانت غالية علي، لا تحتل المكانة الأولى في حياتي،
والتمثيل مهنة غريبة تتطلب من صاحبها تغيير هويته مع كل دور جديد يعثر
عليه. هل تتخيل نفسك في جسد شخص مختلف كلما ترددت إلى عملك في الصباح؟ أنه
شغل مجانين.
أنا أحب بلدي إنكلترا وأعتز بالإقامة في المنطقة نفسها التي تعيش فيها
عائلتي وأقصد أهلي وأخواتي، غير أني لا أتخيل نفسي أسكن في هوليوود على
المدى الطويل، وأعرف أكثر من ممثلة أوروبية خاضت التجربة وعادت منهارة
نفسياً وعصبياً. فالعمل في الولايات المتحدة مسألة والإقامة المستمرة هناك
مسألة ثانية تماماً، وأنا لا أمانع في البقاء في هوليوود شهرين من أجل
التمثيل في فيلم أميركي، لكنني لا أفعل أكثر من ذلك.
·
أنت موصومة بالغرق في أفلامك
الأميركية، فبعدما نجيت منه بأعجوبة في «تايتانيك» تموتين تحت الماء في
فيلم «ريش»، فهل ترين في ذلك إرادة هوليوودية خفية للتخلص منك؟
- ربما من يدري؟ وكل ما أستطيع قوله هو أنني معتادة تحمل الماء ساعات
طويلة وبالتالي قادرة على مواجهة أي كارثة مائية قد تحدث لي.
من الألف إلى الياء
·
حدثينا عن حياتك العائلية؟
أنا أم لطفلة عمرها الآن 11 سنة من زوجي الأول جيم تريبلهورن، ولصبي
في الثامنة من زوجي الثاني سام منديس، وأنا مطلقة. إن إبنتي وإبني هما أعز
ما أملك بطبيعة الحال، إذ لا أتخيل السينما تجلب لي، مهما حدث، حتى عشرة في
المئة من السعادة التي أشعر بها في كل صباح حينما أرى ابتسامة كل منهما في
وجهي. أن الأمومة دفعت بي إلى إنشاء شركة إنتاج سينمائي تسمح لي بمباشرة
مشروعات جديدة من الألف إلى الياء من دون الاضطرار إلى المشاركة فيها
كممثلة، وبالتالي أقدر على تربية طفلي من دون تحمل ضغوط التصوير.
·
هل يترك لك عملك أي مجال لممارسة
هوايات ما؟
- أصف عملي بكونه أولى هواياتي بما أنه لا يفارق عقلي مهما فعلت
وأينما تواجدت، وذلك سواء كان التمثيل أو الإنتاج. وأعيش على النمط الآلي
الذي يفرضه علينا العصر الحالي، فنحن نعيش مثل الماكينات المبرمجة، أليس
كذلك؟ ورداً على سؤالك أقول إن هواياتي في شكل عام هي سماع الموسيقى
والقراءة والرسم والتردد إلى المسرح من أجل اكتشاف أخر ما يتم إنجازه فيه،
وأسعى إلى ممارسة هذه النشاطات بقدر المستطاع ووفق وقت فراغي، علماً أن
اهتمامي الشخصي الأول يبقى عائلتي في كل الحالات.
·
أنت فقدت الكثير من وزنك منذ
بدايتك الفنية، أليس كذلك؟
- أنت وضعت إصبعك فوق نقطة حساسة جداً، فأنا أتمتع منذ صباي بجسد
ممتليء وكنت مشهورة في المدرسة بلقب «فاتسو» (سمينة) وهو شيء سبب لي عقدة
نفسية كبيرة استمرت معي إلى أن اشتهرت في السينما وانتقمت لا شعورياً ومن
دون عمد من زميلاتي التلميذات اللاتي لم يحققن النجاح نفسه الذي حققته في
الحياة.
لقد اكتشفت مدى تقبل السينما الأوروبية للممثلات الممتلئات على عكس
هوليوود التي تبحث بطريقة شبه دائمة عن فتيات رشيقات يشبهن عارضات الأزياء،
فربما يدخل هذا العنصر في عثوري على أدوار أحلى في أوروبا.
وسبب فقداني الكثير من وزني يرجع أساساً إلى الريجيم الذي أتبعه منذ
أن أنجبت طفلي الثاني، أي منذ ثماني سنوات، فأنا كسبت وزناً إضافياً كبيراً
في خلال فترة الحمل وكان لا بد من أن أفقده كلياً.
·
وما هو هذا الريجيم؟
- ريجيم الشاي الأخضر بالنعناع، فأنا أشرب ليتراً كاملاً منه في
النهار وأمتنع عن السكريات وكل الحلويات والنشويات بقدر المستطاع.
·
هل كانت تجربة العمل في المغرب
خلال تصوير فيلم «هيديوس كينكي» مفيدة بالنسبة إليك؟
- أعترف بأن المشاركة في الفيلم هذا أتاحت لي فرصة إدراك تصرفات
النساء في العالم العربي بطريقة جديدة وعميقة، فقد تغيرت نظرتي إلى كل ما
أسمعه وأراه وأقرأه حول وضع المرأة العربية في شكل خاص، وأصبحت أشعر بتضامن
أكبر مع القضايا النسائية في هذه المنطقة وبالتالي صرت أتابع موقف النساء
العربيات الآن تجاه التغيرات التي طرأت في العالم العربي منذ حوالىعام.
·
هل تشعرين برغبة في الوقوف فوق
خشبة المسرح أم أنك ممثلة سينمائية أصيلة؟
- سبق لي التمثيل في المسرح لكنني لم أكن مستعدة تماماً للتجربة رغم
نجاح الأعمال التي شاركت فيها وحصولي شخصياً على آراء إيجابية جداً من
النقاد والجمهور. وأعرف أن مشروعي المسرحي المقبل كممثلة سيختلف تماماً عن
أعمالي السابقة لأنني أريده من اللون الغنائي الراقص. وأعني بكلامي هذا أن
الاستعراض يزيد من ثقة الفنان بنفسه لأنه أصعب من التمثيل المجرد.
·
ما هي الفائدة من وراء إعادة عرض
فيلم «تايتانيك» الآن بالأبعاد الثلاثية؟
- طريقة الأبعاد الثلاثية منتشرة جداً اليوم، وبما أن فيلم «تايتانيك»
يتضمن العديد من اللقطات المؤثرة جداً، خصوصاً عندما تغرق السفينة، وجد
المخرج جيمس كاميرون أن إعادة تركيب الفيلم بهذه الطريقة سيسمح للجمهور
العريض الذي شاهده وأحبه، بإعادة اكتشافه والتأثر به أكثر فأكثر.
·
هل رأيت النتيجة بنفسك؟
- نعم وأجدها فعلاً مذهلة من حيث الواقعية.
·
كيف كان العمل تحت إدارة
السينمائي الكبير رومان بولانسكي في فيلم «مذبحة»؟
- بولانسكي هو من أفضل السينمائيين الحاليين في العالم، وأنا أعترف
بأنني عشت تجربة شبه فريدة من نوعها في شأن فيلم «مذبحة»، ذلك أن العمل
مأخوذ أصلاً عن مسرحية وقد عرف بولانسكي كيف يصور الأحداث بطريقة سينمائية
بحتة لا توحي للمتفرج في لحظة واحدة أنه يشاهد مسرحية مثلما يحدث في هذه
الحال عموماً. أنه أعاد تركيب الأحداث ووضع الكاميرا في زوايا إستراتيجية
حولت الحبكة بطريقة سحرية، من عمل مسرحي إلى أخر سينمائي بحت.
لقد صور الفيلم في باريس رغم أن أحداثه تدور في نيويورك، وذلك بسبب
عجز بولانسكي عن الذهاب إلى الولايات المتحدة بسبب الحكم الصادر ضده هناك
منذ السبعينات من القرن العشرين، والذي أدى به إلى دخول السجن في سويسرا
قبل عامين. ونحن عملنا في فيلم «مذبحة» إثر الإفراج عنه مباشرة وعودته إلى
فرنسا.
·
أنت فزت بجائزة أوسكار أفضل
ممثلة في هوليوود في العام 2009 عن دورك في الفيلم الدرامي «القارئة»،
فماذا فعلت بالتمثال؟
- أنام معه، لا، إنني أمزح فهو يزين مدخنة بيتي في لندن، والحقيقة أن
إبنتي وإبني فخوران به أكثر مني.
الحياة اللندنية في
06/04/2012
الذهبية للفيلم السويدي «أقوى ألف مرة»
القاهرة - نيرمين سامي
تحت شعار «عالم الأطفال يتغير»، اختتمت الأسبوع الماضي الدورة الحادية
والعشرون لمهرجان القاهرة الدولي لسينما الأطفال. بلغ عدد الأفلام المشاركة
في المهرجان 351 فيلماً روائياً وتسجيلياً، وبلغ عدد الضيوف 21 ضيفاً
أجنبياً، فضلاً عن المشاركين في لجان التحكيم. حصل الفيلم الروائي السويدي
الطويل «أقوى ألف مرة» على الجائزة الذهبية للمهرجان الذي منح جائزته
الفضية للفيلم الهولندي «أقوى رجل في هولندا».أما الجائزة البرونزية في
مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، فذهبت إلى الفيلم الهندي «أنا كلام».
وفي المسابقة نفسها منحت لجنة التحكيم جائزتها الخاصة للفيلم الكوبي
«محطة هافانا». وشمل المهرجان مسابقات رسمية للأفلام الروائية الطويلة
والقصيرة وأفلام الرسوم المتحركة والأفلام التسجيلية. وفي مسابقة الأفلام
التسجيلية فاز الفيلم المجري «الدوامة» بالجائزة الذهبية وحصل فيلم «كيف
حالك. رادولف مينج» من لاتفيا على الجائزة الفضية. أما الجائزة البرونزية
فنالها الفيلم اليوناني «لا بد أن تستمر اللعبة». وحصل الفيلم التونسي «أمة
الكتاب» لمحمد البراق على جائزة لجنة التحكيم الخاصة.
وفي مسابقة الأفلام الروائية القصيرة فاز الفيلم الكندي «حادثة سيارة»
بالجائزة الذهبية وفاز الفيلم المصري «لعبة البيت» المأخوذ عن قصة بالعنوان
نفسه للكاتب المصري الراحل يوسف إدريس بالجائزة الفضية التي تسلمها مخرجه
محمد الوصيفي.
ونال الجائزة البرونزية الفيلم المقدوني «بائعة الكبريت الصغيرة»، أما
جائزة لجنة التحكيم الخاصة، فذهبت إلى الفيلم الهولندي «بوكوويسكي». وفي
مسابقة الرسوم المتحركة فاز الفيلم التشيكي «كوكي» بالجائزة الذهبية، أما
الجائزة الفضية فنالها الفيلم التشيكي أيضاً «حمام السباحة». فيما ذهبت
الجائزة البرونزية إلى الفيلم السلوفاكي «من هناك».
ومنحت لجنة التحكيم جائزة خاصة للفيلم الأسترالي «الشيء المفقود». ومن
المعروف ان المهرجان كان ألغى دورته في العام الماضي في ظل عدم الاستقرار
في أعقاب الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت الرئيس المصري حسني مبارك.
والمهرجان الذي استمرت دورته الجديدة ثـمانية أيام شاركت فيه أفلام من 68
دولة.
والجدير بالذكر ان المهرجان نظّم للمرة الأولى في دورته لهذا العام،
سوقاً لأفلام سينما الأطفال في الشرق الأوسط بهدف الترويج لولادة وازدهار
صناعة فيلم سينمائي للأطفال بإنتاج عربي مشترك إضافة إلى تبادل الخبرات
السينمائية وعرض آخر ما توصلت إليه الشركات والمؤسسات الفنية في مجال
السينما الموجّهة للطفل.
ومن ناحية ثانية شهد مسرح جزويت القاهرة التابع لـ «جمعية النهضة
العلمية والثقافية» تقديم 19 فيلمًا للرسوم المتحركة ضمن برنامج «العرض
الأول 2012»، الذي اقيم بمشاركة مؤسسة «أسيفا» (الاتحاد الدولي لفناني
الرسوم المتحركة) في مصر هذا العام، على هامش فاعليات مهرجان سينما
الأطفال. وتم تقديم الأفلام من دول: أميركا، وبولاندا، والهند، والبوسنة،
وألمانيا، وكندا، وإيطاليا، وفرنسا، وإثيوبيا، وشمال أفريقيا والأرجنتين،
وكوريا الجنوبية، وبلجيكا، وأسبانيا.
ويشار إلى أن الاتحاد الدولي لفناني الرسوم المتحركة تم تأسيسه بفرنسا
في عام 1961 من قبل أكبر الأسماء في عالم الرسوم المتحركة مثل نورمان
ميكلارن كندا، جون هابلي الولايات المتحدة، إيفان أيفانوف فانو الاتحاد
السوفياتي، بول جريمو فرنسا، جون هالاس المملكة المتحدة، وإيزيو جاجلياردو
ايطاليا.
وتم وضع هيكل مشروع اتحاد «أسيفا»، وكان نورمان ماكلارن رئيساً له
رسمياً، وتم اعتمادها كاتحاد يحكمه القانون الفرنسي لعام 1901، وذلك بهدف
إقامة روابط بين من يعملون بالرسوم المتحركة حول العالم لإطلاع الجهات
الحكومية والعامة بأهمية أفلام الرسوم المتحركة، ولمدة 46 عاماً قامت
«أسيفا» ببناء روابط بين الأمم والثقافات، وتعزيز النزعة الإنسانية وفن
الرسوم المتحركة. وتتركز المهمات الرئيسة لـ «أسيفا» حالياً في تعزيز فن
الرسوم المتحركة، للدفاع عن مصالح صناع الرسوم المتحركة وتنسيق أنشطة
مجموعة «أسيفا» الإقليمية للتعاون مع أهم مهرجانات الرسوم المتحركة في
العالم.
الحياة اللندنية في
06/04/2012
الزواج المدني هو الحل
بيروت - محمد غندور
عرضت المكتبة العامة لبلدية بيروت، بالتعاون مع «نادي لكل الناس»،
فيلمين قصيرين للمخرجتين الشابتين ناتالي لحود (جامعة الروح القدس) وغنى ضو
(جامعة القديس يوسف)، ضمن سلسلة من النشاطات هدفها، «إفساح المجال أمام
الأعمال الجديدة والمساعدة في إيصالها إلى الجمهور». وكان اللافت في معظم
افلام الأمسية، انتقال خريجي الجامعات السينمائية الخاصة في لبنان، من
الهموم الشخصية والعاطفية، إلى معالجة مواضيع اجتماعية من صلب حياتنا
اليوميّة.
ولهذه النقلة النوعية، أسباب عدّة، منها التغيّرات الجذرية التي حصلت
في لبنان بعد حادثة اغتيال الرئيس الحريري عام 2005، والتوتر الأمني
والسياسي والطائفي السائد منذ تلك الفترة، إضافة إلى المشاكل اليومية في
الشوارع والجامعات والمنازل والأحياء. كل ذلك، ساعد في بناء مشهد سينمائي
جديد، مختلف تماماً عن المشاهد التي قدّمها سينمائيو جيل الحرب الذي لا
يزال غارقاً في تصدعات الحرب الأهلية.
في فيلمها «الحمام» (10 دقائق)، تُعطي لحود لمحة عن حياة عائلة
لبنانية تقليدية تبدأ نهارها في المرحاض. تختصر هذه العائلة وحواراتها
مجتمعاً بأكمله. يبدو الأب غير مهتم بما يدور من حوله، وكأن الهموم
السياسية والمعيشية التي يتابعها عبر صفحات جريدة في يديه، تنسيه دوره
الارشادي العائلي، فيصبح وجوده هامشياً، فيما تظهر الأم بصورة المسيطرة
والممسكة بزمام الامور. الأب جالس على كرسي المرحاض، يتسلى بحل الكلمات
المتقاطعة، فيما تدخل إبنته الكبرى لتخبره أنها ستتزوج مدنياً من حبيبها،
فيبارك زواجها ويشجعها على ذلك.
لم تتقبل الأم فكرة زواج إبنتها المدني، فثارت عليها، مهدّدة اياها
بأنها إن فعلت ذلك فستتبرأ منها. لم تُبرز المخرجة الشابة طائفة العائلة أو
طائفة الزوج المستقبلي، وهي خطوة ذكية للمخرجة، لا يُفهم منها فقط التشجيع
على انصهار الطوائف في بعضها بعضاً، بل لما في هذا الزواج من ضمانات للمرأة
والرجل معاً من حيث الحقوق والواجبات وتقسيم الإرث. وتحاول لحود التطرق من
خلال عملها الى رفض المجتمع فكرة الزواج المدني، والتعصب والتمسك بمراسم
الزواج الديني. وتجدر الإشارة الى أن المخرجة، وُفقت في اختيار كادراتها
نظراً لضيق المساحة.
أما المخرجة غنى ضو، فسعت في فيلمها «علّة غير علتي» (20 دقيقة) الى
إيضاح العلاقة الملتبسة بين المسيحيين والمسلمين، والصعوبة في تقبّل الآخر.
حملت ضو كاميرتها ووثقت حواراً مع جدتها المؤمنة مسيحياً، والمتعلقة
بتعاليم الانجيل، والمواظبة على الصلاة في الكنيسة وقراءة كتب دينية. تقول
الجدة انه يصعب عليها تقبّل المسلمين، نظراً للاختلاف الكبير في العادات
والتقاليد، ولكثرة الحروب التي دارت بين الطائفتين، وعدم قدرتها على نسيان
ما حدث. تختزل الجدة هواجس فئة من المجتمع اللبناني لا تزال ترفض العيش
المشترك، وتقبل الآخر ومحاورته، والعكس صحيح.
تُدرك الجدة على حد قولها أن تصرفاتها غير مقبولة ورجعية، ولكنها تربت
على ذلك، وبات من الصعب تغيير أفكارها.
أما الفكرة الأساسية التي تعالجها المخرجة فتكمن في الزواج المختلط.
تُخبر ضو جدتها أنها ستتزوج من صديقها المسلم، فلا تتقبل الجدة الخبر،
وتحضّها على العدول عن قرارها، فيما لا يمانع الأب ذلك.
في بحثها عن الهوة بين المسلمين والمسيحيين، تجد المخرجة أن هذه
المشكلة تتسع، وإن لم يكن هذا الشيء واضحاً في الممارسات اليومية، ولكنه
ضمنياً موجود. بيد أن ضو في حديث مع المطران غريغوار حداد القريب من الآخر
والمنفتح بأفكاره على كل الديانات، تدرك أن الحل يحتاج الى سلام داخلي،
والى فهم الدين بانفتاح ووعي بعيداً من التعصب، خصوصاً أن أفكار الجيل
القديم التعصبية، يجب أن تموت معه، وألا تتوارثها الأجيال الجديدة.
الحياة اللندنية في
06/04/2012
تفاصيل صغيرة بعين مدهشة
القاهرة - عزة سلطان
في زخم فني وتوثيقي لافت، يظهر في هذه الفترة في مصر الكثير من
الأفلام التي توثق لتفاصيل الحياة ومشكلاتها. وتتراوح الأفلام قصراً
وطولاً، عمقاً وسطحية، تبعاً لرؤية صانعيها، حيث إن الفنان يعكس عبر فيلمه
خبرته ومدى وضوح مشروعه؛ واضعاً لنفسه أدوات تميّزه وآليات تطوره وتطوير
مهاراته الفنية، مع حرصه على أن يختار لنفسه أن يكون خارج السباق. سالي أبو
باشا مخرجة مصرية شابة تلمح التفاصيل بعين مختلفة، تصنع لنفسها بين صناع
الأفلام من جيلها، مساحة شديدة الخصوصية عبر اختياراتها الجمالية. فهي على
رغم اختياراتها لمواضيع يمكن أن نقول عنها إنها مواضيع قد قُتلت بحثاً
وطرحاً عبر الوسيط المرئي، نراها تطرح هذه المواضيع بعين مختلفة. فعبر
ثلاثة أفلام هي «100 ثانية» و «فرق» و «الحياة بيديها» تقدم أبو باشا في
أفلام قصيرة لا يزيد زمن الواحد منها عن 15 دقيقة، تفاصيل مدهشة، وشديدة
العمق.
في فيلمها «100 ثانية» تتعرض أبو باشا لامرأة تعمل خلال الثورة في
تنظيف المستشفى الميداني، كمشاركة منها في أحداث هذه الثورة. وعبر 100
ثانية هي زمن الفيلم نتعرف إلى طريق هذه المرأة لتأدية دورها الذي اختارته،
ان التفاصيل الخاصة والبعيدة عن الضوء بتنا نراها في عشرات الأفلام التي
تناولت الثورة وظهر عبرها الكثير من الوجوه التي صارت مألوفة للمشاهد، لكن
أبو باشا في تحدٍ واضح ووعي لا يُخفى لعين المشاهد، تسعى إلى التقاط تفاصيل
مختلفة ومتميزة لتصنع لنفسها مساحة شديدة الخصوصية، وفي هذه التفاصيل تحرص
أبو باشا على عدم ظهور وجه تلك المرأة، في رسالة خفية لكون هذه المرأة
نموذجاً متكرراً، وتأكيداً منها أن الثورة ملك كل الشعب وليس فرداً بعينه.
والحال ان هذا يجعل هذه الرسائل الخفية طرفاً أساسياً وشريكاً في أفلامها،
إذ بدوره يأتي فيلم «الحياة بيديها» والذي لا يتجاوز زمن عرضه الاثنتي عشرة
دقيقة، ليحدثنا عن امرأة تعمل صيادة على مركب في النيل، فتناقش أبو باشا
جملة من القضايا في زمن قصير: عمالة المرأة والانفصال وتعرض المرأة للعنف.
وهي تكشف برسائلها الخفية أن ما تعرضت له هذه المرأة يمكن أن يتكرر عبر
لقطات مدهشة لابنة هذه المرأة وهي تمسك مجدافي المركب لتجدّف، بينما الأم
ترمي الشبكة، والصبيان ينامان في قاع المركب. تدرك ابو باشا بوعيها كصانعة
أفلام ذات ثقافة، أن الرجل الذي يقهر المرأة ويتخلى عن مسؤوليته هو في
الأساس صناعة امرأة دعمته في إطار تخليه عن مسؤولياته. وهي بهذا المشهد
تشير إلى إمكانية تعرض نساء أخريات لقهر مواز ومماثل لما تعرضت له هذه
المرأة. فهي عبر تراخيها في تربية الصبيين ودفعهما للمشاركة في المسؤولية
إنما تنتج نماذج لرجال غير مسؤولين.
حياد صعب
ومع هذا، من الواضح ان أبو باشا تسعى عبر عدستها واختياراتها
الموضوعية والجمالية، إلى أن تكون محايدة فتتعرض لتفاصيل أخرى حول مدى قسوة
الحياة التي تتعرض لها امرأة لديها أربعة أطفال يعيشون حياتهم كاملة في
مركب في عرض النيل، متعرضة لتفاصيل حياتهم اليومية ومعاناتهم الإنسانية
لاستكمال الحياة كطقس لا يمكن التخلي عنه على رغم قسوته. وعلى هذا النحو
تتمكن أبو باشا من أن تنتقل عبر مفاهيمها من فيلم الى آخر وكأنها تعزف
سوناتة بآلات مختلفة فنراها تعزف لحن القسوة في مشاهد أخرى في فيلم أقصر
أطلقت عليه عنوان «فرق» وفيه تطرح قضية عمل الأطفال من دون نبرة حنجورية،
أو مزايدات. فهنا في تناغم مدهش تتحرك الصورة عبر حركة منشار يمسك به طفل
يعمل في ورشة للأخشاب، وتداخل مميز لطفل يتأرجح، فتكون الأرجوحة والمتعة
لدى طفل يعادلها خطر وشيك متحقق في منشار يمشك به طفل آخر.
ومن الملاحظ أن أبو باشا تعتمد الأسلوب المكثف كأيقونة لأعمالها،
معتمدة على الرسائل الخفية التي تدفع المشاهد لاستنتاج أحكامها، بل أيضاً
المشاركة في إطلاق الأحكام والمواقف. وهي لا تلجأ إلى المقابلات
التلفزيونية مع الخبراء والمحللين، إنما تجعل الفيلم متحققاً عبر شخصياته،
محاولة الهرب من نمط شاع أخيراً في الأفلام الوثائقية وهو الاعتماد على
المفكرين والمحللين الذين يضعون أطراً نظرية مفاهيمية للقضايا التي يتم
تناولها داخل سياق المشهد الوثائقي، في حين أنها تسعى كذلك من خلال
تفاصيلها المتميزة، وتكثيفها للحدث والموضوع وجماليات الصورة، إلى أن تهرب
من تصنيف أفلامها بوصفها تقارير تلفزيونية في زمن تطورت فيه التقارير
التلفزيونية حتى باتت تقارب أفلاماً وثائقية.
نالت أبو باشا عن أفلامها عدداً من الجوائز في مهرجانات دولية متعددة.
فقد حازت الجائزة الأولى في مسابقة أفق جديد في مهرجان الجزيرة للأفلام
الوثائقية في 2009 عن فيلم «فرق» بينما حصل فيلم «الحياة بيديها» على جائزة
أحسن فيلم قصير في مهرجان روتردام للفيلم العربي في هولندا ٢٠١٠، وجاء فيلم
«100 ثانية» كأفضل فيلم وثائقي قصير في مهرجان إيران الدولي في دورته للعام
2012.
وعلى رغم كون الجوائز التي منحت لأبي باشا مؤشراً على تميز أعمالها،
فإن رؤيتها واختياراتها الجمالية الشديدة الخصوصية هي المؤشر الأهم لكونها
صانعة أفلام اختارت أن تصنع لنفسها مساحة خاصة في سباق صناع الأفلام
الوثائقية بامتياز.
الحياة اللندنية في
06/04/2012 |