يختصر تعريفه بنفسه بالممثل والمخرج الإماراتي نواف الجناحي، بدأ حياته
السينمائية بصورة جدية في 2001، حينها واجهته صعوبة عدم وجود حركة سينمائية
وإنتاجية محلية فعلية، وعدم وجود قاعدة ينطلق منها، فأخذ يقوم بكل الأدوار
المهنية الخاصة بإنتاج الفيلم، وبمرور الوقت تعرف على الشباب السينمائيين
وبدأوا في العمل جميعاً. «الحواس الخمس» التقى نواف الجناحي وكان معه
الحوار التالي
·
حصدت أفلامك على العديد من
الجوائز، هل تخضع الجوائز في المسابقات السينمائية للأهواء والعلاقات
الاجتماعية أحياناً؟
ـ لا أحبذ الحديث حول مواضيع الجوائز عموماً فهي ليست بالهدف، وبغض النظر
عن الفوز من عدمه وردود أفعال البعض تجاه الحصول على الجوائز أتساءل، لماذا
يغضب البعض لعدم إحرازهم للجوائز في المهرجانات؟. صانع الفيلم يقدم فيلمه
لأنه لديه قصة يود أن يحكيها للجميع، والمهرجان مجرد باب يعرض المخرج فيلمه
من خلاله، والجوائز على الصعيد الشخصي شيء ثانوي.
·
ألا ترى بأن نجومية الفنانين
المشتركين في أفلام المخرجين الشباب لها تأثير كبير على نجاح هذه الأفلام،
كاستعانتك بالفنان عبد المحسن النمر في الدائرة؟
بغض النظر عن كون البطل نجما أو غير نجم، فجميع عناصر الفيلم التي اشتركت
فيه هي مكملة لهذا النجاح، وساهمت فيه. ليست مسألة نجومية بقدر ما يثمر
العمل الجاد عن عمل ناجح، عبد المحسن النمر وعلي الجابري نجمان محترفان
أعمالهما راقية جداً وقد انتقيتهما بعناية للمشاركة في «الدائرة» ، أنا
شديد الانتقائية في أعمالي فيما يخص الممثل، فهو من سينقل الفكرة والحكاية
التي أود أن أحكيها إلى الجمهور.
·
أفلامك بعيدة بعض الشيء عن
الارتباط بالبيئة المحلية، لماذا لا نجد تأثير المكان واضحاً في أعمالك؟
ـ المسألة تتعلق بالقصة، فأفضل طريقة لتقديم قصة ما هي عدم ربطها بمكان،
وبالتالي تصل لأكبر شريحة من الناس، وأنا أرى بأن السينما تماماً
كالموسيقى، فهي لغة عالمية لابد وأن تصل لأكبر عدد من الناس، فتقييدها
بعناصر المكان أو شعب معين يخلق حاجزا بين المخرج والآخر الذي هو من الممكن
أن يكون لا ينتمي له، فلماذا يتخذ المخرج هذا الخيار بينما يستطيع أن يحكي
حكايته بمستوى إنساني أكبر وأوسع.
أما فيلمي الدائرة فهو فيلم إماراتي بقصة وشخصياته ويحمل الصبغة المحلية،
على المستوى الشخصي أفضل العمل على المستوى الأوسع ليتمكن كل مشاهد من فهم
ما أقدم.
·
ما هي إيجابيات وسلبيات عضوية
المجموعات السينمائية؟
أعتبر المجموعات السينمائية بديلا لعدم وجود شركات إنتاج، وهي مجموعات غير
رسمية مكونة من بعض الشباب من محبي السينما يجتمعون معاً لإنتاج الأفلام.
وقد ظهرت هناك العديد من هذه المجموعات في الإمارات وأنتجت أفلاما كثيرة
جيدة، وهذا التكاتف له الكثير من الإيجابيات أهمها كثافة الإنتاج، لكن
تحفظي فقط على الكيان نفسه وأهمية كونه تجمعا رسميا يكتب له الاستمرار،
فبالعادة يكون عبارة عن تجمع للأصدقاء، ويحصل تقييد للعناصر العاملة فيها،
فلا تكون الخيارات مفتوحة كما هي في شركات الإنتاج الرسمية، باختصار العمل
عن طريق المجموعات يشبه إلى حد ما الكتابة باسم مستعار.
ربما تكون القيود القانونية أو المادية هي السبب وراء اتجاه الشباب إلى
المجموعات السينمائية بدلاً من الوجود الرسمي.
·
ممثل، وكاتب، ومخرج أين تجد
نفسك؟
بدأت التمثيل في عمر السبع سنوات تقريباً، ثم توجهت للإخراج، ثم اضطررت
لكتابة السيناريو، لكنني أعتبر نفسي في النهاية ممثلا ومخرجا فقط، وعلى
الرغم من كتابتي للسيناريو لكنني لا أعتبر نفسي كاتباً.
·
هل تشعر كمخرج إماراتي بوجود
أزمة كتاب للسيناريو في الدولة بالرغم من وجود عدد من الروائيين الجيدين؟
لا خلاف على وجود العديد من المبدعين، إلا أن الكتابة للسينما مختلفة
وتحتاج إلى تكنيك وخيال بصري معين، فهناك عدد كبير من كتبة السيناريو
المحليين لكن الجيدين منهم قليلين جداً، وهم تقريباً أربعة أشخاص يستحقون
أن يطلق عليهم مسمى «كاتب سيناريو» بالمعنى التخصصي، هم إبراهيم الملا
وأحمد سالمين ومحمد حسن أحمد ويوسف إبراهيم، ونأمل من الروائيين الجيدين
الموجودين ممن يملكون الموهبة أن يهتموا بالسينما بالمعنى الاحترافيـ وأن
يتجهوا لتعلم التكنيك السينمائي وتطوير خيالهم البصري للتمكن من الكتابة
السينمائية.
·
كثيراً ما يلجأ المخرجون الشباب
في بداية مشوارهم إلى الأفلام الصامتة، هل هو نوع من الإبداع أو أن هذه
الأفلام أسهل في التنفيذ؟
أفلامي القصيرة مجتمعة لا يوجد فيها سوى أربع أو خمس جمل، وفي رأيي الشخصي
السينما هي في المقام الأول صورة، وبغض النظر عن سهولة التنفيذ أو عدمه
فأنا أشجع وأنصح الشباب في البدايات أن يتعاملوا فقط مع الصورة، لأن السرد
البصري أصعب بكثير، ويجعل المخرج يكتشف أدواته البصرية بشكل أدق ويقدم
فيلما سينمائيا أجود بصرياً، فإيصال المعلومة بدون كلام أمر ليس بالسهل
إطلاقاً.
·
كيف تجد الحركة السينمائية
الخليجية اليوم؟
الحركة السينمائية الموجودة اليوم في منطقة الخليج بدأت في الإمارات،
فانطلاق تظاهرة أفلام من الإمارات عام 2001 في المجمع الثقافي في أبوظبي،
والتي تحولت عام 2002 إلى مسابقة أفلام من الإمارات، هي التي خلقت الحركة
الإنتاجية التي كانت الإمارات في حاجة لها لدفع عجلة السينما باتجاه صحيح،
هذه الحركة نشطة وكان لها إيجابيات كثيرة أهمها ظهور أسماء وأفلام رائعة
ومهرجانات السينما الموجودة حالياً في الدولة.
وبالضرورة هذا أثر في المنطقة ككل حيث كانت دول الخليج تشارك في المسابقات
المحلية بأفلامها، وكانت أعدادها في تزايد مستمر سنوياً، الإمارات بدأت هذه
الخطوة بشكل جاد، وأصبحنا نتلمس تأثيرها الذي نفخر به جميعاً.
·
ما الذي يميز السينما الإماراتية
في رأيك خليجياً؟
إن تحدثنا عن الفكر الإبداعي فأجد الإمارات تتفوق في هذا المجال كونها
تتميز بسنوات خبرة تراكمية أكثر وعدد أكبر من السينمائيين، هذا كله
بالضرورة يجعل طريقة الاشتغال على الأعمال وسرد الحكايات تقنياً وفنياً
إبداعياً وفكرياً مختلفا قليلاً بشكل إيجابي بالطبع.
·
علمت بأنك تتأمل إطلاق قانون
تفرغ الفنانين، هل من مقترح ترفعه لذوي الاختصاص؟
هذه أمنية لا ندري متى تتحقق، لكننا نأمل بأن المسئولين سيتمكنون من إيجاد
هذا القانون على أرض الواقع وقريباً جداً، لكنني أتساءل لماذا هناك اتجاه
لتفريغ لاعبي الرياضة الذين يلعبون في فترات متقطعة، بينما يتم تجاهل تفريغ
المبدع الفني الذي يعمل بصفة مستمرة، فالعمل الإبداعي لا يتوقف.
هناك آليات كثيرة يمكن تطبيقها، وهناك العديد من الدول التي تطبق نظام
التفرغ هذا يمكن أن نستفيد منه بشكل يتماشى واحتياجات مجتمعنا، هذا الموضوع
مهمل منذ سنوات ولا أعتقد أن قرار الإهمال هذا سليم مطلقاً، فإيجابيات
تفعيل قرار كهذا ستكون مفيدة بلا شك خاصة للموروث الفني الذي نحتاجه.
·
هل هناك دعم حقيقي للسينمائيين
الشباب؟
الدعم الموجود في السنوات الأخيرة جيد، خصوصاً عندما نتكلم عن تجربة مؤسسة
الإمارات في أبوظبي التي أنتجت الكثير من الأفلام، لكن يجب أن لا نقف عند
الدعم الحكومي أياً كان مستواه، فنحن بحاجة إلى شركات الإنتاج الخاصة
للدخول في المجال والإنتاج بشكل احترافي، لابد من التعجيل في اتخاذ هذه
الخطوة فنحن في الوقت المناسب لدخول القطاع الخاص ويبدأ يبرز وجوده
بالمفهوم التجاري أيضاً.
·
متى يمكننا أن نشاهد أفلاما
سينمائية محلية حقيقية؟
عندما تكون هناك شركات إنتاج خاصة تتخذ خطوات جادة نحو تفعيل الحركة
الإنتاجية بما يجعلها ترقى للوصول إلى الصناعة، ربما لم يحن الوقت بعد
للحديث عن صناعة سينمائية قادمة، لكنني أؤمن بأنه سيكون هناك قريباً صناعة
سينمائية في الإمارات، سواء كانت تنتج أفلاما إماراتية أو أجنبية. نحن لا
ننتظر قدوم شركات أجنبية تنتج أفلاما في الإمارات، هذا شيء جميل في حد
ذاته، لكنه لن يفعل صناعة السينما الإماراتية، إننا نطمح لوجود شركات محلية
تنتج أفلاما من الإمارات.
·
ماذا تحضر الآن؟
أحضر حالياً لأفلام جديدة، وأركز على فيلمين روائيين طويلين وفيلمين
قصيرين.
·
وما هي طموحاتك كمخرج سينمائي؟
أحلامي بسيطة، أتمنى أن أقضي حياتي في صناعة الأفلام، فأنتهي من فيلم وأبدأ
بآخر باستمرار.
البيان الإماراتية في
28/06/2009 |