التقت الجزيرة الوثائقية احد اهرام السينما العربية والمصرية
السيناريست والمخرج علي بدر خان مخرج فيلم الكرنك ،وشفيقة ،ومتولي وفيلم
الحب بالإضافة إلى فيلم الراعي والنساء .
هذا الانسان المبدع خلقا وإنتاجا غزيرا هو هرم تأخدك افلامه وحسه
السينمائي الراقي نحو متاهات هذه الصورة المليئة بالحياة هو فنان وإنسان
صنع لنفسه مكانا وسط قلوب محبيه
.
·
من خلال زيارتك الاخيرة للمغرب ,
هل لاحظت نوعا من الابداع الحقيقي للمسيرة الفنية للسينما المغربية ؟
لم تتح لى الفرصه خلال زيارتى الأخيرة الى المغرب أن أتابع أيا من
الحركة الفنيه للسينما المغربيه حيث كان برنامجى مشغول طوال الوقت .. ولكن
من خلال متابعتى للمسيرة الفنية للسينما المغربية أرى أن السينما المغربية
فى تطور وازدهار من ناحية المستوى الفنى وكذلك من ناحية كم الإنتاج –
بالرغم ما تواجهه السينما المغربية من تحديات تتعلق بعدد دور العرض
والمؤسسات الإنتاجية الخاصة والتسويقية والتوزيع
...
ولكن بالمقارنة بما هو موجود فى مصر نجد أن هناك حوالى عشرون مشروع
تلقى الدعم من الدوله عام 2012 وحوالى ثلاثين مشروع فى عام 2011 بينما فى
مصر كان عدد الإنتاج يتراوح بين 12- 15 فيلماً
..
·
ألا ترى معي أن كثرة المهرجانات
السينمائية في الوطن العربي لا تعدو أن تكون بهرجة , أكثر منها تطوير
للفن السينمائي , أم أن العكس هو الصحيح ؟
إنى أتفق معك أن بعض المهرجانات فى كثير من الدول العربية لا تعود
بفائدة مادية على بلدانها ولا بفائدة ثقافية ولا سينمائية ..كما هو حادث فى
المهرجانات فى دول أوروبا وغيرها من دول العالم .. يجب فى رأيى أن ينظر
للمهرجانات كمشروع اقتصادي وثقافى وفنى لابد أن يكون له مردود حقيقي ..
·
المهرجان الدولي السينمائي
لمراكش أطفأ شمعته الثانية عشر مؤخرا هل تعتبره قد وصل إلى مرحلة النضج ؟
أم لازال أمامه العديد من العقبات حتى يفرض وجوده العالمي ؟
ما ينقص السينما المغربية فى رأيي هو وجود منتجين أو شركات إنتاج خاصة
تستثمر فى مجال الإنتاج والتوزيع .. مع البحث عن حلول لتسويق اللهجة
المغربية لدى الدول العربية ولن يكون ذلك سهلاً ويحتاج بعض التضحيات كأن
تهدى الى محطات التلفزيونات والفضائيات العربية نسخ من الأفلام ولو بدون
مقابل فى البداية حتى يتعود الجمهور العربى على اللهجة المغربية .. كما إنى
أرى أن ألإنتاج المستهلك بين الدول العربية قد يساعد فى هذا المجال
..
·
مصر الثورة تحتاج إلى التوثيق ,
هل يفكر المبدع بدر خان في إنجاز فلم يوثق لهده المرحلة .. التاريخية من
حياة أم الدنيا ؟
أعتقد أن هناك الكثير من الأفلام الوثائقية والإخبارية قامت بتوثيق
لثورة 25 يناير .. والتفكير فى عمل فنى لهذه المرحلة التاريخية أرى أنة يجب
أن يخدم أهداف الثورة ويروج لها وليس مجرد إقحام الثورة فى عمل ما لتستغل
تعاطف الجماهير مع الثورة
.
·
ليس خفيا تراجع المضامين ألاجتماعية في الانتاج السينمائي المصري خلال
السنوات الاخيرة , ألآ ترى أن مرحلة الربيع العربي كفيلة بإعادة
التوهج لقطاع الشاشة المصرية ؟
بدون شك أن مرحلة الربيع العربى ستعيد صياغة الوجدان والمفاهيم لدى
قطاعات كبيره من أهلنا فى بلدان ثورات الربيع العربى خاصة وفى العالم
العربى بشكل عام .. وهذا ولابد سوف ينعكس على الثقافة والفن والإعلام ..
واَمل أن نرى التوهج الفنى والإبداعى فى السنوات القريبة القادمة ..
·
خلفت وفاة الفنانة سعاد
حسني الكثير من التأويلات والشائعات حول أسباب موتها , فمن قائل
بانتحارها , إلى قائل باغتيالها , أي رواية أقرب للحقيقة ؟
إن التأويلات والشائعات التى تم تداولها لاستغلال وفاة الفنانة
الراحلة سعاد حسنى شئ مؤسف من وسائل الاعلام المصرية والعربية , كان الأجدر
أن نحيى ذكرى فقيدة الفن العربى بما يتناسب وعطائها الذى أمتعت بها الشعوب
العربية بفنها طول سنوات حياتها .. بدلاً من الشائعات والتأويلات ..
فلنسأل , الله للفقيدة الرحمة
..
·
الفنان بدر خان , يعد اسما لامعا في مجال الاخراج والإبداع عموما ,
فأي رسالة فنية تقدمها لمشاهدي قناة الجزيرة الوثائقية ؟
بداية إننى من أكثر المعجبين بقناة الجزيرة الوثائقية لما تقدمة من
أعمال تمد المشاهدين بالثقافة والمعلومات القيمة فى إطار فنى عالى الجودة
والإتقان وأرى أنها أجدر بالمشاهدة من كثير من القنوات التى تخاطب الرغبات
والغرائز ولا تعود على المشاهد بأى فإئده بل قد تؤثر سلباً فى كثير من
النشأ .. فاستمرار مثل قناة الجزيرة الوثائقية أعتقد أنة التزام وواجب تجاه
المشاهد العربى وتحية الى هذا المجهود المتميز والجاد
.
الجزيرة الوثائقية في
24/01/2013
إعادة إحياء "لورنس العرب":
عملية الإنقاذ 2/2
أمير العمري
لم يكن أحد قد فحص النسخة السلبية (النيجاتيف) الأصلية من الفيلم منذ
أن حفظت في العلب داخل مخازن شركة كولومبيا قبل 25 عاما. وعندما فتحت العلب
وجد أن النسخة السلبية (مقاس 65 مم بالأبيض والأسود التي تصبح 70مم بعد ضم
شريط الصوت إليها) في حالة سيئة للغاية، فقد وجد أكثر من ألف "وصلة" بين
كادرات الفيلم قد تمزقت، لكن الأخطر الأكبر أن النسخة السلبية كانت قد
قطعت في أجزاء مختلفة منها، نحو مائتي مرة من أجل تحقيق التأثيرات المطلوبة
من مزج واختفاء تدريجي بين المشاهد في المعمل، وغير ذلك.
قرر فريق العمل إرسال النسخة السلبية إلى معامل شركة مترو في أمريكا.
أما شريط الصوت المغناطيسي الذي عثر عليه، فقد أرسل إلى مقر شركة هاريث حيث
تم فحصه وتفريغ مقاطعه المختلفة، ووجد أن زمن عرضه يبلغ 202 دقيقة.
وشحنت كميات كبيرة من المواد الأخرى والشرئط والنسخ التي عثر عليها من
الفيلم في ألمانيا وبريطانيا وهولندا، وأخذ بانتين يفحص كل هذه المواد،
وبدأت عمليا إعادة بناء الفيلم في ضوء كل ما هو متوفر من مواد.
استخدم فريق العمل مئات الآلاف من الأقدام من المواد المصورة
(السلبية- نيجاتيف) مقاس 65 مم، التي لم يكن يوجد على أي منها علامات تشير
إلى ترتيبها أو علاقتها داخل سياق الفيلم، ولقطات أخرى لم يسبق استخدامها،
ومئات الصناديق التي تحتوي على لقطات وأجزاء محذوفة من نسخ مقاس 35 مم،
ونسخ سريعة أو ما يسمى rushes
وهي نتاج التصوير اليومي وتأتي عادة إلى المعامل للتحميض، ومئات الآلاف من
الأقدام لشريطي الصوت والصورة.
توفرت أيضا نسختان (موجبتان) من مقاس 70 مم، واحدة ناطقة بالألمانية،
والثانية ناطقة بالإنجليزية مع ترجمة هولندية على الشريط نفسه. واتضح أن
النسختين يبلغ زمن عرض كل منهما 202 دقيقة. وقد قام الفريق بتصنيف كل هذه
المواد وترتيبها وحفظها بطريقة تمكن من الاستفادة منها.
ووصلت أيضا نسخة احتياطية من شريط الصوت يبلغ زمنها 202 دقيقة ووجدت
علامات عند الكثير من النقاط الفاصلة بين بعض الكادرات استنتج من شكلها
أنها قد تكون النقاط التي حدث عندها قطع ما، أي اختصار لبعض اللقطات.
وعندما أديرت في أجهزة الصوت لاختبارها تبعثرت المادة المؤكسدة الممغنطة
الموجودة على سطح الشريط وتحولت إلى تراب، وتسببت في تعطيل رءوس الأجهزة.
ورغم أن الملاحظة المرفقة معها كانت تشير إلى أنها نسخة احتياطية إلا
أن فحصها في معامل الصوت في شركة جولدوين أثبت أنها النسخة الأصلية لشريط
الصوت للفيلم، ويقع في 202 دقيقة. لكن لم يكن ممكنا استخدامها فقد انتهت
تماما.
قبل الاستمرار في عملية الإنقاذ والاستعادة كان لابد من طبع النسخة
السلبية. قام المعمل بإجراء بعض الإصلاحات في النسخة بقدر الإمكان إلى أن
أمكن إعداد نسخة عمل 70 مم منها.
كانت الألوان في النسخة المطبوعة تميل إلى اللون الأصفر إلا أن صبغات
ايستمان كولور لم تتحلل تماما عبر السنين بل شحبت فقط. وقد أمكن تصحيح
الألوان، بل وأمكن أيضا إخفاء الجروح أو الخطوط التي تشوه بعض المشاهد عن
طريق تغطيتها بمادة سائلة معينة. وبعد طبع نسخة سلبية أرسلت إلى الولايات
المتحدة.
هناك اتضح أنه تم عمل اختصار في النسخة السلبية مرتين من قبل لكن أمكن
تحديد مكان اللقطات التي كانت قد استبعدت في السبعينيات واستعادة معظمها.
استعان هاريث بالمونتيرة آن كوتس التي عملت في مونتاج الفيلم عام 1962
مع ديفيد لين، وبالتالي أمكن معرفة أماكن لصق اللقطات التي استبعدت
واستعادة الكثير من أجزء الفيلم القديم، وهي عملية استدعت أيضا تدخل المخرج
مارتن سكورسيزي في العمل بشكل مباشر. لكن اقتضى الأمر الاتصال بمخرج الفيلم
ديفيد لين الذي قام بالاشراف على إعادة تسجيل الكثير من عبارات الحوار في
الفيلم بعد أن أقنع بيتر أوتول وأليك جينيس وأنطوني كوين وآرثر كنيدي
بالعودة إلى تسجيل العبارات الناقصة التي لم يعد لها وجود بعد أن مسحت
تماما في نسخ الصوت القديمة التي عثر عليها.
جاء أليك جينيس وبيتر أوتول إلى الاستديو مع ديفيد لين في لندن
وتعاونا بكل بساطة في تسجيل حوارهما الناقص. وأعاد أنطوني كوين تسجيل
السطرين الناقصين من حواره في الفيلم، في نيويورك قبل أن يرحل إلى أوروبا،
أما كنيدي فقد أمكن العثور عليه في ولاية جورجيا حيث لحق به باينتين وقام
بتسجيل الصوت بواسطة جهاز تسجيل من نوع ناجرا. أما جاك هوكنز فكان قد توفي
في أواخر الستينيات متأثرا بمرض سرطان الحلق، لذلك استعان لين بالممثل الذي
أصبح متخصصا في القيام بدور البديل (الصوتي) لهوكنز لتسجيل المقاطع
المستعادة التي كان يتكلم فيها.
وفي أبريل 1988 ذهب ديفيد لين إلى لوس أنجليس لكي يشاهد في غرفة
المونتاج النسخة الأولية الأكثر اكتمالا من فيلمه الذي أخرجه قبل أكثر من
25 سنة. وكان يتعين عليه أن يقر النسخة الجديدة لكنه ظل مترددا، يتساءل عما
إذا كانت بعض اللقطات المضافة لا فائدة منها وما إذا كان من الضروري إجراء
اختصار جديد.
أعدت نسخة 70 مم من الفيلم مع نظام صوت دولبي، وعرضت عرضا خاصا في
قاعة أكاديمية علوم وفنون السينما في هوليوود. كانت لحظة تاريخية. لقد تمت
استعادة الفيلم إلى النسخة التي تقع في 202 دقيقة. وعرضت النسخة
المستعادة في ديسمبر 1989 بمناسبة مرور 25 عاما على ظهور الفيلم.
عودة البحث والإنقاذ
هل انتهى مشوار لورنس مع التكنولوجيا الجديدة؟
لم تصمد تلك النسخة طويلا. كان من الضروري أن يعاود البحث مجددا في
عام 2011 عن باقي الأجزاء المفقودة من النسخة الأصلية التي تقع في 222
دقيقة. كانت ألوان النسخة السلبية المستعادة، أي نسخة 1989 قد بدأت في
التحلل، وبدأ الصوت يتآكل. وكانت شركة سوني التي اشترت كولومبيا وآلت إليها
بالتالي أصول كولومبيا من الأفلام بما فيها "لورنس العرب"، عازمة على إعادة
إطلاق نسخة جديدة كاملة شاملة من الفيلم بمناسبة مرور 50 عاما على ظهوره.
مرة أخرى يتم استدعاء آن كوتس
Anne Coates
المونتيرة المرموقة وهي الوحيدة التي ظلت على قيد الحياة من الفريق
الذي عمل مع ديفيد لين عام 1962. وباستخدام نسخة 1989 عملت كوتس مع فريق
خبراء المعامل الرقمية الحديثة
digital
في شركة سوني لمدة شهرين، من أجل ضمان استعادة الألوان وكثافتها ونسبة
تركيز الضوء في الفيلم إلى ما كانت عليه عند ظهوره. وكانت مهمة كوتس إصلاح
الأجزاء التي لم يتمكن فريق هاريس عام 1989 من إصلاحها بسبب عدم توفر
الوسائل التكنولوجية التي أصبحت متوفرة حاليا أي التكنولوجيا الرقمية
المتقدمة.
قام الفريق بعمل مسح رقمي للنسخة الـ65 مم الأصلية (70 مم بعد إضافة
شريط الصوت) لرصد كل العيوب الكامنة في الكادرات واللقطات بما في ذلك عيوب
الألوان والتشققات والخطوط وغيرها.
ونجحت التجارب المختلفة في النهاية في استعادة 20 دقيقة أخرى كان من
المستحيل أن تعود إلى الفيلم مجددا إلا بفضل التكنولوجيا الجديدة وإرادة
فريق الخبراء وحماسهم للفيلم الكبير.
وتسمى التقنية التي استخدمت في استعادة الفيلم إلى حالته الأصلية 8k
وهي أرقى درجات النقاء التي تتحقق من خلال التعامل الرقمي مع الفيلم، وقد
خفضت عند طبع نسخ من الفيلم إلى k4
وهي درجة نقية جيدة لا مثيل لها من قبل. الآن أصبح "نيجاتيف" لورنس العرب
محفوظا في نسخة رقمية ومخزنا كإشارات ضوئية على جهاز الكومبيوتر، وطرحت
الشركة في الأسواق أخيرا نسخة من الفيلم على أسطوانات البلوراي (الأشعة
الزرقاء) ذات الصورة التي تتمتع بجودة عالية ودرجة نقاء كبيرة.
من ضمن الأشياء التي كانت قد استبعدت من النسخة الأصلية للفيلم بعد
عروضه الأولى في 1962، إسم أحد كاتبي السيناريو وهو الأمريكي مايكل ويلسون،
بينما اكتفى صناع الفيلم باسم الكاتب البريطاني روبرت بولت. وقد عاد اسم
ويلسون إلى النسخة الجديدة باعتباره مشاركا في كتابة السيناريو.
النسخة الكاملة التي عرضت أخيرا تسبقها افتتاحية موسيقية تستغرق 4
دقائق على شاشة سوداء. وينقسم الفيلم إلى قسمين، تفصل بينهما استراحة. وفي
نهاية القسم الأول فاصل موسيقي (على شاشة سوداء) يسمح للجمهور بالخروج
تدريجيا، وتسبق القسم الثاني من الفيلم أي مع عودة الجمهور إلى قاعة العرض،
مقدمة موسيقية خلابة على شاشة سوداء أيضا مع دقات طبول مميزة.
أما عن الفيلم نفسه فهذا موضوع آخر.
الجزيرة الوثائقية في
24/01/2013
لأول مرة في تونس مهرجان يبحث في خبايا التراث
المهرجان الدولي لفيلم التراث "ذاكرة المتوسط"
تونس – صالح سويسي
تنظم جمعية التوثيق السمعي البصري لتراث البلاد التونسية الدورة
الأولى للمهرجان الدولي لفيلم التراث "ذاكرة المتوسط" وذلك من 23 إلى 27
أبريل/نيسان بأربعة فضاءات بالعاصمة التونسية هي متحف باردو، المسرح
البلدي، نادي الطاهر الحداد وفضاء العبدلية. وينطلق المهرجان الأول من نوعه
في تونس بدعم من وزارة الثقافة.
والمهرجان الدولي لفيلم التراث بادرة ثقافية قد تكون الأولى على
الصعيدين التونسي والعربي، هدفها السعي إلى التعريف بالإنتاجات السينمائية
الروائية منها والوثائقية التي تختص بنقل ما حفلت به الشواهد التاريخية
والحضارية والروايات والكتب والدراسات والوثائق الأرشيفية السمعية البصرية
لحفظ الذاكرة الوطنية المادية واللامادية والإقليمية والكونية، وذلك عبر
عرض أفلام داخل وخارج المسابقة وتنظيم ندوات فكرية.
وفتحت هيئة المهرجان باب الترشحات أمام كافة الأشرطة بمختلف أصنافها
والتي لا يتعدى تاريخ إنجازها سنتين قبل تاريخ المهرجان، على أن تتمحور حول
التراث اللامادي وتحديدا العادات والتقاليد بالمتوسط، ولن تدرج ضمن فعاليات
المهرجان الأشرطة أو البرامج ذات الصبغة الإعلانية الدعائية أو الصحفية،
ويجب أن تكون الأفلام ناطقة بالعربية أو الفرنسية أو معنونة بإحدى هاتين
اللّغتين. والتسجيل بالمهرجان مجاني ببعث رسالة على العنوان الكتروني
للجمعية، وهو يمثل التزاما ضمنيا بالمشاركة وباحترام نظامه الأساسي.
المهرجان
ويرمي المهرجان إلى معاضدة كل الجهود الساعية إلى التعريف بالرّصيد
التراثي التونسي والمتوسطي وتخليده من خلال أعمال سينمائيّة قوامها الإبداع
الفني والبحث العلمي الذي من شأنه أنْ يحقّق الإفادة للمتلقي، ويعكس رؤى
المبدعين ويتيح الفرصة لوضع أعمالهم على محك النقد الموضوعي البناء الهادف،
كما يسعى المهرجان إلى تخليد الذاكرة عبر الفيلم الوثائقي، باعتباره يمثل
لبنة جوهرية في تعزيز روابط الصلة بين الإنسان والزمان والمكان. ويؤكد
المنظمون الذين عقدوا ندوة صحفية صباح الثلاثاء في العاصمة التونسية أنّ
"طموحهم أن يكتسب المهرجان على مرِّ السنين مشروعيته الفنية والعلمية
والثقافية وأن يمثل شيئا فشيئا رافدا من روافد إثراء المشهد السينمائي
والإعلام السمعي البصري الحديث، وأن يعاضد البحوث التاريخية والحضارية التي
تتمحور حول التراث في مجالاته المادية واللامادية.."
ومن أبرز غايات تنظيم هذا المهرجان نجد استقطاب عناية المشاهدين حول
أهميّة التراث باعتباره موروثا وطنيّا، والإسهام في تعزيز روابط الصلة بين
المواطنين وتراثهم من خلال الأشرطة الوثائقية، وترسيخ اعتزاز التونسي
بالانتماء إلى أرض وريثة حضارات خالدة. هذا فضلا عن السعي لإثراء المكتبة
الرقمية المختصة بالأشرطة الوثائقية حول التراث التونسي التي تعتزم الجمعية
المنظمة إنجازها، مع تأطير الطلبة في القطاع السينمائي وعلوم الآثار
والتاريخ. وسيمثّل المهرجان مناسبة ووسيلة لدعم الجهود الرامية إلى
المحافظة على الموروث الأثري والتاريخي والحضاري، ومساعدة الشبان المولعين
بالتراث على إنجاز أشرطتهمن مع الإسهام في تذليل العقبات التي تحول دون
ترويج الأشرطة الوثائقية حول التراث، والتعريف بالتراث بشتّى مجالاته
وتحفيز الهمم للمحافظة عليه، إلى جانب إعادة الاعتبار للأشرطة الوثائقية
حول التراث. ويتوقع المنظمون أن يشهد المهرجان جمهور عريض حيث إلى استقطاب
اهتمام المؤسسات والهياكل ذات الصلة بمجالات الثقافة والتراث، والشبان
المولعين بالأشرطة الوثائقية حول التراث وطلبة الميدان السمعي البصري وعلوم
الآثار والمتاحف والتراث والفنون الجميلة والتاريخ والصحافة.
البرنامج العام للمهرجان
ويتضمن البرنامج العام للمهرجان عديد المحاور، من ذلك "ذاكرة المتوسط"
وهو عرض لمجموعة من الأفلام التي تتناول ذاكرة شعوب وثقافات المتوسط، وذلك
في إطار مسابقتين، ألأولى للهواة مفتوحة لغير المحترفين من تونس ومن سكان
المتوسط، أمّا المسابقة الثانية فهي للمحترفين من السينمائيين التونسيين
ومن سكان المتوسط، على أن يقع المزج بين مختلف الأجناس بالنسبة لهذه الدورة
ويتم الفصل بين القصير والطويل من الأفلام المقدمة، هذا مع برمجة أشرطة
تونسية من الأرشيف الوطني موازاة مع الأشرطة الحديثة وستكون خارج المسابقة
على أن تحتوي البرمجة العامة ستّة أشرطة تونسية وستّة أشرطة متوسطية.
محور آخر لا يقل أهمية وهو "ورشة صيانة المحامل السمعية البصرية" وفيه
تنظيم لورشة في إحدى الكليات أو مدراس السينما يتم خلالها تقديم تقنيات
وآليات حفظ وصيانة الأفلام والوثائق السمعية البصرية. هذا إلى جانب درس
أنموذجي في كتابة سيناريو أفلام التراث بإشراف أحد المختصين الفرنسيين في
ثلاث معاهد مختلفة تدرس تقنيات السينما، مع ندوة تدرس "سينما التراث من
الفكرة إلى الإنجاز" بمشاركة مخرجين ومنتجين لهم خبرة في مجال إنتاج أفلام
التراث مثل استوديو الإمبراطور وناسيونال جيوغرافيك.
ومن فقرات البرنامج أيضا تنظيم معارض حول التراث توفرها وكالة إحياء
التراث والتنمية الثقافية، وتعرض بالعديد من الفضاءات بمدينة تونس، وزيارات
منظمة للمخرجين وضيوف المهرجان لبعض المتاحف والمواقع الأثرية، وعروض فنية
خلال حفلي الافتتاح والاختتام مع فرقة الراشيدية والفرقة القومية للرقص
الشعبي كما سيتمّ على هامش المهرجان تنظيم عرض تراثي (أزياء تراثية من
مختلف مناطق البلاد مصحوبة بعروض فنية حية). فضلا عن تكريم المخرج
والأخصائي في علم الاجتماع السيد أحمد حرزالله لإنجازاته في مجال حفظ
الذاكرة الفنية الشعبيةن والمخرج والإعلامي محمد القويظي، أول مخرج تونسي
وثّق الأحداث السياسية في تونس من خلال العديد من الأفلام الوثائقية وخاصة
الشريط الوثائقي الذي صوّر كتابة الدستور الأوّل للبلاد التونسية سنة
1956، و الباحث عبد الجليل التميمي صاحب مؤسسة تميمي للبحث العلمي
والمعلومات.
الجزيرة الوثائقية في
24/01/2013
دون ميككولين لن يعود إلى حلب..
محمد موسى - أمستردام
في مقابلة بُثت أخيرا مع البرنامج الثقافي البريطاني "الصف الأول" ،
والذي يذاع على محطة الراديو الرابعة لهيئة الإذاعة البريطانية ( بي بي سي)،
وَعد المُصور الفواتغرافي البريطاني المعروف دون ميككولين، بأن رحلته
الأخيرة لمدينة حلب سورية والتي عاد منها قبل أسابيع قليلة من زمن
المقابلة الإذاعية، ستكون الأخيرة في حياته المهنية. "لم يَعدّ بإمكانني
تَحمّل رؤية كل هذا الموت"، كشف المصور الذي قدم مجموعة من أبرز صور الحروب
في الأربعين عاما الماضية. ثم يُكمل "لقد بلغت السابعة والسبعين من العمر،
قَضَيّت معظم أعوام حياتي مُصوّرا لأكثر أوقات البشرية انحطاطا، صورت جثثا
متفحمة لأطفال ونساء في فيتنام ولبنان، ما يحصل في سوريا مُروع كثيرا، لكني
لن أعود إلى حَلب مرة أخرى، ما شاهدته هناك جعلني أتساءل للمرة الألف لماذا
اخترت هذه المهنة..؟ رغم أنني أعرف الاجابة مسبقا، لكن السؤال القاسي يعود
كل مرة أكون فيها قريبا من مدنيين يُقتلون بِوحشية، وأنا كالعادة لا أملك
إلا الكاميرا لتسجيل ذلك الموت".
المقابلة الإذاعية تلك مع المصور دون ميككولين، سبقت بأيام عرض الفيلم
التسجيلي عنه في صالات بريطانية منتخبة تحت عنوان "ميككولين" ، وأخرجه
ديفيد موريس وجاكي موريس. الفيلم الذي صور في العام الماضي، أي قبل رحلته
الأخيرة الى مدينة حلب، يركز على سِيرة مصور الحروب الأشهر في العالم،
ويعود معه، ومن سَكينة بيته الانكليزي، لبعض الصور الشهيرة التي صورها،
والتي تحولت لأيقونات للتصوير الفوتغرافي في أوقات الأزمات. يرفض ميككولين
أن يطلق على نفسه صفة (الفنان)، " أنا مصور فوتغرافي فحسب" يؤكد دون
ميككولين، وعن عمله طوال تلك السنوات يقول :" ما شاهدته في أمكنة الحروب
تلك لم يفارقني في حياتي في بريطانيا، عندما إغلق باب غرفة التحميض و أشغل
جهاز الموسيقى، والذي أختار له اسطوانات موسيقى كلاسيكية فقط، عندها يتبدى
لي فداحة ما شاهدته عيناني".
أفلام تواصل نجاحها.. وأخرى جديدة
ومع ندرة عروض الأفلام التسجيلية الحديثة في بريطانيا وبعض الدول
الأوربية الأخرى، بسبب مزاحمة الأفلام الروائية التي أُنتجت العام الماضي
والتي يتواصل عرضها بنجاح في الصالات السينمائية الفنية، وصل فيلم "راقص
الصالة" للمخرجين كريستيان بونك وأندرياس كوفود للصالات البريطانية، الفيلم
يقدم بوتريت خاص عن الراقص الإوكراني المعروف سلافيك كريكليفي وزوجته
الراقصة ايضا آنا ميلنيكوفا، وعملها معا، وتداخلات العلاقة المهنية والخاصة
التي تربطهما، خاصة مع ضغوطات مهنة تشترط الكمال والانسجام الكبيرين.
على صعيد عروض الأفلام التسجيلية في الصالات السينمائية في الولايات
المتحدة الأمريكية، هناك وفرة في عروض الأفلام الجديدة مقارنة ببريطانيا او
دول اوربية اخرى مثل هولندا وبلجيكيا، فبدأت في الايام الاخيرة عروض فيلم
"مراقبو الطيور: تأثيرات السنتربارك" للمخرج جيفري كيمبل. الفيلم التسجيلي
عن مجموعة من أبناء مدينة نيويورك، والذين يقضون ساعات طويلة في مراقبة
الطيور في الحديقة الأشهر في العالم (السنتربارك). يلتقي الفيلم شخصيات
فريدة، بعضها قضى عقود طويلة في مراقبة الحياة الطبيعة في الحديقة التي تقع
في قلب المدينة العالمية.
فيلم آخر هو " قرية غرينتش: الموسيقى التي عرفت جيل "للمخرجة لورا
ارشيبالد ، يتناول معلما آخر من مدينة نيويورك، هذه المرة عن حَيّها الشهير
"قرية غرينتش"، والذي كان في الخمسينات وحتى الثمانينات القرن الماضي،
المكان الذي تتوجه اليه المواهب الموسيقية من الولايات المتحدة الامريكية
والعالم، للعيش والغناء، بعيداً عن سطوة الصناعة الموسيقية وشروطها
المشّددة. يقدم الفيلم مقابلات عديدة مع أبرز رموز الجيل الموسيقي الذي
إنطلق من الحي النيويوركي، وغيّر المَشهد الفني في الولايات المتحدة
الأمريكية ووصل بتأثيرة للعديد من دول العالم.
سنوات عقد السبعينات بأفكارها التحريرية الأصيلة وجرأتها الفريدة،
ستكون ملهمة لفيلم تسجيلي آخر يعرض في الصالات الأمريكية، إذ يستعيد فيلم "
قصة ولادة: إينا غاسكين مايو و مزرعة القابلات" للمخرجتين سارة لام وماري
يغمور، تجربة الأمريكية إينا غاسكين مايو والتي بدأت في أحد حقول ولاية
تينيسي الأمريكية مَشفى صغير للولادة، جاء ليسّد حاجات جيل شباب حركات
الهيبيز المتحررة، والذي سعى للتمرد على كل النظم والقوانين الإجتماعية
التي كانت سائدة وقتها، فالمشفى الصغير البدائي قدم نُموذجا جديدا للتعامل
مع عمليات الولادة، كتشجعيه لوجود الأزواج في غرف الولادة، وهو أمر لم يكن
شائعا أبدا قبل عقد السبعينات.
وعن قراصنة الصومال، والذين لفتوا الانتباه الدولي في الأعوام الأخيرة
بعمليات خطفهم المنظمة لسفن تجارية واحتجازهم لرهائن من جنسيات مختلفة،
يدور الفيلم التسجيلي " بحار مسروقة" للمخرج ثايما باين، والذي قضى 3 سنوات
في واحد من أكثر البلدان فوضى وخطورة، ليسجل شهادات لقراصنة صوماليين، كما
أنه يقابل بعض الذين احتجزوا عند هؤلاء القراصنة، للحديث عن الأيام وأحيانا
الأشهر التي قضوها في سجون تلك عصابات، والتي يقدر خبراء ما تجينه الأخيرة
من أموال بمئات الملايين من الدولارات سنويا.
الجزيرة الوثائقية في
24/01/2013
فيلم ضد فيلم:
لينكولن سبيلبرغ ودجانغو تارنتينو
محمد رُضا
فيلمان حديثان عن العنصرية واحد يتوخّـى الواقع والثاني يتوخّـى
الخيال لكن أحدهما لا يصيب الحقيقة.
الموضوع العنصري ليس غريباً على السينما، عالجته السينما الصامتة
والسينما الناطقة على حد سواء. كانت مع العبودية حيناً، وكانت ليبرالية ضد
العنصرية والعبودية في معظم الأحيان. هذا من دون أن نغفل المرّات التي
أخفقت فيها في إتخاذ موقف إيجابي واضح تاركة المشاهد يتّـخذ الموقف الذي
يعجبه.
الفيلمان هما «لينكولن» جديد ستيفن سبيلبرغ و«دجانغو طليقاً» لكوينتين
تارانتينو. وكبداية ليس هناك من مخرجين على تضاد في كل شيء مثل سبيلبرغ
وتارنتينو: واحد كلاسيكي التفكير والمعالجة، والآخر معاصر ومختلف في طرق
تعبيره. واحد ينتقل بين أفلام "أرستقراطية" وآخر يهاجمها. الأول يدخل ويخرج
من السينما الترفيهية والثاني في السينما الترفيهية وحدها، ولو كانت
الترفيه على طريقته. لكن هناك أفلام كثيرة تقدّرها لستيفن سبيلبرغ وأخرى
(مع تفاوت العدد) تقدّرها لتارنتينو… كلاهما من وجوه هذا العصر.
لكن لا «لينكولن» ولا «دجانغو طليقاً» (وكلمة «طليقاً» او غير مقيّد Unchained
تتبع الكلمة الأولى بأحرف أصغر لأن النية كانت أن يُـكنّـى الفيلم بـ
"دجانغو" وحده لولا وجود فيلم بهذا العنوان لم يرد المخرج إجراء أي مقارنة
بينهما) هو من بين أفضل ما أنجزه المخرج في حقله. لنبدأ بـ «لينكولن»:
إنبرى معظم النقاد الأميركيين وجل المشهورين منهم إلى منح الفيلم
الجديد «لينكولن» أعلى درجات تقديرهم. بالنسبة للمخرج والمنتج ستيفن
سبيلبرغ، الذي حظى بغالبية إعجاب مماثلة عن فيلمه الأخير «حصان حرب» على
الرغم من مشاكل واضحة فيه، فإن «لينكولن» هو بمثابة عودة إلى درامياته
الإجتماعية التي إعتاد عليها سابقاً في «اللون قرمزي» (1985) و«أميستاد»
(1997). هذان الفيلمان تعاطيا مع شخصيات أفرو-أميركية في مسعاها للتحرر.
في الفيلم الأول تحرر السود من السود في حكاية عائلية عن الجور والعنف
الجنسي وفي الثاني التحرر من طغمة العنصرية البيضاء التي أوغلت في منتصف
القرن الثامن عشر في الولايات المتحدة. هنا في «لينكولن» المناسبة متاحة
للعودة إلى طرح الجانب نفسه، لكن من خلال البحث في سيرة حياة الرئيس
إبراهام لينكولن في سنوات حكمه وهي فترة قلقة إذ شهدت دعوته لتحرير العبيد
والحرب الأهلية التي إندلعت بفعل هذه الدعوة.
إبراهام لينكولن شخصية مركّـبة ومثيرة للإهتمام تناولتها السينما،
مباشرة او من خلال التعرّض لها في عداد مواضيع أخرى، 207 مرّات من سنة 1902
وإلى اليوم مروراً بأعمال محض خيالية كذلك الذي شوهد قبل أشهر قليلة بعنوان
«إبراهام لينكولن: صائد فامبايرز» الذي صنعه على هيئة قاتل مصاصي دماء أكثر
من رئيس دولة لدرجة أن المرء كان يخشى أن ينجح الفيلم تجارياً إلى حد
إطلاقه سلسلة يواجه فيها لينكولن وحوشاً أخرى بعناوين مثل «إبراهام لينكولن
ضد وحوش من الفضاء» او «لينكولن ضد الرجل الذئب» او «معركة حياة أو موت:
لينكولن ضد وحش فرنكنستين» او «لينكولن وشبح الأوبرا».
فيلم سبيلبرغ ليس سيرة ذاتية عبر أحقاب بل هي تبدأ بالرئيس الأميركي
السادس عشر قبل بضعة أسابيع من إلتئام الكونغرس، بحزبيه التقليديين
الجمهوري والديمقراطي، لمناقشة رغبة الرئيس في إصدار تشريع يمنح الحريّة
للأفرو- أميركيين. يعايش تباين وجهات النظر والتحذيرات من أن صدور القرار
قد يؤدي إلى استمرار الحرب الأهلية غير البعيدة عن واشنطن دي سي. كما يعايش
الحرب من خلال زيارته لمواقع القتال ويلـمّ بآلامها. في الواقع، معظم
الفيلم يتم داخل جدران ما يعتبر بيته، لكن القليل منه خارجي، بما في ذلك
مطلع الفيلم حين يجلس الرئيس أمام جنود سود شاركوا في موقعة ويتحدّثون عن
جهودهم في الحرب وتطلّعهم إلى يوم تسود فيه العدالة وتختفي العبودية
والعنصرية. قبل ذلك بدقيقة واحدة يقوم مدير تصوير سبيلبيرغ المفضّـل يانوش
كامينسكي بتصوير تلاحم المقاتلين على الجانبين في تلك الموقعة. يصوّرها
بوحشيّة مماثلة بتلك التي صوّر فيها وحشية القتال في «إنقاذ المجنّد رايان»
مع إختلاف بيّن: في الفيلم السابق تستمر الموقعة نحو ثلث ساعة. في هذا
الفيلم لا تتعدّى الدقيقة. فقط من باب منحنا، من حق المرء أن يعتقد، طعماً
للحرب وتمهيداً عينيّـاً لما شهده لينكولن منها.
إذ يختار السيناريو والإخراج وبالتالي الفيلم بأسره الإنتقال إلى
مشاهد التحضير للقرار التي تقع إما في بيت الرئيس أو في مقر الكونغرس
آنذاك، تتوالى المشاهد بصيغة تقريرية مثيرة للضجر. هذا الفيلم، أراد أو لم
يرد، يتحوّل إلى درس في التاريخ من حيث لا تريده أن يكون. وإذا ما أضفت إلى
هذا الدرس حقيقة أن أستاذه (سبيلبرغ) يستند إلى سيناريو لا يوفّـر ما هو
جديد أو مثير فإن الناتج هو كل ذلك الترقّـب والإنتظار. وحين يقع تتساءل
"ثم ماذا؟". هناك محطّـات معهودة للمخرج فهو يصوّر لينكولن كما يصوّر
سبيلبرغ كل شخصية أب في أفلامه متدفقة الحنان. لكن حسنات الفيلم الفعلية هي
محض فنيّة من تصوير ذي إضاءة واقعية وحركة محدودة تدفع للتأمل، وموسيقى
(لجون وليامز) تتخلّـى عن اللحن الهادر والمضج صوب ترانيم بسيطة.
لكن إلى جانب أن الفيلم يبقى فاتر المضمون قائماً على سعي الرئيس لجمع
ما يكفي من الأصوات لتمرير مشروع تحرير العبيد، لا يوجد في العمل طرح واقعي
أو سياسي للمشكلة. وإذا كان هذا الغياب مقصود لأن غاية سبيلبرغ ليست في
الواقعية أو في التحليل السياسي (وهذا من حقّـه) الا أن الإمساك بتلابيب
الواقع لا علاقة له بالواقعية وتقديم الحقيقة ليس بالضرورة حديث في
السياسة. إنه أمر موثوق أن أبراهام لينكولن كرر أكثر من مرّة أنه إذا ما
رأى أن إنهاء الحرب الأهلية ممكن بشرط تخلّـيه عن مشروعه لتحرير العبيد
فإنه سيفعل ذلك. بكلمات أخرى، كان لينكولن، حسب وثائق مشهودة، مستعداً
للتراجع عن مشروعه هذا إذا ما كان الثمن إنهاء الحرب الأهلية في زمنه. أما
وأن الحرب الأهلية كانت أصعب من أن تنتهي بتراجع حول موضوع واحد، وأن موقف
القوّات الإتحادية المؤيدة للينكولن في ساحات القتال كان أفضل من موقف
القوّات الكونفدرالية الإنفصالية التي كانت تقف ضد تحرير العبيد، فإنه لم
يكن أمام لينكولن سوى المضي في محاولة إصدار ذلك القانون.
ليس في الفيلم ذلك السبب الذي يجعلك مقتنعاً أن معالجة سبيلبرغ
للينكولن بكل ذلك الإجلال والإحترام أمر لابد منه، لكن الفيلم يبدو كما لو
أنه من إنتاج آل لينكولن وعليه أن يخلو من أي شائبة.
فيلم كونتين تارانتينو متحرر من هذا الإلتزام، وليس فيه أي ذكر
للينكولن، لكنه يدور حول تحرير العبيد على شكل أو آخر.
إنه فيلم خيالي تماماً تقع أحداثه قبل عامين من الحرب الأهلية (أي
في سنة 1858): شولتز (كريستوفر وولتز) أوروبي يعمل صياد مكافآت (يقتل
المطلوبين للقضاء مقابل مكافأة) حرر عبداً أسمه دجانغو (جايمي فوكس) من
العبودية لكي يساعده للوصول إلى أشقياء لا يستطيع الوصول إليهم من دونه.
نصف الفيلم الأول مغامراتهما معاً والنصف الثاني حين يصلا إلى مزرعة كالفين
كاندي (ليوناردو ديكابريو) حيث تعمل زوجة دجانغو التي كان البيض فصلوهما عن
بعضهما البعض. لكن شولتز ودجانغو لا يستطيعان دفع فدية للحصول على الزوجة
على نحو مباشر وكان لابد من التمويه فابتكر شولتز خطّـة حاول فيها إيهام
كالفين بأنه يريد عقد إتفاق عمل بمبلغ 12 ألف دولار على أساس تمرير الطلب
الثاني (والحقيقي) كملحق. لكن الخطّـة تُـكـتشف ويتبع ذلك فعل إنتقام شديد
يقوده دجانغو ضد كل بيض تلك المزرعة وضد رجل أسود فيها (رئيس الخدم ستيفن
كما يؤديه سامويل ل. جاكسون الأكثر عنصرية من البيض) إنقاذاً لزوجته.
فيلم تارانتينو خيالي بأكمله. لم يحدث شيء من ذلك وليس هناك من أسس
واقعية الا حقيقة أن الأفرو-أميركيين كانوا رقيقاً بالفعل. لكن أن يكون
الفيلم ترفيهاً خيالياً (وهو أيضاً من حق المخرج) لا يجب أن يعني التعامل
مع التفاصيل بحرية. ليس فقط أن دجانغو يتصرّف بثقة لا تتناسب وخلفيّـته، بل
يرتدي نظارات شمسية. وكلمة
Nigger
تتردد تحديداً 92 مرّة… لكن هل تكررت مرّة واحدة
خلال تلك الفترة؟
سأشرح ما أعنيه:
Nigger
هي كلمة تحقير أطلقها البيض على السود منذ مطلع
الأربعينات في القرن العشرين وليست من بنات القرن التاسع عشر. طبعاً هي
مسحوبة من كلمة
Negro
وهي الكلمة التي كانت تستخدم في الفترة التي تدور
أحداث الفيلم فيها. لكن تارانتينو الذي يستخدم كلمة Nigger
في كل فيلم من أفلامه، لم يجد مانعاً من إستخدامها حيث لم تكن حيّـة بعد.
هذا لا علاقة له بـ "خيالية" الفيلم أو الحكاية، بل بالضوابط التي لابد
منها خصوصاً وأن أبعادها اليوم عنصرية ويعتبرها السود شتيمة يعاقبون عليها
بتحقير مضاد في أضعف الحالات، ولا تسل عن أقصى الحالات.
لم أجد في فيلم ستيفن سبيلبرغ سوى درس منقوص في التاريخ ولم أجد في
فيلم كوينتين تارانتينو أكثر من معالجة خرافية. فيلم يقول هذا ما حدث وآخر
يقول هذا ما لم يحدث. لا الأول لديه قبضة حقيقية على كل الصورة ولا الثاني
ترفيهاً كاملاً. على ذلك كلا الفيلمين نال الكثير من تقريظ النقاد
الأميركيين وكل منهما داخل بعدّته ومفهومه إلى لعبة الأوسكار. لنرى أي
معالجة للتاريخ العنصري هو الذي سيرضي الغالبية البيضاء من المقترعين في
أكاديمية العلوم والفنون السينمائية.
الجزيرة الوثائقية في
23/01/2013
مهرجان روتردام السينمائي يحتفي بسينما داخل ايران
ثيمات جريئة لتُحف بصرية تضع الإنسان في صلب اهتماماتها
روتردام / عدنان حسين أحمد
تنطلق في الثالث والعشرين من الشهر الجاري فعاليات الدورة الثانية
والأربعين لمهرجان روتردام السينمائي الدولي بفلم الافتتاح "ذي ماستر"
للمخرج الأميركي بول توماس أندرسون، فيما سيكون فلم الاختتام "ستوكر"
للمخرج الكوري الجنوبي بارك تشان ووك. سوف يُعرض خلال مدة المهرجان "225"
فلماً روائياً ووثائقياً و "334" فلماً قصيراً ومتوسط الطول تمثل "60"
بلداً، كما يستقبل المهرجان لهذه السنة "2500" ضيف مهني بينهم "300" مخرج
سينمائي. وكدأب القائمين على المهرجان في كل عام فقد اختاروا فلمي الافتتاح
والاختتام بعناية فائقة لكسب رضا الجمهور الكبير الذي يرتاد صالات العرض
خلال الأيام الأحد عشر للمهرجان. يقدِّم فلم "ذي ماستر" لبول توماس أندرسون
صورة مدهشة ولافتة للانتباه عن أميركا في حقبة ما بعد الحرب العالمية
الثانية، إذ يكشف المخرج أندرسون عن رحلة الجندي البحري فريدي كويل، المدمن
على الكحول "جسّد الدور يواكيم فونيكس" الذي يعود إلى بيته من الحرب وهو
يشعر بقلق كبير على مستقبله الذي يبدو غامضاً ومجهولاً بالنسبة إليه، لكنه
يتغذى من "قضية" قائده الكاريزماتي لانكستر دود "أدى الدور فيليب سيمور
هوفمان" الذي يترأس حركة "السانتيولوجي" التي تهدف إلى "مكننة الإنسان"،
ومحو إرادته الشخصية، وتطويعه لمصلحة هذه المؤسسة التي تدعي أنها دينية،
لكنها ليست كذلك بدليل أن بريطانيا وألمانيا لا تعترفان بها. ويبدو أن
انتماء الفنانَينْ توم كروز وجون ترافولتا قد منحا هذه المؤسسة شهرة واسعة
تُغبط عليها حقاً. نال أندرسون جائزة أفضل إخراج عن فلم "الحب الصاعق" في
مهرجان "كان"، كما حصل على جائزة الدب الفضي عن فلم "سيكون هناك دم" في
مهرجان برلين السينمائي. أما فلم الاختتام فهو "ستوكر" للمخرج الكوري
الجنوبي بارك تشان ووك الذي تتمحور قصته حول وفاة والد إنديا ستوكر "مِيّا
واسيكاوسكا" بحادث سيارة ومجيء عمها تشارلي ستوكر "ماثيو غوود" الذي لم
تعرف أنه موجود أصلاً لكي يعيش معها ومع أمها إيفيلين ستوكر غير المستقرة
عاطفياً " جسّدت الدور نيكول كيدمان". بدأت إنديا تشك بأن هذا الرجل الغامض
والساحر في آنٍ معاً لديه دوافع خفية، وبدلاً من أن تشعر بالغضب أو الرعب،
وهي الفتاة المجردة من الأصدقاء تقريباً، ازداد ولعها به. يعد بارك تشان
ووك من المخرجين المشهورين في كوريا الجنوبية، وهو أيضاً كاتب سيناريو
ومنتج وناقد سينمائي ومن أبرز أفلامه "الفوضويون" ، "عطش" و "ثلاثية
الانتقام".
أقسام المهرجان
يتكون المهرجان من عدة أقسام سنكتفي بذكر بعضها مثل "مسابقة جوائز
النمر للأفلام الطويلة"، "مسابقة جوائز النمر للأفلام القصيرة"، "الطيف" و
"إشارات" الذي يضم هذه السنة ستة أقسام فرعية سنغطي بعضها وهي الاحتفاء
بالمخرج الألماني المعروف دومنيك غراف، صاحب الأفلام المشهورة التالية
"رسائل كارلا"، " يوم العائلة"، "القطة"، "ربيع بارد" و "الفتاة اللامرئية.
العلامة الفارقة الثانية التي يحتفي بها مهرجان روتردام فهي المخرجة
السوفيتية، المولودة في رومانيا كيرا موراتوفا التي تألقت في أفلام كثيرة
نذكر منها " مواجهات قصيرة" "بين الأحجار الرمادية"، "الشرطي العاطفي" و
"دوافع تشيخوف". أما المحور الثالث فقد وُضع تحت عنوان مثير "داخل إيران"
وسوف يتم عرض أكثر من ثلاثين فلماً روائياً ووثائقياً وقصيراً منها "111
فتاة" لناهد قباذي، "الضفدعة الخضراء" لأبي الفضل جليلي، "الجنائني" لمحسن
مخملباف، "استقبال متواضع" لماني حقيقي، "الثورة المسروقة" لناهد بيرسون
ساخستاني، "فصل الكركدن" لبهمن قباذي، و"تابور"لوحيد وكيليفر. أما المحور
الرابع والأخير ضمن قسم "إشارات" أو علامات فارقة تحية القائمين على
المهرجان هذا العام لثلاثة سينمائيين كبار رحلوا العام الماضي عن عالمنا
وهم المخرج البريطاني ستيفن دوكسين والمخرج الفرنسي مارسيل هانون والفنان
البصري الياباني ستوم سوغو، من بين الأفلام المميزة التي أنجزها دوكسين"1939-2012"
هي "حلم أميركي"، "مناجاة"، "لحظة" و "محاولة لتقبيل القمر" وقد ترك بوكسين
أثراً كبيراً على منظِّري الفلم البريطاني في أوائل السبعينات. أما أبرز
أفلام مارسيل هانون "1929-2012" فهي "الرياح تهب حيثما تهوى"، "ضوء الليل"،
"أنين الشجرة" و "إيماءة الخزّاف". أما الفنان البصري الياباني ستوم سوغو
فسوف يُحتفى ببعض أعمالة ومشاريعه البصرية التي اشتغل عليها مدة طويلة من
الزمن.
الثيمات الرئيسية
لا يمكن بطبيعة الحال حصر الثيمات الرئيسية التي يتمحور عليها "559"
فلماً فهي كبيرة بمكان وربما تحتاج إلى سلسلة طويلة من المقالات كي نفرز
هذا الكم الكبير من الثيمات والأفكار الرئيسية التي تأسست عليها الأفلام
سواء أكانت روائية أم وثائقية أم قصيرة أم متوسطة الطول، لكن اللافت للنظر
أن الثورات، والانتفاضات، والربيع العربي، وسقوط الأنظمة الدكتاتورية، ليس
في الوطن العربي حسب، وإنما في مختلف أرجاء العالم قد وجدت طريها إلى أفلام
مهرجان روتردام السينمائي الدولي الذي يقف بكل تأكيد مع حرية الشعوب، ويدعو
إلى تحريرها من ربقة الأنظمة المستبدة.
فهناك أفلام تتناول الربيع العربي، وهناك أفلام تتمحور حول
الاستفتاءات كما هو الحال في تشيلي أو إيران أو غيرها من بلدان العالمين
العربي والإسلامي على وجه التحديد. الكوارث الطبيعية والنووية أخذت حصتها
في هذا المهرجان الذي سيعرض أفلاماً عن اليابان وهي تناقش بجرأة كبيرة
مخاطر التسرب النووي الذي أحدثه مفاعل محطة فوكوشيما للطاقة النووية
وتأثيره على الإنسان والكائنات الحية من جهة وعلى الطبيعة من جهة أخرى.
استقبل المهرجان أفلاماً كثيرة تتناول موضوع الهجرة من مختلف أرجاء إلى
أوروبا وأميركا وكندا وغيرها من البلدان المانحة لحق اللجوء السياسي
والإنساني، بل ذهبت أبعد من ذلك حينما استقبلت أفلاماً تركز على موضوع
الهجرة من بلدان أوروبا الشرقية الفقيرة نوعاً ما إلى البلدان الأوروبية
التي تعيش حالة من الرفاه الاقتصادي غير المسبوق في التاريخ، ولعل هولندا،
البلد المنظِّم للمهرجان قد أنجز عدداً من الأفلام التي تتناول قضايا
اللاجئين ومشاكلهم التي يواجهونها في البلد المُستقبِل لهم. ثمة موضوعات
شديدة الحساسية لا يهرب منها القائمون على المهرجان، بل يتصدون لها بشجاعة
نادرة مثل احتكاك الأديان السماوية أو انسجامها في هذا البلد الأوروبي أو
ذاك الذي قد يشهد بعض "الفورات العنصرية" بين أوانٍ وآخر من بعض المتطرفين،
لكن الدساتير الأوروبية هي صمّام الأمان في مثل هذه الحالات وهي التي تضمن
العدالة الاجتماعية ولا تفرق بين الناس على أساس اللون والعرق والجنس
والدين فالكل متساوون أمام القانون، ومع ذلك فهناك أفلام تركز على التسامح
الديني وأخرى ترصد الأصوليين المتشددين وتفضح نواياهم التدميرية التي تهدد
السلم الأهلي في هذا البلد الأوروبي أو ذاك. ثمة أفكار ومضامين كثيرة تنطوي
عليها الأفلام المشاركة في مهرجان روتردام السينمائي الدولي سنتوقف عندها
في مقالات قادمة مثل السينما التجريبية، والسينما الشعرية، والجريمة
والمخدرات والعنف الأسري، والمثلية الجنسية، والأزمات المالية التي بعض
الدول الأوروبية على حافة الإفلاس وما إلى ذلك من موضوعات مهمة وشديدة
الصلة بحياة الإنسان حيثما يعيش على سطح الكرة الأرضية التي نتمنى لأهلها
أن يعيشوا حياة آمنة مطمئة هادئة.
الجزيرة الوثائقية في
23/01/2013 |