من جنوب شرق آسيا، وتحديداً الفيليبين، يأتينا بريانتي مندوزا. 52
سنة، وأكثر من عشرة أفلام في رصيده الى الآن. لا يتعب ولا يضجر. يملك
القدرة على العمل السريع والمشغول اشتغالاً مينيمالياً جيداً. من أفلامه
المهمة: "خدمة" (2008) حيث تطرق الى دعارة شباب، معظمهم قاصر، يعملون داخل
السينما. جرى طرح مسألة الاخلاق من دون الدخول في مناقشة ما اذا كانت هذه
التجارة شرعية أم لا. سأل مندوزا: "ما هي الأخلاقية أو الشرعية في مجمتع
فقير حيث المعيشة نضال يومي؟". مع "كيناتاي"، العام التالي، صنع فيلماً
دموياً مقززاً، يرينا مجموعة رجال يقطّعون طالبة في مادة علم الجريمة، فنال
عنه جائزة الاخراج في مهرجان كانّ 2009.
في "أسيرة" (2012)، يسرد مندوزا عملية خطف نظمتها في الفيليبين جماعة
أبي سياف، عام 2001، قبل أشهر قليلة من 11 ايلول. أهم ما في هذا الفيلم ليس
انخراط مندوزا في قضية تطرف ديني قد يُفهم خاطئاً، انما اسناده دور البطولة
الى ايزابيل أوبير، التي تعرف إليها في كانّ يوم كانت رئيسة لجنة التحكيم.
أوبير، على رغم أدائها الممتاز، تقف شهرتها عائقاً بينها وبين الدور. عمل
مندوزا، الذي لا ينتهي من انجاز فيلم حتى يبدأ بآخر، مرتبط عضوياً بذاته:
لإضفاء الواقعية على الشريط، اقدم على جعل ابطاله في وضع مماثل لذلك الذي
وضع فيه الارهابيون الناس الحقيقيين اثناء اختطافهم. لم يلجأ مندوزا الى
سيناريو تقليدي، بل الى أفكار وشذرات واطراف حوار من وحي الحادثة، فقدم
خطاباً عن التعصب الاسلاموي الذي أوقع عقيدة دينية في حضن العمل المسلح.
أما في "رحمة"، الذي عُرض في مسابقة مهرجان البندقية ايلول الماضي،
فيستند مندوزا الى واقع معيش، والى بيئة لها وجودها في الفيليبين، والى
طقوس وتقاليد تسمح للشريط بأن يتحول الى بحث أنتروبولوجي، متجاوزاً الحكاية
البسيطة التي يرويها. لم يتوان مخرجنا عن اظهار الوجوه المتعددة للثقافات
والاديان في بلاده، فاقتحم هنا بيئة لها خصوصيتها، من تلك التي لا تذوب في
العولمة والصورة الحديثة لدنيانا. هذه الحياة شبه البدائية، يصوّرها
أحياناً بحنان، وأحياناً بقهر وقسوة، ولكن دائماً بواقعية متطرفة وقدرة
عالية على نقل صعوبتها ومعضلاتها اليومية المتكررة. في الآتي، حوار مقتضب
مع مندوزا اجريناه في الدورة الأخيرة من مهرجان مراكش.
·
¶
أنجزتَ أكثر من عشرة أفلام في السنوات السبع الأخيرة من حياتك. هذا
شيء مدهش فعلاً. يقال ان الفكرة تستغرق لحظات كي تولد في رأسك، وكذا
بالنسبة إلى قرار انكبابك على تصويرها. ما الجانب الصحيح خلف هذه الأقاويل؟
- (يبتسم). عندما تكون مشاهداً تتابع الأفلام على الشاشة، فأنت
جزء من الجمهور، ولا تعرف ما هي مشكلات الانتاج التي تقف حائلاً بينك وبين
الفيلم. ولكن عندما تبدأ بانجاز الأفلام، تدرك كم هذا الوسيط يمكن ان يبدل
حياة الانسان ويؤثر فيها. وهذا ما استخلصته عندما بدأت. لاحظتُ أنه يمكنني
ان آخذ المشاهد الى مستويات اخرى من خلال السينما. عندما تمتلك هذا القدر
من القوة كمخرج، يمكنك ان تتجاوز كل العقبات. تدرك ايضاً انك لستَ الوحيد
يعاني من مشكلات جمة، فما تعاني منه هو ايضاً الخبز اليومي لمخرجين مختلفين
من انحاء العالم. فأنت مجبر على استخدام الموارد المحدودة التي في تصرفك.
أنا شخصياً، بدأتُ في عمر متأخر قليلاً، اذ كنتُ في الخامسة والأربعين
عندما انجزتُ أول فيلم لي كمخرج، وهذه الرغبة في الافادة من الوقت الباقي
لديَّ، هي التي دفعتني الى انجاز فيلم بعد آخر.
·
¶
سينماك اختبارية أحياناً...
-
باختصار، احاول أن أختبر اشياء كثيرة، وهذا ما افعله حالياً مع
وثائقيّ اعمل عليه منذ ثلاث سنوات. أما بالنسبة إلى ما يقال عن طريقة شغلي
المرتجلة، ففي الحقيقة هناك تحضير مسبق للتصوير. لا بل أحضّر كثيراً،
وأُجري الابحاث. لكني اعرف لماذا يقال عني هذا الشيء: فأنا لا أُري النصّ
المكتوب للممثلين، بل احتفظ به لنفسي ولمساعدي ولباقي فريق العمل. هذا لا
يعني أنني لا اخبرهم بما يتضمنه الفيلم. أنا احيطهم علماً بملامح الشخصية
وبالرؤية الشاملة للفيلم في الاتجاه الذي يذهب اليه. لكنني، في المقابل،
امتنع عن اعطاء المزيد من التفاصيل، خشية أن يتبدد الجانب العفوي للفيلم.
احبّ الطبيعية في العمل السينمائي. الوصول الى قدر معيّن من الطبيعية
والعفوية ليس سهلاً، بل يتطلب التزاماً كبيراً من جانب الممثلين وجهداً
بالغاً من جانبك لالتقاط عفويتهم. طبعاً، أهم من هذا كله هو الثقة، الثقة
التي يضعها الممثل فيك. والثقة شيء متبادل.
·
¶
انتَ تستعين بممثلين غير محترفين في معظم الأحيان، أليس كذلك؟
-
هناك الكثير من الممثلين المحترفين في أفلامي، لكن هناك اعتقاد
سائد بأنهم ليسوا كذلك. طبعاً، لم اتعامل مع نجوم باستثناء ايزابيل أوبير.
احاول الخلط بين المحترفين والهواة. هذا ايضاً يعود الى كوني ابحث عن نمط
طبيعي في العمل.
·
¶
الغريب انك استعنت بأوبير في أكثر فيلم كنا نحتاج فيه إلى أن نتوحد مع
الشخصية الأساسية التي تضطلع بدورها أوبير. ذلك أن الفيلم يستند الى عملية
خطف قامت بها جماعة أبي سياف الارهابية. فنحن نعلم ان الاستعانة بممثلة
معروفة تصعّب تماهينا مع دورها...
-
كمخرج، عليك أن تحاول أشياء أخرى. يجب عدم الانحصار في شيء
واحد. والا أصبح ما تنجزه متوقعاً. خصوصاً في حال مثل حالتي حيث انني أنجز
فيلماً أو فيلمين كل عام. فالتحدي أكبر واصعب. والتعاون مع أوبير كان وجهاً
آخر من وجوه التعامل مع السينما. أقولها بصراحة، فأنا تعلمتُ من هذا
التعاون كثيراً. طبعاً، من دون ان أخسر احتمال أن أقول الحكاية بصدق. في
حال "أسيرة"، كانت هناك فعلاً سيدة فرنسية تعرضت للخطف على يد جماعة أبي
سياف، لذا كان هناك تقارب بين المنحى الخيالي والمعطى الواقعي.
·
¶
تعاملتَ دوماً مع قضايا حساسة في المجتمع الفيليبيني، من المثلية
الجنسية الى الارهاب مروراً بالدين الذي احتل مكاناً مهماً في أفلامك...
-
استقي حكاياتي من الواقع الفيليبيني. المدرسة التي انتمي اليها
هي مدرسة البحث عن الأشياء في قلب البيئة التي اعيش فيها. هذه مدرسة تمنح
الحياة الأهمية الاولى. الحياة الفيليبينية هي القاعدة الأساسية لعملي.
عندما تعمل وفق هذا المنطق، لا بد أن تحاط بكل العناصر التي تجعل فيلمك
واقعياً. ما أُريه في أفلامي هو ما يحصل في بلادي الفيليبين. الأفلام
الفيليبينية الأخرى تتعامل مع القشرة، فيما أنا اغوص في العمق. لستُ مهتماً
بكل ما لا يمت إلى الواقع الاجتماعي بصلة.
·
¶
هناك جانب انتروبولوجي في فيلمك الأخير "رحمة"، متأتٍ من هوسك بحمل
صورة أكثر من جماعة فيليبينية الى الشاشة...
-
أنا مهتم بما يجري في مناطق مختلفة من الفيليبين. اسمّيها
"مناطق" لأن الفيليبين بلد لديه خصوصية في هذا المجال. كل منطقة أو جزيرة
مختلفة عن الاخرى. يهمني كثيراً اكتشاف ملامح كل واحدة منها. بعدما انجزتُ
"رحمة"، أدركتُ كم ان الثقافة السائدة في المنطقة التي صورت فيها رائعة
ومثيرة. مع العلم أنني لم ادرج ثقافة تلك المنطقة في الفيلم، حباً
بالاستعراضية، بل لتشكل عنصراً حكائياً تخدم القصة. حاولتُ أن استفيد من
تلك الثقافة كي أروي قصصهم.
·
¶
لماذا ركّزتَ على الدين في ثقافتهم؟
-
لأن الدين، بكل بساطة، جزء من حياتهم اليومية. كما هو جزء من
حياتنا ايضاً.
·
¶
لكن، أنتَ لا تصور ببراءة تلك المشاهد: المسافة التي تصور منها
الأشياء والنحو الذي تلتقط به الواقع، يحتّمان عليك امتلاك وجهة نظر تتضمن
ادانة...
-
لستُ موافقاً على هذا الطرح، لسبب بسيط انني لا أُري اي شيء في
الفيلم ليس مطابقاً للواقع. ممارسات وثقافات تشكل عنصرا حياً في وجودهم
اليومي. اظهرتُ كيف ان مسيحيين ومسلمين يعيشون بتناغم على تلك الجزيرة. لم
اخترع شيئاً غير موجود.
·
¶
لماذا اهتممت بالارهاب. ما الذي اخذك اليه؟
-
اجريتُ ابحاثاً ووجدتُ ترابطاً بين الحكومة الفيليبينية
والعسكر والارهابين، وهذا ما جعل المشروع مثيراً. في قضية أبي سياف، كنا
نكتفي الى الآن بما نراه في وسائل الاعلام، وفجأة رحنا نغوص اكثر، فوجدنا
ان ليس كل ما نعرفه عن هذه القضية صحيحاً. الأمر لا يتعلق بمجموعة ناس
يتعرضون للخطف. المسألة ابعد من هذا. لذا بدأتُ اهتم أكثر بمسألة أن يقاوم
الانسان الموت عندما يكون في وضع مماثل للوضع الذي كان على المخطوفين
مجابهته. اردتُ أن أظهر الكلّ كضحايا، حتى الارهابي في نهاية المطاف ضحية
فكره المتطرف والقضية التي يعتقد انه يخدمها. العسكر بدورهم ضحايا لأن ما
يحركهم هو تعليمات مَن يوجه اليهم الأوامر. كلنا ضحايا ولسنا فقط اسرة.
وتوصلتُ الى هذا من خلال الابحاث التي اجريتها، اذ جعلتني ارى الأمور من
منظار مختلف.
hauvick.habechian@annahar.com.lb
السعودية هيفاء المنصور تؤكد ان السينما ليست شراً!
الكاميرا في السعودية تصوّر الناس. سعوديون ينظرون الى العدسة، بعد
أكثر من قرن على ولادتها في العالم. هذه السينما غابت الى الآن لاسباب
متعلقة بالقوة الشرائية واللهجة الخليجية وضآلة عدد السكان في الخليج.
وخصوصاً بسبب الايديولوجيات المتشددة التي لم تُنتج في ظلها الا اعمال
نادرة جداً اهمها الفيلم البحريني "بس يا بحر". مع تبدل العوامل
الديموغرافية وانطلاق مسار الانفتاح، بدأت رحلة بعض السينمائيين السعوديين.
من وطن بلا سينما تأتينا اليوم سينما بلا وطن، متشردة وقد تسكعت طويلاً في
بلدان غربية. هيفاء المنصور أول مخرجة سعودية. هي واحدة من اثني عشر ابناً
وبنتاً للشاعر السعودي عبد الرحمن المنصور. امتشقت الكاميرا وحملت على
عاتقها نقل الصورة الحقيقية للمرأة السعودية عبر الوسيلة السينمائية، بغية
كشف عورات محيطها الانساني وقلب معاييره الجامدة في مجتمع ينظر بعض أهله
الى السينما كما لو انها نوع من الشر. في فيلمها القصير الاول "مَن"، طرحت
المنصور قصة "السفّاح" الذي أُشيع أنه "إمرأة" قبل أن يتبين أنه رجل متنكر
في زي إمرأة محجبة. هذه القصة عنت الكثير لمنصور لأنها تعكس غياب هوية
المرأة، وتشير إلى إستغلالها حتى في موضوع القتل. الفيلم الروائي القصير
الثاني لمنصور، "الرحيل المر"، يتحدث عن التغريب بمفهومه الأوسع، ويتمحور
على شاب سعودي بسيط يجيد الغناء والشعر، فيهاجر بحجة الدراسة ولا يعود.
تصور المنصور في هذا الفيلم الاشياء الكثيرة التي ضاعت بسبب النزوح من
القرى إلى المدينة.
في "نساء بلا ظل"، تناقش المنصور قضية المرأة في المجتمع السعودي،
وعلاقتها بالرجل، والاشكالات الثقافية والفكرية، وموقف الدين من قضيتها،
كما يتناول المسائل المتصلة بعمل المرأة وقضايا الاختلاط والزواج وحرية
الاختيار. أتاحت المخرجة الكلام لنساء لا يحق لهن الظهور والتعبير عن
أنفسهن، وأثارت مسألة صعوبة تصوير الواقع. لكن ما الذي دفع بهيفاء المنصور
التي نالت شهادة في الادب الانكليزي الى تبنّي الكاميرا أداة للتعبير، في
مجتمع تحيط بالصورة مفاهيم خاطئة جداً؟ الجواب ربما في "وجدة"، فيلمها
الروائي الطويل الأول، الذي عُرض في مهرجان البندقية الأخير. وجدة فتاة
حالمة، مثلها كثيراتٌ في الرياض ومدن أخرى. فهل تنجح المنصور في رهانها:
اقتحام خصوصية المجتمع السعودي، يعيداً من كل الممنوعات؟
من خلال "وجدة"، الذي نال جائزة المهر لأفضل فيلم روائي عربي طويل،
تمنح المنصور المرأة السعودية حقّ الكلام والوجود على الشاشة في دولة تمنع
عنها أبسط الحقوق: قيادة سيارة. على صعيد السينما، كلّ شيء يبدأ من الصفر
في المملكة، ولاسيما عندما يتعلق الأمر بتعميم الثقافة السينمائية
والانتقال من النظري الى التطبيقي. نظرة مخرجتنا هنا تبقى مسجونة في اطار
لعبة كشف المستور وادانته بطريقة، وحدها هي تعرف كيف تبرره. المشكلة، حينما
تتعلق المسألة بالحديث عن وضع المرأة في بلدان مثل السعودية، تكمن في تغلب
التيمة على العناصر الأخرى، فيتحول المشروع برمته الى محاكمة، لا تخرج منها
الا جملة شخصيات "معطوبة" تنال حصة الأسد من العتب واللوم، في حين يكون
"المرض" والعاهة في أماكن أخرى لا تلقى أي اهتمام من جانب المخرج.
فيلم المنصور ليس بعيداً من هذا كله، فهو يذهب الى منتصف الطريق، قبل
ان يعود ادراجه، سواء عندما يكون عليه الغوص في اعماق الشخصية أو في اظهار
الجانب الظلامي للاسلام المتجسد في "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر". يبقى "وجدة" فيلم وجدانيات، يحمل نبلاً نسوياً خاصاً لا يُترجم
بأفكار سينمائية طليعية، لا تزال السعودية بحاجة اليها. يحاول الشريط أن
يكون قفزة نوعية الى مكان آخر من سيرة "السينما السعودية" التي لم تبدأ
بعد. والحكم للمُشاهد.
حكاية أميركية
هـ. ح.
تحفة سينمائية جديدة لبول توماس اندرسون قريباً على الشاشات بعدما تم
تجاهلها في ترشيحات الـ"غولدن غلوب": "المعلم" حكاية رجل اسمه لانكستر دود،
يمنح نفسه، في خمسينات القرن الماضي في أميركا، صفة الطبيب والكاتب
والعالم. تتيح له نظرياته الفيزيائية اعطاء معنى آخر للوجود. اختراعه خليطٌ
من الأشياء: صوفية، علم، روحانيات، علم نفس. هذا اللقاء بين المعلم وأحد
تلاميذه (يواكين فينيكس) يصوره ب. ت. اندرسون بالكثير من الحسية، فيه كبت
قاتل وسد لفراغات من الجانبين، وفيه ايضاً الكثير من المسكوت عنه.
اربع سنوات بعد "ستكون هناك دماء"، يعود بول توماس أندرسون بحكاية
أخرى من تلك الحكايات الأميركية التي يعرف كيف يسردها والى أي مصاف جمالي
وفلسفي يرتقي بها.
يمتلك "المعلم" ("الأسد الفضة" في مهرجان البندقية الأخير) كل الأدوات
والموارد التي تتيح له أن يفرض نظرته: لحنٌ خلاّق، اخراجٌ يتضمن احالات
جذابة على لحظات ملهمة، والأهم من هذا كله، هناك في تصرف المخرج مجموعة من
الممثلين، في مقدمهم فيليب سايمور هوفمان ويواكين فينيكس اللذان نالا جائزة
أفضل تمثيل في البندقية.
"المعلم"، الذي اختار اندرسون أن يصوّره بفورما 70 ملم، يذهب
بنا الى خمسينات القرن الفائت: لانكاستر دود طبيب وفيلسوف يمتلك نظريات
خاصة في فهم الحياة والوجود. هذا الرجل سيكون مؤسس ديانة السيانتولوجيا
(النصّ لا يتطرق اليها مباشرة) التي ستجد رواجاً معيناً في أميركا الباحثة
دائماً عما هو مستجد ومثير.
دود يلتقي فريدي، الشاب شبه المعتوه الذي تركت مشاركته في الحرب
العالمية الثانية اضراراً جانبية في نفسه. يصوّر اندرسون تصادمهما المتكرر
والتجاذبات التي ستنشأ من هذه العلاقة بين الرجلين.
خلافاً لفيلمه السابق الذي طرح من خلاله ولادة أميركا الحديثة، بين
نهاية زمن اكتشاف الغرب وبدايات الانهيار الاقتصادي، لا يخرج بطله الجديد
من جبّ الارض، بل ينزل علينا من السماء. المعلم نقيض بلاينفيو (دانيال داي
لويس) الذي يعتبر إنتاج قرن دام ولدت من رحمه الحرب الأهلية الأميركية. لكن
المكان حيث يلتقي بلاينفيو والمعلم هو مسيرة البحث عن الحرية التي تفضي الى
التسلط والطغيان. ما يميز هذا الفيلم، انه ليس من وجهة نظر حقيقية حيال
الواقع الذي يصوره، وهذا ليس بالشيء السيئ في حال مثل حال "المعلم".
المسافة بين الطرفين تكاد تنعدم، اذ لا علاقة بين مَن يقف خلف الكاميرا
ومَن أمامها. لا يظهر اندرسون أي عاطفة حيال شخصياته، ولا يبدي اهتماماً
كبيراً بالسلوك الذي يدين ويحاكم.
هذا كله يتيح للمخرج التحليق عالياً في الجانب التشكيلي للفيلم:
تقطيع، تعبئة وتفريغ، شغل ممتاز على الشريط الصوتي. في النهاية، نسأل
أنفسنا اذا كان المعلم قبالة الكاميرا أم خلفها أم في المكانين!
النهار اللبنانية في
20/12/2012
«الغرفة
237» لآشر .. لعنة تفكيك كيوبريك
زياد الخزاعي
(لندن)
في العام 1980، عرض ستانلي كيوبريك (1928 ـ 1999) نصّه الإشكاليّ «ذي
شاينينغ» (تُرجِمَ خطأً بـ«اللمَعَان» و«البريق» و«السطوع»، فيما الأقرب هو
«الإشرْاق»، أي تمكّن شخصين من التخاطر بشأن رؤاهما حول سفك الدم) الذي
اشتهر بسرعة، وحَظِي بمديح نقدي، وعاصفة من الاعتراضات في آن واحد، بما
فيها تصريح كاتب الرواية الأصلية ستيفن كينغ، الذي اعتبر الاقتباس خائباً.
على الرغم من ذلك، أصبح الفيلم إيقونة سينمائية. وجد جمهور الثمانينيات في
حكاية التفزيع السايكوباثي ـ التي ترصد تحوّلات كاتب مغمور يقرّر الإنعزال
في فندق جبليّ يُغلَق مع انتهاء موسم الاصطياف، وانقطاعه عن سُبُل العباد
والمواصلات بسبب الثلوج ـ مناسبة لامتحان قدرة صبرهم على معايشة كائن
عُصابيّ، يرى أشخاصاً من زمن غابر، يحرضونه على تصفية ابنه الصغير وزوجته،
قبل أن يتجمّد وسط متاهة شهيرة في حديقة خلفيّة للفندق.
عدّ النقّاد والصحافيون الاشتغال الصُوري، الذي فجّره تبصّر كيوبريك
بمساعدة أساسية من مدير التصوير المميّز جون ألكوت (خصوصاً اللقطات
التتابعيّة المدهشة، المُنجَزة بتقنية غير مسبوقة عرفها العالم لاحقاً باسم
الـ«ستديكام»، من اختراع المُصوِّر الأميركي غاريت براون)، ثورة في عقيدة
السينما وتقنياتها، التي لا تتمّ ولاداتها إلاّ بفطنة مخرجين انقلابيين من
نوع كيوبريك. مع هذا، شنّ مريدو الكاتب كينغ هجوماً مريراً على ابن
نيويورك، متّهمينه بتجريد النصّ من روح الرعب وتداعياته الذي ميّزته، كما
هي حال نظيره «كاري» (1976) تحديداً. وقسا آخرون عليه، واصفين الفيلم بأنه
«عمل كسول»، وكبوة إبداعية لا ترتقي إلى موهبة مخرج «القتلة». هذه العناصر
ترد تباعاً عبر شهادات أكاديميين ومشاهدين ممسوسين بالفيلم، ممن انتقاهم
المخرج رودني آشر في فيلمه الوثائقي الاستقصائي «الغرفة 237» (102 د.)،
الفريد في نوعيته، والحيوي في خطابه السينمائي، إذ وضع إحدى كلاسيكيات
«ثقافة البوب الغربية» تحت تمرين تفكيكيّ، استهدف إشارات بصريّة كثيرة
بثّها كيوبريك في إطار مشهديات أنيقة. سعى آشر وضيوفه، بعناد واستفزاز، إلى
ترتيب أفكارهم وشروحهم لتلك الرموز، وإعادة أصولها ومغازيها ومكوّناتها
السياسية والتاريخية.
يُمكن القول، درءاً لأي التباس، أن فيلم آشر، المختلف والنابض، بمثابة
اقتراحات وخطوط عامة، بعضها يدعو إلى التأمّل، وبعضها الآخر يدفع الى
التندّر. لن يُقارب مُشاهد «الغرفة 237» حجّته ما لم يتعرّف مسبّقاً على
حكاية فيلم كيوبريك، ويندمج ببنائها وتقسيماتها وديكوراتها وحركة الكاميرا
فيها، وشخوصها الذين يداورون الجريمة المقبلة، ويستدعونها من ماضٍ غامضٍ
ودمويّ، كي يقف عند مقاربة مخرج «لوليتا» (1962)، القائلة إن سحن الأشرار
لن تختلف مع مرور الأزمان والتواريخ والأعراق. يتيقّن المُشاهد أن السجال
الذكي، الذي قدّمه أحد الأكاديميين ممن استأنس آشر بأرائهم، بشأن موقف
كيوبريك من محرقة النازيين، التي عكست التزامه الوجدانيّ كيهوديّ منها، هو
كسب معرفيّ صاعق، يقترب إلى حدود اللعنة، ويفتح مغاليق إيديولوجية طالما
ظلّت ملتبسة، مع إصرار المخرج الراحل على استبعاد موقفه ذاك من أولويات
نشاطاته. يتمثّل الأمر باستخدام جاك (جاك نيكلسون) آلة طابعة تحمل عنوان
صنف تجاريّ يُسمّى «النسر» بالألمانية، وهو معروف كشعار نازيّ، لكتابة
روايته التي لن يُنجزها كمتن أدبي، بل كجملة فريدة: «كثرة العمل ولا لهو
يجعلان من جاك فتى ضجراً»، رابطاً بذلك تولّد الكائن الدمويّ في كيانه
وإرهابه عائلته لاحقاً. إلى ذلك، يكشف آشر عن إشارات أخرى بثّها كيوبريك
حول المجازر العنصرية للمستعمرين البيض ضد السكان الأصليين لأميركا
الشمالية، ومثلها «تهكّمه» وشكوكه من الإنزال الأميركي الشهير على القمر،
بالإضافة إلى كَمّ من الغمزات الإباحية. تزامناً مع هذا الفيلم، عرض «معهد
الفيلم البريطاني» نسخة مُرمَّمة لعمل كيوبريك، بإضافة 24 دقيقة جديدة.
السفير اللبنانية في
20/12/2012
ثورتا مصر واليمن بعدسات ثلاث مخرجين اوربيين
أمستردام - محمد موسى
نالت ثلاث أفلام تسجيلية يقف خلفها مخرجين اوربيين وتقدم قصصا ومشاهدات من
ثورتي مصر واليمن، على نصيب وافر من الإهتمام عند عرضها في عام 2012، فهي
وبالإضافة الى إنها تندرج تحت فئة الأعمال التي تدون ماحدث في المدن
العربية في زمن إنتفاضاتها، والتي مازال الجمهور العربي وغيره مُتَشّوق لها
كثيرا، تُشّكل تلك الأفلام، وبسبب خلفيات المخرجين الذين يقفون خلفها،
إضافة نوعية مهمة لمجموعة الأفلام التسجيلية التي وثقت أحداثا من الثورات
العربية، لتَخلصّها فنيا وموضوعيا من المحظورات التي تثقل أكتاف كثير من
المخرجين والمخرجات العرب. فهذه الأعمال التسجيلية لم تخضع لرقابة أثناء
تصويرها (إثنان منها صورا بعد إنهيار الجهاز الأمني في مصر، والآخر صُوّر
بالسّر باليمن وبدون علم الأجهزة المختصة)، كما إنها وبسبب جهات إنتاجها
الأجنبية لم تعاني من سلطة الأجهزة الرقابية العربية في مراحل ما بعد
الإنتاج، الأمر الذي منحها طزاجة لافته، لمقاربتها التلقائية الصادقة لبعض
ما يجري في مدن عربية، وتسجيلها لحياة ناس من أبناء المنطقة وهم يواجهون
الحدث الأكبر في حياة كثير منهم، كاشفة في الوقت نفسه عن تعقيد وعمق
الأزمات الذاتية والعامة لتلك الشخصيات ونفوذ القوى الإجتماعية والدينية
التي تعرقل طريق أي تغييرات جوهرية في البلدان العربية، من التي شهدت
الثورات ضد النظم السياسية القائمة فيها.
الأفلام الثلاث هي : "العودة الى الساحة" للمخرج التشيكي الأصل بيتر
لوم، والذي يرافق فيه شخصيات مصرية متنوعة بخلفياتها الإجتماعية، في الزمن
الذي أعقب تنحي الرئيس المصري السابق حسني مبارك وبدء الثورة الجديدة
لمصريين ضد النظام العسكري، والذي يحكم مصر منذ نهاية عهد مبارك وحتى زمن
توقف تصوير الفيلم في نهاية عام 2011، فيلم " تحرير" للمخرج الايطالي
ستيفانو سافونا، الذي يسجل بدوره الأيام الإولى الحاسمة للثورة المصرية
وإلى تنحي مبارك، فيلم "الثوري المتردد" للمخرج البريطاني شون مكاليستر،
والذي يقدم عملاً صادماً عن الثورة اليمنية، يرافق المخرج يمني شاب من
الطبقة الوسطى والتحولات التي تمر عبرها هذه الشخصية في وقت إنطلاق
المظاهرات ضد السلطة ، مسجلاً في الوقت نفسه حراك الشارع وثورته، إذ كان
المخرج هناك في واحد من أكثر ايام الثورة اليمنية حلكة وعنفاً، عندما قام
النظام هناك في الثامن عشر من شهر مارس من عام 2011 بإطلاق النار على
مدنيين في ساحة التغير في العاصمة اليمنية صنعاء.
هناك الكثير الذي يجمع الأفلام الثلاث، فمخرجيها إتجهوا للمنطقة دون
أي خطط مسبقة، عدا تسجيل الأحداث المتلاحقة التي بدأت في تونس قبل أن تنتقل
الى دول أخرى، لتكون افلامهم هذه في مجملها تفاعل مستمر شخصي وإنساني مع
الشخصيات التي سيقابلوها هناك، أكثر منها أرشفة للأحداث تاريخيا او تقديم
صورة بانورامية، سياسية – سوسيولوجية، للفترة الزمنية التي غطتها الأفلام.
كما لم تقم تلك الأعمال بدفع شخصياتها الى أي وجهات، للوصول إلى خلاصات
مثلا او بتهيئة الظروف لمواجهات بين أفراد يقفون في مواقفهم على النقيض.
وجدت تلك الأفلام تلك في التطورات والتحولات التي مَرّت بالشخصيات التي
قابلوها وإنعاكس العام على الخاص المادة الدرامية الكافية لتأجيج اعمالهم
بروح تلك الأيام. كما إن هذه الأفلام شهدت ولادة ثانية في غرف المونتاج،
فهناك تم البحث وعبر ساعات طويلة من المشاهد، التي صور بعضها بظروف شديدة
الصعوبة، عن وحدة فنية ورابط سردي، إضافة الى إيجاد مناخ عام لتلك الأفلام.
ولإنها أفلام "معايشة" وليست "إستقصاء"، لم تسعى هذه الأعمال
التسجيلية الى الإستعانة بالمواد الفيلمية التي صورتها التلفزيونات في
تغطياتها للثورات العربية، او تلك التي سجلها ناس عاديين وأغرقوا بها مواقع
الإنترنيت في أشهر الثورات العربية الاولى. وكأن هذه الأفلام وبإعتمادها
الكامل تقريبا على الصور التي سجلها مخرجيها او مصوريها، تتجه أكثر الى
تعميق وحدتها الفنية ومناخها الخاص ، لتحتفي بالتجربة الفنية – الإنسانية
التي كان مخرجيها أحد طرفيها.
ولادة مصر الجديدة في "تحرير"
يقضي المخرج الإيطالي ستيفانو سافونا أيام الثورة المصرية الاولى في
ميدان التحرير الشهير في القاهرة، ليخرج من تلك الأوقات بفيلم لم يجد له
عنوانا أنسب من "تحرير". لا يغادر المخرج الايطالي الشاب حدود ميدان
التحرير الجغرافية والنفسية، في قلب المدينة الذي إشتعل بالغضب والرغبة
بالتغيير، بالكاد نشاهد في الفيلم مشاهد ترتفع مكانيا عن مستوى النظر لحامل
الكاميرا العادي، فلا لقطات عريضة او مصورة من الأعلى. المخرج الذي صور
فيلمه بنفسه يدخل – مجازا- الميدان ولم يخرج منه إلا بعد تنحي الرئيس
المصري. لا شخصيات بارزة في الفيلم التسجيلي هذا، سنتعرف قليلا على بعض
المصريين الشباب الذين ستتكرر إطلالاتهم في الفيلم، لكنها هي أيضا ستبتلعها
الجموع الحاشدة، وعندما تعود للتحدث او الحلم أمام الكاميرا بمستقبل قادم،
كان يمكن لمسه بأصابع اليدين وقتها، بالكاد نتذكر إنها نفسها التي ظهرت في
بداية الفيلم او منتصفه.
لكن فيلم المخرج الإيطالي ليس عن الجموع الكبيرة، فهي مهمة تَركّها
لنشرات الأخبار التلفزيونية. هو قدم ورغم غياب السرد القصصي و الشخصيات
الواضحة، واحد من أشد الأفلام الحميمة عن الثورة المصرية حتى اليوم، فقط
بتسلطيه الكاميرا على عدد كبير من ثوار الميدان المصري، وإحتفاله بوجوه
"الثورة". تتلاحق تلك الوجوه في الفيلم التسجيلي، تمر الكاميرا على وجه ما،
تحدق به لثوان، لتنتقل بعدها الى الجموع الكبيرة قبل أن تجد وجها آخر. كأن
هذه الوجوه المصرية تكفي وحدها لنقل قصة البلد وناسه. وإنها وإذ تصرخ او
تنتحب تفأجأ ذاتها أولا، بالفعل الذي تقوم به لأول مرة في حياتها، بتمردها
على رتابة ومتطلبات الحياة اليومية وإتجاهها للساحة. كل ذلك وجد، لحسن
الحظ، من يسجله كالمخرج الإيطالي ستيفانو سافونا بدون عجالة او تململ.
لم يمر كثير من الوقت على زمن تصوير الفيلم الإيطالي "تحرير"، لكن
عديد من مشاهده تستدعي نوستالجيا حزينة. فالفيلم قَبضّ على "براءة " الثورة
المصرية الإولى، قبل أن تنضج تلك الثورة لتواجه واقعا معقداً وقوى تقليدية
ستدافع بجسارة عن مواقعها. يصور الفيلم لقاءات مجموعات من الشباب المصري
وهو يجلسون في الميدان يحلمون بالقادم، كما يسجل الفيلم أيضا شهادات تقترب
الى الهيستريا لمصريين ذُلّوا كثيرا في حياتهم، ليشهد الميدان إنفجارهم
المدوي الأول. يمكن أيضا تتبع أحداث الثورة المصرية الأولى في الفيلم، الذي
غاب عنه التعليق الصوتي تماما، كموقعة الجمل، والمواجهات التي حدثت في
التحرير بين أنصار ومعارضي النظام، كما يقدم الفيلم مشاهد تميزت بتصويرها
الرائع لضابط من الجيش المصري، يلقي خطبة على متظاهري ميدان التحرير، قبل
أن تجبره صرخات الإستهجان على ترك المنصة منزعجا. الفيلم ينتهي بمشاهد لا
تنسى لفرح المصريين بتنحي مبارك، وهو الحدث الذي آذن بنهاية عمل الإيطالي
ستيفانو سافونا في "التحرير".
"الثوري المتردد" في اليمن
في لقاء مع المخرج البريطاني شون مكاليستر بعد العرض العالمي الأول
لفيلمه "الثوري المتردد" في الدورة الأخيرة لمهرجان برلين السينمائي، كشف
المخرج البريطاني للكاتب بأن "اليمن" لم تكن في حساباته عندما توجه للشرق
الاوسط، فهو حصل على الضوء الأخضر من هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي)
لإنجاز فيلم عن الثورة السورية. لكنه وبعد أسابيع من الوقوف امام الحدود
السورية في الاردن، ورفض طلبه بالدخول هناك، قرر أن يتوجه الى بلد عربي آخر
يشهد ثورة دموية. عندما قام المخرج بتجميع معلومات عن اليمن، تلقى نصائح من
صديقين بالتوجه إلى دليل سياحي يمني، يملك فندقا قديما في قلب مدينة صنعاء.
هذا الرجل هو الذي سيكون الشخصية الرئيسية في الفيلم التسجيلي الأول عن
الثورة اليمينة، هو أيضا "الثوري المتردد" الذي يشير إليه عنوان الفيلم
التسجيلي. والذي سيقطع بدوره رحلة خاصة سيسجلها الفيلم، لفهم ما يجري من
حوله من أحداث في بلد يمر منذ سنوات بظروف وتحديات معقدة للغاية.
هناك خط سردي واضح في فيلم "الثوري المتردد" وعلى عكس الفيلم السابق
"تحرير"، فالكاميرا ستتبع "قيس" وهو يعيش حياته اليومية على وقع طبول
الثورة وبشاراتها. وقف الرجل اليمني مترددا في الأشهر الإولى من الثورة.
فهي جففت كثيرا مصادر رزقة الشحيحة أصلا. فلا سياح كثيرين يتجولون في صنعاء
او يقيمون في فندقه الصغير. الثورة كانت المسمار الآخير في نعش الحياة
الطبيعة للبلد، الذي يعاني منذ سنوات من تغلغل حركات متطرفة مثل القاعدة
وغيرها. اليمني الشاب الذي فقد ثقته بالمستقبل، يمثل طبقة متوسطة عريضة لا
ينقصها الإنتماء الوطني لكنها قلقة من المستقبل وما قد يحمله من إقصاء جديد
لها، هو ايضا تحاصره المشاكل الاقتصادية والدائنين. لكنه وبسبب مرافقته
المخرج البريطاني شون مكاليستر، الذي كان يصور سراً الإحتجاحات المستمرة في
المدينة، سيكون قريبا من الأحداث وأبطالها وأحيانا شهدائها، ليحسم "قيس"
بالنهاية من تررده وينضم، ولو عاطفيا، الى الثورة والجهود المستمرة لتغيير
النظام السياسي القائم.خط الثورة اليمنية الذي يسجله الفيلم سيصل الى ذروة
مآساوية مع جمعة الثامن عشر من شهر مارس، عندما قامت القوات الأمنية
الحكومية بإطلاق النار على المعتصمين في ساحة التغيير في صنعاء لتقتل 53
مدنيا.
أثرت سرية تصوير فيلم "الثوري المتردد"، على جودة التصوير والصوت
ومشاكل فنية إخرى، فلم تتوفر للمخرج البريطاني شون مكاليستر الحرية التي
توفرت لزميله مخرجيي الفيلمين الآخريين. لكن مصادفة وجوده في ساحة التغيير
وقت مجزرة يوم جمعة الكرامة، منحته الفرصة ليسجل ذلك بعدة مشاهد مخيفة
بقسوتها، والذي يكشف المخرج، بإنه صور ماحدث في الساحة بلقطة طويله واحدة
إستغرقت 45 دقيقة، إذ لم يترك الكاميرا للحظة واحدة، وكأنه كان يختبأ خلف
كاميراته الصغيرة من قسوة ما يشاهد ، وكما وصف بنفسه.
بيتر لوم: الثورة غير مكتملة..!
يتابع المخرج التتشكي الأصل بيتر لوم الإنتخابات المصرية من محل
إقامته في العاصمة الهولندية أمستردام، عبر النسخ الانكليزية للصحف المصرية
المتوفرة على شبكة الإنترنت. في المقابل يقضي يومه كله تقريبا مشغولاُ في
العمليات الفنية لفيلمه القادم، والذي يسجل فيه يوميات فنانين مصريين يمرون
عبر التحولات الكبيرة لبلدهم. هو يستعد أيضا لعرض فيلمه التسجيلي "العودة
الى الساحة" في مصر لأول مرة، والذي من المنتظر أن يتم في الدورة القادمة
لمهرجان الإسماعيلية السينمائي المقرر أن تنطلق في الثالث والعشرين من شهر
يونيو من عام 2012. لم يكن في حسبان مخرج فيلم "رسائل الى الرئيس" ، والذي
رافق فيه الرئيس الإيراني المثير للجدل أحمدي نجاد لعام كامل في رحلاته
الداخلية والخارجية، أن ينجز فيلما عن الثورة المصرية، فهو عندما إتجه الى
مصر كان بهدف إخراج فيلم عن الشخصية السياسية المصرية المعروفة محمد
البرادعي، يكشف المخرج في حوار خاص مع الكاتب ظروف سفرته الإولى لمصر: "لقد
أخرجت فيلمي عن ايران في عام 2009. أحدهم اقترح لي بعدها أن أعمل فيلم عن
"محمد البرادعي"، ولقد رتبت حالي لعمل الفيلم عنه، ولما إندلعت الثورة وبدأ
إسمه يتكرر في الأخبار، قررت أن أتجه الى مصر، لاني إعتقدت إن مشروعي عنه
في طريقه للتحقق، وبعد فترة قضيتها في مصر، أدركت إن الموضوع لا يناسب
الفيلم الذي إريد أن أحققه عن مصر، وإن إهتمامي بالحقيقة ليس بعمل فيلم عن
شخصية البرادعي.، ثم بدأت أشياء بالتغير حول الرجل، وأصبح من الصعب ملاحقته
وتصويره في حياته في مصر، لذلك قررت أن أبقى وأخرج فيلما آخر، خاصة إني
بدأت بالتصوير هناك أصلا. رغبت أن أصور فيلم عن الناس العاديين في مصر. في
فترة الخمس الأشهر الإولى من التصوير، لم أكن أعرف أي إتجاه سيأخذه الفيلم،
خاصة إن أشياء عديدة كانت تقع، فمصر تمر بثورة، عندها قررت أن أنجز فيلما
عن الحقوق الإنسانية الأساسية في مصر. أنا كمخرج أفلام تسجيلية لا أعمل مع
سيناريو جاهز، انا أذهب إلى مناطق الأحداث وأنتظر ما أجد هناك، في البداية
أعتقدت إن الفيلم يمكن ان يكون عن "وائل" وعائلته، بعدها شعرت إن الواقع
اكثر تعقيداً من أن أعمل فيلم عن قصة واحدة، أشياء كثيرة كانت تَحدّث حولي،
بعض النقاد وصف القصص التي في الفيلم بإنها غير مكتمله، أنا أعتقد انه شيء
جيد أن تكون القصص غير مكتملة، فالثورة غير مكتملة أيضا، هكذا يبقى المشاهد
يتسائل ما الذي سيقع لاحقا، بعض الناس قالوا لي إنه ليس فيلم معتمد على
تطور الشخصيات، هذا صحيح، انه ليس مثال تقليدي لفيلم مبني على الشخصيات،
أنا مهتم اكثر بالموضوع والافكار ".
الفيلم يسجل قصص لخمس شخصيات مصرية بعد أشهر من تنحي الرئيس حسني
مبارك، من هؤلاء، من كان ضحية مباشرة لحكم الجيش المصري، كسلوى التي كانت
ضمن الفتيات التي إعتقلت بتهمة إتيان أفعال فاحشة في ميدان التحرير، والشاب
مايكل والذي حوكم محاكمة عسكرية بسبب ما نشره من إنتقادات لهيمنة المؤسسة
العسكرية. كذلك يسلط الفيلم الإنتباه على قصة الفتى محمد، الذي كان ضمن جيش
الجمال والخيول الصغير الذي هاجم متظاهري ميدان التحرير في واقعة "الجمل"
المعروفة. وهناك شخصيتان إخريتان، تعرضا للمعاملة المهينة والتعذيب بسجون
الإجهزة الأمنية المصرية في الأشهر التي أعقبت التغيير هناك. وعن تحضيراته
لفيلمه، وكيف وفق بالعثور على شخصياته يقول:"بالعادة أنا اعمل تحضيرات،
لكني هذه المرة سافرت بدون تحضيرات كثيرة، لم أكن أعرف الكثير عن مصر قبل
أن أصل هناك، صحفيون محليون ساعدوني كثيرا في العثور على بعض شخصيات فيلمي،
مثل قصة وائل، لإني حاولت أحيانا الحديث الى الناس، لكن لا أحد كان يريد
التكلم معي، كذلك تمت مساعدتي في التعرف على قصة مايكل، اما بقية الشخصيات
فلقد وجدتها بنفسي فقط لإني كنت أعطي إهتمام لما يحدث حولي في مصر، أما
التصوير داخل مركز الشرطة فهي كانت فكرتي، لإني إعتقدت إنها ستكون فكرة
جيدة أن يتم اعطاء فرصة لرجال الأمن بالحديث، خاصة إن الثورة هي جاءت ضد
الظلم الذي يسلط على المصريين من قوى الأمن. أما قصة البلطجي "محمد" فهي
أيضا فكرتي لإني كنت أطمح لفترة طويلة أن أعثر على شخص يقدم الجانب الآخر
من القصة ". وعن تعرفه على الفتاة الوحيدة في الفيلم سلوى يكمل المخرج :"
كان هناك 20 فتاة من اللوتي إتهمن بقضية عدم العذرية يتحدثن للإعلام وقتها،
سلوى تحدثت للعديد من القنوات التلفزيونية المعروفة، ونالت على نصيب كبير
من الإهتمام، عندما قابلتها كان قد مَرّ على الحادثة ستة أسابيع.، كانت
وقتها خائفة كثيراً بالحديث مجدداً لوسائل الإعلام العالمية، كانت تعتقد إن
الشرطة تطاردها، لقد إستغرق وقت طويل حتى إكتسبت ثقتها، مرة إخرى مع الوقت
تسهل الإمور، كما إن الشخص الذي عمل معي بالترجمة كآن جيدا جداً، يملك
كاريزما محببة وهذا سهل كثيرا تعاملنا مع المصريين الذين قابلناهم".
يكشف المخرج إن التهديدات والإعتداءات التي تعرض لها من قبل رجال من
قرية سلوى والتي ظهر بعضها في الفيلم، تطورت كثيرا عندما توقفت الكاميرا عن
التصوير :"الذي لا تعرفه إن الوضع الذي شاهدته في الفيلم تطور بشكل حاد،
فلقد تم الإعتداء علينا، مساعدي تعرض لإصابات كبيرة، كذلك تعرضت ام سلوى
إلى ضرب مبرح. بعدها ذهبنا للإختباء في منزل المدير الإداري للقرية، وطلبنا
الشرطة التي جاءت لإنقاذنا، لقد كنا محظوظين إننا نجونا بدون كارثة
".
لا يخفي المخرج قلقه على "سلوى"، خاصة إن البعض قد يفسر جرئتها التي
ظهرت فيها في بعض مشاهد الفيلم، بإنه سلوك غير أخلاقي، الأمر الذي قد يبرر
المعاملة القاسية جدا التي تعرضت لها من قبل الجيش المصري :"افكر أحيانا إن
التوليف كان يمكن أن يكون أكثر محافظة فيما يخص سلوى، لكننا أيضا أردنا أن
نعرض القصة ونبين الحقيقة التي تجري في الشارع، نحن نتابع قصتها الآن، وعلى
الاقل نحاول أن نساعدها، في الشهرين الاخرين ساعدناها بأن تؤجر غرفة، هي
تعيش الآن بمفردها، ونتمنى أن تقف على رجليها وتجد عمل، حتى لا تبقى برفقة
ناس من قاع القاهرة".
من المشاهد الالفتة في فيلم "العودة الى الساحة"، ذلك الذي يسجل
إحتجاج مصرية محجبة تحمل لافته وتقف في ميدان التحرير، تركز الكاميرا طويلا
على وجه الشابة البهي والشعار الإنساني الآخذ الذي كانت ترفعه. هذا المشهد
سينتهي عندما يتقدم شاب ( ينتمي الى نفس تنظيم الفتاة الإسلامي المحافظ)
ويقوم بإنزال الشعار ليغطي وجه الفتاة ويحجبه عن الكاميرا، عن ظروف تصوير
هذا المشهد بالذات يقول المخرج :" أنا أحب الأفلام التي تراقب، اللقطات
التي تاخذ وقتاً طويلاً، أنا أحب أن ألعب مع هذه الأشياء، أن أسجل لقطات
طويلة لإراقب بعدها ما يحدث، لا أعرف لماذا أثارتني تلك السيدة في التحرير،
هذا المشهد يختصر لي حقوق النساء في مصر، اليس كذلك ؟، لقد كنت أتمنى قصصا
أكثر عن النساء في فيلمي، لإن المرأة هي واحدة من أكبر المواضيع في الشرق
الأوسط بشكل عام، وهي القضية التي تُعّيق المجتمع من التقدم ".
وعن التوليف بشكله الواسع في الفيلم يقول:" بالعادة أنا اقوم بعمليات
التوليف بنفسي، لكن في هذا الفيلم، إستعنت بآخريين. في الفيلم كانت هناك
مشاكل كثيرة مع المنتج، أنا كنت جازم بأن الفيلم منتهي، هو كان يعتقد بأن
الفيلم يحتاج الى تصوير اضافي، عمليات التصوير والمونتاج تمت بسرعة كبيرة
وعلى خلاف أفلامي الآخرى، فالتصوير والمونتاج وكل العمليات الفنية تمت خلال
عام واحد فقط ".
يعتقد بيتر لوم بأن الثورة المصرية لازالت في بداياتها "أنا مهتم
كثيرا بتغطيات الإعلام لمصر، لانه هناك شعور عام بأن الثورة جاءت وغيرت كل
شيء في مصر وإنتهت الحكاية، وهذا يخالف الواقع كثيرا، وهذا ما يحدث أيضا مع
تغطيات الإعلام للإنتخابات الرئاسية، حيث يتم الحديث عنها وكأنها انتخابات
نزيهة بالكامل، وهذا يخالف الواقع أيضا ". في المقابل لم يشاهد المخرج كثير
من الأفلام التي إنتجت عن الثورة المصرية او غيرها من الثورات العربية
ويتطلع الى مشاهدة أعمال زملاء آخريين له وخاصة من مصر التي يعتبرها مكانا
صعبا كثيرا لإنجاز فيلم تسجيلي " مصر كانت مكان تحدي لعمل فيلم، المصريون
شعب رائع ومضياف، لكنهم أيضا يملكون خوفا كبيرا من الغرباء، هذا أمر مفهوم،
فكل نظام شمولي يستخدم الخارج لإخافة شعبه، وأيضا تخويفهم من جواسيس الدول
العدوة. هناك أيضا الجهل العام، فمصر تضم نسبة كبيرة من الإميين، الامر
الذي يجعل من السهل السيطرة والتاثير عليهم.، أما بالنسبة للفيلم هذا، فلقد
تلقيت أكبر مديح من المونتير المصري الذي ساعدني في عملي والذي أخبرني إنه
عندما شاهد النسخة النهائية من الفيلم أعتقد إنه كان يشاهد فيلم مصنوع عن
طريق مخرج مصري، وهو الأمر الذي إعتبره مديحا كبيرا للفيلم، لإني أسعى
كثيرا في افلامي التي اصورها في دول مختلفة أن لا اقع في فخ صناعة صورة
نمطية، والسعي لطلب الحقيقة والسماح للشخصيات بالتعبير عن ذاتها. أنا لا
أعتقد إنه من المهم التركيز على جنسية المخرج والبلد الذي آتى منه، أنا
مؤمن إن الشيء الاساسي هو إذا كان الفيلم جيداً ام سيئاً".
لا تربط المخرج التشيكي علاقة خاصة بالشرق الأوسط رغم إن فيلمه السابق
كان عن ايران " حياتي المهنية مبينة على مجموعة من المصادفات" يتابع
المخرج، "أنا مهتم بالعالم كله، الشرق الأوسط مكان مثير جدا، أنا عملت
فيلمي السابق عن إيران، بسبب إن لي صداقات عديدة مع إيرانيين، إختي كانت
متزوجة من إيراني، قصة فيلم ( العودة الى الساحة) إن منتجي قال لي يجب أن
تراقب ما يقوم به محمد البرادعي في مصر، وكان هذا في اوائل عام 2010، ولقد
تابعت البرادعي الذي تكلم بقوة كبيرة عن النظام المصري، وأكد بحزم وقتها
بإن النظام سينهار، كذلك هناك ما يجمعني بالمنطقة، فأنا ولدت في التشيك،
وكنت مع أهلي من الالجئيين من الغزو الروسي لبلدنا، لذلك أنا مهتم بالعدالة
في أفلامي التي أقدمها
".
يترقب بيتر لوم عرض الفيلم في مصر لإول مرة "أتمنى أن يشاهد المصريون
الأشياء التي شاهدها المتفرجيين الآخريين للفيلم عند عرضه في مهرجانات حول
العالم، بالطبع سوف أكون قلق من عرض فيلمي للجمهور المصري، لإنه تحدي خاص،
أن أعمل فيلم خاص في بلدهم، أنا متشوق كثيرا لعرض فيلمي في الإسماعيلية،
لإني أعتقد إن المواضيع التي عالجها الفيلم ما زالت فعاله، فلا يهم من يفوز
بالإنتخابات لإن التحديات باقية وهي: عدم محاكمة الذين قتلوا المتظاهرين
لليوم، عدم تنظيم الوزارات الجديدة، إعادة تنظيم هيكلية الأمن، أنا آمل
ايضا أن يرى المشاهد أينما كان القضايا تلك على إنها قضايا عالمية تواجه
مجتمعات عديدة في المعمورة".
على عكس الصورة التشائمية التي يحملها مصريين وآخريين عن الوضع في
البلد، يرى بيتر لوم إن هناك تطورا جوهريا قطعه المصريين يتمثل بالاساس
بإنهم اصبحوا يعبرون بدون خوف عن أفكارهم وهواجسهم، وبدون التفكير
بالعواقب، وهو الامر الذي لمسه في تجواله في عدة مناطق في مصر في فترة
تصوير الفيلم التي إستغرقت ستة اشهر.
يحافظ المخرج على إتصالات مع شخصياته فيلمه الخمسه، فهو بالإضافة الى
مساعدته لسلوى، يحاول أن يساعد الذين يحتاجون الى مساعدة، خاصة إن الحياة
ليست غالية في مصر، كما إنه كان سعيدا لإن مايكل واخيه مارك حضرا عروض
الفيلم في مدينة روتردام الهولندية، والعاصمة النرويجية اوسلو. " لم يكسر
السجن روح "مايكل"، هو خرج من الحبس أكثر عزيمة وتفائلا منا جميعا، ينتظر
هذا الشاب مستقبلا باهراً في الاعوام القادمة " يكمل المخرج قبل أن يعود
إلى مكان عمله ليستكمل العمل على فيلمه القادم عن مصر.
الجزيرة الوثائقية في
20/12/2012
مجموعة «النور» القطرية انتهت من السيناريو
مليار دولار لإنتاج سبعة أفلام عن النبي (ص)
كشفت مجموعة «النور» القابضة القطرية عن آخر تطورات أضخم مشروع عالمي
يهدف لإنتاج مجموعة أفلام عن سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وذلك على
سبعة أجزاء وبتكلفة تقدر بمليار دولار أميركي، وسيتم اعتماد أعلى المعايير
العالمية من الناحية الفنية والبصرية والمؤثرات المتطورة، لتكون هذه
الأفلام الأضخم والأعظم إبهاراً على مستوى العالم، مشيرة إلى أن فريق العمل
المتخصص قد انتهى من كتابة السيناريو بعد «التغلب على عدد كبير من التحديات
الفنية والدرامية». جاء ذلك خلال مؤتمر ضم مجلس الأمناء للاتحاد العالمي
لعلماء المسلمين وعلى رأسهم فضيلة العلامة د. يوسف القرضاوي وعدد كبير من
الشخصيات الاسلامية العالمية البارزة. وقد تحدث فضيلة الشيخ د. يوسف
القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عن اهمية هذا العمل ودوره
الكبير في الدفاع عن الاسلام ونبي الرحمة محمد - صلى الله عليه وسلم -
وابراز صورته المشرقة على عكس ما يروج له حاليا، وشدد فضيلته على اهمية عدم
الاساءة للأديان وضرورة التعايش السلمي بين مختلف الشعوب، وقد أشاد فضيلته
بدور دولة قطر في تشجيع ودعم هذا المشروع العظيم.
30
عالماً
وقال فضيلته إنه بعد بحث واجتهاد وتشاور مع 30 عالما من كبار العلماء
انتهيت عن رضا وانشراح صدر إلى أن تمثيل الصحابة بمن فيهم كبار الصحابة
وظهورهم في الأعمال الفنية لا شيء فيه، ونحن مطمئنون إلى ذلك، مشيرا إلى
أنه كان في البداية ضد تمثيل الأنبياء وكبار الصحابة ، حيث إننا لدينا صور
عن كبار الصحابة رسخناها في أذهاننا لا يجوز تشويهها بصور بشرية، لكن بعد
بحث واجتهاد وجدت أن هذا تزيُّد منّا، إذ لا يوجد نص في كتاب ولا سنة يجرم
ذلك.
الانتهاء من السيناريو
وكشف رئيس مجلس ادارة مجموعة النور القابضة السيد أحمد المصطفوي
الهاشمي خلال كلمته أنه قد تم الانتهاء من كتابة سيناريو الفيلم وان هذا
الأمر يشكل بحد ذاته انجازا مهما في مسيرة تنفيذ مشروع الفيلم، لافتا الى
الجهد الكبير الذي بذله فريق العمل المتخصص. ونوه الهاشمي الى اهمية
السيناريو والدور الرئيس الذي يلعبه في نجاح اي فيلم وأن الانتهاء من
كتابته يعتبر الشوط الأبرز والأهم الذي تم تحقيقه بحمد الله بالنسبة لمشروع
الفيلم. كما أشار الهاشمي الى انه تم اعتماد سبعة افلام بدلا من ثلاثة
أفلام والتي تم الاعلان عنها سابقا وبميزانية اجمالية تصل الى مليار دولار
أميركي.
57
رسالة قيمية
وبدوره، تحدث د. طارق سويدان الداعية الاسلامي المعروف ورئيس فريق
المستشارين في مجموعة النور القابضة في كلمته عن اهمية مواكبة العصر واشار
الى الدراسات الاخيرة في العالم والتي تشير بوضوح الى تغيير كيفية ووسائل
استقاء المعلومات لدى نسبة كبيرة من الأجيال الجديدة والتى اصبحت لا تعتمد
على الوسائل التقليدية. وركز السويدان على أهمية الدور الذي يلعبه هذا
العمل الضخم في ايصال المعلومة الصحيحة وبطريقة درامية متطورة، مشيرا إلى
أن فريق المستشارين حدد 57 رسالة قيمية لإيصالها للمشاهد الغربي من خلال
هذه الأفلام التي ستخاطبهم بلغتهم. وشدد على ضرورة فهم العقليات الأخرى
بصورة جيدة وبالتالي مخاطبتها بالطريقة التي تتوافق معها وسلط الضوء على
جدوى المشروع من الناحية الاقتصادية بالاضافة لكونه رسالة دعوية هادفة ذات
أهمية عظيمة.
750
فيلماً مسيئاً
كما تحدث الأستاذ نهاد عوض مدير عام مجلس العلاقات الاسلامية
الامريكية ومقره واشنطن، عن الكم الهائل من الأفلام التي انتجت في هوليوود
خلال العقد الماضي وذكر ان عدد الأفلام التي اشارت الى الاسلام او المسلمين
او الرسول - عليه الصلاة والسلام - بلغ 750 فيلما كلها تم الاشارة فيها الى
الاسلام والمسلمين بطريقة سلبية ما عدا فيلمين فقط، مما يؤشر بوضوح الى
الصورة السلبية التي تنطبع في أذهان المجتمع الغربي عن الاسلام والمسلمين
ومن هنا جاءت اهمية هذا العمل الكبير في تصحيح هذه الصورة.
معايير عالمية
من ناحية أخرى كشف مصدر مطلع في مجموعة النور القابضة ان الفيلم سيكون
باللغة الإنجليزية لأن ذلك العمل الفني سيكون موجها لكافة المتحدثين بتلك
اللغة العالمية من المسلمين وغير المسلمين بهدف التعريف بالإسلام ورسوله
الكريم على نطاق واسع وتصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام في أذهان الجمهور
الغربي، وبين أنه سيتم ترجمة الفيلم لأكثر من لغة لتعميم الاستفادة منه على
أوسع نطاق، وشدد المصدر على أنه لن يتم البدء في عرض الفيلم إلا بعد إجماع
علماء الأمة الكبار على المحتوى، مؤكدا أن الفيلم سيتم إنتاجه بمعايير
تضاهي الأفلام العالمية لتحقيق الهدف المنشود منه.
الضوابط الشرعية
وفي رد مسبق على ما قد تثيره هذه النوعية من الأفلام من اعتراضات وما
يصاحبها من جدل، بين المصدر ان «النور القابضة» بأنها لم تمضي قدما في
إنتاج هذا الفيلم، إلا بعد استرشادها «بمشورة كوكبة من أهل العلم والفتوى
على رأسهم فضيلة الشيخ العلامة د. يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي
لعلماء المسلمين ورئيس منظمة النصرة العالمية، لتأصيل القواعد والضوابط
الشرعية لهذا النوع من الأعمال». وقد كانت مجموعة النور القابضة قد أعلنت
في وقت سابق أنها شارفت على إكمال المراحل النهائية من السيناريو، بعد «
التغلب على عدد كبير من التحديات الفنية والدرامية». وفي هذا الصدد، قالت
المجموعة : «قد قطعنا شوطاً كبيراً في إعداد البحث وكتابة السيناريو للفيلم
، تغلبنا خلالها على عدد كبير من التحديات الفنية والدرامية، وشارفنا على
إكمال المراحل النهائية من السيناريو، والتي بدأت تتضح معها الملامح
الأخيرة لشكل الفيلم وعدد أجزائه وموازنته النهائية، والتي سيعلن عنها
قريباً مع تفاصيل أخرى عديدة عن خطة الإنتاج وفريق العمل ومكان التصوير».
وأكدت المجموعة أنها وظفت «أعلى الخبرات الاحترافية والمهنية في مجال
الإنتاج السينمائي العالمي» لإنتاج هذا الفيلم». وقد قامت مجموعة النور
القابضة القطرية بالاعلان في نهاية 2009 عزمها انتاج ثلاثة افلام عن الرسول
محمد - صلى الله عليه وسلم - بكلفة تقدر بمئة وخمسون مليون دولار لكل فيلم،
لكن مع تطور الفكرة قررت التوسع في عدد الأفلام ورفعه إلى سبعة أفلام
بميزانية تصل إلى مليار دولار أميركي.
النهار الكويتية في
20/12/2012 |