غاص «قصّة ثواني»،
الفيلم الروائي الطويل الأول للمخرجة
اللبنانية لارا سابا، في قاع بيئة محلية
منقسمة على نفسها. بل متناقضة مع نفسها. لوهلة أولى، يُمكن وصفه بكونه
معاينة بصرية
لطبقات اجتماعية لبنانية متباعدة عن بعضها البعض، في سلوكها وأنماط حياتها
ومآزقها
المتنوّعة. أو بكونه تصويراً واقعيّاً قاسياً لحالات لبنانية مستلّة من
يوميات
العيش في مدينة ممزّقة ومهترئة ومشحونة بقهر وخراب فظيعين. أميل إلى
التعاطي مع «قصّة
ثواني» (أو «حبال الهوا»، كما في جينيريك البداية. أو «تقاطعات عمياء» كما
العنوان الإنكليزي) انطلاقاً من استجابته شرطاً إبداعياً أساسياً، متمثّلاً
بقدرته
على جعل الصورة أكثر نطقاً من كل حوار، وعلى منح الحركة قوّة التعبير
الحسّي
أحياناً. أميل إلى اعتبار الفيلم سرداً لحالات، وقولاً لحكايات معيشة هنا
وهناك،
داخل هذه المدينة المقيمة في متاهة البحث المضني عن الذات من دون جدوى.
عناوين
الفيلم تفسير لنواة الحبكة الدرامية.
بعيداً عن أي إسقاط تحليلي اجتماعي أو فكري،
يظهر «قصّة ثواني» فيلماً سينمائياً يُشكّل صورة عن الشقاء اللبناني والبؤس
الفرديّ. النماذج المختارة حاضرة بفعالية قاسية في المجتمع. تصويرها نابعٌ
من أعماق
بيئة معجونة بشتّى أنواع الصدامات والنزاعات: صدامات مبطّنة بين أناس
منتمين إلى
طبقات اجتماعية مختلفة، ونزاعات داخلية تدفع المرء إلى خيارات قسرية وصعبة.
الموت
بداية. لكن، هناك رغبة في الحياة. عطشٌ إلى خلاص. سعي إلى اغتسال روحي من
تلوّث
متنوّع الأشكال، وإن تمّ هذا كلّه من دون جدوى. هناك إرادة عيش مُحاصرة
بجنون بيئة
أدّى إلى إسقاط الجميع في محنهم القاتلة. هناك تشابه في القلق الذاتيّ بين
شخصيات
تلتقي صدفة، أو تأخذها الأقدار إلى «تقاطعات» مفاجئة. التقاطعات «عمياء».
لكنها جزء
من لعبة القدر. اللعبة خبيثة. القدر لعين. شخصيات متناقضة في أنماط عيشها
وسلوكها
الاجتماعي وارتباطاتها الإنسانية. لكنها شخصيات متشابهة على مستوى الشقاء
الفرديّ.
التناقض حقيقيّ. التشابه أيضاً. لكن «قصّة ثواني» يكاد يقع في تخبّط إنساني
درامي:
الأغنياء معذّبون كما الفقراء، وإن اختلف شكل العذاب، وأسبابه.
يطرح تشابه
المصائر بين الشخصيات المتناقضة سؤال البؤس
الحياتي. المرأة الثرية غير محتاجة إلى
شيء ظاهرياً، باستثناء طفل/ طفلة. الشابّة الفقيرة تحتاج إلى كل شيء، وأبرز
حاجاتها
متمثّل بتعويض الفقدان. الصبيّ الفقير محتاج إلى كل شيء أيضاً، وأهمّ
حاجاته: رأفة
أم قد تُشكّل بديلاً عن غياب أب. الشابّة الفقيرة فَقَدت والديها في لحظة
طيش.
المرأة الثرية فَقَدت حلمها الوحيد في لحظة طيش. الصبيّ الفقير فَقَد أمانه
في لحظة
طيش. تصلح «لحظة طيش» عنواناً للقسوة المدمِّرة، التي عانت الشخصيات
تداعياتها
المُرَّة. إنديا (كارول الحاج) سعيدة بزواجها من مالك (شربل زيادة)، الرجل
الذي
تُحبّ. ابنة عائلة ثرية. زوجها رجل أعمال ناجح. لكن القدر لعين. نور (غيدا
نوري)
دخلت متاهة العيش في بلد استهلاكيّ، إثر وفاة والديها في حادث سير. مروان
(علاء
حمّود) مُصاب بانهيار أم ذاهبة إلى جحيمها اليوميّ، آخذة إياه معها إلى
خرابها الذي
لا قعر له. ثلاث شخصيات. ثلاث حكايات.
لعبة الزمن جميلة في «قصّة ثواني». لكل
حكاية مساحتها الزمنية والدرامية الخاصّة بها. التداخل بينها مشغول بحرفية
جميلة.
التداخل قاس. لعبة القدر قاسية. خيوط اللعبة متشابكة بنسق بصري يؤدّي إلى
اكتمال
الصورة في اللقطات الأخيرة: «شخصيات الفيلم لا تلتقي، ولا يعرف أحدها
الآخر، مع
أنها تتقاطع صدفة»، كما قالت سابا. أضافت أن هناك حدثاً واحداً في حياة
إحدى هذه
الشخصيات، «يُبدّل حيوات الشخصيات الأخرى». هذا، بجزء أساسي منه، صحيح. لكن
المسألة
أعمق من هذا: الصدفة قد تكون لعنة. سبب فقدان الوالدين مرتبط بحادثة تعرّضت
لها
زوجة رجل الأعمال. الحادثة متعلّقة بالصبي الفقير. الصدفة لعنة أحياناً.
التفاصيل
الهامشية (الجنس. المخدّرات. السرقات. التحرّشات. واقع الحال اليومي
اللبناني.
إلخ.) مُكوّن أساسي للحبكة. مُكوِّن أساسي لحياة لبنانية راهنة. نواة
الحبكة
امتدادٌ بصري للتفاصيل المعيشة هذه.
«قصّة ثواني» حكاية لبنانية بامتياز.
([)
يفتتح الفيلم الدورة الـ12 لـ«مهرجان بيروت الدولي
للسينما»، السابعة مساء اليوم الأربعاء، في صالة سينما «أبراج» (فرن
الشبّاك).
يستمر المهرجان لغاية 11 تشرين الأول 2012.
السفير اللبنانية في
03/10/2012
مواجهة مع... ذاكرة الراهن
الدورة 12 تستعيد المعلمين
كوبريك وكوريسماكي: مهرجان بيروت في قلب
الإعصار
فريد قمر
صحيح أنّ الأحداث التي تشهدها المنطقة وحظر السفر إلى لبنان قلّصا
المشاركة في «مهرجان بيروت الدولي للسينما»، لكنّ كوليت نوفل أصرّت على
إقامة هذا الموعد السنوي الذي تتخلّله محطات استثنائية أولاها فيلم محسن
مخملباف «البستاني»، وتحية إلى اثنين من كبار صنّاع الفن السابع، وأعمال
توثّق لانتفاضات العالم العربي... وأخرى تعكس هموم الجيل اللبناني الشاب
تنطلق اليوم في «سينما أبراج» الدورة 12 من «مهرجان بيروت الدولي
للسينما»، بمشاركة 57 فيلماً، على أن يكون الافتتاح مع «قصة ثواني»
للبنانية لارا سابا. قد تكون الأحداث العاصفة حولنا حجّمت المهرجان وقلصت
عدد مشاركيه، أو سحبت من برنامجه أسماءً تمنيناها بيننا. لكن الأكيد أنّها
لم تستطع أن تجد في منظميه استسلاماً. كان برنامج «ما تيسر» كافياً لتقديم
مجموعة أعمال قادرة على صنع تميزه ولو كان عددها يقارب نصف عدد الأفلام
التي شاركت في الدورة السابقة.
لبنان وقع في دائرة الحظر الثقافي من دول عربية وأوروبية ساهمت في بث
الرعب في مخرجين فضّلوا عدم خوض مغامرة المشاركة في لقاء سينمائي يقام في
دول يهددها «الإرهاب». لكن المهرجان يقام بمن حضر، ومن حضر ليس أقل قيمة
ممن غاب. والنتيجة أقرب الى انتقاء نخبوي ولو بحكم الضرورة، لا سيما بعد
تدعيم المهرجان بأفلام استعادية للعملاقين الأميركي ستانلي كوبريك
والفنلندي آكي كوريسماكي (راجع الصفحة المقابلة). المهرجان يفتتح اليوم قبل
أن يستكمل البرنامج على مدى أيامه التسعة أفلاماً تغطي مساحة عريضة من
القضايا الملحة. هذا العام، نجد تعويضاً عن الغياب غير المبرر لأفلام
الثورة في الدورة السابقة، فنشهد فيلمين يعرضان في «البانوراما الدولية» (4
و5 و8/10) الثورة المصرية بعيون لا تنتمي الى أرض الكنانة، وهما «انتفاضة»
للأميركي فريدريك ستانتون و«المنصاعون» للإيطالي فرانشيسكو كازولو. وإذا
كان ستانتون صنع فيلمه من خلال مقابلات مع شبان نشطوا في «25 يناير»،
معتمداً على التفاصيل الدقيقة لرسم صورة واقعية، فإن كازولو سعى الى تقديم
نمط مختلف عبر دمج المشاهد العامة بالتفاصيل، في صورة بانورامية للأحداث،
ما يشكل نموذجين مختلفين لتأريخ الحدث نفسه.
أما سوريا، فتحضر بقوة في المهرجان لتطرح قضية المسيحيين وهاجس الثورة
عبر «دمشق... مواجهة مع الذاكرة» (5/10) للمخرجة الفرنسية السورية الأصل ماري سورا، فيما
نجد «الثورة الناعمة» مع صديق المهرجانات اللبنانية الإيراني محسن مخملباف
الذي يعرض له شريطه الجديد «البستاني» (6 و7/10) الذي ينافس على جائزة
الأفلام الوثائقية، ويتناول قصة جيل إيراني جديد بدأ يتمرد ولو جزئياً على
الموروثات الدينية والاجتماعية. ولأنّ لا قيمة لثورات لا تحترم حقوق
الإنسان، فقد خصّصت أفلام لهذه القضية منها «ثمن الجنس» (6/10) للبلغارية
ميمي شاكاروفا، و«الشرائط الزهرية» (7/10) للكندية
ليا بول، و«رحلة خاصة» (7/10) للسويسري فرنان ميلغار، و«رئيس الجزيرة» (5/10) للأميركي جو شينك.
المهرجان أخذ على عاتقه تقديم أفلام الصف الأول. لذا يستقدم الفيلم
الروماني الشهير «خلف التلال» (5 و8/10) لكريستيان
مونجيو الذي حاز جائزة أفضل سيناريو في «مهرجان كان» الأخير، كما يعرض
«المطاردة» (4 و8/10) للدنماركي توماس فنتربيرغ الذي فاز بطله مادس
ميكلسن بجائزة أفضل ممثل في «كان» أيضاً. أما من النروج، فتستكمل سلسلة
أفلام الجوائز مع الشريط الرائع «أوسلو، 31 آب» (6 و7/10) ليواكيم تراير
الذي فاز بجائزتي أفضل فيلم وأفضل تصوير في «مهرجان استوكهولم». ومن
الأفلام المعروضة أيضاً «أحجار السفير» (5 و6/10) لواين بلير، و«علاقات
خطرة» (7و9/10)
للمخرج الكوري الجنوبي هور جين هو، و«مكتوب» للإسباني باكو آرانجو، فضلاً عن الفيلم الجدلي
«أنا مثلي الجنس ومسلم» (4 و5 و8/10) للمخرج كريس بيلوني، فيما اختير
لاختتام المهرجان فيلم
Looper للشاب
راين جونسون (11/10).
ومن الخليج، كان الإماراتي نواف الجناحي من القلة الذين تحدّوا الحظر
غير المعلن على لبنان ليشارك بـ«ظل البحر» (البانوراما الدولية ــ 4 و7/10)
الذي يقدم مقاربة جميلة للإمارات بين جيلين، مُظهراً التطور الذي لم يطرأ
على شكل المدينة فحسب، بل على عادات شعبها الذي يعيش اليوم صراعاً بين
التمسك بالهوية وبناء هوية جديدة كوزموبوليتية.
وجرياً على العادة، جرى تخصيص جائزة للأفلام الوثائقية (جائزة ألف)
التي يتنافس عليها عدد من الأعمال من بينها «عيون الحرية... شارع الموت» (4
و9/10) للشقيقين أحمد صلاح سوني ورمضان صلاح، وقد اختارا أحداث شارع محمد
محمود الشهيرة موضوعاً لفيلمهما، فيما قررت كاتيا جرجورة العودة إلى
الانتخابات النيابية التي سبقت «ثورة 25 يناير» في شريطها «وداعاً مبارك»
(6 و10/10). أما «البيت البرتقالي» (6 و9/10) لرامين فرنسيس الأسدي،
فيستعرض سلاحف البحر المهدّدة بالانقراض على ساحل صور (جنوب لبنان). ومن
الأفلام المرشحة للفوز بقوة «أمل» (4 و9/10) للإماراتية نجوى غانم. وفيما
غابت هذا العام مسابقة الأفلام الروائية، تحضر الجائزة الثانية للأفلام
القصيرة، ويتنافس
عليها 11 عملاً من بينها «عالم متغيّر» (7
و8/10) لبيار سلوم الذي يقدم شريطاً مذهلاً عن اعتداءات
11 سبتمبر كأنه كان موجوداً فيها، معتمداً على الجهد التقني البحت. ومن
الأفلام اللبنانية المنافسة «من بطولة جوليا» (4 و7/10) لإيلي فهد، و«وتجوزنا...» (7 و8/10) لجو عازوري. ومن مصر،
يشارك روماني سعد بـ«برد يناير» (4 و7/10)، فيما يشارك المخرج العراقي
رزكار حسين بفيلم «بايسكل» (7 و8/10) الذي فاز بجائزتي أفضل فيلم وأفضل
سيناريو في «مهرجان الخليج السينمائي» الأخير.. علماً بأنّ لجنة التحكيم
تضم الناقد إميل شاهين، والمنتجة اللبنانية ريتا داغر، فيما ستُمنح جائزة
للشريط الذي يختاره الجمهور عبر التصويت.
ربما
لم يكن المهرجان على قدر الآمال لناحية حجم التظاهرة التي حلمنا أنّها تكبر
عاماً بعد عام، لكن في ظل الظروف التي شهدها لبنان والمقاطعة العربية
والدولية التي تشمل حتى الإبداع، تعد إقامة هذا الحدث بحد ذاتها تحدياً
لأعداء الثقافة ومتنفساً لمن قالوا للعالم أجمع: لنا مكان هنا.
«مهرجان بيروت الدولي للسينما»: بدءاً من السابعة مساء اليوم حتى 11
ت1 (أكتوبر) ـــ «سينما أبراج» (فرن الشباك ـــ بيروت) ـــ للاستعلام:
70/141843
الأخبار اللبنانية في
03/10/2012
فيلم الافتتاح لارا سابا في متاهات المدينة
فريد قمر
وقع الاختيار على لارا سابا (1979) لتفتتح باكورتها الروائية الطويلة
«قصة ثواني» فعاليات «مهرجان بيروت الدولي للسينما» الذي ينطلق اليوم في
«سينما أبراج» (س:7:00). منذ أفلامها الوثائقية الأولى، دأبت المخرجة
اللبنانية على دخول أعماق الحقائق لكشف مستورها. نراها تعود الى بيروت
بفيلم روائي بعدما حطت فيها من خلال فيلمها «بيروت الحقيقة ووجهات النظر»
الذي حاز جائزة «مهرجان بروكسيل للأفلام الوثائقية».
لكن يبدو أنّ المخرجة أرادت من فيلمها الروائي الأول أن تترك بصمتها
على الساحة، فاختارت السبيل الأصعب من خلال عمل ينتمي الى الدراما السوداء،
إذ عمدت الى تكديس القصص المأساوية على نحو يستنزف المشاهد ويرهقه، لكنه
سيخرج مشدوهاً لحجم الصفعة والشحنة العاطفية التي خلّفها الشريط في نفسه.
هذا الأسلوب مغامرة كبرى لفيلم لبناني، ولا سيما أنّ الخط رفيع بين صياغة
فيلم مؤثر وآخر ممل، لكن سابا عرفت الدواء فبنت قصتها (سيناريو نبال عرقجي)
على ثلاث شخصيات مستقلة، بحيوات مستقلة، ومنحى زمني منفصل. لا يربط بين تلك
الشخصيات سوى بيروت ومآسيها.
تلك المآسي التي تتكفّل كل واحدة بأسر المشاهد كأننا في ثلاثة أفلام
ضمن عمل واحد. القصة الأولى تتحدث عن مروان (علاء حمّود) الذي يعيش مع
والدته ويتعرض للاغتصاب من قبل عشيقها، فيما تقبض ثمن ما يرتكب، ثم هناك
نور (غيدا نوري) التي تفقد عائلتها في حادث سير فتواجه الفقر المدقع،
وصولاً الى انديا (كارول الحاج) التي تمتلك كل ما تريده في الحياة باستثناء
الأمومة. غير أنّ الأحداث لا تسير في الفيلم على نحو يفكك العقد، بل تزداد
اشتباكاً لتكتمل مأساة كل شخص باكتمال مأساة الآخر.
ليس سهلاً هذا النوع من الأفلام، فالمكتبة السينمائية العالمية حافلة
بها لعلّ أفضلها ما يستطيع أن يحقق العلاقة العرضية بين الشخصيات المتباعدة
بطريقة تعطي الفيلم بعض المنطق والنكهة، إضافة إلى البناء الدرامي
لشخصياته. هذا ما رأيناه في فيلم «بابل» للمكسيكي أليخاندرو غونزاليس
إيناريتو وبدرجة أقل وضوحاً «انفصال» للإيراني أصغر فرهادي.
لذا كنا نتوقع أن تشتغل سابا أكثر على الرابط بين الشخصيات الثلاث،
لكنّها اكتفت بالمدينة والمأساة بوصفهما جامعين وحيدين للشخصيات، حتى إنّها
استغنت عن فرصة تطوير العلاقة الظرفية التي نشأت بين مروان وانديا قبل
نهاية الفيلم، فأرادتها عابرة لا أكثر، لكن ذلك الخيار عوضته المخرجة في
بنائها لكل شخصيات الفيلم، وخصوصاً مروان ووالدته وانديا، فيما لم تبد
شخصية نور ناضجة بما يكفي.
يؤخذ على المخرجة تركيزها على قصص الفيلم وإهمالها الجوانب الفنية،
فلا لقطات فنية للكاميرا، ولا حيل تقنية تظهر حس الإبداع، ولا جهد فوق
العادة يظهر تميزاً في التكنيك. غير أنّ التميز كان في منح الفيلم نكهة
خاصة باشراك رمزي لبعض الوجوه المحببة لدى الجمهور من طوني أبو جودة الى
ماريو باسيل وليلى حكيم، فضلاً عن إطلالة للمخرج بهيج حجيج، بدت كدعم معنوي
للمخرجة الشابة.
الأخبار اللبنانية في
03/10/2012
أبطاله عمّال وفقراء ومهمّشون
آكي كوريسماكي: بيكيت الفن السابع
عثمان تزغارت / باريس
خمسة أفلام يعرضها المهرجان للمعلّم الفنلندي. المنحى النضالي الذي
تميّزت به أعماله لم يُبعد عنها روح الفكاهة القاتمة المستوحاة من عوالم
المسحوقين.
يخصص «مهرجان بيروت الدولي للسينما» فعالية خاصة للاحتفاء بسينما
المعلم الفنلندي آكي كوريسماكي (1957)، تعرضها خمسة من أشهر أفلامه هي:
«استأجرتُ قاتلاً» (1990 ـــ 6و10/10)، «فتاة مصنع الكبريت» (1990 ــ 5
و8/10)، «الحياة البوهيمية» (1992 ـــ 7 و8/10)، «رجل بلا ماض» (2002 ــ 5
و7/10)، وLe
Havre (2011
ـــ 4 و9/10). على مدى ثلاثة عقود، ومن خلال عشرين فيلماً طويلاً، فرض
كوريسماكي أسلوبه ومكانته كأحد أكبر صناع الفن السابع.
نجح صاحب «رجل بلا ماض» (الجائزة الكبرى، «كان») في تحقيق ذلك، رغم
أنّه حين تقدّم إلى معهد السينما في مسقط رأسه في هيلسنكي، وهو في سن
العشرين، رسب في الامتحان. ورُفض قبوله آنذاك بسبب رؤاه المغرقة في
السوداوية. ما جعله يتجه لبعض الوقت إلى موسيقى الروك، حيث أسّس فرقته
الشهيرة «كاوبوي لينينغراد» التي اقتبس منها فيلميه الشهيرين «كاوبوي
لينينغراد في أميركا» (1989) ««كاوبوي لينينغراد يلتقون موسى» (1994).
دخل كوريسماكي عالم السينما على نحو عصامي. بدأ ممثلاً ثم كاتب
سيناريو في أعمال شقيقه الأكبر ميكا كوريسماكي. وكان في الوقت ذاته يشتغل
في مهن يدوية بسيطة لكسب لقمة العيش. عمل كنّاساً ونادلاً وبنّاءً وساعي
بريد. ومن عوالم المهمّشين والعمّال الفقراء، الذين عاش بينهم وعرفهم عن
قرب في شبابه، اقتبس شخوص أشهر أعماله، وخصوصاً أفلام «الثلاثية
البروليتارية» («ظلال الجنة»/ 1986، «أرييل»/ 1988، و«فتاة مصنع الكبريت»/
1990).
في عام 1983، أُتيحت له الفرصة، بعد سنوات من التخبط والمحاولات
الفاشلة، لتقديم عمله الروائي الأول، فاختار رهاناً صعباً: اقتباس رواية
«الجريمة والعقاب» لدوستويفسكي في فيلم لا تتجاوز مدته ساعة ونصف ساعة! كان
ذلك أشبه بالمهمة المستحيلة، لكنّه نجح في رفع التحدي. وإذا بالشهرة تنزل
عليه دفعة واحدة، حيث قوبلت باكورته تلك بحفاوة نقدية عالمية، لكنه قرّر
لاحقاً أن يسلك منحى مغايراً تماماً. ابتعد عن السينما الملحمية
الكلاسيكية، واتجه نحو الفكاهة العبثية التي استطاع من خلالها أن يكتسب
ملامحه الأسلوبية الخاصة، ذات المنحى المينيمالي، حتى بات يُلقَّب بـ «بيكيت
السينما».
بعد «الثلاثية البروليتارية»، قدَّم «استأجرتُ قاتلاً» (1990)،
و«الحياة البوهيمية» (1992)، و«خذي وِشاحك يا تاتيانا» (1994). في عام
1996، قدِم إلى الكروازيت للمرة الأولى برائعته «إلى البعيد تحلّق الغيوم»،
التي كرّسته نهائياً في مصاف كبار صناع السينما، لكنه لم يأبه بالحفاوة
النقدية والنجاح العالمي، وانقطع عن الأوساط السينمائية ثلاثة أعوام، ليعود
عام 1999، بفيلم تجريبي صامت صوّره بالأبيض والأسود، بعنوان «جحا».
ورغم الشعبية الكبيرة التي يحظى بها على الدوام في «مهرجان كان»، حيث
يعد أحد «زبائن» المهرجان المنتظمين، إلا أنه لم ينل أي مكافأة على «الكروازيت»
لغاية عام 2002، حين انتزع «الجائزة الكبرى» عن رائعته «رجل بلا ماض»، التي
شكَّلت الجزء الثاني من «ثلاثية الأبطال التائهين»، التي بدأها بـ «إلى
البعيد تحلِّق الغيوم»، ليختتمها بعد 15 سنة بأحدث أفلامه
Le
Havre، الذي عُرض في الدورة ما قبل الأخيرة من «كان». يروي الشريط قصة كاتب
بوهيمي اسمه مارسيل ماركس يجوب العالم في رحلة تيه طويلة تنتهي به إلى
ميناء «لو هافر» شمال فرنسا. هناك، يتعرف إلى سيدة مسنة تستضيفه في بيتها
وتعتني به. وفي لحظة تحوّل إنسانية مبهرة، يخرج مارسيل ماركس من العدمية
التي عاش فيها طوال حياته، حين يتعرف إلى مراهق نازح من أفريقيا تطارده
الشرطة الفرنسية لأنّه مهاجر سري، ويسعى بكل الوسائل إلى مساعدته من أجل
تحقيق حلمه في عبور بحر المانش نحو الفردوس البريطاني. لكن هذا المنحى
النضالي لم يبعد كوريسماكي عن عوالم الـ
Burlesque،
وروح الفكاهة القاتمة المستوحاة من عوالم المهمشين والمسحوقين. حتى إنّ
بعضهم قارن هذا الفيلم الذي يعد الأكثر اكتمالاً في أعمال كوريسماكي منذ
«رجل بلا ماض» بالنفس الإنساني الساحر في أعمال شارلي شابلن. كون هذا
الفيلم ناطقاً بالفرنسية، مثل فرصة لكوريسماكي ليوجّه ــ من خلال حواراته
الساخرة ــ تحية عرفان إلى السينمائي الكبير جاك تاتي، الذي يعدّه أحد
معلميه...
الأخبار اللبنانية في
03/10/2012
ستانلي كوبريك: هوس الكمال
يزن الأشقر
إضافة إلى كوريسماكي، يوجّه المهرجان تحية إلى معلّم آخر هو ستانلي
كوبريك (1928 ــ 1999) عبر عرض أربع من روائعه: «2001: أوديسة الفضاء»
(1968 ــ 6 و9/10)، و«سترة معدنية كاملة» (1987 ــ 5/10)، و«د. ستراينجلوف»
(1964 ــ 7و9/10) و«لوليتا» (1962 ــ 5و9/10). يسهل أن تحبّه رغم احتمال أن
تكون هذه العلاقة معقدة. الرجل عبقري بلا شك، لكنّه عصيّ على الفهم. في
معظم أفلامه، هناك حرفية تناهز الكمال على المستوى التقني. وفي السياق
الاجتماعي لأي فيلم، هناك محوران على الأقل لتفسير الحبكة، بين القصة
المباشرة ودراسة الحالة الإنسانية تحت تأثير الأحداث الكبيرة. الأحداث
كبيرة فعلاً في بيئة شخصياته التي يضعها تحت ضغط هائل، كما يضع ممثليه
وطاقمه أثناء التصوير حتى الانهيار. في مسيرته السينمائية، 13 فيلماً
طويلاً فقط أخرجها على فترات متباعدة، آخرها «عيون مغلقة بإحكام» (1999)
الذي توفي كوبريك بعد فترة بسيطة على الانتهاء منه.
بعدما أنجز «سبارتاكوس» (1960) ونجاحه نقدياً وتجارياً، غادر كوبريك
هوليوود نهائياً إلى لندن. هناك، أخرج «لوليتا» المقتبس عن رواية فلاديمير
نابوكوف الشهيرة، عن البروفيسور الأربعيني وهوسه بالمراهقة ذات الأربعة عشر
عاماً. بدأت هنا رحلته مع الجدل. وفي موازاة لأجواء الذعر النووي، اقتبس
رواية أخرى وأخرج الكوميديا السوداء «د. ستراينجلوف» عائداً إلى ثيمة الحرب
التي تطرّق إليها سابقاً في «دروب المجد» (1957). هنا، نرى سخريته اللاذعة
من حبّ الدمار والقنبلة (مع بيتر سيليرز وجورج سي سكوت) عبر الحوارات
الجنونية لجنرالات الحرب الأميركيين، والكارثة النووية. عمل بعدها لأربع
سنوات لإنجاز «2001: أوديسة الفضاء» الذي يتخذ منحى أكثر تأملاً في سردية
فلسفية لتاريخ الإنسان من خلال ثيمة الخيال العلمي. بلغ التناسق الشكلي
أوجه في الشريط الذي لا يزال صامداً إلى اليوم رغم تطور المؤثرات البصرية.
أكمل كوبريك مشواره في استكشاف ثيمات السينما المختلفة، من الحقبة
التاريخية في «باري ليندين» إلى الرعب في «البريق» وعودة إلى الحرب مع
«سترة معدنية كاملة» حيث الجانب المظلم للإنسان ولاأخلاقية الحرب. ذكر
كوبريك مرة أن «للمخرج الحرية ذاتها التي يمتلكها الروائي عند شرائه
الورق». هكذا فعل دوماً، متحكماً في جميع نواحي الفيلم، ومقتبساً الروايات
على طريقته. هوسه بالكمال دفعه إلى فترات تصوير طويلة تمتد على سنتين. لاعب
شطرنج محترف مثله ليس لديه مشكلة مع الصبر. لكنّ سعيه إلى الكمال كان
بمثابة حاجز أمام معالجات أكثر راديكالية لمسائل القوة والحالة الإنسانية.
كوبريك أحد عظماء الفن السابع بالتأكيد، والعودة إليه مطلوبة دائماً.
الأخبار اللبنانية في
03/10/2012
لفتة خاصة: شباب السينما اللبنانية
محمد همدر
في دورته الـ 12، يراهن «مهرجان بيروت...» مجدداً على التجارب
اللبنانية الشابة التي تطغى على برنامجه. هناك مسافة بين السينما اللبنانية
(التجارية أو النخبوية) والجمهور، قد تنجح المهرجانات منها «مهرجان بيروت»
في ردمها، وخصوصاً في هذه الدورة عبر تقديم عدد كبير من الأعمال التي يفترض
أن تعرّف الجمهور بجيل سينمائي جديد وشاب. لكن يبقى السؤال عن مدى جدّية
معالجة هؤلاء الشبان للقضايا التي يطرحونها ومدى اقتراب هذه التجارب من
الواقع الذي يعيشونه أو من الواقع اللبناني.
تتجه بعض الأفلام اللبنانية إلى تصوير مسائل وجودية وتجارب شخصية
كحيرة امرأة في السبعين أمام فرصة للتمثيل في الفيلم القصير «من بطولة
جوليا» (4 و7/10) لإيلي فهد أو الموت البطيء لرجل تأسره المأساة في فيلم «شلوق»
للكاتب والمنتج اللبناني الأميركي هشام البزري.
وضمن مسابقة الأفلام القصيرة أيضاً، يأتي «امرأة العنب» (7 و8/10)
لمايك مالاجاليان الذي يرصد عملية الانتقال من مرحلة عمرية إلى أخرى في
عيون فتى يلاحق امرأة طفولته. وفي «ركن الأفلام اللبنانية»، يقدّم المخرج
جهاد سعادة في «كل شيء عن سارة» (7 و9/10) حكاية شاب أسير وجوه الماضي
وسارة التي ستصبح هاجسه. وفي فيلم «ربما» (7 و9/10)، يرصد راكان مياسي حالة
الانتظار الذي يعيشها الإنسان بلحظاته الطويلة الحلوة أو المرة. شارك
«ربما» في «مهرجان لوكارنو» في سويسرا، وسيشارك غداً في مهرجان
Raindance
في لندن.
من الحالات التي تعيشها معظم الشخصيات في غرفة نومها، تخرج دينا جمّال
إلى الشارع، وتحديداً إلى البيئة التي تجبر الفتيات على ارتداء الحجاب. لن
يحكي فيلمها «وراء الحجاب» (7 و9/10) قصة جديدة عن المجتمع الإسلامي وظاهرة
فرض الحجاب، لكن الموضوع تطرحه شابة من وجهة نظر جديدة تصوّر معاناة تتكرر
في المجتمعات التي يتردد على مسامع أهلها أحاديث عن ارتفاع الموجة
الإسلامية.
وتعرض سارة حاتم في «شختورة كرز» (7 و9/10) واقع الجيل الذي أفرزته
الحرب الأهلية بين مقيم ومغترب، فيلتقي قسماه في قصة حب بين رجل وامرأة
يتصادفان في ساحة الشهداء. فيما اختار المخرج مارك خراط في «الهارب» (7
و9/10) أن يزور الجيل المغترب المنغمس في الثقافة الأميركية.
ولعلّ الفيلم الأقرب إلى وصف الواقع اليومي في لبنان أو خارجه هو
«تشرفت بمعرفتك» (8 و10/10) لرودريك سليمان وطارق الباشا الذي يرصد فعل
الكذب والمبالغة الذي يقوم به الإنسان يومياً في معالجة بعيدة عن لغة
السخرية أو التهكم.
عدد كبير من الأفلام تقدّم طروحات جديدة، ربما استوحى مخرجوها الشبان
مواضيعها من حياتهم اليومية أو من أفلام أخرى، وربما ابتكروا فيها تقنيات
جديدة أو استنسخوا بعضها. يبقى المجهود الذي يكون معظمه فردياً في غياب
التمويل وتبقى الأفلام التي تترك أثرها في رحلة السينما اللبنانية
المستمرة.
الأخبار اللبنانية في
03/10/2012
يفتتح اليوم بالفيلم اللبناني «قصة ثواني»
«مهرجان
بيروت الدولي للسينما» للثورة
المصرية منه حصة الأسد
بيروت: سوسن الأبطح
رغم الظروف المتوترة في المنطقة، واعتذار عدد من الضيوف عن إمكانية
الحضور إلى لبنان، وتأخر وصول بعض الأفلام، فإن «مهرجان بيروت الدولي
للسينما» لن يخلف موعده لهذه السنة. ومساء اليوم الأربعاء، تفتتح الدورة
الثانية عشرة للمهرجان، في «صالة أبراج»، منطقة فرن الشباك، بما تيسر وتوفر
وبمن حضر أيضا. لا مجال للإلغاء أو التأجيل، وإن ألغيت إحدى المسابقات
للضرورة فإن ثمة دائما ما هو جديد يمكن تقديمه. فقد تم إلغاء مسابقة
الأفلام الشرق أوسطية الروائية، لكن المهرجان يحافظ على مسابقتين أخريين،
إحداهما للأفلام القصيرة وأخرى للأفلام الوثائقية، مع نصيب وافر للأفلام
اللبنانية القصيرة، من خارج المسابقة، التي تلقى اهتماما خاصا هذه الدورة،
ومكان مميز للثورة المصرية التي ستكون حاضرة من خلال خمسة أفلام. ويخصص
المهرجان للمرة الأولى أفلاما تتناول حقوق الإنسان تحت عنوان «هيومان رايتس
ووتش» بالتعاون مع المنظمة المعروفة بهذا الاسم. كما أنه ستتم استعادة
أفلام للمخرج الأميركي الراحل ستانلي كوبريك، بالتعاون مع السفارة
الأميركية في بيروت، من خلال عروض لأفلامه التالية: «البرتقالة الآلية»
و«2001: أوديسا الفضاء» و«دروب المجد» و«لوليتا» و«الدكتور سترينجلاف» و«Full Metal
Jacket».
ومن المهرجان تحية للمخرج وكاتب السيناريو والمنتج الفنلندي آكي
كوريسماكي، من خلال عرض خمسة من أفلامه وهي «استخدمت قاتلا محترفا»
و«الحياة البوهيمية» و«لو هافر» «الرجل الذي لا ماضي له» و«بائعة الكبريت».
يفتتح المهرجان للمرة الأولى منذ انطلاقته بفيلم لبناني هو «قصة
ثواني» للمخرجة لارا سابا، الذي يتناول قضايا اجتماعية لبنانية، من خلال
قصة ثلاث شخصيات في بيروت، تتقاطع أقدارها من دون أن تعرف أي منها الأخرى،
وتؤثر قرارات كل منها، من حيث لا تدري، في حياة الشخصيات الأخرى. بحيث
نكتشف في النهاية أن المشكلة التي تصيب إحدى الشخصيات تصل تداعياتها
للآخرين. مولت الفيلم مجموعة من المؤسسات إضافة إلى حصوله على قرض من
برنامج «إنجاز» التابع لمهرجان دبي السينمائي الدولي لدعم الأفلام قيد
الإنجاز. ويشارك في التمثيل كل من غيدا نوري، كارول الحاج والفتى علاء
حمود. إضافة إلى أدوار صغيرة لكل من بهيج حجيج وماريو باسيل، طوني أبو جودة
وبوب أبو جودة.
لجنة تحكيم المهرجان تضم هذه السنة شخصين فقط وهما الناقد السينمائي
إميل شاهين، والمنتجة السينمائية اللبنانية ريتا داغر التي عملت مع عدد من
المخرجين الأميركيين والعالميين.
يشارك في المهرجان 57 فيلما، ويعد منظموه بتقديم مواهب لبنانية جديدة
وواعدة، مع تشديدهم على أن المهرجان سيتيح للجمهور مشاهدة نخبة من أهم
الأفلام.
فقسم البانوراما الدولية يضم فيلم «ظل البحر» للمخرج الإماراتي نواف
الجناحي، إضافة إلى 11 فيلما آخر، بينها فيلم «Looper» الذي يعرض في اختتام المهرجان.
ومن هذه الأفلام اثنان وثائقيان عن مصر و«ثورة 25 يناير (كانون
الثاني)»، أحدهما «انتفاضة» للمخرج الأميركي فريديريك ستانتون، و«المرنون»
للإيطالي فرانشيسكو كازولو.
وفي «البانوراما الدولية» أيضا أفلام برزت في المهرجانات الدولية
وخصوصا مهرجان كان، بينها الفيلم الروماني «خلف التلال» لكريستيان مونجيو،
الذي فاز بجائزة أفضل سيناريو في مهرجان كان وتقاسمت بطلتاه كريستيان
فلوتور وكوزمينا ستراتان جائزة أفضل ممثلة، و«المطاردة» للمخرج الدنماركي
توماس فنتربيرغ، الذي فاز بطله مادس ميكلسن بجائزة أفضل ممثل في المهرجان
الفرنسي، و«أوسلو.. 31 أغسطس (آب)» للنرويجي يواكيم تراير فاز بجائزتي أفضل
فيلم وأفضل تصوير في مهرجان ستوكهولم 2011 وعرض في تظاهرة «نظرة ما» في
مهرجان كان، وكان واحدا من ثلاثة أفلام نرويجية تتنافس للمشاركة في جوائز
أوسكار أفضل فيلم أجنبي.
ومن الأفلام الأخرى «The Sapphires»
لواين بلير، و«علاقات خطرة»
Dangerous
Liaisons
للمخرج الكوري الجنوبي هور جين هو، و«مكتوب»
Maktub للإسباني باكو آرانجو، والوثائقي «أنا مثلي الجنس ومسلم» للمخرج كريس
بيلوني، والوثائقي «تصوير في هيرات».
وتنافس على جوائز الأفلام الشرق أوسطية الوثائقية ستة أفلام تتضمن
فيلمين مصريين عن الثورة وهما «عيون الحرية... شارع الموت» و«وداعا مبارك»،
وفيلم إيراني «البستاني» لمحسن مخملباف، وآخر إماراتي «أمل» للمخرجة
الإماراتية نجوم الغانم الذي فاز بجائزة المهر الإماراتي في مهرجان دبي
السينمائي. وهناك فيلم لبناني هو «البيت البرتقالي»، إضافة إلى فيلم فرنسي
عن سوريا ودور المسيحيين فيه. وهو بعنوان «Damas,
au péril du souvenir»، للفرنسية من أصل سوري، ماري سورا، زوجة
المستشرق وعالم الاجتماع الفرنسي ميشال سورا الذي اختطف في لبنان واغتيل
أثناء الحرب الأهلية.
وتضم مسابقة الأفلام الشرق أوسطية للأفلام القصيرة 11 فيلما، ستة منها
لمخرجين لبنانيين، إضافة إلى فيلمين بحرينيين، وفيلم مصري عن الثورة، وآخر
عراقي، وثالث أردني. وتمنح جوائز لأول وثاني وثالث أفضل فيلم في هذه الفئة،
إضافة إلى جائزة لجنة التحكيم الخاصة.
ويختتم المهرجان في11 أكتوبر (تشرين الأول) بفيلم «Looper» للمخرج الأميركي الشاب راين جونسون، مع جوزيف غوردون ليفيت وبروس
ويليس وإميلي بلانت.
دورة «رمزية» لمهرجان بيروت السينمائي كما وصفتها مديرته كوليت نوفل،
لكن الجمهور غالبا ما يتحمس لحضور أفلام قليلا ما تتاح له مشاهدتها في
الصالات التجارية، ومن هنا يأتي سحر المهرجان وأهميته. مع ملاحظة أن
المهرجان لم يصطدم بأي رقابة هذه السنة، وهو عادة ما كان يترافق مع معارك
قبل افتتاحه بسبب منع أحد أفلامه أو أكثر.
الشرق الأوسط في
03/10/2012
الفنانون السوريون يعيشون موسم هجرتهم الثَّانية
حسن آل قريش
تشهد السَّاحة الفنيَّة السوريَّة موسم هجرة ثانية إلى مصر ولبنان
وبعض دول الخليج بسبب الأزمة وتراجع الإنتاج في دمشق.
الرياض: قبل عدة سنوات انتشر بين نقاد الدراما السورية مصطلح "هجرة
الفنانين السوريين" مشيرين إلى ظاهرة قيام عدد من نجوم الدراما السورية
وبعض مخرجيها ببطولة وإخراج مسلسلات تلفزيونية في مصر.
لم تكن الظاهرة في حينها واسعة الانتشار واقتصرت على عدد محدود من
الممثلين والمخرجين، حتى أن بعضهم لم يقصر أعماله في حينها على مصر فقط بل
شارك في أعمال سورية ومصرية في موسم واحد أو في فترات زمنية متقاربة، إلا
أن ذلك كان كافيًا لبعض النقاد للتحذير من موجة هجرة جماعية باتجاه مصر حيث
الأجور أعلى والحضور الجماهيري أوسع والخبرة الفنية أقدم.
ومن أبرز الفنانين السوريين الذين ظهروا في أعمال مصرية مهمة نذكر
الفنان جمال سليمان الذي قام ببطولة أكثر من عمل، وتيم حسن، وسلاف فواخرجي،
والمخرجة رشا شربتجي، وآخرين.
واليوم تشهد الدراما السورية موجة هجرة جديدة إلا أنها تبدو أكثر
خطرًا في تأثيرها البنيوي على المسلسلات السورية، لأن هذه المرة تبدو قسرية
حيناً، وكخيار وحيد حيناً آخر، أو بحثاً عن فرصة عمل قد لا تتوفر في
الداخل.
وتشهد الهجرة الفنية السورية إلى الخارج هذه المرة أيضاً، مغادرة نخبة
من فناني البلد إلى وجهات متعددة، لا تقتصر على مصر فقط، فمنهم من ذهب إلى
أوروبا ومنهم من وجد في مصر حضناً دافئاً ومنهم من اتجه إلى دول عربية أخرى
كلبنان والخليج.
ويتنوع مهاجرو الموجة الجديدة بين مهاجرين لأسباب سياسية وآخرين
لأسباب فنية، أو للاثنين معاً، وأبرز هؤلاء نذكر مرة أخرى جمال سليمان في
أرض الكنانة، إذ يبدو أنه أحرق مراكب العودة إلى سوريا قبل تغيير النظام
السوري، وهاجمه بشدة في إطلالات إعلامية متعددة وكتب مقالين في صحيفة
الحياة اللندنية خصَّصهما لانتقاد العقلية الأمنية المسيطرة على حكام دمشق.
وتنوعت منافي المهاجرون لأسباب سياسية من الفنانين المعارضين للنظام
السوري، بين فرنسا والأردن ومصر، ومن هؤلاء يارا صبري وفارس الحلو وسلافة
عويشق وعبد الحكيم قطيفان ولويز عبد الكريم وعبد القادر المنلا وكاتبة
السيناريو ريما فليحان وغيرهم.
إلى ذلك، ظهر عبد القادر المنلا الذي خرج من سوريا منذ فترة قريبة،
على شاشة قناة النيل في برنامجين حواريين ليشن هجوماً كاسحاً على السلطات
السورية، ويعلن تأييده المطلق للثورة، أما لويز عبد الكريم فأصبحت من أبزر
وجوه المعارضة السورية المقيمة في القاهرة وشاركت في عدد من الفعاليات التي
أقامتها المعارضة في القاهرة سواء المظاهرات أو الإضرابات وغيرها.
وضمت الهجرة الفنية اليوم أسماء بارزة، قد يشكل غيابها عن الدراما
السورية ضربة موجعة، خصوصًا في ظل التراجع الإنتاجي، وهروب لرأس المال إلى
الخارج، ومنها سلافة معمار التي ظهرت في رمضان الماضي في مسلسل "الخواجة
عبد القادر" إلى جانب يحيى الفخراني، إضافة إلى ظهورها في مسلسل سوري هو
"أرواح عارية" على أن تظهر مجدداً في عمل مصري قيد التحضير، فيما لم يتوارد
أي نبأ عن مشاركتها في عمل سوري، وكذلك، تنطبق الحالة نفسها على الفنانة
كندة علوش التي تواصل تصوير "على كف عفريت" في مصر.
كما سيتجه المخرج والممثل سيف الدين سبيعي إلى الدراما اللبنانية من
خلال مسلسل "مراهقون" وهو الاسم الجديد لـ"ولاد كبار" للكاتبة كلوديا
مرشليان وإنتاج "مروى غروب"، أما الفنانة نسرين طافش، التي ستنتج وتقوم
ببطولة مسلسل "العشق الإلهي" الذي يتناول سيرة رابعة العدوية فقرّرت
الانتقال بالعمل إلى مصر حيث سيتم تصويره بالكامل هناك.
أما المخرج حاتم علي، فقد يكون مسلسله الجديد الذي يتناول سيرة
الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز، فرصة كبيرة لاستقطاب عشرات الفنانين
والفنيين السوريين للعمل معه في تجربة مماثلة لمسلسل عمر الذي عرض رمضان
الفائت، علماً أن بطل مسلسل عمر، الممثل الشاب سامر إسماعيل، فضل البقاء في
إمارة دبي بعد عرض العمل.
إيلاف في
03/10/2012 |