«الدوّامة» و«عن الخوف والعزلة» و«قلبي معكم» ثلاثة مسلسلات لا تزال حتى
الساعة خارج السباق الرمضاني. أما القاسم المشترك بينها، فهو أنّها أُنتجت
بمال سوري... وتعاني صعوبةً في التسويق
ليس مبالغاً القول إنّ مسألة إنتاج مسلسل سوري في هذه الفترة تبدو في غاية
الخطورة، وخصوصاً إذا لم تأخذ إحدى المحطّات على عاتقها تبنّي العمل،
وشراءه مبدئياً، حتى قبل كتابته أحياناً. كذلك، يمكن أن تكون المحطة هي
المنتج الحقيقي للعمل، فتتدخّل في خطوطه الدرامية وما سيطرحه وتعدّل في
النص، وتقدّم اقتراحات من دون أن يجد أصحاب المسلسل بديلاً عن القبول بها،
من أجل ضمان عرض أعمالهم.
إنها مشكلة الإنتاج إذاً، بعدما بات المنتج يتحكّم في الدراما وفقاً
لاعتباراته الخاصة، ويبقى مصير كل مسلسل معلّقاً بمنتجه ورؤيته الخاصة
للعمل واحتكاره. هكذا مثلاً واجه النجم أيمن زيدان مشكلة حقيقية بعد إنتاج
art لمسلسله «رصيف الذاكرة» وأدّت شركته «أكشن» دور المنتج المنفّذ له.
وكان العقد يخوّل الممثل السوري عرض مسلسله على التلفزيون السوري فقط. وقد
اختار هذا الأخير بدء عرض العمل مع بداية رمضان الماضي فيما أجّلت
art تسويق العمل لما بعد شهر رمضان، ثمّ احتجّت على عرضه على «الفضائية
السورية». وتفادياً لتفاقم الأزمة، اضطر زيدان إلى التدخل لدى «التلفزيون
السوري» وإيقاف عرض العمل الذي باعته الجهة المنتجة لاحقاً لتلفزيون «أبو
ظبي» الذي عرضه أخيراً.
هذه السيطرة للجهات المنتجة والفضائيات على الأعمال الدرامية السورية ليست
المشكلة الوحيدة. إذ أوضح المخرج الشاب المثنى صبح لـ«الأخبار» أن عمله
الجديد «الدوامة» الذي انتهى من تصويره قبل فترة، يواجه صعوبةً في التسويق.
هذا رغم حبكة النص الدرامية والميزانية الإنتاجية الكبيرة نسبياً، إضافةً
إلى استقطابه مجموعة كبيرة من نجوم الصف الأوّل في سوريا. يوضح المخرج
الشاب أنّ عمله لم يبع حتى الآن، من دون أن يخفي قلقه وتخوّفه من مصير هذا
العمل، الذي يقول عنه بحرقة شديدة إنه قد يظلّ أسير رفوف الشركة المنتجة
حتى إشعار آخر.
الأزمة تنسحب على كلّ الأعمال التي أنتجتها «سورية الدولية» هذا العام
أما سبب هذه الأزمة في التسويق، فتبدو شبه واضحة: إنها الشركة المنتجة. إذ
إنّ الشركة التي أنتجت «الدوامة» هي «سورية الدولية»، وهي المنتج السوري
الوحيد الذي لا يزال يصنع أعماله بأمواله الخاصة من دون الرجوع إلى رأس
المال الخليجي، ومن دون أخذ الموافقات المسبقة من المحطات الفضائية.
ورغم أنّ مالك «سورية الدولية» هو نفسه أحد أبرز المساهمين في تلفزيون
«الدنيا»، فإن هذا التلفزيون لم يحقّق بعد الحضور والانتشار اللذين تحظى
بهما المحطات الخليجية.
في هذا الإطار، يرى المثنى صبح أن الرهان بالنسبة إلى «سورية الدولية»
يرتبط مباشرةً بالقيمة الفنية للمسلسل، والقضايا التي يطرحها للنقاش
والمعالجة. ويضيف إن الشركة ترفض أن يكون رهانها فقط على المحطات الفضائية
وأصحابها.
أما عن سبب إحجام المحطات عن شراء «الدوامة» حتى الآن، فيرى صبح أنه مرتبط
بالموضوع الذي يطرحه. إذ يعالج العمل التاريخ السوري الحديث، وتحديداً فترة
الخمسينيات التي كانت تضج بالأحداث على أكثر من صعيد، لكن يبدو واضحاً أن
تلك المواضيع لم تعد محط اهتمام في سوق العرض، التي لا يملك السوريون أي
سيطرة حقيقيّة عليها.
وطبعاً «الدوامة» ليس الوحيد الذي يعاني أزمة تسويق. هذه الأخيرة تنسحب على
كلّ الأعمال التي أنتجتها «سورية الدولية» هذا العام. إلى جانب عمل المثنى
صبح، أنتجت الشركة حتى الآن مسلسل «عن الخوف والعزلة» للكاتب فادي قوشقجي
والمخرج سيف الدين سبيعي. إضافةً إلى «قلبي معكم» للكاتبة أمل حنا والمخرج
سامر برقاوي. وحتى الساعة، لم يُتفق على بيع أي منها، رغم النجاحات السابقة
للأعمال التي أنتجتها الشركة، لكتّاب تلك الأعمال أبرزها «ليس سراباً»
لفادي قوشقجي، و«أحلام كبيرة» لأمل حنا.
لكن ما هي المشاكل الحقيقية التي تواجه تسويق كل هذه المسلسلات؟ وما هي صحة
ما يقال عن المحاربة التي تتعرض لها الأعمال التي تنتج بمال سوري، بعيداً
عن آلية التحكم الخليجية (راجع المقال في مكان آخر من الصفحة)؟ يبدو الجواب
صعباً، وخصوصاً أنّ المسؤولين في «سورية الدولية» يرون أنّ الخوض في هذه
المواضيع في هذه الفترة الحرجة تحديداً قد يثير مشاكل هم في غنىً عنها، وقد
يزيد الطين بلّة، فيزداد إمكان تسويق أعمالهم صعوبةً. لذا اكتفى هؤلاء
بالقول إنّ كل ما يروّج له ليس دقيقاً رغم بدء إعلان معظم المحطات عن
برنامجها الدرامي الرمضاني، الذي يكاد لا يخلو من عملين أو أكثر مما أنتجته
الدراما السورية. إذ سوّقت معظم تلك الأعمال ـــــ التي لا يزال بعضها قيد
التصوير ـــــ بفضل تمويلها الخليجي، بينما لم تبرم عقود بيع لأعمال «سورية
الدولية» رغم جهوزيتها للعرض.
مدينة الإنتاج هي المنقذ؟
تدور في أروقة وزارة الإعلام السورية ومبنى الإذاعة والتلفزيون، أحاديث
جدية عن قرب إصدار مرسوم جمهوري، تُنشأ بموجبه مدينة للإنتاج الإعلامي،
تيمناً ببقية الدول المتقدمة في مجال صناعة الدراما. ويتردّد أن هذه الخطوة
سبّبها إيمان الجهات الرسمية المعنية بما حققته الدراما السورية من حضور،
ورغبة في تحويل الدراما إلى صناعة تحكمها قوانين وشروط، وتحقّق للعاملين
فيها ضمانات حقيقة لأعمالهم. ويُتوقع أن تأخذ مدينة الإنتاج على عاتقها
مسألة إنتاج الأعمال السورية، لتتولّى لاحقاً عملية تسويقها إلى المحطات
العربية، وذلك بعد تخصيص ميزانية ضخمة من الدولة لمصلحة الدراما
الأخبار اللبنانية في
24/07/2009
يومَ أدركَ رأس المال الخليجي قواعد اللعبة!
وسام كنعان
حين اطمأنّ النجوم السوريّون إلى توافر الأموال لتحقيق مسلسلاتهم وفق
رؤيتهم الخاصّة، ها هو رأس المال يتحكّم بأعمالهم ويفصّلها على مقاسه
الحديث عن القفزات النوعية التي حقّقتها الدراما السوريّة، لا بد من أن
يمرّ برأس المال الذي يقف وراء تمكين هذه الدراما من صناعة أعمال ضخمة،
سواء معاصرة أم تاريخيّة. اليوم تبدو المفارقة مدهشة. لا وجود لشركات سورية
تنتج أعمالها بنفسها، سوى واحدة أو اثنتين، فيما تلعب بقية الشركات دور
المنتج المنفّذ لرأس المال الخليجي ومحطاته. أمّا أصحاب المال ففهموا أصول
اللعبة وأدركوا أنّ مجتمعاً تحكمه قيود حديدية، عاجز عن إنتاج دراما تستطيع
دخول سوق المنافسة. هكذا، اختاروا أن ينفّذوا مخططاتهم الإنتاجية عبر دراما
لمسوا تطورها السريع، وامتلاكها نجوماً حققوا حضوراً على المستوى العربي
والعالمي أحياناً مثل النجم غسان مسعود. وبعد إغلاق «الشام الدولية» التي
كانت أهمّ شركة إنتاج سورية، وجد المنتج الخليجي الفرصة
الأعمال البدوية استقطبت مخرجين كباراً بينهم حاتم علي
سانحةً لتمويل أعمال سورية وفق رؤية صنّاعها كخطوة مبدئية، فاطمأن الوسط
الفني السوري لتوافر بحر من الأموال ترفد صناعته. إلا أنّ المسألة لن تطول،
وها هو رأس المال الخليجي يتحكّم بنوعية الأعمال التي تقدّمها الدراما
السورية، ليصدِّر فيها ثقافته الخاصّة. هكذا، سيكتب نصوص المسلسلات أحياناً
شيوخ قبائل! أما الدليل فهو ما أنتجته الدراما السورية في رمضان 2008 من
أعمال بدوية استقطبت مخرجين مهمّين بينهم حاتم علي مع «صراع على الرمال»،
والليث حجو مع «فنجان الدم». علماً بأنّ المسلسل الأخير مُنع من العرض
العام الماضي، وسيُقدّم هذه السنة على
mbc.
الكاتب نجيب نصير يرى أنّ «رأس المال الخليجي في الدراما السوريّة لا يبدو
مغرضاً، إلا بقدر ما أفصحَ عنه المنتج حسن عسيري لجريدة «الوطن» السعودية،
إذ اتهم السوريين بالنوم على حرير، وصرّح بأنّ هناك خططاً من أجل صناعة
الدراما حيث لا دور للسوريين فيها إلا دور المنفّذ لا أكثر». ويضيف نصير:
«اليوم في سوريا لا رأسمال محلياً لإنتاج الدراما، وهذا عائد إلى مسألتين
هما محور هذه الصناعة: الأولى غياب محطات تستطيع منافسة المحطات الأخرى.
وهذه النقطة مناقضة لحضور صناعة درامية قادرة على جذب الإعلان الذي يمثّل
المسألة الثانية في الموضوع. كما بدا كأنّ صنّاع الدراما السوريين يبذلون
جهدهم كي يحصلوا على أموال تحميهم كأفراد فقط. ويكفينا «باب الحارة» مثالاً
على صراع المال بحيث يُخرَج أبطال العمل ويُستبدلون وتُصنع بهم المعجزات.
وقد بدا العالم لصنّاع هذه الدراما محدوداً في الخليج».
يثبت بالشكل القاطع مدى تحكّم المال الخليجي بالدراما السورية. لكن ماذا عن
الدراما المصرية (راجع المقال أدناه) التي بدأ يخفت بريقها، فتهافتت على
النجوم السوريين؟ إذ أثيرت شكوك في الغاية الحقيقة وراء استقطاب صنّاع
الدراما المصرية، للنجوم السوريين وإعطائهم الأجور التي طلبوها من دون
نقاش. ما دفع بعض النقاد إلى اتهام الدراما المصرية، بأنها تسعى إلى إفراغ
الساحة الفنية السورية من نجومها، بهدف التفوق عليها مجدداً، وهو ما يخالفه
نجيب نصير. إذ يرى أنّ الفنان السوري انتقل للعمل في مصر بعدما أثبت جدارةً
خوّلته الخروج من نطاق بلده.
الأخبار اللبنانية في
24/07/2009
خطة لإنقاذ الدراما المصرية
محمد عبد
الرحمن
يقولون في مصر إذا أردت أن تعطِّل تنفيذ فكرة معينة، فألّف لجنة لدراستها،
لأنّ اللجنة ستجتمع مراراً لمناقشة الفكرة قبل أن تنبثق عنها لجان لمناقشة
تفاصيل الفكرة! لكنّ المهتمين بالشأن الدرامي المصري ما زالوا يعوّلون على
اللجنة العليا للدراما التابعة لاتحاد الإذاعة والتلفزيون التي تأسست قبل
سنوات لإنقاذ الدراما المصرية بعد ازدياد المنافسة مع الدراما السورية
والخليجية والتركيّة. وفي الاجتماع الأخير للجنة، وهو الأول برئاسة ممدوح
الليثي كرئيس لاتحاد النقابات الفنية، خرجت توصيات تُعتبر إدانةً لنظام
إدارة الإنتاج الدرامي في مصر خلال الأعوام الثلاثين الماضية. عندما تكون
التوصية الرئيسة دمج القطاعات الإنتاجية الثلاثة التابعة لاتحاد الإذاعة
والتلفزيون («صوت القاهرة» و«قطاع الإنتاج» و«مدينة الإنتاج الإعلامي») في
كيان واحد يهدف إلى تسويق الأعمال المصرية للقنوات العربية، يصبح السؤال:
لماذا جرى تفتيت هذه الجهات أصلاً؟ مسلسلات مثل «ليالي الحلمية» و«رأفت
الهجان» خرجت من قطاع الإنتاج المصري في الثمانينيات قبل وجود جهات حكومية
أخرى تتنافس، بما جعل القطاع الخاص يتفوق ويفرض شروطه. حتى أنّ قطاع
الإنتاج، وهو الجهة الأقدم لإنتاج الدراما في مصر، يكتفي حالياً بالمشاركة
بـ30 في المئة في معظم المسلسلات كي يقول إنّه أنتج شيئاً ويضمن توفير هذه
المسلسلات للعرض على التلفزيون الأرضي. وكثيرون لا يعرفون أنّ «صوت
القاهرة» ثانية الجهات الإنتاجية الحكومية تأسست في السبعينيات لإنتاج
أغنيات للإذاعة المصرية، قبل أن يشمل نشاطها الدراما، بينما لم تحقق حتى
الآن أي نجاح. ثم جاءت مدينة الإنتاج الإعلامي منتصف التسعينيات ومرت بما
يعلمه الجميع من قضايا فساد قبل أن تكتفي بتأجير مواقع التصوير ولعب دور
الشريك في المسلسلات الناجحة، والعجز عن القيام بالدور نفسه في المسلسلات
التي تنتجها بتمويل خالص منها. والمفارقة أن الجهات الثلاثة تشهد سنوياً
إنتاج عدد لا بأس به من المسلسلات، لكنّ معظمها لا يحقق أرباحاً. فالنجوم
الكبار مثل يحيى الفخراني ونور الشريف لا يتعاملون مع القطاع الحكومي منذ
10 سنوات. ورغم أنّ المطلوب من هذه الجهات توفير المواد الدرامية الجيدة
للقنوات المصرية، إلا أنّ هذا لا يحدث على أرض الواقع. والدليل أنّ التوصية
الثانية للاجتماع نصّت على تمييز قناة «نايل دراما» وإعادة منحها حقّ
الانفراد بالعرض الأول والحصري. ولم يسأل أحد لماذا غاب التمييز أصلاً عن
هذه القناة. حتى على مستوى السينما، لماذا لا تُعرض أفلام «جهاز السينما»
الذي يديره ممدوح الليثي حصرياً على القنوات الحكومية، بدلاً من أن يشاهده
المصريون على
art و«روتانا»؟
الأخبار اللبنانية في
24/07/2009 |