أن يتجه المنتج لعالم الإخراج أمر ليس جديدا على السينما المصرية، لكن
انتشاره في السنوات الأخيرة جعل منه ظاهرة أثارت جدلا في الوسط السينمائي
المصري، وانقسم حولها العاملون في الحقل الفني بين مؤيد ومعارض، فالبعض يرى
أن التجارب التي قدمت حتى الآن لم تكن مقنعة، وأنها لم تلفت النظر لموهبة
مميزة. بينما يرى البعض الآخر أن الإقبال الجماهيري الذي حظيت به هذه
الأفلام يؤكد نجاح صانعيها. الناقد طارق الشناوي أكد أن بعض المنتجين الذين
تحولوا للإخراج لم يضيفوا شيئا جديدا إلى عالم الإخراج السينمائي وإن كانوا
في ذات الوقت لم يضروا به، مشيرا في هذا الصدد إلى تجارب وليد التابعي
وهاني جرجس فوزي. ويضيف الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «لكن إذا تحدثنا عن
تجربة البعض الآخر كتجربة مجدي الهواري في سلسله الأفلام التي قام بإخراجها
لزوجته غادة عادل، سنجد أنها لم تكن تجارب ناجحة بكل المقاييس وقد أضرت
بغادة في المقام الأول، ومن تابعها في أعمال مع مخرجين آخرين كمحمد خان على
سبيل المثال سيلمس الفرق.. أعتقد أن مجدي الهواري (الذي تحول للإخراج أيضا)
منتج (شاطر) لكنه في تقديري لا يملك الموهوبة كمخرج. لكن على العموم تظل
الشاشة هي الفيصل في نهاية المطاف. فليس من حق أحد الاعتراض على الأمر من
حيث المبدأ».
يخالفه الرأي الناقد رفيق الصبان الذي يصر على أن «المنتج» مجدي الهواري
«مخرج» جيد يطور أدواته من عمل إلى آخر، قائلا إن هاني جرجس فوزي قدم
للسينما فيلما لا يرقى أن يكون عملا سينمائيا مصريا، وهو فيلم «بدون رقابة»
الذي «أعتقد أن النظرة التجارية البحتة تغلبت على هذا العمل». أما عن تجربة
وليد التابعي، فيقول الصبان.. «كانت مشكلتها الرئيسية هي اختيار «سيناريو
حركة» فهذا النوع من الأفلام، الذي يدور في إطار بوليسي، يحتاج لتقنيات
عالية، حيث يعتمد الفيلم في المقام الأول على موهبة المخرج وخبرته.. ولم
يكن هذا الاختيار موفقا كبداية». ويضيف الصبان: «لا أمانع من وجود المنتجين
على الساحة الإخراجية شريطة تحمل المسؤولية، لأنه، حتى الآن، كل المنتجين
الذين أقدموا على هذه التجربة، لم يقدموا عملا بارزا بشكل يسمح لنا
بتقييمهم جديا. أتصور أن الأمر متعلق بالجانب المادي، ولا صلة له بالرغبة
في تقديم قيمة فنية جديدة».
من جانبه أكد الهواري أن تجاربه في الإخراج حققت نجاحا جماهيريا، مشيرا إلى
أن عددا كبيرا من المنتجين خاضوا تجارب إخراجية ناجحة أمثال حلمي رفلة
ورأفت الميهي، اللذين قدما أعمالا متميزة.. والأمر لا يقتصر على المنتجين
فبعض المصورين مثل محسن أحمد وطارق التلمساني اللذين خاضا تلك التجربة
أيضا، والبعض منهم أضاف للإخراج رؤية فنية جديدة. من جهته يقول وليد
التابعي إن تجربة فيلم «أزمة شرف» لا تعتبر مقياس نجاح أو فشل بقدر ما كانت
تجربة مفيدة.. «كانت تفتقد الخبرة التي لن تُكتسب إلا بالعمل». أما المخرج
والمنتج هاني جرجس فوزي فيؤكد أن علاقته بالإنتاج جاءت رغما عنه، حيث أوكل
إليه تحمل مسؤولية شركة إنتاج والده بعد وفاته، وإن كان هو في الأصل خريج
المعهد العالي للسينما قسم إخراج.
ويشير هاني جرجس فوزي إلى أنه عمل مساعدا للإخراج لما يزيد عن العشرين
فيلما مع عدد كبير من أهم المخرجين المصريين أمثال حسن الصيفي، وحسين كمال،
وحسن الإمام، وغيرهم. من جانبه يؤكد المخرج على بدرخان أن ظاهرة الخلط بين
الإنتاج والإخراج تفاقمت في الفترة الأخيرة خاصة منذ دخول المنتج شريف صبري
مجال الإخراج السينمائي بفيلمه «سبع ورقات كوتشينة» الذي قدم من خلاله
الفنانة روبي.
ويضيف بدرخان أنه على الرغم من اعتزال شريف صبري المبكر للإخراج فإنه فتح
الطريق لعدد كبير من المنتجين، وإن كنتُ أرى أنهم لم يضيفوا شيئا ولم يترك
أحدهم علامة مميزة تضيف إلى رصيد السينما المصرية. للمخرج على إدريس رؤية
مختلفة، فهو يؤكد أن عددا كبيرا من خريجي المعهد العالي للسينما لم يقدموا
أعمالا جيدة، فالقضية بالنسبة لإدريس لا علاقة لها بالأرضية التي جاء منها
المخرج. ويؤكد أن أزمة السينما لا علاقة لها بهذه الظاهرة، على الرغم من
كونها مؤشرا لسيادة النظرة المادية في التعامل مع الفن السينمائي. أما عن
النجوم الذين شاركوا في أعمال من إخراج منتج، فتقول الفنانة عُلا غانم إحدى
بطلات فيلم «بدون رقابة» إن تجربة «هاني» الإخراجية كانت جيده جدا، خاصة
وأنه عمل في مجال الإخراج كمساعد لسنوات، كما أنه درس بشكل أكاديمي، فلا
مجال للشك أو التشكيك في قدراته كمخرج. وتؤكد الفنانة غادة عبد الرازق أن
تجربتها مع وليد التابعي كانت مقلقة، خاصة أنها المرة الأولى التي تعمل معه
كمخرج، لكنها كانت تجربة جيدة، وإن افتقدت بعض الأشياء التي أدت لعدم
نجاحها.
الفنان حسين فهمي يقول عن تجربته مع المخرج والمنتج رأفت الميهي في مسلسل
«وكالة عطية» إنها كانت من أروع التجارب، خاصة أن الميهي له خبرة واسعة في
الحقل الفني.. وبصفة عامة فإن اتجاه المنتج للإخراج أمر طبيعي في كل الدول
سواء العربية أو الأوروبية، لأن أساس الفن هو الإبداع، وما دام المنتج يجد
نفسه قادرا على العطاء فما المانع.
الشرق الأوسط في
05/06/2009 |