أعلنت قبل أيام لائحة الأفلام التي تم إرسالها إلى أكاديمية العلوم
والفنون السينمائية لكي يشاهدها الأعضاء المؤلّفون للجنة الأفلام الأجنبية
في الأكاديمية . هؤلاء بعد مشاهدتهم لتلك الأفلام سينتخبون منها خمسة أفلام
هي التي ستكوّن القائمة الرسمية للمسابقة وسيتم الإعلان عن هذه الأفلام،
وبقية أفلام وشخصيات السباق الحالي في الأقسام الأخرى، في العاشر من يناير/
كانون الثاني المقبل . وبعد ذلك سيقوم أعضاء الأكاديمية البالغ عددهم نحو
ستة آلاف باختيار الفيلم الفائز من بين هذه الخمسة، كما هي العادة كل سنة .
عدد الأفلام 71 من 71 دولة مشتركة، وهي تضم أفلاماً من دول آسيوية
وأوروبية ولاتينية وإفريقية، ولو أن الأغلبية أوروبية، لتعدد سينماتها
ودولها أيضاً، إذ يبلغ عدد الأفلام الآتية من القارّة ذاتها 37 دولة، مقابل
تسع عشرة دولة آسيوية، وتسع دول لاتينية، وأربع دول إفريقية، وخمس دول منها
ثلاث تعد مستقلّة الانتماء (كندا وأستراليا وآيسلاندا)، ودولة موزّعة بين
أوروبا وآسيا (تركيا)، وكيان حائر يريد أن يكون جزءاً من آسيا وجزءاً من
أوروبا ولديه مطامع إفريقية أيضاً (الكيان الاستعماري المحتل لفلسطين) .
من بين هذه الأفلام هناك ثلاثة عربية تدخل المنافسات، لكن نظراً لقوّة
العديد من الأفلام المتسابقة فإن الأمل محدود جدّاً بالنسبة لدخولها
الترشيحات الرسمية بعد هذه المرحلة، على عكس الحال في سنوات سابقة حين
تبلورت أفلام جزائرية وفلسطينية في المرحلة الثانية .
هذه الأفلام هي »زبانا« للمخرج الجزائري لسعيد ولد خليفة و»بيع الموت«
لفوزي بن سعيدي (المغرب) و»لما شفتك« لآن ماري جاسر (فلسطين) . ومع أن
الدول العربية التي أنتجت للآن أفلاماً روائية طويلة يبلغ تسع عشرة دولة،
الا أن الدول الست عشرة الأخرى لم يكن لديها ما تعرضه أو ترشّحه من أفلام
تستحق . ويسجّل هنا غياب السينما المصرية على الرغم من خروج »الشتا اللي
فات« لإبراهيم البطوط، الذي هو أفضل فيلم روائي مصري تم إنتاجه في العام
الحالي .
»زبانا« لسعيد ولد خليفة هو سيرة حياة حميدة زبانا،
أول شهيد في حرب التحرير الجزائرية إذ تم إعدامه، بأيدي القوّات الفرنسية
المحتلة، سنة 1956 . ومع أن الفيلم هو واحد من سلسلة حديثة تعود بها
السينما الجزائرية إلى أيام ثورتها، إلا أنه مختلف . وكنا شاهدنا قبل عامين
فيلماً للمخرج الجزائري أحمد راشدي بعنوان »بن بلعيد«، وهو من أبطال
الشخصيات النضالية في تلك الثورة، وسنشاهد في العام المقبل فيلماً عن شخصية
مناضلة أخرى هي كريم بلقاسم . ما يجعل »زبانا« مختلفاً هو أن مخرجه لا يعرض
حياة بطله من خلال مواقف بطولية بل موضوعية متجنّباً زلات الإثارة والحماسة
. رغم ذلك يصل إلى مبتغاه، كما يقول من شاهده، مندداً بالاستعمار الفرنسي .
أما »بيع الموت« للمغربي فوزي بن سعيدي، فهو تأكيد لمقدار الشجاعة
التي يمتلكها المخرج حيال اختياراته الفنية . إنه لا يهاب التشكيل
والانتقال من الواقعية إلى نوع من الخيال التعبيري، كذلك لا يهاب التنوّع
في الأجواء التي يظلل بها حكايته . الفيلم مرّة »فيلم نوار معاصر« ومرّة
أخرى، واقعي النبرة . دراما اجتماعية من ناحية وفيلم شبه بوليسي من ناحية
أخرى . هذا الانتقال كان يحتاج لوحدة صياغة تجنّبه آثار الاختلاف وتزيد من
وحدته الأسلوبية . قصّة ثلاثة أصدقاء يعيشون على هامش المجتمع . أحدهم
يحاول الخلاص بالتديّن، والثاني بالتحوّل إلى مخبر يكبّله عنف وفساد الضابط
المسؤول عنه، أما الثالث فيبقى في القاع بلا أمل يحدو به للنفاذ من واقعه .
تمتد الحكاية في اتجاهات مختلفة مع نهايات عدّة لشخصياتها كاشفة بحس
من السينما الواقعية التي لا تخلو من الفانتازيا وأسلوب »الفيلم نوار«
أيضاً عن بؤسها الراهن . إذ يُجيد الفيلم التعامل مع هذه التطوّرات
الدرامية مشهدياً، ويفتقر إلى السلاسة والوحدة في الأسلوب أيضاً .
من ناحيته فإن »لما شفتك« هو فيلم تلقّى دعماً من مهرجان دبي
السينمائي ومؤسسة شومان الأردنية ولو أن تقديمه تم باسم فلسطين، هوية
مخرجته الأصلية التي تعيش وتعمل في الولايات المتحدة، أحداثه التي وقعت في
العام 1967 خلال الحرب في شهر يونيو/ حزيران ونتج عنها، من ضمن ما نتج، هجر
المزيد من الناجحين الهاربين من السطوة العسكرية »الإسرائيلية« بعدما خسروا
المزيد من الأرض والممتلكات . وإذ يسجّل الفيلم هذا الجانب من حياة
العائلات النازحة إلى الأردن، لا يفوته تسجيل نبرة التحدي والحماسة بين
أفراد معسكر فلسطيني أقيم لتدريب الفلسطينيين أملاً بخوض معركة ينتصر فيها
الحق العربي على العدو الصهيوني . والجدير بالذكر هنا أن عدد المرّات التي
نفذت فيها أفلام عربية إلى ترشيحات أفضل فيلم أجنبي الرسمية هو خمس مرّات،
أربع منها جزائرية وذلك في كل تاريخ هذه الجائزة الذي بدأ سنة ،1947 أي بعد
عشرين سنة على بدء جوائز الأوسكار ذاتها . هذه الأفلام الخمسة بدأت سنة
1983 عندما قدّمت الجزائر فيلماً للمخرج الإيطالي إيتوري سكولا بعنوان
»حلبة الرقص« . يومها فاز الفيلم السويدي »فاني وألكسندرا« لإنغمار برغمن
بالأوسكار . سنة 1995 وجدنا اسم الجزائر في الترشيحات النهائية عبر فيلم
»غبار الحياة« للمخرج رشيد بوشارب (لكن الأوسكار ذهب آنذاك للفيلم الهولندي
»خط أنتونيا« لمارلين غوريز . ورشيد بوشارب عاد مرّتين بفيلمين آخرين هما
»أيام المجد« (2006) و»خارج القانون« (2010) . وسط هذه المحاولات الجزائرية
المتكررة حط الفيلم الفلسطيني »الجنّة الآن« لهاني أبو أسعد، في سباق العام
2005 لكن الجائزة ذهبت حينها لفيلم »تسوتسي« الذي تم تقديمه باسم جنوب
إفريقيا .
شاشة الناقد
وعد بالانتقام
Taken 2
** الرهينة
يبدأ القتال المنتظر بعد 25 دقيقة من الفيلم . ما سبق هو شيء من
التحضير: برايان (ليام نيسون) لا يزال رجلاً محبّاً لمطلّقته لينور (فامكي
جانسن) وغيور على مصلحة ابنته (ماجي غرايس) التي بات لديها صديق يختاره
الفيلم من بين الشبّان الطيّبين، والتي سقطت مرّتين في امتحان قيادة
السيارات . حال تمر تلك الدقائق وتنتقل الأحداث إلى مدينة إسطنبول ويبدأ
برايان شرح تاريخ تركيا بسطر (»كل الغزاة الغربيين للشرق والشرقيين للغرب
مرّوا من هنا«) حتى تدرك أن موعد النزاع الأول اقترب . وهو اقترب فعلاً لأن
الألباني الكهل مراد (راد صربتدجيا) كان ينتظر المناسبة التي سيأتي فيها
برايان لزيارة تركيا لأن برايان (فيما لو فاتك الجزء الأول) كان قتل ابن
مراد في مغامرة باريسية . ومع أن ابن مراد كان خطف ابنة برايان آنذاك
لتحويلها إلى فتاة هوى في سوق يديره، إلا أن الأب لا يكترث لماذا، بل يريد
الانتقام من برايان وزوجته وابنته بقتلهم جميعاً كما وعد أبناء القرية في
مطلع الفيلم .
هذا هو الخط الوحيد للأحداث: وعد بالانتقام والسعي لتنفيذه . خلال ذلك
فإن برايان سيقاتل أشرار مراد قبل أن يستسلم بعدما أمسكوا بزوجته . يتم
تعليقهما مثل الشاة في المسلخ لكنه يستطيع الهرب في الوقت الذي كان الأشرار
فيه يقتحمون الفندق بحثاً عن ابنته التي كانت تلقّت مكالمة هاتفية من أبيها
(بينما كان معلّقاً!) يحذّرها فيها من المهاجمين ثم يطلب منها تفجير ثلاث
قنابل يدوية . لم أعرف تماماً الحكمة في ذلك، لكن هذه القنابل ستقود الابنة
للالتقاء بأبيها من جديد بعدما استطاع فك أسره وأخفق في فك أسر مطلّقته .
سيعود إليها وسينقذها تماماً كما يتوقّع كل من شاهد فيلماً من هذا النوع .
ما يستند إليه »الرهينة 2« هو الفكرة التي أسسها الفيلم الأول: أمريكي
خبير وماهر في القتال (كونه من رجال السي آي أيه السابقين) سينبري للدفاع
عن أسرته . هنا الأسرة هي أمريكا والعدو هو شرير عالمي . الفارق بين
الفيلمين أن الأول، كما أخرجه الفرنسي بيير مورَل، كان أكثر فاعلية كون
الحكاية جديدة . كذلك لأن الشخصيات والأخطار التي تتعرّض إليها تمتّعت بحس
معالجة واقعي . هنا، وتحت إدارة مخرج فرنسي آخر هو أوليفييه ميغاتون،
الغاية لتقليد عناصر الفيلم الأول من دون الإتيان بجديد . اختطاف الأم عوض
الابنة ليس بالجديد الفعلي، واستبدال باريس بإسطنبول ليس سوى تغيير »جو« .
بذلك أنت ترى في الواقع فيلماً جديداً قائماً على عمل قديم ما يحدث فيه حدث
في الفيلم السابق مع قليل من الاختلاف . بعض هذا القليل هو أن تنفيذ الأول
كان أفضل .
أوراق ومشاهد
رعب "غير شكل"
(1932) ****
Vampyre
كارل دراير مخرج دنماركي المولود بتاريخ 3 فبراير/ شباط 1889 . أخرج
23 فيلماً من ،1919 بعد بضع سنوات من العمل صحافياً ثم كاتب سيناريوهات،
وحتى 1964 . توفي عن 79 سنة في العام 1968 . في العام 1932 حقق هذا الفيلم
مندفعاً برغبته في إنجاز عمل كلاسيكي حول مصاصي الدماء . وفيه يحكي عن وصول
شاب اسمه ديفيد (جوليان وست) إلى بلدة ألمانية نائية وصغيرة وقع بعض
سكّانها ضحية لعصبة من مصاصي الدماء وعبدة الشياطين . في البداية لا يفقه
ديفيد ما يدور، لكنه سريعاً ما يلحظ ظواهر غريبة من بينها وجود ظلال تتحرك
بعيداً عن أبدان أصحابها . هناك تحديداً ذلك المشهد الذي يتابع فيه ديفيد
ظلاً من هذا النوع قبل أن يعود الظل إلى صاحبه الذي كان يجلس مفكّراً على
مقعد خشبي . لاحقاً، عند بعض المشاهد الأخيرة، يكاد ديفيد أن يتحوّل إلى
واحد من هذه الظلال المنتقاة من أصحابها بعدما خسروا أرواحهم نتيجة قيام
العصبة بقتلها . ديفيد لم يكن مات كليّاً أو تغيّر تماماً ويقوى على نفسه
ليساعد أحد رجال القرية في دق إسفين في قلب مصاص الدماء للتخلّص منه ومن
عصبته .
عمد المخرج، خصوصاً في نصف الساعة الأولى، لتتويج عمله باختياراته من
اللقطات بعضها يستند إلى تصميم المنازل (سقف منخفض، مداخل مقوّسة، أروقة،
دهاليز) لكنه لم يحاول، لحسن الحظ توظيفها لأكثر من إيحاءاتها ولأكثر من
الحاجة لها على نحو غرائبي محض . على ذلك، لم ينتم المخرج إلى ذات المدرسة
التعبيرية التي كانت سائدة في ألمانيا قبل سنوات، والتي خرج منها فيلما
الرعب الكلاسيكيان »عيادة الدكتور كاليغاري« (روبرت واين- 1920) و»نوسفيراتو«
(ف . و . مورناو- 1922)، بل كان كوّن منهجه الخاص منذ بضع سنوات عندما حقق
»عاطفة جوان دو آرك« (1928) .
مثل ذلك الفيلم لا يكترث دراير كثيراً لسرد الأحداث على نحو منطقي (من
هنا بعض أخطائه أيضاً مثل أننا نرى منازل يعيش من فيها على ضوء الشموع لكن
في أحد المشاهد هناك صوت لجرس الباب الكهربائي وهو يُقرع) . لم يحقق هذا
الفيلم تقديراً ونجاحاً حين تم إنتاجه ولفترة كان مفقوداً لكنه منذ اكتشافه
في الخمسينات وهو يستقطب تقديراً عالياً . الممثل جوليان وست كان مثل معظم
الممثلين، هاوياً لم يحترف مطلقاً وهو منتج الفيلمî
وحيده منتجاً ووحيده ممثلاً أيضاً .
م.ر
Merci4404@earthlink.net
الخليج الإماراتية في
14/10/2012
"انتقاليات" الدورة ال 24 من مهرجان الفيلم الاوروبي
رانية
حداد
ثمة لحظات وأحداث مهمة في حياة أفراد أو شعوب، تنبع
أهميتها من التغيير التي تحدثه في حياتهم، فيصبح هناك ما قبل هذا الحدث أو
ذاك وما
بعده، اذن هي نقاط انعطاف في شكل وفهم الحياة، أو بتعبير اخر
"انتقاليات"، وهو
العنوان الذي حملته الدورة ال 24 من مهرجان الفيلم الاوروبي في عمان،
بالتعاون مع
الهيئة الملكية للأفلام.
التكيُف ؟
هل التغيير بالضرورة يحمل في طياته ما هو
أفضل؟ وما هي الحلول المطروحة؟
انهيار جدار برلين، وانهيار المنظومة
الاشتراكية معه، وبدء مرحلة النظام العالمي الجديد الذي تسيدت
فيه الولايات المتحدة
الأمريكية العالم، وبدأت بفرض نظامها الرأسمالي، هذا الحدث شكل نقطة انعطاف
في حياة
الدول الاشتراكية بشكل خاص، وعلى مسافة عقدين من هذا الحدث يقدم المخرج
الهنغاري
اندري هيولز أحداث فيلمه "رقصت حتى الموت" ليعرض من خلاله
مقترحه الخاص لحل الصراع
بين النظامين. حيث يلتقي الشقيقان غيولا واشتفان بعد عقدين من غياب (اشتفان)
الذي
انشق عن النظام الاشتراكي في بلاده مفضلا عليه النظام الراسمالي، فهجر
حينها
هنغاريا الى كندا، كما هجر معه الرقص الذي سبق وان احترفه مع
اخيه، بكل ما يحمل هذا
الرقص من ملامح هوية بلاده الثقافية، وفضل عليه احتراف التجارة والتسويق،
كما فضل
قطع الاتصال مع أهله، واذ يعود الان بعد هذا الغياب ليقدم صيغة للتصالح مع
أخيه
تقوم على الشراكة والتكيُف بينهما كشقيقين وأيضا بين النظامين
(الرأسمالي
والاشتراكي) على المستوى الاخر من الدلالة، فيعرض (اشتفان) على أخيه رأس
المال
والتسويق، مقابل أن يقدم شقيقه عرضا راقصا لفرقته مستندا على الفلكلور
الهنغاري،
ورغم تناقض النظامين وغياب النقاط الجامعة واستحالة التكيف
بينهما، الا أن هيولز
عبر فيلمه يصر على امكانيته برسالة التكيف هذه اختار القائمون على المهرجان
أن
يفتتحوا دورة الانتقاليات، كما اختاروا ان يختتموها بعرض الفيلم الاردني
"مدن
الترانزيت" اخراج محمد الحشكي – الذي سبق وان تحدثناعنه- والذي يقدم شخصية
ليلى
العائدة الى عمان بعد غياب سنوات طويلة لتجد ان ملامح البلد قد تغيرت،
وانها غير
قادرة على التكيف معها.
الحرب،
الموت والحب، والعودة للجذور
أيام تتنوع خلالها الأفلام المعروضة -14
فيلما-
بتنوع
جنسية بلاد الاتحاد الاوروبي القائم على المهرجان، وان كانت ثمة
"الانتقاليات" توحد تلك الأفلام، الا أنها تتفاوت بقيمتها الفكرية
والفنية، وفي
تقديري كان يمكن اختيار أفلام أهم وأفضل من تلك التي تم انتخابها في هذه
الدورة،
أغلب الأفلام المعروضة حديثة الانتاج تعود لأعوام 2011، 2010، 2009،
باستثناء
الفيلم الاسباني "رحلة كارول" انتاج 2002، لـ ايمانويل أوريبي،
وهو من أفضل الأفلام
المعروضة، اذ يقدم الفيلم رحلة فتاة على عتبة النضج في اكتشاف
الحياة من حولها، في
زمن استثنائي وهو الحرب الأهلية الاسبانية منتصف ثلاثينات القرن الماضي،
تعود كارول
مع والدتها من نيويورك -حيث يقيم والدها- الى مسقط رأس والدتها في اسبانيا،
وهناك
تختبر الموت، والحرب، والحب... كارول الفتاة اليافعة وروحها
العصية على أن تؤسر في
قالب، تمنح معنى للأشياء ونكهة خاصة لحياة سكان القرية، والحرب الذي تشكل
جزءا مهما
من مشروع المخرج اوريبي، وتحتل عددا كبيرا من افلامه، لكنه اثر هنا ان لا
تشكل الا
خلفية للأحداث، كما يحسب له انه لم يقدم الموت على نحو فج او
مؤثر انما قلل الشحنة
العاطفية الناتجة عنه لصالح تأمل مغامرة الاكتشاف الأولى لكارول.
للحرب ونقاط
الانعطاف التي من الممكن أن تشكلها نصيب أيضا مع الفيلم التشيكي " ليدتشي"،
وهو اسم
القرية التي أباد النازيون سكانها ابان الحرب العالمية الثانية، حيث يروي
المخرج
بيتر نيكولايف في فيلمه قصة احد الناجين من هذه المجزرة. اما في الفيلم
السويدي
"سيمون والسنديان" لـ ليزا اوهلين، يكتشف سيمون ان والده الحقيقي هو
الماني يهودي،
فيبدأ رحلة البحث عن الجذور بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. وبحثا عن
الجذور
ايضا تقوم اسرة حسين يلماز التركية في الفيلم الالماني "اهلا بكم في
المانيا" لـ
ياسمين شامديريلي، بالعودة الى تركيا بعد حصولهم على الجنسية الالمانية بعد
45 عاما
من الاقامة فيها، ويعتمد الفيلم على الفكاهة الناجمة عن اختلاف الثقافات
وعدم قبول
الاخر. كذلك الامر مع الفيلم البريطاني "فندق ماري جولد الاكثر
سحرا على الاطلاق"
لـ جون مايدن، حيث يقرر مجموعة من المتقاعدين البريطانيين الذهاب الى فندق
في
الهند، بعد ان وقعوا تحت تأثير الاعلانات التجارية، والتي اغوتهم بالحصول
على مزايا
ومتعة كبيرة هناك، لكن ما ان يذهبوا حتى تبدأ المفارقات. ولا
يختلف الفيلم الفرنسي "المنبوذون"
لـ اريك توليدانو واوليفيه نقاش، عن الفيلمين السابقين في قالبه
الكوميدي الناجم عن المفارقات التي تحدث بين شخصيتين مختلفتين تماما في
تركيبتهما
وخلفيتهما الثقافية والاجتماعية، ففي الفيلم يقع اختيار رجل غني ارستقراطي
على رجل
اسود فقير خرج حديثا من السجن، ليساعده في تدبر شؤون حياته بعد ان اصيب
بشلل رباعي،
فتنشأ بينهما صداقة رغم الحواجز والاختلافات.
مواجهة
الحياة
لكل اسلوبه في مواجهة صعوبات الحياة، خصوصا عندما يشعر المرء
نفسه وحيدا بعد تخلي العائلة عنه، او حين تعامله بشكل سيء، خاض الشاب رومان
بطل
الفيلم النمساوي "تنفس" لـ كارل ماركوفيكس هذه التجربة، فقد
تخلت عنه امه وهو بعد
صغير فأودعته دار الايتام، وهو محتجز في احد دور اعادة التأهيل بعد اتهامه
بجريمة
قتل، لكن يُسمح له بالخروج في النهار للعمل مع مكتب خدمات دفن الموتى، الذي
وضعه
بدوره على عتبة اخرى في ادراكه للحياة، ليكتشف ان قسوة الموت التي تطل عليه
كل يوم
في اجساد الموتى، وقسوة الحياة داخل السجن ارحم من قسوتها خارج
اسواره، رغم ذلك
حاول ان يخرج من عزلته ليتواصل مع الحياة وليبحث عن والدته، ويبقى "تنفس"
من
الافلام المميزة التي عرضها المهرجان ايضا، اما في الفيلم الفنلندي "اميرة"
لـ ارتو
هالونين، تواجه بطلة الفيلم آنا معاملة اهلها السيئة بالفصام، فتتخيل نفسها
اميرة
تمنح الفقراء المحبة المحرومة هي منها، فيلم "اميرة" يعاني من
الاطالة، وعدم
استثمار التواريخ التي يظهرها المخرج على الشاشة بما يخدم تطور
الشخصية او
الاحداث.
سينما الموبايل
في اليوم الاخير من المهرجان
عرضت مجموعة من الفيديوهات، هي بعض مما انتج في ورشة عمل
نظمتها الهيئة الملكية
للأفلام في اطار المهرجان، لتدريب شباب من عدة مناطق في الاردن على صنع
الافلام
باستخدام (الموبايل)، وقد اختارت لجنة التحكيم (الممثل المصري خالد ابو
النجاة،
الممثلة الاردنية صبا مبارك، المخرج الاردني اصيل منصور،
والناقدة اللبنانية فيكي
حبيب) ثلاثة من هذه الفيديوهات لتمنحها جائزة المهرجان، واذ نتفهم رغبة
لجنة
التحكيم بتحفيز الشباب في بداية طريقهم، وتشجيعهم على الابداع، لكن
بالتأكيد لا
نتفهم اطلاق وصف سينما او افلام على مجموعة (بروموشنات) صورت
بكاميرا (الموبايل) لا
ترتقي لمستوى الافلام، والاكثر سوءا ان يقدم اعضاء لجنة التحكيم هذه
الفيديوهات على
انها تنطوي على لغة سينمائية، في حين ان هذه اللغة هي اكثر ما كان غائبا عن
هذه
الفيديوهات، فهل هو استسهال في حمل المسؤولية المنوطة بهم؟ ام
انها ثقافة المديح
المجاني؟
ثم واصلت لجنة التحكيم الحديث عن اثر التغيرات السياسية
والتكنولوجية على السينما في ندوة متصلة حملت هذا العنوان،
وكيف ساهم التطور التقني
في نقل الخبر والتوثيق ابان الثورات العربية، وكيف ان هذه الثورات بدورها
كسرت حاجز
الخوف عند المواطن ومنحته دفقا للتعبير، الامر الذي انعكس بدوره على
السينمائيين،
على الرغم من أن الثورة لم تتمكن من زعزعة معقل الرقابة على الابداع.
الجزيرة الوثائقية في
14/10/2012
ختام الدورة الثانية عشرة لمهرجان بيروت للسينما
بيروت- من
نقولا طعمة
في ختام الدورة الثانية عشرة ل"مهرجان بيروت الدولي
للسينما"، أعلنت إدارة المهرجان واللجنة التحكيمية، عن
فوز فيلم "بايسكل" للمخرج
العراقي رزكار حسين، بجائزة "الف" الذهبية لأفضل فيلم شرق
أوسطي قصير فيما حصل فيلم
"البستاني" أو
The Gardener، للمخرج الإيراني محسن مخملباف،على جائزة أفضل
فيلم
وثائقي شرق أوسطي.
وفاز فيلم
La Femme aux Raisins
للبناني مايك مالاجاليان (26
عاماً) بجائزة "الف" الفضية في مسابقة الأفلام الشرق أوسطية القصيرة.
أما
المرتبة الثالثة في فئة الأفلام القصيرة، فذهبت الى فيلم
Leftover
لإلهام أبي راشد
(23
عاماً)، الذي نال جائزة "ألف" برونزية...
وحصل فيلم "من بطولة جوليا"
Starring Julia
لإيلي فهد (23 سنة)، على جائزة لجنة التحكيم الخاصة (جائزة "أوربيت)."
أما فيلم" البستاني" أو
The Gardener، الفائز بجائزة أفضل فيلم
وثائقي شرق أوسطي، فهو أحدث أعمال المخرج الإيراني محسن مخملباف، ، وكان
عرضه الأول
قبل أيام في مهرجان بوسان (كوريا الجنوبية) بين 4 و13 تشرين
الأول (أكتوبر) الجاري،
ثم عرض في مهرجان بيروت، ويتناول مفاهيم جيلين ايرانيين مختلفين ونظرتهما
إلى الدين
والسلام، من خلال مخملباف ونجله.
وحصلت كاتيا
جرجورة على جائزة أفضل مخرج في الفئة نفسها عن فيلمها"وداعاً مبارك."
Goodbye Mubarak .
أما جائزة لجنة التحكيم الخاصة في هذه الفئة، فحازها مناصفة فيلم "أمل"
للمخرجة الإماراتية نجوم الغانم، وفيلم "عيون الحرية... شارع الموت"
للمخرجين
المصريين الشقيقين أحمد صلاح سوني ورمضان صلاح.
وتجدر الاشارة الى أن لجنة
التحكيم ضمت الناقد السينمائي والأستاذ الجامعي إميل شاهين،
والمنتجة السينمائية
اللبنانية ريتا داغر التي عملت مع عدد من المخرجين الأميركيين والعالميين..
أما
جائزة مصرف "سوسييتيه جنرال"التي تمنح للفائز بتصويت الجمهور، فنالها فيلم "المطاردة" Jagten
للمخرج الدانماركي توماس فنتربيرغ الذي نافس على السعفة الذهبية
في مهرجان كانّ الخامس والستين.
وأعقب احتفال توزيع الجوائز عرض لفيلم
Looper
للمخرج الأميركي الشاب راين جونسون.
فعاليات
المهرجان
وكانت عروض المهرجان قد انطلقت الأربعاء الثالث من تشرين
الأول (أوكتوبر) الجاري في صالات سينما "ابراج" في فرن الشباك، بالفيلم
اللبناني "قصة
ثواني" للمخرجة لارا سابا، الذي يتناول قضايا اجتماعية في المجتمع
اللبناني..
في اليوم الثاني، جرت عروض مسابقتي الأفلام الشرق أوسطية القصيرة
والوثائقية إضافة إلى عروض الفئات الأخرى من المهرجان غير المدرجة في
المسابقات.
وشمل برنامج الخميس أربعة أفلام من خمسة عن الثورة المصرية، وفيلمين
لبنانيين ضمن
فئة الأفلام القصيرة، إضافة إلى فيلمين إماراتيين، وآخرين بحرينيين، وفيلم
أردني.
ومن عروض البانوراما فيلم "المطاردة"
Jagten
للمخرج الدانماركي توماس
فنتربيرغ الذي نافس على السعفة الذهبية في مهرجان كانّ الخامس
والستين.
ومن
البانوراما أيضاً فيلم "ظل البحر" للمخرج الإماراتي نواف الجناحي، وفيلم
إماراتي
آخر هو "أمل" للمخرجة نجوم الغانم وقد نال جائزة المهر الإماراتي في مهرجان
دبي
السينمائي الثامن.
وفي برنامج عروض البانوراما كذلك "انتفاضة"
Uprising
للمخرج
الأميركي فريديريك ستانتون، وهو وثائقي مدته 84 دقيقة يتناول قصة الثورة
المصرية،
و"المرنون" I resilienti
لفرانشيسكو كازولو، وهو فيلم وثائقي مدته 22 دقيقة عن
المرونة التي يتكيف بها الشعب المصري، كما حضرت الثورة المصرية في فيلم آخر
هو "عيون
الحرية... شارع الموت" للمخرجين الشقيقين أحمد صلاح سوني ورمضان صلاح، وهو
يوثق أحداث شارع محمد محمود فى الثامن عشر من شهر تشرين الثاني
(نوفمبر) 2011.
وضمن مسابقة الأفلام الشرق أوسطية القصيرة، عرض الخميس فيلم "برد
يناير"،
من إخراج روماني سعد، ويتناول في 12 دقيقة قصة أم فقيرة تعيش
مع أطفالها فى حجرة
بلا أثاث أو باب، فتضطر إلى أن تعمل كبائعة أعلام أثناء الثورة حتى تستطيع
أن تشتري
بابا يقي أطفالها برد شهر كانون الثاني (يناير) القارس..
وفي عروض مسابقة
الأفلام الشرق أوسطية القصيرة فيلم "من بطولة جوليا"
Starring Julia
للبناني إيلي
فهد (23 سنة)، أما "شلوق" للمخرج والكاتب والمنتج اللبناني الأميركي هشام
البزري،
فيتناول حكاية رجل يعاني من مأساة عميقة.
ومن الأفلام في المسابقة عينها، فيلم
"لعبة" للبحريني صالح ناس، وفيلم "حياة شخص" لمواطنه محمد جاسم.
وعرض أيضاً
فيلم "عبور" الأردني للمخرجين الأردني محمد الحشكي واللبنانية ثريا حمدا،
ضمن
المسابقة إياها.
وشمل برنامج الخميس عرضاً لفيلم المخرج الأميركي الراحل ستانلي
كوبريك "البرتقالة الآلية"، وآخر لفيلم المخرج وكاتب السيناريو والمنتج
الفنلنديّ
آكي كوريسماكي "لو هافر"، ضمن القسمين الاستعاديين الخاصين بهما في
المهرجان..
اليوم الثالث: حضور لأفلام ومخرجين عالميين
ضمن ثالث أيام المهرجان، عرض الفيلم الروماني "خلف
التلال" Dup? dealuri
لكريستيان مونجيو، الذي فاز بجائزة أفضل سيناريو في مهرجان
كانّ الفرنسي..
وعرض أيضاً في إطار فئة "البانوراما الدولية" فيلم The Sapphires
لواين بلير، وهي قصة من العام .1968.
وضمن مسابقة الأفلام االوثائقية، عرض فيلم
"مواجهة مع الذاكرة"
Damas, au péril du souvenir
، للفرنسية من أصل سوري ماري
سورا، زوجة المستشرق وعالم الإجتماع الفرنسي ميشال سورا الذي اختطف واغتيل
في لبنان
قبل ثلاثين عاما.ً.
إلى عروض لفيلمي المخرج الأميركي الراحل ستانلي كوبريك Full Metal Jacket
و"لوليتا"، ولفيلمي المخرج وكاتب السيناريو والمنتج الفنلنديّ آكي
كوريسماكي "الرجل الذي لا ماضي له"
The man without a past
و"بائعة الكبريت"
The match factory girl،
ضمن القسمين الاستعاديين الخاصين بهما في المهرجان..
وضمن
قسم "هيومن رايتس ووتش" للأفلام التي تتناول حقوق الإنسان، عرض الجمعة فيلم
"رئيس
الجزيرة" The Island President
للأميركي جو شينك..
اليومان الرابع والخامس:
وثائقيات، لبنانيات حديثة، وحقوق انسان
مسابقة الأفلام الوثائقية
في
مسابقة الأفلام الشرق أوسطية الوثائقية، عرض السبت والأحد 6 و7 الجاري فيلم
"وداعاً
مبارك" Goodbye Mubarak
لكاتيا جرجورة، كماعرض فيلم "البيت البرتقالي"
The Orange House
للمخرج الايراني النمسوي رامين فرنسيس اسدي، طابعه بيئي.
مسابقة الأفلام
القصيرة
وعرضت في مسابقة الأفلام الشرق الأوسطية القصيرة، فيلم "بايسكل"
للمخرج
العراقي رزكار حسين، والفائز بجائزتي افضل فيلم وافضل سيناريو في مسابقة
الأفلام
القصيرة في مهرجان الخليج السينمائي 2012، وهو يتناول قصة أولاد يجمعون كلّ
يوم
العبوات المعدنية للمشروبات الغازية، من مستوعبات النفايات،
بهدف بيعها وكسب بعض
المال، ليعتاشوا منه ويحققوا أحلامهم الصغيرة..
وعرض أيضاً فيلم "لعبة" للبحريني
صالح ناس، عن تلميذ يصطحبه والداه خلال عطلة نهاية الأسبوع إلى
متنزّه المنطقة
لمباراة جديدة في كرة القدم؛ وها هو يواجه حقيقة متكرّرة في الحياة. وضمن
هذه
المسابقة، أربعة أفلام لبنانية
Leftover
لإلهام أبي راشد، عن قصة رجل انقلبت
عليه الحياة، وفقد كل ما يملك ماديا ومعنويا بعد الحرب والتهجير، فتحوّل من
مختار
احدى القرى اللبنانية، الى رجل يعيش الفقر بعدما ذاق العز..
La Femme aux Raisins
لمايك مالاجاليان، "وتجوزنا..." لجو
عازوري"، و"عالم متغيّر"
Changing World
لبيار سلّوم: فيلم عن عن أحداث 11 أيلول 2001 في الولايات
المتحدة، يبرز
تحوّل هذا اليوم "محطة مفصلية، بدّلت الكثير من المفاهيم والسياسات التي
اثرت في كل
دول العالم".
."ركن
الأفلام اللبنانية"
وأقيمت السبت
عروض لمجموعة من الأعمال القصيرة المدرجة في "ركن الأفلام اللبنانية"،
هي:
"الهرب" Runaway
لمارك خرّاط، ويصور في 22 دقيقة، "الصعاب التي تعترض حياة
المرء عند انفتاحه على ثقافة جديدة. و"شيء لنؤمن به" Something to believe in
لعلي
حاموش وعلي عبد الساتر، عن قصة شاب يؤمن بمجموعة من الافكار والمعتقدات،
ورغم ذلك
فهو مكتئب يبحث عن السعادة ولا ينجح في ايجادها، فيعتقد ان
الحل يكمن في التخلص من
كل ما يؤمن به. و"انعكاس" Versa Vice
لمنى حمادة: هذا الفيلم الذي تبلغ مدته 9
دقائق ونصف دقيقة، يحكي قصة فتاة مختلفة عن بيئتها، تعاني التهميش.Vertical
Village
لرونو باشو وليانا قصير: المدينة ورشة عمل دائمة..
"كل شيء عن سارة"
All About Her
لجهاد سعادة، قصة شاب لايزال أسير الماضي. وBehind
a Veil
لدينا جمّال: قصة
فتاة غير مقتنعة بحجابها وتدخل في صراع مع الذات لتقبل واقعها. "ورود ميتة"
Dead Roses
لسحر م. خوري: قصة مخرج يهجس بحبيبته التي فقدها وهو يدخل في صراع من
اجل
تقبل فكرة موتها، "شختورة كرز" Les Cerises du Bateau
لسارة حاتم، قصة رجل وامرأة
يلتقيان مصادفة وسط ركام سينما في ساحة الشهداء. هي كانت
تتجوّل في السينما القديمة
في ساحة الشهداء في بيروت، فيصفّر لها الشاب، ويبدآن بالتحدّث تدريجياً.
إنها بداية
للقاء غير متوقّع."ربما" لراكان مياسي، فيلم مستوحى من قصيدة للشاعر محمود
درويش.
البانوراما الدولية
وضمن "البانوراما الدولية"
عرض فيلم "أوسلو، 31 آب"
Oslo, 31 August
للنرويجي يواكيم تراير فاز بجائزتي أفضل
فيلم وأفضل تصوير في مهرجان استوكهولم 2011 .
وأيضاً فيلم "علاقات خطرة"
Dangerous Liaisons
للمخرج الكوري الجنوبي هور جين هو،
"هيومن رايتس
ووتش"
وضمن قسم "هيومن رايتس ووتش" للأفلام التي تتناول حقوق الإنسان،
عرض
فيلم "ثمن الجنس" The price of sex
للمصورة الصحافية البلغارية ميمي شاكاروفا،
وهو وثائقي طويل يستكشف العالم الغامض لتجارة الجنس بدءاً من أوروبا
الشرقية مروراً
بالشرق الأوسط وصولاً إلى أوروبا الغربية.
بالإضافة
لفيلمين: "الشرائط الزهر" Pink Ribbons
للكندية ليا بول الذي يسلّط الضوء على مرض
سرطان الثدي، و"رحلة خاصة"
Special Flight
للسويسري فرنان ميلغار، ويتناول قصة
طالبي لجوء مرفوضين ومهاجرين غير شرعيين في مركز احتجاز في
سويسر كوبريك
وكوريسماكيا.
وفي القسم الاستعادي المخصص للمخرج الأميركي الراحل ستانلي كوبريك،
عرض "2001: أوديسا الفضاء" و"الدكتور سترينجلاف". وللمخرج وكاتب السيناريو
والمنتج
الفنلنديّ آكي كوريسماكي، عرض فيلم "استخدمت قاتلاً محترفاً"، و"الحياة
البوهيمية"
و"الرجل الذي لا ماضي له".
عروض الأيام الأخيرة
ثمة
عرضان في برنامج اليوم السادس من المهرجان، ضمن "ركن الأفلام اللبنانية"،
وضمن
مسابقة الأفلام االوثائقية، عرض الفيلم الجديد للمخرج الإيراني محسن
مخملباف وهو "البستاني"..
أما الفيلمان القصيران اللذان عرضا ضمن "ركن الأفلام اللبنانية"
فهما
"شكراً
على اللقاء" Nice to meet you
للمخرجين رودريغ سليمان وطارق الباشا.
في 65 دقيقة يؤرشف المخرجان حياة خمس شخصيات يعانون هذه المشكلة التي تعرف
بـ"ميتومانيا" أو هوس الكذب المرضي، وهو اضطراب في عمل الدماغ يدفع المصاب
به الى
نسج احداث من الخيال مبالغ بها وسردها وكأنها حصلت فعلا في الواقع.Trigger
لوسيم
طانيوس: رجل يدخل إلى دكّان، فيتعرض للضرب المبرح على ايدي سارقَين من دون
ان يعرف
سبب الاعتداء.
الجزيرة الوثائقية في
14/10/2012
"المحقق البنغالي".. رجل نادر الوجود!
وثائقي عن
ذوات متفردة تتقاسم الحلاوة والمرارة
قيس قاسم ـ السويد
المحقق البنغالي الخاص، راجيش جي، رجل خاص، كائن
مجبول على الحب ومساعدة الناس، يتوفر على قدرة في التعبير عن مشاعره بصدق
وحرية لا
تتوفران في كثير من البشر، ناهيك طبعاً عن عدم توفرهما في
المشتغلين بمهنة خطرة
تتطلب على الدوام
صرامة وقسوة قلب. العثور على رجل بهذة المواصفات بالنسبة لمخرج
سينمائي يفكر في عمل وثائقي عن المحققين الخاصين في مدينة
كلكتا الهندية مثل العثور
على جوهرة بين كومة فحم! ليس هذا فحسب، فثمة خصال وتجارب شخصية مؤلمة ستجعل
من
مرافقة هذا الكائن اكتشافاً لذوات متفردة تتقاسم في اللحظة الواحدة؛ الفرح
والحزن،
الحلاوة والمرارة.
يدخل
المخرج البريطاني فيليب كوكس وفريقه عالم راجيش جي من بوابة مهنته كمحقق
خاص في
مدينة كلكتا، عاصمة ولاية البنغال الغربي، بملاينها الخمسة، ومن خلالها
أيضا، يدخل
الى عالم المدينة السفلي والذي قلما يُسلط الضوء عليه، حيث الجريمة منتشرة
وأجهزة
الشرطة وبيروقراطيتها عاجزة عن الحد منها، ولهذا فمهنته مبنية
أصلاً على ضعف دور
تلك المؤسسات وانعدام ثقة الناس بها، واضطرارهم بسببها الذهاب الى المحققين
الخاصين
بدلاً عنهم. لتأمين رزقه اليومي يقبل راجيش بأنواع المهمات؛ من البحث عن
مرتكبي
جرائم القتل الى كشف الخيانات الزوجية مروراً بملاحقة
المتجارين بالبضائع المغشوشة.
بطبيعة المهنة الخطيرة ومحاولة تسجيل ثلاث حالات تولى المحقق البنغالي
وفريقه
الصغير الكشف عنها، إضطر مصورو الوثائقي البريطاني البنغالي المشترك الى
التخلي عن
كامراتهم أثناء إقترابهم من "الأهداف الخطرة" مكتفين بالصغيرة
المخفية منها، وقد
أدت عملها بشكل رائع وأسهمت في توفير عناصر التشويق فيه.
من المفارقات، التي
ظللت فيلم "المحقق البنغالي" بظلال الكوميديا، على ما فيه من سوداوية
كافية، أن
فريق عمله كثيراً ما كان يخفق في تنفيذ مهامه، ومع هذا ظل يعاملهم كأصدقاء،
يعرف
جيداً أن سبب فشلهم غالباً ما يكون؛ حماستهم الزائدة وقلة
درايتهم وإحترافيتهم،
وبالنسبة اليه هم في النهاية أعضاء فرقته الفنية التي أقنعهم بالانضمام
اليها
للمشاركة في إحدى مسابقات العروض التفزيونية مع كل جهلهم بالرقص والغناء.
مجاراتهم
له كانت تعبيراً عن امتنان وحب، ومشاركة في تحقيق حلم "فني" قد يعوضه
نفسياً عن
خسارته الشخصية ويخفف قليلاً حزنه العميق على مرض زوجته التي أحبها وظل
مخلصاً لها
رغم الخراب الذي بدأ ينتشر في جسدها بعد أيام قليلة على
زواجهما. لقد ابتلت الزوجة
بمرض السكري الحاد وبدأت وظائف جسدها بالتلكأ والعجز شيئاً فشيئاً، حتى
أصيب بالعمى
الكامل وعجز في الكليتين، وكما في الأفلام الرومانسية الهندية، وهذة المرة
في
الواقع، ظل يحبها ويعمل المستحيل من أجل شفائها، فخسارتها كانت تعني له
خسارة عالمه
الرومانسي الجميل، وترك آثار حزينة على حياة ابنه الصغير، الذي
أراد له حياة أحسن
من حياته وأكثر سعادة.
في
إجلاء تشابك العلائق المجاورة للشخصية المركزية، يعطي فيليب كوكس مساحة
كافية لفساد
مؤسسة الشرطة البنغالية وعلاقتها بالمتنفذين من رجال الأعمال والأثرياء، مع
تسجيل
سريع للتشوه الاجتماعي الحاصل نتيجة الميل الحاد لمسايرة
التغيير الاقتصادي الموعود
في الهند. في المقابل وإخلاصاً لوظيفته يجد الرجل النادر نفسه موزعاً بين
تعاطفه مع
من يلاحقهم أحياناً وبين آخرين لا يمكن له مجاراتهم، وقصة صاحب المتجر
الصغير، التي
سجلها الوثائقي وظل يتابع تفاصيلها، تزيح اللثام عن إشكالية
المجتمع الهندي
المتصارع داخلياً، من خلال واحدة من عملياتهم الناجحة والتي تمكنوا فيها من
ضبط
كميات كبيرة من شامبو لتنظيف الشعر مستنسخ عن آخر أصلي، كلفتهم الشركة
المنتجة له
بالكشف عن عمليات بيعه غير الشرعية. قُدم صاحب المحل إثرها الى
المحكمة وسجن تاركاً
وراءه عائلة كبيرة دون معيل كما تُرك الموزعون الكبار، الذين باعوا له
الشامبو
المغشوش، أحراراً ودون حساب. وعلى مستوى العلاقة بين الناس أنفسهم تشير
طلبات
زبائنه الى اتساع عالم الجريمة بينهم والميل الى العنف كحل
لمشاكلهم على عكس ما
يشاع ظاهراً من سيادة روح التسامح الإجتماعي والديني، لدرجة يبدو فيها
تعاطف المحقق
وحماسته مع ضحاياها كنوع من "الرهبنة" أقرب منه الى سلوك رجل تحريات خاص
يتعامل كما
يفترض بتجرد عاطفي. وفي تَبايّن نظرة أعضاء فريقه لكل حالة وقضية تتكشف سعة
الإختلافات الثقافية والخلل الحاد، بشكل خاص، في العلاقة بين
الرجل والمرأة، والتي
غالباً ما تكون الأخيرة ضحية لثقافة تؤسس بقوة وتبرر استغلالها، ومن هذة
الناحية
تبدو علاقة راجيش جي بعائلته كنموذج متفرد قليل التكرار في مجتمع ينتج
موضوعياً
لفقره وكثرة مشاكله الأخرى عينات نمطية، تنحو نحو خلاص ذاتي مبطن بورع ديني
وقبول
بالمكتوب الإلهي، وربما كان واحداً من الدوافع القوية لإختياره "بطلاً "
للوثائقي
هي تلك الخصال الحميدة والروح الطيبة الكامنة داخله!
تزامن وفاة زوجة راجيش مع
زمن تصويره، أعطى شحنة درامية قوية للوثائقي ودفع كوكس للبقاء
وتسجيل ما تبقى من
حياة الرجل الذي خسر زوجته وخسر أيضاً مسابقة الرقص. لم يبق له سوى ولده
اليتيم.
سوف نرى الأب وولده سوية في كل المشاهد
الأخيرة من "المحقق البنغالي". سنراه وهو
يلاعبه ويساعده في اتمام وظائفه المدرسية ويخرج معه في
المتنزهات وفي مشاوير نهرية
كان يوماً ما يقضي مثلها أسعد الأوقات مع حبيبته! لم يبق للرجل الضحوك سوى
ابتسامة
معتادة وابن يمضي معه بقية العمر. ونحن لبرهة تقاسمنا معه العيش، وتذوقنا
معه طعم
الفرح والحزن سوية، وفي النهاية تركناه يكمل مشواره حيث لا أحد
يعرف ما تخبأ له
الأقدار.
الجزيرة الوثائقية في
15/10/2012
اليهود بين الشتات والمزاج
دراسة مقارنة عن "يهود مصر" و"ال جوستو"
رامي عبد الرازق
اليهود تلك الكلمة شديدة الحساسية التي ما ان تُنطق
او يتم رصدها او الشعور بما يشير إليها داخل اي فيلم روائي كان او وثائقي,
طويل كان
ام قصير, حتى تشحذ حواس المتلقي وتستنفر مشاعرهم وتستفز مخزون
الكراهية او النفور
او التوجس في داخلهم, ونحن نتحدث هنا عن المتلقي العربي تحديدا وليس عن اي
متلقي
اخر في العالم.
ضمن عروض الدورة الخامسة لبانوراما الفيلم الاوربي في القاهرة(3
إلى 9 أكتوبر)عرض فيلمين هامين يتماسا في عدة نقاط شكلية إلا ان تماسهم
العضوي
الأكبر والاهم هو حديثهم عن"اليهود" الاول هو"ال جوستو" اي"المزاج"للمخرجة
الفرنسية
من اصل جزائري"صافيناز بوسبيه"وإنتاج جزائري-فرنسي, أما الثاني هو"عن يهود
مصر"
للمخرج الشاب"امير رمسيس"وهو إنتاج مصري.
بداية تبدو عناصر التماس او التشابه
الشكلي واضحة, فكلا الفيلمين ينتميان للسينما الوثائقية,
صحيح ان"ال جوستو"يعتمد
في بعض مواضعه على اسلوب اعادة بناء الاحداث او الواقع
reconstruction
خاصة في
البداية عندما ارادت المخرجة ان تحكي لنا كيف بدأت رحلتها مع البحث عن
عازفي
الموسيقى الشعبية الجزائرية القدامى, وهو ما لم يحتويه الفيلم المصري في اي
موضع,
ولكن تظل البنية الوثائقية واحدة تقريبا
خاصة في اعتماد كلا الفيلمين على الشهادات
المروية واستعادة الزمن عبر الحكي واستخدام الصور الفوتغرافية
في التعليق البصري
على مونولوج الشخصيات واستخدام المواد الأرشيفية للمدن والاحداث التي يتم
الحكي
عنها سواء القاهرة او الاسكندرية في الفيلم المصري والجزائر
العاصمة(القصبة) في
الفيلم الجزائري.
القصدية والاكتشاف
في الفيلم
المصري تبدو الفكرة واضحة من العنوان"عن يهود مصر"هناك رغبة جلية يتم
التعبير عنها
منذ البداية في التعليق الصوتي القصير والوحيد الذي يضمه الفيلم حيث يقول
المعلق ان
الهدف هو البحث والتحري وتقصى الحقيقة حول طبيعة وجود اليهود
في المجتمع المصري
خلال القرن العشرين وتحديدا منذ بدايته وحتى خروجهم عقب حرب السويس عام
1956.
اما في الفيلم الجزائري فإن ذكر اليهود يأتي مع البحث حول فرق عازفي
الموسيقى الشعبية الجزائرية حين تكتشف المخرجة ان نصف الفرق تقريبا كان من
اليهود
الجزائريين أو من اصل جزائري وان اغلبهم يعيش الان في فرنسا بعد ان خرجوا
من
الجزائر عقب الاستقلال عام 1962.
على مستوى البناء يتسم الفيلمين في الاجزاء
الاولى-وتلك ليست صدفة-بالاعتماد على التعليق الصوتي في
البداية فقط ثم يفرد شريط
الصوت والبناء البصري للفيلم إلى حديث الشخصيات وروايتها عن حياتها
وشهاداتها عن
التاريخ والزمن الماض, وعندما قلنا انها ليست صدفة قصدنا ان هذا النوع من
البناء
السردي يعتمد على فتح طاقة صغيرة للمتلقي في البداية عبر
التعليق الصوتي ثم تركه
يتصاعد مع شهادات وروايات الشخصيات التي يحملها المخرج مسؤلية ان تسرد
للمشاهد بدن
التجربة الوثائقية.
وبينما يزيد الجوستو على يهود مصر في افراده مشاهد كاملة
للاغنيات الشعبية حتى ان يمكن ان يصنف كونه فيلم وثائقي موسيقي إلا أن
كلاهما يلتقي
في نقطة صوتية وموسيقية هامة وهي استخدام التيمات الموسيقية
الكلاسيكية في التعبير
عن دواخل الشخصيات وحنينها لعوالمها القديمة وتحسرها على زمنها الفائت.
ففي حين
تستخدم صافيناز في الفيلم الجزائري تيمات من الاغاني الشعبية الجزائرية
وتسجيلات
غنائية للمطريبن القدامي او بروفات للمطربين الحاليين, يستخدم امير تيمة
اغنية ليلى
مراد الشهيرة "اما انا مهما جرى حفضل اصون عهد الهوى"وهي
المقطع الذي يقدمه في
البداية بصوت ليلى مراد عند التعرض لوجود اليهود في الوسط
الفني المصري خلال النصف
الاول من القرن العشرين, واشهر فنانيهم التي تأتي على رأسهم ليلى مراد,
واختيار هذا
الكوبيله تحديدا له دلالاته الانسانية والعاطفية والسياسية على حد سواء
خاصة ان
اغلب شخصيات الفيلم من اليهود المصريين المهاجرين تفصح من
البداية عن حنينها الجارف
لمصر ولطفوتهم وشبابهم في القاهرة والاسكندرية ويعيد امير مع زميله في
الانتاج
الموسيقار هيثم الخميسي تقديم التيمة الموسيقية للكوبليه في نهاية الفيلم
عندما
تعترف كل شخصية صراحة بحسرتها على مغادرة مصر مجبرة ليتخذ معنى
الاغنية معاني اعمق
عبر توزيعها موسيقيا على صولو البيانو البطئ.
فرنسا المنفى الأجباري
يتقطاع
الفيلمين فيما يخص خروج اليهود من المجتمعات العربية مصرية كانت او جزائرية
في نقطة
هامة جدا وهي اختيار اليهود من كلا البلدين لفرنسا كمنفى اجباري ومما لا شك
فيه ان
ثمة يهود اخرين من مصر والجزائر قد سافروا إلى كل الدنيا ومنهم من ذهب إلى
اسرائيل
بالطبع ولكن الفيلمين يتحدثان عن اليهود الذين خروجوا مجبرين
من البلدين نتيجة
الظروف السياسية والتغيرات الاجتماعية والانثربولوجية في التراكيب النفسية
لكلا
المجتمعين المصري والجزائري دون اغفال عنصر التقارب الزمني الحاد, فخروج
اليهود من
مصر اجباريا بدأ منذ عام 1956 بعد حرب السويس بينما بدأ فعليا في الجزائر
بعد
الأستقلال عام 62 اي بعد اقل من ثمان سنوات من بدء خروجهم من
مصر.
كلا المخرجين
سافرا إلى فرنسا للقاء الشخصيات اليهودية التي تحكي عن نشأتها في مصر
والجزائر عن
شبابها واصدقائها وجيرانها في شكل اقرب للتحليل العضوي لطبيعة المجتمعات
العربية
قبل ثورات الاستقلال وكيف كان المجتمع يحوي من الافكار الليبرالية
والعلمانية
الواعية ما جعله يستوعب ديانات وطوائف واجناس كثيرة لم تكن
تشعر بأي تفرقه او
بكونها اقلية مذهبية او عرقية وسط اكثرية مسيطرة او متحكمة بل على العكس
تماما.
ان كلا الفيلمين يفضحان بشهادات"اليهود"المهاجرين او المُهجرين ومن
خلال
مقارنتهم داخل عقل المتلقي المصري او الجزائري الحالي كيف انقلب المزاج
الاجتماعي
وكيف حلت قيم التعصب الديني والتفرقة المذهبية والأستكثار بالعددية ونفي
الاخر
وتحقيره بل تكفيره في كلا المجتمعين, بدل من ان تزداد الشعوب
نضجا وتحضرا عقب
استقلالها عن تبعية الغرب ومشاكلاته السياسية وسيطرته الأقتصادية.
لم يكن غريبا
ان يختار كلا الفريقين"يهود مصر ويهود الجزائر" فرنسا للذهاب إليها كمنفى
اجباري
فيهود مصر والمصريين كانوا ولا زالوا يعتبرون فرنسا وباريس المدينة الاكثر
تحضرا
ورقيا وفنا وحرية في العالم, ربما اكثر من امريكا نفسها, كما
انها اقرب لمصر
جغرافيا من دول اخرى وكان اغلبهم كما رووا في شهاداتهم يمتلكون ثقافية
فرنسية رغم
عيشهم تحت وطاة الاحتلال الانجليزي وكانوا يتحدثون بالفرنسية في البيت
واغلبهم درس
في مدارس الليسية الفرنسية العلمانية سواء في القاهرة او
الاسكندرية, ولهذا لم يكن
من الغريب اختيارهم فرنسا كمنفى.
اما يهود الجزائر فقد تم ترحيل بعضهم وخروج
اخرين مجبرين إلى فرنسا على اعتبار انهم محسوبون من وجهة نظر
السلطة الجديدة على
الفرنسيين والسيطرة الفرانكوفونية ولهذا لم يكن مستغربا ان يستوطن كل من
يهود مصر
والجزائر المنفيين اجباريا فرنسا كمنفى بعيد-قريب من وطنهم الام.
سفر الخروج
ركزت صافيناز
في"ال جوستو"على فترة ما قبل خروج العازفين اليهود من القصبة وعندما وصلت
لاسباب
الخروج الحقيقية مرت عليها بسرعة تاركة المتلقي يستعين بمعلوماته التاريخية
عن
المسألة او يكتفي بالأشارات السياسية التي قدمتها عن تلك
الفترة على لسان الشخصيات
اليهودية والمسلمة التي تحكي عن المرحلة.
أما امير في يهود مصر فقد توقف كثيرا
حول اسباب الخروج وافرد لها مساحة واسعة على مستوى البناء
المعلوماتي او البصري
واستعان ايضا بشهادات اليهود المصريين عن فترة نزع الجنسية عنهم واجبارهم
على
المغادرة وامضاء اقرارات بعدم العودة, بالأضافة إلى التأكيد على تلك
المعلومات عبر
مصادر اخرى متمثلة في د. رفعت السعيد ود. محمد ابو الغار من
دارسي وعارفي تلك
الفترة التاريخية كي لا يصبح صوت الحكايات"اليهودية"عن الخروج من مصر احادي
النبرة.
وقد صدق كلا المؤرخين على كلام الشخصيات اليهودية تماما كما صدق العازفين
المسلمين
في فيلم صافيناز على شهادات زملائهم من اليهود الجزائريين
المنفيين دون ان يعلم اي
من الطرفين ما رواه الاخر وهنا تأتي قوة البناء الفكري للفيلمين وقدرتهم
على
التعامل مع القضية السياسية الشائكة بالكثير من الموضوعية والحيادية لانه
لا يوجد
اسهل من اتهامهم بالعمالة أو التواطؤ مع الشهادات اليهودية التي تفضح-خاصة
في
الفيلم المصري-الاسلوب المخابراتي والبوليسي الضيق الافق الذي
تعاملت به الثورات
العربية مع مواطنيها اليهود والذي استغلته اسرائيل نفسها فيما بعد لتتهم
الانظمة
العربية بمعاداة السامية.
ومن مواطن الكوميديا السوداء او السخرية القدرية ان
كلا الفريقين من اليهود المصريين والجزائريين وعلى حسب شهاداتهم وروايات من
عاصروهم
كانوا من المنخرطين في العمل السياسي الوطني ضد الأستعمار
الفرنسي والانجليزي على
حد سواء, وكلاهما كان ضد فكرة انشاء دولة اسرائيل وضد فكرة الهجرة اليها او
تقديم
اي مساعدات لها وكم كانت دهشتهم كبيرة عندما وجدوا انفسهم يعاملون كأعداء
وجواسيس
في البلد التي ولدوا ونشأوا فيها ودفنت بأرضها عظام اجدادهم
ولم يطالبوا يوما بان
يكون لهم فيها اي مكانة خاصة او مختلفة عن بقية افراد شعبها.
في"ال جوستو"يتحدث
العازفين عن انخراطهم في العمل السياسي مع الجبهة الشعبية
للتحرير من خلال الاغنيات
التي كانت تحتوي على شفرات سرية للقاء الخلايا المسلحة او الأفراح والحفلات
التي
كانت تقام لكي يتم عقد الاجتماعات السرية بين قادة الجبهة داخلها دون ان
تشعر بهم
المخابرات الفرنسية.
اما في مصر فقد استعرض المخرج نماذج كثيرة من اليهود الذين
كانوا ضمن الحركة العمالية والشيوعية المصرية وكيف انهم كانوا يحاربون
الصهيونية
قلبا وقالبا بحكم انتمائهم لايديولوجية فكرية مختلفة من ناحية, وبحكم رفضهم
لفكرة
وطن اليهود في اسرائيل من ناحية اخرى, وقد افرد الفيلم جزء كبير من زمنه
للتركيز
على قصة هنري كوريل المناضل اليهودي المصري الذي طرد في
الخمسينيات وظل جزءا من
حركات التحرر العربي والأفريقي حتى اغتيل في اواخر السبعينيات نتيجة نشاطه
السياسي
ضد الامبريالية وقوى الاستعمار.
بل ان قصة هنري كوريل تشكل نقطة تماس رائعة بين
الفيلمين خاصة عندما يتحدث معاصريه في الفيلم المصري عن دعمه
لثورة الجزائر ووقوفه
مع الشعب الجزائري في معركة التحرير ضد فرنسا التي نفي اليها اجباريا فيما
بعد, عند
هذه النقطة يمكن ان نقول ان كلا الفيلمين ودون قصدية وبسبب حديثهم المشترك
عن فئة
معينة-اليهود-تعرضت لنفس الظروف اصبح بينهم ما يشبه التكامل
الفكري والزمني
والتاريخي والسياسي.
الشتات والمزاج
وعند
الحديث عن خروج كلا الفريقين من مصر والجزائر عمد كل من صافيناز وامير على
ان تنعكس
فكرة الشتات على الجزء الخاص بالحديث
عن المنفى الاجباري ليس من خلال وجهة النظر
الدينية اليهودية التي تقدم فكرة الشتات على انها مبرر اليهود للانتقام من
اهل
الارض جميعا او كما وظفتها الصهيونية على اعتبارها السبب الرئيسي في تكوين
وطن قومي
يهودي او دولة يهودية في فلسطين, ولكن الشتات في كلا الفيلمين هو شتات فكري
وشتات
هوية وانتماء وهو شتات له علاقة بتغيرات عضوية داخل المجتمعات
العربية وصعود تيارات
متطرفة تنادي بأقصاء الأخر وتعتبره عدو لله والوطن.
وقد وضح هذا اكثر ما وضح في
فيلم"أمير"وذلك في الفصل الخاص بالعلاقة بين الاخوان المسلمين
وبين اليهود المصريين
ابان حرب 1948 واعلان قيام اسرائيل, حيث اتجه الاخوان في غباء
سياسي وتطرف ديني
لمهاجمة اليهود المصريين الذين كانوا بالامس فقط يأكلون معهم ويعيشون بينهم
ويعتبرون جزءا من نسيج مجتمعهم, هذا الجزء الخاص بعلاقة الأخوان باليهود
المصريين
يلقي نظرة هامة على الوضع السياسي الحالي في مصر, رغم ان
المشهد السياسي لا يحتوي
على يهود لكنه يحتوي بالطبع على نفس المرجعية الفكرية المتطرفة والأقصائية
والمتشجنة بلا عقل أو دراية.
ويتوقف كل من أمير وصافيناز امام طبيعة المجتمعات
العربية الحالية سواء على مستوى السلطة او الشعب من خلال زاوية رغبة اليهود
المهاجرين او المنفيين في زيارة بلادهم الأم, في فيلم"امير"
تفصح الشخصيات في
النهاية على ان ثمة رغبة دفينة بداخلها جميعا في زيارة مصر بل
ان بعضهم تمكن من
زيارة مصر بالفعل في بداية الثمانينيات بعد توقيع كامب ديفيد, والتي يجمع
معظمهم
على رفضها لرفضهم في الأساس فكرة دولة اسرائيل, هنا تبدو فكرة الوطن اكثر
عمقا
وتجذرا لديهم ربما اكثر ممن يعيشون في مصر الان, ليس لانهم
يهود بل لانهم ذاقوا
معنى النفي والطرد, ان اغلب الشخصيات اليهودية التي تتحدث في فيلم يهود مصر
لا
تحاول ان تستدرج عطف المشاهد او تقدم نفسها في ثوب الضحية او الشهادة وانما
اغلبهم
بحكم تكوينهم السياسي والثقافي يبدون كمناضلين منفيين بكل ما تحمله ملامح
المناضل
المنفي من جلد وما تعكسه عينيه من عزة وتعال على موقفه الضعيف.
اما في
فيلم"الجوستو"والكلمة تعني"المزاج"اي الهوى الشامل او العاطفة المشبعة
للأنسان نجد
ان المخرجة تقوم بمحاولة لم شتات الفرقة الموسيقية القديمة عبر اصطحاب
العازفين
الجزائريين لزيارة مارسيليا ولقاء مواطنيهم وزملائهم واصحاب
شبابهم من العازفين
اليهود الجزائريين المقيمين في فرنسا منذ الخروج الكبير.
ان لم الشمل الذي تقدم
عليه المخرجة من خلال حفل تحيه الفرقة كاملة يصنع من الموسيقى زمن اخر يعيد
الجميع
لشبابه ويعيد المتلقي إلى ايام قديمة كان السؤال فيها عن ديانة احدهم عيب
كبير وخطأ
اجتماعي لا يليق, وتفلح المخرجة التي هي نفسها صاحبة فكرة الحفل والتي
انتجت فيما
بعد البوما كاملا للفرقة المعاد شملها او المجتمعة بعد شتات
خمسين عاما, تفلح في
تحقيق"المزاج" المشبع لكلا الفريقين عندما تقدم لهم فرصة العزف مرة اخرى مع
بعضهم,
ولكن في فرنسا للأسف وليس في الجزائر, وقد
اعترفت المخرجة في حوار صحفي لها انها
حاولت ان تلم شتات الفرقة في الجزائر ولكن الظروف السياسية
والامنية حالت دون ذلك
تماما, ولم يكن امامها سوى اخراج العازفين من الجزائر إلى فرنسا بعد أن
اصبحت
المجتمعات العربية اقل رحابة مثلما كانت قبل قرن واحد فقط من الزمان.
عهد الهوى
قد يتصور البعض
ان كلا الفيلمين في تبنيهم لعرض وجهة نظر اليهود الذين خرجوا رغما عنهم من
بلادهم
نتيجة الظروف السياسية ان هذا التبني نوعا من مغازلة الغرب او ضمان الرضا
السامي
للوبي اليهودي في اوروبا والعالم ولكن المتلقي المحايد يدرك ان
كلا الفيلمين
يهاجمان في اكثر من موضع فكرة التفرقة العنصرية على اساس المذهب الديني او
الأصل
العرقي وان ازمة اليهود في مصر والجزائر تحديدا وبشكل عام سببها انهم وقعوا
تحت
طائلة تلك الفكرة التي عذبتهم اكثر مما عذبت الشعوب التي خرجوا
منها وان دولة
اسرائيل بكل عنصريتها وتطرفها كانت سببا رئيسيا في معاناة الملايين من يهود
العالم
الذين كانوا يعتبرون انفسهم مواطنين عاديين في دولهم وليسوا مميزين او"سامين"عن
احد
في شئ.
كذلك كان من ايجابيات الفيلمين انهم استطاعوا ان يعقدوا مقارنة في ذهن
الملتقي العربي بين واقع المجتمعات العربية التي كانت في اوج تطورها
الحضاري
والانساني قبل نصف قرن فقط وبين حال تلك المجتمعات حاليا وحتى
بعد الموجة الثانية
من الربيع الثوري, لم يتحدث كلا الفيلمين عن الواقع الحالي ولكن تكفي
الأشارة لما
كان كي نتبين اين صرنا ولنتساءل ما الذي ادي بنا إلى ما وصلنا إليه وكيف
السبيل
للخروج مما نحن فيه والعودة لما كنا عليه قبل سنوات قليلة من
عمر الزمن!
الجزيرة الوثائقية في
15/10/2012 |