تتعرض صناعة السينما المصرية الآن إلي واحدة من أقصي الأزمات
الاقتصادية التي واجهتها خلال تاريخها, إلي الحد الذي يهدد بتوقف صناعة
السينما, ويرجع ذلك إلي تكاتف عدة أسباب سلبية اجتمعت لأول مرة معا يأتي
علي رأسها الانخفاض الكبير في إيرادات أغلب الأفلام في دور العرض في موسم
الصيف الحالي, بالإضافة إلي شبه توقف المحطات الفضائية العربية عن دفع
مستحقاتها إلي منتجي الأفلام المصرية, بالإضافة لظاهرة سرقة الأفلام
وقرصنتها وبيعها بشكل مخالف في اسطوانات رخيصة, أضف إلي ذلك المشكلات
الداخلية الضخمة التي تتعرض لها أكثر من شركة سينمائية كبيرة.
أما بالنسبة لانخفاض الإيرادات من دور العرض فقد تحجج أغلب أصحاب
الأفلام بأن السبب وراء قلة الإيرادات هو الخوف من عدوي إنفلونزا
الخنازير, وهي حجة واهية بالطبع دحضها تحقيق فيلم عمرو وسلمي2 لإيرادات
تجاوزت20 مليون جنيه مصري, بما يعادل ضعف ما حققه أي فيلم مصري آخر حتي
الآن, بالإضاف إلي الملايين الثلاثية التي حققها كل من فيلمي ألف مبروك
لأحمد حلمي, وطير انت لأحمد مكي في أول ثلاثة أيام لبدء عرضهما, وهناك
من يقول إن الجمهور شبه أحجم عن مشاهدة الأفلام الأخري بسبب ما تقدمه من
قسوة الواقع أو موضوعات قاتمة, أو بسبب ما فيها من مشاهد دماء, وهو ما
يشترك فيه أفلام إبراهيم الأبيض ودكان شحاتة واحكي ياشهرزاد والمشتبه
والسفاح وبدل فاقد والفرح.
وأنا أوافق علي هذا الرأي بتحفظ, فأسلوب الواقعية الاجتماعية
المنتشرة في تلك الأفلام هو من أكثر الأساليب تواصلا مع الجمهور المصري
طوال تاريخه, لكن المشكلة في رأيي أن الأساليب التي قدمت بها الواقعية في
أغلب تلك الأفلام أساليب مفتعلة بعيدة عن الصدق الفني ولا تتلامس مع
أولويات ما يشعر به الإنسان المصري الآن, بالإضافة إلي نجاح أفلام مكي
وحسني وحلمي لا يعبر عن قوتها بقدر ما يعبر علي أنها الوحيدة التي تتوجه
لجمهور الأطفال والمراهقين الذين يشكلون السواد الأعظم لمتفرجين دور العرض
الآن.
بالنسبة لقضية القنوات الفضائية, فتوقفها عن الدفع للمنتجين سببه
الأزمة الاقتصادية العالمية التي جعلت الشركات المعلنة بتلك القنوات تخفض
ميزانياتها الإعلانية, وبذلك فقدت القنوات أحد أهم مصادر تمويلها,
بالإضافة لخسارة أصحاب تلك الشركات أو القنوات أموال ضخمة في البورصة
العالمية, ووصل الأمر إلي أن إحدي هذه القنوات مديونة بنحو100 مليون
جنيه للمنتجين المصريين, والمشكلة الأساسية أن السينما المصرية تركت
نفسها منذ ست سنوات تعتمد اعتمادا كليا في تمويلها علي القنوات الفضائية
ولم تعد تهمها ريرادات دور العرض الداخلي, ولا حتي مستوي الأفلام, لكن
فقط إرضاء رغبة القناة في اختيار نجم ما أو تقديم موضوعات معينة, أو عدم
التعرض لمحذورات ما.
فالقنوات تفكر بشكل أساسي في الإعلانات, والإعلانات تأتي علي اسم
النجم, وهكذا حلقة مفرغة تجعل العمل الفني نفسه ومستواه آخر عنصر في
النظر للقيمة الاقتصادية للفيلم, والفارق بين تمويل القنوات التليفزيونية
في العالم للأفلام وبيننا أن تمويلهم للأفلام يأتي في آخر مرحلة, وتكون
مساهمة كل قناة لا تزيد علي20% من مجمل ميزانية الأفلام وليس60%
أو80% مثل حالنا, وهو الذي جعل توقف القنوات عن التمويل يؤدي إلي توقف
الإنتاج, وجعلنا عبيد إحسانات القنوات ومعلنيها, ولكن أين الدولة من كل
ذلك؟ مثلا في قضية القرصنة التي تدمر إيرادات الفيلم المصري, فالدولة لا
تبذل جهودا كافية في تشديد الرقابة علي سارقي الأفلام ولا تطاردهم وتقبض
عليهم وهم الموجودن في كل شارع رئيسي من ميدان الجيزة حتي وسط البلد.
وفي قضية دور العرض لابد أن تعي الدولة أن كل المنتجين المستقلين في
مصر في طريقهم للتوقف, لأنهم لا يجدون دار عرض يعرضوا فيها أفلامهم بسبب
اقتسام دور العرض الحالية بين كتلتين من الشركات, والحل هو قيام اتحاد
للمنتجين المستقلين تسهل له الدولة الحصول علي حق استغلال حصري لبعض دور
عرض لكي يحدث توازن حقيقي بالسوق.
المطلوب من الدولة فورا أن يسارع التليفزيون المصري بشراء حقوق
الأفلام المصرية من المنتجين بعد أن تخلت عنهم التليفزيونات العربية, ولا
يصح أن ينفق التليفزيون المصري مئات الملايين علي إنتاج المسلسلات وشراء
مباريات الدوري العام ويترك السينما تغرق, وهو الذي يستطيع مثلا
تخصيص50 مليون جنيه سنويا لشراء من10 إلي15 فيلما, وهذا كفيل
بإنقاذ السينما.
إن تونس والمغرب والجزائر تفعل ذلك ولسنا أقل منهم, بل إن هذه الدول
تدعم أغلب الأفلام التي تنتج بها من خلال الضريبة المستقطعة من تذكرة
السينما, فهذا حق السينمائيين الذين لابد أن يعود إليهم, وهذا هو
المأمول من تطور مشروع دعم السينما في خطوته التالية. إن السينما هي إحدي
الصناعات الثقيلة القليلة التي تحافظ لمصر علي مكانتها بين الدول بعد أن
انهارت الكثير من الصناعات الثقيلة الأخري, وبالنظر إلي أن الفن والثقافة
في دم الشعب المصري منذ الفراعنة, وجزء أساسي من مواهبنا الاستثنائية
التي خصنا بها الخالق, واستطعنا أن نؤثر بها في الآخرين وفي التاريخ,
فإن أي تخل عن دعم السينما المصرية سيعد هدما جزءا أساسي من الشخصية
المصرية وإضعافا لدور مصر الاستراتيجي بين دول العالم.
الأهرام اليومي في
29/07/2009
مقعد في الصالة
المـلاخ.. و25 عـامـا مـن عطـر الـذكـري
كتبت ـ
ماجدة حليم
عندما بدأت العمل بالأهرام كانت تمتلئ بالأساتذة الصحفيين في كل
التخصصات.. وكنت تشعر في الأهرام انك تناطح السماء طولا.
وكما وصفه د. يوسف ادريس في احدي مقالاته فقد كان هو رمسيس الأهرام
الجريدة.. انه الأستاذ كمال الملاخ الذي كان يشرف علي الصفحة الأخيرة في
الأهرام ومنه انطلقت احلامه الكبيرة لميلاد مهرجان القاهرة السينمائي
الدولي ثم مهرجان الاسكندرية لدول حوض البحر المتوسط.
كانت وقتها الاحلام كبيرة وممكنة الحدوث.. وكان الجميع يتكاتفون مع
الأستاذ الملاخ لتخرج هذه المهرجانات في ازهي الصور.
وكان اختيار الافلام علي اعلي مستوي فكنت بعد متابعة المهرجان تخرج
بحصيلة سينمائية لم تكن لتجدها في أي مكان.
وكانت الاسكندرية عروس البحر الابيض المتوسط بكل سحرها الذي تضيفه
للمهرجان قد اشعلت جذوة التنافس بين السينمائيين المصريين لتفوز افلامهم
بالعرض في المهرجان.
وكنت تجد الاستاذ الملاخ رغم كثرة انشغاله استاذا في التعامل مع
الآخرين.. وكان الناقدان الكبيران أحمد الحضري وفوزي سليمان هم المسئولين
عن اختيار الافلام الأجنبية فكنا نلهث من سينما إلي أخري لنفوز بأكبر قدر
من مشاهدة الأفلام المعروضة.
وكان السينمائيون المصريون والنقاد والضيوف يشكلون في مهرجان
الاسكندرية حالة من الفرح الممزوج بطعم الاحلام الكبيرة عندما تتحقق علي
أرض الواقع.
وهذا العام يحتفل المهرجان بميلاده الـ25 ويترأسه حاليا السيناريست
ممدوح الليثي الذي كان مساهما فعالا في المهرجان طوال سنوات اقامته.
ويحتفي المهرجان ايضا هذا العام بتكريم الاستاذ كمال الملاخ.. وهذا
هو الأسلوب اللائق والراقي لتكريم الرجل الذي ظل يحلم بمهرجان لمصر حتي
استطاع ان يحققه في القاهرة والاسكندرية.
إن الاحلام النبيلة لا تموت بموت صاحبها.. وقد غادر الاستاذ الملاخ
الدنيا تاركا ذكري عطرة لمجهود استمر سنوات.. واحلامه الكبيرة للسينما
المصرية.
إن مجرد دخولك إلي الاسكندرية تجد نفسك في عالم من السحر والجمال
والحب.. وقد اضاف الأستاذ الملاخ إلي الاسكندرية مهرجانا من الفن الراقي
تزين به جيدها.. فتحية للأستاذ ممدوح الليثي ولمهرجان الاسكندرية علي
تكريمهم لمؤسس المهرجان كمال الملاخ.
الأهرام اليومي في
29/07/2009
العصر الجليدي.. مغامرات تحت الأرض!
كتبت ـ هناء
نجيب
يعتبر فيلم العصر الجليدي وفجر الديناصورات هو الجزء الثالث لهذه
السلسلة الناجحة جماهيريا في العالم كله ومن أكثر الأفلام تحقيقا
للإيرادات.. والفيلم من إخراج البرازيلي كارلوس سلدنها وتأليف هاري هثيمر,
أما السيناريو لمجموعة منهم بيتر أكيرمان وجوني برنير.
في الجزء الثالث شخصيات رئيسية ثابتة( ماني) الذي يشبه الفيل
ويجسد صورته راي رومانو وزوجته (آلي) وهي كوين لطيفه ـ( سد) فهوجون
ليهوزامو وهو حيوان يشبه العرسه ويمتاز بخفة الظل ـ الأسد (دياجو) فهو
دنيس ليري وأخيرا( سكرت) الذي يشبه السنجاب ولكنه طائر لا يظهر له صوت
علي الإطلاق ودائم البحث عن بندقة.
تبدأ أحداث الفيلم بأن هذه الشخصيات الحيوانية اصبحوا يشكلون مجموعة
من الأصدقاء ونجد أن بداية المغامرة عندما وجد( سد) ثلاث بيضات كبار
اتضح انه بداخلها ثلاثة ديناصورات صغيرة ففرح بها وشعر أنه أمهم, ولكن
بداية المشاكل كانت عندما ظهرت الأم الديناصورة وحاولت استرداد ابنائها
ورغم ذلك أصر( سد) علي أخذهم, فغضبت وأخذته هو وابنائه إلي عالم
جديد( تحت الأرض) بعيدا عن أرض الجليد, ومن هنا غير المخرج تماما
المناخ الجليدي إلي مناخ آخر مليء بالحركة والألوان والاضاءة المبهرة,
ونجد بعد ذلك أن الديناصورة أحبت( سد) لأنها شعرت بحبه لأبنائها.. في
ذلك الحين قلق الأصدقاء علي( سد) وقرروا أن يبحثوا عليه في الأرض
الجديدة رغم المخاطر التي قابلتهم ومن حين لآخر حاول المخرج أن يخرج بنا
إلي اطار الفكاهة ليكسر حدة العنف من خلال أسلوب( سد) الفكاهي وكذلك
بملاحقة( سكرت) و(سكرته) للحصول علي البندقة, ولم يغفل النواحي
الانسانية عندما شعرت( إيلي) بآلام الولادة وساعدها( ياجو) لإخراج
الإبنة.
أضاف المخرج شخصيات جديدة بالفيلم جعلته اكثر اثارة وبعيدا عن الملل
فهناك( باك) الحيوان العجيب ذوعين واحدة الذي تعرض لحادث ابتلاع من(
رودي) الديناصور الأبيض فقد فيه عينه ولكنه حصل( باك) علي سن من فمه
ومن وقتها كرس حياته لمحاربته. وقد شارك الأصدقاء في المغامرة وأنقذهم في
أوقات كثيرة.. وفي النهاية نجد أن الخير انتصر علي الشر, فالديناصورة
الأم انقذت سد وأصدقائه من( رودي).. ومن هنا اجتمع الأصدقاء مرة أخري
ليصعدوا إلي عالم الجليد بعيدا عن أرض المخاطر المليئة بالديناصورات
والكائنات الشريرة تاركين( باك) مستمرا في ملاحقة عدوه.
بالإضافة إلي الشخصيات الجديدة التي استحدثها المخرج, نجد أن هذا
الجزء به مزيد من الكوميديا والحركة, كذلك الإضاءة المبهرة والتصوير
السريع التي تستخدم فيها دور العرض في الخارج نظارات لكي يشعروا بمتعة هذا
الجو الخيالي المفعم بالحركة والألوان.. ووجود أرض تحت السطح الجليدي
جعلت الفيلم أكثر إبداعا نظرا لإختلافه عن البيئة الجليدية وبناء علي ذلك
رأينا مواقف وأحداثا مختلفة مليئة بالأخطار ومخلوقات جديدة ضخمة وديناصورات
متنوعة الأشكال.. لم يكتف المخرج بإظهار الكوميديا والحركة كل منهما في
مشاهد خاصة بهما ولكنه مزج بينهما خاصة بين الطائرين اللذين يتقاتلان علي
البدنقة رغم تقاربهما عاطفيا, فأدخل المخرج أغنية رومانسية حققت حدة
الصراعات بينهما.. ومن هنا نجد أن الفيلم من خلال خياله الواسع المتقن
والمبدع ليس فقط من المخرج بل في التصوير والموسيقي وتجسيد الممثلين
للأصوات جعلته جاذبا وممتعا للصغار وكونهم يرون مخلوقات خفيفة الظل وكذلك
بالنسبة للكبار ومشاهدتهم لشخصيات ديناميكية مبهرة.
الأهرام اليومي في
29/07/2009 |