استطاعت أن تجذب إليها العالم في مختلف المجالات، حتى شهدت تهافتاً
غير مسبوق لكبرى شركات الإنتاج الفنية العربية والأجنبية لتصوير أعمال على
أرضها . وهذه الحركة الانتاجية ليست جديدة على دولة الإمارات لكنها كانت
مقتصرة على العالم العربي قبل أن تصل إليها كاميرات الأفلام العالمية . فما
الذي أسهم في جذب كبار صناع الدراما والسينما في العالم العربي والغربي؟
وهل هذه الظاهرة مؤقتة أم أنها بداية عهد جديد لرؤية إنتاجية ممكنة .
بهذه التساؤلات توجهنا إلى فناني الإمارات لنعرف وجهات نظرهم في هذا
الموضوع وما دورهم في ظل تصوير الأعمال الفنية العربية والغربية على أرضهم؟
وهل يجدونها فرصة ذهبية للانتشار العربي والعالمي؟ “الإمارات حلم نجوم
العالم” كما يقول الفنان سلطان النيادي الذي يضيف: بإمكاناتها الفنية
المتاحة، وبجمال طبيعتها ومدنها المتطورة وحّدت أهداف المنتجين العرب
والأجانب الذين وجدوا فيها بيئة غير مستهلكة، وكل ما في الإمارات مميز من
حيث مواقع التصوير المتنوعة والجديدة، ما حفز العديد من شركات الإنتاج
العربية والأجنبية على اختيار الطبيعة الجغرافية بجبالها وبحارها وصحرائها
الرملية وخضرتها الساحرة، إضافة إلى أن الإمارات تعيش حالة استقرار فريدة
من نوعها، وحقوق الأفراد مكفولة والشركات العاملة في هذا المجال، ومن جهة
أخرى عرفت الإمارات بحيوية الحياة الاقتصادية والتجارية والإعلامية
والثقافية والاجتماعية، كل هذا وفر مناخاً صحياً للإنتاج الفني الذي يتطلب
مكاناً مثل الإمارات النابضة بالحياة والتطور والنجاح.
وعن تأثير هذا الجذب على مستوى الحركة الفنية الإماراتية يكمل
النيادي:عندما تختار شركة إنتاج أجنبية أو عربية مواقع تصوير لها داخل
الإمارات فهذه تعتبر فرصة مهمة استثمارية للفنان الإماراتي أولاً في
الاستفادة من خبرات الغير وتوظيفها في الأعمال الفنية المحلية، وهذا ليس
انتقاصاً من قدرات الفنان بل على العكس لأن مجال الفن هو في تطور وتغير
دائم، وبديهي أن يتم الاستفادة من تجارب الآخرين، ولا أعتقد أن الممثل
الإماراتي مظلوم أو أن الساحة الفنية هنا فقيرة المحتوى والإنتاج، فلو عدنا
لفترة الثمانينات كان تلفزيون عجمان واستوديوهاته تنتج أعمالاً مصرية
ناجحة، وأيضاً مركز الخليج العربي للإنتاج بدبي في بداية التسعينات كان
محطة بارزة ومهمة للإنتاج العربي الدرامي، وتلفزيون أبوظبي كذلك أنتج أشهر
الأعمال البدوية مع نجوم عرب وتَمَّ تصويرها في مواقع في أماكن عدة منها
العين ودبي . . فتصوير الأعمال الدرامية العربية ليس بجديد على دولة
الإمارات لكن الاختلافات التي طرأت على هذه العملية أن الإنتاج والتصوير
الفني تغيرت ظروفه للأفضل في ظل التطور التقني الفني واستخدام أدوات
التصوير والمونتاج والإخراج الدرامي والسينمائي عالي الكفاءة .
ويلفت النيادي إلى بعض السلبيات قائلاً: توجد نقطة سلبية وحيدة في هذا
الموضوع أن بعض المؤسسات الحكومية تغلق أبوابها أمام شركات الإنتاج المحلية
وتشرعها أمام الأجنبية، رغم كونها تنتج بعض الأعمال المسيئة لصورة الإمارات
لكن مع ذلك هذه الشركات يرحب بها وتقدم لها تسهيلات جمة، وحتى الأفلام التي
صورت في الإمارات مثل الفيلم الأمريكي “المهمة المستحيلة 4” لبطله توم كروز
لم يكن موفقاً في إظهار دبي بصورة لائقة تفيها حقها، وبالتالي هذا يسمى
استغلالاً واضحاً ونحن نرفض أن تستغل بيئة الإمارات، وفي الوقت ذاته نرحب
كل الترحيب بالشركات التي تقدم أخلاقها قبل أعمالها الفنية لتثري الحركة
الفنية لدينا بشكل خاص وتنعكس إيجابا على الواقع الحياتي.
الفنان بلال عبد الله، مستاء من زخم الإنتاج الدرامي والسينمائي على
أرض الإمارات والأسباب كما يقول: الإمارات أرض خصبة لكل شيء للفن والثقافة
والتجارة والترفيه والسياحة، وعندما نتحدث عن الإنتاج الفني نلمس طفرة
لافتة في هذا المجال حيث توجهت أنظار صناع السينما والدراما في العالم
نحوها، وهذا ليس بغريب على بلد متقدم وحضاري مثل الإمارات، لكن ما يقلق
حقاً أبعاد هذه الظاهرة وتأثيراتها على الفن الإماراتي وعلى الفنانين
المحليين، فمع كل هذا الزخم الكبير سيضيع الفنان الإماراتي بينهم، وهذه
نتيجة طبيعية أمام تهافت شركات الإنتاج الخارجية على التصوير هنا، وطرح
أعمال فنية جديدة ستفرض نفسها على كبرى القنوات الفضائية المتواجدة في
الإمارات أو خارجها، والسؤال الواجب طرحه هنا لماذا لا ينتج المسؤولون
خططاً معينة تبرز الفنان الإماراتي وتؤكد دوره؟ فمثلاً عندما يتم تصوير
مسلسل عربي لماذا لا تدرج أسماء بعض الفنانين الإماراتيين ويرشحون مع فريق
عمل المسلسل؟ أليس هذا من حقهم وهذه الأرض هي أرضهم والغير يأتون من الخارج
ويصورون وينتجون أعمالهم في بيئة ميسرة تغمرها الراحة والأمن والأمان؟
ويلوم الفنان بلال عبد الله تقاعس بعض المسؤولين عن الفن في إبراز دور
الفنان الإماراتي ويضيف: نحن ننتج للغير ومسألة الإنتاج أصبحت تجارية بحتة،
ولو تحدثنا عن جيل الشباب من الفنانين الإماراتيين سنجده مظلوماً جداً ولا
توجد فرص حقيقية لهم في الدراما أو السينما، بسبب وجود خلل إداري وقصر نظر
من البعض والحل الأمثل برأيي هو إزاحة هؤلاء من المهمة الإعلامية
الإنتاجية، فالدراما الإماراتية مازالت خجولة والسينما وليدة سنوات قليلة
وتجاربنا لا تتعدى مستوى الأفلام القصيرة، وغيرنا يسبقنا بأشواط كبيرة
ويصور على أرضنا خاصة أن السينما الهوليوودية والبوليودية أتت إلى
الإمارات، وأصبحنا على تماس مباشر معها لكن بدون فائدة.
يتحدث الفنان مرعي الحليان، عن أهم الأسباب التي تغري المنتج أو
المخرج العربي و الأجنبي، إذ يقول: صور الحياة في هذه الدولة المتطورة
بأبراجها الشاهقة ومراكزها الترفيهية والتسويقية التي تجمع احتياجات الحياة
تجذب صناع الفن من الخارج، إضافة إلى سحر الطبيعة الخلابة وتنوع البيئات
البحرية والصحراوية والجبلية، كذلك التسهيلات التي تم تنفيذها مؤخراً من
قبل بعض الجهات مثل تخصيص مدينة دبي للاستوديوهات ولجنة دبي للإنتاج
الإعلامي التي تشرع وتستخرج الموافقات اللازمة لعمليات التصوير على
اختلافها، وتقديم دليل وافي لهذه الشركات أو الأفراد في أفضلية التصوير
والمناطق الجذابة التي لم يصور فيها من قبل، فالإمارات بلد بعيد عن
الاضطراب السياسي ويضم تعددية ثقافية تغني الصورة وتعطي للعمل نكهة فنية
مميزة .
ويتابع: حيوية الإمارات أفرزت غزارة إنتاجية في المسلسلات العربية
والخليجية، خاصة أنه تم تصوير 13 عملاً خليجياً هذا العام منها كويتي
وسعودي، وفي ظل هذا الازدحام الإنتاجي كان الفنان الإماراتي حاضراً والأكثر
استفادة حيث توافرت له فرص مهمة للظهور، فمتى كان الفنان الإماراتي يصور في
اليوم الواحد أكثر من عمل ويتنقل من موقع تصوير إلى آخر؟ هذا التوجه
بالتأكيد سيدفع الحركة الفنية الإماراتية إلى الأمام ويطورها في ظروف عمل
صحية ومفيدة، فهذه الأجواء تحفزنا نحن كممثلين محليين لبذل المزيد على
الساحة وإيجاد مكان بارز لنا على الخريطة العربية الدرامية أولاً ثم
السينمائية.
ويضيف الحليان: الاستفادة من التصوير في الإمارات ينعكس إيجابياً على
اقتصاد المجتمع وشرائحه المختلفة، فعند تصوير أي مسلسل بالتأكيد ستنتعش
حركة تأجير المنازل والفلل والمحلات والفائدة المالية ستعود على أصحابها،
إضافة إلى أن كثرة التصوير خلقت ثقافة حديثة في تعامل الجمهور مع فريق
العمل الفني، حيث صورت أعمالاً عدة في الدورة الرمضانية السابقة مثل مسلسل
“اليحموم” و”طماشة4” و”حبر العيون” و”ريح الشمال” .
طمأنينة الإمارات واضطراب سياسة بعض الدول العربية عوامل أساسية جذبت
أهل الفن إليها، وهي كما يقول الفنان حبيب غلوم ملاذ آمن للناس جميعاً
فالأمن والآمان الذي تعيشه الإمارات يدفع المنتج العربي أن يستثمر ماله
ويعمل مشاريع فنية ناجحة وحتى وإن لم تكن ناجحة هو يعلم أنه لن يخسر أو
يشعر بالندم لأنه وضع أمواله في مثل هذا الاستثمار، ولا ننسى اضطراب
الأوضاع السياسية في بعض البلدان العربية مثل سوريا ومصر جعلت الممثل
العربي بحالة قلق واستنزاف مستمر سيؤثر سلباً على أدائه وهذا كله سيتخلص
منه بمجرد تواجده على أرض الإمارات التي ترحب بضيوفها الممثلين العرب
والأجانب على الدوام، وكذلك تتميز أسواق دولة الإمارات بغناها وانفتاحها
على باقي الأسواق العالمية مما جعلها من بين الدول السباقة في المجال
التقني، ففيها كبرى الشركات التي تؤمن مستلزمات التصوير والإخراج والإضاءة
بجودة عالية ومواصفات عالمية .
ويجد حبيب غلوم أن هذا الزخم الفني هو مرحلة مؤقتة ستزول بمجرد عودة
الأمن السياسي لبعض الدول العربية، ويضيف على أية حال نتمنى أن يكون للفنان
الإماراتي تواجد مهم في الأعمال التي تصور وتنتج وتسوق في الإمارات
للاستفادة من هذه التجارب المهمة والمستخلصة من ثقافات وبيئات مختلفة،
فالاحتكاك بالفنان والمخرج والمنتج العربي أمر مهم جداً لنتعلم من خبراتهم
وتجاربهم الكثيرة، خصوصاً أن الدراما الإماراتية تحتاج إلى هذا النوع من
الانصهار الفني مع إخواننا العرب، ووجود مخرجين محترفين هو حاجة ملحة تطور
العمل المحلي فنحن مازلنا نفتقد لحرفية الإنتاج والتصوير .
يتطرق غلوم إلى أهم مشكلة في صناعة السينما المحلية من وجهة نظره
قائلاً: لا توجد صناعة حقيقية للسينما الإماراتية على مستوى الدولة . وعدم
التخصص هو مشكلة من مشكلاتنا الأساسية في السينما . فلا يوجد تخصص لمراقبة
الإخراج أو العمل السينمائي بكل فروعه . تأليف وإخراج وتقنيات تصوير
سينمائية، والمتواجدين حالياً هم هواة بشكل عام فيوجد بعض المتخصصين درسوا
فروع وتخصصات معينة من السينما لكن ليس على المستوى المطلوب ولا زالت هناك
جهود ذاتية تعمل بكامل طاقاتها وبعزيمة حقيقية لكن العمل بالنوايا الطيبة
لا يصنع سينما ولا يخلق الإبداع .
جمال الشريف، مدير عام مدينة دبي للاستوديوهات، يوضح أهم الأسباب التي
حولت دولة الإمارات “لمغناطيس فني” جاذب قائلاً: نمط الحياة المرفهة أو ما
يسمى ب “اللايف ستايل” والبنية التحتية للإمارات كلها عوامل لعبت دوراً
جوهرياً في دفع عجلة الإنتاج الفني فيها وجذبت كبار صناع الفن في العالم
العربي والغربي سواء في الدراما أو السينما، فالممثل عندما يأتي ويصور هنا
. يدرك مدى التقدم والتطور والمستوى لخدمي الذي يطغى على معالم المجتمع
الإماراتي، فالترفيه موجود والأمان موجود والطبيعة المتنوعة أيضاً موجودة
والمزيد المزيد من المغريات الحياتية، فلماذا لا يستقر فيها للعمل والترفيه
في آن مع عائلته وأبنائه؟ وخير مثال أي معظم نجوم الهند استقدموا عائلاتهم
إلى الإمارات .
كما يشير جمال الشريف إلى دور الحكومة الداعم لصناعة الفن ومدى تأثير
قرار إنشاء لجنة خاصة تشرع وتقدم تسهيلات خاصة للعاملين في قطاع الإنتاج
والعمل الفني والإعلامي، مضيفاً: قرار تشكيل مفوضية دبي للإنتاج الإعلامي
هو قرار حكومي يهدف إلى وضع دبي على خارطة الإنتاج السينمائي والتلفزيوني
العالمي، وإنشاء مدينة دبي للاستوديوهات كذلك ساهمت في تقديم خيارات
تصويرية عالية المستوى من خلال الاستوديوهات ذات المساحات الواسعة المجهزة
بأدوات تقنية ومعدات تخدم حيثيات التصوير الفني .
ويؤكد الشريف على أهمية دور مفوضية دبي للإنتاج الإعلامي التي تعمل
كحلقة وصل بين الجهات الحكومية والخاصة لتسهيل عمليات التصوير كونها الجهة
الوحيدة المختصة بالترخيص لجميع عمليات التصوير، ويشير إلى التسهيلات التي
تقدم للفنانين بقوله: بالتعاون مع إدارة الجنسية وشؤون الأجانب تم التوصل
لتسهيلات خاصة للفنانين والعاملين في قطاع الإنتاج الفني وتقديم خدمات غير
مرهقة مادياً، فمن خلالها يستطيع الفنان دخول الدولة عدة مرات بتأشيرة
واحدة وبدون أية مخالفة قانونية، وكذلك سيتمتع بإقامة في فنادق ال”فايف
ستار” بأسعار محددة ومخفضة، ونحرص على حماية المخرج مادياً من بعض الجهات
التي تبالغ في الأجر المادي المطلوب وفي مواقع التصوير التي تتطلب التواجد
في فنادق ضخمة، فنحن نقدم تسهيلات مميزة للمنتج المحلي العربي والأجنبي
ونشجعه على العمل بروح إيجابية عالية.
منى الشامسي، تنفيذي أول لدعم الاستثمار بدائرة التنمية الاقتصادية
بدبي، تشير إلى أهمية الأسواق الخارجية وانعكاساتها المباشرة على المجتمع،
وتقول: ننتهج في مكتب الاستثمار خططاً واستراتيجيات تعزز حيثيات القطاع
الفني والإنتاجي داخل الإمارات، وهذا يتطلب في المقدمة التركيز أولاً على
عملية الترويج لدولة الإمارات وعناصر الجذب الحياتي فيها، من خلال تشكيل
وفد خاص من مكتب الاستثمار والتوجه للدول المهتمة بالقطاع الفني والمعروفة
بتجاربها الناجحة في هذا المجال، وبعد التشاور معهم ومخاطبتهم بشكل مباشر
والإطلاع على نتائج الدراسات يتم بعدها الاتفاق على العمليات التالية من
دعم وتقديم التسهيلات اللازمة حسب تفاصيل العمل الدرامي أو السينمائي،
وعليه فإننا بعد أن تبدأ أولى خطوات المشروع الإنتاجي على أرض الإمارات
نبقى على تواصل مع فريق العمل والتأكيد على سير المشروع بسلاسة من دون أي
مشكلات أو عراقيل، وكل هذه الخدمات نقدمها مجاناً بهدف جذب الخبرات
الإخراجية والإنتاجية الفنية الناجحة إلى الإمارات والتي من شأنها التأثير
بشكل مباشر على الفن الإماراتي .
انتقاء الصورة التصويرية ومواقع التصوير لا بد أن تتوافق مع ملامح
النص ومتطلبات قصة السيناريو ولهذا ترى المخرجة الإماراتية نهلة الفهد، أن
بيئة الإمارات وتنوعها السبب الرئيسي لموجة العمل الفني العربي والأجنبي،
وتتابع: تتميز الإمارات بأماكن حضارية متطورة ومناطق أخرى تراثية وهذا
الخليط يقدم احتمالات متعددة لشكل الصورة الفنية التي تخدم أي عمل فني
جديد، وتوجه أنظار شركات إنتاج سينمائية عالمية إلى الإمارات وخاصة دبي يعد
خطوة مهمة ومؤثرة في القطاع الفني والإنتاجي، فتجربة الفيلم الأمريكي “
المهمة المستحيلة4” خير دليل على مكانة الإمارات البارزة بين دول العالم
المتقدمة، حيث تم التصوير في معالم سياحية معروفة بدبي كبرج خليفة وشوارع
دبي مثل شارع الميدان، إضافة إلى إقبال شركات الإنتاج الهندية وتصوير بعض
الأفلام السينمائية دليل على توجهات صناع السينما العالمية نحو الإمارات
التي أصبحت استديو مفتوح لجميع الفنون .
محمد حسين، مدير إدارة الانتاج في شركة “جرناس” للإنتاج الفني: يقول
الإمارات استديو فني جذبت إليها رؤوس الأموال الخارجية وهذا ليس بالأمر
الهين فلولا سياسة الدولة ودعم حكامها المتواصل للحركة الفنية لما تشجعت
شركات الإنتاج للعمل على أرضها، فكل شيء ميسر أمامهم ومتاح في جو يسوده
الأمن والآمان، فالكاميرات تتحرك بدون قيود مفروضة أو قوانين خانقة، ونلاحظ
في السنوات الخمس الماضية ازدياد حركة العمل السينمائي العالمي وكذلك
الإنتاج الدرامي العربي، فطبيعتها بكر وغير مستهلكة وتمتاز بخصوصية تميزها
عن سواها .
ومن المشكلات التي تعترض فريق العمل يقول حسين: مع كل الدعم
والتسهيلات التي نلمسها لكن عندما ننتج مسلسلاً خليجياً ويصور في الإمارات
نعاني من إشكالية عدم تعاون بعض الجهات والمؤسسات في القطاع الخاص، وفي
المقابل توجد جهات متعاونة جداً وترحب بالعمل والتصوير فيها . ويغيب عن
البعض أننا لا نملك ميزانيات ضخمة لتصوير مسلسل خليجي أو محلي بل ننتج
العمل بتكاليف متواضعة لذلك نلجأ في بعض المواقف إلى تغيير واستبدال مواقع
التصوير المختارة، ونحن الآن بصدد انتظار ما وعدت به “مفوضية دبي للإنتاج
الإعلامي” بشأن حماية المنتجين وشركات الإنتاج من مثل هذه المواقف .
يقول أيهم الزيود، مدير عام الإنتاج في مجموعة شركة “كاريزما” للإنتاج
الفني بأبوظبي: العمل الفني يحتاج إلى بيئة حاضنة تدعم وتطور الصناعة
الفنية بكل تفاصيلها، وبلا شك أثبتت الإمارات جدارتها في استقطاب وجذب كبرى
شركات الإنتاج العالمية والعربية وتمهيد الطريق أمامها للعمل بحرية تامة
وتسهيلات تثمر تجارب فنية عالية المستوى، وبرأيي من أهم الأسباب وأكثهار
تأثيراً على الحركة الإنتاجية في الإمارات هو تعدد الجنسيات والثقافات التي
تقطنها، فالعمل الدرامي العربي عندما يطرح قضايا اجتماعية مهمة يوجه رسالته
لجميع العرب وهذه الرؤية توافق تركيبة الإمارات السكانية .
ويشير الزيود إلى افتقار الساحة الإماراتية الإعلامية إلى جهات توجه
عملية الإنتاج الدرامي والتلفزيون حيث يقول: نحرص في مجموعة “كاريزما” على
جمع عناصر نجاح الإنتاج الفني للعمل الدرامي أو السينمائي بقالب واحد،
وقدمنا العديد من الأعمال التي صورت على أرض الإمارات مثل فيلم “مناحي”
الذي صور جزء منه في دبي، وفيلم “صباح الليل” ومسلسل “أبوجانتي” الذي عرض
في رمضان الفائت، والمسلسل التاريخي البدوي “توق”، والعديد من الأعمال
الفنية التي صورت في الإمارات، وتعتبر مواقع تصوير المسلسلات والأفلام من
أهم مراحل الإنتاج فمن غير الممكن البدء بتصوير العمل قبل رحلة استكشاف
وتخطيط دقيقة للمواقع التي تتناسب مع ملامح العمل الفني ومحتواه النصي،
وعلى الرغم من أن أرضية الإمارات الفنية مهيأة جداً للعمل الإنتاجي الفني
وتصوير أضخم الأفلام السينمائية والمسلسلات الدرامية إلا أنه توجد إشكالية
افتقار العمليات الإنتاجية الفنية إلى تشريعات جادة توجه العمل الفني وتضع
استراتيجيات توجه شركات الإنتاج، حيث تشكل مدينتي دبي وأبوظبي مركز الثقل
الداعم للفن والحركة الفنية، خصوصاً عبر المهرجانات السينمائية وهذه
الفعاليات حاجة ملحة لتسويق الإمارات بكافة إمكاناتها الفنية والتقنية
والثقافية أمام خبراء الفن وصناعه في العالم .
يتحدث أكرم صبري، منتج منفذ ومدير عام شركة “سكاي” لتنظيم الفعاليات
بأبوظبي، عن تصوير الأفلام العالمية في الإمارات ودور الشركة في دعم مثل
هذه الخطوات العملاقة ويقول: اختيار الإمارات لتصوير فيلم المغامرات
العالمي “آرابيان نايتس” بطولة نجم الأوسكار العالمي “ أنتوني هوبكينز”
بمشاركة نجوم هوليوود مع عدد ضخم من الكومبارس ومن إخراج الفنان العالمي
“تشاك راسل” هي خطوة هامة جداً لطبيعة المرحلة القادمة التي تشهد صناعة
أعمال سينمائية ودرامية تنطلق من أرض الإمارات، فمثل هذه المشروعات الفنية
العالمية تحتاج إلى تظافر كل الجهات الكبرى معنا خاصة أننا نحتاج إلى دعم
كبير في الإمكانيات والخدمات مثل استقدام النجوم والمستثمرين ومنحهم
تأشيرات دخول لهم وللعمالة المؤقتة بأعداد ضخمة نطلق عليها ال “كومبارس”،
ولا بد أن تسهم وسائل الإعلام والدعاية وشركات الطيران في تقديم التسهيلات
ونقل ضيوف ونجوم هوليوود وغيرها الكثير من الالتزامات التي تحتاج لتعاون
حثيث، فنحن نقدم أقصى الإمكانيات الواجبة خاصة أن هذا الفيلم خصصت له
ميزانية ضخمة هي 90 مليون دولار وسيتم تصوير 75% من مشاهد “آرابيان نايتس”
بأبوظبي والمنطقة الغربية والعين بتمويل كبرى الشركات العالمية، وتعمل
شركتنا “ كمنتج منفذ” لهذا الفيلم الذي سيشكل فرصة ذهبية للفنانين العرب
بمشاركة نجوم هوليوود في التمثيل، حيث سيتم اختيار عدد كبير من نجوم
الإمارات و الخليج ومصر للمشاركة في،ه وأتوقع أن للفنان الإماراتي حصة
ممتازة .
“السينما العالمية حضرت إلينا” هكذا يعبر محمد سعيد المزروعي رئيس مجلس
إدارة سكاي لتنظيم الفعاليات في أبوظبي، ويضيف: فنحن نعيش الآن فترة توهج
واشتعال حقيقي للعمل الإنتاجي العالمي المشترك، وعملنا لا يقتصر فقط على
تنظيم الفعاليات الفنية بل نواكب تطور العجلة الفنية خاصة صناعة السينما
والدراما والمسرح على أكمل وجه، وبما أن دولة الإمارات أثبتت جدارتها في
التعاون مع شركات إنتاجية عالمية سينمائية مثل تصوير الفيلم الأمريكي “
المهمة المستحيلة4” في دبي توالت بعدها عروض الشركات العالمية للانطلاق
بروح جديدة وبيئة جديدة عنوانها أرض الإمارات الغنية عن التعريف فهي أرض
الجمال والخيرات . وبعد أن حصلنا على الموافقات اللازمة من
54ُِّْنٌُُّّ و موافقة وزارة الثقافة والشباب وتنمية
المجتمع على إجازة نص فيلم المغامرات الأجنبي “آريبان نايتس” سنبدأ التصوير
في مارس/آذار من العام المقبل وكلنا ثقة في دعم وتعاون مختلف القطاعات
الحكومية والخاصة مع فريق العمل ومشاركة خبراء السينما والنقاد لتوفير ما
يلزم لضمان نجاح تصوير هذا النوع من الأفلام الذي يحتاج لتكاتف جماعي أمام
هذا الاحتكاك المباشر مع سوق الإنتاج العالمية .
ويضيف المزروعي: لعبت مكانة إمارة أبوظبي في العالم دوراً مهماً في
تسهيل عمليات التفاوض ومخاطبة صناع الفن ونجوم الأوسكار بكل سهولة، وأثمرت
جهودنا في استقطاب شركات الإنتاج العالمية من كاليفورنيا وهوليوود
وسنغافورة التي نتشاور ونبحث معها في إمكانية التعاون والتعامل معهم بصورة
تضمن إنتاج فني عالي المستوى.
الخليج الإماراتية في
26/12/2012
استقبلتها الفضائيات بالدبلجة فوصلت
إلى الصالات
السينما
التركية تزاحم العربية في 2012
تحقيق -
مصطفى عبدالرحيم
دخلت
الثقافة التركية كل بيت عربي بعد تركيز المحطات التلفزيونية في الفترة
الأخيرة على نشر الأعمال التركية في المنطقة العربية . وبعد أن تابع
المشاهد العربي مئات الحلقات من هذه الدراما، وحفظ الصغير قبل الكبير
أحداثها وأبطالها، دخلت على خط المنافسة “الناعمة” الأفلام التركية، التي
بدأت مؤخراً ملاحقة نظيرتها العربية في عقر دارها، مستقطبة جمهور القنوات
الفضائية ومنها إلى شاشات السينما، ومستغلة الأرضية التي مهدتها لها
الدراما التلفزيونية التركية . والسؤال الآن هل تستطيع السينما التركية غزو
العالم العربي، والتفوق على الفيلم العربي والأجنبي داخل دور العرض
العربية؟ أم أن السينما العربية ضاربة جذورها ولا يمكن للفيلم التركي أن
يقتلعها ومازال للفيلم الأمريكي بريقه الخاص لدى الجمهور العربي؟ هذا ما
نتناوله في التحقيق التالي: ونستعرض دخول الفيلم التركي إلى الصالات
العربية .
بداية
الأفلام التركية على الشاشات العربية كانت من خلال قنوات
ART في مارس/آذار ،2012 حيث
عرضت أول فيلم تركي مدبلج إلى اللهجة المصرية، يحمل اسم “عشق بالصدفة” .
تدور أحداثه في إطار رومانسي مهميت جنسور، بلسم بلجين، وعايدة أكسيل، سبنيم
سنميز . وقالت الممثلة المصرية منال سلامة بدبلجة صوت بطلة الفيلم للمرة
الأولى، إلى جانب الممثل المسرحي تامر الكاشف .
بعد
النجاح الكبير الذي حققه فيلم “السلطان الفاتح” أو (BATTLE
OF 2 EMPIRES FETIH
(1453، أضخم إنتاج سينمائي تركي، وصلت ميزانيته
إلى 17 مليون دولار أمريكي، وتحقيقه أعلى إيرادات في تاريخ السينما التركية
وصلت إلى 33 مليون دولار، استقبلته دور العرض العربية مدبلجاً في مصر إلى
المصرية، وعرض في كل من لبنان، الأردن، قطر، البحرين، والكويت مترجماً
باللغة الإنجليزية، فحقق إقبالاً بين أطياف الجمهور العربي والأجنبي في دور
العرض الإماراتية بنسختيه الإنجليزية والمدبلجة في 27 سبتمبر/ أيلول الماضي
فيلم
“السلطان الفاتح” الذي قام ببطولته الممثلون الأتراك ديفريم إيفين، وديليك
سيربيست، ورجب أكتوج، وإبراهيم ساليكول، وتأليف أتيلا أنجين وإيرفان
ساروهان، يعتبر ملحمة تاريخية تركية، بدأت أعمال تصويره في سبتمبر/أيلول
،2009 وانتهت في يناير/كانون الثاني ،2012 وتدور أحداثه حول فترة فتح
القسطنطينية على يد الأتراك العثمانيين في عهد السلطان محمد الفاتح أو ما
يعرفه الأوروبيون ب”محمد الثاني” عام 1453 ميلادية .
عن إقبال
الجمهور العربي على الأفلام التركية، ونسب مشاهدة فيلم “السلطان الفاتح” في
الصالات يقول كفاح غريزي، المدير الإقليمي لشركة “إمباير إنترناشيونال غلف”
الموزع الحصري للفيلم لدول الشرق الأوسط، إن “السينما التركية مازالت في
بداية مشوارها، ولا يمكن أن تقارن على سبيل المثال بالأفلام المصرية أو
الأمريكية . لكنها استطاعت عبر فيلم “السلطان الفاتح” الذي تعرض لحقبة مهمة
من التاريخ التركي الإسلامي، محققاً أعلى الإيرادات داخل دور العرض
التركية، أن تضع قدميها على بداية الطريق للعالمية وليس الخروج بالفيلم
التركي للعالم العربي فقط” .
ويشير
غزيري إلى أن حصول الشركة على توزيع الفيلم داخل الإمارات، ومصر، ولبنان،
والأردن، وقطر، والكويت، وغيرها من الدول العربية إضافة إلى إثيوبيا، كان
لأهمية الفيلم وليس لكونه مجرد فيلم تركي، رغم وجود شركات تلهث وراء كل ما
هو تركي، مستغلين الضجة الكبيرة التي صاحبت عرض المسلسلات التركية وإقبال
المشاهد العربي عليها .
ويتابع:
السر في إقبال المشاهد العربي على الإنتاج التركي يكمن في سببين أولهما
جودة الصورة والمناظر الطبيعية التي تضمنها تلك الأعمال التركية، إضافة إلى
القصص الحياتية الرومانسية الخفيفة الجديدة على الواقع الاجتماعي العربي .
والسبب الثاني هو شح الإنتاج العربي وتقصيره في سد حاجة السوق العربية
السينمائية، فالسوق المصرية على سبيل المثال كانت تملأ دور السينما طوال
العام بأفلام قوية لعادل إمام، ومحمد هنيدي، ومحمد سعد وغيرهم من نجوم
الشباك، أما اليوم فتبدل الحال وأدى قلة الإنتاج الدرامي والسينمائي العربي
إلى إعطاء فرصة لاستيراد الأعمال الفنية، بدءً من الدراما وصولاً إلى
السينما .
وعن
إقبال الجمهور على فيلم “السلطان الفاتح” محلياً وعربياً يقول الغريزي: كان
إقبال الجمهور داخل الدولة على النسخة الإنجليزية أكثر منه على المدبلجة
إلى العربية، وذلك بحكم وجود الكثير من الجاليات الأجنبية، كما فضل الجمهور
العربي الاستمتاع بالفيلم بأصوات نجومه الأصليين . وكان الإقبال عليه بنسبة
جيدة جداً مقارنة بالأفلام العربية والأمريكية .
حول حصول
مجموعة (OSN) على حقوق
عرض الفيلم بعد عرضه داخل السينمات المحلية بأسبوعين، من خلال خدمة
المشاهدة حسب الطلب . تقول خلود أبو حمص، نائب الرئيس الأول للبرمجة، إن
حصول المجموعة على حقوق عرض الفيلم كانت تجربة أولى لتحسن إقبال المشاهدين
على الأفلام التركية والعربية ذات التوجه التاريخي والواقعي . لكن نجاح
الفيلم كان باهراً وتجاوز توقعاتنا، ورغم كون الفيلم تركياً مدبلجاً إلا
أنه لاقى إقبالاً شديداً، وفاقت نسب المشاهدة خلال فترة عرضه لما يقارب
أربعة أسابيع نسبة الطلب لما يقارب ضعف الإقبال على أفلام هوليوود عالية
المبيعات شباك التذاكر .
وتضيف
خلود: بعد النجاح الكبير الذي حققه هذا النوع من الأفلام على شاشاتنا،
قررنا في OSN عرض أضخم
وأفضل الأفلام التركية والعربية السينمائية خلال 10 أيام من افتتاحها في كل
من القاهرة، والإمارات وذلك ابتداءً من شهر يناير/كانون الثاني 2013 .
أما عن
إسهام الأرضية الدرامية التركية للمسلسلات في التأثير في المزاج العربي،
لدرجة جلب وعرض الأفلام التركية بجانب المسلسلات التركية، فتشرح خلود:
في رأيي،
إن المشاهد العربي يقدّر الفيلم السينمائي حسب جودته التقنية وحبكته
الدرامية بغض النظر عن تأثير المسلسلات التركية، فنجاح الأفلام والمسلسلات
مبني على جودة الإنتاج، ومدى التشابه الثقافي والتاريخي في المواضيع
المطروحة اجتماعياً ودينياً، وليس بإمكان كل فيلم تركي أن ينجح سينمائياً
وتلفزيونياً في الشرق الأوسط . فعلى سبيل المثال، تمثل شخصية السلطان
الفاتح فترة ازدهار الفتوحات الإسلامية بعد أن قضى نهائياً على
الإمبراطورية البيزنطية، ومتابعة فتوحاته في آسيا وأوروبا حتى بلغراد، وجاء
الفيلم ممثلاً لأحداث درسها المشاهد العربي في الكتب المدرسية بشكل ملحمي
رائع وتقنيات مماثلة للتي تستخدمها أكبر أفلام هوليوود .
يتعجب
الأتراك أنفسهم من الإقبال المبالغ فيه على الإنتاج الدرامي والسينمائي
التركي، والضجة الإعلامية الكبيرة التي تزامنت مع عرض المسلسلات والأفلام
التركية على جمهور العالم العربي .
يقول
محمد الفاتح وهو تركي يعمل في أبوظبي، إن الأتراك أنفسهم لا يعرفون أبطال
الأعمال التركية التي تعرضها الشاشات العربية، وإنه كثير ما يتعثر في
الإجابة عندما يسأله صديق عن نجوم العالم العربي الأتراك مثل “نور، أو
مهند، أو يحيى” وغيرهم .
ويتابع:
يؤسفني أن أقول إن هناك الكثير من الأخطاء التاريخية التي يستمتع بها
الجمهور العربي بشكل يومي، مثل أحداث مسلسل “حريم السلطان” الذي يؤرخ لفترة
السلطان محمد الفاتح، مشبهاً إياه بأنه زير نساء، ولا يجد في الحياة ما
يفعله سوى العلاقات الغرامية بين نساء قصره وحريمه . لكن الحقيقة غير ذلك
تماماً فالسلطان محمد الفاتح الذي أفتخر أن والدي أسماني على اسمه، مكث 44
عاماً من عمره في الفتوحات الإسلامية، ولم يكن هناك ما يشغله عن ذلك
مطلقاً، وما نراه على الشاشات العربية أشبه بكوميديا هزلية تكتسي من
التاريخ عباءة رخيصة .
ويضيف:
على الشاشات العربية أن تدقق في اختيار الأعمال الفنية التي تجلبها
لجمهورها، ولا تسرع في استقدام كل ما هو تركي لمجرد أن أحد الأعمال لاقى
رواجاً على إحدى الشاشات .
يتفق معه
صديقه بارام ساتتجي، تركي مقيم في دبي، في أن ما يعرض على الشاشات العربية
من أعمال فنية تركية، لا يمثل الفن ولا الثقافة التركية، وأن الكثير من
الأعمال بها سخافات غير مقبولة لدى الشعب التركي، مثل وقوع أفراد الأسرة في
غرام بعضهم البعض .
ويقول:
مستوى الأعمال التركية التي تعرض على الجمهور العربي رديء، وما هي إلا
مجموعة من القصص المسلية التي نسجت من وحي الخيال، وليس لهذه الأعمال أيه
فائدة تركية سوى الترويج للأماكن والمناظر الطبيعية التي صورت فيها، حيث
استطاع بعض المخرجين إبراز أفضل الأماكن في المدن التركية والعاصمة اسطنبول
في أعمالهم . وأستطيع القول إن الحقيقة الوحيدة في تلك الأعمال هي الأماكن
التي صورت فيها .
أما في
ما يخص الأفلام التركية فيشير إلى الفيلم الملحمي “السلطان الفاتح” الذي
وجد فيه والكثير من الأتراك، وجهة مشرفة للسينما والفن التركي بشكل عام،
حيث استطاع نجوم الفيلم أخذ المشاهد إلى زمن الفتوحات، والتعرف إلى قصة
السلطان محمد الفاتح الذي يعرف قدره العالم كله .
ويضيف:
لا تحتاج الأفلام التركية إلى دبلجة عربية لكي يتابعها المشاهد العربي،
وخير دليل على ذلك إقبال المشاهدين لفيلم “السلطان الفاتح” على النسخ
المترجمة بالإنجليزية، مستمتعين بالصوت الأصلي لنجوم العمل والموسيقا
التصويرية للأحداث .
تابعت
لجين الشواف، مترجمة فورية بدبي، فيلم الفاتح في إحدى الصالات في دبي،
وتعرفت عن كثب إلى شخصية السلطان الفاتح وتاريخه الذي وصفته بالغائب عن
أذهان الكثيرين من الأجيال الحالية . وبدلاً من أن تقوم جهات الإنتاج
العربية بإنتاج مثل هذه الأعمال الضخمة، لتعريف جمهورها بتلك الشخصيات
التاريخية . تنفق أموالها على أعمال تركية لا تضيف للمشاهد العربي إلا
السمنة، على حد قول لجين .
وتضيف:
كيف لمشاهد أن يتابع مسلسلاً تفوق حلقاته المئة، أو فيلماً تدور أحداثه حول
قصة حب من المستحيل أن تحدث في عالمنا العربي؟ نعم نحن بحاجة إلى المشاهد
الرومانسية وقصص الحب، لكن ذلك لابد أن يكون متوافقاً مع أعرافنا وتقاليدنا
كعرب . كما أن هناك الكثير من القضايا الهادفة التي تمس المواطن العربي يجب
للفن أن يتعرض لها ويناقشها من خلال الأعمال الفنية .
لجين
تختم قائلة: بعد مشاهدة فيلم “السلطان الفاتح” اكتشفت أن القنوات العربية
تبيع لنا الوهم، وأن هناك أعمالاً تركية جديرة بالاحترام بإنتاجها الضخم
وقصصها الواقعية .
استمتع
أنس موسى، موظف ببلدية دبي، بالقصة الرومانسية لفيلم “عشق بالصدفة” على
قناة (Art)، ووجد فيها
فرصة عظيمة للخروج من ضغوط العمل، وصخب الحياة اليومية . ويقول: تابعت خلال
السنوات الماضية العديد من الحلقات الدرامية التركية، وأعجبت كثيراً بمستوى
الصورة، والحوار، والقصص الطويلة . لكني لم أتوقع أن يفوق مستوى الأفلام
التركية المسلسلات التي شاهدتها .
ويضيف:
أميل لمتابعة القصص الرومانسية وأجد في الأعمال التركية الحلقة المفقودة
حالياً في السينما العربية . فكلها تقريباً تميل إلى العنف والقتل، وأصبحت
الرومانسية والحوار الهادئ لدى المنتجين سخفاً يبتعدون عنه.
أفلام
تركية في المهرجانات العربية
لم تقتصر
منافسة الأعمال الفنية التركية نظيرتها العربية على الشاشات ودور العرض
فقط، وسجلت حضوراً قوياً في المهرجانات السينمائية العربية، ورشحت وحصدت
العديد من الجوائز . فشهد مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته
الأخيرة، حضوراً قوياً للسينما التركية من خلال عرض ستة أفلام من إنتاج
عامي 2011 و،2012 هي فيلم “لا تنسيني يا إسطنبول” إنتاج عام 2012 ، إخراج
ستة مخرجين من جنسيات مختلفة، وفيلم “أين تشعل النار” من إنتاج عام ،2012
إخراج إسماعيل جوموس . والثالث فيلم “ما تبقى” إنتاج 2011 من إخراج سيدم
فيترينال، كذلك فيلم “يوم أو يوم آخر” إنتاج 2012 من إخراج على فانتاسيفر،
والخامس “طريق الإيمان” إنتاج ،2011 وإخراج “سيدم فيترينال”، أما الفيلم
السادس فكان بعنوان “الحب في الحديقة السرية” .
كما فاز
الفيلم التركي “أراف” “أو أعراف” للمخرجة ييشيم أوسطا أوغلو بجائزة
“اللؤلؤة السوداء” في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، في ختام الدورة
السادسة لمهرجان أبوظبي .
ومن بين
الأفلام التركية الحائزة على الجوائز، والتي عرضت ضمن مسابقة المهر الآسيوي
الإفريقي بمهرجان دبي السينمائي الدولي مؤخراً، الفيلم التركي “حدث ذات مرة
في الأناضول” الحائز على جوائز عالمية عدة منها جائزة مهرجان “كان”
السينمائي، من إخراج ومونتاج وموسيقا التركي نوري بيلج جيلان . وهو المرشح
الرسمي من تركيا إلى جوائز الأوسكار، وعرض للمرة الأولى أمام المشاهدين في
تركيا في 21 سبتمبر/أيلول الماضي من خلال مهرجان “أضنا” .
وفي
الدورة السادسة لمهرجان أبوظبي السينمائي فاز الفيلم التركي “أراف” أو
“أعراف” للمخرجة ييشيم أوسطا أوغلو بجائزة “اللؤلؤة السوداء” في مسابقة
الأفلام الروائية الطويلة .
الخليج الإماراتية في
26/12/2012
بعد نجاح مسلسلاتها حاولت اقتحام
دور العرض
التجربة التركية لم تنجح
سينمائياً
القاهرة - المعتصم بالله حمدي:
تباينت الآراء حول إمكانية نجاح السينما التركية في مصر، مثلما نجحت
الدراما التركية من قبل، حيث ترددت أنباء عن نية بعض المنتجين في التعاقد
مع نجوم أتراك ليظهروا في الأفلام المصرية ودبلجة أصواتهم، إضافة إلى ما
قيل عن إنتاج عربي تركي مشترك في الأفلام السينمائية . التحقيق التالي يفتح
ملف الوجود الدرامي التركي في مصر والمنطقة العربية بعد أن شهدت السينما
المصرية خطوة جديدة عليها، حيث عرضت دور العرض السينمائية في مصر الفيلم
التركي التاريخي “السلطان الفاتح” .
الفيلم يتناول أحداث ثورة الفتح في تركيا، وهي فترة مهمة في تاريخ
الدولة العثمانية، وعرض الفيلم من قبل في تركيا وبلغت أرباحه 33 مليون
دولار، كما عرض على شاشات التلفزيون التركي وحقق نسبة مشاهدة عالية، وصلت
إلى ستة ملايين ونصف المليون نسمة، وهو رقم قياسي، وأيضا تحول إلى مسلسل،
ويعرض حالياً تحت عنوان “حريم السلطان”، والمسلسل لا يزال يحقق نجاحاً
كبيراً .
قال بطل الفيلم ديفريم إيفين: إن بداية فكرة عمل فيلم روائي طويل عن
أحداث ثورة الفتح في ،1453 وعرضه على أربعة أجزاء كانت فكرة جيدة لما تحمله
هذه الفترة من أحداث مهمة في تاريخ الدولة العثمانية، وكان يجب تجسيدها
وتسليط الضوء عليها . وأوضح ديفريم أنه مهتم بتجسيد الشخصيات التاريخية .
لأنها تحمل العديد من الجوانب التي تظهر قدرة الممثل، كما أنه يرى أن شخصية
محمد الثاني الفاتح، الذي قاد جيش المسلمين لفتح القسطنطينية بعد استيلاء
الدولة البيزنطية عليها شخصية ثرية يجب تجسيدها ليعلم الجميع مدى أهمية هذا
الرجل .
الناقد طارق الشناوي أكد أن نجاح المسلسلات التركية في المنطقة
العربية خلال الفترة الماضية، لا يعني بالضرورة نجاح الأفلام التركية، فهذه
الحالة موجودة في مصر ونجوم الدراما التلفزيونية الكبار ليس لهم تواجد في
السينما حالياً، وبالتالي فإن عرض الأفلام التركية في مصر لا يعني نجاحها
تجارياً .
واستبعد الشناوي فكرة إقبال المنتجين السينمائيين على التعاقد مع نجوم
أتراك في الأفلام المصرية لأسباب عدة أهمها، أجورهم العالية المرتبطة
بنجاحهم في المنطقة العربية وإقبال الفضائيات على شراء المسلسلات التركية،
وبالتالي فإن المنتج لن يضحي بملايين الجنيهات من أجل التعاقد مع ممثل تركي
اشتهر في المسلسلات التي تعرض حالياً على الشاشات التلفزيونية العربية، كما
أن موضوعات الأفلام التي تلقى إقبالاً جماهيرياً حالياً لا تتناسب مع وسامة
الممثل التركي، ففيلم “عبده موتة”، الذي حقق إيرادات عالية بطله ليس نجماً
وسيماً ولكنه نجم شعبي .
المذيعة سالي شاهين التي تقدم برنامج “الحياة تركي” على شاشة تلفزيون
“الحياة”، التي التقت بالعديد من النجوم الأتراك أشارت إلى أن الفن التركي
سيتواجد بقوة في المنطقة العربية خلال الفترة المقبلة، ولن يقتصر الأمر على
المسلسلات فقط، ومن خلال اللقاءات التلفزيونية التي أجرتها مع النجوم
الأتراك تبين لها أنهم لا يمانعون إطلاقاً من المشاركة في أعمال عربية إذا
كانت أدوارهم مناسبة .
وأكدت سالي أن جهات الإنتاج التي ستقبل على التعاقد مع نجوم أتراك
ستحقق أرباحاً طائلة، لأن الجمهور العربي يتواصل بشدة مع النجوم الأتراك،
الذين أصبح لهم وجود مؤثر، كما أن الوكالات الإعلانية أدركت حجم شعبيتهم
وتعاقدت معهم كوجوه إعلانية .
الناقدة ماجدة خير الله قالت: كانت هناك تجربة لعرض فيلم تركي في دور
السينما المصرية منذ ما يقرب من عامين، وهو فيلم “وادي الذئاب”، ولم يحقق
نجاحاً يذكر، ونفس الحال تكرر مع فيلم “السلطان الفاتح”، الذي عرض مؤخراً
ولم يشعر به الجمهور المصري، ولذلك فإن جهات الإنتاج المصرية أو التركية لا
يمكن أن تخاطر بإنتاج فيلم مصري تركي لأنها ستواجه الخسارة بنسبة كبيرة .
الفنان أحمد عز نفى أن يكون منزعجاً مما تردد عن نية بعض شركات
الإنتاج التعاقد مع نجوم أتراك في السينما المصرية، واستثمار نجوميتهم
ووسامتهم وجاذبيتهم في أفلام رومانسية وعاطفية، معتبراً أنه كممثل يركز فقط
مع نفسه ثم أنه لا يعتمد على وسامته في التمثيل، وإنما على موهبته، فهي
التي يتواصل معها الجمهور ولو كان الأمر مرتبطاً بالشكل لعمل كل شاب يتمتع
بشكل وسيم كممثل، لأن الوسامة عمرها قصير جداً على الشاشة .
أما المنتج أحمد السبكي فرفض بشكل مطلق فكرة التعاقد مع ممثلين أتراك
في السينما المصرية، لأن نجاح المسلسلات التركية لا يعني نجاح الأتراك في
كل مجالات الفن المصري والعربي، وهو لا يتوقع أن نشاهد أفلاماً مصرية تركية
خلال الفترة المقبلة، لأنها لن تنجح جماهيرياً والسوق لها متطلبات خاصة .
السبكي أكد أن دبلجة صوت الممثل تفقده مصداقيته كممثل أمام الجمهور،
الذي يشعر وكأنه إنسان آلي، ولهذا فإن نجاح الدراما التركية في المنطقة
العربية لن يستمر طويلاً، وإذا كانت ناجحة في الوقت الحالي فهذا يرجع لحاجة
الجمهور لأعمال رومانسية وسط الظروف الصعبة التي نعيشها حالياً .
الناقد رفيق الصبان الذي شاهد من خلال عمله في لجان المشاهدة لمهرجاني
القاهرة السينمائي الدولي والإسكندرية السينمائي الدولي العديد من الأفلام
التركية، وجد أن الأتراك يقدمون الفيلم الكوميدي والبوليسي والأكشن
والتاريخي على مستوى عالٍ جداً وبجرأة متناهية، والأتراك إذا دخلوا دور
العرض السينمائية بمصر سيغزون السوق السينمائية بشكل كبير، خاصة أن لديهم
ممثلين شديدي الوسامة ومناظر طبيعية ودرجة عالية من التقنية، وبالتالي فإن
السينما التركية لديها عناصر الجذب للجمهور العربي .
وشبه الصبان السينما التركية حالياً بنظيرتها الهندية في فترة
الستينات من القرن الماضي التي كادت تطيح بالفيلم المصري نفسه، عندما غزت
دور العرض السينمائية المصرية .
الناقد نادر عدلي أكد أنه لا يوجد فيلم عالمي ينجح في مصر سوى الفيلم
الأمريكي، كما أن تركيا ليس لها تاريخ متميز مثل الولايات المتحدة
الأمريكية في صناعة السينما .
وأوضح عدلي، أن الأتراك قاموا في الماضي بالاستعانة بالفنان الراحل
فريد شوقي في أفلام عدة لهم، لتسويقها جيداً في مصر، ولكنها لم تجد رواجاً
كبيراً، رغم مشاركة ممثل مصري فيها بحجم فريد شوقي، وتوقع عدلي عدم نجاح
التجربة التركية في مصر في مجال السينما، لأن هناك معايير للنجاح .
الفنانة طوبا بيوكستون الشهيرة ب”لميس”، التي شاركت في ثلاثة مسلسلات
متتالية هي “سنوات الضياع” عام ،2004 “عاصي” عام ،2007 “بائعة الورد” عام
2010 بدون توقف لمدة ست سنوات، وتقاضت عن آخر مسلسل قامت بدور البطولة في
ما يقرب من 20 ألف دولار للحلقة الواحدة، أكدت أنها لا تنوي المشاركة في
الأفلام السينمائية المصرية، لأنها تركز أكثر في الدراما التركية، كما أنها
لا ترى جدوى من وجودها في عمل من هذا النوع، خاصة أن هناك بطلات مصريات
تعملن في السينما المصرية، ويمكن فقط أن تتواجد في عمل فني يكون إنتاجاً
مشتركاً بين مصر وتركيا، وتدور أحداثه الدرامية حول موضوعات متشابهة بين
الثقافتين المصرية والتركية .
ونفت طوبا أن تكون عدم مشاركتها في الأعمال الفنية المصرية مرتبطة
بعدم حصولها على الأجر المادي الذي يتناسب مع جماهيريتها الحالية، لأنها لا
تركز كثيراً في التفاصيل المادية .
الفنانة ياسمين عبدالعزيز رحبت بالمنافسة مع كل نجوم السينما في مختلف
أنحاء العالم وبتواجدهم في المنطقة العربية ماداموا سيخدمون الفن العربي،
أما إذا كان تواجدهم مجرد “موضة” فإن استمرارهم مشكوك فيه، كما أن الثقافة
العربية والبيئة التي نعيش فيها مختلفة كثيراً عن نظيرتها التركية .
وقالت ياسمين: إن الممثل الذي يعتمد على شكله ولا يمتلك الموهبة لا
يمكن أن يكون نجماً، كما أن نجاح المسلسلات التركية ليس مقياساً لنجاح
السينما التركية في المنطقة العربية.
الخليج الإماراتية في
26/12/2012
"جون
كارتر" أسوأها وتقنية "ذي
هوبيت" أحدثها
هوليوود 2012 نجاحات وإخفاقات
إعداد: عبير حسين
انشغلت هوليوود الأسابيع الماضية بالاحتفال بالذكرى الخمسين لظهور
نجمها جيمس بوند للمرة الأولى على الشاشة الفضية، وصادف ذلك نجاحاً كبيراً
للنسخة الأحدث من سلسلة الأفلام الشهيرة عالمياً تحت عنوان “سكاي فول”،
ليتحول بوند إلى أسطورة سينمائية متطورة قابلة للتجديد وإعادة الطرح مرة
تلو الأخرى مستغلة الخيال السينمائي الذي لا تقف أمامه حدود، ومدعماً
بالتقنيات الحديثة التي أضفت إبهاراً وتشويقاً يجعله الشخصية السينمائية
الفريدة التي حافظت على نجوميتها نصف قرن، وليعد بذلك “العميل 007” أحد أهم
ملامح العام سينمائياً .
وبينما تستعد مدينة السينما الأهم عالمياً لتوديع عام واستقبال آخر،
ينشغل الجميع بصخب الأسماء المرشحة لنيل جوائز الأوسكار والتي تعلن منتصف
فبراير/ شباط المقبل .
وما بين نجوم صاعدة نجحت في حجز مكانة مميزة لها على الشاشة الفضية في
،2012 إلى أفلام حققت خسائر فادحة، إلى أخرى قدمت ترفيهاً رائعاً بميزانيات
إنتاج متواضعة، ووصولاً إلى التقنية الجديدة التي صور بها بيتر جاكسون
فيلمه “ذي هوبيت رحلة غير متوقعة” حاولنا رسم أهم ملامح العام سينمائياً،
فكانت كالتالي:
1- ميزانيات ضخمة وخسائر فادحة:
أهم ملامح هذا العام يمكن أن نبدأها من فيلم “جون كارتر” الذي أنتجته
شركة “ديزني” هذا العام بمبالغ خيالية وصلت إلى 250 مليون دولار، إضافة إلى
100 مليون أخرى أنفقت على الدعاية، واعتبر “كارثة سينمائية”، أطلق عليه
النقاد بعد عرضه في مارس/ آذار “ضربة كبرى” و”تاريخ الفشل ووجهت إليه
عبارات نقد قاسية لضعف مستواه الفني، وهو ما انعكس بالتالي على خسائر
اقتصادية فادحة كلفت الشركة 200 مليون دولار، بعدما توقفت عائدات بيع شباك
التذاكر عند 70 مليون دولار فقط، وهو ما دفع بالرئيس التنفيذي لديزني ريتش
روس إلى تقديم استقالته رغم نجاحه في منصبه لعقد كامل بالسابق .
الفيلم من تأليف وإخراج أندرو ستانتون في أول تجاربه الروائية إذ
اقتصرت خبرته السابقة على أفلام الرسوم المتحركة، وفشل بطله تايلور كيتش في
تقمص دور البطل كارتر الذي يحاول أحد الكائنات قتله أثناء اختبائه في احد
الكهوف، لكنه يتغلب عليه ليجد نفسه وسط سكان كوكب المريخ، بأشكالهم غير
المألوفة، وأطوالهم البالغة 12 قدماً، وبشرتهم الخضراء . وبحسب مجلة
“هوليوود ريبورتر” كان كل شيء “مهترئاً” بالفيلم حتى تصميم شكل أهل المريخ
بدا مضحكاً، والمعارك ساذجة .
على النقيض تماماً كانت تجربة “سوني بيكتشرز” التي أنتجت فيلم “هوتيل
ترانسلفانيا”، وهو من أفلام الرسوم المتحركة، الذي بلغت ميزانيته 85 مليون
دولار، وكانت المفاجأة الكبرى بتحقيقه نجاحاً غير متوقع إذ حصد إيرادات
وصلت إلى 270 مليوناً، وتعتزم الشركة إنتاج جزء ثان منه العام المقبل بفريق
العمل نفسه: المخرج جنيدي تارتاكوفسكي، والمؤلف ديفيد آي ستيرن، والبطولة
الصوتية لكل من آدم ساندلر، وسيلينا غوميز .
اعتبر الفيلم من أنجح أعمال العام، وحصل على إشادة واسعة من النقاد
الذين منحوه 5 .7 درجة من 10 في تقييم الأعمال، وكتب عنه جون نومير في
“نيويورك ديلي نيوز إن فكرة الفيلم جريئة تزيل حاجز الخوف من شخصية
دراكولا، ويناسب الكبار والصغار” . وأضاف نيل مينوا من شيكاغو تايمز
“الفكرة حاضرة، والموسيقا مناسبة، والمؤثرات البصرية والصوتية على بساطتها
جيدة، إنه الترفيه المناسب للجميع” .
الناقد السينمائي أوين جلبريمان من مجلة انترتانمينت قال: “السينما في
المقام الأول صناعة يجب الإعداد جيداً لها، ورغم أن الحكم بجودة الأعمال من
عدمها يجب ألا يعتمد على نجاحه اقتصادياً، إلا أن عائدات شباك التذاكر
أصبحت الآن المعيار الأول والأهم” .
وأضاف: “يعد الفيلم ناجحاً اقتصادياً إذا تمكن من جني ضعف ميزانية
إنتاجه”، ورصد عدداً من أسوأ أفلام العام اقتصادياً وفنياً ومن أهمها:
The Oogieloves In The Big Ballon Adventure
والذي لم يحقق سوى مليون دولار فقط وبلغت ميزانية
إنتاجه 20 مليوناً، ولم تنجح نجومية إيدي مرفي في إنقاذ فيلم
THOUSAND WORDS
لم يحقق سوى 20 مليون دولار وكلفة إنتاجه تجاوزت 40 مليوناً، وتكررت
التجربة نفسها مع فيلم
ROCK OF AGES
للنجم توم كروز الذي لم يحصد النجاح المتوقع ولم تتجاوز أرباحه 56 مليون
دولار، وتجاوزت ميزانية إنتاجه 75 مليوناً . وللعام الثاني على التوالي
يصادف آدم ساندلر سوء الحظ بعد فشل أعماله العام الماضي وحصوله على “أسوأ
ممثل” لتعاد الكرة هذا العام في فيلم
THAT'S MY BOY
وتوقفت عائداته عند 57 مليوناً، وميزانية إنتاجه
تجاوزت 70 مليوناً .
ورغم فشل فيلم درو باريمور
BIG MIRACLE
اقتصادياً إذ لم تتجاوز عائدات شباك التذاكر 21 مليون دولار، وميزانيته 30
مليوناً، إلا أنه الوحيد الذي حصل على إشادة واسعة من النقاد، الذين أرجعوا
تواضع عائداته إلى توقيت عرضه الذي لم يكن مناسباً إذ تصادف مع فيلم “ذي
أدفانجرز” وهو احد أهم أفلام العام الذي نجح في اجتذاب شريحة كبيرة من
المشاهدين الذين يفضلون أفلام الحركة على الأفلام الاجتماعية الرومانسية .
2- عام المفاجآت السينمائية غير المتوقعة
صادف هذا العام نجاح أفلام بشكل غير متوقع، في حين خيبت أعمال أخرى
الآمال بعدما توقع لها النقاد والجمهور أن تكون بالمقدمة، في الوقت الذي
صادفت بعض التوقعات الدقة، وأهمها كان فيلم
THE AVENGERS
“ذي أدفانجرز” الذي جاوزت أرباحه 5 .1 مليار دولار من حصيلة العرض العالمي
منها 617 مليوناً بالولايات المتحدة فقط، لتعوض به ديزني بعضاً من خسائرها
في فيلم “جون كارتر” .
كذلك كانت عودة ناجحة لسلسلة أفلام الرجل العنكبوت في
AMAZING SPIDERMAN
الذي نجح في جمع 691 مليون دولار، بتكلفة إنتاج 230 مليوناً، رغم غياب
نجمه الأول توبي ماغواير الذي حل محله أندرو غارميلد معتمداً على نجاحه
الكبير العام الماضي في فيلم “الشبكة الاجتماعية” .SOCIAL
NETWORK
حقق فيلم كريستيان بيل
THE DARK NIGHT RISES
صعود فارس الظلام “النجاح المتوقع له بعائدات تجاوزت 853 مليون دولار
عالمياً، رغم الضربة القاصمة التي تعرض لها في أول عروضه السينمائية عندما
أطلق أمريكي النار عشوائياً على رواد سينما في كولورادو راح ضحيته 12
شخصاً” .
ومازال الجزء الأخير من سلسلة أفلام الشفق “توايلايت” يحصد النجاح
المتوقع له، كما وافقت توقعات الجمهور والنقاد نجاحات كبرى لأفلام
snow man and huntsman
أو “بياض الثلج والصياد” لكريستين ستيوارت، وتشارليز ثيرون، وأحدث نسخ
العميل السري جيمس بوند “سكاي فول” من بطولة دانييل كريغ، ومع نهاية العام
كانت أكثر النجاحات المنتظرة بعرض “ذي هوبيت رحلة غير متوقعة” لبيتر
جاكسون.
أما الأفلام التي شكل إخفاقها مفاجأة سينمائية من العيار الثقيل،
فيأتي على رأسها فيلم الخيال العلمي
PROETHEUS
للمخرج الكبير ريدلي سكوت، ويحكي قصة مجموعة علماء يحاولون فك ألغاز
البشرية على كوكب زينتا ،2 ورغم القصة المشوقة، وإبهار المؤثرات البصرية،
وإخراج سكوت المميز فإنه حقق 130 مليون دولار فقط، وميزانيته قاربت نفس
المبلغ .
وكان هذا العام “موسم الحظ السيئ” للمخرج تيم بيرتون الذي لم يحالفه
النجاح في أهم أعماله
DARK SHADOW
من بطولة جوني ديب، ولم يحقق إلا 150مليون دولار،
وتجاوزت ميزانية إنتاجه 236 مليوناً .
ورغم نجومية ستيفن سبيلبيرغ مخرج فيلم
ABRAHAM LINCOLN VAMPIRE HUNTER
وغرابة القصة الخيالية التي صورت الرئيس 16 للولايات المتحدة لينكولن
الذي أنهى العبودية بالقرن ،19 ليكتشف بعدها وجود مصاصي دماء يهدفون إلى
السيطرة على وطنه، ويجعل مهمته التخلص منهم بشكل شخصي، والدعاية المكثفة
للفيلم، فإن عائدات بيع شباك التذاكر توقفت عند 78 مليون دولار، على حين
تكلف إنتاجه 69 مليوناً، ويرجع بعض النقاد ذلك إلى مواجهة الفيلم منافسة
شرسة مع أحدث أجزاء سلسلة أفلام توايلايت التي طرحت تقريباً في الموعد نفسه
.
وخيب فيلم
battleship The
توقعات الجمهور والنقاد ولم يحصد إلا 303
ملايين دولار، وتجاوزت ميزانية إنتاجه 209 ملايين، والأهم أن أغلب
الإيرادات جاءت من العرض العالمي، لفشله بدور السينما الأمريكية التي لم
يجمع بها سوى 65 مليوناً فقط . والفيلم من إخراج بيتر بيرغ ويحكي قصة سفينة
من الفضاء الخارجي تخلق حالة من الاستنفار بسلاح البحرية الأمريكية، لتبدأ
معركة جديدة بين البشر والمخلوقات الفضائية .
أما كبرى المفاجآت السينمائية فحققها فيلم “تيد”
TED
من إخراج سيز ماكفارلان، وأداء صوتي لميلا كونيس وجيوفاني رابيس ولم تتجاوز
ميزانية إنتاجه 50 مليون دولار، بينما حصد أكثر من 502 مليون عائدات شباك
التذاكر .
وكان فيلم ويل سميث
MEN IN BLACK 3
المفاجأة الثانية فجنى أرباحاً عالمية تجاوزت 620 مليون دولار، رغم أن
ميزانية إنتاجه توقفت عند 166 مليوناً، وهو إنتاج مشترك بين سميث والمخرج
ستيفن سبيلبيرغ.
أغرب التجارب السينمائية لهذا العام كانت
SEEKING A FRIEND FOR THE END OF THE WORLD
، والفيلم أنتج ب 10 ملايين دولار فقط، وحصد 9 ملايين، لكن اللافت أنه رفع
من دور العرض السينمائي بعد أسبوعين فقط، ولم يعرض عالمياً وطرح مباشرة على
أقراص
DVD
، الفيلم تأليف وإخراج لوريني سكافاريا، وبطولة ستيف كاريل وكايرا
نايتلي، وهو من نوعية الدراما الكوميدية يحكي قصة الزوجين ليندا ودودج
وكيفية تفاعلهما مع أنباء تشير إلى اقتراب اصطدام كويكب بالأرض ربما يقضي
على شكل الحياة . وأرجعت الناقدة سارا بيترسون من مجلة “هوليوود ريبورتر”
فشل الفيلم إلى عدم تقديم معالجة جديدة لفكرة قديمة ومستهلكة سينمائياً،
إضافة إلى افتعال المواقف الكوميدية .
ويعد فيلم “ألعاب الجوع” تجربة فنية خاصة من أهم ملامح العام، والفيلم
اقتباس من رواية خيال علمي للكاتبة الأمريكية سوزان كولينز، ويحكي قصة
مسابقة سنوية يشارك بها 24 شاباً وفتاة تدعى مباريات الجوع يتقاتلون فيما
بينهم حتى الموت والفائز هو آخر شخص يظل على قيد الحياة .
تم إنتاج الفيلم ب 78 مليون دولار، وحصد أكثر من 533 .686 ملايين ودفع
هذا النجاح الكبير إلى البدء بإعداد جزء ثان يتم تصويره العام المقبل مع
فريق العمل نفسه المخرج غاري روس، والأبطال جينيفر لاورانس وليام هيمسورث .
3- أفلام الرسوم المتحركة اقل حضوراً هذا
العام
تراجعت ظاهرة إنتاج عدد كبير من أفلام “الأنيميشن” هذا العام رغم أنها
كانت ظاهرة العام الماضي، وأكبر دليل على ذلك أن 5 أفلام أمريكية فقط من
ضمن 18 هي التي تنافس على جائزة أكاديمية العلوم والفنون البصرية في دورتها
الخامسة والثمانين، وهي “برايف”، “مدغشقر”،3 “آيس ايج 4”، “رالف المدمر”،
فرانكو بين، “بارانومان” .
وبحسب تقرير نشرته مجلة انترتاينمنت الأمريكية وصادر عن
MOJO
المختصة بتقدير عائدات شباك التذاكر بلغ إجمالي عائدات أفلام الأنيمشن لهذا
العام 2مليار و3 ملايين دولار، حققت النسبة الأعلى منها فيلم
BRAVE
وهو الأقرب لنيل الأوسكار، أنتجته شركة بيكسار بميزانية 185 مليون دولار،
وحقق أرباحا تجاوزت نصف مليار دولار، ويحكي قصة الأميرة ميريدا التي تحاول
التخلص من تحكم والدتها الملكة في حياتها فتتسبب بعدة مشاكل لمملكتها .
الفيلم إخراج مارك أندروز وبريفدا شابمان، وقدم الأداء الصوتي له إيما
واطسون وكريغ فيرغسون .
لفت فيلم “فرانكو بين” من إنتاج ديزني الانتباه لتحقيقه إيرادات بلغت
583 ملايين دولار، ولم تتجاوز ميزانية إنتاجه 39 مليوناً، وهو من إخراج تيم
بيرتون، وقدم الأداء الصوتي له وينونا رايدر ومارتن لانداو، ويحكي قصة
الطفل هيكتور الذي يفقد كلبه بحادث سيارة .
"تايتانيك" و"ذي هوبيت" بتقنية أحدث
منتصف إبريل / نيسان الماضي وبمناسبة مئوية غرق السفينة تايتانيك،
أصدرت شركتا فوكس وبارامونت بيكتشرز نسخة جديدة من الفيلم ثلاثية الأبعاد .
وبلغت كلفة تحويل النسخة الأصلية إلى ثلاثية نحو 18 مليون دولار، عمل
عليها نحو 300 تقني لمدة 60 أسبوعاً، وبلغ عائدات شباك التذاكر نحو 58
مليون دولار .
ويعد الفيلم من أنجح ما قدم على الشاشة العالمية من إخراج جيمس
كاميرون، تجاوزت أرباحه المليار دولار، وحصد أكثر من 11 جائزة أوسكار،
وأطلق نجومية واسعة لنجميه ليوناردو دي كابريو وكيت وينسلت، وحصل على إشادة
مجدداً من النقاد والجمهور بعد إضافة تقنية الأبعاد الثلاثية عليه .
ومع نهاية العام عرض فيلم “ذي هوبيت رحلة غير متوقعة” بتقنية ثلاثية
الأبعاد بمعدل 48 إطاراً في الثانية أي ضعف المعدل العادي، وابتكرها للمرة
الأولى المخرج بيتر جاكسون وأسهمت إلى حد كبير في نجاح الفيلم .
قائمة ترشيحات الأوسكار 2013
مع بدايات العام الجديد ترتفع حمى التوقعات للأفلام والفنانين الأوفر
حظاً لنيل أهم جوائز السينما العالمية، ونقدم هنا قائمة “الغارديان”
البريطانية التي رشحت جائزة أفضل فيلم ل:
“أبراهام لنكولن ومصاصو الدماء”، “آرغو”، “صعود
فارس الظلام”، “حياة باي”، “آنا كارنينا”، “البؤساء”، “ذي هوبيت” .
ومن أقوى المرشحين لجائزة أفضل ممثل: راسل كرو عن دوره في البؤساء،
دانييل داي لويس عن فيلم لنكولن، وجان لويس ترينتينان عن فيلم “الحب” .
ومن المرشحات لأفضل ممثلة آن هيثواي عن “البؤساء”، جينيفر لاورانس عن
“ألعاب الجوع”، وماريون كوثيار عن “عظام وصدأ” .
رشح لأفضل مخرج عدة أسماء أهمها ستيفن سبيلبيرغ عن فيلم لنكولن، توم
هوبر عن “البؤساء”، بن أفليك عن “آرغو”، كاثرين بيجيلو عن “زيرو دارك ثيرتي”
.
الخليج الإماراتية في
26/12/2012
تم ترشيحه للأوسكار وتعتمد عليه
الدولة للترويج للسياحة
"ذي
هوبيت" رحلة إلى الخيال تبدأ من
نيوزيلندا
إعداد: محمد فتحي
يبدو أن عام 2012 لم تنته معجزاته السينمائية في مجال الرسوم
المتحركة، وجاء آخرها “ذي هوبيت، رحلة غير متوقعة”، الفيلم الذي يروي قصة
رحلة ملحمية تدور أحداثها في زمن ما قبل سلسلة أفلام “سيد الخواتم”، لنفس
المخرج النيوزيلندي بيتر جاكسون، والمأخوذة عن الرواية الأصلية “ذي هوبيت”
للروائي الإنجليزي جون تولكين الصادرة عام ،1937 وهو من إنتاج شركة “مترو
غولدوين ماير” الأمريكية، بطولة مارتن فريمان، إيان ماكلين، كيت بلانشيت،
أندي سيركس، إليجاه وود، ريتشارد أرميتاج، بنديكت كومبرباتش، وأندي سيركس .
“ذي هوبيت” الذي يعرض في الصالات السينمائية في
العالم حالياً، هو الفيلم الأول من ثلاثة أفلام متتالية تم تصوير اثنين
منها إلى الآن، وقد رصدت للمجموعة شركة “مترو غولدوين ماير” مبلغ 574 مليون
دولار كتكلفة إنتاجية . وسنشهد العام المقبل ظهور الفيلم الثاني وانطلاق
تصوير الفيم الثالث .
تعد الرواية قصة استباقية للأحداث التي شاهدناها في الجزء الأول
لسلسلة “سيد الخواتم”، حيث تتناول مغامرات بيبلو باغينز (مارتن فريمان)، عم
الصغير فرودو (إليجاه وود)، الذي ظهر على هيئة رجل عجوز في سلسلة “سيد
الخواتم” . وفي “ذي هوبيت” تحكي الأحداث مغامراته وهو في ريعان شبابه،
ونراه يرويها لفرودو قبل أن ينطلق الأخير برفقة زميله لتدمير الخاتم .
تتمثل المغامرة في قيام بيلبو برفقة مجموعة من الأقزام بتكليف من الساحر
العجوز “غاندالف” لاستعادة كنوز مملكة الهوبيت المفقودة “إريبور” والتي
غزاها التنين الأسطوري “سماج” منذ زمن بعيد . من هنا يبدأ بيبلو رحلته
الأسطورية مصطحباً 30 من أقزام الأرض الوسطى “دوارفز”، وبقيادة المحارب
الأسطوري “ثورين أوكينشيلد”، ليهجروا ثقوبهم الحارة وسط الطبيعة الساحرة
الدافئة، إلى أودية الجبال والكهوف الضبابية في رحلة محفوفة بالمخاطر .
وخلال توجههم للأراضي الواقعة غرب وشرق “الجبل الوحيد”، كان عليهم أولاً أن
يمروا عبر أنفاق “جوبلين” الغامضة، حيث يقابل بيبلو المخلوق “غولوم” الذي
سيغير مجريات حياته إلى الأبد . أثناء مغامراته الشيقة، لم يتعلم بيبلو
المتواضع، الدهاء والمكر من غولوم فحسب، بل استطاع أيضاً أن يستحوذ على
خاتم قيم كان بحوزته، والذي له علاقة وثيقة بمصير ومستقبل مملكة وسط الأرض
بأكملها، على نحو لم يدركه بيبلو في بادئ الأمر، ليستمر في مغامراته من أجل
فهم ذلك اللغز . لكن نهاية الفيلم لن تكون نهاية المغامرات، إذ إن سلسلة
أفلام “الهوبيت” تستكمل بفيلمين آخرين من المقرر عرضهما نهاية عامي 2013 و
2014 على التوالي لتكملة القصة الملحمية للأقزام “الهوبيت” وقصة استردادهم
لمملكتهم المفقودة .
يعد العمل الملحمي تحفة سينمائية من الصعب أن تتكرر، وتم تصويره
بنيوزيلندا في العديد من الأماكن التي تتسم بجمال الطبيعة مع إضفاء
الديكورات والمؤثرات التي تشعرنا بأننا في عالم من الأحلام والخيال والسحر،
مع مؤثرات صوتية وبصرية تفوق تقنيات سلسلة أفلام “سيد الخواتم” . وحرص
جاكسون على تصوير ثاني سلسلة ملحمية له وعرضها لأول مرة داخل مسرح “إمباثى
سياتر” بمدينة ويلينعتون بنيوزيلندا في 28 من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي،
بينما أطلق نسخته التجارية في الولايات المتحدة ودول عدة منتصف الشهر
الجاري . وعلى الرغم من عرض الفيلم في أواخر أيام السنة، فقد لحق “ذي هوبيت”
بقطار جوائز الأوسكار، والذي يتوقع العديد من النقاد أن يحصل على أكثر من
جائزة بسبب تقنياته التي استخدمت لأول مرة في تاريخ السينما الأمريكية، وتم
ترشيحه من قبل أكاديمية فنون وعلوم الرسوم المتحركة ضمن قائمة تضم عشرة
أفلام لنيل جائزة الأوسكار لأفضل مؤثرات بصرية، والتي سيعلن عنها رسمياً في
العاشر من يناير/كانون الثاني المقبل، ليقام حفل توزيع الجوائز في 24
فبراير/شباط المقبل . ومنذ أوائل أيام تصويره حتى عرضه الأول، انتشرت الصور
والرسومات والتماثيل الضخمة التي تجسد شخصيات الفيلم الأسطورية لتزين
الشوارع والمقاهي ودور العرض في نيوزيلندا، كذلك شهد الفيلم ميزانية دعائية
ضخمة، تمثلت في حجم الإعلانات والملصقات الدعائية التي استخدمت ولأول مرة
على واجهة طائرات الخطوط الجوية النيوزيلندية ليكون أول إعلان طائر . وكان
الاحتفاء بالفيلم منقطع النظير من قبل سكان نيوزيلندا الذين ينظرون إليه
كصناعة وطنية تحاكي نظيرتها في هوليوود من حيث المؤثرات والتقنية العالية
المستخدمة في تصويره . وبرز الاحتفاء الجماهيري والتشوق الشديد لعرض الفيلم
خلال عرضه الرسمي الأول بمدينة ولينغتون، حيث تكلف الافتتاح فقط ما يزيد
مليوني دولار، وقد انبهر الزوار القادمون من الخارج لحضور الحفل حينما
لاحظوا أن كل شيء فى المدينة معد للاحتفال بعرض الفيلم وكأنه حدث تاريخي،
وتبدأ مظاهر الاحتفال من مطار نيوزيلندا، من خلال عرض فيديوهات الرسوم
المتحركة على شكل “الهوبيت” التي ترشد المسافرين وتطلعهم على وسائل الأمان،
كذلك صالة الاستقبال الرئيسة يتدلى منها مجسم ضخم لشخصية غولوم محاولاً
الإمساك بسمكة ليأكلها، وبمجرد الخروج للمدينة تنتشر أعلام على شكل شخصيات
الهوبيت ترفرف على كل أبنية المدينة التي حول المسؤولون اسمها من ويلينغتون
إلى “Middle
of the middle earth” أو “مركز الأرض الوسطى”، في إشارة إلى القارة
الخيالية التي اختلقها الروائي البريطاني جون تولكين مؤلف رواية الهوبيت،
والتي تدور حولها قصة الفيلم . كذلك تم تصميم تمثال ضخم للساحر غاندالف،
الشخصية المحببة إلى قلوب الأطفال، في استقبال الزوار على بوابة “إمباثي
سياتر” . كما ترقب الآلاف من المعجبين حفل الافتتاح واضطر بعضهم إلى المبيت
أمام المسرح لحجز مكان متميز لرؤية نجوم الفيلم عن قرب . وحضر الحفل المخرج
النيوزيلندي على رأس فريق عمله برفقة مارتن فريمان ومجموعة من أبطال
الفيلم، وبرز الكندي جيمس كاميرون، مخرج فيم “أفاتار” بين المدعوين، وكذلك
رئيس الوزراء النيوزيلندي جون كي، وأحيا المغني والملحن النيوزيلندي نيل
فين الحفل الموسيقي الذي أقيم على مسرح السجادة الحمراء لتلك المناسبة .
رغم احتفاء المدينة ب “ذي هوبيت”، إلا أن شركة الإنتاج “مترو غولدوين
ماير” كانت على وشك نقل تصوير الفيلم إلى دولة أخرى غير نيوزيلندا، بعد
المشكلات التي واجهتها مع نقابات الممثلين المحلية بشأن الأجور في
أكتوبر/تشرين الأول ،2010 إلا أن الحكومة النيوزيلندية تدخلت وقبلت تعديل
قانون العمل لإنقاذ الفيلم، كما تم التوقف عن العمل مرات عدة بسبب مشكلات
في التمويل ما اضطر شركة الإنتاج للاقتراض من أموال دافعي الضرائب بما
يعادل 14 في المئة من التكلفة الإجمالية، التي وصلت إلى 575 مليون دولار،
بالمقارنة مع 246 مليون دولار تكلفة إنتاج سلسلة أفلام “سيد الخواتم” منذ
أكثر من عشر سنوات . ولكن رئيس الوزراء جون كي صرح ضاحكاً بأنه على يقين
بأن الأموال التي تم إنفاقها ستعود بحجم كنز التنين “سماج” . كما أوضح أن
نيوزيلندا تعول على فيلم الخيال والمغامرات لزيادة أعداد السياح الوافدين
إليها، لذا تقرر ترك كواليس وديكورات الجُزْأين الأول والثاني من الثلاثية،
اللذان تم تصويرهما في مدينة “ماتاماتا” جنوبي أوكلاند كما هي وتحويلها إلى
معالم سياحية . ويأمل “كي” في أن يحقق عرض الجزء الأول في شهر ديسمبر/كانون
الأول الجاري، والجزء الثاني في عام ،2013 زيادة في أعداد السياح تفوق
الزيادة التي حققتها سلسلة الأفلام الخيالية “سيد الخواتم” .
تحوِّل الفيلم إلى موضة وانتشارها بين أوساط الجماهير، أصاب بعضهم
بحالة من الإحباط أثناء مشاهدتهم للقطات الإعلانية ، حيث جاءت تعليقاتهم
على العديد من البرامج واستطلاعات الرأي معبرة عن إستيائهم من المؤثرات
المستخدمة في الفيلم الذي يبدو وكأنه مصنوع للتلفزيون وليس بغرض العرض
السينمائي، ولكن الممثل إيان ماكلين أوضح للجمهور أن تلك المؤثرات لم تظهر
بالشكل المطلوب في المشاهد الإعلانية، وقال مدافعاً عن الفيلم إنه تم
تصويره بتقنية ثلاثية الأبعاد لذا لا يمكن أن نلاحظها أثناء العرض الإعلاني
على شاشات التلفزيون غير المؤهلة لإظهار تلك التقنيات . ولكن هذا التقدم
التكنولوجي الهائل للفيلم لم يمنع النقاد من توجيه اتهامات للمخرج بسبب
اعتماده تكنولوجيا تصوير تعرض الفيلم بمعدل إطار عالي التردد يصل إلى 48
إطاراً في الثانية على شاشات السينما غير المجهزة لذلك، ما يسبب إحساساً
بعدم الارتياح لدى الكثيرين أثناء المشاهدة، وهو الأمر الذي لم ينكره
جاكسون، ولكنه دافع عن موقفه بأن تلك التكنولوجيا لا مفر منها فى المستقبل
القريب وخاصة فى مجال الصورة ثلاثية الأبعاد بهدف إضفاء الواقعية على
الصورة والحركة داخل الفيلم، ليضمن تعايش الجمهور مع الحدث . كثير من
المحللين أكدوا أن مواكبة تلك التكنولوجيا في الوقت الحالي، سوف يتحملها
أصحاب دور العرض من خلال إجراء العديد من التعديلات على أجهزة العرض
“بروجكتور” وتطويرها لتواكب التردد الجديد للحفاظ على الصورة من دون أي
تشتت أو ازدواجية . ويعتبر جاكسون وجيمس كاميرون مخرج فيلم “افاتار” من
أنصار تلك التكنولوجيا، لكن أنج لي مخرج فيلم “حياة باي” كان له رأي آخر،
حيث قال، إنه من دور هذا التردد الجديد في إضفاء الواقعية الشديدة على
الصورة، إلا أنه من غير المعقول أن يحل كل المشكلات المتعلقة بالصورة، بل
ويمكن أن يتسبب في مشكلات أخرى أثناء العرض ما سيؤدي إلى فشل الفيلم،
وأضاف: أنه يمكن تطبيق هذا التردد تدريجياً حتى يعتاد عليها الجمهور . فجاء
رد جاكسون حاسماً، بقوله إن إيقاف تطوير تكنولوجيا المؤثرات البصرية
بالفيلم الآن أمر لن يحدث، حيث إن الجميع ينتظر الفيلم بفارغ الصبر كي
يشاهدوا عملاً لم يشاهدوه من قبل من خلال تجربة مثيرة لم يسبق لها مثيل .
كما وافقه الرأي ممثلون من شركة الإنتاج “ورنر برذرز” التي ستتولى مهمة
التوزيع، وسلسلة دور العرض “ريجال”، حينما أعطوا له الضوء الأخضر فى المضي
قدماً في رحلته الخيالية الشيقة وإتمامها بالفيلم الثالث الذي ينتهي من
تصويره قريباً بالتقنية نفسها، كما وافقت شركة “ريجال” على تطوير 2700 دار
عرض كمرحلة أولى لعرض “ذي هوبيت” . واللافت أن الفيلم سوف يطرح ثلاثة أنواع
للفيديو: ثلاثية الأبعاد، وثنائية الأبعاد وآي ماكس ثلاثي الأبعاد، حيث
ستكون كل صيغة بالترددات 24 و48 إطار فى الثانية ليرضي كل الأذواق . ويقول
جاكسون: علينا التريث حتى منتصف الشهر الحالي لنعرف ما يقوله الجمهور نفسه
تجاه الفيلم . ولمزيد من الإبهار والإثارة فقد استخدم جاكسون مؤثرات صوتية
من خلال تكنولوجيا “دولبي آدموس” من أجل تقديم مسار صوتي أكثر طبيعية
وواقعية، حيث يقوم بتحريك الصوت حول الجماهير وفوقهم ليشعرهم بالانتقال إلى
عالم الأرض الوسطى داخل أحداث الفيلم، وعدم الاكتفاء بمجرد مشاهدتها .
تجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من التكنولوجيا الصوتية أحدث ثورة في
تجربة الصوت في عالم الترفيه، حيث تسمح لمصممي ومازجي الصوت بالوصول إلى
مستوى جديد من التحكم المبتكر، وتضمن حصول جمهور السينما على جميع المؤثرات
الصوتية لهذا المزج الصوتي بغض النظر عن تجهيزات صالات السينما .
كما يتوقع المحللون أن يتصدر إيرادات السينما الأمريكية “Box
Office” منذ الأسبوع الأول لعرضه في الولايات المتحدة، كما سوف يحقق أكثر من
مئة مليون دولار في أقل من شهر بسبب مواكبته لأعياد رأس السنة .
الخليج الإماراتية في
26/12/2012 |