يروي هينر سليم أنه يبحث عن جذوره أينما ذهب. وهي جذور متحركة يمكن أن
يحصل اللقاء معها في أماكن جديدة. في السينما مثلاً، التي تجعله ينهض في
الساعة الخامسة فجراً للتأليف، برغم اعترافه بأنه ليس سينيفيلياً أكولاً،
ولا يرتاد الصالات المظلمة بحثاً عن النور كما يرتاد آخرون المعابد. "لو
كنتُ مديراً لبنك، لما كنتُ استيقظتُ في الصباح المبكر"، يقول لي ونحن
جالسان على جناح اليخت الخاص بالمحطة الفرنسية الألمانية "آرتي" في مرفأ
كانّ، هذه المحطة المهمومة بالعالم الثالث، والمشارِكة في انتاج احدث
افلامه، "ماي سويت ببرلاند"، الذي عرض في قسم "نظرة ما"، في أيار الماضي.
الشريط معاينة لما آلت اليه الأحوال في كردستان العراق، بعد مرور عشر
سنين على سقوط نظام صدام حسين. يجوب باران الجبال على حصانه بعدما سقطت
الجسور نتيجة قصف الطائرات التركية، ويعلن الحرب على الفساد، لكن العصابات
اكثر تعنتاً منه في حماية الفساد واهانة المرأة وتكريس منطق القوة. الى
جانب قرقماز ارسلان في دور المحب للعدالة، نجد الايرانية غولشيفته فراهاني
تؤدي دور معلمة شجاعة تقع ضحية بيئة ذكورية. هذه الشخصية المفعمة بالحياة
تتيح لسليم ان يبني عليها اهم ما في خطابه: المرأة ليست ملكاً للرجل.
هذا ليس أول فيلم لسليم يشارك في كانّ؛ شريطه الساخر "كيلومتر صفر"
كان اول فيلم عراقي يتمّ اختياره للتسابق على "السعفة الذهب" عام 2005،
وحصد انذاك غضب بعض النقاد العرب الذين اتهموه بالشوفينية. لكن سليم لا
يأبه كثيراً، فهو يتابع طريقه من مهرجان الى آخر، ولا يكاد ينتهي من فيلم
حتى يبدأ بآخر. في آخر لقاء لجريدة "النهار" معه في تورونتو عام 2007، هكذا
كان يعرف سليم عن نفسه: "لستُ فناناً منطقياً، اتبع غريزتي. اكتب سطراً ولا
اعرف ما التالي. لا يعجبني تحويل عملي الى مجموعة نظريات (...)، لكن لا شكّ
ان خلف هذا كله شيئاً من المنطق".
■
أنت تصور فيلماً بعد آخر، بلا توقف. من اين لك هذه الطاقة؟
-
أشعر أن رأسي بركانٌ في غليان مستمر...
■
فيلمك الجديد يشبه الوسترن، ويتضمن بعض مكوّناته...
-
نعم، أحب هذا النوع. بعد فيلمي الاخير "اذا متّ، سأقتلك"،
ذهبتُ الى كردستان، وكان في بالي أن أُنجز فيلماً خفيفاً انتهي من اتمامه
بسرعة. لم أكن أريد في الاطار أكثر من ممثل واحد، أو ربما اثنين حداً أقصى.
ذلك ان هدفي كان ان اتجول في تلك الجبال التي تراها في الفيلم. ثم، اخذ
الفيلم منعطفاً آخر، فألّفتُ حكاية الحب هذه، جاءتني من رغبة قديمة عندي في
التحدث عن وضع المرأة في المجتمعات الاسلامية والشرق أوسطية. خلال تجوالي
في كردستان، اكتشفتُ أنها تشبه الاراضي القاحلة في أميركا القرن التاسع
عشر: إنها العدم، بكل ما في الكلمة من معنى. كان ينبغي بناء كل شيء. من
العدالة الى الطريق، مروراً بالقوانين. الاصعب من بناء الطريق، بناء
القانون وجعل الناس يحترمونه، ذلك أنهم لم يعتادوا العيش في مجتمع تحكمه
الأصول. صحيح ان المشاريع والاستثمارات والعمار تدفع بكردستان الى الامام،
لكن نحتاج الى قوانين قبل كل شيء آخر. هذا هو التحدي الاكبر الذي نواجهه
اليوم.
■
باران، بطل فيلمك، هو كالشريف في افلام الوسترن الاميركية...
-
تماماً. فهو يأتي الى مكان ويقرر تطبيق القانون. هناك الشرير
والطيب كما في كل افلام الوسترن. في النهاية، الطيب هو الذي ينتصر.
■
هناك خطاب قد يثير الذعر، ولا سيما في نهاية الفيلم، اذ تُرينا أن لا حل
الا في العنف والقتل... أليس هذا اقصى الحلول؟
-
أولاً، علينا أن نرتب مشهداً راديكالياً كهذا في السياق
السينمائي. السينما ليست الحقيقة، بل رؤية عنها. سينمائياً، كنتُ أنوي قتل
هؤلاء الحثالة. ثم، دعني اقول لك إنني أنجزتُ فيلماً حراً. مع الوقت،
تحررتُ من أشياء كثيرة. حدّ أني عندما اجتاحتني الرغبة في قتل الخارجين على
القانون في كردستان، لم أطرح على نفسي الا سؤالاً واحداً: لِمَ لا؟
ثم، كنت أريد تكريس هذه الحالة من الخفة، حتى في أسلوب الكتابة. ربما
ليس الحل كما تقول، لكن مشهداً كهذا كان يعبّر عن رغبة دفينة عندي، متأتية
ربما من انتقام السينما للحياة. لكن، كانت المسألة برمتها تثيرني، أقله
سينمائياً.
■
يبدأ الفيلم على طريقتك الهزلية الخاصة، طريقة تجسدت في عدد من أفلامك
السابقة. ولكن، لا تنتظر طويلاً قبل أن تذهب في اتجاه آخر، الاتجاه الذي
تكلمنا عنه، أي فيلم الوسترن. لماذا تبدأ الفيلم بنمط وتنهيه بنمط آخر؟
-
دعني أسمّيه تبلوراً بدلاً من تغيير وجهة. لم أكن أريد فيلماً
فيه الطرافة التي نجدها في أفلامي السابقة. بطبعي، أنا انسان لا يحب
الاستقرار على شيء واحد والتوقف عنده. ولأن نبرة الفيلم كانت حرة، لم أطرح
على نفسي أسئلة كثيرة. مشهد البداية، وهو ذو طابع كوميدي، لم يكن ممكناً
التعاطي معه الا بهذه المقاربة. الجدية كانت ستنسفه أو تجعله ثقيلاً.
■
يتضمن الفيلم أيضاً نقداً لاذعاً للكرد. أنت لا توفرهم من سهامك...
-
بالطبع. هذا أيضاً كان يهمّني. علينا أن نتحمل مسؤولية افعالنا.
برغم ما تتضمنه كردستان من ايجابيات، هناك الكثير مما لا أحبه ولا يتجاوب
مع رؤيتي للحياة. مرة أخرى، نعود إلى قضية الفساد المستشري في المستويات
كافة. لدينا قوانين، لكن ليس هناك مَن يطبّقها، واذا طُبِّقت فلا تطبَّق
على الجميع. افهم أن عشر سنين في تاريخ بلاد لا شيء. إنها عبارة عن ثانية.
لكن عشر سنين ليست بالزمن القليل في حياة انسان. أنا أريد اليوم أن أرى
طريقة نظر الرجل الى المرأة قد تغيرت. هذا في رأيي أحد أهم معايير الحداثة.
مشكلة المرأة هي الرجل. الطريقة التي يتعامل بها الرجل مع المرأة وضعتني في
موقع الدفاع عن حريتها. في شرقنا، نجهل ما نربحه اذا أعطينا المرأة حقوقها
وحريتها. حرية الرجل من حرية المرأة. عندما تقول لي امرأة أوروبية "أحبّك"،
أصدّقها على الفور. أصدّقها لأن الاعتراف صادر عن إنسان حر. وأصدّقها أيضا
لأنه في اليوم الذي سينتهي فيه حبّها لي، ستُعلمني بذلك على الفور. عندنا
المسألة مختلفة: أولاً، لا أحد يسألها رأيها في مسألة الزواج؛ ثانياً، هل
هناك امرأة تتجرأ على الاعتراف لزوجها بأنها لم تعد تحبه؟ حتماً هناك
استثناء، لكنني أتكلم عن "عقلية سائدة". لذلك، أقول للكرد، اذا كنتم تريدون
الحرية، ابدأوا أولاً باحترام حرية المرأة، ثم تكلموا عن الاستقلالية. لا
نستطيع أن نطلب من بشار الأسد أن يحترم الكرد ويحفظ كرامتهم، اذا كان الكرد
هم أنفسهم لا يحترمون حقوق نصف المجتمع، اي النساء! كل الامور متعلق بعضها
بالبعض الآخر. لم نكن نتكلم عن هذا في السابق كون الحال التي كان فيها كرد
العراق مأسوية. كنا نعيش تحت الاحتلال العراقي لصدام حسين. الآن، بعدما صار
لدينا شبه دولة، يجب ان نشمّر عن سواعدنا ونمضي الى العمل، والا فاتنا قطار
التاريخ. نحن الآن اصحاب قرار خلافاً للسابق. لدينا شرطة وقضاة ورئيس.
السلطة في يدنا ومصيرنا أيضاً.
■
يؤخذ عليك دائماً حشرك اسم صدام حسين في أفلامك. بعضهم يمتعض من ذلك ويتهمك
بالتعصب الى الكرد...
-
أوكي، اذا كانوا يحبّون صدام، فيسعدني أن أثير امتعاضهم.
■
تولي البيداغوجيا (من خلال تيمة المدرسة) أهمية معينة في الفيلم. كيف يمكن
قراءة هذه الرمزية؟
-
التعليم هو الحضارة. كل البلدان المتطورة لديها نظام تعليمي
يرقى الى اهمية مجالاتها الاخرى. هذا موضوع لا يتحمل النقاش. نعم، العلم كل
شيء. اليوم في كردستان العراق، بين كل مبنيين، هناك مدرسة! هذا جيد، ولكن
لا يكفي أن نشيّد المباني. علينا أولاً بناء العقول والاتيان بمدرّسين من
ذوي الكفايات. ورثنا كل شيء من عراق صدام، لذا علينا اعادة بناء كل شيء من
جديد. هذا اذا أردنا طبعاً موقعاً متقدماً لنا في هذا العالم، والا بقينا
قرية نائية في هذه الارض الشاسعة.
■
اقامتك في باريس منذ سنوات، الا تشكل لك عائقاً للاستمرار في التكلم عن
كردستان؟
-
بعدي عن البيئة التي اتكلم عنها قد ينتزع مني بعض الاشياء،
صحيح. ولكن في الحين نفسه يعود عليّ ببعض الفوائد. وجود الفنان في التفاصيل
اليومية لا يجعله يرى بشكل أفضل وأوسع وأشمل مما اذا كان خارجها. المسافة
قد تكون لها معنى وقيمة في الفنّ.
■
انها المشاركة الثانية لك في مهرجان كانّ...
-
نعم...
■
سؤالي: ألا تخاف أن تكون أقل حرية مع تحولك الى مخرج المهرجانات الدولية؟
-
كي أكون صادقاً معك: نعم. هذا السؤال خطر على بالي. علينا أن
نقوم بمساومات أحياناً. الحياة سلسلة تنازلات أولها مع الله. ولكن الى أيّ
درجة يمكن أن يتقبل المرء هذا التنازل؟ حدود التنازل عندي تنتهي عندما أشعر
بأنني لم أعد أستمتع بما أنجزه. طبعاً، أفضّل أن تنال أفلامي الانتشار أكثر
من أن أتحول الى مخرج ملعون ينبذه الجمهور وتصفق لأفلامه حفنة من النقاد.
أفضّل أن أقول أشياء أقل ولكن لجمهور أوسع. في كل حال، ليس هناك فيلم يقول
فيه المخرج كل ما يريده، والا لما كان صنع غيره.
النهار اللبنانية في
15/08/2013
ما هي أهم مئة فيلم عربي؟ الجواب في دبي!
هوفيك حبشيان
هل تساءلنا يوماً ما هي أهم الأفلام العربية عبر التاريخ؟ قد يكون
بعضنا طرح على نفسه سؤالاً كهذا، لكن الأكيد انه لم يجد مرجعاً واضحاً
وموثقاً يتيح له الابحار في عشرات السنين من السينما العربية، بمحطاتها
الاساسية وبمخرجيها الرواد وبالعناوين التي دفعت بالفن السابع الى الأمام.
هذا هو المشروع الطموح الذي يعمل عليه حالياً مهرجان دبي السينمائي (6
- 14 كانون الاول) في مناسبة مرور عقد على تأسيسه. اطلق المهرجان في ايار
الفائت استفتاء وجّهه الى نحو الف عامل او "متورط" في مجال السينما، من
نقاد وسينمائيين وصحافيين ومنتجين وموزعين ومثقفين ومبرمجين، من العرب وغير
العرب، وشارك نحو 500 من هؤلاء. مهمة كل مشارك تجسدت في اختيار عشرة أفلام
يعتبرها الأهم او الأفضل او الأكثر اهلاً للبقاء في الذاكرة السينيفيلية.
طبعاً، لا تخضع الخيارات الفردية الى أيّ معيار يفرضه المهرجان. الشرط
الوحيد لترشيح أي فيلم في الاستفتاء، أكان وثائقياً أم روائياً، هو أن يحمل
الجنسية العربية. لا لائحة نهائية يضعها المهرجان في تصرف المشاركين
للانتقاء من ضمنها، لا بل بقي المجال حراً لترشيح كل فيلم سقط من الذاكرة
على مرّ الزمن. بالتأكيد، على كل واحد أن يتبع تقويمه الخاص وثقافته التي
ستتجلى حتماً في لائحته. استناداً الى لوائح "الأفلام العشرة المفضلة" لكل
المشاركين، ستتشكل النتيجة النهائية لأفضل مئة فيلم عربي على الاطلاق، على
ان تنشر في موسوعة تتضمن مقالات ودراسات للأفلام المئة سيتولى كتابتها 20
ناقداً من العالم. هذا التوثيق يعتبر خطوة ايجابية وسط ثقافة سينمائية
ينقصها فنّ الأرشفة وتعاني من الاهمال وعدم توافر المرجع. نقص يقر به مدير
تطوير المحتوى في مهرجان دبيّ، زياد عبدالله، عندما يقول: "اطلاق هذا
الاستفتاء في مثل هذ الوقت مرتبط بوجود هوة ثقافية ومعرفية تفصل بين الجيل
العربي الجديد وتاريخ السينما العربية". طبعاً، استفتاء كهذا ليس غريباً
على الغرب. ابرز مثال هو التصويت الشهير الذي تجريه مجلة "سايت اند ساوند"
البريطانية لاختيار "افضل 50 فيلماً" مرة كل عشر سنين، في تقليد يستمر منذ
عام 1952. 846 مهنياً في مجال السينما شاركوا العام الماضي في هذا التصويت،
فكانت النتيجة فوز فيلم "فرتيغو" لهيتشكوك، بعدما اطاح "المواطن كاين"
لويلز الذي كان يتربع على هذه اللائحة منذ تصويت عام 1962.
ابدى بعض المشاركين في التصويت "مخاوفهم" من وصول الخيارات التقليدية
التي شبعت مدحاً واطراء الى المراتب الاولى، لتعتم على التجارب التي تجدر
اعادة اكتشافها مجدداً. المقصود بالخيارات التقليدية افلام مثل "المومياء"
لشادي عبد السلام، او اعمال يوسف شاهين الاكثر شهرة. فيما تساءل آخرون عن
درجة الحظوظ التي أمام الأفلام غير المصرية للوصول الى مراحل متقدمة في
التصويت، ذلك ان نسبة المشاركين من مصر ليست قليلة في طبيعة الحال.
لكن استفتاء كهذا يفتح الباب، او "يجب" ان يفتح الباب، واسعاً امام
قضايا أخرى لم تناقش الى الآن على نحو كافٍ: تقنياً، متى نستطيع ان نقول عن
فيلم انه عربي؟ او بالاحرى ما الذي يحدد جنسيته؟ هل علينا الأخذ في
الاعتبار هوية المخرج او هوية المنتج؟ هل الفيلم يكتسب هويته من التمويل
الذي يحظى به أم من المادة الدرامية؟ علماً ان المهرجان يملك الحلّ، اذ
يشترط على الفيلم المشارك في التصويت أن يكون مخرجه عربياً، وكذلك بالنسبة
لجزء من انتاجه والموضوع الذي يتطرق اليه. بيد ان مسألة احتساب الفيلم على
هذا البلد او ذاك، صارت في عالم السينما امراً اشكالياً وقضية معقدة، وهذا
ما شجع الكثير من المهرجانات، وفي مقدمها كانّ، الى صرف النظر عن هذه
المسألة، والاكتفاء بإدراج اسماء البلدان المشاركة في الانتاج في بطاقة
الفيلم التقنية. فإلى أي هوية او بلد يمكن ان نضم فيلماً أُنتج بأموال
فرنسية وأنجزه مخرج ايراني في اليابان؟ (عباس كيارستمي في "ككائن مغرم").
واذا كانت معضلة تحديد هوية الفيلم الغربي نابعة من اشكاليات الانتاج
المشترك بين بلدان اوروبية عدة، فمعضلة السينما العربية مختلفة قليلاً، ذلك
ان معظم الدول العربية (مصر بدرجة أقل بكثير، لكونها تمتلك صناعة) تمد يدها
الى ما يُعرف بالتمويل الأجنبي، ولا سيما البلدان الفرنكوفونية التي تلجأ
دائماً الى الاستعانة بأرصدة فرنسية. نعلم جميعاً ان الانتاج بين أوروبا
والعالم العربي ليس انتاجاً مشتركاً او ندّياً، لغياب موازين القوى بين
الطرفين فيه. هذا النوع من الانتاج هو انتاج مساند وليس انتاجاً مشتركاً.
يبرز هذا الهمّ أكثر فأكثر في تعاملنا مع السينمائيين المنتمين الى الجيل
الثاني من المهاجرين العرب في أوروبا. قسم كبير من هؤلاء تأثر بالمدرسة
الاوروبية في صناعة السينما، ومنهم مَن لا يتكلم العربية حتى. اما القضايا
التي يطرحونها فهي اوروبية ذات نكهة عربية. أذكر منهم: رباح عامر زعيمش،
رشيد بوشارب، عبد اللطيف كشيش... هل السينما التي يصنعها هؤلاء سينما
عربية؟ ولماذا يمكن ضمّ فيلم مثل "كسكسي بالسمك" الى التصويت، وعدم ضمّ
الفيلم الأخير للمخرج نفسه ("حياة اديل" - 2013) اليه؟ هذه بعض من الأسئلة
المهمة التي لا يمكن تحميل التصويت مسؤولية الرد عليها، ولكن من المستحب
ربما ان تساهم مثل هذه المبادرة الثقافية في فتح النقاش.
hauvick.habechian@annahar.com.lb
النهار اللبنانية في
15/08/2013
«ذا
ووكينغ ديد» يبحث عن مستقبل آمن لا وجود له
الموتى ــ الأحياء يغزون البيوت للموسم الرابع
دبي: محمد
رُضـا
«بالنسبة للموسم الرابع من مسلسل (ذا ووكينغ دد) فإن التغيير الرئيسي هو أن
السيناريو هذه المرّة سيعتمد على الشخصيات أكثر من السابق. نعم الوقائع
موجودة، لكن بناء الشخصيات أقوى».
يقول سكوت غيمبل على الهاتف من مكتبه في نيويورك ردّا على سؤالنا وهو الذي
أمسك بتقاليد الإنتاج هذا العام لأول مرّة خلفا لغلن مازارا الذي اشتغل على
المواسم الثلاث الماضية.
نتكلّم بالطبع عن واحد من أهم المسلسلات التلفزيونية في السنوات الخمس
الأخيرة. انطلق لأول مرّة في الواحد والثلاثين من أكتوبر (تشرين الأول) على
القناة الفضائية
MBC فأحدث رجّة بين المسلسلات لم تكن متوقّعة. بناء على نجاحه ذاك
كررت القناة إنتاجها في العام التالي منجزة ثلاث عشرة حلقة، ثم استكملت ذلك
بسلسلة جديدة للموسم الثالث شملت ست عشرة حلقة. يقول سكوت:
«في رأيي أن النجاح الكبير الذي حققته هذه السلسلة له أكثر من سبب. من
ناحية التلفزيون ليس مكانا متوقّعا لمسلسلات رعب من هذا النوع. نعم هناك
أفلام رعب يتم عرضها، لكنها عروض متكررة لأفلام سبق عرضها في الصالات. أما
(ووكينغ دد) فهو إنتاج مخصص للتلفزيون».
ويضيف: «هناك أيضا مسألة أن المسلسل في واقعه ليس رعبا فقط. إنه دراما عن
حياة الشخصيات البشرية في مواجهة الموتى - الأحياء ما يتيح تنوّعا أفضل.
هذا علاوة على أن المسلسل تمتّـع دائما بمعالجة واقعية».
جذور «ذا ووكينغ دَد» تمتد في اتجاهين، هو نتيجة ثقافة حكايات وأفلام
الزومبيز والموتى - الأحياء الذين سيقلبون معدلات الحياة على الأرض بحيث
يسودون ويشكلون خطرا مدهما ودائما على البشر الطبيعيين، ومقتبس، من ناحية
ثانية، عن رواية كوميكس شعبية وضع حكاياتها كل من تشارلي ألدارد، توني مور
وروبرت كيركمان.
المخرج فرانك دارابونت («سرعة»: «ذا غرين مايل») طوّر الحكاية ليشكّل منها
نواة حلقات الموسم الأول الذي فاجأ المشاهدين بقوّة مضامينه الاجتماعية
وبحقيقة أنه في نهاية الأمر ينقل تيار الزومبيز إلى الشاشات المنزلية. يقول
في اتصال آخر:
«في رأيي أن أهمية تقديم هذا اللون من أفلام الرعب تكمن في المفاجأة التي
توخينا أن نوفّرها للمشاهد في البيت. أعتقد أن مثل هذه الأعمال إذا ما عرضت
سينمائيا فإن شعورا بالأمان يبقى سائدا على أساس أن المشاهد يدرك أنه سيخرج
من الصالة ليستقبل الحياة العادية من جديد».
ويضيف:
«لكن المسألة تختلف حين تعرض مثل هذا الأعمال على الشاشة في البيت. المشاهد
أقرب إلى المفهوم. يشعر بأنه غير محصّن. بأنه إذا ما نظر من نافذة منزله
الآن فسيجد، على الأرجح، الزومبيز وهم يجولون في الشوارع».
عواطف عاصفة سبب آخر لنجاح المسلسل تلفزيونيا يعود، في رأي المخرج داراونت،
إلى الحبكة: «المسلسل التلفزيوني يتيح لأي قصّة معروضة التوسع والتمدد في
اتجاهات مختلفة. هنا العدو ليس فقط الزومبيز بل آدميون أشرار فالتون من
العقاب يهاجمون الآدميين الذين يكوّنون بطولة الحلقات. تلك الفئة التي هربت
من المدينة وبحثت عن ملجئها في المناطق البرية. كذلك كما يعلم من شاهد
الحلقات هناك عداوة تنشأ بين أفراد هذه الجماعة الثانية بدافع الغيرة أو
بسبب مواقف عاطفية أخرى».
منذ الموسم الأول نجد هذه الصراعات موجودة. هي زادت بين الفئة التي يتابعها
الفيلم وبين طارئين أشرار في الموسمين الثاني والثالث، لكن الحرب القائمة
بين الأصحاء والمصابين بالفيروس الذي يحوّل الجموع إلى متوحشين هي التي
تبقى في الصدارة في الحلقات الخمس الأولى من المسلسل الأول. هذا قبل
التوسّع لتقديم بعض الشخصيات تفقد اتزانها العاطفي فتقع في الحب رغم
ارتباطها بأزواجهم أو زوجاتهن.
في حلقات الموسم الثاني، تلعب الحكايات العاطفية المستخدمة مثل السكّر فوق
الحلوى، دورا أكبر. هناك مجموعة من الناجين تلجأ إلى مزرعة هاربة من الموتى
- الأحياء (أو
The Walkers
كما يسمّونهم). هناك وعلى عدد من الحلقات يتعاطى المسلسل مع حالات حب
شخصية. مثل المرأة الحبلى التي لا تعرف من هو الأب بين رجلين عاشرتهما،
والرجل الذي ضحّى بآخر ليضمن هروبه ثم عايش صحوة ضميره الذي يؤنبه على
فعلته. طبعا من دون أن ينزع المسلسل عن نفسه الشحنة الطاغية من التوتّر.
لكن واحدا من تطوّرات الحكاية تلك المعركة التي تقع بين ريك (الممثل أندرو
لينكولن) وبين أصحّاء آخرين التي ينتج عنها مقتل اثنين. صوت إطلاق النار
لتلك المعركة التي تقع في حانة نائية، يجذب الموتى - الأحياء الذين يحيطون
بالمكان ويقتحمونه. ريك سيهرب وبعض أصحابه إلى المزرعة، لكن الموتى -
الأحياء وفي الحلقات الأخيرة من الموسم الثاني سيكتشفون وجود المزرعة
وسيهاجمون ساكنيها.
منوال تلفزيوني هذا ما ينقلنا إلى الموسم الثالث حيث تكبر حدّة المواجهات
مرّة أخرى. المسألة في كل هذه الحلقات هي صراع الحياة. لكن المكان يختلف
هذه المرّة. لقد وجد الناجون بقيادة ريك سجنا خاويا باستثناء بعض المساجين
السابقين الذين اختبأوا بعيدا عن حواس الزومبيز. الفريق يحصّن السجن ويتخلص
من خطر الزومبيز ولو إلى حين.
في الحقيقة شعور بالطمأنينة الزائفة يسود لبعض الوقت عندما يتم الكشف عن
مدينة نظيفة من الزومبيز يمكن للجميع العيش داخلها. لكن سريعا ما يتبدّى
أنها طمأنينة كاذبة هذا إلى جانب المزيد من الصراعات العاطفية التي بدت
أحيانا كما لو كانت تبعد المشاهد عن جو التوتر المنشود لمسلسل قائم على
صراع الحياة المرير بين أخيار وأشرار، إلا أنها كانت ضرورية لجذب جمهور
البيوت الذي اعتاد على «السوب أوبرا» وأساليبها الحكواتية والميلودرامية.
أما الموسم الرابع فسينطلق في الثالث عشر من أكتوبر والمنتج التنفيذي غيمبل
يعد بأنه سيكون مختلفا كثيرا: «سيمثّل السجن أمل الحياة الوحيد لبعض الوقت.
المكان يتحوّل داخل ردهة السجن وفي ممراته إلى حقل للنباتات لأن سكّانه
يحتاجون إلى الطعام وعليهم زرع ما يمكن لهم أن يزرعوه لتأمين ذلك».
لوهلة، تعد الحلقات الجديدة بأن تقدّم المكان وقد أصبح مقصدا لآدميين آخرين
يقصدونه هربا من المخلوقات الفاتكة. المكان رحب ويتّسع وفي البداية سيبدو
كما لو أن المتواجدين سيستطيعون، كما المشاهدين، نسيان الخطر المهيمن في
الأفق. لكن فقط عندما يبدو ذلك ممكنا سنجد الموتى - الأحياء وقد أخذوا
يحومون حول المكان ثم يتكاثرون أمام جدرانه وحواجزه بهدف اقتحامه.
«هناك مفاجآت أخرى لا أستطيع الحديث عنها»، يقول غيمبل ناهيا. لكن الشعور
السائد في أوساط الصناعة التلفزيونية هي أن الكثير متوقّف على نجاح هذه
الحلقات التي ستأخذ المشاهدين إلى تحديات جديدة. المنتجة آن هيرد غايل
صرّحت لمجلة «إنترتاينمنت ويكلي» أن المزيد من الصراعات خارج نطاق الزومبيز
ستبرز بين الأحياء أيضا «لأن صراع الحياة يبقى الدافع الأول لنا جميعا وأي
منّا في مثل هذا الوضع سيجد نفسه في حرب دائمة مع كل الأطراف التي يعتقد،
عن خطأ أو عن صواب، بأنها تشكل خطرا عليه».
ومع أن بطل الحلقات، الشريف ريك، انشغل في الآونة الأخيرة بتلك الصراعات
الداخلية ثم بمحاولته الدؤوبة حماية ابنته التي وُلدت خلال الحقبة، إلا أنه
سيبقى محور ما يدور على نحو أو آخر. الممثل أندرو لينكولن شخصية محبوبة من
قِبل مشاهدي هذه الحلقات وهو يحصد قدرا من التوتر بسبب طريقته في الأداء.
حتى عندما رأيناه يمشي وحيدا على طريق ريفية بعدما نفذت سيارته من الوقود.
تخشى عليه من مطاردة مخلوق متوحّش في هذا الخلاء الصامت. بعد قليل تنتقل
معه إلى وضع جديد: لقد وجد فتاة زومبي لا تستطيع الحراك ملقاة إلى جانب
الطريق. يسحب مسدّسه ويطلق عليها رصاصة الرحمة. لا تفرح ولا تحزن، بل يسودك
ما يسوده: الوجوم!
الشرق الأوسط في
15/08/2013
سينما العيد..
العناوين تدلّ والإيرادات ليست مقياساً
نديم جرجورة
يُعتبر عيد الفطر مناسبة سينمائية مصرية تتيح للجمهور مشاهدة بعض
الجديد. يُعتبر محطة أساسية في برمجة موزّعين ومنتجين، يرون أن عيداً كهذا
يُتيح إمكان رفع الإيرادات من شبابيك التذاكر. المحطّات الأخرى لا تقلّ
أهمية. منها، مثلاً، موسم الصيف، أو نهاية العام الدراسي. الأهم كامنٌ في
أن عيد الفطر في هذا العام شكّل تلك اللحظة المطلوبة، على الرغم من الوضعين
السياسي والأمني المرتبكين، خصوصاً أن صالات سينمائية عديدة، معروفة
بقدرتها على جذب مُشاهدين عديدين، تقع جغرافياً في «مناطق ساخنة أمنياً»،
كـ«وسط البلد» و«مدينة نصر» في القاهرة. في تحقيق صحافي بعنوان «المصريون
يفطرون على 5 أفلام في العيد» بقلم أمل صبحي، جاء أن «موجة من الكرّ والفرّ
تشهدها دور العرض السينمائية الآن، وسط حالة من التوتر وعدم الاستقرار التي
تمرّ بها مصر حالياً». أضاف التحقيق أن منتجين وموزّعين «قرّروا خوض تجربة
التحدّي والمغامرة» الآن، بينما فضّل آخرون انتظار موسم عيد الأضحى المقبل،
«حتى تتوضح الرؤية، وتتلاشى المخاطر» («أخبار النجوم»، 1 آب 2013).
في مقالته المنشورة في «الكواكب» (6 آب 2013)، كتب حاتم جمال ما يلي:
«أفلام هذا العام منزوعة الدسم». أضاف أن أحداً من نجوم الكوميديا لم يدخل
في المنافسة، باستثناء هاني رمزي وغادة عبد الرازق. قال إن هذه المناسبة
قدّمت ممثلين باتوا، للمرّة الأولى في مسيرتهم المهنية، «نجوم شبّاك»،
كمحمد رمضان وسامح حسين وحسن الرداد وحورية فرغلي. هذا يعني «أن المستويات
ستتقارب»، وأنه «لن ترجح كفة فيلم على آخر».
القراءة الأولى لعناوين الجديد السينمائي ومضامينها تجعل المتابع
يتأكّد، مجدّداً، من اضمحلال الخيارات الدرامية لأفلام متنوّعة الأشكال
والمعالجات وأساليب الاشتغال. قراءة ترتكز، أيضاً، على أعمال سابقة قدّمها
هذا الممثل/ الممثلة أو ذاك المخرج/ المخرجة. أحد أبرز المآزق المتعلّقة
بهذه المسألة كامنٌ في العناوين نفسها: «كلبي دليلي»، «توم وجيمي»، «قلب
الأسد»، «نظرية عمّتي» إلخ. عناوين تُحيل المتابع والمشاهد إلى أفلام قديمة
يُراد من الجديد محاكاتها بسخرية يظنّ صانعوها أنها «كوميدية». فهل يُمكن
وصف هاني رمزي بأنه «ممثل كوميدي»، بعد سلسلة الفضائح السينمائية التي
صنعها سابقاً؟ هل غادة عبد الرازق «ممثلة كوميدية» فعلاً؟ الحركات المصطنعة
والساذجة والمُملّة التي التصقت بهاني رمزي، نزعت عنه صفة الكوميدي، بل صفة
«ممثل»، وإن ما زال سينمائيون عديدون يتعاملون معه بصفته هذه، الفارغة من
معناها الحقيقي. غادة عبد الرازق ممثلة. لها أدوار درامية متفاوتة الجودة،
مال بعضها إلى جدّية واضحة. لكن الأبرز كامنٌ في سؤال الكوميديا بحدّ ذاته،
وفي ضرورة تحليل هذا المفهوم بناء على راهن النتاجات السينمائية، التي
تطاول هاني رمزي وعدداً من زملائه «غير» الكوميديين.
من فعل الجريمة المُطعّمة بتشويق مُثقل بحركات ومطاردات («قلب الأسد»
لكريم السبكي)، إلى ما يُشبه الكوميديا المتمثّلة بالسخرية من واقع حال
المعوّقين، من خلال قيام رمزي بتأدية دور مُعوّق ذهنياً «يتعامل مع الجميع
بجسد رجل وعقل طفل» («توم وجيمي» لأكرم فريد)، «تتنافس» أفلام قليلة العدد
في لحظة سياسية وأمنية خطرة. المذيع المشهور وارتباطه بعمّته وحكايته مع
المعجبات تفاصيل خاصّة بـ«نظرية عمّتي» لفريد أيضاً (يُعرض حالياً في
الصالات اللبنانية). غير أن صحافيين فنيين عديدين مهتمّون كثيراً بما ستؤول
إليه أحوال «قلب الأسد»، الذي اعتبره الزميل حاتم جمال «أبرز أفلام هذا
العام»، الذي «يُراهن عليه المنتجون في حصد إيرادات غير مسبوقة»، ارتكازاً
على النجاح التجاري الكبير لـ«عبده موتة» (2012) لإسماعيل فاروق، إذ بلغت
إيرادات هذا الأخير نحو 19 مليون جنيه مصري. فهل النجاح التجاري السابق
دليل أكيد على نجاح تجاري مطلوب حالياً؟
أسئلة كثيرة مطروحة، لكن الأهم بالنسبة إلى المنتجين والموزعين كامنٌ
في الإيرادات. هذا محتاج إلى بعض الوقت لمعرفة الأرقام التي تؤشّر إلى نجاح
تجاري ما.
كلاكيت
ظلاميتان
نديم جرجورة
لم يكن مشهد فنانين مصريين مشاركين في تظاهرات "30 يونيو" غريباً.
هؤلاء اعتادوا مواجهة الوحش المقيم في تطرّف إسلاميّ، أكثر من مواجهتهم
التنانين المرتدية زيّاً عسكرياً. السلطة السياسية الحاكمة سابقاً أتقنت
ترويضهم. قليلون هم الذين انتفضوا على كل شيء عنيف ودموي وقامع. معظم هؤلاء
وجد في التقرّب من السلطة المباركية حماية لهم من "طيور الظلام" وأشباهها.
أثارت هذه المشاركة ردود فعل إيجابية لدى معنيين ومهتمّين، وجدوا فيها
انسجاماً وتاريخاً من المواجهة الفعلية مع متزمّتين يُكفّرون ويلعنون
ويعتدون على أبسط أمور الحياة اليومية. مشاركتهم في تلك التظاهرة أثارت
حماسة من تابع سياقاً تاريخياً من الصراع بين طرفين نقيضين.
بدورها، لم تكن المشاركة الثانية لهؤلاء الفنانين أنفسهم في تظاهرة
"دعم" القوات المسلّحة في حربها السياسية ضد "الإخوان المسلمين" مفاجئة هي
أيضاً. مجلات فنية مصرية عنونت الخبر بما يُمكنه أن يكون إضافة سلبية إلى
سلوك هؤلاء: "الفنانون يفوّضون الجيش لمواجهة الإرهاب"، أو "الفنانون
يفوّضون القوات المسلّحة في مواجهة الإرهاب". ليست "أل" التعريف عبثية أو
خطأ مطبعياً. هناك رغبة لاواعية في ممارسة شمولية لا تختلف عن شموليات
الإخوان والقوات المسلّحة. هناك رغبة في القول إن "الـ" فنانين جميعهم صفٌّ
واحدٌ في مسألتين خطرتين للغاية: تفويض العسكر في مهمّة مُطالب دائماً
بتنفيذها وهي مواجهة الإرهاب، أياً كان شكله أو مصدره أو موقعه. هناك
التفويض أولاً، وهناك تفويض العسكر ثانياً. تعبير "تفويض" يُشبه "التكليف
الشرعي"، أو "الأمر لي"، أو "نفّذ ولا تعترض". هذا يعني تحويل الفنانين
"جميعهم" إلى قطيع ينصاع لأوامر عليا يستحيل على أيّ كان رفض تنفيذها. هذا
يعني جعل الفنانين خَدَماً لقوات مسلّحة اعتادت، منذ انقلاب "الضبّاط
الأحرار" على الحكم الملكي، ترويض غالبيتهم الساحقة بحجج كثيرة، ولأسباب
أكثر. هذا يعني إزالة كل حسّ متمرّد وثوري حقيقي، إن وُجد، من كل فنان
يُفترض به أن يمتلك هذا النوع من الإحساس المؤدّي إلى مزيد من الإبداع.
انصاع فنانون مصريون لرغبة القيادة العليا للقوات المسلّحة المصرية.
هذه القيادة تريد إخضاع الجميع لسياستها الانقلابية. تريد غطاء شرعياً
وشعبياً إضافياً، عثرت عليه في إصدار أمر التفويض للفنانين المستعدّين،
أصلاً، لتفويض كهذا لا يختلف عن "التكاليف الشرعية" لمتزمّتين وأصوليين
وسلفيين. بهذا، يُمكن القول إن "طيور الظلام" لم تعد صفة أصوليين وسلفيين
وجهاديين، ولم تعد سمة "زوّار الليل" (رجال الأمن والمباحث)، إذ باتت صورة
فنانين ارتضوا، بحجّة رفض حكم "الإخوان المسلمين"، أن يتحوّلوا إلى "إخوان"
أو إلى "رجال أمن ومباحث"، بحجّة "مواجهة الإرهاب"، متناسين أن مسؤوليتهم
الأخلاقية في مواجهة كهذه تكمن في إنتاجهم الفنيّ، أي في موقعهم الأساسي،
وساحتهم الإبداعية الوحيدة لـ"معاركهم" ضد أصناف الظلامية كلّها، إخوانية
أو سلفية أو عسكرية أو سلطة سياسية قامعة.
المشهد قاتم. إنها طامة كبرى.
السفير اللبنانية في
15/08/2013
«لوفليس»..
«البورنوغرافيا» الأنيقة تتحوّل إلى «بورنوتوبيا»
زياد الخزاعي
(لندن)
هذه المرأة ليست جسداً أو شهوة. إنها أيقونة «سينما البورنوغرافيا»
وأشرطتها الحماسية التي ثوّرت مفهوم الجنس، ونقلتها من صالات العروض
المتعفّنة في أحياء المتع الرخيصة إلى قلب الوعي الجماعي المؤمن بحرية
الجنس وثقافته، في السبعينيات الماضية. حكاية الممثلة ليندا لوفليس (لقبها
الحقيقي بورمن)، التي عرفت شهرة منقطعة النظير منذ بطولتها في الفيلم
الإشكالي «الحنجرة العميقة» (1972)، أكثر من جذّابة للاقتباس، ليس من باب
إغواءات اللذّة وتمظهراتها على الشاشة وخيالات مُشاهديها، بل عبر أفلمة
تفاصيل الحيفين العائلي والاجتماعي اللذين دمّرا حياتها، وأحالاها من فتاة
ساذجة، إلى نجمة ساطعة وامرأة «طاهرة»، وعت آثامها، وسعت إلى قصاص شخصي
تمثّل بالاعتزال وكتابة حكايتها، قبل أن تُقتل في حادث سيارة عبثي في العام
2002.
لن تُشكّل خلاعات لوفليس وتأدياتها الآسرة للمواقعات الجنسية ما يمكن
تسميته ببسالات سينمائية، بل تقع هذه الأخيرة في صحوة ضميرها الذي قادها
إلى وقفة جسُورة ضد فحش السينما الإيروتيكية، ودعوتها إلى «تدميرها»، وما
استكملته في عنادها بهذا الصدد، وأوصلها إلى قلب المؤسسة التشريعية
الأميركية للمطالبة بسَنّ قوانين تحظّرها وتوقف خرابها الأخلاقي.
يُرتّب «لوفليس» لروب أبشتاين وجيفري فريدمان تاريخاً حيادياً لابنة
طبقة عاملة، مُحاصَرة بأعراف عائلة لا تتحاشى الإعلان عن ثوابها الديني،
تقودها أم باسلة (شارون ستون)، تصفع ابنتها الوحيدة لتأخّر عودتها إلى
البيت ليلاً، حيث قيم الإيمان لديها تُعَدّ بمثابة قانون وحصانة شخصية،
وهوية انتساب إلى عصبة اجتماعية، وأسلوب حياة يثبت تماسك أفرادها. قبل أن
يطرق الشيطان باب العفّة، ويسرق الفتاة الخجولة التي أجهضت سابقاً. تحوّل
البطلة من كائن حياديّ إلى طوطم جنسي لـ«الفيلم البذيء» احتاج إلى أكثر من
سرد سيرة حياة. تطلّب وعياً سينمائياً سياسياً لا يخشى مقاربة الانعكاسات
الجبّارة لحرب فيتنام، والسياسات التوفيقية لإدارة الرئيس السابق ريتشارد
نيكسون، الذي نراه في لقطة عابرة. إنه يُمعن في تحوّلات حقبة سبعينيات
أميركية لمجتمع هزّته لوثات العنصرية والعسكراتية وجشع الكارتلات الصناعية
الكبرى، ما شكّل نقصاً فادحاً في نص صاحبيّ «بومة» (2010، عن الشاعر
الطليعي ألن غينسبيرغ وكتابته القصيدة الأثيرة) الثنائي أبشتاين ـ فريدمان،
وأبعداه عن أن يكون سِفراً درامياً يُفهِم مُشاهده المغازي التي أوصلت
ليندا (أماندا سايفريد) إلى ترؤس ثورة جنسية لم تعِها أو ترغب فيها أو تكن
طرفاً في تأجيجها.
لم يغير فيلم «الحنجرة العميقة» لجيرار داميانو العالم، بل هزّ ذائقة
كانت تتخوّف من خِزي هوسها بالفعل الفاحش المُصوَّر، وحرّرها، وحطّم تابو
الفيلم الخلاعيّ الذي أصرّ على سقم استعراض المواقعات الجنسية بصنوفها
وحركاتها وتأوّهاتها المُصطنعة كلّها، ونقله إلى الحكي وتراتبه المنطقي
وقفشاته وسورياليته. الصاعق ليس في أرباحه التي فاقت الـ600 مليون دولار
أميركي لمنتوج كلفته 25 ألفاً، حصلت لوفليس على 1250 دولاراً منها فقط عن
«أتعابها»، بل تلك الشابة التي أصبحت رمزاً إيروتيكياً تحرّرياً، في وقت
كانت تعاني عنف زوجها تشك ترينور (بيتر سارسغارد) وغيرته، وإجباره إياها
على الدعارة، و«بيعها» إلى مغتصبين، وتحويلها إلى سلعة جنسية. يضع أبشتاين
وفريدمان تفاصيل لوعتها الشخصية وانحطاطها بأناقة مفرطة ومفتعلة، مفتَقدين
الألق السينمائي الذي لمع في عمل مواطنهما بول توماس أندرسون «ليالي البوغي»
(1997)، حول نجم بورنوغرافي شاب يصبح ضحية ولعه بنجومية كاذبة، تقوده إلى
الإدمان والجريمة. نظّم أندرسون حكايته كإدانة لصناعة لا ترحم، ولا تملك
صوناً لرعيتها وعبيدها، بينما ركّبت في «لوفليس» الوقائع بعفّة مبالغ فيها،
إذ لم يتضمّن الفيلم مشهداً واحداً يعكس الاعتراف الصاعق لليندا أمام «لجنة
ميس» الحكومية (1984): «عندما تشاهدون «الحنجرة العميقة»، ترونني أتعرّض
للاغتصاب».
المخيّب أن المخرجين أسقطا، من دون تبرير، القسم الخاص بـ«نضالها» ضد
صناعة «البورنوغرافي»، الذي وثّقته لاحقاً في كتابها الشهير «عذاب».
السفير اللبنانية في
15/08/2013
فيلم يتناول الانقسام والتدمير الداخلي للنفس والحلم
«بيروت
الغربية».. سؤال عن ما بعــد الحرب
علا الشيخ- دبي
ناجي العلي، محمود درويش، مجزرة تل الزعتر، أسماء راسخة وحية في
الذاكرة، فهي جميعها تنتمي الى قضية مازالت عالقة بين مفتاح معلق في صدور
الأمهات والجدات على أمل العودة، وبين طاولة مفاوضات ومماطلات ومداولات
تراوح مكانها. قضية اسمها فلسطين المحتلة. واللافت أن شهر أغسطس يمثل خيطاً
درامياً يربط بين مصائر الأسماء الثلاثة، إذ استشهد فنان الكاريكاتير ناجي
العلي في 29 من أغسطس 1987، بعد أيام من إطلاق الرصاص عليه، وتوفي الشاعر
محمود درويش في التاسع من أغسطس 2008، وارتكبت مجزرة تل الزعتر في 12 من
أغسطس 1976. والأمر الآخر الذي يربط بين تلك الأسماء هو ارتباطها العاطفي
بلبنان، إذ شاء القدر أن يجمعها في الهوية، وفي القضية، وفي الموت في الشهر
نفسه.
ولعل فيلم «بيروت الغربية»، للمخرج زياد دويري، يمثل حالاتهم، ليس
لأنه يحكي كما غيره من الأفلام عن الحرب اللبنانية الأهلية، بل لأنه يحكي
ما رسمه ناجي العلي، وما كتبه درويش بعد مجزرة تل الزعتر، وعن الحال بعد
الحرب.
الفكرة في النهاية
«الحرب تقرب بين الناس، هذا ما أقتنع به، لكن بعد الحرب هل سنظل مع
بعضنا». تبدو هذه الجملة التي قالها (رياض) والد بطل الفيلم (طارق) لزوجته
(هالة)، لا تعبر عن بداية الفيلم الفعلية، بل كانت في الجزء الأخير منه،
لكنها تلخص حكاية حرب أهلية لم تؤثر في علاقة اللبنانيين بعضهم بعضاً فقط،
بل تعدتها إلى علاقة لبنان مع الفلسطينيين تحديدا ومع سورية. في هذا المشهد
الذي صور في العتمة نتيجة انقطاع الكهرباء في «بيروت الغربية» تجلس (هالة)
إلى جانب زوجها القومي الفكر والمناهض للإمبريالية، تحاول إقناعه بالهجرة،
وهو رافض تماما لأن الذريعة التي تحاول إقناع زوجها بها «عدم احتمال الذل»،
ليجيبها «وإذا ذهبنا الى أميركا، التي تعتبر كل عربي إرهابيا أليس هذا ذلا،
أو في أي بلد أوروبي ينعتوننا بالكلاب الجائعة ليس ذلا؟». وبذلك تقتنع
الزوجة أمام هذا المنطق الذي طرحه زوجها، وتعده بالبقاء إلى
جانبه، ليجيبها بما بدأ به النص «المهم أن نبقى مع بعض بعد الحرب».
لكن الحرب لا تفكر إلا في الموت، فتترك رياض وطارق وحدهما بعد أن تموت
هالة دون مشهد مباشر، هو فقط مشهد النهاية التي نرى فيه الأب يجلس حاضنا
عوده، وابنه طارق الواقف، وهو يسمع خلسة اللحن الحزين على هذا الوداع،
لينتقل المخرج الدويري إلى لقطات أرشيفية من واقع المعاناة التي عاشها
اللبنانيون والفلسطينيون، وقد حدثت مجزرة تل الزعتر.
النشيد اللبناني
يريد دويري أن يعرّف المشاهد إلى شخصية (طارق) الشاب الوسيم، طالب
المدرسة المشاغب، المدلل نوعا ما لأنه الولد الوحيد لعائلته، المراهق في
الوقت نفسه، والباحث عن كل أمر يثير فيه ذكورته ليختبرها. يظهر طارق وصديقه
عمر الذي يحمل كاميرا فيديو دائما، وهما يحاولان معرفة نوع الطائرة التي
تحلق فوقهما في باحة المدرسة، يخرج صوت المديرة بلهجتها الفرنسية، لتنبيه
الطلاب للاصطفاف لتحية العلم، فتبدأ ألحان النشيد الوطني الفرنسي، في هذا
الحين يهرب (طارق) إلى صفه، ويظهر ومعه مكبر الصوت، ليشدو النشيد الوطني
اللبناني مع تصفيق حار من قبل زملائه من كل الطوائف، فلم تكن الحرب قد
بدأت. يعاقب (طارق) من المديرة على فعلته، وتخرجه من الصف، ليكون شاهدا على
أولى طلقات بين سكان بيروت الشرقية وبيروت الغربية، من قبل ملثمين. الإنذار
يصدح في الشوارع ويهرع الأهالي لاصطحاب أبنائهم، وتبدأ الحكاية في أبريل
عام 1973.
بداية
يطمئن والد طارق عائلته بأن الذي حصل لا يغدو سوى رد «إسرائيلي» على
الفلسطينيين الموجودين في لبنان، لعملية قاموا بها في «تل أبيب»، فتقتنع
العائلة القومية النهج بهذا التحليل، مع انتشار الخبر أن الفلسطينيين هم
السبب في هذه الطلقات الأولى التي أقضت سكينة بيروت. لكن ما يلبث تكرار
الطلقات إلا أن يضع كل هؤلاء أمام حقيقة حاولوا إخفاءها كثيرا، وهي بداية
الحرب الأهلية القائمة بين الطوائف المختلفة اللبنانية وأهالي المخيمات
الفلسطينية. ولم تكن هذه الفترة تفصلها عن مذبحة تل الزعتر سوى أربعة اشهر،
مع ظهور المراهقة مي الآتية من بيروت الشرقية تحمل الصليب على صدرها، إلى
بيروت الغربية ذات الأغلبية المسلمة.
مراهقون
الحكاية وأحداثها قائمة على تحركات المراهقين (طارق وعمر ومي)، غير
المدركين ما يحدث حولهم، كما أن سؤالا يتردد عن سبب تغيبهم، إذ إنهم
يحاولون تحقيق أحلامهم المتمثلة في فيلم فيديو صوره (عمر)، لتبدأ رحلة
البحث عن محال لتحميض الفيلم، وكانت تلك الجولات، في ظل هذه الظروف أشبه
بالبحث عن الموت. لكن (طارق) يواصل إصراره على تجاوز كل العقبات والحواجز
والتهديدات التي كادت تصيبهم في مقتل، تلك المغامرة كانت تركز على البحث عن
شيء يهم المراهقين، حتى لو ظهر سطحيا بالنسبة لآخرين.
لكن الإصرار يبدأ بالتلاشي مع حوار بين طارق وعمر، الذي جعل مي تنزع
صليبها كي لا تجلب لهم المشكلات. وقال «والدي يريدني أن أصلي في الجامع،
ووالدتي ذهبت إلى السوق لشراء الحجاب، وأنا لا أريد فعل هذا الأمر إرضاء
لوالدي الذي تغير فجأة». هذا الحوار هو الذي وضع المراهقين أمام الحقيقة،
ثمة حرب تترصد بهم، في الوقت نفسه تظهر على مي علامات الإعجاب بعمر لحنكته
التي حققت نجاتهم أكثر من مرة، ليكشف لها أنه وضع صليبها إلى جانب آية
قرآنية على صدره، كي يستطيع المرور من أي حاجز يريده.
صورة
من الصعب ذكر الحرب اللبنانية دون ذكر الفلسطينيين عناصر مقاومة
ولاجئين، وفي فيلم «بيروت الغربية» ظهرت صورة الفلسطيني كأنه بداية الشرارة
للحرب، من خلال حافلة ركاب تحمل مدنيين فلسطينيين ولبنانيين، يهاجم الحافلة
عناصر يظهر بعد ذلك أنهم من الكتائب، ويقومون بقتل الركاب في الشارع. تبدأ
موجة الغضب من قبل السكان، تترجم في رد فعل الجارة التي أظهرها المخرج
دويري عصبية المزاج وسليطة اللسان على كل من يعارضها في الرأي. يظهر غضبها
وقت النزول الى الملاجئ، حين تتوجه الى فلسطيني بقولها «عودوا إلى دياركم،
أنتم سبب الخراب»، فقد استطاعت الجهات المستفيدة في هذه الحرب توجيه ضربة
إلى الوجود الفلسطيني في لبنان.
لكنّ عنواناً رئيساً في صحيفة كان كفيلا بإعادة النظر إلى ما يحدث
فعلا بين بيروت الشرقية والغربية، مع أن اللقطة لم تأخذ بضع ثوان إلا أنها
كانت مفصلية، إذ يحمل (طارق) صحيفة على صفحتها الأولى مكتوب: تل الزعتر
يقصف بعنف. ويعود الفلسطيني مرة أخرى في الفيلم، لكن هذه المرة في صورة
ضحية وليس سببا للحرب. وقد وصلت رائحة جثث أكثر من 3000 شهيد في مذبحة لم
يعلن عن اسبابها، إلا بعد انتهائها بـ10 سنوات.
بيت بيروت
أم وليد صاحبة أشهر بيت دعارة تصدم بوجود (طارق) في بيتها، فهو الهارب
من مشادة بين أنصار كمال جنبلاط ومعارضيه، في سيارة قصدت هذا المنزل. تسأله
«انت من وين؟». ليجيبها «أنا من بيروت الشرقية». فتغضب وتقول «في بيت أم
وليد لا يوجد بيروت شرقية وبيروت غربية، يوجد بيروت فقط»، وتلفت نظره إلى
جموع الرجال والنساء في بيتها، من خلال ذكر أسمائهم التي تنتمي إلى طوائف
مختلفة. يتجدد الأمل في قلب (طارق) بأن ثمة مكانا يجمع الكل، غير آبه بفكرة
بيت الدعارة، لكن ما يلبث هذا الأمل ايضا ان يختفي، في الزيارة الثانية
التي اصطحب فيها صديقيه (عمر ومي)، يدخل على أم وليد فيجدها غاضبة وهي
تتحدث في الهاتف، تنظر اليه وتأمره بالعودة، وتؤكد توصيفه الأول بأنه من
بيروت الشرقية.
النهاية
ختام الفيلم بعد معرفة أن (هالة) والدة طارق كانت من ضحايا الحرب،
تنتقل كاميرا دويري إلى رصد مشاهد توثيقية مأخوذة من شوارع بيروت الشرقية
والغربية، من خلال مشاهد حقيقية، تظهر أيضا شعارات الحركة الوطنية والفصائل
الفلسطينية على جدران منازل بيروت الغربية، ووجوه سياسية، منها صورة للرئيس
الراحل ياسر عرفات، الذي كان وقتها زعيما لمنظمة التحرير الفلسطينية،
والرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، ومشهد لعجوز فلسطينية تلوح ببندقيتها،
وصورة من مجزرة تل الزعتر، تتمثل في امرأة هاربة من جحيم الموت.
للإطلاع على الموضوع كاملا يرجى
الضغط على هذا الرابط.
الإمارات اليوم في
15/08/2013 |