يعتبر أمير العمري من الأسماء اللامعة في
ميدان النقد السينمائي. فقد عرف بكتاباته النقدية الرصينة في الصحف
والمجلات
المرموقة. كما يعتبر معاصرا لجيل من المخرجين المصريين الذين
طبعوا السينما العربية
بمسحة مميزة. وللأستذ أمير مدونة إلكترونية متخصصة في السينما تحمل عنوان
"الحياة
في السينما ". يودع فيها آراءه النقدية ومواقفه من الفن والسياسة والمجتمع.
أردنا أن نقترب أكثر من آراء امير العمري حول السينما والسينما الوثائقي
ونتعرف
على آرائه في حركة النقد السينمائي وأداء المخرجين الصاعدين اليوم
...
·
أستاذ أمير باعتبارك من النقاد
السينمائيين البارزين على الساحة
العربية كيف تعرف لنا النقد السينمائي.. هل هو علم أم هواية أم
حرفة؟
النقد
السينمائي علم ومعرفة وثقافة وخبرة وموهبة وهواية. هو
أولا علم له أصوله ومبادئه ونظرياته التي تتطور باستمرار، لكنه
أيضا موهبة وقدرة
خاصة على التعمق و"التأمل" في جزيئات العمل السينمائي، وتحليله أو تقديم
"رؤية" له
قد توازي الفيلم نفسه، وهو ثقافة لأنه يعكس الرؤى الثقافية والعلاقة بين
الناقد
والمحيط الثقافي في مجتمعه، وكذلك محصلة علاقة الناقد بالفكر الإنساني. إنه
ليس
حرفة رغم أن هناك جانبا أساسيا يتعلق بحرفية الكتابة يجب أن
يكون متوفرا لدى أي
ناقد، أقصد القدرة على التعبير باستخدام اللغة، ومنح اللغة قدرة تحليلية
دون ألغاز،
وشريطة أن تكون لغة جذابة، تتميز بالوضوح واليسر، وتبتعد عن الإفراط في
استخدام
المصطلحات والتعبيرات اللغوية المتقعرة. لكن هذا الجانب أيضا
له علاقة أساسية
بثقافة الناقد وخبرته وقدرته على التواصل مع القارئ. والنقد أيضا نوع من
الهواية
لأن مشاهدة الأفلام متعة وليست تكليفا، كما أن الكتابة أيضا متعة شخصية،
وبدون متعة
لا يكون هناك نقد جيد ولا كتابة جيدة.
·
ما هي العناصر التي يركز عليها
الناقد السينمائي وهو يقرأ
الفيلم؟
عادة ما يركز الناقد على عناصر عدة متداخلة في الفيلم هي أولا
علاقة الفيلم بمخرجه، الذي يعد المسؤول الأول والأخير عن كل
العناصر الفنية في
داخله، وأيضا عن اختيار الموضوع وربما أيضا التدخل في السيناريو. هنا يهتم
الناقد
بشكل أو بطريقة السرد في السيناريو، والمداخل التي يعتمد عليها السيناريو
في توصيل
موضوع الفيلم، وجدواها، وهل نجحت في توصيل "الرؤية" أو
المضمون، وهل نجحت أساسا، في
توفير "المتعة" الفنية التي هي أساس أي عمل فني. ويهتم الناقد أيضا
بالعناصر
البصرية في الفيلم: العلاقة بين الصور واللقطات، والمفردات الخاصة التي
تدخل في
بناء الصورة: التكوين وحركة الكاميرا وزوايا التصوير والإضاءة.
ويهتم أيضا بالأداء
التمثيلي وتأثيره على المشاهد: كيف يتقمص الممثل الدور، ومدى نجاحه في
التعبير،
ومدى مواءمته للشخصية التي يقوم بها. لاشك أن هذه كلها عناصر مهمة في تحليل
العمل
السينمائي.
البعض يعتقد أنه يتعين على الناقد أن يفهم في كل العمليات التقنية
المعقدة في صنع الفيلم مثل التصوير والمونتاج والإضاءة: وهذا
اعتقاد خاطئ وإلا لغرق
الناقد في تحليل أشياء لا تهم المتفرج مثل مدى نجاح جهاز توليد الضباب من
عدمه أو
ارتفاع الرافعة أو "الكرين" التي تحمل الكاميرا، والمسافة بين عواكس الضوء
وبؤرة
الصورة، ونوع العدسة التي استخدمها المصور.
لا أظن أن هذه العناصر مهمة وإلا
لغرق الناقد في أمور تقنية تبعده عن مهمته الأساسية وهي استخدام معرفته في
تحليل
العناصر الفنية للفيلم من حيث هو بناء ورؤية وطريقة في السرد والخيال ومنهج
وأسلوب
في الإخراج.
·
كيف تقيم الحركة النقدية
السينمائية العربية لاسيما
وأن الانطباع العام في النقد الفني والأدبي العربي أن النقد (الفن
التشكيلي،
الشعر..) لا يواكب حركة الإبداع نفسها.. فهل هو الحال نفسه مع
السينما؟
نعم بالتأكيد أن هذا صحيح فيما يتعلق بالنقد السينمائي أيضا،
فهو لا يواكب ليس لأنه غير موجود، بل لأن من يفهمون دور ووظيفة
النقد السينمائي
جيدا لا تتاح لهم الفرصة للتعبير لأن الصحف العربية عموما، لا ترحب بالنقد
المتخصص
بل تشجع أكثر تلخيص قصص الأفلام، والتحقيقات الفنية العامة التي يكون
أساسها عادة
الممثل أو الممثلة، لكنها لا تهتم بتحليل الأفلام كما لم تعد
تهتم بتحليل المسرحيات
أو الكتابة المتعمقة في الشعر والأدب، بعيدا عن الانطباعات العامة التي ترد
في سياق
الأعمدة الصحفية غير المتخصصة.
للأسف فقد جعل الإعلام العربي عموما، الثقافة
السينمائية والنقد السينمائي مجرد معلومات استعراضية لا سياق لها، دون أي
قدرة
تحليلية، أي مجرد أرقام وأسماء وميزانيات وجوائز ومسابقات ونجوم ومهرجانات
احتفالية، وهو سياق لا يشبع أي رغبة حقيقية في المعرفة، ولا في
فهم العالم والمجتمع
والدنيا من حولنا.
وتلعب البرامج التي تقدم على شاشة التليفزيون، دورا أساسيا في
تمييع فكرة الثقافة السينمائية بمفهومها الحقيقي، أي المشاهدة
العميقة والمناقشة
والتحليل وفهم نسق العلاقات داخل الفيلم، سواء العلاقات الدرامية أم
البصرية داخل
الصور واللقطات والمشاهد.
هذه البرامج تستعرض أكثر مما تحلل، وتركز في استعراضها
على الأمريكي السائد أكثر من تقديم المحاولات الفنية في السينما الأمريكية
وغير
الأمريكية، وتهتم بالمقابلات مع النجوم أكثر من تحليل الفيلم، وبالعرض أكثر
من
النقد، وهي تهتم بالنجوم ومجاملة النجوم ومديح ما يقدمونه،
أكثر من اهتمامها بالطرف
الرئيسي في العملية أي بالجمهور نفسه وبالنماذج البسيطة التي تعبر أفضل عن
هذا
الجمهور. وعندما تستعين بعض هذه البرامج بالجمهور فإنها تقدمه كمجموعة من
الكومبارس
الذين يصفقون ويهللون للنجم أو للنجمة.
·
كثر الحديث عن الصورة ودور
الصورة وفلسفة الصورة ووظيفتها.. فهل ترى
أن النقاد العرب واعون فعلا بقوة الصورة ونظرياتها أم هي مجرد شعارات
إنشائية.
لأننا لا نلمس عمقا فلسفيا أو نظريا في هذا
الموضوع في المقالات النقدية السينمائية
على صفحات المجلات والصحف؟
هناك أولا غياب شبه كامل للمجلات السينمائية
المتخصصة بل وأضيف أيضا، للمواقع السينمائية المتخصصة رغم أن القارئ لها
موجود
ويبحث عنها بشدة. وعندما نتكلم عن النقد فإننا في الحقيقة نقصد ما ينشر في
الصحافة
العامة أي غير المتخصصة، وهذه الصحافة لا تهتم كما أشرت،
بالتحليل، بل بالمادة
الإخبارية أو بالتحقيقات وليس بالنقد، ولا تتيح مساحات للتحليل. هنا كيف
يمكن
التوقف أمام الصور واللقطات لفهم العلاقات بينها؟ ومن الذي سيمنحك المساحة
الضرورية؟
الأمر المؤكد أيضا أن الاهتمام بالصورة في الثقافة العربية عموما هو
اهتمام غير أصيل، بمعنى أنه وافد وحديث ولازال ينظر إليه
بتشكك، فالثقافة العربية
عموما كانت ولا تزال ثقافة كلمة بالدرجة الأساسية، لذلك تهتم أفلامنا
العربية كثيرا
بالحوار وبحشد شخصيات كثيرة في اللقطة الواحدة، والجميع يتحدثون ويصرخون.
لا
توجد لدينا مساحات كبيرة للتأمل، للتوقف، للتعبير الصامت
بالصورة. فكيف تطلب من
نقاد السينما التعامل مع مثل هذه الأفلام كما نتعامل مثلا مع أفلام
أنجلوبولوس
اليوناني أو تاركوفسكي الروسي، أو ديفيد لينش الأمريكي. هناك أيضا غياب
فاضح لثقافة
الصورة في مناهج التعليم: أقصد الاهتمام بتدريس الفنون
البصرية، بل إن هناك من لا
يزال يعتبرها حراما!
·
أنت تعتبر من معاصري رضوان
الكاشف ومجدي
أحمد علي وعاطف الطيب.. كيف تقيم أداء هذا الجيل مقارنة بمن سبقهم وقد
وسموا في
كثير من الأعمال بأنهم مجددون وماذا عن جيل اليوم : يسري نصر
الله وخالد يوسف
والدغيدي ومروان حامد وطارق العريان ؟
عاطف
الطيب
جيل عاطف الطيب (رحمه الله) كان جيل مهموم
بقضايا الواقع، يريد أن يجعل الفيلم وسيلة للتعبير عن الواقع وإصلاحه. مجدي
أحمد
علي لايزال يسير على نفس الطريق. أما يسري نصر الله فهو منهج آخر وحده..
لغته لغة
خاصة، تخفي أكثر مما تظهر، وتميل إلى التعبير "الذاتي" عن
العالم، ليس بالضرورة من
خلال الرؤية الذاتية، فالتعبير الذاتي يعني أنه يقدم لك
العالم، المحيط، المجتمع،
كما يراه هو، دون أي محاولة منه لتقديم صورة فوتوغرافية قريبة منه: أو
واقعية
بمفهوم عاطف الطيب مثلا.
رضوان
الكاشف
كان لدى رضوان الكاشف أيضا مثل هذه الرؤية الشفافة للحياة خاصة في فيلمه
الكبير
"عرق البلح". أما خالد يوسف فهو مخرج جيد جدا حرفيا، يريد أن يعبر عن
القضايا التي
تشغل الناس لكنه يراها من منظار "الميلودراما" الثقيلة، وهو يلعب في
المنطقة
الواقعة بين الرمز والواقع كما كان شاهين في السبعينيات مثلا في أفلام مثل
"العصفور" و"عودة الابن الضال" لكن الفرق أن شاهين كان يقدم
ميلودراماته بنوع من
الأرستقراطية، أما خالد يوسف فيجعلها "أرضية" أي مباشرة تماما. لكني على
ثقة في أنه
سيتطور عندما يعثر على لغته الخاصة. الأسماء الأخرى التي ذكرتها لا أجد لها
بصمة
خاصة في السينما.
·
مدونتك الخاصة بالسينما هل هي
منبر لتدلي بمواقفك النقدية، وقد كثرت
المنابر، أم هي وسيلة تثقيف لشباب النقاد، أم هي صدى لما يجول في
الساحة؟
لا أعرف ماذا تقصد بـ"ما يجول في الساحة". إنها مدونة واضحة في
هدفها منذ اليوم الأول لصدورها لأنها جعلت هدفها نشر "كتابات
شخصية حرة عن السينما
في الحياة والحياة في السينما"، أي أنها ببساطة شديدة تعبر تعبيرا مباشرا
عن
صاحبها، بعيدا عن القيود التي تفرضها الصحافة التقليدية على من يكتب لها.
هنا في
هذه المدونة يمكنني الكتابة مثلا عن ذكرياتي الشخصية في عالم
السينما، مع السينمائيين في الحياة، وأن أكتب عن علاقتي الشخصية بعالم
السينما، وأعبر بشكل حر
تماما وغير ملتزم بعدد كلمات ولا بمساحة محددة، كما يمكنني طرح قضايا يصعب
عادة
طرحها في الصحف والمجلات التقليدية التي لها علاقة بما يحدث اليوم من
متغيرات في
حياتنا في العالم العربي..
أي أتناول أيضا الشأن الاجتماعي والسياسي والتاريخي
وليس فقط "السينما" كعالم منغلق، وهذا لا يتوفر لك كثيرا في الصحافة
التقليدية،
فلابد أن تركز على "الفيلم" أو "المهرجان" من حيث هو مجموعة أفلام. إنني
أتحرر
وأصنع مساحة لنفسي من خلال هذه المدونة، للتعبير عن "رؤيتي" الفكرية
والفلسفية،
وللتعبير أيضا عن "غضبي" ورفضي للثقافة السائدة التي لم تكرس- في رأيي- سوى
التراجع
والهزيمة أمام عالم يتقدم.
وإذا كان هذا يساعد الشباب الذي يتردد على المدونة
يوميا، وهو يفوق ما كنت أحلم به، فهذا أمر جيد جدا يشجعني ويدفعني نحو بذل
الكثير
من الجهد. إنني نجحت من خلال هذه المدونة التي لم ينقض عليها أكثر من عشرة
أشهر، في
تكوين صداقات عديدة مع الكثير من الشباب في المشرق والمغرب،
ونجحت في أن أتمتع
بثقتهم وهذا هو أعظم ما حققته.
إنهم يبعثون لي بأفكارهم، وسيناريوهاتهم وأفلامهم
القصيرة وأبحاثهم الجامعية ويناقشوني في مشاريعهم وفي دراساتهم. وأنا أشعر
بالسعادة
في الرد عليهم يوميا، ولا أشعر بأن هناك أي حاجز من أي نوع يقف بيني
وبينهم، لا
حاجز السن ولا الخبرة ولا الجغرافيا ولا الوطن. إننا جميعا
ننتمي إلى نفس الدنيا
ويجمعنا نفس الهاجس والهم والاهتمام، أن نصنع شيئا أفضل لهذا العالم. وهذا
هو جمال "المدونة"..
التي أطلقت عليها "حياة في السينما". إنها عن الحياة، ولكن من خلال
السينما.
·
بماذا تفسر فشل السينما المصرية
في الوصول إلى العالمية على نطاق واسع
هل العائق مادي أم فني أم مرتبط بتخلف عام تمر به البلاد العربية؟
هناك
مفهوم خاطئ للعالمية. أنا فعلا لا أفهم ما هو المقصود بالعالمية. هل
العالمية هي أن
تعرض أفلامك في لندن وباريس ونيويورك مثلا وأن يكتب عنك نقاد مجلة
"فاريتي"؟ أم أن
تحقق مستوى فنيا كبيرا يرغم الآخرين على الاعتراف بك؟
أنا شخصيا لا أميل إلى
التفسير الأول. لقد أصبح العالم كما كانوا يقولون "قرية واحدة" الآن في ظل
العولمة.
وأصبح سكورسيزي مثلا مهتما كثيرا بإنقاذ
تراث السينما المصرية من الأفلام ومنها
"المومياء" الذي قاموا بترميمه أخيرا بعد أن كاد ينقرض. وقد كنت
بالمناسبة أول من
دعا إلى هذا في 2002، عندما عرضت فيلما وثائقيا بعنوان "إنقاذ كلاسيكيات
السينما
المصرية" أخرجه سيد بدرية، وهو ممثل مصري يعيش ويعمل في هوليوود ومهتم
كثيرا بموضوع
التراث السينمائي.
وفي الفيلم يتحدث سكورسيزي ويبدي قلقه حول تدهور
التراث المصري من الأفلام في ظل غياب الأرشيف السينمائي بشكل علمي، وهو
بالمناسبة
مازال غائبا. وقد أقمت ندوة موسعة حضرها بعض المسؤولين والنقاد في المجلس
الأعلى
للثقافة في القاهرة عندما كنت أرأس جمعية نقاد السينما
المصريين، وبثتها إحدى
القنوات التليفزيونية الرسمية. ولكن السلطات لم تحرك ساكنا بل رد علينا
البعض في
الصحف بالقول إن الدعوة إلى إرسال "نيجاتيف" فيلم "المومياء"
إلى الخارج وراءه
مؤامرة لسرقته وعدم إرجاعه إلى مصر مرة أخرى. إننا لا نزال
منعزلين عما يجري في
العالم، بل ونخشى أيضا الاقتراب من "عالمهم" بدعوى أنهم "الآخر" أو "العدو"!
من
ناحية أخرى أنا غير مهتم بفكرة أن العالمية هي عرض أفلامنا في
أوروبا وأمريكا..
هناك فيلم مصري ضعيف جدا في مستواه وقد رفضه الجمهور والنقاد داخل مصر، هو
فيلم "ليلة
البيبي دول"، لكنه عرض في مهرجان في بروكسل وحصل على جائزة أيضا. فهل معنى
هذا أنه أصبح عالميا.
تستطيع أن تصبح عالميا إذا توفر لديك المال الضروري
للترويج لأفلامك وشراء صفحات أو ملحق خاص في مجلة "فاريتي" التي يعتبرها
البعض
عندنا المرجع الأهم، في حين أنها تنشر لمن يدفع، وهذا معروف، وقد حدث أنها
خصصت
صفحات عن الأفلام المصرية خلال مهرجان كان الأخير، فهل معنى
هذا أننا وصلنا إلى
العالمية بعد أن قرأ عن أفلامنا قراء فاريتي في الغرب!
في رأيي إن العالمية،
بمعنى اعتراف الآخر بمنتجاتك الفنية والثقافية، لن يحدث إلا بعد تجاوز
الفجوة
الثقافية الهائلة القائمة بيننا وبين الغرب. كيف سيحدث هذا
ونحن نعاني حتى مما أطلق
عليه "هزيمة اللغة". إن لغتنا العربية التي يفترض أنها تخاطب أكثر من 250
مليونا من
البشر لا تستطيع أن تجعل كتابا متخصصا في السينما يوزع أكثر من ألف نسخة..
فقل لي
بالله عليك عن أي عالمية نتحدث!
·
تعتبر أستاذ أمير أيضا من أكثر
الرواد العرب للمهرجانات العالمية
..
نريد أن نعرف منك نصيب الفيلم الوثائقي في هذه المهرجان؟
الفيلم
الوثائقي موجود وبشكل بارز وقد فرض نفسه بشدة على الساحة خلال العقد الأخير
حتى
أننا رأينا للمرة الأولى أنه يشارك في مسابقة مهرجان كان
للأفلام الطويلة وينجح في
الفوز بالسعفة الذهبية كما نجح فيلم مايكل مور "فهرنهايت 9/11" وقبله كان
"اللعب في
كولومباين" للمخرج نفسه وقد حقق نجاحا هائلا في مسابقة "كان" أيضا. ويخصص
العديد من
المهرجانات مسابقات خاصة بالفيلم الوثائقي، بل وقد أصبح هناك عدد من
المهرجانات
المتخصصة للفيلم الوثائقي المهمة في العالم. المشكلة أننا في
العالم العربي مازلنا
لا نهتم كثيرا بهذا النوع الأساسي والحيوي.
·
من خلال متابعتك للجزيرة
الوثائقية ما هو تقييمك لأدائها وما هو النقد
الذي توجهه إليها؟
أعتقد أن قناة الجزيرة الوثائقية يمكنها أن تلعب
دورا رياديا في مجال دعم الفيلم الوثائقي القصير والطويل، من فيلم الدقيقة
الواحدة
إلى فيلم الساعتين. لاشك أن فكرة قناة وثائقية تقدم ما تقدمه هذه القناة
فكرة
عظيمة، وأتمنى أن تحظى القناة بدعم مماثل لما تحصل عليه القناة
الإخبارية، أو على
الأقل أن ينظر إليها على أنها أكثر من مجرد قناة تليفزيونية بل مدرسة
لتعليم
السينما الحقيقية: سينما الفكر والرؤية والرسالة والتعريف والتعليم
والثقافة.
أتمنى أن تتاح الفرصة في القناة أكثر للتوسع في الإنتاج: إنتاج
الأفلام وتمويل الوحدات الإنتاجية التي تصنع الفيلم الوثائقي
في العالم العربي على
أسس جادة بعيدة تماما عن المجاملات، واعتمادا على الخبرات المتنوعة.
أتمنى أن
أراها أيضا تتوسع وتشكل وحداتها الإنتاجية الخاصة من الشباب في الخليج
وتتبنى
مشاريعهم وأفكارهم. كما أرجو ألا يظل مهرجان الجزيرة للأفلام
الوثائقية مغلقا على
نفسه كما هو حاليا. معظم من أعرفهم في مجال السينما والأفلام الوثائقية في
لندن لا
يعلمون شيئا عن هذا المهرجان، بل إن المهرجان لا يتجاوب مع الجهات
الإعلامية التي
تخاطبه للقيام بتغطية نشاطاته كما لو كان يقول لها إنه لا يقبل الصحفيين
باستثناء
من يوجه لهم المهرجان الدعوات.. هل هذا معقول!
أود أيضا أن أرى قناة الجزيرة
الوثائقية تهتم بثقافة الفيلم الوثائقي لخلق الأرضية الملائمة لانتشاره،
وذلك من
خلال إنتاج البرامج التليفزيونية المتخصصة التي يعدها ويقدمها نقاد متخصصون
كما نرى
في الغرب حتى تكتسب المصداقية.
الجزيرة الوثائقية في
11/06/2009 |