في الأسبوع الماضي. عرضت قناة "الحرة" الأمريكية علي شاشتها برنامجاً قدمته
"نادين بدير" وهي إعلامية سعودية جريئة حاورت خمسة من نساء مصر المرموقات
هن: أمل عفيفي أول مأذونة مصرية ومارجريت عازر أول أمينة لحزب سياسي في
مصر. وسهير إسماعيل أول شيخة بلد مصرية. وأيفا هابيل أول عمدة لقرية.
والدكتورة هبة نصار أول نائبة رئيس جامعة في مصر. وتناول الحوار معهن علي
مدي ساعة الظروف والأسباب الشخصية والعامة التي أوصلت كل واحدة منهن إلي
موقعها. والتاريخ والقدرات وايضا العقبات ودور الحياة الشخصية لكل منهن.
بما فيها الأسرة أو الزوج والمحيط العائلي في دعم كل واحدة منهن. ثم
أفكارهن تجاه ما يتعرض النساء المصريات من معوقات للمشاركة في العمل
السياسي والاجتماعي. حلقة ممتازة تابعتها وكلي أسف أنها جاءت من تليفزيون
أجنبي. وما لبث نفس التليفزيون أن قدم بعدها حلقة أخري استضاف فيها أول
رئيسة تحرير مصرية لجريدة عامة هي فريدة النقاش رئيسة تحرير جريدة
"الأهالي" لسان حزب التجمع التقدمي ومعها في نفس الحلقة أمينة النقاش. التي
انتخبت أمينة عامة للحزب. وهما شقيقتان بالطبع وذلك كان منحني عناصر جاذبية
الحلقة والحوار لاكتشافنا اختلافهما في العديد من الآراء برغم الانتماء
لنفس الحزب. وقبل هذا بأيام قدم علي قناة دبي برنامج عن فن التعامل بلياقة
مع الناس وأمور الحياة وكانت ضيفته خبيرة مصرية هي "شيرلي شميل" الخ...
والمعني من كل هذا أنه من المحزن. وغير الجائز. أن تهتدي القنوات
التليفزيونية العربية والأجنبية إلي النساء المصريات البارزات والعاملات في
المواقع الجديدة والمهمة واللواتي لابد أن يصبحن محط اهتمام الإعلام المصري
فإذا به يتجاهلهن في غمرة اهتمامه فقط بنجوم الفن والكرة والمجتمع - لا
يمكن أن يحدث أي تغيير في علاقة المجتمع بالمرأة المصرية وتغيير نظرته
إليها ما لم تتغير الثقافة التي تراها - أي المرأة - علي الهامش دائما.
والثقافة لن تتغير إلا بتغيير الإعلام وجديته. وحين صدر منذ أيام القانون
الذي يدعم المرأة وتواجدها في الحياة السياسية من خلال كوته تم التعرض له
إعلامياً في أضيق نطاق وكأنه أمر هامشي. ولم تتحمس قيادات التليفزيون
المصري. النسائية. لتقديم سلسلة برامج جيدة تمهد وتشرح وتفتح الحوار حول
هذا الموضوع الهام. بل إنني لا أبالغ إذا قلت أن برامج المرأة في
التليفزيون المصري هي أكثر البرامج بلادة وتقليدية لأنها تقدم تركيبة قديمة
بنفس النسب. حتي مع التطوير. تغير اسم البرنامج الوحيد علي شاشة الأولي من
"هي" إلي "طعم البيوت" ولكن بنفس المضمون والتقسيم. بين الأزياء والطبخ
والتجميل وغيرها من الأمور التي تعرفها كل امرأة ولكن لديها مطالب أخري
أكثر أهمية. مثل الثقافة والمعرفة بالشئون العامة وتدبير حياتها بأساليب
مبتكرة ومقاومة ثقافة الاستهلاك التي لا تصلح لميزانيتها المحدودة. لن أذكر
بعض الموضوعات التي قدمتها أوبرا وينفري الإعلامية الأمريكية للمرأة هناك.
لأن أوبرا كموذج صعب المقارنة. ولكنني أتحدث عن الجهد في التفكير والابتكار
في الموضوعات التي تفيد ملايين النساء. وايضا بساطة التقديم بدون تصنع. أما
عن موعد البرنامج اليتيم هذا فهو الرابعة بعد الظهر عندما تكون أغلب
المشاهدات في المطبخ لتجهيز الطعام أو في العمل أو في الطريق. وهو ما يعني
أن موعده مقصود به أدني درجات المشاهدة! غير أن العلاقة بين التليفزيون
وبين برامج المرأة لابد أن تتجاوز برنامج "طعم البيوت" إلي ما هو أفضل
وأكثر قيمة حتي يدرك المشاهدون. من النساء قبل الرجال. أن مصر مليئة
بالنساء والفتيات المجتهدات والمبدعات في كل الميادين. وأن الكشف عنهن
والحوار معهن والذهاب إليهن في كل مكان هو واجب علي التليفزيون ووسائل
الإعلام المصرية تجاه هذا البلد الذي ننتمي إليه جميعاً. كما أن الأمر. أي
الاهتمام. يجب أن يساوي بين جميع النساء من كافة الاتجاهات السياسية
والأحزاب الموجودة.. وليست برامج المرأة وحدها.
وما ينطبق علي برنامج القناة الأولي من إعادة نظر وتقييم. لابد أن يشمل
برامج المرأة في كل القنوات المصرية الأخري. وايضا البرامج التي تقدم لها
من خلال قناة "الأسرة والطفل" وكلها تحتاج إلي دراسة متأنية واستفتاء
لمعرفة نسب مشاهدتها وتأثيرها وعلاقتها بما يستجد من أمور تؤثر علي نظرة
المجتمع للنساء وتحتاج إلي التوقف عندها مثل ارتفاع بطالة المرأة. وارتفاع
نسب التحرش بها. والحقيقة أن "برامج المرأة" وتراجعها ليست وحدها في هذا.
وإنما برامج الأطفال والشباب ايضا تحتاج إلي إعادة نظر. وبرامج الثقافة
والعلم.. وأخشي أن تكون برامج المنوعات والترفية والدراما قد حصلت علي
الاهتمام كله.. فالمسلسلات الأجنبية من الصباح للمساء في القناة الثانية.
والبرامج الاستفزازية أصبحت مستفزة.. والعبرة بالمضمون لأن "الألوان" و"الابهار"
يتشابهان فهل هناك مراجعة للمضامين وللشخصيات التي تستضاف في هذه
البرامج... وهل توجد معايير لجودة الإعداد في كل ما يظهر علي الشاشة
المصرية؟
magdamaurice1@yahoo.com
الجمهورية المصرية في
18/06/2009 |