شكّل الفيلم الوثائقي اللبناني «يامو» لرامي نيحاوي محطّة إضافية في الطريق
الطويلة والصعبة لاستعادة الذاكرتين الفردية والجماعية من النسيان،
ولتحصينهما من الاغتيال اليومي. الذاكرة هنا مفتوحة على الذكريات أيضاً.
على التجربة التي عاشتها السيّدة نوال، والدة المخرج. في السياسة والنضال
والاجتماع والتربية. في العلاقة بالزوج الحبيب والأولاد والأهل. في
الارتباط بالبيئة الصغيرة، وبالحيّز الأوسع. التاريخ والجغرافيا حاضران.
إنهما انعكاس واقع وحالة أيضاً. «يامو» محاولة توثيقية للحظة إنسانية،
استعانت بالمتخيّل الإبداعي للنصّ الوثائقي الحديث لرسم صورة حسّاسة عن
مرحلة حسّاسة.
النهار الطويل
رامي نيحاوي منشغل بهمّ فردي، تحوّل لاحقاً إلى حكاية امرأة، وحكاية مجتمع
وعلاقات. تفاصيل شخصية جداً حرّضته على الذهاب إلى «الأم المرأة الذاكرة»،
في مسعى دؤوب لفهم الصراع بين جيلين، أو التكامل بينهما. «يامو» جزء من
سلسلة شهادات فردية منصبّة على الحفر العميق في الوجدان والعاطفة والعقل.
في الماضي والراهن أيضاً. الأم نوال سيّدة المشهد كلّه. الحكاية كلّها. لكن
رامي نيحاوي لم يشأ أن يصنع منها بطلة، كما أنه لم يصنع من نفسه بطلاً:
«المسألة، بالنسبة إليّ، واضحة: لا أنجز فيلماً لأجعل نوال بطلة، ولا لأكون
أنا بطلاً». إذاً، لماذا «يامو»؟ تحدّث نيحاوي عن بدايات المشروع، قائلاً
إنه «في لحظة ما، شعرتُ بأن هناك قصّة قد تكون مغرية: أن تفهم هذا النهار
الطويل الذي تقضيه نوال في العمل. أن تفهم كيف يمرّ، بالمعنيين العادي
والبسيط. هناك ما يثير الاهتمام، ويطرح الأسئلة. هذه الفكرة لم تكن جدّية
إلى هذا الحدّ. بمعنى إنجاز الفيلم. الأسئلة دفعتني إلى صنع الفيلم. قرار
صنع الفيلم جاء ضمن تطوّر ما: ليس فقط عن أم بالمعنى الصافي للكلمة. هناك
أسئلة من نوع: كيف تستطيع هذه المرأة، بهذا العمر، أن تعمل يوماً طويلاً؟
أستيقظُ أنا عند الحادية عشرة صباحاً مُتعباً ومنهكاً. بعد الظهر، أشعر
بتعب أيضاً. أنا شاب أشتغل. لكنها هي تشتغل أكثر. هذا التعب من أين جاء؟
تلك القوّة من أين أتت؟ أن تفهم، بالمعنى الفعلي والشخصي أيضاً». أضاف: «في
الفيلم، أشعر بقوّة المرأة. كأن هذه القوّة ليست ثابتة وهي تستحضرها
ميتافيزيقياً. الأسئلة قادت إلى الفيلم. أسئلة المقارنة بيني وبينها. تطوّر
الأمر إلى مقارنة بين جيلين. اتّخذتُ قرار البدء بالعمل عند وضوح المسار
الخاص، الذي ربط خيوط الفيلم كلّها بعضها ببعض: الذاكرة. الفكرة الأولى
متعلّقة بـ«بورتريه» أولي وبدائي عن امرأة لها هذا اليوم الطويل. عندما صار
التشابك معي شخصياً في هذه المقارنة، انفتحت الفكرة على جيل، وعلى حكاية
ذاكرة. في اللحظة التي توضّحت فيها أدوات العمل، أو المكان الذي يُمكن
البحث فيه عن إجابات أيضاً. يُمكن أن أبحث، لكن البحث لا يعني إمكانية
الوصول. لا أبحث عن الذاكرة نفسها، بل عن أجوبة على الواقع حالياً. مثلاً،
هناك سؤال مُلحّ جداً: كيف نستطيع إكمال حياتنا؟ أقصد الناس الذين حولي.
وبالنسبة إلى أمي: كيف تُكمل حياتها بالضغوط هذه، وبالقوّة تلك؟ الغضب كان
مُحرِّكاً للهجوم على (تنفيذ) الفيلم».
عن الذاكرة والنضج
عن الذاكرة، أو عن لقاء جيلين أيضاً: «جهوزيتي للتصوير نشأت عندما تبلورت
الكتابة بصورة كافية. النضج، وعوامله. بل التوازن النفسي إذا شئتَ، للتعاطي
مع هذا الموضوع. تصوير الأولاد. تصوير نفسك وأختك وحياتك. هذه لحظة شعرتُ
فيها بأني مستعد للدخول في علاج نفسي لي في الفيلم. بمعنى أن أكون قادراً
على اكتساب المسافة الكافية لمعالجة اللحظة، والتعاطي معها. أن أكون قادراً
على اللحاق بالـ«سكريبت» الذي كتبته بحسّ استكشافيّ. النص الذي كتبتُه،
كثيرٌ منه موجود في الفيلم. جزء من العمل كلّه كامنٌ في أن أفهم. ليس ترميم
الذاكرة، لأنها لا تُرمَّم. بل بمعنى «إعادة تذكّر». ليست الذاكرة. بل
المصالحة مع الذاكرة كخزّان، وبالتالي البحث في مسألة: ماذا نتذكّر، وماذا
ننسى. الذاكرة الواعية إذا شئتَ. بدأ الفيلم بسؤال نوال لي: ألا تتذكّر هذا
أو ذاك؟ إنها تسخر منّي. تقول لاحقاً: «وضعك صعب. أنت في حاجة إلى حكيم».
مع التوغّل في الفيلم، تكتشف أن نوال لا تريد أن تتذكّر. هي ليست ناسية، بل
قرّرت ألاّ تتذكّر. لديها القدرة على أن تزيح (الأمور) على جنب، وتُكمل
حياتها. الفيلم برأيي، أنا حاولت وأتمنّى أن أكون قد نجحت في ذلك، يُشبه ما
حاولت فعله: كيف نتعاطى مع الذاكرة. مع ذاكرتنا. مثلاً، أنا لا أتذكّر صباح
اليوم. نسيته كلّياً. أجهد لتذكّره. لكنّي لن أنسى من فعل هذه المجزرة، وما
الذي حصل لمرتكبها. هل بات نائباً أم وزيراً؟ هذا لا أنساه. أمي تستطيع أن
تتذكّر كل شيء بشكل جيّد. الأمس واليوم وغداً أيضاً. لكنها قرّرت أن تنسى.
تاريخ «حزب الله» عاشته وتتذكّره انطلاقاً من كونها عضواً في الحزب
الشيوعي. الذاكرة غير المكتوبة. ذاكرة ميشال واكد مثلاً. لكنها قرّرت ألاّ
تتذكّر. لأن السيد حسن نصرالله قال «انظروا إلى البارجة في عرض البحر،
سنشعلها»، واشتعلت».
لكن، ألا يُمكن القول إن عدم الرغبة في التذكّر نوع من الهروب؟ ألم ترغب
نوال في الهروب من هذا الماضي، وتلك الذاكرة الفردية؟ ربما: «البحث عن
إجابات أو مصائر أمر مُضن. هناك أناس ضاعوا وهم يبحثون عن أجوبة. هناك أناس
ضاعوا وهم يهربون من أجوبة لا يريدونها. هناك أناس ضائعون، لكنهم بقوا في
أمكنتهم. هناك أناس لديهم خيارات أخرى ربما. السؤال الأكثر شخصياً وذاتياً
في الفيلم هو: بعد انهيار أحلام أناس لديهم انتماءات سياسية، وهم متورّطون
فيها أثناء الحرب الأهلية، هناك من بينهم من هرب إلى الدين يختبئ فيه. هناك
امرأة هربت إلى الشغل، ولم تمنح لنفسها وقتاً لتطرح على نفسها سؤالاً. هناك
ظروف اقتصادية ومعيشية قد تكون سبباً أولاً لتشتغل هذا الوقت كلّه، برأيي.
لكن، في لحظة، هناك سؤال يطرح حول هذه النقطة: لماذا هربت إلى الشغل؟. هناك
نوع من الصمود ربما، أو بالأحرى تماسك. إلى أي مدى هذه المرأة شعرت بضرورة
التماسك؟ الطرف الثاني، الذي كوّنت العائلة معه، لم يستطع المحافظة على
التماسك. إذاً، هما هربا من أحلامهما: أحدهما، أي الرجل، هرب و«فَرَط»، إلى
درجة أنه، هو الذي كان مُلحداً فعلياً، بات متديّناً داخل طائفته. لم يستطع
أن يفعل شيئاً. بعد حمله البندقية، صار عاطلاً عن العمل. ثانيهما، أي
المرأة، هربت، لكنها تماسكت لإعالة العائلة ولإكمال حياتها. حجّة التماسك
أعطت فرصة لنوال للهروب في اتّجاه مُبرَّر».
بدءاً من بعد ظهر اليوم، ينطلق العرض التجاري لـ«يامو» في صالة سينما «متروبوليس»
في «أمبير صوفيل» (الأشرفية)
ناهد صلاح: «الفتوّة في السينما»
قدّمت أفلام مصرية عدة صورة إيجابية عن «فتوّة» صالِح، يُدافع عن أهل
الحيّ، ويعمل لمصلحتهم، ويقف حائلاً دون تفاقم صداماتهم مع بعضهم البعض.
لكن «ثورة 25 يناير» أضاءت على نمط آخر من «الفتوّة» عُرف باسم «البلطجية»،
ما جعل الباحثة السينمائية صلاح تستعيد هذه الظاهرة السينمائية في كتابها
«الفتوّة في السينما المصرية» («كتاب اليوم»، القاهرة)، منطلقة من المقارنة
النقدية بينهما، ومحلّلة الأفلام التي تناولت «الفتوّة»، من دون تناسي
الجذر الاجتماعي والحيّز السياسي والواقع اليومي التي خلقت ظاهرة «البلطجية».
السفير اللبنانية في
28/06/2012
تكريم أنتونيوني وميلفيل و«كرة كريستال» لسوزان ساراندون عن
مجمل نشاطها
«مهرجان
كارلوفي فاري».. سينما شبابية وخلاّقة
زياد الخزاعي
(كارلوفي
فاري)
يحتفي المهرجان السينمائي، الذي يحتضْنه المنتجع التشيكي الساحر، بعامه
السابع والأربعين (29 حزيران ـ 7 تموز 2012). بيد أن إدارته لا تزال
متمسّكة، بعناد نادر، بشبابية جدولته وعناوينها. هذا قرار غير محكوم بمزاج
وتعنّت، بل بدراية وسياسة. ذلك أن جُلَّ رواد قاعاته وعروضها هم شباب
متحمّسون، تصادفهم واقفين في طوابير ينتظرون بصبر فسحة دخول إلى إحدى
القاعات الأربع عشرة، المنتشرة في أزقّة المدينة المحصّنة بمعمارها الذي
يتفاخر بمرجعيته الامبراطورية.
في العام الماضي، بيعت 126 ألف تذكرة، واستضاف المهرجان 800 شخص من منتجين
وموزّعين ومبرمجي مهرجانات وممثّلي معاهد سينمائية وغيرهم. هذا العام،
ازداد عدد المدعوين، في إشارة إلى عزم إدارة المهرجان تعزيز مكانته وسط
المتنافسين الأوروبيين، على الرغم من أنه لا يضمّ سوقاً سينمائية، بل يعتمد
على اتصالات مباشرة بين حضوره في ردهات الفنادق لإتمام صفقاتهم. يُتوَقّع
كذلك أن ترتفع نسبة المشاهدة مرّة أخرى، بسبب البرمجة المميَّزة التي قام
بها المدير الفني كارل أوتش، تلميذ «قيصرة» كارلوفي فاري إيفا زاورلاوفا،
التي لا تزال تعمل ضمن الطاقم، إذ حَشَد المسابقة بأسماء مخرجين شباب، من
بينهم مخرجة واحدة فقط. بدا إدراج فيلم «تردّدات جيّدة» مُنصَبّاً، في
حكايته، في هذه الرُّوحية. فجديد الثنائي ليزا باروز داسا وغلين ليبيرن
استعار حكاية حقيقية عن الشاب تيري هولي، مدير محل بيع آلات موسيقية وسط
بلفاست، ساهم عبره في تثوير موسيقى حركة الـ«بنك» المتمرِّدة. رصد الفيلم
حقبة الستينيات الإيرلندية وانقلاباتها الحاسمة، في أجواء سياسية محتدمة،
وصراع مسلَّح، واحتلال بريطاني. بينما خُصِّص العرض الختامي لفيلم الأميركي
وودي آلن «إلى روما مع حبّي»، وهو استكمال لمشروعه الأوروبي الذي بدأه مع
رائعته «فيكي كريستينا برشلونة» (2008)، ولاحقاً الأقل شأناً «منتصف الليل
في باريس» (2011).
على الرغم من الخانات العشرين التي تتألّف منها فعاليات المهرجان، وأفلامها
التي تربو على المئتين، تبقى أفلام المسابقة وجائزتها المرموقة «كرة
الكريستال» مثار اهتمام الجميع، علماً أن لجنة التحكيم ترأّسها الأميركي
ريتشاد بينا، مدير البرمجة في «جمعية السينما» التابعة لـ«مركز لينكولن» في
نيويورك. تضمّ المسابقة اثني عشر فيلماً طويلاً، منها ثمانية تُقدَّم
للمرّة الأولى، بينما تشهد أربعة منها مشاركة دولية أولى، بعد عروض محلية
سابقة. من بين الأفلام التي تسبقها سمعة التسريبات، جديد المخرج الإيطالي
ماركو توليو جوردانا «ساحة فونتانا، المؤامرة الإيطالية»، الذي أعاد ترتيب
حكاية الانفجار الضخم الذي دمَّر الساحة الشهيرة وسط مدينة ميلانو في العام
1969، وسعي ضابط أمن في الوصول إلى الجُناة. مزج جوردانا (1950) أساليب
التوثيق والاستعارة السياسية واصطراع الحركات الطالبية والمافيا، بالإضافة
إلى الحياة الخاصة لبطله، صائغاً ساعتين من تاريخ دموي عَصَف ببلد دانتي،
مُحَوِّلاً الجميع إلى متواطئي تخريب. هناك العمل الأخير للمخرج البولندي
المميّز يان ياكوب كوليسكي «من أجل قتل قُندس»، الذي وضع بطله في قلب
التساؤل العصيّ بشأن وجوده الإنساني وحريته. سعى إريك النَّزق إلى عزلته،
لكنْ اقتحام امرأة غريبة حياته وقراراته قَلَب كل شيء، وفَجَّر ذكريات
مريرة. من اليونان، هناك باكورة المخرج الموهوب لاجيزوس أيكتوراس «فتى يأكل
طعام الطيور»، الذي استلف أجواء المعلّم الفرنسي روبير بريسون، حول يافع
وحيد، عاطل عن العمل، من دون أصحاب أو أحبّاء أو مال لشراء طعام. تتبّع
الفيلم ثلاثة أيام من يوميات بطل مقصِيّ في أثينا المحاصَرة بالأزمة
المالية العصيّة.
أَحْوال البشر ومصائرهم وسيرهم موزّعة على حكايات الأفلام الأخرى. في
«الشاحنة» للكندي رافائيل أوليه، نتابع مِحْنة سائق شاحنة وخرابه الروحي
إثر حادثة مفجعة. صوَّر المخرج النمساوي من أصول تركية حسين طباك، في
«جمالك لا يساوي شيئا»، الانقلاب الحياتي الكبير ليافع تركي وقع في الحبّ
إثر وصوله إلى فيينا. زميله النرويجي مارتن لوند راقب تحوّلات شاب ثلاثيني
يستقبل وليده الأول، كما سعت بطلة «دكان كاميهاتا» للياباني تاتسويا
ياماموتو إلى إنهاء أساها بالطرق كلّها، بما فيها العزلة، هي نفسها
(العزلة) التي تُنهك حياة عجوز مريض رفض التخلّي عن منزله في «رجم القديس
أيتيان» للإسباني بير فيلا بيرشلو. تكرّر الوَيْل الشخصي مع محنة بطلة
«رؤية الأب» للمكسيكية لوسيا كاريراس، التي تعرّضت لخسارة وليدها. وواجهت
بطلة «الخطوة الاخيرة» للإيراني علي موسافا خياراً صعباً مع انهيار زيجتها.
وحده، التشيكي الشاب ماريك نيجبرت ذهب إلى التجريب، حول الصداقة وخِلاّنها،
في «فيلم بولندي»: أربعة أصدقاء قرّروا «صناعة» شريط يُصوِّر أحوالهم
ويومياتهم.
من الفضائل الكبرى في «مهرجان كارلوفي فاري»، تلك الاختيارات الحكيمة في
خانة التكريمات والاستعادات: من الممثلة الأميركية المميّزة سوزان ساراندون،
بطلة «أتلانتك سيتي» للفرنسي الراحل لوي مال، التي ستحصل هذا العام على
«كرة كريستال» عن مجمل نشاطها الإبداعي، إلى زميلها التشيكي جوزيف سومر،
الذي حصد شهرة بفضل أدائه دور البطولة في فيلم «النكتة» (1968)، المقتبس عن
رواية ميلان كونديرا، وانتهاءً بصاحب «مواقيت وريح» (2006) و«كوزموس»
(2010)، المخرج التركي الطليعي ريها أرديم، تكون منجزات المخرجين الراحلين
الإيطالي مايكل أنجلو أنتونيوني (تُعرض له نصوصه القصيرة فقط، في لفتة ذكية
إلى اشتغالاته) والفرنسي جان بيار ميلفيل (تُعرض له عشرة أفلام من أصل 14)،
أكثر الاحتفاءات ضياء لقامتين سينمائيتين تشع بها شاشات المدينة ـ الجوهرة
لمقاطعة بوهيميا الخلاّبة.
السفير اللبنانية في
28/06/2012
عرض فيلم "½ثورة" بمركز درب 1718 الاثنين 9 يوليو
كتبت دينا الأجهورى
يعرض فيلم "½ثورة" للمخرج عمر شرقاوى وكريم الحكيم الساعة الثامنة مساء يوم
الاثنين الموافق 9 يوليو بمركز درب 1718، ويمثل فيلم ½ ثورة تجربة عاطفية
تعكس تجربة شخصية من الربيع العربى، حيث تحاول مجموعة من الأصدقاء من سكان
وسط المدينة البقاء معاً على مدار اليوم الأول من أيام الفوضى العارمة التى
حلت بمصر مع بدء الثورة.
فبمجرد أن بدأت حشود المتظاهرين فى الزحف على وسط المدينة بالقرب من الحى
الذى تقطن به هذه المجموعة متجهةً صوب ميدان التحرير، نزل المخرجان عمر
شرقاوى وكريم الحكيم ليسجلا بكاميراتهما تلك اللحظات التى يسطرها التاريخ
فى سجله أمام أعينهما.
ولكن بعد ساعات قليلة، بدأ العنف والريبة فى طرق الأبواب بعنف، لتتحول شقة
كريم وعائلته الصغيرة إلى خلية نحل يملؤها النشاط والحركة، بسبب توافد
المزيد من الأصدقاء إليها للصمود أمام القبضة المضادة للثورة، والتى كانت
تضرب بعنف من خلال ذراعيها القويين الشرطة والعصابات المسلحة من بلطجية
نظام مبارك الذين سيطرون على الشارع الذى تطل عليه شرفة الشقة التى يقيم
بها كريم.
يعد "½ ثورة" أول فيلم اعتبر أن ثورة 25 يناير التى قامت فى مصر لم تكن
ثورة كاملة، وهو ما أثبتته الأحداث الأخيرة فى مصر. وتقرر اسم الفيلم منذ
الأيام الأولى بعد تصويره، حيث اعتبر عمر وكريم فى عام 2011 أن العنوان
يعبر تماماً عما حدث للثورة المصرية التى ما زالت مستمرة حتى الآن، وأطلق
فريق الفيلم موقع إنترنت يعد الأول من نوعه لفيلم وثائقى عن الثورة.
"½ ثورة" إنتاج مشترك ما بين دانيش جلوباس فيلم وبروفيسى فيلم التى أسسها
عمر وكريم عام 2010. تم العمل فى هذا الفيلم بدعم من معهد الدنمارك
للسينما، وأنتجته كارستن هولست من شركة جلوباس، وتشرف على مبيعاته شركة
ليفل كيه.
اليوم السابع المصرية في
29/06/2012
سمير صبري يكتب :حكايات أبوسمرة!
أسرار لقاء آلان ديلون
مع يسرا وسعاد حسني
يكتب :سمير صبرى
تجمعنا من غير ميعاد أنا
ومجموعة من الزملاء والزميلات »يسرا ـ سهير البابلي ـ محمد نوح ويوسف
شاهين« في
المستشفي الأمريكي في باريس لإجراء فحوصات تعودنا عليها
سنوياً.. وبعد المستشفي
والتحاليل اللازمة.. دعانا »جو« أو يوسف شاهين للغذاء في احد مطاعم »الشانزليزيه«
أجمل شوارع العالم.. وأثناء الغذاء جاءت
سيرة سعاد حسني وانها أجرت عملية خطيرة في
العامود الفقري في مارسيليا خارج باريس واقترحت أنا أن نتصل
بالسفارة المصرية لعلهم
يعرفون اسم المستشفي حتي نذهب جميعاً لزيارتها بينما اقترحت يسرا الاتصال
بالأستاذ
لبيب معوض المحامي في القاهرة لأنه محاميها وأكيد حايبقي عارف عنوانها
وفجأة وقفت
أمامنا امرأة ترتدي بلوزة وجوب كاجوال ونظارة سوداء سميكة
وبرنيطة تخفي معظم معالم
وجهها وقالت: السلام عليكم.. أنا زوزو النوزو كوانوزو!.
وصرخنا جميعاً من الفرحة.. انها سعاد حسني..
أمامنا.. وبعد القبلات والأحضان والعناق جلست معنا تروي لنا تفاصيل العملية
الجراحية التي أجرتها في مرسيليا وأنها الان تعتبر نفسها في فترة النقاهة
وقد
استأجرت غرفة ستديو في إحد الشوارع الجانبية وسعيدة جداً إنها
تمارس يومياً رياضة
المشي بدون أن يتعرف عليها أحد فيزعج إحساسها بالخصوصية التي تستمتع بها في
باريس..
وسرقنا الوقت واضطر يوسف شاهين أن يتركنا
فهو يقوم بإخراج مسرحية »كاليجولا« لأعرق
فرقة مسرحية في أوروبا »الكوميدي فرانزيز« والافتتاح غداً
ووعدنا أنه سيقوم بحجز
»بنوار«
لنا لنحضر معه حفل الافتتاح.. وبعد أن تركنا جلسنا نشرب الشاي ونسترجع
الذكريات الحلوة بيننا واتفقنا علي أن نلتقي في السادسة مساء اليوم التالي
في
الفندق الذي تقيم فيه يسرا وسهير البابلي ثم نذهب معاً إلي
المسرح الذي يبدأ في
الثامنة مساءً!.
وفي السادسة تماماً كنت في بهو الفندق في انتظار
وصول »سعاد حسني« ونزلت يسرا ومعها سهير وهما في قمة الشياكة.. فنحن سنذهب
إلي أعرق
مسارح أوروبا.. بدعوة من مخرج العمل.. وطبيعي سوف يقدمنا إلي كبار نجوم
العرض فلا
بد أن نكون احنا علي قد المسئولية ونكون مشرفين ليوسف شاهين!!
وفجأة دخلت علينا
سعاد وهي ترتدي نفس البلوزة والجونلة الكاجوال ونفس الحذاء الرياضي.. وبلا
مكياج..
ونظرت إلي يسرا وبإشارة مني قامت معي وطلبت
منها أن تأخذ سعاد إلي غرفتها وتقوم علي
الأقل بوضع لمسات بسيطة من المكياج علي وجه سعاد.. وفعلاً نادت
يسرا علي سعاد ومعها
سهير البابلي وصعدوا إلي غرفتها في الفندق.. وانتظرت أنا في اللوبي.. وبعد
نصف ساعة
تقريباً نزلت يسرا وخلفها سهير البابلي ثم سعاد حسني وقد ارتدت بعض الملابس
الخاصة
بيسرا أو بسهير مش عارف.. وتم وضع المكياج اللازم وحتي الحذاء الرياضي تغير
ووجدت
أمامي سعاد حسني كما تعودنا عليها »قمر السينما العربية«.. وذهبنا جميعاً
إلي
المسرح ووجدنا »اللوج« الرئيسي محجوز باسم »الوفد المصري«
وطبعاً المسرحية كلها شعر
فرنسي قديم وصعب فهمها لكن كانت سعادتنا كلها في الاستقبال الرائع الذي
قوبل به
يوسف شاهين عند ظهوره علي المسرح بعد العرض البديع الذي لم نفهم منه كلمة
واحدة!!
وكما توقعنا قدمنا يوسف شاهين إلي نجوم العرض وهم من كبار نجوم فرنسا ثم
دعاهم معنا
لتناول العشاء في احد المطاعم في الحي اللاتيني الذي يعشقه »جو« والذي يقدم
المأكولات البحرية المميزة التي اشتهرت بها باريس!.
وعند عودتنا قمنا بتوصيل »سعاد« إلي شقتها وطلبت منا
أن نصعد معها لنلعب معها »الكومي« وهي لعبة الكوتشينة المفضلة عندها »وعند
عبدالحليم أيضاً«.
وفي اليوم التالي التقينا في كافيه »فوكيت« وهو أشهر
كافيهات باريس ويتواجد فيه كثير من النجوم المشهورين وجاءت سعاد ومعها شنطة
بلاستيك
فيها كل الملابس التي كانت قد استعارتها في اليوم السابق.. جاءت وهي أيضاً
ترتدي
الملابس الكاجوال البسيطة جداً وبلا مكياج.. وأثناء جلوسنا دخل
النجم الوسيم آلان
ديلون وجلس في احد الأركان وحده.. وأبدت يسرا رغبتها في أخذ صورة معه وهنا
قالت لها
سعاد:
ـ أنا حاخليه يجي هنا لحد عندك..! يسرا ما تروحش
لحد!!.
ونادت سعاد علي الجرسون وهمست له بالفرنسية التي
أصبحت تجيدها:
ـ معي أميرة مصرية مصابة في قدمها وتتمني لو أخذت
صورة مع مسيو ديلون.. ممكن تبلغه رغبتنا؟
وذهب الجرسون ونقل الرسالة إلي آلان ديلون الذي قام
من مجلسه مبتسماً واقترب من المائدة التي نجلس عليها وهنا قالت سعاد:
ـ ولا تتحركوا لحد ما هو يجي هنا..!
وفعلاً حضر آلان ديلون وانحني يقبل يد الأميرة يسرا
ودعوته للجلوس معنا فقبل وأخذنا الصور اللازمة معه ثم دعوته أنا بصفتي مدير
أعمال
الأميرة يسرا لزيارة مصر ومشاهدة النيل والأهرامات والأقصر ـ وأعطيته رقم
تليفوني
وأخذت رقمه هو لترتيب الزيارة وقمنا بتمثيل مشهد كوميدي جميل
شربه النجم العالمي
الوسيم وأراد أن يطلب »الحساب« ولكن سعاد حسني رفضت بشدة وأخبرته أنها
تعتبر اهانة
للأميرة.. وانصرف »آلان ديلون« وأخذنا نحن نضحك علي ما قمنا به ثم جاءت
الفاتورة
الثقيلة ونظرت سعاد مشيرة إلي يسرا وقالت للجرسون:
ـ الحساب عند سمو الأميرة!!.
S.SABRY@SAMIR-SABRY.
أخبار اليوم المصرية في
29/06/2012
المثقفون و"مرسى"..مخاوف إلى أن يثبت العكس!
كتبت - نعمة عز الدين :
حينما صدر حكم بإدانة الفنان عادل إمام بتهمة ازدراء الأديان أكد الدكتور
محمد مرسي رئيس مصر الحالي، الذي كان وقتها مرشحا محتملا للرئاسة: ان
احترام حرية الإبداع أمر ضروري يجب التمسك به ولا يمكن التخلي عنها لأنها
من المبادئ التي كفلها الإسلام.
وأضاف: الحكم الذي صدر ضد الفنان عادل إمام قضائي ولا يمكننا التعليق عليه.
هذه الرسالة المطمئنة من جانب الدكتور محمد مرسي الي المبدعين التي تكفل
حرية التفكير وإعمال العقل والاجتهاد تعيد إلي الأذهان ملف الإبداع كأفق
رحب للابتكار والخيال سواء اتفقنا مع هذا الابداع أو اختلفنا معه والتيارات
الإسلامية المتشددة حتي لا يتحسس المبدعون أقلامهم وفرشاة ألوانهم خوفاً من
اتهامهم بالكفر وتأويل نصوصهم الروائية وأعمالهم الفنية - السينمائية
والتشكيلية - الي نص حلال وآخر حرام وتعد حادثة اغتيال المفكر الدكتور فرج
فودة علي يد جماعة إسلامية متشددة والتي تمر هذا الشهر عشرون عاما علي
وقوعها بداية قاسية وعلاقة متوترة بين حرية الإبداع كفعل بشري يخضع
بالضرورة الي تجاوز الواقع ويحلق عاليا في الخيال والفانتازيا العقلية وبين
التيارات الإسلامية المتشددة التي تخضع هذا الإبداع الي رقابة دينية صارمة
لا تعترف سوي بحلال العمل من حرامه.
ففي عام 1992 وضمن فاعليات معرض القاهرة الدولي للكتاب تمت مناظرة بين
الشيخ محمد الغزالي والمستشار مأمون الهضيبي والدكتور محمد عمارة من جانب
والدكتور محمد خلف الله والدكتور فرج فودة من جانب آخر تحت عنوان: «مصر بين
الدولة المدنية والدولة الدينية» والتي علي أثرها أصدرت جبهة علماء الأزهر
فتوي بتكفير المفكر الراحل فرج فودة وبعدها قامت الجماعات الإسلامية بتكليف
شابين بتنفيذ مهمة اغتيال فودة، وقد كان فودة يقول علي الملأ: لا لخلط
الدين بالسياسة وطالب بفصل الدولة عن الدين وظل ينادي بذلك في كتبه ويحذر
من انتشار الجماعات الإسلامية التي تسعي للسيطرة علي الحكم وتحويل مصر إلي
دولة خلافة.
والفتوي التي أصدرتها الجماعات ضد فودة اعتبرته كافرا وبالتالي دمه حلال
فقتل علي يد رجل جاهل لا يقرأ ولا يكتب وعندما سأله القاضي: لماذا قتلته؟
قال: لأنه كافر فسأله القاضي: ومن أي ما كتب عرفت انه كافر؟ فرد لم أقر
كتبه. فسأله القاضي: كيف؟ فأجاب: أنا لا اقرأ ولا أكتب فحكم عليه القاضي
بالإعدام.
يذكر ان الدكتور فرج فودة مفكر ولد عام 1945 ببلدة الزرقا بمحافظة دمياط
وهو حاصل علي الماجستير والدكتورة في الزراعة؛ ولم تمر سوي ثلاث سنوات فقط
علي حادث اغتيال المفكر الدكتور فرج فودة ليستيقظ المشهد الثقافي والفكري
علي خبر محاولة شابين اغتيال كاتبنا الكبير نجيب محفوظ أمام منزله واتهامه
وهو من تجاوز وقتها السبعين من العمر بأنه كافر!!
ففي حوار نشرته مجلة الثقافة الجديدة الشهرية علي لسان الشاب الذي حاول قتل
نجيب محفوظ قبل سبعة عشر عاما يعترف بأن الجماعة الإسلامية كلفته أو شرفته
بذلك، وقال محمد ناجي مصطفي لرئيس اتحاد الكتاب محمد سلماوي: إنه فني إصلاح
أجهزة إلكترونية حصل علي شهادة متوسطة واتجه إلي الله منذ أربع سنوات
وأضاف: قرأت كتباً كثيرة خاصة بالجماعة الإسلامية الي ان قبلوني. وسجل
الكاتب محمد سلماوي الذي أدار حوارا غير مباشر بين نجيب محفوظ والشاب الذي
حاول اغتياله في أكتوبر 1994 ان الشاب اعترف بأنه حاول اغتيال محفوظ لأنه
ينفذ أوامر أمير الجماعة والتي صدرت بناء علي فتوي الشيخ عمر عبدالرحمن.
ومقال سلماوي هو أحد فصول كتاب «في حضرة نجيب محفوظ» يقول سلماوي انه ابلغ
الشاب بأن محفوظ سامحه علي جريمته فقال: هذا لا يغير من الأمر شيئا لقد
هاجم نجيب محفوظ الإسلام في كتبه ولذا أهدر دمه وقد شرفتني الجماعة بأن
عهدت الي تنفيذ الحكم فيه فأطعت الأمر.
وهذه ليست محنة الكاتب الكبير نجيب محفوظ الأولي مع المتشددين الذين لا
يرون النص الروائي حالة إبداعية مجردة بل يتم تأويله من منظور ديني خاضع
للحلال والحرام وما يجب ان تقوله هذه الشخصية الروائية وتفعله وما لا يجب،
ففي 21 سبتمبر 1950 أي قبل محاولة اغتيال محفوظ بأكثر من أربعة وأربعين
عاما بدأ نشر رواية «أولاد حارتنا» مسلسلة في جريدة الأهرام ثم توقف النشر
في 25 ديسمبر من العام نفسه بسبب اعتراضات هيئات دينية علي تطاوله علي
الذات الإلهية فلم تنشر الرواية كاملة في مصر في تلك الفترة، ونظرا لطبيعة
نجيب محفوظ الهادئة التي كان لها أثر كبير في عدم نشر الرواية في طبعة
مصرية لسنوات عديدة حيث كان ارتبط بوعد مع حسن صبري الخولي الممثل الشخصي
للرئيس الراحل جمال عبدالناصر بعدم نشر الرواية في مصر إلا بعد موافقة
الأزهر فطبعت الرواية في لبنان من إصدار دار الآداب عام 1962 ومنع دخولها
إلي مصر رغم أن نسخاً مهربة منها وجدت طريقها الي الأسواق المصرية.
ولم يمت الكاتب الكبير نجيب محفوظ كنتيجة لمحاولة اغتياله وفيما بعد إعدام
الشابين المشتركين في محاولة الاغتيال رغم تعليقه بأنه غير حاقد علي من
حاول قتله وانه يتمني لو أنه لم يعدم، وخلال إقامته الطويلة في المستشفي
زاره الشيخ محمد الغزالي الذي كان ممن طالبوا بمنع نشر أولاد حارتنا
وعبدالمنعم أبوالفتوح القيادي في حركة الإخوان المسلمين وهي زيارة من جانب
اثنين يمثلان التيار الديني ذات دلالة قوية ورسالة مفادها ان الاختلاف مع
المبدع والكاتب لا يعطي الحق في تكفيره واتهامه بالكفر والذي في النهاية
يقود إلي إهدار دمه جزاءً له علي تفكيره الذي قد نختلف معه فيه أو نتفق.
ولكن للأسف تسببت هذه الزيارة في هجوم شديد من جانب بعض المتشددين علي
الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح.
الأزمات تتوالي واتهام المبدعين لا ينتهي، فالتفتيش في صدور الشخصيات
الروائية عن إيمانها لا يتوقف بل إنه جعل شيخا مثل يوسف البدري صاحب نصيب
الأسد في رفع دعاوي قضائية علي الشعراء والكتاب. وأثار نشر رواية «وليمة
لأعشاب البحر» عام 2000 لكاتبها حيدر حيدر وهو روائي سوري التي جاء نشرها
في سلسلة «آفاق عربية» التي تصدر عن وزارة الثقافة ويرأس تحريرها الكاتب
إبراهيم أصلان وتزعمت صحيفة الشعب التي كانت تصدر عن حزب العمل من خلال
مقالات الكاتب محمد عباس في صحيفة الشعب حملة علي الرواية حيث اعتبرها
الكاتب تجديدا سافرا للدين والأخلاق بل إن هذه الرواية تدعو إلي الكفر
والإلحاد وأثارت في هذه الفترة الجدل العارم وقامت المظاهرات بين طلاب
الأزهر علي خلفية استفزازهم بالمقالات التي تتصدي للرواية وترفضها ظنا منهم
انها ضد الدين بالفعل ولم تقعد الدنيا وتم التحقيق مع إبراهيم أصلان وتضامن
معه الكثير من الكتاب والأدباء والمفكرين غير أن مجمع البحوث الإسلامية
التابع للأزهر أدان الرواية والقائمين علي نشرها واعتبروها خروجا علي
الآداب العامة وتحرض علي الخروج علي الشريعة الإسلامية، مما أدي الي ردود
فعل من الروائيين خيري شلبي وجمال الغيطاني حذرا فيه من العبث في النص
الروائي وقراءته من منطلق ديني.
الاتهام بالكفر
ولم يكتف المتشددون الإسلاميون باتهام المبدعين بالكفر والخروج علي الملة
وإهدار دم البعض علي خلفية أعمالهم التي أدت تلك الدعاوي المحرضة في
النهاية الي اغتيال المفكر فرج فودة ووفاته ومحاولة اغتيال الكاتب الكبير
نجيب محفوظ الذي نجا من الموت بأعجوبة بل وصل إلي تفريق الدكتور نصر حامد
أبوزيد عن زوجته ابتهال يونس أستاذ الأدب الفرنسي بإقامة أول دعوي حسبة في
تاريخ مصر المعاصر حيث بدأت الأزمة داخل جامعة القاهرة عام 1993 عندما رفضت
الجامعة ترقية د. نصر حامد أبوزيد الأستاذ المساعد بكلية الآداب إلي درجة
الأستاذ بعد اتهامه بإهانة العقيدة، وكان د. نصر قد تقدم في 9/5/1992
للترقية إلي درجة أستاذ بإنتاج علمي غزير منه كتاب «الإمام الشافعي وتأسيس
الأيديولوجية الوسطية» وكتاب «النقد الخطابي الديني» إلا أن الكتاب الأخير
أثار أزمة كبري بعدما اتهمه د. عبدالصبور شاهين في تقريره بالكذب والجهل
والافتراء علي الإسلام بمذهب هو خليط من فكر وأيديولوجية وتطرف وجدلية
يرفضه القراء والمتخصصون في الثقافة الإسلامية وقامت اللجنة في جلسة
18/3/1993 بحضور 12 أستاذا برفض الترقية استنادا علي هذا التقرير وأثار رفض
الجامعة أصداء حادة داخل الأوساط الثقافية والفكرية وتوالت المقالات
والأحداث وفي 31/3/1933 كتب الراحل د. غالي شكري مقالا بعنوان قضية نصر
أبوزيد أكد فيه أن ما حدث يتجاوز مجرد ظلم حاق بأستاذ جامعي يستحق الترقية
الي التأسيس لظاهرة الإرهاب المستتر بالدين داخل قلعة الفكر الحر - الجامعة
- بمصادرة الباحث - بمنعه من الترقية - تمهيدا لمصادرة أبحاثه. وفي جريدة
الأهرام بتاريخ 31/3/1993 كتب الراحل د. غالي شكري مقالا بعنوان قضية
أبوزيد أكد فيه ان ما حدث يتجاوز مجرد ظلم حاق بأستاذ جامعي يستحق الترقية
إلي التأسيس لظاهرة الإرهاب المستتر بالدين داخل قلعة الفكر الحر - الجامعة
- بمصادرة الباحث - بمنعه من الترقية - تمهيدا لمصادرة أبحاثه. وفي جريدة
الأهرام بتاريخ 31/3/1993 وبعد أسبوع أطلق أحمد عبدالمعطي حجازي سلسلة
مقالاته لمناصرة د. نصر حامد أبوزيد قال فيها ان تقرير د. عبدالصبور شاهين
أهدر القيمة العلمية لأبحاث د. نصر ولم ينصف العقيدة لأنه ليس من الإسلام
أن يكفر المسلم مسلما لانه يري غير رأيه وإنما هذا هو الإرهاب. وفي
7/4/1993، تقدم أكثر من خمسين أستاذاً بكلية الآداب جامعة القاهرة بمذكرة
إلي د. حسين كامل بهاء الدين وزير التعليم بصفته رئيسا لمجلس الأعلي
للجامعات رفضوا فيه أسلوب اللجنة العلمية في تقريرها بشأن ترقية د. نصر
حامد أبوزيد كما رفع الأساتذة مذكرة أخري لرئيس الجامعة لإعادة النظر في
هذا الموضوع. وفي المساء كشف الكاتب لطفي الخولي في مقاله «كتاب سيدنا أو
جامعة القاهرة» عناصر الأزمة لأول مرة - عندما يؤكد ان كتاب نقد الخطاب
الديني انتقد في مقدمته شركات توظيف الأموال «وهذا ما أثار غضب د.
عبدالصبور شاهين مستشار إحدي هذه الشركات، وفي 10/6/1993 تقدم المستشار
محمد حميدة بدعوي حسبة ضد د. نصر حامد أبوزيد يطالب فيها بإعلان ردته
والتفريق بينه وبين زوجته دفاعا عن حق من حقوق الله كما تقدم الشيخ يوسف
البدري إلي قائمة الشهود ضد د. نصر حامد أبوزيد في قضية الحسبة المرفوعة
ضده وقررت المحكمة تأجيل المحاكمة لجلسة 25 نوفمبر. ودعت المنظمة المصرية
لحقوق الإنسان الي التضامن مع د. نصر أبوزيد في الحملة الموجهة ضده وآخرها
رفع دعوي قضائية للتفريق بينه وبين زوجته بعد ادعاء البعض أن د. نصر مرتد
عن الإسلام وطالبت المنظمة الدولة بتوفير كافة سبل الحماية والأمان للدكتور
نصر لتعرضه لخطر الاغتيال بواسطة بعض جماعات الإسلام السياسية، ونشر بجريدة
الأهالي بتاريخ 17/11/1993 ان مجلس جامعة القاهرة برئاسة د. مفيد شهاب وافق
علي ترقية د. نصر حامدأبوزيد الأستاذ المساعد بقسم اللغة العربية بآداب
القاهرة إلي درجة أستاذ.
ولكن في عام 1995 قضت محكمة استئناف القاهرة دائرة الأحوال الشخصية
بالتفريق بين د. نصر أبوزيد وزوجته د. ابتهال يونس وإلغاء حكم محكمة أول
درجة في هذه القضية لإصداره كتاباً وأبحاثاً رأت المحكمة أنها تسيء للإسلام
وتثبت ارتداده عنه، وهذا هو أول حكم حسبة يصدر من القضاء المصري، وانتقدت
صيحفة «ليبراسيون» الفرنسية - أمس - قرار محكمة الاستئناف في مصر بالتفريق
بين د. نصر وزوجته وقالت إن قرار المحكمة كان بمثابة دش بارد علي رؤوس
المثقفين.
وكتبت مجلة روزاليوسف في عددها الصادر 19/6/1956 ما حدث ردة في تاريخ مصر
ويمس كل المقدسات الإنسانية دينية وغير دينية ويمثل دعوة صريحة للإرهابيين
لاغتيال د. نصر.
كما أكد المفتي في تقريره لمحكمة النقض ان قراءة الكتب لا تكفي للتفريق بين
د. نصر حامد أبوزيد وزوجته وبعد 10 شهور من نظر قضية د. نصر حامد أبوزيد
أمام محكمة النقض حكمت المحكمة بتأييد حكم التفريق بينه وبين زوجته.
وأعلنت محكمة النقض دائرة الأحوال الشخصية حيثيات حكمها بتأييد حكم محكمة
استئناف القاهرة بالتفريق في تقرير يتكون من 34 صفحة جاء فيه ان ما جاء في
كتبه من جحود لأحكام شرعية وردت في القرآن وإنكاره الملائكة والعرش والكرسي
ووصفها بالأساطير جهرا بالارتداد عن الدين بما يستوجب التفريق.
وفي 1996 أصدر د. نصر حامد أبوزيد بيانا بعنوان «أنا أفكر فأنا مسلم» جاء
فيه «يا أهل مصر المعمورة لا تصدقوا كلام القاضي بأنني مرتد ولو كان قاضيا
في النقض. وفي عام 1996 أكد روجيه جارودي ان حكم محكمة النقض بالتفريق يعيد
للمسلمين 100 سنة إلي الوراء علي الأقل وقضت محكمة الأمور المستعجلة
بالجيزة بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة للأحوال الشخصية
في 14/6/1995 القاضي بالتفريق بين د. نصر أبوزيد وزوجته د. ابتهال يونس
«الجمهورية» وبدأ د. نصر حامد أبوزيد إجراءات جديدة بوزارة العدل المصرية
لتأكيد شرعية عقد زواجه من زوجته د. ابتهال يونس معترضا بتطليقها منه بعد
الأحكام التي صدرت ضده بالردة عن الإسلام. وقررت محكمة جنوب القاهرة
الدائرة المدنية مد أجل النطق بالحكم في الدعوي المقامة من د. نصر حامد ضد
وزير العدل لإثبات استمرار العلاقة الزوجية مع زوجته إلي جلسة 21 أغسطس
لاعتذار رئيس المحكمة.
الوفد المصرية في
29/06/2012 |