لمعت جنيفر لوبيز في العام 1996 بفضل دورها إلى جوار النجم الهوليوودي
شون بين في فيلم «يو تورن» الذي أخرجه أوليفر ستون. ثم شاركت في أعمال أخرى
ناجحة من أبرزها «الخلية» و «مدبرة زيجات»، لكن نشاطها السينمائي لا يزال
محدوداً بالمقارنة مع تربعها على عرش الفن الغنائي الاستعراضي حيث تضرب
أسطواناتها الأرقام القياسية في المبيعات على المستوى العالمي.
عندما لا تظهر لوبيز في المجلات والصحف في إطار مناسبة فنية، فهي تثير
الاهتمام الإعلامي من طريق حياتها الشخصية وعلاقاتها العاطفية الصاخبة، أو
لأنها تظهر في عروض الموضة في باريس وميلانو ونيويورك جالسة في الصف
الأمامي. وها هي الآن بطلة للفيلم الرومانسي المرح «ما الذي ينتظرك إذا كنت
تنتظرين» إلى جوار نخبة من نجمات هوليوود البارزات مثل كاميرون دياز وأنا
كندريك وإليزابيث بانكس وبروكلين ديكر.
في مناسبة قدوم لوبيز إلى باريس من أجل الترويج لعملها الأخير،
التقتها «الحياة» وحاورتها.
·
حدثينا عن فيلم «ما الذي ينتظرك
إذا كنت تنتظرين»؟
- إنه يروي فترة الحمل التي تعيشها مجموعة من النساء وأنا واحدة منهن،
بكل ما في الأمر من فرح وصعوبات في آن. وتعيش كل إمرأة منهن الحدث مع شريك
حياتها، على طريقتها الخاصة، بمعنى أن الرغبة في الإنجاب تسود الموقف
بطريقة لا جدال فيها لدى البعض، بينما تبدأ فئة ثانية في ترقب المشقات التي
تنتظرها مع المولود في لحظة واحدة.
أنا أرى أن قصة الفيلم مغرية ورومانسية ومن المفروض أن تثير إعجاب
الجمهور العريض على المستوى العالمي. فالنساء تهوى الحب وتحلم بالعثور على
«الطرف الثاني المثالي» والإنجاب منه. وسيناريو الفيلم لا يتكلم عن أي شيء
آخر، لكنه يفعل ذلك بمهارة وفكاهة وعاطفة في آن. وعلى العموم أنا عشت الدور
بحماسة كبيرة وأحببته لما فيه من مقومات مشتركة بين كل نساء العالم.
·
هل تحلمين بمستقبل سينمائي أكثر
ثباتاً بعد فيلم «ما الذي ينتظرك...»؟
- أتمنى ذلك فعلاً، لأنني واثقة من قدراتي الدرامية وأود أن يشاركني
جمهوري ثقتي في نفسي. أفهم إن أفلامي السابقة وإن كانت كلها حلوة لم تمنح
المتفرج فكرة جيدة عني كممثلة وجعلته يركز اهتمامه على ملامحي أكثر من أي
شيء آخر. بينما راح نشاطي الغنائي يلفت الانتباه إليّ كفنانة متكاملة
موهوبة، والدليل هو أن أسطواناتي تلاقي الرواج الضخم والعالمي. وستغمرني
السعادة إذا عرف فيلم «ما الذي ينتظرك إذا كنت تنتظرين» نجاح أسطواناتي
وفتح أمامي باب الظهور أكثر فأكثر وفي شكل دوري في أعمال سينمائية متنوعة
درامية وفكاهية.
·
كيف كانت العلاقة بينك وبين
زميلاتك بطلات فيلم «ما الذي ينتظرك...» في أثناء التصوير؟
- علاقتنا ببعضنا بعضاً كانت ممتازة في أكثر الأوقات، خصوصاً أن
الفيلم تناول موضوع الحمل الذي يخص كل إمرأة في الوجود حتى تلك التي لا
تنجب، فليست هناك من لا تشعر بأن الأمر يمسها بطريقة أو بأخرى. وقد ألغى
هذا العنصر أي منافسة واردة بيننا كممثلات وجعلنا ندافع عن أدوارنا وأيضاً
عن الفيلم ككل بروح مهنية ونسائية عالية. وحدث بطبيعة الحال أننا لم نتفق
على كل صغيرة وكبيرة طوال الوقت، إلا أن تضامننا حول جوهر الحبكة هو الذي
تغلب على الأمور في كل مرة.
·
أليس غريباً أن يكون السينمائي
كيرك جونز هو مخرج الفيلم بدلاً من أن تخرجه إمرأة؟
- نواجه أنا وزميلاتي هذا السؤال تقريباً في كل لقاء صحافي نجريه،
والواقع أن الشركة المنتجة للفيلم هي التي تختار المخرج، وفي هذه الحال وقع
الخيار على كيرك جونز لسبب لا نعرفه نحـــن في الحقـــيقة، إلا أن الرجل
تعــمق في دراسة موضوع الحمل والولادة وكل ما يترتب على ذلك من سعادة
وانهيار عصبي عند المرأة، وبالتالي انغمس في المشروع ربما أكثر مما كانت قد
فعلته أي مخرجة، من أجل ألا يتهم بالنقص في النهاية.
·
ما رأيك في منافسة سلمى حايك لك
بما أنها مولودة في المكسيك فيما أنت تنتمين أصلاً إلى أميركا اللاتينية؟
- سلمى حايك فنانة لا بأس بها بتاتاً وهي عاشت طويلاً في المكسيك
وبالتالي تعتبر نفسها مكسيكية وتسخر مني كلما قرأت في مجلة ما أنني أعتبر
نفسي منتمية إلى أميركا اللاتينية. فيبدو أنها تريد التربع على عرش
الممثلات الجنوب أميركيات وهذا شيء لن يحدث طالما أنني موجودة في الساحة
لأنني بمنتهى البساطة لن أتركه يحدث.
·
هي تدعي أن كونك مولودة في
نيويورك لا يسمح لك بوضع هويتك الجنوب أميركية في الأمام؟
- أنا مولودة في حي برونكس في نيويورك ولكن جذوري لاتينية مئة في
المئة. صحيح أنها عاشت في أميركا الجنوبية أكثر مني، لكن هذا العنصر لا
يكفي لإلغائي من القائمة. وعلى العموم، فأنا أعتبر حكاية المنافسة بيني
وبينها لا مجال لها أساساً لأن الميدان السينمائي يتسع لها ولي ولغيرنا بلا
أي مشكلة.
·
قرأنا أنك من هواة أفلام الألعاب
الرياضية الآسيوية العنيفة، فما صحة ذلك؟
- الخبر صحيح وفيلمي المفضل هو «فتى الكاراتيه» بعدما ظل «بيغ بوس»
أحد أفلام الراحل بروس لي فوق قائمة أولوياتي السينمائية لسنوات طويلة. لقد
كبرت مثل الصبي بحيث أتردد إلى السينما لمشاهدة أفلام المصارعة والكاراتيه
بدلاً من الحكايات الرومانسية التي تميل إليها الفتيات عموماً.
على أنغام مادونا
·
يعني ذلك أن فيلمك «ما الذي
ينتظرك إذا كنت تنتظرين» لا ينتمي إلى لون تحبذينه في السينما؟
- نعم أنا أحب هذا الفيلم وأعتبره يتربع على عرش الأعمال السينمائية
الشاعرية الناعمة، ودعني أعبّر عن مدى تأثري بالحكايات الجميلة مهما كان
لونها. فهذا ما يسمى بالديبلوماسية، وأنت فهمتني.
·
من هن المغنيات اللاتي تقدرينهن
فنياً؟
- أنا كبرت على أنغام مادونا وأعشق تقريباً كل أغنياتها. ثم هناك
المغنية شيرالتي التي تعجبني كثيراً بفضل قدراتها الصوتية وشجاعتها في خوض
التجارب الفنية المتنوعة جداً بدلاً من البقاء في الإطار الذي صنع نجاحها
ويضمن لها الربح الوفير.
·
هل تعتبرين التغيير في الأسلوب
الفني وفي المظهر الشخصي من ضرورات التطور بالنسبة الى الفنانة؟
- نعم ولا في الوقت نفسه، وأقصد أنها مسألة شخصية جداً تخص كل فنان أو
فنانة. أنا غيرت بعض الأشياء في شكلي مثل تسريحة شعري ووزني وأسلوبي في
ارتداء ثيابي وحتى في اختياري الأغنيات التي أرددها، وذلك كله إثر التغيرات
التي وقعت في حياتي العاطفية. لقد أحببت محو الماضي كلياً وعلى كل صعيد،
والبدء مرة ثانية من الصفر، ولم يكن الأمر في إطار الممكن إلا إذا عدلت في
مظهري وفي طريقتي الغنائية. ولو كنت قد عرفت الاستقرار في حياتي العاطفية
منذ الأســاس لما تصرفت بهذا الأسلوب اطلاقاً، فالفنانة إمرأة أولاً
وأخيراً وتتصرف مثل غيرها في ظروف محددة.
كلام خاطئ
·
هل تعنين أن حياتك العاطفية هي
بمثابة محرك لنشاطك المهني؟
- طبعاً حالي حال أي إمرأة في العالم، ولا تصدق المرأة التي تدعي أنها
أصبحت مثل الرجل تضع عملها في المرتبة الأولى ولا تبالي بشؤون عائلتها أو
بمشاكلها العاطفية. هذا كلام خاطئ تنشره حركات تحرير المرأة هنا وهناك بهدف
زيادة تكافؤ الفرص بين الجنسين في ميدان العمل، وهو شيء مــمتاز طبعاً في
جوهره لكنه لا يتأقلم مع الطبيعة النسائية أبداً. إن سعادة المرأة تتبلور
في حياتها الخاصة ثم تعبر حدود هذا المجال لتضيء حياتها المهنية
والاجتماعية، وأتحدى إمرأة تعيسة عاطفياً بأن تتحول رائدة في محيطها
المهني.
·
ومشروعاتك الآنية؟
- جولة سينمائية أوروبية بهدف الترويج لفيلم «ما الذي ينتظرك إذا كنت
تنتظرين» على النحو الأفضل، ثم العودة إلى تسجيل أغنيات جديدة ودرس
سيناريوات سينمائية قد تتحول إلى أفلام أشارك فيها مستقبلاً.
·
كثيراً ما نشاهدك تجلسين في الصف
الأمامي لعروض الموضة، فهل أنت مولعة بمبتكري الأناقة الراقية؟
- نعم، لا أقدر على العيش بلا ثياب جميلة، وأعترف لك بأنني بلا شك
«ضحية موضة» مثلما يقولون، أقع في فخ متابعة ما تفرضه علينا الدور المتخصصة
في كل موسم جديد. وليس لدي مصمم واحد فقط أحب عمله بل أنني لست مخلصة
بالمرة في ميدان الموضة وقلبي يتأرجح باستمرار بين الذين أعتبرهم عباقرة
الأناقة العالميين. إن جمال المرأة في رأيي يمر بما ترتديه.
الحياة اللندنية في
21/09/2012
تداعيات الفيلم المسيء بين السينمائيين
مقاطعة الفيلم الأميركي في المهرجانات العربية ليست الحل
القاهرة: طارق الشناوي
بينما تدق المهرجانات العربية السينمائية الكبرى الأبواب، حيث تفتتح
خلال الأسابيع القادمة مهرجانات القاهرة وقرطاج وأبوظبي والدوحة ودبي، نجد
أن هناك من يطالب برفع شعار المقاطعة ضد الفيلم الأميركي، وكأن الفيلم
المسيء إنتاج الدولة الأميركية، مثلما حدث قبل نحو 7 سنوات عندما رُفع شعار
مقاطعة كل ما هو دنماركي احتجاجا على الرسوم المسيئة للرسول (عليه الصلاة
والسلام) التي نشرت في الدنمارك، حتى ذكرى الكاتب الشهير الدنماركي «هنريك
ابسن» الذي حلت ذكري رحيله المئوية في التوقيت نفسه طالب البعض بإلغاء
الاحتفال بها.
وبالتأكيد ليس هذا هو الحل، فالغضب بالطبع مشروع، لكن توجيه هذه
الطاقة بأسلوب إيجابي هو ما ينبغي أن نسعى إلى تحقيقه.
بدأ موقع «يوتيوب» في الاستجابة للغضب في الشارع الإسلامي، وأخذ في
تنفيذ تقنية لحذف الفيلم من التداول في كل من مصر وليبيا، كما أن دولة
الإمارات العربية المتحدة ألغت الرابط الإلكتروني، وفي الهند وباكستان
وإندونيسيا منع الموقع، في المقابل لم يكتف أحد الأحزاب المتطرفة في
ألمانيا بترويج الفيلم على الإنترنت، لكنه يستعد لعرضه تجاريا في دور
السينما خلال الأيام القادمة.
يجب أن ندرك الحقيقة ونتعامل معها، وهي أن حذف الفيلم مؤقتا من
التداول لا يعني إصدار حكم إعدام أبدي على ما تم تصويره، لكن ببساطة من
الممكن أن تراه مجددا في العديد من المواقع، ولهذا يبقى الأهم وهو كيف
نواجه ما يحدث في ميديا الإعلام، وكيف نحيلها من سلاح يوجه ضدنا إلى سلاح
يقف معنا؟! على مدى سنوات متلاحقة، ومع رواج الإنترنت عالميا، ونحن نتابع
رسوما مسيئة للرسول الكريم (عليه الصلاة والسلام) تنشر في الدنمارك
والنرويج والسويد وألمانيا وهولندا وأميركا وغيرها، بل هناك من هدد بحرق
المصحف الشريف، وهناك من حرقه بالفعل، ونجد في المقابل هناك من يهدد بحرق
الإنجيل، وهناك من يحرقه، وكل هذه الأفعال لا أرى سوى أنها تبديد للطاقة
تتناقض مع الدين الإسلامي الذي يحرم قتل النفس وحرق المقدسات.
العالم الإسلامي يريد أن تعتذر هذه الدول رسميا عن الإساءة للإسلام
ولرسول الإسلام (صلى الله عليه وسلم)، لكننا ننسى أن هذه الأفلام ليست من
إنتاج دول، كما أنها في الحقيقة ليست أفلاما كما اتضح من الفيلم الأخير
الذي أثار مساحة غضب لم نشهدها من قبل، لكنها أقرب إلى مقدمة رديئة (14
دقيقة) لفيلم لم يتم استكماله، وعدد ممن شاركوا فيه أعلنوا أنهم ضللوا ولم
يدركوا بالضبط ما الذي يقدمه الفيلم. لا نستطيع بالطبع أن نبرئ أحدا أو
ندين أحدا، فهل كانوا مضللين أم مشاركين؟.. هل هو الخوف من الغضب العارم في
العالم الإسلامي هو الذي دفعهم إلى التأكيد على أنهم مضللون؟ الحقيقة غائبة
لكن علينا أن نتعامل بواقعية.
الغرب متربص بالإسلام ويعتبره العدو الحقيقي بعد سقوط الشيوعية في
العالم كله، فكان لا بد من البحث عن عدو فلم يجدوه إلا في الإسلام.. قد
تعثر على شيء من الصحة في تلك الإجابة لكنها ليست هي كل الأسباب، ولا هي
بالتأكيد تعبر عن كل الحقيقة. لماذا لا نكون صرحاء مع أنفسنا وقبل أن نرى
القشة التي في عيون الآخرين نرى الخشبة التي في عيوننا.. ربما كان صحيحا
بنسبة ما أن هناك من يترصد للعرب أو للمسلمين، لكن الجزء الآخر من الحقيقة
هو أن هناك لبسا لدى الغرب بشأن حقيقة الإسلام، وأن عمليات الإرهاب التي
تلتصق خطأ بالإسلام في أوروبا وأميركا وأفغانستان وباكستان والفلبين
وإندونيسيا والهند وكشمير وغيرها تقدم صورا مزعجة جدا عن الإسلام.
في دراسة حديثة، مثلا، اتضح أن أكثر من 60 في المائة من الأميركيين
لديهم صورة مغلوطة عن الإسلام. الرسالة التي تصل للآخر هي أن الإسلام دين
عنيف.. فالصورة الذهنية التي ترسخت لدى الآخر عن شخصية بعض المسلمين أنه
«أسامة بن لادن» أو «أيمن الظواهري» أو «عمر عبد الرحمن»، أو الذين فجروا
البرجين في أميركا أو أحرقوا المترو في بريطانيا أو إسبانيا.
ما الذي فعلته الأموال العربية في الإعلام وهذه «الميديا» الجبارة
التي تتيح لنا أن نقدم أنفسنا للعالم؟! لو راجعت القنوات الفضائية التي
أنشئت في السنوات العشر الأخيرة، على كثرتها، سوف تجد صورة الإسلام المتشدد
هي التي يتم تداولها فيها.
أخرج مصطفى العقاد فيلم «الرسالة» بنسختين، عربية بطولة «عبد الله
غيث» وإنجليزية بطولة «أنتوني كوين»، قبل 32 عاما، وظل من بعدها يحلم بأن
يخرج فيلمه «صلاح الدين الأيوبي»، ولم تتحمس الحكومات العربية ولا الأثرياء
العرب لإنتاج هذا الفيلم رغم أن اسم مصطفى العقاد وحده كان يكفي لكي تفتح
أمامه كل الأبواب. والغريب أن يرحل مصطفى العقاد على أثر عملية انتحارية
قام بها إرهابيون في الأردن في فندق يحمل اسم القدس.
على الجانب الآخر نكتشف أن مصر مثلا لم تسمح بعرض فيلم «الرسالة» على
شاشة التلفزيون إلا منذ أربعة أعوام فقط.. بسبب ظهور شخصية «حمزة بن عم
المطلب» عم الرسول التي اعترض الأزهر الشريف على تجسيدها. ولا شك أن هذا
الفيلم قدم وجها صحيحا وحقيقيا للإسلام، إلا أننا منذ ذلك الحين لم نتبعه
بفيلم عالمي آخر.
كما أننا ننتظر رؤية أكثر رحابة تتيح لنا تقديم أعمال فنية إسلامية
للعالم كله عبر الشاشتين السينمائية والتلفزيونية.. فقد اعترض الأزهر
الشريف، ولا يزال، على مسلسل «عمر» الذي عرض في شهر رمضان الماضي وشاهده
أغلب المسلمين في أنحاء المعمورة، حيث ترجم المسلسل لأكثر من لغة، وكان من
الضروري أن يرى العالم أجمع عدالة سيدنا «عمر» (رضي الله عنه)، وأن نشاهد
خلفاء الله الراشدين سيدنا أبو بكر وعثمان وعلي (رضي الله عنهم) لأول مرة
على الشاشة.. إن هذه هي الأسلحة الناعمة التي نملكها في أيدينا.. وعلى
المؤسسات الدينية مثل الأزهر الشريف أن تتحلى بالمرونة الكافية التي تتواءم
مع مستجدات العصر لكي نصل بالأفلام والمسلسلات الإسلامية إلى العالم.
أتمنى أن تتسع رؤيتنا إلى العالم، لأن هناك من لديه رؤية من المخرجين
العالميين تصب لصالح إسلامنا لكنها تحتاج منا أن نقرأ زاوية رؤيته.. عندما
قدم «ريدلي سكوت» المخرج الأميركي الشهير فيلمه «مملكة الجنة» قبل 7 سنوات،
وكان يتبنى رؤية منصفة للإسلام أثناء الحروب الصليبية على القدس، كان
المخرج حريصا من خلال شخصية «صلاح الدين الأيوبي» التي أداها الممثل السوري
«غسان مسعود» على أن يشاهد العالم الوجه المتسامح للإسلام، لكننا لم ندرك
أهمية الفيلم لنا، وتجاوزنا تلك النظرة التي تتسم بالصدق التاريخي لشخصية
«صلاح الدين الأيوبي» وللإسلام، حيث إن الأيوبي كان محافظا على عهوده ولا
يبدأ العدوان أبدا لكنه يرد العدوان، وكان إنسانا نبيلا يرسل إلى عدوه
طبيبه الخاص لكي يعالجه من مرض الجذام..
أقول تجاوزنا كل ذلك وتساءلنا: كيف يرى المخرج أن القدس هي «مملكة
الجنة» وأنها عاصمة لكل الأديان والأعراق والألوان ولم يقل إنها عاصمة
لفلسطين فقط؟!.. لم نتفق سياسيا مع المخرج، وهذا من حقنا، لكننا لم ندرك
الوجه الآخر للصورة، والأهم هو تقديم صورة منصفة للإسلام تأتي من خلال مخرج
أميركي تحكمه معايير وأفكار وزاوية رؤية وقناعات فكرية مختلفة عنا.. من
حقنا أن نتحفظ سياسيا على الفيلم، لكننا في الوقت نفسه لا ننسى أن من حق
الفيلم علينا أن نشيد برسالة نحن أحوج ما نكون إليها، وهو يعلن على الشريط
السينمائي أن الإسلام دين لا يرفع فيه سلاح إلا في مواجهة سلاح، وهو دين
يعترف بالديانات الأخرى وبحق أبنائها في إقامة العبادات في كنائسهم
ومعابدهم.
لكننا بدلا من أن نسعى لتقديم صورة صحيحة للإسلام نطالب بمقاطعة كل ما
هو أميركي وسويدي ودنماركي.. لقد بدأ هذا الصوت يعلو بين بعض المثقفين لمنع
الأفلام الأجنبية من المشاركة في مهرجانات السينما العربية، وهكذا ندور في
دائرة مفرغة.. الإسلام ورسول الإسلام (صلى الله عليه وسلم) يهاجمان ولا
نعرف كيف نحمي ديننا ورسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم).
صورة المسلم والعربي تزداد من حولنا قبحا وتشوها، وبعضنا لا يزال يمزق
بعضا!! نعم نقدر غضب المسلمين في العديد من الدول العربية، مثل تونس وليبيا
والسودان ومصر ولبنان، وغيرها، لكننا لا نزال نبدد طاقتنا، فلن تُصدر
تشريعات تمنع فيها الدول الأوروبية مثل هذه الأفلام، ولو تصورنا جدلا أنها
منعت من دور العرض فسوف تجدها على الإنترنت متاحة للجميع.. قرارات المنع
ليست أبدية، وسوف نرى أفلاما أخرى، وعلينا أن نبدأ في المواجهة الصحيحة.
لدينا الإمكانيات الاقتصادية والبشرية.. فقط يتبقى أن نحدد الهدف
ونشرع في تقديم أعمال فنية وبرامج بمختلف لغات العالم.
زمن المنع والمقاطعة تغير، وعلينا أن ندخل بكل قوتنا لنشارك في
معركتنا الثقافية عبر «الميديا»!!
الشرق الأوسط في
21/09/2012
يخرجه الممثل بن أفلك ويتناول قضية الرهائن الأميركيين في
إيران عام 1979
«أرغو» يصب الزيت الأميركي على النار الإيرانية
لوس أنجليس: محمد رُضا
* في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) سنة 1979 قام الطلاب الثورجيون
الإيرانيون باحتجاز 52 أميركيا بعد محاصرتهم في السفارة الأميركية في طهران
لـ444 يوما. لكن ستّة من الأميركيين العاملين في السفارة بينهم الملحق
الزراعي هنري شاتز وثلاثة مسؤولين في القنصلية لجأوا إلى السفارة الكندية
القريبة حيث مكثوا فيها تحت الحماية الرسمية.
في الثاني عشر من يوليو (تموز) من هذا العام انتهى المخرج والممثل بن
أفلك من تصوير فيلم يحكي قصّة هؤلاء الستّة وكيف قام عميل من المخابرات
المركزية الأميركية بالتنكّر بصفة منتج ومصوّر سينمائي ليتمكّن من تهريب
هؤلاء الستّة إلى خارج البلاد.
المشروع كتبه السيناريست كريس تريو سنة 2007 عن تحقيق وضعه جوشوا
بيرمان. لكن هوليوود لم تتحمّس لإنتاج المشروع إلا حين بدأت التحضير له في
أبريل (نيسان) سنة 2001. التصوير نفسه بوشر به في الثاني من سبتمبر (أيلول)
في ذلك العام، وانتهى في الحادي عشر من يناير (كانون الثاني) سنة 2012 وهو
التاريخ الذي بدأت فيه عمليات ما بعد التصوير.
في عام 2010 تحدّث المنتج (والمخرج والممثل) جورج كلوني عنه. قال لي
في مقابلة تمّت في دورة فينيسيا لذلك العام (حين كان يعرض فيلم آخر له هو
«الرجل الذي حدّق بالماعز» ونُشرت حينها في «الشرق الأوسط») عن رغبته في
تحقيق هذا الفيلم. حينها كان المطروح هو أن يقوم هو بإخراجه، لكن لاحقا تم
اختيار بن أفلك للمهمّة ولمشاركة كلوني إنتاج الفيلم (يحمل الفيلم أسماء
ثلاثة منتجين هم كلوني وأفلك وغرانت هسلوف الذي أخرج «الرجل الذي حدّق
بالماعز»).
في تورنتو هذا العام شهد «آرغو» عرضه الدولي الأول كما شهد إعجابا
شديدا به من قِبل النقاد والسينمائيين، ليس فقط أن موضوعه عمل سياسي ينتمي
إلى تلك الفئة المعروفة بـPolitical Thrillers
بل لأنه فيلم جيّد المعالجة من قِبل مخرج لا يزال يحب أن يرى نفسه على
الشاشة.
هذا ثالث عمل سينمائي للممثل أفلك الذي اعتبره النقاد قبل ست سنوات من
بين أسوأ ممثلي جيله. هذا كان مردّه الأساسي سلسلة من الأفلام التي مثّلها
والتي تتوّجت بفيلم عنوانه «جيجي» ما لبث أن أصبح نكتة متداولة. لكن دفاع
أفلك (الصامت) كان أنه ربما أساء اختيار الأفلام ومخرجيها لكنه لا يزال على
وعده كممثل موهوب.
في عام 2007 قرر أن يبرهن عن جدارته من زاوية مختلفة هي التحوّل إلى
الإخراج. حينها (2007) حقق
Gone Baby Gone
من بطولة شقيقه كايسي. هنا تأكد للبعض منّا أن بن هو أورسن وَلز الممثلين
بالمقارنة مع شقيقه كايسي، لكن النقاد استقبلوا الفيلم جيّدا وكان فيه، وهو
فيلم تحريات بوليسية، ما يستحق المدح.
ثلاثة أعوام بعد ذلك حقق بن أفلك فيلمه الثاني، مخرجا، وهو «البلدة»
وهذه المرة تشجّع ولعب الدور الرئيسي فإذا به أفضل كممثل تحت إدارة نفسه
مما كان الحال عليه حين أداره مخرجون آخرون.
هذه المغامرة الثالثة في الإخراج هي الأصعب: الموضوع دقيق. الإنتاج
كبير (ولو أن «وورنر» لم تفصح بعد عن ميزانيّة العمل) والتصوير تم ما بين
بلدة ماكلين في ولاية فرجينيا ولوس أنجليس وواشنطن دي سي، كما في مطار
أنتاريو الكندي ومدينة اسطنبول التركية.
عروض مهرجان تورنتو كشفت اللثام عن فيلم يستحق سباق الأوسكار في أكثر
من مجال (كأفضل فيلم وإخراج وتمثيل ثم تمثيل مساند)، وهذا ما قد يقع
بالفعل. لكن ما كشفه المهرجان أيضا هو أن الفيلم بحد ذاته مثل شوكة تحمي
الوردة التي يحملها، فاليد الممتدة إليها، سواء أكانت ديمقراطية أو
جمهورية، قد تتعرّض لغز مؤلم إذا لم تكن حذرة. ففي حين أن الأحداث وقعت في
عهد الرئيس الأسبق جيمي كارتر، وهو ديمقراطي، إلا أن شغل النكايات السياسية
طاوله حينها ومن المتوقّع أن يطاول الرئيس الحالي باراك أوباما ولو بشكل
غير مباشر. فالمدافعون عن كارتر والمشتغلون في الحزب الديمقراطي اعتبروا أن
نجاح الدبلوماسية آنذاك هو الذي حرر الرهائن فيما بعد، في حين أن
المهاجمين، ومعظمهم من الجمهوريين، وجدوا أنه لو لم تكن سياسة الولايات
المتحدة حيال إيران على النحو الذي كانت عليه لما وقعت المشكلة أيضا.
والصراع بين الحزبين معروف وهو شغل يومي بلا عطلة. وفي خلال هذه
الفترة الانتخابية الحاسمة فإنه مرشّح للتجدد حسبما يتم تفسير الفيلم: هل
هو براءة ذمّة للمخابرات الأميركية؟ هل فيه إدانة للسياسة الخارجية
الأميركية أم أنه ينطلق كتعبير عن العلاقة المتردّية بين الولايات المتحدة
وإيران وبالتالي ضد السياسة الإيرانية الحالية في وقت ترتفع فيه مؤشرات
الحرب وتهبط بأسرع ما تفعل بورصة وول ستريت؟
المؤكّد، وعلى نحو لا يخلو من الغرابة، هو أن الفيلم معادٍ لكندا.. أو
- على الأقل - هذا ما تم تفسيره في الأوساط الكندية الإعلامية والرسمية قبل
حين عندما تناهى إلى هذه الأوساط أن الفيلم، بتبنيه تحقيق الكاتب جوشوا
بيرمان يقلل من قيمة الإسهام الكندي في قضية المحتجزين وتحريرهم ما أزعج
السفير الكندي السابق لدى إيران كن تايلور الذي اعتبر ذلك تجريحا بالواقع
وبالجهود التي بذلها شخصيا لتحرير الرعايا الأميركيين.
والحقيقة أن الفيلم رمى لتعزيز ما مفاده أن الفضل الأول في إنقاذ
الرهائن يعود إلى عميل السي آي إيه (اسمه أنطونيو مانديز في الواقع وفي
الفيلم) الذي تحايل على السلطات الإيرانية ونجح في تهريب المهددين الستّة.
وذلك، برأي البعض كان مقبولا لولا بطاقة في نهاية الفيلم واكبت النسخة
الأولى من الفيلم تقول: «إن مشاركة كندية ساهمت في إنقاذ الموظّفين
المحتجزين». هذا ما أثار السفير تايلور الذي قال: «في الحقيقة كندا كانت
المسؤولية عن المحتجزين الستة والسي آي إيه كانت شريكا صغيرا».
على هذا الأساس تم استبدال البطاقة السابقة بأخرى لا تناوئ البطولة
الأميركية المعقودة للفيلم، بل تضيف: «تورط المخابرات المركزية الأميركية
أكمل جهود السفارة الكندية لتحرير الرهائن الستة في طهران».
لكن ما هو «أرغو»؟ ماذا يعني هذا العنوان؟
«أرغو» هو عنوان الفيلم الوهمي الذي تسلل تحت غطائه العميل مانديز
موهما السلطات أنه كندي يريد تصوير فيلم خيالي علمي في البلاد، في حين أن
غايته لم تكن على هذا النحو مطلقا. وهو أيضا عنوان الكتاب الذي سيتم طرحه
في الأسواق في الثاني عشر من الشهر المقبل جنبا إلى جنب الفيلم ذاته.
والكتاب، كونه سيرة ذاتية للكاتب ساعده في وضعها مات باغليو، فيه تفاصيل قد
تكمل ما استوحاه الفيلم. لكن ما نجده في كليهما حقيقة أن مانديز لم يدر
عملية يمكن كشفها بسهولة، بل قام وأعوانه في السي آي إيه بكتابة سيناريو
كامل وتأسيس شركة إنتاج بعنوان هوليوودي صحيح وطبع بطاقات تحمل اسمه منتجا.
فقط حين وصل المحتجزون الستّة إلى سويسرا تنفس مانديز الصعداء مدركا أن
خطّته تكللت بالنجاح.
جولة بين الأفلام الجديدة
* موقعة «ما بعد الموقعة»
* المعجبون، مثلي، بتمثيل كلير دانز عليهم انتظار طلتها بحلقات
تلفزيونية جديدة من مسلسل «هوملاند» الذي تعاقدت عليه للسنة الثانية على
التوالي. بطلة أفلام لأوليفر ستون («يو تيرن») وفرنسيس فورد كوبولا («صانع
المطر») والدنماركي بيل أوغوست («البائسون»)، لم تظهر على الشاشة الكبيرة
منذ ثلاث سنوات ولا يبدو أنها ستظهر في القريب العاجل. هذا على الرغم من
أنها كانت انتهت من بطولة فيلم عنوانه «باردة مثلي» أو (As Cool as I Am)
ذي الخامة الاجتماعية إذ يتحدّث عن أم متعبة بهمومها الخاصّة وبابنتها
المراهقة. كان من المفترض بهذا الفيلم أن يعرف في مطلع الشهر المقبل، لكن
الاتفاق بين الجهة المنتجة والجهة الموزّعة فرط بالكامل وأعاد هذا الفيلم
إلى حظيرة الأعمال المنجزة (تم تصويره سنة 2011) التي لا تزال تنتظر من
يوزّعها.
* لكن لا تأخير يُذكر بالنسبة لفيلم تشترك فيه ممثلة أخرى قليلا ما
تحظى بالأدوار هذه الأيام هي إليزابيث شو. بعضنا يذكرها من حين انطلاقها في
فيلم «كوكتيل» مع توم كروز (سنة 1988) أو من بطولتها للجزأين الثاني
والثالث من «الرجوع إلى المستقبل». في عام 2010 ظهرت في أربعة أفلام لكن
جميعا صغيرة ومرّت عابرة، على عكس ما يؤمله فيلمها الجديد «المنزل الذي في
آخر الشارع» الذي ينطلق هذا الأسبوع. لكن علينا الحذر من الاعتقاد أن سرعة
عرض الفيلم بعد أقل من ثلاثة أشهر من انتهاء تصويره تعود إليها. فبطلته
الأولى هي جنيفر لورنس التي دعمت نجوميّتها بفيلم «لعبة الجوع» وهي تقوم
الآن بتصوير الجزء الثاني منه. «شو» هي أيضا في «بالم سبرينغز» المعروض
حاليا، لكن التركيز ليس عليها بل على ميريل ستريب التي ربما وجدت نفسها
مرشّحة للأوسكار للمرّة الألف هذا العام.
* حاليا لندن تدخل على الخط كموقع عرض أوّل للأفلام الأميركية. فيلم
«درَد 3D» بوشر بعرضه قبل أسبوع من عروضه الأميركية
و«الآن جيد» (مع داكوتا فإنينغ) الذي قد يتوجّه مباشرة إلى سوق الأسطوانات
في الولايات المتحدة. كذلك ينطلق هذا الأسبوع عرض فيلم «أقتلهم بنعومة»
الذي سيتأخر عرضه في الولايات المتحدة لنحو شهر (اقرأ نقد الأفلام أدناه).
ولندن بالطبع لا تزال المكان الأول لعرض الأفلام الفرنسية والإيطالية بينما
لا يمر من خرم إبرة العروض الأميركية إلا القدر القليل من هذه الأعمال.
وهذا الأسبوع يطالعنا الفيلم الفرنسي «ثلوج كليمنجارو» لروبير غويدغيان
والهندي «بطلة» لمدهور بهانداركار و«حكايات الليل» وهو أنيماشن آخر من
إنتاج شركة فرنسية نشطة في هذه الأيام في هذا النوع من السينما.
* وعلى ذكر فرنسا، فإن فيلم يسري نصر الله الجديد «بعد الموقعة» وسمّي
هناك بـ«المعركة الأخيرة»، قفز إلى العروض السينمائية في باريس. والأخبار
ليست مشجّعة. التقارير الأولى تفيد بأن 399 تذكرة بيعت فقط في اليومين
الأولين على ثماني شاشات عارضة. وربما كان ذلك عائدا إلى ثقة الجمهور
الفرنسي (فئة النخبة التي عادة ما تؤم الأفلام المختلفة عن السائد)
بنقّادها إذ لم ينل إعجابا كليّا من عدد كبير منهم بمن فيهم ناقدا
«الليبراسيون» اليسارية و«الفيغارو» اليمينية. وأنجز إعجابا أقل من نقاد
«لو إكسبرس» و«إيكران لارج» و«فيش دو سينما». أكثر المتحمّسين للفيلم بين
الصحف «اللوموند» وبين المجلات «برميير» و«تيليراما».
بين الأفلام
* القتل الضروري
*
Killing ›em Softly
إخراج: أندرو دومينيك أدوار أولى: براد بت، راي ليوتا، سام شبرد، جيمس
غاندولفيني.
النوع: بوليسي داكن | الولايات المتحدة (2012).
تقييم: (3*) (من خمسة) في فيلم أندرو دومينيك الجديد «أقتلهم بنعومة»
لا أحد يحبّذ أن يقتل أحدا، لكن القتل هو الحل الوحيد في النهاية. الإجراء
الذي لا بد منه بعد نفاد الاحتمالات الأخرى، أو بعد أن يتبدّى للقاتل أن
الضرب العنيف وحده لن يكفي. وهو يطال من يعتبره الفيلم يستحق القتل ومن هو
بريء من أي داعٍ أو مبرر لقتله.
الفيلم مأخوذ عن رواية معروفة لهواة الأدب البوليسي بعنوان «تجارة
كوغان» (وهو العنوان السابق لهذا الفيلم) وضعها جورج هيغينز. وجورج هيغينز
هو مؤلف الرواية التي نقلتها السينما إلى فيلم رائع سنة 1973 بعنوان
«أصدقاء إيدي كويل» (أخرجه بيتر ياتس) حول موقف صعب آخر لبطله إيدي كويل،
كما لعبه بإتقان مدهش روبرت ميتشوم، فهو سجين سابق يضغط عليه التحري دايف
(رتشارد كوغان) لتوريط عصابة لأجل إلقاء القبض عليها. في الوقت ذاته يطلب
التحري ذاته من أحد معارف إيدي إسمه ديلون (بيتر بويل) تصفية إيدي.
الحكاية تختلف هنا فبراد بت (الذي قاد بطولة «اغتيال جيسي جيمس بيد
الجبان روبرت فورد» الذي أخرجه دومينيك أيضا) هو القاتل المحترف الذي تتم
الاستعانة به لمعالجة وضع بات يشكّل خطرا: عصابة من رجلين غير محترفين تغير
على نادٍ صغير للعب القمار يديره رجل العصابة ماكي (راي ليوتا) وتسرقه. على
جاكي أن يعرف ماهيّتهما ويتخلّص منهما. ثم يستأجر من يريد للإجهاز على ماكي
نفسه، خصوصا بعدما تم التعرّض للنادي وسرقته مرّة أخرى ما جعل المنظّمة
ترتاب بأن ماكي يدبّر عمليات السرقة بنفسه لحسابه الخاص.
جاكي قاتل خاص بقدر ما هو متخصص. إنه يفضّل القتل من بعيد ويفسّر ذلك
بقوله إنه لا يحب صراخ الضحايا خائفين أو مستعطفين (من هنا جاء العنوان).
وهو يطلب من صديق قديم (جيمس غاندولفيني) معاونته، قبل أن يكتشف أن ذاك لم
يعد مثار ثقة بسبب إدمانه على المخدّرات والعاهرات معا. هذه النقطة، بقدر
ما هي مثيرة للاهتمام على الشاشة، بقدر ما هي دراميا مثل طريق فرعي ينتهي
بجدار مسدود. صحيح أنه سيعني أن جاكي سيقوم بالمهمّة بنفسه، إلا أن المشاهد
بين براد بت وغاندولفيني لا تبدو أكثر من مناسبة لتجاذب حوار من دون حركة
مصاحبة.
كذلك يأخذ الفيلم وقتا طويلا لشرح ما هو واضح. يعتني بالحوار ويستخدمه
وظيفيا لشرح شخصياته وملامحها الخاصّة، إلا أنه يفيض عن الحاجة في بعض
المشاهد وعلى حساب الإيقاع ذاته. لكن قدرة المخرج على إدارة شخصياته وعلى
توقيت مواقعه جيّدة.
الفيلم بالغ العنف في أكثر من مشهد، خصوصا مشهد الضرب المبرح الذي
يتلقّاه راي ليوتا، لكن وعلى صعيد آخر يعمل جيّدا على صعيد تصوير خيبة
الأمل الأميركية من قدرة البيت الأبيض على إنقاذ البلاد من المحنة
الاقتصادية. هذا هو عالم الفيلم الداكن الملقى على خلفية أكثر دكانة.
شباك التذاكر
* المركز الأول رهينة فيلم رعب رديء هو «المسكن شر: رد فعل» الذي حل
مكان فيلم رعب رديء آخر هو «الامتلاك». الإيرادات في مجموعها أفضل من
الأسبوع الماضي لكن الإقبال لا يزال منخفضا على نحو شامل.
1 (-)
Resident Evil: Retribution: $20,610,295 (2*) 2 (-) Finding
Nemo: $17,504,904 (3*) 3 (1) The Possession: $5,873,442 (2*) 4 (2)
Lawless: $4,244,377 (3*) 5 (6) ParaNorman: $3,039,464 (2*) 6 (4) The
Expendables 2: $3,030,006 (2*) 7 (3) The Words: $2,880,028 (1*) 8 (5)
The Bourne Legacy: $2,875,250 (3*) 9 (7) The Odd Life of Timothy Green:
$2,511,042 * 10 (8) The Campaign: $2,405,200 (2*)
سنوات السينما
1927 حكايات ألمانية
* في سنة 1927 نجد السينما الألمانية ومخرجيها في وضع رائع. من ناحيته
أنجز الألماني فريتز لانغ فيلمه الكبير «متروبوليس» القائم على عالم
مستقبلي تدفع طريقة معاملة البعض للأكثرية لقيام ابن أحد كبار الصناعيين
بالثورة على أبيه.
أفضل منه فيلم للألماني ف. و. مورناو بعنوان «شروق» حول حكاية زوج
تغرّر به امرأة لقتل زوجته ويكاد يقدم على ذلك لولا استيقاظه من الوهم
العاطفي الذي وضع نفسه تحت براثنه في الوقت المناسب. كلا الفيلمين أفرز
الكثير من الأبحاث والكتب حولهم. المخرج الفرنسي آبل غانس أنجز عملا رائعا
أيضا (ومن إنتاج مشترك بين ألمانيا وتشيكوسلوفاكيا) بعنوان «نابليون». وأحد
أفضل الأفلام التسجيلية الطويلة في تلك الحقبة، وهو «برلين: سيمفونية مدينة
عظيمة» تم إنجازه على يدي المخرج وولتر روتمان. وعلى نحو أقل إجادة وإن ليس
أقل قيمة «حب جين ني»، إنتاج ألماني مزخرف آخر لجورج ولهلم بابست.
الشرق الأوسط في
21/09/2012 |