نفت الفنانة المصريَّة، رانيا يوسف، ما يشاع عن أنَّها إرتبطت بكريم
الشبراوي لأنَّها كانت طامعةً فيه، مؤكِّدةً أنَّها تزوجته من دون مهر أو
شبكة، متمنيَّةً على النِّساء أن يتعلمن من قصَّتها وتجربتها.
القاهرة: مشاعر متناقضة تعيشها الفنانة المصرية، رانيا يوسف، حاليًا
خصوصًا بعد تورطها في قضية حيازة الحشيش التي تتهم طليقها كريم الشبراوي
بتلفيقها لها، وفي الوقت نفسه تواجه حربًا شرسة يخوضها الشبراوي ضدها بهدف
التشويه والإساءة لسمعتها، حيث باتت مضطرة للحديث عن حياتها الشخصية في
وسائل الإعلام.
وإختارت رانيا موقع "إيلاف" لتفتح قلبها وتكون قصتها عبرة لكل النساء
على حد قولها، كاشفة تفاصيل الأزمة التي تعيشها حاليًا خلال هذا الحوار.
·
في البداية كيف تعرفت على طليقك
كريم الشبراوي؟
بالصدفة ذهبت لأشتري شقة وعرفت أن هناك مبنى فيه شقق وعندما كنت أتحدث
عن التفاصيل الطبيعية التي نستفسر عنها قبل شراء أية شقة فوجئت به يخرج
ليستقبلني عندما علم أنني موجودة، وكانت تلك هي النظرة الأولى، وأخذ يرحب
بي باهتمام كبير جدًا، ويقسم لي أنه كان يحلم بهذا اليوم طوال حياته، وأنه
يحبني جدًا وكلام من هذا القبيل.
·
ولكن هذه بالفعل كانت المرة
الأولى أم أنه كان يتابعك ليقوم بإيقاعك؟
بالنسبة لي كانت المرة الأولى التي أراه فيها، ولكنه قال لي إنه كان
دائما يتابعني وأنا أسير مع بناتي بشكل يومي، وأخذ يقول لي إنه معجب جدًا
بي، وإنه معجب بكيفية ممارستي للرياضة ومحافظتي على رشاقتي، التي كانت
دافعًا له لتخفيض وزنه من 250 كيلوغرامًا إلى ما هو عليه اليوم.
·
ولكن بالنسبة لك، كيف كانت
مشاعرك تجاهه وقتها هل تحرك شيء بداخلك؟
بالفعل وجدت أنه لطيف وإبن عائلة كما يقال، هذا إلى جانب الكذب المفنن
والمتقن الذي دخل به علي، حيث أخذ يحكي لي عن دراسته في مدارس سويسرا،
والدكتوراه التي حصل عليها من أكبر جامعة في العالم، واللغات التي يتحدث
بها، فأعجبت به وبطريقته الجميلة في الكلام، إلا أنني إكتشفت أنه متمرس في
الإيقاع بالنساء لكي يحصل منهن على أكبر مكاسب ممكنة.
·
ومن الذي بادر بطلب الزواج أنت
أم هو؟
بالطبع هو ولا يمكنني وصف كم كان جميلاً ولطيفًا عند قيامه بذلك،
ومشكلتي أنني رومانسية جدًا وكنت أبحث عن الحب والإستقرار، فأنا لا أستطيع
العيش من دون الحب الذي توهمت أنني سأجده معه بعد أن طلب يدي للزواج،
فوافقت خصوصًا بعد أن خدعني بحبه الشديد لبناتي وتعهده بأنه سيحافظ عليهن،
وما ساهم في إقتناعي بالخطوة هو أنه يعيش نفس ظروفي لكونه مطلقاً ولديه
أولاد مثلي.
·
ولماذا لم تتمهلي وتأخذي وقتك
الكافي لدراسة الأمر والتأكد من مشاعره؟
كل إنسان يجيد النصب والإحتيال تكون له قدرة فائقة على الكذب، من
الممكن أن أقول إن كريم الشبراوي أقدر رجل على الكذب، وهو قادر أيضًا على
إخفاء جرائمه بكل حرفية خصوصًا أنه يحتمي وراء شخصيات كبيرة كانت مسؤولة في
النظام السابق، وكان يدفع لها مبالغ كبيرة حتى يتمكن من الحفاظ على إسمه
نظيفاً لأطول وقت ممكن ليتمكن من الإيقاع بضحايا جدد، وتأكدت بنفسي من ذلك
وإكتشفت أن كريم تسبب في خراب بيوت كثيرة ونصب على مئات الناس وإستحل
أموالهم.
·
ولكن البعض إتهمك بالإهتمام
بشكله وممتلكاته لهذا أسرعت بالزواج منه؟
هذا الكلام لا أساس له من الصحة، وطوال حياتي لم ألجأ لهذه الأساليب
حتى مع زوجي السابق المنتج الكبير محمد مختار على الرغم من أنني كنت في
بداية مشواري الفني فأنا لم أقم باستغلاله ولم أقدم أي عمل من إنتاجه بعكس
كل الفنانات اللواتي تزوجن من منتجين من الوسط الفني، وظللت معتمدة على
نفسي على مدار عشرين عامًا في هذه المهنة، ولم أستفد من أي شخص ولم أخذ
شيئًا من أحد، فلماذا سأتحول بعد هذا العمر؟
والحكاية من الممكن أن أفسرها لك باختصار، وهي أنني كنت أبحث عن الحب
والإستقرار بعد طلاقي الأول، ولم أرد أن أنتظر في هذه العلاقة طويلاً مع
كريم الشبراوي قبل الزواج، وفضلت أن نتزوج حتى أحافظ على سمعتي ولا أغضب
ربنا لأنني أفكر فى كل خطوة أقبل عليها في حياتي، ولا أنكر أنني شعرت
بإنجذاب له وأنني أحبه في لحظات معينة لأنه ممثل بارع، وإكتشفت أنه أجدر
مني في التمثيل ويكفي أن يعرف الجميع أن هذا الرجل تزوجني من دون أن يدفع
لي مهراً، أو يشتري لي شبكة وشقة بل عاش معي في شقتي، فكيف أكون أنا
الطامعة فيه.
·
ومتى إكتشفت أنه لا بد أن تتخلصي
منه بالطلاق؟
منذ الأيام الأولى بدأت اكتشف الشيكات التي وقعها من دون رصيد وأخذ
يبكي ويقسم لي أنه ليس نصابًا ويطالبني بالوقوف إلى جانبه وإنقاذه من
الفضائح وأنه سيرد لي كل المبالغ، ووعدني بأن يتغيّر وألا يعود إلى هذ ه
التصرفات من جديد، وبالفعل قمت بمنحه مليون جنيه، وكنت أشعر بالريبة من
أمره، ولكني كنت أقوم بتكذيب نفسي لأني أريد أن أصدقه ليتغيّر ويصبح شخصًا
محترمًا بكل معنى الكلمة، ولكن بعدها فوجئت به يسرق الفيزا الخاصة بي
ويستولي على الأموال الموجودة فيها ويتعلل بأنه يمر بضائقة مالية، ولهذا
كان يطلب مني مصروفه اليومي.
·
ولكن هل تشعرين أنك بذلت كل
جهودك لإصلاحه ولم يعد هناك من حل سوى الطلاق؟
هذا حقيقي وسأكشف لك سرًا هو أنني كنت مستعدة لأدفع له من أموالي في
سبيل أن ينصلح لنعيش حياة سعيدة سويًا، لكنني إكتشفت أن هذا ليس الحل لأن
النصب والإجرام يجريان في دمه، كما أنني بدأت أشعر بالخوف على نفسي وعلى
بناتي من الإستمرار في العيش معه خصوصًا أنني إكتشفت أنه لم يكمل تعليمه من
الأساس ولا يجيد الكتابة والقراءة الإ قليلاً بما يمكنه من النصب
والإحتيال، وأنه ليس دكتورًا كما قال لي، هذا إلى جانب أنه خدعني وقال لي
إنه كان متزوجًا وطلق لأكتشف لاحقًا الكارثة بعد أن تأكدت أنه لم يطلق
زوجته وأنه لديه طفلة أيضًا، ومع هذا كله حاولت تغييره وكنت دائما أقول له
توقف عن هذه الجرائم من أجل إبنتك على الأقل، هذا إلى جانب أنه حصل مني على
إثنين مليون جنيه وعندي شيكات بها إضافة إلى المبالغ التي حصل عليها من دون
شيكات أو أوراق تثبت ذلك، كما إكتشفت أن عليه 63 قضية نصب وشيكات من دون
رصيد، وأنه يحمل أكثر من بطاقة شخصية تحمل عناوين واسماء مختلفة، إضافة إلى
القضايا المتورطة فيها والدته من رشاوى وغيرها وتم الحكم عليها بثلاث سنوات
في السجن، وما زاد من صعوبة إكتشاف هذه الجرائم والتاريخ الأسود هو أنهم
يستندون الى شخصية مسؤولة في النظام السابق تقوم بحذف هذه القضايا وارقامها
من على أجهزة كمبيوتر الداخلية، ولهذا عند الكشف على اسمائهم لن نجد هذه
القضايا، ولكن الحمد لله تمكنت من فضحه وإنزال اسمه والقضايا المتورط فيها
على كمبيوتر الداخلية مثله مثل أي مجرم آخر حتى لا تقع تحت يده ضحايا
أخريات مثلي.
·
ولكن ما الذي جعل الخلافات
تتفاقم بعد الطلاق لتصل الى تلفيق قضية حشيش لك على حد قولك؟
لأسباب كثيرة أولها أنني رفضت العودة له مرة أخرى وهو يعلم الأجر
الكبير الذي حصلت عليه من مسلسل "خطوط حمراء" والحملة الاعلانية التي شاركت
فيها، ولهذا هو يريد أن يسرق مني هذه المبالغ مثل غيرها، إلى جانب أنه
يساومني للتنازل عن الـ2 مليون جنيه التي أخذها مني وفي حوزتي شيكات تثبت
ذلك.
·
ولكنة يؤكد أن الطلاق وقع لأسباب
أخرى مثل كثرة سفرك؟
هو يناقض نفسه ويتخبط بتصريحاته الكاذبة، ففي وقت يقول "صالحوني
عليها، نفسي ارجع لرانيا يوسف، لن اعيش من دونها" وها هو حاليًا يكذب ويدعي
أشياء ليست حقيقية، وعن السفر فبالطبع كنت أسافر ولكن لأحضر المؤتمرات
المصاحبة للحملة الاعلانية التي اشارك فيها وكنت أصطحبه معي كمرافق، وكانت
التكاليف كلها على نفقة الشركة ونفقتي ولم يدفع مليمًا واحدًا، وحتى بعد
الطلاق فوجئت به أمامي في الطائرة مستخدمًا التذاكر وأوراق الحجز التي
استخرجتها له قبل الطلاق، وبالمناسبة هو يتخبط في تصرفاته مما يجعله لا يمت
للرجولة بصلة، خصوصًا أنه استغل صورًا لي معه وأخذ يساومني بها وكأنني كنت
عشيقة له ونسي أنني كنت زوجته حيث لم يتبقَ سوى تفاصيل العلاقة الحميمة ولم
يتحدث فيها ويطلع الاعلام عليها.
·
وما هي حقيقة صورك اثناء اجراء
عملية تجميل؟
كما قلت لم أعد اندهش من أي تصرف يقوم به خصوصًا أنه لفق لي قضية حشيش
بالتخطيط مع والدته ولم يخشَ الله ولو للحظة، ويعرف أنني سيدة وأم لبنات
مازلن في مرحلة الطفولة، فهو من السهل عليه القيام بأي شيء، وفوجئت بهذا
المريض يقوم بعرض صوري قبل عملية التجميل واثناء العملية، على الرغم من أنه
ليس عيبًا كما أنني قلت من قبل على موقعكم أنني اجريت عملية تجميل لوجود
مشاكل وعيب خلقي في أنفي كان يعيقني أثناء التنفس، ومع هذا أنا أملك له
صورًا عندما كان مشوهًا وتجاوز حجمه الـ250 كيلوغرامًا، ولم أقم بعرضها
لأنني سيدة محترمة وأخلاقي تمنعني من النزول إلى هذا المستوى المنحط.
·
وفي النهاية ما هي تطورات قضية
الحشيش؟
الحمد لله أتابع الأمر مع المحامي وكل الادلة تؤكد تورطه في هذه
الجريمة وتبرئني لأن حسن النية كان واضحًا ومن غير المنطق أن
jكون
في حوزتي مخدرات وأتركها في السيارة وأنام في منزلي، هذا إلى جانب أنني انا
التي طلبت من الأمن أن يقوموا بكسر السيارة، وهو يملك مفاتيح السيارة ومن
غير المعقول أن أتاجر فى الحشيش وأسكن فى شقة مفروشة بالايجار وأركب سيارة
بالقسط، ولهذا أقول له إن الله سينصرني لآخذ منه حقي وحق كل ضحاياه وسيكون
مصيره السجن، واريد أن اقول له إنه ممنوع من نزول شرم الشيخ لأن من قام
بالنصب عليهم ينتظرونه، كما أن الفنانة دنيا المصري مازالت تدعو عليه بعد
أن نصب عليها وأخذ كل أموالها ولهذا قامت بملاحقته بالقضايا، وغلطة عمره
أنه تزوج رانيا يوسف لأني سأسجنه.
·
وما ردك على قوله إنك طلبت
الطلاق منه حتى تعودي للزواج من المنتج محمد مختار؟
كما ذكرت هو مريض ويتخبط ويكذب، ومن قبل قال إنني أنوي الزواج من
مهندس اسمة طارق عزب ولا يوجد أي اساس من الصحة لهذا الكلام، وها هو يكذب
من جديد ويدعي أنني طلبت الطلاق منه لأعود لمحمد مختار، وهذا الكلام ليس
صحيحًا أيضًا لأنني لا أفكر في الزواج من أي رجل خصوصًا أن أي سيدة تقع
ضحية رجل بهذا الإنحطاط لا بد أن تكره الزواج، وانا كرهت الزواج بسبب هذا
الشخص المنعدم الاخلاق والضمير، وعلاقتي بالمنتج محمد مختار أكبر وأرقى من
أي مسمى، وكانت ثمرة هذه العلاقة أطفالاً مثل الورد هم أغلى ما في حياتي،
وهو رجل محترم بكل معنى الكلمة وأقول لكريم لاتقارن نفسك به لانك لا تعرف
شيئًا عن الرجولة، لأن من يأخذ مال إمرأة ويسرقها لا يكون رجلاً.
·
وما هو مصير المسلسل الرمضاني
"خطوط حمراء"؟
انا منتظمة في التصوير ولم اتسبب في تعطيله أبدًا، لأني أحب عملي
وأحترم كل من حولي، ولن أتسبب في ما قد يسيء له، بل على العكس التصوير يسير
بانتظام، واقول لك إنني اصبحت أقوى من ذي قبل، وودعت رانيا يوسف الضعيفة
الساذجة والطيبة، وانا اليوم رانيا يوسف القوية والعاقلة.
إيلاف في
03/07/2012
'بلطجي
جديد' يدخل السينما المصرية من بوابة
الثورة
القاهرة - من سمر
محمد
شخصية المجرم المأجور تتخذ طابعا سياسيا بعد ثورة 25 يناير وتتيح لصناع
الدراما شحنها بمشاعر ورؤى وقناعات متناقضة.
إذا كانت السينما والدراما التليفزيونية قد عرفتا شخصية البلطجي منذ
عقود بعيدة، لكن يبدو أن هذه الشخصية الدرامية بجدارة وامتياز، قد شهدت
تطورات ملحوظة على مستوى الشكل والمضمون في أيامنا هذه، فقد أكد نقاد
وفنانون أن شخصية البلطجي اكتسبت بعد ثورة 25 يناير، بعداً سياسياً، جديداً
نتيجة الأدوار التي بدأ يلعبها في المجتمع المصري بعد الثورة.
واستبعد النقاد فكرة الاعتماد علي شخصية البلطجي في التلفزيون
والسينما، بغرض جذب المشاهدين أو تحقيف إقبال على شباك التذاكر، مؤكدين أن
السبب يعود إلى زيادة تأثير هذه الشخصية على مجريات الأحداث بعد الثورة،
وتعاظم دورها كمفجر أساسي للانفلات الأمني والفوضى والعنف، وبالتالي فرضت
شخصية البلطجي نفسها درامياً وأصبح من الطبيعي أن يزيد الاهتمام بها في
السينما والتليفزيون.
وهناك العديد من الأفلام التسجيلية، التي ظهرت مؤخراً عن أحوال الثورة
والفترة التي تلتها، وتناولت أغلب هذه الأفلام شخصية البلطجية بدرجات
متفاوتة ومن زوايا مختلفة، ومن هذه الأفلام فيلم "الطيب والشرس والسياسي"،
والذي قام بإخراجه ثلاثة مخرجين هم تامر عزت وآيتن أمين وعمرو سلامة،
وتناول الفيلم ظاهرة البلطجة والبلطجية.
وتستعد السينما هذه الأيام لاستقبال فيلم "الألماني" الذي تدور أحداثه
حول شخصية مسجل خطر اشتهر بـ"الألماني". والفيلم يكشف تفاصيل عالم البلطجة
في مصر، وهو بطولة محمد رمضان وأحمد بدير وعايدة رياض ومن تأليف وإخراج
علاء شريف.
وعلى مستوى الدراما التليفزيونية يستعد الفنان خالد النبوي لعرض مسلسل
"ابن موت" في شهر رمضان.
وتدور أحداثه حول جابر خواجة الإسكندراني، الذي يدافع عن حقه وحق
المظلومين لأنه دائماً ما يخذله القانون كلما لجأ إليه، وبالتالي يلجأ
لأساليب البلطجة لاسترجاع حقه، ويشارك في البطولة محمد نجاتي ونشوى مصطفى،
وهو من تأليف مجدي صابر وإخراج سمير سيف.
ظاهرة لها أسبابها
وعن هذه الظاهرة، أكد الناقد عصام زكريا أنه من الطبيعي والمتوقع أن
تثير شخصية البلطجي اهتمام صناع الدراما في الوقت الحالي، حيث إنه يمثل
الشخصية التي تقف في المنتصف بين الثوار من ناحية وممثلي النظام السابق
والعسكر من ناحية أخرى، كما يمثل الشخصية الفقيرة البسيطة التي لا ناقة لها
ولا جمل في هذا الصراع السياسي، ولكن يمكن استغلاله من قبل أصاحب المال
والسلطة "الفلول" للاعتداء على الثوار وإثارة الفوضى والشغب بصورة تتسبب
أحياناً في الإساءة إلى صورة الثورة والثوار.
وأشار زكريا إلى أن هذه المنطقة الرمادية التي يقبع بها البلطجي بين
الثوار والنظام السابق جعلت منه شخصية درامية يمكن من خلالها طرح رؤى
وتحليلات كثيرة متناقضة، وصنعت منه مرآة تعكس الشد والجذب والتصادم والصراع
الدائر بين الطرفين بغرض تفسير الأمور وتوصيل وجهة نظر معينة.
ويرى زكريا أن حالة الغربة والانفصال عن ثورة 25 يناير، والتي يعاني
منها الكثير من القائمين على صناعة السينما والتليفزيون من أصحاب رؤوس
الأموال وشركات الإنتاج وأغلب الفنانين، تعد أحد أهم الأسباب التي جعلتهم
يتجهون لإنتاج أعمال فنية بطلها البلطجي، كي تعكس منظورهم فلا يضطرون
للوقوع في فخ تبني منظور الثوار أو منظور الشرطة والنظام السابق، متوقعاً
أن تقوم بعض الأعمال بتمرير رسائل رجعية وضد الثورة من خلال شخصية البلطجي،
وذلك عن طريق إيجاد تبريرات لسلوكيات هذه الفئة بما يعد هجوماً خفياً على
الثورة.
وأشار زكريا إلى أن سمات البلطجي الشخصية من حيث معاناته من الفقر
وانعدام الوعي وعدم اعتباره لنفسه طرفاً أصيلاً في الصراع قد تنطبق على
حوال 90% من الشعب المصري إذ إن البلطجي يعد نموذجاً مجسماً ومبالغ فيه
لشخصية المواطن المصري الذي لا يهمه من ينتصر بقدر اهتمامه بالفائدة
المباشرة التي ستعود عليه في النهاية، وبالتالي فشخصية البلطجي قد تكون
حالياً الأكثر قدرة على كسب تعاطف فئة كبيرة من الجمهور المصري.
وأوضح زكرياً أن تناول شخصية البلطجي سيختلف بعد ثورة 25 يناير عما
قبل الثورة، حيث إن شخصيته بعد الثورة اكتسبت مزيداً من المهام ذات الأبعاد
السياسية، خاصة بعد استغلال الفلول له في صناعة الانفلات الأمني والفوضى
بالدولة، في حين أن أدوار البلطجي انحصرت قبل الثورة في سرقة المواطنين
بالإكراه أو الدخول كطرف في الصراع على النفوذ في منطقته.
ومن جانبها، استبعدت الناقدة الفنية ماجدة موريس أن تكون أحد أسباب
التركيز على شخصية البلطجي في السينما والتليفزيون في الآونة الأخيرة هي
محاولة جذب المشاهدين إلى الشاشة الصغيرة أو تحقيق إيرادات أعلى في شباك
تذاكر السينما، مرجعة هذا الاهتمام بشخصية البلطجي إلى أنه أصبح حاليا يمثل
فريقاً أساسياً ومهماً من المواطنين في المجتمع وليس على الهامش منه،
وبالتالي أصبح من الطبيعي أن يزداد الاهتمام الدرامي به خاصة بعد ثورة 25
يناير.
قمع وعنف
أشارت ماجدة موريس إلى أن شخصية البلطجي وصلت إلى ذروة انتشارها في
المجتمع المصري خلال السنوات العشر الأخيرة نتيجة الظروف السياسية
والاجتماعية السيئة التي صاغت شخصية البلطجي بشكلها الجديد، وجعلت جحافل
الشباب الذين لا يجدون أي فرصة عمل يمتهنون هذه المهنة لجمع المال سواء
خلال المواسم الانتخابية أو خلال الحياة اليومية بوجه عام.
وأكدت ماجدة أنه من الطبيعي بعد ثورة 25 يناير أن تتزايد مساحة أدوار
البلطجية، بعد اعتماد ذيول النظام السابق عليهم لقمع وضرب المتظاهرين أو
المساهمة في خلق مناخ معاد للثورة عن طريق إتلاف ممتلكات الدولة ونسبها إلى
الثوار بشكل يؤدي في النهاية إلى تكوين رأي عام رافض للثورة، ومن ثم فإن
البلطجي بعد الثورة أصبح أداة موجهة لتلعب دوراً سياسياً أكبر من دوره قبل
الثورة.
وأرجع المؤلف عمرو سمير عاطف تركيز الكتاب في الفترة الأخيرة على
شخصية البلطجي إلى زيادة دوره وتأثيره على الصعيد السياسي في الفترة
الأخيرة بعد ثورة 25 يناير، إذ إنه أصبح يستخدم لنشر الفوضى والعنف لأغراض
سياسية، وبالتالي بدأ الكتاب يبحثون في الشخصية بغرض محاولة فهم ماهية
البلطجي وماذا يريد ولماذا يقوم بهذه الأعمال.
وأشار عاطف إلى أنه ليس من الضروري أن يختلف تناول شخصية البلطجي بعد
الثورة عن استخدامه قبلها، إذ إن ذلك الأمر متوقف على الهدف من العمل
والإطار الدرامي الذي تقدم الشخصية من خلاله، لافتاً إلى أن القصة القوية
والمعالجة الدرامية هي المعيار لخروج أي شخصية بشكل جذاب، وإذا لم تحظ
الشخصية بهذه العوامل الأساسية فسيكون الهدف من التركيز عليها تجارياً من
الدرجة الأولى.
واتفق عاطف مع الناقدة ماجدة موريس، في أن شباك التذاكر ليس الهدف
الأساسي من وراء تقديم شخصية البلطجي في دور البطولة لأنه لا يوجد حالياً
شباك تذاكر من الأساس كي يمكن الحكم عليه، في ظل حالة التعثر التي تعاني
منها السينما الآن. (وكالة الصحافة العربية)
ميدل إيست في
03/07/2012
الديكتاتور والسخرية من بعض الحكــام العرب !
ماجـدة
خـيرالله
تترات فيلم الديكتاتور تقدم تحية
خاصة (لكيم
جونج لي)، وقد يعتقد
البعض أن هذه التحية،
هي تكريم له أو تذكرة للمشاهدين
به،
وخاصة أن الفيلم أو أي فيلم يصبح بعد ذلك وثيقة تاريخية تبقي مدي الحياة،
ولكن بعد أن تبدأ أحداث الفيلم الذي قام بتأليفه وأداء دور البطولة فيه (ساشا
بارون كوهين)، سوف تكتشف أن ذكر أسم "كيم
جونج لي" هو نوع من التهكم
والسخرية، من ديكتاتور كوريا الشمالية،
الذي مات العام الماضي، بعد أن ورث
الحكم لابنه!!
وكان قد بدأ حكمه لجمهورية كوريا الشمالية خلفا لوالده، الذي
توفي عام
٤٩٩١
وقد شغل كيم جونج لي،
كما يفعل كل ديكتاتور، كل المناصب الهامة
في بلاده،
فهو قائد الجيش، ورئيس الحزب الحاكم، والقضاء والشرطة،
باختصار
لقد جمع
في يديه كل خيوط اللعبة،
كل السلطات، وامتد نفوذه ليشمل كل مؤسسات
الدولة،
ومثل كل ديكتاتور أصبح يوم ميلاده، من الأعياد الوطنية التي تعطل فيها
الوزارات وتتوقف الأعمال ليحتفل الشعب قهراً،
بهذه المناسبة السعيدة! التقط
الممثل الأمريكي اليهودي ساشا بارون كوهين،
حالة الديكتاتور، وقرر أن يقدم عنه
فيلما، وقد استحضر عدة نماذج
من الحكام العرب، كلهم يحملون
لقب ديكتاتور
مع مرتبة الشرف، منهم صدام حسين، الذي يحمل حافظ علاء الدين »اسم
الشخصية«
الكثير من صفاته، مخلوطة ببعض ملامح وصفات القذافي وخاصة ما يتعلق ببعض تصرفاته
التي كانت تثير الضحك والسخرية بقدر ما تثير الرثاء، ليس لحاله ولكن لحال
البلد
الذي يحكمه،
سوف تجد في الفيلم، ملامح كثيرة من مسرحية الزعيم التي قدمها عادل
إمام لأكثر من عشر سنوات، والحكاية ليس فيها أي عجب لأنها مأخوذة من نص أجنبي،
قامت عليه كثير من المعالجات السينمائية والمسرحية في مصر والعالم، وهي
فكرة
الحاكم الديكتاتور الفاسد الذي يقتل أو يموت،
ويتم استبداله ببديل يشبهه، يحاول
هذا البديل الإصلاح،
ولكنه يكتشف ان هناك شبكة عنكبوتية من المصالح والمفاسد
تعوقه عن تحقيق حلمه في الإصلاح، حدث هذا في فيلم نجيب الريحاني سلامة في خير،
وصاحب الجلالة فريد شوقي
،كما قدمت السينما الأمريكية
فيلم (ديف) بطولة
كيفين كالكين، وسيجورني ويفر!
حاول (ساشا بارون كوهين)
الدعاية لفيلمه،
الديكتاتور، من خلال حضور حفل الأوسكار،
الذي أُقيم في فبراير الماضي،
وارتدي ملابس الجنرال علاء الدين
الديكتاتور العربي،
بلحيته الكثيفة
التي
تشير إلي بن لادن،ولكن المشرفين علي حفل الأوسكار، رفضوا حضوره بهذا الزي، الذي
يعتبر إعلاناً
صريحا لفيلمه الذي كان لم يعرض بعد، واكتفي (ساشا)
بالتواجد
علي السجادة الحمراء أمام كاميرات التليفزيون، وعدسات مصوري الصحف والمجلات
الذين
يبلغ
عددهم بالآلاف في هذا اليوم المشهود!
وحقق الفيلم الذي عرض في منتصف مايو
الماضي، إيرادات معقولة، ولكنها تقل عن إيرادات أفلامه السابقة
"بورات"
و"بورنو"، رغم إنه يعتمد في معظم أفلامه علي ثلاثة عناصر مهمة في تفجير
الكوميديا، منها السخرية الشديدة
من (التابوهات)
التقليدية مثل الجنس
والدين والسياسة،
وإطلاق أكبر كم من الإفيهات (الأبيحة)، مع بعض النقد
للسياسة الأمريكية في الداخل والخارج!
إنها
تلك الكوميديا الخشنة التي تميز
بعض نجوم أمريكا اليهود!
أحداث الفيلم تم تصويرها في أرتيريا،
رغم أن
الأحداث تؤكد أنها إحدي الدول العربية التي تمتلك حقولا للنفط ،الذي تريد
أمريكا
أن تضع يدها عليه،
والجمهورية الوهمية أطلق عليها ساشا كوهين إسم (واديا)
وحاكمها (علاء الدين) ورث الحكم عن والده، وهو دكتاتور مخبول ومهووس،
لايطيق أن يعارضه أحد، وقد حكم بالإعدام
علي عشرات من أهم علماء بلاده،
لأسباب غاية في التفاهة، ومثل صدام حسين، فهو يستعين
بأكثر من بديل خوفا
من محاولات اغتياله المتكررة،
ويشبه القذافي في أنه يستعين بجيش من الحرس النسائي
لحمايته، أما وزيره ونائبه ويلعب دوره (بن كنجسلي)
فهو كما العادة في معظم
الأفلام التي تتناول بطانة الديكتاتور،
فهو يتآمر ضده، ويسعي للتخلص منه،
ووضع بديل له ينفذ رغباته،
ويحقق مصالحه ويمنحه مزيدا من النفوذ!
يسعي علاء
الدين لامتلاك الأسلحة النووية، ويواجه مثل صدام،
اتهاما بأنه مصدر خطر للدول
المجاورة وخاصة إسرائيل،
ويذهب علاء الدين إلي أمريكا،
لإلقاء كلمة في الأمم
المتحدة، يؤكد فيها كذبا أنه سوف يسخر السلاح النووي في خدمة البشرية وليس
تدميرها، ولكن يحدث ما يغير من الخطة، ومن مسار حياة هذا الدكتاتور،
الذي يجد
نفسه مخلوعا من مكانته،
نتيجة مؤامرة من نائبه الذي وضع مكانه البديل،
أما
الدكتاتور علاء الدين فهو يضطر لإخفاء هويته والتخلي علي لحيته الطويلة،
حتي ينجو
من ملاحقة أعدائه، ولكنه يجوب شوارع أمريكا وهو لايملك وسيلة لكسب الرزق،
ويتعرف علي فتاة تمتلك متجرا يبيع المنتجات الغذائية الطبيعية، التي تخلو
تماما
من التدخل الكيميائي،
بالإضافة لكونها إحدي المناضلات في منظمات حقوق الإنسان
التي تحارب التمييز العنصري،
وتتعاطف الفتاة مع علاء الدين دون أن تعرف شخصيته
الحقيقية، معتقدة أنه لاجيء سياسي، وهارب من جحيم الحكم في بلاده،
ويتعلم
منها بعض فنون الحياة،
ويتعلق بها عاطفيا،
ويكتشف وهو في أمريكا وجود بعض ممن
أصدر عليهم حكما بالإعدام،
ويتأكد ان أوامره بإعدامهم لم تنفذ، والغريب
أن
أحد هؤلاء العلماء يتعاطف معه، ومع ما آل إليه حاله،
ويتفق معه علي إعادته الي
كرسي الحكم وإحباط خطة نائبه،
الذي كان قد تعاقد مع الأمريكان علي منحهم حقوق
استغلال البترول في بلاده،
مقابل إعلان الديمقراطية "الوهمية"
وعمل انتخابات
نزيهة!! لوقف تدفق الثورة ضد الحكم الديكتاتوري في بلاده،
وفي هذا يقول في حوار
ظريف لاحد معاونيه، لقد قررت أن امنحهم الديمقراطية ولكن علي طريقتي،بعد أن شاهدت
بعيني نهاية صدام حسين،
والقذافي،
ومبارك،ولا أريد أن أصبح الحاكم الرابع الذي
يطيح به شعبه من علي كرسي الحكم!
شخصية الحاكم الديكتاتور تثير شهية المبدعين دائما،
فهي شخصية تحمل بذور فنائها مهما طال الزمان، فلاينتظرها إلا نهاية واحدة
محتومة،
وربما يكون فيلم الديكتاتور العظيم
THE GREAT DICTATOR"
الذي
قدمه شارلي شابلن
في عام
٠٤٩١
من أهم تلك الأفلام التي اعتمدت علي
كوميديا
الفارس، وإذا كان الحاكم الديكتاتور
يحمل ملامح عربية في السنوات الأخيرة،
فقد كان في فيلم شابلن
يحمل ملامح هتلر، الذي روع العالم، وأدي إلي دمار
نصف العواصم الأوروبية، إلا أنه اطلق علي الشخصية اسم
"هينيكيل" الذي يحكم
دولة وهمية ربما لن تتذكر الأجيال القادمة
هتلر،
وسوف تضيع من ذاكرة الشعوب
العربية سيرة
مبارك والقذافي وصدام
كما حدث مع غيرهم،
فالطغاة يموتون
غير مأسوف عليهم ،بينما
تبقي الأفلام!!
آخر ساعة المصرية في
03/07/2012
سينما العودة إلى الذات
محمد علوان جبر
برحيل مخرج الروائع
[
انجيلوبولوس
]
فقدت الانسانية فنانا ترك بصمته
الواضحة في مسارات السينما
العالمية ..
كانت وفاته فاجعة حقيقية لي وإلى
كل المعنيين بهذا الفن الساحر ،
لم
اصدق الخبر وأنا اقرأ انه توفي بعد
إصابته بجراح خطرة في الرأس ... صدمته
دراجة
نارية في موقع للتصوير (
كواليس فيلمه الاخير
ـ
البحر الاخر ـ )
في ميناء بيرايوس اليوناني .
مرة سئل المخرج
الايطالي الكبير برتولوتشي عن فيلمه التاريخي 1900، ما إذا كان
يحاول تناول التاريخ
الايطالي في فيلم واحد كما فعل انجيلوبولوس
في فيلمه ـ
الممثلون الجوالون ـ
أجاب
برتولوتشي...
[
نعم .. لكني
ـ
كمخرج
ـ
لست موهوبا مثله
..] .
في مشواره
الفني الذي امتد أكثر من اربعين عاما، حقق الكثير من الجوائز المهمة عبر
افلام
مختارة ومثيرة للجدل ... بدءا من فيلم "الممثلون الجوالون" / جائزة النقاد
العالميين في مهرجان كان وفيلم "الصيادون" / جائزة افضل فيلم في مهرجان
شيكاغو
وفيلم "الاسكندر العظيم" / جائزة افضل فيلم في مرجان فينيسيا
وفيلم "قرية واحدة"
وفيلم "رحلة الى كيثرا" / جائزة افضل سيناريو في
مهرجان كان
وفيلم "منظر في
السديم" /
الجائزة الكبرى في مهرجان فينيسيا وفيلم "منظر في السديم"/ الجائزة
الكبرى في مهرجان فينيسيا وفيلم "خطوة اللقلق" وفيلم "تحديقة
يوليسيس" / جائزة لجنة
التحكيم وجائزة النقاد العالميين في مهرجان كان وفيلم "الابد ويوم واحد" /
الجائزة
الكبرى في مهرجان كان وفيلم "ثلاثية المرج الباكي" / جائزة
النقاد في مرجان الفيلم
الاوربي ....
وسنتناول هذه الافلام تباعا وسأبدأ
في فيلم ( تحديقة يوليسيس ) Ulysses Gaze
انتاج
عام 1995
الذي ادى فيه الممثل الامريكي ( هارفي كايتل ) دور
البطولة ...
في هذا الفيلم يعبر انجيلوبولوس الحدود المفترضة في الجغرافيا ،
يعبر الحدود بشكلها الواقعي في رحلة تبدأ من اليونان وينتقل الى بلدان
البلقان،
رحلة واقعية ترتبط برحلة البطل الذاتية، ويستعرض
الثقافة البلقانية التي توشك على
الموت ، يدخلها بعمق باحثا عن إشارات الأمل
،
ويضمن مدخل الفيلم باستعارة فلسفية
ترتبط برحلة هوميروس ...وهو يدخلنا منذ البدء في رحلة تبدأ من الذات وتنتهي
بالذات (
وهكذا فان النفس ايضا ، إن ترغب في معرفة نفسها ،
فسوف يتعين عليها ان تنظر الى
النفس )
من هذا التضمين الذي يحيل الرحلة الاوديسية
نحو الذات
،
بوصفها رحلة في
اتجاه
الاعماق القصية من الروح ، وكذلك هو ايحاء
بالكثير من مفردات التوتر
..
كالشك والتفكير المحلق في ميتافيزيقيا الكون ،
يستدعي الامر ان نسمع شفرات المخرج
التي اراد الاشارة اليها ،
وهي أي المدى يمكن أن تساعدنا هذه المفردات، ونحن نتوغل
مع البطل (العملاق هارفي كايتل ) في مناطق متخمة بالحرب والكراهية والتدمير
والموت
والذكريات؟
ربما هي اشارات الى سيرة ذاتية للمخرج انجيلوبولوس
،
فالبطل مخرج
سينمائي ، وفي لقطات معينة نرى هناك "فلاش باك" لأفلام سابقة
لانجيلوبولس
.
في بداية الفيلم نرى شريطا من فيلم صامت قديم عن امرأة قروية تحوك ،
فيما نسمع
خارج الكادر صوت البطل يقول " حائكات في افديلا
،
قرية يونانية 1905 ،
أول فيلم
حققه الاخوان مانيكا ،
اول فيلم صنع في اليونان ودول البلقان
،
لكن هل هذه حقيقة
؟
هل هو الفيلم الأول ؟
التحديقة الاولى"
وربما كان يعني المخرج بالتحديقة،
النظرة التي يوجهها المرء الى الآخر ،
إنما ايضا تعرف فلسفيا ان تحدق في نفس او
روح الاخر ،
والسينما ذاتها عملية تحديق
،
بالتالي فانها يمكن ان تتحول الى
وسيلة للمعرفة
.
وفي هذا الفيلم يخترق مخرج الروائع انجيلوبولوس الخط الفاصل
بين
السرد الحقيقي والمتخيل او السينمائي ،
يزول تماما هذا الخط بينهما فيصبح الواقع
والسينما معا بالنسبة لمخرج ـ
البطل ـ
باحث عن التحديقة . لا تجد فاصلا بينهما
الواقع هو السينما..... السينما هي الواقع
.
وعكس ما تفعله هوليوود في اختراع
المعجزات في محاولة للاقناع وتحول ربما سهول رملية الى تلال مغطاة بالثلوج
، يرفض
انجيلوبولوس هذا التحايل وينظر الى الموقع بوصفه شخصية رئيسية في الفيلم ،
ولهذا
كان يرغب في تصوير مشاهد سراييفو في المدينة نفسها، رغم ان الحرب كانت
دائرة فيها
،
وقد سعى لمدة عامين لكي يحصل على ترخيص
بالتصوير هناك ولكن دون جدوى وذلك خوفا
على حياته ، وعندما سئل لماذا يجازف
بالتصوير في المواقع الحقيقية رغم المخاطر
والصعوبات أجاب
: "
اعتقد أن شيئا استثنائيا وغير اعتيادي يحدث
في المكان
الواقعي،
وأنا لا اعني فقط القدرة على تصوير الديكور
او المنظر الطبيعي ،
فعندما
أكون في المكان الذي اعين فيه الفيلم تكون كل حواسي متأهبة وفعالة ،
أصبح اكثر
وعيا ،
وبالتالي اشعر بأنني اعيش التجارب التي اريد ان أصورها" .
وكعادته في
دخول اعماق النفس البشرية يبتدع التحليق
بعيدا عن الشكل والسرد التقليديين ،
هذه
التقنية التي ترغمنا على أن نكون مشاركين حقا سواء في السيناريو او
الشخصيات التي
تدور في فلك اللامتناهي (كالمشهد الذي يفتتح به الفيلم بعد (الحائكات) اذ
نرى ان
هناك مخرجا يقف على الشاطئ وهو يصور باخرة تبحر ببطء ،
طول اللقطة والحدث الذي
رافقها اذ يموت احد الأخوين وهو ينهي التصوير لنرى البطل وهو
يتحدث في كادر مرئي
وغير مرئي ، لتبدأ رحلة البحث عن البكرات
الثلاث متنقلا من مدينة الى اخرى ،
تنتهي
به رحلته اخيرا في مركب ينقل تمثالا عملاقا الى لينين ، فتدور كاميراته وهي
تنقل
لنا اكثر المشاهد غرائبية تحمل الرافعة رأس لينين ، وبدورات موحية تتنقل
نظرات
لينين الى الأفق البعيد وحتى لحظة وضعه قرب باقي التمثال المتمدد على ظهر
السفينة
،
تمثال من رخام ابيض وهو ينظر الى الأفق ،
كأنه غير معني بما يجري حوله من قتل
وحروب .
وحالما يصل الى بلغاريا يلتقي بأخيه قبل ان يدخل في اطول مشهد كافكوي
أمام محققين في غرفة مغلقة وهو يواجه الإعدام ، ويتواصل المشهد ، حيث يلتقي
بأمه
وهي بصورتها حينما كان هو طفلا ،
تعانقه ويسيران يبدو هو اكبر كثيرا منها ،
يخترقان المدينة المشغولة بتظاهرة تدعو الى تكريس كل شيء من اجل الجبهة ،
في إشارة
الى الحرب العالمية الثانية ،
ولا نعلم هل كان يقصد برحلة التمثال على باخرة متجهة
الى المانيا، خلاص بلدان البلقان من الشيوعية، واهتزازات التمثال عبرت عن
ثقل
وهيمنة الرأس الكبير والمفكر الأهم للشيوعية ومنظرها وتحوله إلى قطع رخام
مفككة ..
كانت لقطات الكلوز الطويلة لرأس لينين،
تمثل حوارا مهما بين التمثال وبلدان
البلقان.
صحيح ان
انجيلوبولوس.. يدين للماركسية في تطوره ونشأته لكنه تناول
النسيج المركب للتاريخ اليوناني،
ولم يبث أية رسائل سياسية تعليمية فيها ،
كان
يدمج المستويات الميثولوجية والثقافية والروحية للتجربة
اليونانية مبحرا ومتحدثا
مع التاريخ والزمن بعيدا عن المألوف، ومتناولا عبر السردية غير
التقليدية كل
التاريخ . ثم تبدأ رحلة الرعب ودخوله الى
سراييفو
..
سراييفو الخراب ،
لقطات
مذهلة لمدينة بلا نوافذ ، حرائق وحطام ، نرى الخراب حقيقيا يهرع السكان قبل
مواعيد
الغارات إلى المتاجر ،
الهدنة التي يجب ان يقتنصها البشر للتزود بالماء والطعام،
وأخيرا يكون الضباب ملاذا ومكمنا لانبعاث السعادة والأمان لأنه يجبر
المدافع على
الصمت،
لهذا هو يجلب السعادة والحياة الطبيعية ،
لنجد انتصار الجمال حيث يتم
استخدام أمكنة المشانق وتحويلها الى مسارح تعزف فيها فرقة موسيقية لحنا
مذهلا ،
الحياة يجب أن تستمر ،
هكذا صرخ الكادر كله ...
تبقى النهاية الطبيعية للرحلة
مفتوحة رغم عثوره وسط خراب الحرب وهو
يتقصى عبر مصير البكرات الثلاثة غير
المطورة،
مصيره ومصير وطن قرر أن ينأى بنفسه عن الجمال الكامن في ركام
مدن خربتها الحرب..
تماما تحت مبنى محترق لدار سينما ..
يفتح لنا كوة عميقة من الجمال الصوري.
حاز
هذا الفيلم جائزة لجنة وجائزة النقاد
العالميين في مهرجان كان عام 1995.
المدى العراقية في
02/07/2012
الذهاب إلـى السينما
كاظم مرشد السلوم
سيد فيلد يقرأ الأفلام الهامة
بعين ثاقبة، وبتحليل عميق، يقرأها بعين واحد من أشهر أساتذة تدريس كتابة
السيتريو
في العالم
.
هذه ما جاء في صحيفة "ذي هوليوود ريبورتر"
فيما
يقول هو عن
نفسه "يبدو الأمر وكأنني أمضيت معظم حياتي جالسا في صالات
سينما مظلمة ، احمل في
يدي كيسا من البوشار ، سابحا في الخيال ، محدقا
بالصور التي تعرض من الاضواء
المتدفقة من الشاشة العملاقة"، هذا ما جاء في مقدمة كتابه الذهاب إلى السينما
الصادر عن المؤسسة العامة للسينما السورية، سلسلة الفن السابع ، ترجمة أحمد
الجمل،
وراجعه عن الالمانية المخرج والناقد السينمائي العراقي قيس الزبيدي، الذي
يسرد فيه
وبشكل ممتع رحلته في عالم السينما وولعه فيها ، وتدرجه في الوظائف التي
شغلها في
عدة شركات سينمائية، ليكون في الاخر واحدا من اهم النقاد السينمائيين،
ومؤلفا لأهم
كتب السيناريو ، وما زال العديد من كليات ومعاهد السينما يعتمدونها كمادة
اساسية في
تدريس السيناريو ، ولعل كتابه السيناريو
الذي ترجمه الاستاذ الراحل سامي محمد، قد
أفاد الكثير من الدارسين في حقل السينما هنا في العراق للاطلاع على كيفية
كتابة
السيناريو.
ويأتي كتابه الذي نحن بصدده "الذهاب الى السينما" ليرصد رحلته في
عالم السينما التي امتدت لأكثر من اربعة عقود ، رحلة صبي نشأ
وترعرع في مدينة
السينما هوليوود ، الامر الذي ربما منحه
الفرصة اكثر من مرة ليعمل في المسرح
والسينما، ومن ثم لتتوثق علاقته بالسينما
بشكل كبير
بعد عمله كمخرج وثائقي ،
وبعدئذ كناقد سينمائي ، ليتطور عمله بعد ذلك، ولتصبح مهنته الحقيقية
والثابتة كاتبا
للسيناريو .
في فترة ما قرأ سيد فيلد اكثر من ألفي سيناريو خلال سنة ونيّف .يقول
سيد فيلد في كتابه : تابعت طوال خمس وثلاثين سنة ، كيف اصبحت السينما ليست
فقط جزءا
مكملا لثقافتنا، جزءا من تراثنا ، إنما كيف باتت تشكل اسلوب حياة ، يوسم
العالم كله
، فما ان يجلس الجمهور في عتمة صالة السينما ، حتى ينضم الى كيان واحد
يرتبط عبر
وحدة من مشاعر وجدانية برابطة خفية وعميقة
لروح انسانية ، توجد في ما وراء الزمان
والمكان والمحيط .
كتاب سيد فيلد ، الذهاب الى السينما ، هو قريب من كتب السيرة
الذاتية وفي الوقت نفسه هو كتاب معرفي مهم في ما يتعلق بفهم السينما وكذلك
كتابة
السيناريو. كتاب يطلعك على خفايا الصنعة السينمائية في هولويوود في ذلك
البلد الذي
ربما يمنح الفرصة للنجاح والتألق مرة واحدة فقط .
الكتاب يقع 343 صفحة، ويحتوي
على 18 موضوعا، تتنوع بين كتابة شيء من الذاكرة وبين شيء من المنهج
التعليمي والشرح
الدقيقي لمهمة السينما كرسالة ثقافية عالمية ، بلغة سينمائية تفهمها كل
الشعوب .
المدى العراقية في
02/07/2012
محمد شكري جميل وذاكرة السينما
العراقية
متابعة / المدى الثقافي
إنه لشيء مفرح أن أدعى
من قبل وزارة الثقافة ، لنتكلم عن السينما
وشيء من
بعض الذاكرة، لان الذاكرة من
ناحية الزمن، عميقة وبعيدة في كثير مما تحمل
من صور بليغة ومؤثرة وفاعلة ،والدليل
على ذلك أننا
نحترمها ونذكرها وتداعب
ضميرنا بين فترة وأخرى ،وهي سبيل لإقناعنا
وتهدئة آلامنا .
بهذه الكلمات بدأ المخرج محمد شكري جميل حديثه في
ملتقى الحوار الثقافي في وزارة الثقافة، الذي انصب حديثه عن – ذاكرة
السينما
العراقية –، أدار الجلسة الناقد السينمائي كاظم مرشد السلوم قائلا: هل
استطاعت
السينما العراقية - من خلال العديد من الأفلام التي أنتجتها قبل عام 2003،
والتي
قاربت على أكثر من مئة فيلم - أن تؤسس لذاكرة سينمائية عراقية تؤثر في
الوعي
والذاكرة الجمعية للمشاهد
العراقي ،وهل استطاعت الأفلام التي انتجت
بعد عام
2003
أن تنهض بهذه المهمة ،وان
لم يكن الأمر كذلك ، فما هي الأسباب؟ وما هي السبل التي
تنهض بالسينما العراقية؟، نحن اليوم في ملتقى الحوار الثقافي، نضيّف احد
كبار
السينما العراقية ألا وهو المخرج محمد شكري جميل الذي يقول عنه الآخرون انه
من خلال
الأفلام التي أخرجها يشكل ذاكرة سينمائية قائمة بذاتها .
وقال محمد شكري جميل
:
سأقول لكم من منكم خرج من فيلم سينمائي متأثراً به
من كل النواحي السيكولوجية
والسيسولوجية، وإذا أعجب بالممثل – كاري
كوبر – أو الممثلة – لانا بيرنر – في فيلم
الفرسان الثلاث، فانه لم يتذكر كيف كان
يمتطي كاري كوبر حصانه؟
–
او جون وين
–
عندما يولع سيجارته، ونحن في سينما غازي ننظر إلى تلك اللقطات
، وبعد أن ينتهي
الفيلم، نخرج على أنغام الموسيقى في ذلك
الصيف الحار، في تلك الجنينة التي تقع فيها
سينما غازي الصيفي، إنها ذلك السحر الرهيب ألا وهي السينما ، اذا تسألونني
عن
السينما بعد تجربة أكثر من نصف قرن ، أقول لكم بجملة مختصرة ، إني أرى من
اجل ان
ارى بالروح والعقل معا ، لقد مررت بكثير
من التجارب ،سواء كانت شفوية أم عملية ،
نحن بارعون في التنظير وفي الكلام الشفوي، ولكن كان ينقصنا الكثير من
التطبيق
العملي ، إني اتذكر بعض المدارس التي كانت ترعاها المانيا في العراق منذ
القدم وفي
زمن الملك غازي ، فكان يعلق عليها والدي عندما كان آمراً للحرس الملكي
في تلك
الفترة: "الامة التي لا تصنع ولاتلبس مما تصنع تبقى متخلفة"،
فنحن عمليا يجب أن
نرعى الصناع المهرة، لأنهم هم القاعدة التي
تسند تطور الأمة
.
وأكمل حديثه:
أحببت الفيلم الوثائقي وأنا شاب صغير ، وقد كنت أحمل الكاميرا
وراء مخرجين كبار
منهم – بيتر هوب تسنن – .
السينما لا تخلقها الطبقة الكادحة ، السينما يصنعها
البرجوازيون الاغنياء ، يصنعها تجار توزيع الأفلام ،التجارة بالدرجة الأولى
، هؤلاء
هم الذين يقدمون المدنية، ولنكن موضوعيين وعمليين وحتى نكون كذلك يجب أن
نرتقي
بالسينما ، أما إذا نبني قصوراً في الخيال فإنه لم تكن هناك سينما عراقية
حتى بعد
أجداد أجدادنا.
المدى العراقية في
02/07/2012 |