واجه المخرج خالد يوسف صعوبات عديدة للحصول على تصريح بعرض فيلم 'دكان شحاته' مشيرا الى انه اضطر للصدام مع اكثر من جهة حكومية حتى يخرج الفيلم للنور وحين ظهر توالى الهجوم عليه وتقديم اكثر من جهة ضده قضايا في المحكمة منها جبهة علماء الازهر ومنها مشيخة الطرق الصوفية، فقد اصدرت الجبهة نداء الى الرئيس مبارك تطالبه بوقف عرض الفيلم الذي تظهر فيه هيفاء وهبي في مسجد الامام الحسين الامر الذي وصفته الجبهة بأنه اهانة للمقدسات الدينية وطالب بيان الجبهة من الرئيس مبارك التدخل بشكل عاجل لوقف عرض الفيلم. و كانت مشيخة الطرق الصوفية قد تقدمت ببلاغ للنائب العام في مصر المستشار عبد المجيد محمود تتهم فيه هيفاء وهبي بالاساءة للمتصوفة في احد مشاهد الفيلم كما تقدم المحامي نبيه الوحش مع بداية عرض الفيلم ببلاغ ايضا الى النائب العام اتهم فيه هيفاء بالاساءة الى الائمة الاربعة لقولها في احد المشاهد 'ملعون ابوه مالكي وحنيفة وشافعي'، وفي مقابل ذلك يدافع خالد يوسف عن الفيلم الذي تدور احداثه حول اهل الصعيد الذين نزحوا الى القاهرة منذ منتصف القرن الماضي بحثا عن الرزق، واختار معظمهم تجارة الفاكهة في سوق روض الفرج الشهير بالقاهرة الى جانب العلاقات الاجتماعية بين هؤلاء النازحين وسكان العاصمة.

فعن 'دكان شحاته' وسر اختياره لهيفاء وحقيقة الخلافات والصدامات من اجل الفيلم كان هذا الحوار مع المخرج خالد يوسف سألته :

·         هل تقصد بدكان شحاته مصر؟

لم اقصد مصر بشحاته الذي مات في نهاية الفيلم، ومصر لا تموت ابدا، ومن المستحيل ان ارمز لمصر بشحاته، لكن هناك اكثر من مستوى للمتلقي وانا لا احجر على اي شخص تلقى الفيلم وفقا لمفهومه، ولكن اذا نظرنا للفيلم بشكل اكثر عمقا قد نرى ان شحاته يمثل ملامح الشخصية المصرية بطيبتها وبراءتها .

·         هل قصدت بموت شحاته في النهاية موت البراءة؟

بالفعل قصدت ذلك، فالبراءة والنقاء في الشخصية المصرية في حالة احتضار وكلنا مسؤولون عن اغتيالها ولهذا جعلت احداث الفيلم مستقبلية حتى اقول ان هناك فرصة لانقاذ هذه البراءة، وهذا ليس كلامي ولكنه نتاج علماء النفس والاجتماع، فالمجتمع يعاني من انتشار العنف وجرائم القتل الاسرية زادت معدلاتها والرغبة في الانتقام واختفاء النخوة اصبحت مشاهد عادية كل يوم، وكل هذا مؤشر لتغيير الشخصية المصرية وهذه قضية هامة يجب ان نطرحها وارى ان فيلمي صرخة تحذير تدعو لإنقاذ البراءة والتسامح التي تميز الشخصية المصرية.

·         تتعرض افلامك الى تحريض من جانب عدد من الصحافيين والكتاب للأمن بمنعها او حذف مشاهد منها ومنهم من يرى انها تسيء للنظام بينما الامن لا يمنع افلامك، فما رأيك في ظاهرة حجر المثقف على الا بداع وظاهرة تساهل الامن؟

ان هناك كلمة قالها لي المبدع يوسف شاهين، هي ان المبدع في بلدنا يقضي نصف وقته في العمل والنصف الاخر في الدفاع عما يقدمه فبعد كل فيلم اجد مهمة شاقة للتفاوض مع الرقابة والمؤسسات الرسمية ثم رقابة المجتمع المدني اضافة الى شطط بعض الاقلام، فبعض الصحافيين كتب مانشيت قبل عرض الفيلم نصه: 'دكان شحاته يسيء لسمعة مصر' . لكن علاقتي مع كل المثقفين يسودها الاحترام واستكمالا لسؤالك، فإن الناقد علي ابو شادي كان سيصرح بفيلم 'دكان شحاتة' لكنه رأى ان الفيلم يطرح رؤية مغايرة لما قد تراه الدولة، وكان يبحث عن امكانية لتمريره هنا طلبت الجهات الامنية مشاهدة الفيلم بحكم القانون فغلت يد الرقابة واصبح الحوار بيني وبين الجهات الامنية ولقد كان حوارا متحضرا وتفهموا وجهة نظري.

·         لماذا قصدت من مقدمة الفيلم ان يكون رصدا للعقود الثلاثة الماضية؟

لقد حاولت ان اقدم فكرة اننا نتحدث عن تجربة جيل عاش 30 سنة كاملة ورصدي كان لكل الاحداث السلبية والايجابية والانتصارات والانكسارات التي مر بها المجتمع

·         الا ترى ان الصدام الذي حدث في نهاية الفيلم بين البلطجية والجماعات الاسلامية مستبعد؟

اتمنى الا يحدث هذا السيناريو في الحقيقة فسنكون اغبياء لو تركنا الفرصة امام هذه الفئات لتحدث الفوضى، فأنا فقط اقدم رسالة تحذير، وبالطبع هي ليست حتمية .

·         كيف ترى احد المنتمين الى السلفية والصوفية التي تقاضيك وتقاضي اعمالك في المحاكم؟

ان هناك تيارات سلفية وظلامية تضعني في مكانة العدو وترفض اي افكار تنويرية ولكنها ليست مؤامرة، وهناك من يريد ان يشتهر فيرفع قضية ضدي .

·         لكن مشيخة الطرق الصوفية اتهمتك بالاساءة لها؟

انهم لو شاهدوا الفيلم جيدا سيتأكدون من انني لم اقدم ما يتعلق بهم، فإن المشهد الذي كان محل الجدل هو لبعض الدراويش والمجاذيب وهم يترنحون في مولد على أغنية حب وهيام وحين يتهمني اهل الصوفية بأني اسأت لهم فهذا في الحقيقة انهم يسيئون الى انفسهم لأن الصوفية ليست ترنحا ولا دروشة وانا اعرف طقوسها جيدا.

·         الا يضايقك تحليل افلامك من منطق جنس؟

لا فأنا مستعد للاحتكام الى وجدان الناس فأنا لم اقدم اسفافا.

·         كيف رأيت هيفاء وهبي كممثلة؟

لقد اخترتها من منطق فني وليس تجارياً فرأيت انها شخصية 'بيسة' شكلا وحين مثلت رأيت انها 'بيسة' مضمونا.

·         وفيلمك القادم ؟

هو 'كلمني شكرا' بطولة عمرو عبد الجليل وباقي اختيار الباقي.

القدس العربي في

26/06/2009