كيف
يصبح المرء «مؤهلاً» لأن يكون قنبلة بشرية؟ كيف يغدو الوقوع في الإرهاب
سهلاً؟ ومن أين يأتي هذا الشعور بالتخلي والظلم؟...
لم يكتفِ المخرج المغربي الفرنسي نبيل عيوش بالاعتماد على رواية «نجوم
سيدي مومن» لماحي بن إيبين ليحقق انطلاقاً منها فيلمه «يا خيل الله»، بل
قضى أكثر من سنتين في البحث في دراسات علماء الاجتماع وفي الذهاب إلى أحياء
الصفيح المحيطة بالمدن الكبرى وخصوصاً منها «سيدي مومن» في الدار البيضاء،
ليحاول فهم ظروف من يعيش من دون أمل أو أي أفق، حين يغدو الوقوع سهلاً.
الرواية المستوحى منها الفيلم تسرد على لسان «ياسين»، أحد الانتحاريين
الذين استهدفوا فندقاً في الدار البيضاء، طفولته وعلاقاته ليتبين في
النهاية كم كان «ساذجاً ومغفلاً».
«يا خيل الله» عرض في قسم «نظرة ما» في مهرجان كان الأخير، وهو الفيلم
الروائي الرابع لنبيل عيوش بعد «مكتوب» (1997)، «علي زاوه» (2000)، و «كل
ما تريده لولا» (2008). وقد عرض الفيلم أخيراً في «ملتقى السينما العربية»
الذي نظمه معهد العالم العربي في أيلول (سبتمبر) بحضور المخرج فكانت فرصة
للقائه هو الذي اختار مغادرة فرنسا والإقامة في المغرب.
-
ثمة
تشويق كبير في أسلوب السرد على رغم مصائر معروفة سلفاً وموضوع سبق
التطرق إليه من قبل الفلسطيني هاني أبو أسعد والتونسي نوري بوزيد بين
آخرين... نريد سماع رأيك في ذلك كما غرضك الشخصي من العمل.
- في ما يتعلق بالتشابه، ليس فيلمي ما يشابه تلك الأفلام بل موضوعه.
وآلاف من الأفلام تتشابه في مواضيعها. أما الأمر المهم الذي وددت الإشارة
إليه في «يا خيل الله» فهو عدم وجود حركة انتقالية بين البؤس الاقتصادي
والاجتماعي وبين حقيقة التحوّل إلى انتحاري، وإلا لكان هناك الملايين من
هؤلاء. صبيحة أحداث الدار البيضاء (تفجيرات 2003) أردت، مثل كثيرين، الصراخ
«لا هذا بعد اليوم». لقد بدأ حينها اهتمامي بالضحايا فأنجزت وثائقياً عنهم،
إنما استغرقت وقتاً طويلاً بعدها لأدرك أن الضحية يمكن أن تكون من الجهتين.
الاعتراض والصراخ أمران طبيعيان بيد أنهما لن يوقفا هذه العمليات. أردت
الغوص في هذا العالم وتوجيه اهتمامي نحو الإنساني، مصائر هؤلاء الأفراد
وفهم جيوبوليتك العولمة والظلم وغياب السلطة وكل هذا الحرمان والكبت، أي
جلّ ما يقود إلى هذه التعقيدات... ثمة مستويات لما حدث ولا يمكن الاكتفاء
ببداهة الأمر والقول ببساطة إن هؤلاء ارتكبوا ذلك بسبب كذا. في اعتداءات
أيلول 2001 كان هناك أناس متعلمون!
اهتمام بالأمكنة
·
كيف واتتك فكرة العنوان «يا خيل
الله»؟ وعلامَ اعتمدت في مصادر معلوماتك؟
- إنها عبارة قالها أحد الصحابة لتحفيز الرجال على الجهاد «ياخيل الله
اركبي وبالجنة أبشري». لقد أجريت أبحاثاً مع علماء اجتماع وإناسة يهتمون
بالإسلام المتطرف. وقد كانوا هم مصدر معلوماتي الأول، إضافة إلى اعتمادي
على دراسات عن الضواحي في أوساط الجمعيات الأهلية ومنها لإسلاميين
«تائبين»، وكذلك التقيت مع شباب من جيل الانتحاريين نفسه يقيمون في المنطقة
نفسها وبعضهم كانوا أصدقاء لانتحاريي الدار البيضاء.
·
ثمة اعتناء بدا واضحاً بالأمكنة،
هل صورت في ضاحية سيدي مومن؟ وكيف اخترت الممثلين ومعظمهم من غير
المحترفين؟
- صورت في مكان مشابه لضاحية منفذي الاعتداءات. لأن ضاحيتهم تطورت
وتغيرت وأضحت تقريباً مدينة بعد أن كانت قبل الاعتداء منطقة زراعية. وقضيت
أكثر من سنتين في البحث عن القصة والمكان والشخصيات، وقمت بعمل اختبارات
لمرشحين للأدوار إضافة إلى بحثي في الشوارع عن وجوه ملائمة، إلى أن وجدت في
الضاحية أخوين وشاباً آخر. لقد كانت لدي الرغبة بتجسيد الحقيقة واختيار
الشخصيات من الواقع وهو ما يعطي أبعاداً أقوى للشخصية. استهلك اختيار
الممثلين وقتاً طويلاً وكان الأكثر تعقيداً إذ كان على المرشح أن يكون
قادراً على تحمّل أعباء تجسيد الشخصية فنياً.
·
ثمة تساؤل لدى المشاهد عن تعويض
«الممثلين» غير المحترفين. كيف يتم التعامل معهم مادياً؟
- (مستغرباً) بالتأكيد نعوّضهم مادياً! وانا أكنّ احتراماً لمن يقومون
بالعمل وليس من الوارد عدم مكافأة هؤلاء. لقد سمح الفيلم لألف شخص، أي نصف
السكان تقريباً، بالعيش ستة أشهر، ساهم هؤلاء في العمل ببناء الديكور من
مقهى وكاراج وبيوت... كما عمل بعضهم في حمل الأمتعة، وكان هناك بين خمسين
إلى مئتي كومبارس في اليوم... لقد كان الفيلم مصدراً اقتصادياً للسكان.
·
لعل الأمر لم يخل من المشاكل!
- بالتأكيد، كانت الأمور جد شائكة. أولاً لاختيار العمل في ضاحية
حقيقية، ومن ثم التعامل مع ممثلين غير محترفين. كان عليّ الاشتغال على
«الأنا» في لاوعيهم وإدارتها، وعلى ضرورة الالتزام... وكمثال في مشاهد لعب
الكرة كانوا يلعبون ويلهون ولا يريدون التوقف إلى أن نخطرهم بوجوب التوقف
لأن ما يقومون به سيبقى مثبتاً على الشريط. أيضاً كان يجب التنبيه إلى
أهمية الوصول باكراً إلى مكان العمل.
·
ألا يوجد ممثلون محترفون في
الفيلم؟ لاحظنا أداء لافتاً لمن أدت شخصية الأم.
- من أدى دور أبو الزبير وأيضاً صاحب الكاراج كانا ممثلين، ولكن لا
نجوم في الفيلم. أما بالنسبة لدور الأم فتسعدني ملاحظتك! فقد كان الدور
الذي بقي للنهاية من دون ممثلة، إذ بحثت طويلاً في الضواحي عن نساء من
عمرها ممن يستطعن لعب الدور، واجهتني مشاكل رفض الكثيرات التمثيل، وأولئك
اللواتي وافقن كن كارثة بحق، في القدرة على التعبير بدقة وإحكام عن عمق
الشخصية، إلى أن يئست. أخيراً أقبلت امرأة يوماً وقالت إنها علمت ببحثنا
وإنها تريد القيام بالدور. وجذبتني بشدة ثقتها بنفسها وأحسست بتوافر خامة
العمل عندها.
·
لننتقل من الفيلم إليك، كنت تقيم
في فرنسا مع والدتك (فرنسية من أصل تونسي وتعتنق الديانة اليهودية)، وعدت
للإقامة في المغرب! لمَ هذه العودة؟ هل للسينما دور في هذا؟
- السينما لعبت دوراً. عشت في فرنسا حتى سن الثلاثين ثم التقيت
بالمغرب بفضل السينما. كنت أذهب إلى هناك فقط لزيارة والدي في العطلة، ثم
قررت يوماً تحقيق أول فيلم قصير لي في جنوب المغرب فكانت «صدمة» اكتشاف
الأجواء هناك. بدأت العودة إلى هذه الهوية تنمو لدي من جديد عبر السينما،
أنجزت «مكتوب» أول فيلم طويل لي. ثم آمنت تماماً من خلال «علي زاوه» بأنه
لم يعد من الممكن لي العمل في مكاني الأول (فرنسا)، كان يجب الذهاب إلى
محيط آخر، وكان علي أن أكون في قلب هذا المحيط. في قلب هذه الحقيقة. لذا،
قررت العيش في المغرب. لم أكن أتحدث العربية جيداً وتعلمتها وحدي، وأقصد
العامية المغربية فأنا أدير الممثلين بها.
في فلسطين
·
قرأت أنك قمت بهذا العمل متأثراً
بحكايتك الشخصية؟
- لم أقل هذا! ما يمكن أن أكون قد قلته هو أنني نشأت في ضاحية سارسيل
قرب باريس وفي مساكنها الشعبية، وأنني أعرف ما هو «الانفجار» وما يعنيه
الانقطاع عــــن الوصول إلى المدن الكبرى أي العيش بالتوازي. قد يتعلق
الأمر بفيلـــم «وطني» الذي حققته بين لبنــان وإسرائيل وعرض في باريس.
·
ذهبت إلى إسرائيل؟!
- كمغربي يمكنني ذلك. أردت العمل مع لاجئين فلسطينيين غادروا في 48
ولم يعودوا قط إلى أرضهم. إنهم يعيشون أرضهم عن بعد! لقد توقف بهم الزمن
عند 48! ثم رغبت بالتوجه نحو الضفة الأخرى في شمال إسرائيل حيث شباب
إسرائيليون من جيل ثانٍ، إذ قفزت جيلاً، يعيشون في المكان نفسه الذي كان
يقطن فيه شباب فلسطينيون وأردت مواجهة الذاكرتين. الإسرائيليون لا ذاكرة
لديهم، ثمة غسيل للدماغ مروع، لقد أريتهم صوراً لمن كان هنا قبل مجيئهم
وأريتهم فيديو يتوجه فيه السكان الأصليون بالكلام إليهم. كان الأمر شديد
التأثير والإثارة وأدركت من خلاله أموراً كثيرة وأيقظ فيّ أشياء...
·
هل كانت تلك متطابقة مع أفكارك
المسبقة عن الوضع؟
- كنت مليئاً بالأمل وبرغبة في المصالحة مع جزء مني، لكنني أيقنت بأن
كل شيء قد أقيم ليدوم فبت يائساً تماماً. لقد كنت عاجزاً بسبب هذا الصراع
(العربي - الإسرائيلي) عن تحمل عبء هذه الهوية المزدوجة التي خلقت بها.
وأيضاً بسببه جاء وعيي السياسي مبكراً، لقد أدركت بعد الفيلم أن ما يحصل هو
الظلم الأكبر القائم على هذه الأرض. وهذا ما كان عائقاً أمام تحمّلي هويتي
وبخاصة أنني أعيش في بلد عربي. كان شاقاً وضع هذا الأمر جانباً وكنت أرفض
قبلها الذهاب إلى هناك إلى أن التقيت بسيدة وافقت على كل شروطي لعرض فيلمي
في إسرائيل. طلبت أن يعرض فيلمي أيضاً في الأراضي الفلسطينية وأن تكرس لي
منصة في الإعلام الإسرائيلي للتنديد بالسياسة الإسرائيلية وأن لا أسلم جواز
سفري في المطار لضابط إسرائيلي لأنني لا أعترف بهذه الدولة... وتم لي
بالضبط ما فرضته من شروط. يجب أن أشير إلى أنني اكتشفت هناك ناشطين فاعلين،
إنهم رائعون ليسوا من اليسار المائع بل يجاهدون ضد الاحتلال في هذه الدولة
الفاشية. لهذا أنا مع المقاطعة الاقتصادية للدولة ولكنني ضد المقاطعة
الفنية والإنسانية إذ يجب باعتقادي خلق فرصة للتعارف.
·
هل البعد السياسي للسينما هو
أكثر ما يهمك؟
- تهمني العلاقة بين المغرب والعالم العربي، أنا جزء من كل، أنا شاهد
لدي نظرة ووعي سياسي عال ولا أستطيع إلا أن أكون معنياً بهذه القضايا
والمشاكل. السينما عمل سياسي ويجب الاعتراف بذلك، لقد كنت أؤمن في مرحلة
بالإنساني في السينما، إنما أنا الآن في فترة وعيي السياسي فيها متيقظ.
إنها مرحلة من حياتي.
الحياة اللندنية في
26/10/2012
«بعد الموقعة» رؤية للثورة من خارجها
القاهرة - شريف حتاتة
يُصور
فيلم «بعد الموقعة» قصة يفترض انه جرت أساساً في قرية اسمها نزلة السمان في
محافظة الجيزة بعد الهجوم الذي قام العشرات من رجالها يوم 2 شباط (فبراير)
سنة 2011 بشنّه على الجماهير الثائرة التي تجمعت بمئات الآلاف في ميدان
التحرير. قام هؤلاء الرجال بالهجوم وهم يمتطون ظهور الجمال والخيول وهذا
بعد أسبوع من إندلاع الثورة، والتي أطاحت بعد ثمانية عشر يوماً بحكم مبارك،
وأسرته، وعدد من أعوانه المقربين.
ونزلة السمان قرية تقع في حضن الجبل الذي بنى فوقه الملوك الفراعنة
الأهرامات الثلاثة كمدافن لهم، واحتوت أيضاً بعض الذين كانوا في بلاطهم، أو
ساهموا معهم في الحكم. مهنة سكان القرية الأساسية هي مصاحبة السياح في
جولاتهم على ظهور الجمال، والخيول التي يملكونها، أو التي يملكها بالأحرى
عدد محدود من الموسرين، والطواف بهؤلاء السياح حول الأهرامات، وتمثال أبو
الهول القائم أسفل الجبل، مقابل أجر. وإضافة الى ذلك إسداء بعض الخدمات
الأخرى للسياح الذين يرغبون فيها ومن بينها مثل تغيير عملاتهم الصعبة في
السوق السوداء، أو تدخين الحشيش في الأفراح أو في غيرها، أو خدمات تتعلق
بالجنس خارج نطاق الزواج، أو بعد عقود زواج مؤقتة بين نساء من السياح ورجال
القرية.
يُقال حتى الآن أن هذا الهجوم قام بتدبيره صفوت الشريف وزير الإعلام
ثم الأمين العام للحزب الوطني الديموقراطي ورئيس مجلس الشورى في عهد مبارك،
وذلك بالاتفاق مع أعضاء في مجلس الشعب السابق من ذوي المصالح في نزلة
السمان. الممثل الرئيسي في هذا الفيلم هو باسم السمرة الذي نشأ في هذه
القرية، ثم اختار لنفسه طريق الفن وأصبح ممثلاً مرموقاً. ويبدو أن علاقته
بهذه القرية هي التي أوحت ليسري نصرالله بعمل فيلم يتخذ منها مكانه، وركيزة
للأحداث التي تجري فيها. فهي قرية لها طابع متميز بسبب ناسها، ومبانيها،
ووجودها في منطقة أثرية مهمة، فضلاً عن الخيول الجميلة والإبل التي تُشكل
جزءاً جوهرياً من حياة سكانها.
عن الحكاية
تدور القصة حول ريم (منة شلبي)، ومحمود (باسم السمرة)، ومـــن حول
حيـــاة كل منهــما، وحياة الناس الذين يتحركون في أوساطهم، والعلاقة التي
تقــوم بينهما، وما يحدث لهما في الأيام الأولى بعد انتفاضة 25 كانون
الثاني (يناير) التي هزت كيان المجتمع. ريم امرأة شابة تعــمل في إحدي
شركات الإعلان لكنها في الوقت نفسه تقوم بنشـاط اجتماعي سياسي بين النساء.
هي امرأة مثقفة تتميز بشخصيتها المندفعة، وتعــــاني من فشل حياتها
الزوجية. لذلك تسعى للطلاق من زوجها، لكنه يرفض هذا الحل، ويُحاول أن
يستعيد علاقتهما الـــزوجية. أما محمود فخيّال يعمل مع السياح في نزلة
السمان، وهو رجـــل طويل القامة، أسمر البشرة، فيـــه جاذبيـــة، متزوج
مـــن فاطمـــة وله منها ولـــدان. شارك في الهجوم على المتظاهرين في ميدان
التحرير لكنه وقع من على ظهر حصانه، وأوسعه بعض المتجمعين في الميدان ضرباً
فتم تصويره فــي فيلم فيديو، وأصبح يُعاني نفسياً من هذا السقوط، ومن
إزدراء المحيطين به في القرية نتيجة ما حدث له أثناء الهجمة.
ريم تحيا في شقة صغيرة مزودة بكل وسائل الراحة، لديها كلب جميل اسمه
رُز تُعالجه أحياناً عند صديقة اسمها دينا تعمل طبيبة بيطرية وتملك ما يمكن
تسميته بمستشفى للكلاب. هذه الصديقة تتطوع بتوزيع علف الخيول في نزلة
السمان حيث يُعاني سكانها من القحط نتيجة توقف النشاط السياحي بعد الثورة.
تُصاحبها ريم في هذه الزيارة لترى ما يدور، فتقع نظراتها على الخيال محمود
وهو يُصارع لنيل نصيبه من العلف، ويُطرد بسبب سقطته في ميدان التحرير. تعود
ريم مرة أخرى مع دينا إلى القرية في المساء لتُشاهد استقبالاً ينظمه السكان
للحاج عبدالله أحد «أباطرة» نزلة السمان (قام بدوره صلاح عبدالله) وتنبهر
باحتفال سكان القرية، وتصرفاتهم، وشخصياتهم الخشنة البدائية، برقصات الخيول
الجميلة، وإيقاعها، بالليل والأهرامات المطلة عليها، بهذا الجو الجديد
عليها. أثناء الإحتفال يقوم الحاج عبدالله بطرد محمود من حلبة الرقص وعندما
يبتعد هذا عنها سائراً مع حصانه في ظلمة الليل تتبعه ريم وتلحق بهذا الشاب
البدائي الأسمر، صاحب الجاذبية الذكورية، وتتبادل معه قبلة طويلة، شرهة
كأنها عطشى لحب، وجنس من نوع مختلف.
لكن ريم في هذا الفيلم ليست فقط امرأة عطشى إلى هذه العلاقة المختلفة،
فبعد هذه القبلة التي صُورت في الفيلم بسرعة من دون تمهيد، نراها وقد
اندمجت في نشاطها السياسي، في النضال الذي تخوضه من أجل أهداف الثورة،
متحدثة متحمسة في الإجتماعات النسائية، ثم نراها في الشركة وهي تناقش
زملاءها، وتتأمل صورة محمود وهو يسقط من على حصانه. بعد أيام قليلة تعود
إلى نزلة السمان، إلى محمود وأسرته، وإلى سكان القرية لإقناعهم بأهداف
الثورة فهم يرون أن هذه الثورة هي التي أوقفت السياحة، وخربت بيوتهم، لكنها
تنجح في إقناعهم بتغيير موقفهم، والشروع في مساندة تطوراتها، بل واشتراك
بعضهم في تظاهرات ميدان التحرير.
الثورة من الخارج
لا شك أن المخرج يسري نصرالله أراد بهذا الفيلم أن يصنع عملاً فنياً
يُقرب المشاهدين من الثورة. لكنه في هذا الفيلم لم ينجح كمخرج، ولم ينجح
السيناريو، ولم تنجح شخصية ريم، وتصرفاتها، وكلامها في إعطاء صورة حقيقية
للثورة، للعوامل التي تقود الناس إليها، لما يحدث من تغيّر في مواقفهم،
وكيف يتم هذا التغيّر. حاول السيناريو أن يتناول موضوع الثورة، أو جوانب
منها، أن يتناول الثوار، والناس العاديين، ومواقفهم لكنه ظل يتحرك من
حولها، ولم يتمكن من إقتحام واقعها ليصل إلى جوهرها الحي. فأسبغ على الفيلم
تطورات بدت مفتعلة، ومصنوعة، ومبالغ فيها وبالتالي غير مقنعة. واجه المشاهد
بشخصية ريم المرأة المرفهة نسبياً في حياتها، وهذا بالطبع ليس عيباً في
ذاته، ولكنه في تصويره لها بدت آتية من أوساط غريبة عنها. لذلك هي تُوزع
المواعظ الحماسية بشكل مستمر على جميع الناس، على النساء اللائي تجتمع بهن،
على محمود وزوجته، في اجتماعاتها مع سكان نزلة السمان.
شاب الفيلم الخطب الطويلة، والحوارات الأطول المليئة بالكلام المجرد
عن الثورة، فلم تتجسد فيه بعض التفاصيل، أو بعض المشاكل التي تواجهها وتسعى
إلى حلها. الكلام الموجه لسكان نزلة السمان لم يكن ليُقنعهم بالتغير بعد أن
عاشوا سنين طويلة في ظل أوضاع تعودوا عليها، وارتبطت بها مصالحهم. لم يكن
من الممكن أن تُقنعهم المرأة الشابة التي ليست منهم، أن يتغيروا في مواقفهم
تحت تأثيرها. كان لا بد أن تكون هناك تجارب، وأحداث تُوصلهم إلى ما وصلوا
إليه، ولم يكن من الممكن أن يحدث هذا فجأة نتيجة بعض الإجتماعات. واقع
الحياة يقول أن هذا لم يكن ليحدث إلا خطوة بعد خطوة، فسكان هذه القرية من
العتاة الذين صنعهم النظام، صنعتهم العادات والتراث والمهنة التي يقومون
بها وصبتهم في إطار متجمد إلى حد كبير. هذا لا يعني أن العتاة لا يتغيرون
لكن التغير لا يتم على هذا النحو الرومانسي المجرد والساذج. إنهم أدوات
لنظام في الأساس حتى وإن كانوا ضحاياه.
يسري نصرالله من المخرجين الذي أعطوا للسينما المصرية أفلاماً لها
قيمة تاريخية وإنسانية، ولبعضها أعماق نفسية مرتبطة بحياة الناس، لكنه في
هذا الفيلم ربما تسرع لرغبة منه في إعطائنا عملاً يكون إضافة ما الى
الثورة. غير ان هذا القول لا يمنع ان للفيلم نواحي مضيئة منها اختيار نزلة
السمان.
وما ينبغي إبرازه على نحو خاص هو التصوير المتميز الذي قام به سمير
بهزان، ذلك التصـــوير الذي شمل الأماكن، والمساكن من خارجها وداخلها، شمل
الناس وأجسامهم وحركاتهم ونظراتهم في الإجتماعات والشوارع، وأثناء حركات
الإحتجـــاج التــــي تمت في توزيع العلف وفي التظاهرات، في الظلال
والزوايا والألوان، في رقصات الخيول وسباقها المندفع في الصحراء، في حركات
عضلاتها وأقدامها.
وتمثيل باسم سمرة أتى متميزاً ما عدا في بعض انفجارات الغضب التي طال
فيها كلامه أكثر من الجرعة المقبولة. كذلك تمثيل ناهد السباعي في دور
فاطمة. بدت فيه لمسات صغيرة حساسة في حركة جسمها ويديها، في نظرات عينيها،
في ملامحها أعطت كلها صورة صادقة للمرأة الشعبية في مختلف إنفعالاتها.
في النهاية يطرح الفيلم تساؤلاً: ترى هل من الوارد أن نتغاضى عن
العيوب الفنية في أفلام يتم إخراجها أثناء فترات التغير السريع، والمندفع
التي تجعلنا نلهث وراء الأحداث، إن كانت هذه الأفلام تساهم بشكل أو بآخر في
دفع عجلة التقدم، أم أن الفن السينمائي الجيد والصادق هو وحده الذي يُمكن
أن يقدم مساهمة إيجابية في صنع الوعي، والإحساس الوجداني الإنساني القادر
على تغيير المجتمع إلى ما هو أفضل؟
الحياة اللندنية في
26/10/2012
منة شلبي:
الفيلم حالة سياسية إنسانية
القاهرة - فتحي حسين
قالت الفنانة المصرية منة شلبي أنها واجهت صعوبة في تجسيد شخصية ريم
في فيلم «بعد الموقعة « كونها لا تميل للاهتمام بمستجدات الساحة السياسية
وأحداثها المتغيرة باستمرار طوال اليوم الواحد. في هذا الفيلم تجسد منة دور
ناشطة سياسية تعمل في إحدى شركات الدعاية، وتشارك في أحداث الثورة منذ
اندلاعها، ثم تتعرض للعديد من المشاكل في حياتها الخاصة، حيث يرصد الفيلم
من خلالها المتاعب الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي تعرضت لها البلاد
خلال الفترة الانتقالية.
وتقول منة إن تعاونها مع مخرج الفيلم يسري نصرالله أفادها كثيراً في
الاهتمام ببعض التفاصيل، معبرة في الوقت نفسه عن سعادتها بالتعاون معه،
مؤكدة انه يتشابه في أشياء كثيرة مع المخرج العالمي الراحل يوسف
شاهين...وأكدت أن المخرجين يتفقان في الإيمان بالعمل والتعايش معه بشكل
كامل حتى يخرج في أزهى صورة، لكنهما يختلفان في أسلوب توجيه الممثل وبعض
التفاصيل الخاصة بالمشاهد..
وأكدت الفنانة منة شلبي أن ما شجعها على قبول دور «ريم» في فيلم «بعد
الموقعة» هو أن الفيلم يحمل جانباً إنسانياً يهم شريحة كبيرة من المجتمع
المصري، موضحة أنه لا يعتمد على الجانب الثوري السياسي فقط، بينما يرصد
الحالة الإنسانية المختلفة والمشاعر الضائعة عند «أهل نزلة السمان» ويدفعنا
أيضاً إلى التفكير في الأحداث التي وقعت خلال الثورة.
وعن ترشيحها للدور أوضحت منة شلبي أن يسري نصر الله هو من قام
بترشيحها للدور حيث كان من المفترض تصوير فيلم بعنوان «مركز التجارة
العالمي» قبل «بعد الموقعة»، وعند اندلاع ثورة 25 كانون الثاني (يناير) قرر
نصر الله أن يتوقف فترة لأنه كان مهموماً بالأحداث وقتها ومنشغلاً بها
تماماً، متعاطفاً مع الشعب الذي يطالب بحقوقه.
أوضحت منة أن المخرج يسري نصر الله أضاف لها الكثير من خلال هذا
الفيلم لأنه قدمها في دور جديد ومختلف عنها تماماً، دور تعتبره الدور الأهم
في مشوارها الفني حتى الآن، لأنه وضع اسمها في أكبر مهرجان في العالم وهو
مهرجان كان، وساعدها للرجوع مرة أخرى للقراءة بعد انقطاع طويل.
وأكدت منة شلبي أن الفيلم تم تصويره بشكل أكثر هدوءاً حتى يظهر بشكل
جيد للمشاهدين، حيث تدور أحداثه كلها في أحياء وشوارع كثيرة في وسط
القاهرة، ما يستغرق وقتاً أكبر من التصوير الداخلى. وأضافت إنها جمعتها
جلسات عمل متعددة مع المخرج يسري نصر الله قبل بدء تصوير الفيلم وكانت
جلسات هي أشبه بورش التمثيل يومية تقريباً لكن بشكل أكثر احترافية، حتى
استطاعا أن يضعا كل التفاصيل الخاصة بشخصية «ريم» في شكل خاص، والتي جسدتها
ضمن أحداث الفيلم، وبأحداث الفيلم في شكل عام والتي تم أخذها من الواقع دون
مزايدات.
واعتبرت منة مشاركة «بعد الموقعة» بمهرجان كان السينمائي الدولى،
«عودة لكرامة السينما المصرية وسط العالم، وتأكيد أهمية الفيلم المصري
وقدرته على المنافسة الدولية، بخاصة بعد أن تغيبت مصر عن المشاركة فيه منذ
ما يقرب من 15 عاماً». وعن خروج الفيلم من دون أي جوائز من المهرجان، قالت:
«نحن نشارك في المهرجانات ليس من أجل الجوائز، ولكن من أجل المشاركة في
ثقافة حقيقية».
وأشارت أخيراً إلى أن السينما بعد الثورة لابد أن تختلف من حيث الشكل
والمضمون، وأن تعبّر عن نماذج حقيقية حتى يشعر المشاهد بالتغيير في
السينما، كما هو حاصل على المستوى السياسي.
مؤكدة أنها بالفعل تعايشت مع أشخاص حقيقيين في نزلة السمان، من الذين
تضرروا بشكل قاطع أثناء الثورة، بعد أن توقفت السياحة تماماً، وتم نقل
الصورة الحقيقية التي وجدناها في أحداث الفيلم.
الحياة اللندنية في
26/10/2012
«المعارض» للتونسي أنيس الأسود في البرلمان الأوروبي
تونس – صالح سويسي
اختير فيلم «المعارض» للمخرج التونسي أنيس الأسود للمشاركة في عدد من
المهرجانات والتظاهرات الدولية. ومن ذلك مهرجان كينيا الدولي للأفلام الذي
ينعقد من 24 تشرين الأول (أكتوبر) إلى 3 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل،
فضلاً عن عرض خاص أمام البرلمان الأوروبي مفتوح للجمهور، وذلك يوم 15 تشرين
الثاني بحضور المخرج أنيس الأسود وكاتبة السيناريو شامة بن شعبان. هذا
إضافة إلى مشاركة في مهرجان «كرامة لحقوق الإنسان» بالأردن في دورته
الموازية التي ستنعقد من شباط (فبراير) إلى نيسان (أبريل) 2013 بين عمّان
ورام الله.
و «المعارض» شريط سينمائي وثائقي طويل (78 دقيقة) أنجزه الأسود
انطلاقاً من مسيرة المعارض التونسي محمد الطاهر الخضراوي في بعدها العميق
من الناحيتين الإنسانية والسياسية، حيث سعى الأسود إلى تتبع تحركات
الخضراوي منذ اندلاع الثورة في كانون الأول (ديسمبر) 2010 وإلى غاية
انتخابات 23 تشرين الأول وفشل حزبه فيها.
ويقول الأسود «مع الطاهر الخضراوي أردنا معرفة كيف يصبح الواحد منّا
معارضاً؟ كيف يتجاوز خط اللون الواحد، والرأي الواحد٬ والنظام الواحد
ويلتحق بصف المخالفين والمعارضين والمتصدّين؟ هل أن المعارضة حس تكتسبه
الشخصية فجأة أثناء حادث يتعرض فيه الشخص إلى الظلم والقهر أو تدريجياً
لمعاناة الفرد من ظروف عيش وتجارب حياة صعبة؟ أم هل أن المعارضة حس طبيعي،
يتمتع به كل الناس لكن البعض يقوم بوأده في حين يقوم آخرون بتطويره ويعملون
على بلورته في الواقع ؟».
ويضيف المخرج «أردنا معرفة لماذا أصبح الطاهر الخضراوي معارضاً؟ لماذا
قال «لا» لحزب التجمع الدستوري الديموقراطي الحاكم؟ هل هي مقالات الصحف
التونسية الموالية للحزب الحاكم التي استفزت شعوره الوطني؟ هل لأنه التحق
في أواخر الثمانينات بمقاعد الجامعة العراقية حيث تحصل على شهادة في علم
الكيمياء ورجع بأخرى عن سقوط بلد وشعب عربي عريق ضحية لأطماع أطراف خارجية
جشعة؟ أم هل هي مقابلة الرئيس السابق زين العابدين بن علي في قصر الرئاسة
بقرطاج. بمناسبة حصوله على جائزة أحسن مشروع رئاسي ممول من قبل البنك
التونسي للتضامن في إطار عملية سياسية تزويقية بحتة؟ هل لأن ذلك المشروع قد
افشل بفعل فاعل من القصر لأن الطاهر قد أبرز بعفويته وجهه المشاكس، الطموح،
المعارض، «الثائر؟».
بين الروائي والوثائقي
قدّم أنيس الأسود حتى الآن ستّة أعمال وثائقية مقابل عملين روائيين
فقط، وهو يقول في هذا السياق: «لا فرق عندي في تعاملي مع الصورة بين
الأعمال الروائية والأعمال الوثائقية وحتى الصور المتحركة، لأن طبيعة
الموضوع الذي أطرحه والذي يفرض عليّ نفسه، هو الذي يوجهني نحو هذا النوع من
الكتابة السينمائية أو ذاك...». ويضيف: «أسعى في تعاملي مع الفيلم الروائي
إلى ترجمة «واقعية» شخصيات العمل من الناحية النفسية والاجتماعية وحتى
التاريخية أكثر ما يمكن. وفي أفلامي الوثائقية أنطلق دائماً من واقع
الشخصيات والموضوع المطروح ولكني أحاول أن أغوص في أبعادها الذاتية إلى
أقصى حد لدرجة الوصول إلى بعدها الموضوعي، الإنساني والروائي. إذاً ليست لي
ميول خاصة إلى الأعمال الوثائقية ولكن ربما تكون خصوصية الوضع الاجتماعي
والسياسي في تونس هي التي جعلتني اختار هذه الكتابة التسجيلية بالنسبة إلى
فيلم «المعارض» لدقة وحالية وقوة الصورة من جهة ولأهميتها في توثيق تاريخ
الثورة التونسية من جهة أخرى...».
الإنسان وتجربته
في أفلامه يبحث المخرج التونسي أنيس الأسود عن الإنسان وتجربته في
الحياة، لذلك لم يقتصر في أعماله الوثائقية والروائية على التصوير في تونس
وإنما حمل أفكاره وكاميرا التصوير وراح يسجّل الواقع والوقائع حول هذه
الشخصية أو تلك في بيئات متنوعة، في جبال «حراز» باليمن، في بوابة الصحراء
الجزائرية «بسكرة»، في القرى التونسية الصغيرة، في جنوب ايطاليا وفي جزر
بريطانيا وغيرها وذلك سعيا منه لتذليل فارق الجهل بالآخر، وتغليب التعرف
عليه في خصوصياته كفرد وفي عالميته كانسان.
وكان المخرج التونسي قد قدّم شريطه الوثائقي «صبّاط العيد» في افتتاح
فعاليات أيّام السينما العربية بمعهد العالم العربي بباريس يوم 22 أيلول
(سبتمبر) الماضي، وهو العرض الأول عالمياً. والشريط يحكي عن طفل في التاسعة
من عمره يعيش في أحد الأرياف التونسية اليوم، اسمه «نادر» ويعشق العدو...
نراه يجري طوال الوقت في كل الأماكن من دون هوادة محمولاً على أجنحة الحلم
وجرأة الطفولة وكأنه يريد التحرر من قيود الجاذبية. وبمناسبة عيد الفطر،
خرج «نادر» مع أفراد عائلته لشراء ثياب العيد فأعجبه حذاء غريباً وأراد
اقتناءه ولكن ثمنه مرتفع جداً ووالده لا يملك القدرة على شرائه له.
وسبق لأنيس أن قدّم عدداً لافتاً من الأعمال السينمائية فيها الوثائقي
وفيها الروائي حيث انطلقت رحلته مع الكاميرا بشريط وثائقي يحمل عنوان
«عرائس السكر بنابل» ليقدم بعده عدداً من الأعمال منها الروائي حيث أنجز «صابة
فلوس» نال عنه عديد الجوائز في تونس وخارجها... ثمّ تتالت أعماله وبدأ يصنع
بصمته الخاصة به في عالم السينما وهو الذي يسعى لتقديم أعمال مغايرة تقطع
مع السائد.
الحياة اللندنية في
26/10/2012
يسرا تدخل المتاهة
بيروت - محمد غندور
يعيش بعض نجوم السينما في مصر- وربما في غيرها أيضاً - مأزق اختيار
أدوار تتناسب وتاريخهم المهني. فمنهم من يقبل أدواراً لا تضيف إليه شيئاً،
بل تتكئ على شعبية رحلت، فيما يقرر بعضهم الاعتكاف أو انتظار أدوار لم
يقدموها بعد. ويعود ذلك إلى أسباب عدة أهمها ظهور جيل سينمائي جديد من كتاب
ومخرجين وممثلين، واتجاه غالبية الأعمال نحو الأكشن والتشويق، بأفكار
وتقنيات حديثة، أو إلى الكوميديا، إنما السخيفة منها، أو اعتماد المنتجين
في بعض أفلامهم على الإثارة التي تجذب الجمهور، عبر الاستعانة بمغنيات
عربيات مثيرات ضمن قالب فني سطحي.
والملاحظ أن غالبية النجوم الذين كان لهم أثر بالغ في تاريخ السينما
المصرية القريب، أمثال محمود عبدالعزيز ونور الشريف وعادل إمام ويسرا،
بدأوا يشاركون منذ فترة في أعمال اقل ما يمكن أن يقال فيها إنها دون
مستواهم، باستثناء «عمارة يعقوبيان» لمروان حامد، الذي أعاد بعضهم إلى
الشاشة بعد طول غياب. في الوقت نفسه تنبه بعض الفنانين إلى أن السينما باتت
حملاً ثقيلاً عليه، فاتجه صوب التلفزيون حاصداً نجاحات جيدة نسبياً، حيث لا
تزال شعبية الفنانين الجدد غير مكتملة، خصوصاً في موسم رمضان وإنتاجاته.
وقدمت الفنانة يسرا طوال مشوارها السينمائي ما يزيد على 80 فيلماً،
ووقفت في معظمها إلى جانب أبرز الممثلين، وعملت تحت إدارة مخرجين بارزين،
مقدمة أدواراً تدعم قضايا المرأة والحرية، معتمدة على جمالها وثقافتها. كما
قدمت الممثلة المصرية العديد من الأدوار المركبة، ونجحت في ذلك. وكان ليسرا
علاقة مميزة مع المخرج الراحل يوسف شاهين، فوثق في موهبتها بعد تجربتها
الأولى معه في «حدوتة مصرية» (1982)، ومن ثم كرت سبحة التعاون بينهما فأضحت
بطلة أفلامه في «اسكندرية كمان وكمان» (1990) و«المهاجر» (1994) و«اسكندرية
نيويورك» (2004).
كما شاركت يسرا عادل إمام في أكثر من 15 فيلماً، وشكلا معاً ثنائياً
لافتاً في عديد من الأعمال ومنها «الإنسان يعيش مرة واحدة»، «الأفوكاتو»، «كراكون
في الشارع»، «المولد»، «الإرهاب والكباب»، «المنسي» و«طيور الظلام».
بعد كل هذا التاريخ الحافل بالإنجازات والبطولات والتكريمات، والعمل
مع أبرز الممثلين والمخرجين، يأتي السؤال، مالذي دفع يسرا للقبول بدور
البطولة، مثلاً، في فيلم «اللعبة انتهت» للمخرج الشاب أحمد البدري،
وبمشاركة مي عزالدين؟
تلعب يسرا في هذا الفيلم دور أم تحاول إفساد علاقة ابنها بالفتاة التي
قرر الزواج منها، من خلال مواقف كوميدية سيئة. وتبدو فكرة الدور قريبة جداً
مما قدمه عادل إمام في فيلم «عريس من جهة أمنية». لم يُظهر العمل قدرات
يسرا التمثيلية، ولم ترتق هي أصلاً فيه إلى الأداء الكوميدي، بل بدت تتصنع
أفعالها وحركاتها وتبالغ في انفعالاتها. لا نقول هنا إن تاريخ يسرا لا يسمح
لها بهذا النوع من الأدوار، بل كان واجباً أن يكتب الدور بذكاء أكبر ومخيلة
أوسع. ويبدو واضحاً أن يسرا قبلت العمل لتعود من خلاله إلى الشاشة الكبيرة
بعد فيلمها الأخير مع إمام «بوبوس» عام 2009، والذي لم يحقق أي نجاح يذكر.
لكن العودة لم تكن على قدر الآمال، لأن مسيرة يسرا لا تتناسب مع هذه
الأدوار السطحية وغير المكتوبة بوضوح، خصوصاً أنها لم تقدم جديداً ولم تضف
إلى رصيدها شيئاً، بل أضاف نقطة سوداء على سوء اختيار الدور. والملاحظ أن
بعض النجوم الشباب في السينما المصرية باتوا يلجأون إلى الاستعانة بأسماء
قديمة كان لها حضورها، في محاولة لاستثمار شعبيتهم، في أدوار غالباً ما
تكون استفزازية للمشاهد، ومهينة في بعض الأحيان للنجوم القدامى.
لم تعان يسرا على أية حال من هذه الوضعية لأنها من أكثر نجوم ثمانينات
القرن العشرين وتسعيناته، مشاركة في أفلام الألفية الجديدة وبأدوار جيدة.
لكن خطوتها الأخيرة في فيلم «اللعبة انتهت» قد تكون بداية لانحدار في مستوى
الأدوار التي ستقدمها مستقبلاً، خصوصاً أن المنافسة مع الجيل الجديد لم تعد
لمصلحتها إلا في بعض الأدوار القليلة.
من ناحية ثانية، من المستغرب أن يسرا وبعض زملائها القدامى، ما زالوا
يصرون على تقديم الأدوار الشبابية من دون أن يلاحظوا مثلاً أن تجاعيد لا
زالت ظاهرة على رغم حقن البوتوكس. قدّم الممثل الأميركي روبرت دي نيرو
أدواراً جميلة ومهمة، ولكنه حين بدأ يكبر في السن، راح يتأنى في اختيار
أدواره. وفي العام 2000، شارك في فيلم «لقاء العائلة» للمخرج جاي روش، وقدم
دور رب أسرة خائف على مستقبل ابنته، ضمن قالب كوميدي، وشخصية كانت جديدة
على دي نيرو، ولكنه قدمها بطريقة مثالية.
من هنا، بات واجباً على يسرا وأصدقائها القدامى، التأني في اختيار
الأدوار، والمنافسة بتقديم أدوار يعجز الجيل الجديد عن تقديمها، وعدم خوض
مغامرات كوميدية، «تُرعب» المشاهد وتخيفه من حدة الانفعالات والضحكات
العالية.
الحياة اللندنية في
26/10/2012
وجهة نظر -
أسئلة حول واقع الكتابة... عن السينما
الدار البيضاء – مبارك حسني
على رغم ما يكتب هنا وهناك، ويقال في هذا الملتقى السينمائي وذلك
المهرجان، لا يمكن الجزم بتراجع المواكبة النقدية حالياً بعد تكاثر الإنتاج
السينمائي، فهي لم تختف قط، وقد باتت لها -ومنذ زمن طويل- أقلام معروفة
ومحدّدة ومواظِبة، وبات وجودها ملحوظاً وإن بشكل غير مستقر، وهناك بالتالي
كتابات كثيرة مدبّجة من طرف بعض هؤلاء النقاد المعروفين، في الجرائد وفي
المواقع المتخصصة، تحاول أن تقتفي آثار المنتوج السينمائي المغربي بشكل
حثيث وقريب. والأكيد أنه كان لا بد من تواجد هذا النقد بكثرة، وبشكل مداوم،
نظراً لهذه الطفرة الإنتاجية الملحوظة والكمّ المتراكم، فهي الوحيدة
الكفيلة بتجذير سينما حقيقية مبدعة وخلاقة، تساهم في الحركية الثقافية
والتوعية، وتساعد على رسم صورة حقيقية للبلد. حقاً اختفت الصفحات الأسبوعية
من الجرائد اليومية منذ أكثر من عشر سنوات، لكن هناك بعض المجلات التي تظهر
وتختفي بقوة الواقع، والمادةُ النقدية تواكب ظهورها بقدر أو آخر.
هذا من جهة، ومن جهة ثانية يوجد أمر يجب الإلحاح على إظهار تراجعه
فعلاً في هذا المجال المتميز، وهو المقال النقدي حول الأفلام، أي قراءة
الفيلم، فالنقد هو محاورة الشريط السينمائي وتحليله بغية إظهار الفكرة التي
تحدد مكمن إثارته وقوته ومدى تأثيره العاطفي، أو العكس، أي تبيان الخلل
الذي يحول دون إبداعيته ووصوله إلى القلوب والعقول، فيكون المقال نصاً،
وليس مجردَ عرض للبطاقة التقنية أو تلخيصاً لحكاية الفيلم، بل جدالاً
فكرياً بلغة نقدية وأدبية جميلة، أي نصاً على النص في تواز تام. هذا ما
ينقص حالياً، وهو ما يجب السؤال حوله والإجابة عنه.
ولا نظن أن غياب النقاد المتخصصين هو السبب، وإن كان العدد الموجود هو
ذاته ولم يتغير كثيراً، كما أشرنا، فالنقاد القلائل أنفسهم لا يزالون
يمسكون بجمرة السينفيليا، أوعشق السينما، بحكم الواقع الثقافي الذي لم يعد
ينتج نُقاداً يفكرون في الموضوع السينمائي. وهم جميعاً من خريجي النوادي
السينمائية، فجلّ الشباب حالياً يريد فقط أن يصير مخرجاً، ونادراً ما يفكر
في ممارسة النقد. كان الأفضل لو مارس النقد أولاً ليتمرس بالسينما كفن
إبداعي وكرؤية للعالم، كما رسّخ ذلك نقاد الموجة الجديدة في فرنسا، الذين
انتقلوا من النقد إلى الإخراج، وخلقوا تياراً سينمائياً قوياً أثّر في كل
الموجات السينمائية العالمية التي جاءت بعده، بل وثوّروا ما اصطلح عليه ذات
زمن بالسينما التجارية، ومن ضمنها السينما الأكبر، التي هي سينما هوليوود.
وفي الإطار المغربي، لدينا الجمعية المغربية لنقاد السينما، التي تلعب
دوراً بادياً منذ سنة 1995، وتضم نخبة هامة من نقاد السينما المغاربة،
وتواكب باستمرار المنتوج السينمائي، أحياناً بوتيرة أقل، لكنها حاضرة وتلعب
دورها الأساسي وإن لم تساعدها الظروف أحياناً، لِتشتُّت أعضائها في جل
أرجاء الوطن، واعتمادهم على قدراتهم الذاتية ومن دون معيل مادي عمومي، ففي
خلال السنوات السابقة، وبعد توقف مجلتها التي كانت تضم قراءات هامة في
الأفلام، اتجهت الجمعية نحو الحرم الجامعي، وفي هذا الصدد أدخلت الفيلم
المغربي في حقل الدراسة الأكاديمية عبر عقد ندوات فكرية رصينة ومحكمة، وهو
أمر بالغ الأهمية.
ومن خلال مثل هذه المبادرات العلمية والجامعية، يمكن حقيقةً ترسيخ
الممارسة النقدية، وذلك عبر المرور من قناة الطلاب وإبداء أهمية الكتابة في
السينما وحول الأفلام. إن محاورة فيلم لأشق من كتابة مقال سياسي أو اقتصادي
يتطلب فقط المعلومات والخبر. المقال النقدي تلزمه معرفة متعددة ومعاشرة
طويلة للمشاهدة الفيلمية، فالسينما حالياً هي التي تجعل العالم ما هو،
وتمنح شكل العيش وطرق السلوك، وترسخ الأيديولوجيا، أو أي فكر معين وموجَّه
في الأذهان.
وطبعاً تبقى الصحيفة والمجلة المتخصصة أهم وسيلة لإنعاش النقد
وتطويره، ولكي يكون الأمر كذلك لا بد من الدعم من طرف مسؤولي القطاع ومن
طرف المخرجين والسينمائيين أيضاً، الذين يجب أن يلحوا في وجودها لمصلحتهم
الفنية أساساً، وعدم الاكتفاء بطلب الدعم المادي فقط، فالسينما هي قاطرة
الإبداع الثقافي في المغرب الحالي، وكفى بذلك سبباً وجيهاً.
الحياة اللندنية في
26/10/2012
ايما واتسون:
هاري بوتر كان تجربة استثنائية
الياس توما
"وأخيرا أصبحتُ ممثلة" هذا ما قالته ايما واتسون البالغة من العمر 22
عاما عندما حصلت على أول دور تمثيلي لها بعد الانتهاء من عملها في سلسلة
أفلام هاري بوتر ولذلك احتفلت بشكل كبير بذلك لان المخاوف رافقتها لفترة
طويلة بأنها لن تمثل في السينما سوى ادوار الساحرة الصغيرة.
براغ: تؤكد الممثلة الإنجليزية الشابة ايما واتسون التي ولدت في باريس
بان تمثيلها في سلسلة أفلام هاري بوتر كانت تجربة استثنائية لا يمكن
مقارنتها بالفيلم العادي، مشيرة إلى انه في مثل هذا المشروع الكبير يكون
الممثل عرضة للتهديد بان الناس لن ينظرون إليه سوى عبر دوره فيه، كما أن
السينمائيين لن يعرضوا عليه مثل هذه الأدوار المختلفة.
وتضيف بان حظها كان كبيرا لان فيلمها الجديد"ذى بيركس أو بينج
وولفلاور" فتح الطريق لها نحو السينما العادية وأيضا بفضل ذلك وعت بأنها
تريد أن تكون ممثلة حقيقية.
الشهرة والثروة بفضل هاري بوتر
وتعترف ايما بان شهرتها تتأتى بشكل أساسي من الأدوار التي مثلتها في
سلسلة أفلام هاري بور وأيضا تدين لعملها في هذه الأفلام في تجميع ثروة
خيالية لم تكن تحلم بها يوما من الأيام إذ حققت منها دخلا بلغ نحو أربعين
مليون دولار غير أنها رغم ذلك لم تستسلم لإغراء الثروة وتوجهت إلى الجامعة
للدراسة فيها غير أنها فعلت ذلك بناء على رغبة أهلها لان والدها ووالدتها
أرادا أن يكون منها "شخصية ما ".
وترفض ايما الحديث عن هذا الجانب في حياتها مشيرة إلى أنها في البداية
كانت تتحدث للناس وللصحفيين عن ذلك غير انه جرى تحريف ما قالته واختلاف
أقوال لم تصدر عنها ولهذا قررت أن تترك ما يجري في الجامعة لنفسها مشددة
على حقها بالتمتع بخصوصياتها لوحدها.
المصورون يعقدون حياتي
لا تحتفظ ايما بعلاقات جيدة مع الصحفيين سواء فيما بتعلق بالشركاء
الحياتيين لها أو المحتملين شاكية من أن الصحفيين ضخموا عدد الأصدقاء الذين
صادقتهم بحيث لو صحت أقولهم لكن عددهم نحو 600 شاب وصديق.
وتشكو ايما من ذلك قائلة انه في كل مرة تكون برفقة شاب ما فان
الصحفيين يقدمونه على انه صديقي ولذلك لو أن الأمر صحيح على هذا الشكل
لتوجب أن يكون لي الآن ألف قصة غرامية.
وتكشف عن أن إعجابها يتجه عموما نحو النوع الممتع من الرجال وتحديدا
النوع الودود والمربى بشكل جيد والذكي والواثق من نفسه وأيضا وبشكل رئيسي
للنوع المحب للدعابة.
وتضيف إنني ابحث بين الرجال عن النوع الذي يجبرني على الضحك وأيضا من
المهم بمكان التربية التي خضع لها هذا الرجل، مشيرة إلى أن والدها صارم جدا
ويركز بشكل كبير على طرق التعامل والتصرف للإنسان ولذلك عندما ترى شخصا ما
يتصرف بشكل فظ تجاه الآخرين فهذا الأمر يمثل النهاية بالنسبة له لديها
لأنها لا تتحمل ذلك.
وترى أن الإنسان عندما يكون ودودا ويأخذ بالاعتبار الناس الذين من
حوله فهو إنسان هام، أما سبب رفضها للشباب الجميلين فتبرره بالقول انه
عندما يكون الشاب جميلا فان الإنسان يبدأ الشعور معه بالملل بعد 10 دقائق.
الأهل عاملوني كبالغة
تؤكد ايما أن أهلها قد علموها على الدوام كيف تكون مهذبة غير أنها لم
تعش طفولتها بشكل ممتع مشيرة إلى أن الأهل تعاملوا معها كبالغة حتى قبل أن
تجبر على التصرف كمحترفة عندما كان عمرها 10 أعوام وبدأت التمثيل في أفلام
هاري بوتر
وتضيف أن أهلي قد حدث الطلاق بينهما عندما كان عمري خمسة أعوام وفورا
أخذا يعاملاني وكأنني بالغة بما في ذلك شرب الكحول ولم يكن احد منهما ينزعج
عندما كنت في السابعة من عمري وأثناء تناول الطعام اشرب بعض النبيذ.
وتابعت أن والدي لم يكن يحب في أي وقت من الأوقات الأشياء الخاصة
بالأطفال فهو لم يقم في أي وقت من الأوقات في المطاعم مثلا بطلب الطعام
الخاص بالأطفال وكان يتوقع مني دائما أن أتحدث معه كبالغة.
وأشارت إلى انه أثناء تمثيل سلسلة أفلام هاري بوتر فإن أهلها لم
يدعموها بشكل خاص.
وتضيف صحيح أنهما كانا سعداء بحصولي على احد الأدوار الأساسية غير
أنهما رفضا بسبب ذلك أن يغيرا أسلوب حياتهما، مشيرة إلى أن أهل دانييل
وروبرت تركوا أعمالهم كي يكونوا بالقرب من أبنائهم أثناء التصوير أما أهلها
فلم يقدم احد منهما على فعل ذلك لانهما يحبان عمليهما.
إيلاف في
26/10/2012
صباح السبت
أوراق من دفتر
الجيب
مجدي عبد
العزيز
فقدت خلال الأيام الماضية الصديق العزيز المخرج المسرحي والممثل
الكبير هناء عبدالفتاح أحد أهم فنانينا،
حيث فارق الحياة علي إثر إصابته بأزمة
قلبية حادة وهو يعكف علي إعداد مجموعة من مشاريعه الفنية الجديدة.
وبكل أسف لم تحتف أجهزة الإعلام المسموع والمرئي بهناء عبدالفتاح
ولم نجد برنامجاً في الراديو أو التليفزيون يذكر عنه كلمة واحدة وهو الذي
كان
يمثل قيمة فنية لا حدود لها حيث كان فناناً
شاملاً ومثقفاً كبيراً وباحثاً
مهماً في علوم المسرح وله تجاربه الكثيرة في شتي فروعه كأستاذ أكاديمي
ومخرج
وممثل وناقد له آراؤه الجريئة.
ولمن لا يعرف هناء عبدالفتاح أقول إنه نشأ في أسرة تتميز بمستواها
العلمي والثقافي في محافظة الشرقية وعشق الفنون بكل فروعها وألوانها وتزوج
من
السيدة »دوروتا«
البولندية ولعب دوراً مهماً
في نشر الثقافة البولندية في
مجال المسرح التجريبي وجاء بعدة فرق لتقدم عروضها في المهرجان التجريبي
الذي كان
يقام سنوياً برئاسة د.
فوزي فهمي أحمد وكان يمثل نافذة ثقافية مهمة قبل أن يتم
اغتياله وتلغي عروضه وتنتهي فعالياته وتخسر مصر علماً
كان يرتفع سنوياً فوق كل
مسارحها خلال أيام وليالي المسابقات الناجحة..
وكان هناء عبدالفتاح ممثلاً
له
ملامحه الخاصة وقد لمع في العديد من الأعمال السينمائية والتليفزيونية وكان
آخرها
في رمضان الماضي عندما شارك في بطولة عملين مهمين للشاشة
الصغيرة حيث رأيناه في
مسلسل »فرقة ناجي عطا الله«
مع عادل إمام في دور
»إيلي مزارحي« صاحب المطعم
الشهير الذي كان يتردد عليه »ناجي عطا الله«
في تل أبيب ثم قدم دوراً
آخر
شديد التميز في حلقات »الصفعة« إخراج مجدي أبو عميرة حيث جسد شخصية
»الخواجة«
الذي يعمل لصالح الوكالة اليهودية منذ هجرته من مصر إلي إسرائيل عقب
العدوان الثلاثي علي مصر..
وحصل الفنان الراحل هناء عبدالفتاح علي عدة جوائز
محلية ودولية وقد تدرج في سلك التدريس بأكاديمية الفنون ونال
درجة الدكتوراة وظل
يعتز بعمله الأكاديمي وممارسته للإخراج والتمثيل حتي آخر يوم في حياته.. إن
هناء
عبدالفتاح يستحق تكريم الدولة وإطلاق اسمه علي إحدي قاعات مسارح الدولة
ولابد أن
تخصص له أكاديمية الفنون جائزة سنوية تمنح باسمه لأوائل قسم
التمثيل والإخراج
بالمعهد العالي للفنون المسرحية وياليتنا نخطط من الآن للاحتفاء بهذا
الفنان
المحترم في ذكري الأربعين لرحيله حتي لا نظل في حالة توهان أمام سيرة رجل
من رجالات
المسرح اللامعين الذين عملوا في صمت ورحلوا أيضاً في صمت.
<
أمضيت أوقاتاً ممتعة مع كتاب
»الفيلم السياسي في مصر«
لصديقي العزيز الناقد والباحث السينمائي القدير محمود قاسم وهو عمل علمي
يستحق
التهنئة عليه، وقد بذل فيه جهداً كبيراً
للتعريف بالمعني الحقيقي لمفهوم
الفيلم السياسي والفرق بينه وبين الفيلم التاريخي وإلي أي مدي قام الفيلم
السياسي
برصد تطور حركة المجتمع عبر ثوراته المختلفة وانتقاداته
الشعبية وكيف عبرت عن ضمير
الأمة في لحظات الانتصارات والانكسارات ومظاهر التحول التي طرأت علي حياة
الناس في
ظل أنظمة الحكم المختلفة التي توالت علي مصر والتي انعكست آثارها علي ما
أفرزته
أفلامنا الروائية خلال القرن العشرين وحتي الآن في العقد
الثاني من القرن الواحد
والعشرين.
إنني أهنئ العزيز محمود قاسم علي هذا الكتاب الذي هو بحق وثيقة
سينمائية يحتاج إليها كل الدارسين والباحثين والمتخصصين في الفن السينمائي
،فالكتاب يقع في
١٥٣ صفحة تتكون من
٧٢
فصلاً تتناول عناوين مهمة في حركة
التأريخ لمراحل مهمة كانت سبباً
في ازدهار الفيلم السياسي في مصر منذ فيلم
»لاشين«
ومروراً بمرحلة الملك فاروق ثم القضية الفلسطينية وقيام ثورة يوليو
بإيجابياتها وسلبياتها وحكم الرئيس عبدالناصر وما شهدته تلك
الفترة من أحداث سياسية
ساخنة حتي نكسة يونيو
٧٦٩١
ووصولاً إلي نصر أكتوبر
٣٧٩١ وسنوات حكم الرئيس
السادات إلي آخره من موضوعات أخري تتعلق بأنشطة البوليس السياسي والمعتقلات
وعلاقة
السينما بقصص الجاسوسية وكيف كان الحال في حكم مصر خلال الثلاثين عاماً
الأخيرة
التي شهدت فترة حكم المخلوع حسني مبارك بثورة شعبية هي بكل المقاييس تمثل
صحوة
أمة، كانت السينما خلالها شاهدة علي عصر امتزجت فيه
مفردات الأمل بالقسوة والغضب
بالطموح والكراهية بالحب والفساد بالشفافية والفقر والجوع بالعيش والكرامة
والعدالة
الاجتماعية والاستبداد والديكتاتورية بالديمقراطية والإرادة الشعبية حتي
تحقق الحلم
بميلاد مصر الجديدة التي بشرت بها مجموعة مهمة من أفلامنا
السينمائية التي نبهت
وحذرت وشحذت الهمم للصحوة الكبري التي استجاب لها القدر وصنعها الله سبحانه
وتعالي
بأيدي شبابنا وشهدائنا الأبرار وحمتها قواتنا المسلحة الباسلة التي هي ملك
هذا
الشعب العظيم..
كتاب
»الفيلم السياسي في مصر«
شهادة إبداع يتوج بها ناقدنا
القدير والكبير محمود قاسم سلسلة دراساته وأبحاثه التي أفني
فيها أحلي سنوات عمره
وأصبح فيها قلمه وفكره وعلمه بمثابة جسر ممهد وآمن لعبور كل المهتمين
بقضايا العمل
السينمائي من الهواة والدارسين الأكاديميين والنقاد والباحثين الذين غاصوا
في
هموم الوطن وفتحوا أخطر ملفاته السياسية ولم تغب أفلامنا السينمائية
السياسية عن
تفكيرهم لحظة واحدة وهم يتحدثون عن الواقع بحلوه ومره بمنظور
صادق وموضوعي.
أخبار اليوم المصرية في
26/10/2012 |