أول لقطة
بعد مشاهدة فيلم كاذب يدور عن كيف الإسلام يبشر بقتل المسيحيين، تركت
قاعة العروض وتوجهت إلى سوق الفيلم. وكالعادة قادتني قدماي إلى الجناح
البريطاني وبعده الآيرلندي ثم الإيطالي وفي النهاية الجناح السويسري. في
مكان ما بين ذلك دخلت الجناح التركي فوجدته أكثر الأجنحة انشغالا بحركة
الوافدين والزائرين.
هنا تتم اللقاءات بين المخرجين والمنتجين الأتراك وسائر المشترين. هنا
تعلن السينما التركية عن آخر إنتاجاتها من الأفلام المشتركة. هنا يلتقي
المرء إذا شاء بمسؤولي مهرجاني إسطنبول وأنقرة. وهنا يأكل الزائر البقلاوة
موضوعة بتصرف الزائرين الذين لا يخشون السمنة. نظرت حولي ومثل كل عام هززت
رأسي أسفا على أن لا السينما العربية كمجموع ولا كأفراد لديها ولو مكتب
متواضع يصدر شيئا، يقول شيئا، يعلن شيئا أو يوحي بأن هذه السينما موجودة.
المشكلة ما زالت ذاتها. يتحدث لك ناقد عن نهضة ستصيب هذه السينما بعد
أن تهدأ الأمور. لكنك لم تعد واثقا، ولا تستطيع أن تشاركه حتى ذلك الأمل
الذي تتمنى حدوثه. يكتب آخر بأن السينما الفلانية تطير فوق الريح وأنها من
بين الأفضل عالميا... تتساءل: إذا ما كانت كذلك لم لا حضور لها في
المهرجانات الدولية إلا عبر طلات خارج المسابقة وفي أحيان كثيرة خارج
العروض الرئيسية بكاملها؟
الواقع هو ليس الغد وليس الماضي. ليس في الأمل وليس فيما يعلنه كاتب
ويناهضه آخر، بل هو هنا والآن. وجود أو لا وجود.
إما هناك بلورة حقيقية لهذا التقدم إذا ما كان موجودا وإما أن هناك
غيابا. والحالة الثانية هي الثابتة ليس في سوق الأفلام فقط، بل في المهرجان
نفسه حيث تنتشر بضعة أفلام عربية في طلات متناثرة. بعض هذه الأفلام تحاول
بيع صورها عن الثورة التي حدثت في مصر، وبعضها يصل بعد رحلة طويلة من
العروض المحلية والإقليمية ولو أتيح له أساسا الاشتراك في المهرجانات
الدولية ثم الانكفاء نحو الإقليمي والمحلي لما تأخر.
الأفدح من ذلك هو أن السينما الإيرانية موجودة. والعربية... كل
العربية مفقودة في تلك السوق التي تشترك فيها أكثر من 160 مؤسسة ودولة. كيف
هذا وإيران مقاطعة ومغضوب عليها وتستحق ما تستحقه من المجتمع الدولي؟ لم لا
يوجد لدينا حضور حتى ولو كان رمزيا، بينما حضورها متكرر كل سنة؟ في نهاية
المطاف، السينما هي إعلان حياة ووجود وصحة اقتصادية. فهل نحن مفتقدون أصلا
لهذه العناصر؟
خافييه باردم:
لست سياسيا لكني سينمائي لديه أسئلة
كما كشفت أنجلينا جولي عن موهبة قوية وواعدة في فيلمها الطويل الثاني
«في بلد الدم والعسل» ولو أنها تردد هي والإعلام بأنه الفيلم الأول لها
كمخرجة، فإن بيلي بوب ثورنتون ينتظر أن يكشف النقاب عن موهبته في هذا
الشأن. هو أيضا سبق له أن أخرج أفلاما (ثلاثة روائية وواحدا تسجيليا)
بالتالي كان كشف النقاب منذ مدة قبل أن يحقق فيلمه الجديد المتسابق هنا
«سيارة جين مانسفيلد». لكن سوابقه تلك شبه منسية. آخرها («والدي وهم» سنة
2001) لم يوزع تجاريا على نحو متواضع، والفيلم الذي قبله («كل تلك الجياد
الجميلة» - 2000) هو الوحيد الذي وجد مؤيدين وشهد عروضا ناجحة.
وفي حين يلحظ المتواجد في هذا المهرجان الضخم ازدياد الاستحسان لفيلم
أنجلينا جولي بعد يومين من بدء عروضه خارج المسابقة، فإن ما حققه بيلي بوب
ثورنتون لا يزال ينتظر موعد العرض القريب. إلى جانبهما هناك الممثل
الإسباني خافييه باردم، الذي أنتج فيلمه التسجيلي المعروض هنا «أبناء
السحاب: آخر مستعمرة» ويتحدث فيه عن «الصحراء الغربية». مشروع يقول لنا على
طاولة عشاء في حفلة إسبانية أقيمت تكريما له وللفيلم قال: «فيلمي دعوة
للحكومات الغربية لكي تتدخل وتغير الوضع القائم في تلك المنطقة. لقد حان
الوقت لها لكي تفعل شيئا حيال وضع لا يجوز السكوت عنه».
·
لكن المسألة المعنية بالصحراء
الغربية ليست جديدة ولو أنها غائبة عن الأنباء.
- صحيح جدا، ولذلك حرصت على طرحها. الفيلم هو عن الصحراء الغربية
بالفعل، لكنه أيضا عن مشاكل متفاقمة وكثيرة لا تسترعي انتباه أحد لأنها
بالنسبة إلى السياسة الدولية ليست مهمة. هي التي تحدد الأولويات وتعمل تبعا
لها. أردت توجيه الأنظار إلى شعب يعيش على الهامش تبعا لظروف علاقة المنطقة
بإسبانيا وتبعا لغياب المعرفة الشاملة عن ذلك الشعب والأزمة الاجتماعية
والسياسية التي يعيش فيها.
·
هل تؤمن بقدرة الفيلم التسجيلي،
خصوصا، على تغيير الأوضاع؟
- هناك قدرة بالفعل لكنها محدودة. إنها قدرة نقل الواقع إلى الغير على
سبيل التعريف بالحاصل. لا نستطيع، أنت وأنا وكل الموجودين هنا، تغيير هذا
العالم الذي نعيش فيه، لكن ذلك لا يعني أن نتوقف عن السعي لأننا نستطيع أن
ننشر المعرفة بالشيء تمهيدا لقيام من يملكون القرار لتغييره. من هذه
الناحية نعم جهودنا في أماكنها الصحيحة. أنا أصنع فيلما. أنت تكتب عنه.
القارئ يقرأ. تتسع الحلقة ويرتفع مستوى العلم بالموضوع.
·
ما الذي وجهك للمشروع؟
- حين كنت في ضيافة أهل الصحراء الغربية خلال إقامة مهرجانها
السينمائي وجدت نفسي مذهولا من حقيقة أن معظم الناس تعيش في خيم منصوبة.
على ذلك هم لا يعكسون أي مرارة ولا يعتبرون الأجنبي مسؤولا. أهل تلك
المنطقة كرماء للغاية. كل هذا مسني بالدرجة الأولى.
·
لا يمكن سوى ملاحظة أن هذا
الفيلم هو الفيلم التسجيلي الثاني لك بعد «غير ظاهرين» قبل 4 أعوام، وفيه
أيضا إشارات لأزمات سياسية اعتبرتها غير ظاهرة للعيان. ما هو منطلقك؟
- بطبيعتي أنا إنسان يؤمن بالآخر. أؤمن بأن الناس تملك قدرات تستطيع
أن تسهم في استقرار هذا العالم إذا ما أرادت. لا يهم مقدار ما تستطيع
القيام به. حجم المحاولة، وبل لا يهم إذا ما نجحت أو فشلت، المهم هو أن
تتحرك لتحدث تغييرا إيجابيا. إذا سألتني إذا كنت إنسانا متفائلا؟ فإن جوابي
هو نعم. لست ساذجا، لكني متفائل في أن هناك من يشاركني الرغبة في نشر
المعرفة حول مشاكلنا الغائبة عن الواجهة. هذا الفيلم هو تعبير عن أزمات
أخرى موجودة في عالمنا. عن شعوب أخرى تعيش في المخيمات ولها الحق أن تسأل:
لماذا؟ لست سياسيا ولا أريد أن أكون، لكني سينمائي يطرح أسئلة لأني مهتم.
لأني أعيش على هذه الأرض وأؤمن بأن هناك مسؤولية لمن يستطيع منا التعبير عن
قضايا يتمنى لها أن تجد الحلول التي تستحق.
أخبار برلين
* حاول الممثل السويدي ماكس فون سيدو (إحدى شخصيات فيلم «مدو وقريب
جدا» حيث يلعب شخصية عجوز فقد النطق) حل إشكال تقني وقع فيه مراسل يعمل في
مجلة «ذ هوليوود ريبورتر» حين فشل جهاز التسجيل لديه في العمل. لكن الممثل
الذي أظهر صبرا ورغبة جادة في مساعدة الصحافي المخضرم اكتشف أنه يشترك وذلك
الصحافي بعدم الإلمام بآخر المنجزات الدجيتالية (ما الخطأ في الجهاز القديم
الذي كنت تكبس فيه زرا فيشتغل؟). هنا مرت صدفة الممثلة شارلوت رامبلينغ
وأنقذت الموقف علما بأنها من جيل الممثل البالع من العمر 82 سنة.
* المخرج تيمو فورنسولا يقول لنا إن فكرة فيلمه «السماء الحديدية»
ولدت في حمام السباحة: «كنت آخذ سونا عندما غفوت وشاهدت حلما حول مخلوق
نازي يلتصق بظهري بينما كنت منطلقا على دراجة نارية».
* المخرجة مي إسكندر قدمت فيلمها التسجيلي «كلمات الشهود» حول الأحداث
المصرية المشترك في نطاق بانوراما الفيلم التسجيلي. المخرجة اصطحبت معها
الصحافية هبة عفيفي التي دار الفيلم حول قيامها بإجراء تحقيقات ميدانية
خلال الأحداث المصرية قبل وبعد خلع الرئيس، كما أن والدة هبة ألقت كلمة
بالإنجليزية صفق لها الألمان.
* الممثل جايك جلنهال عضو لجنة التحكيم شهد يوما عصيبا من العروض وكان
لا يزال تحت تأثيرها حين عاد إلى فندقه ودخل المصعد لكنه لم يعثر على
المفتاح الإلكتروني الذي سيستخدمه لكي يتحرك المصعد به. وهكذا، وبينما
الباب مفتوح للفضوليين ينظرون إليه في حيرته وبحثه أخذ يفتش جيوبه قبل أن
يجده. ابتسم للناظرين إليه ثم استخدم المفتاح سريعا وتخلص من الحرج بأسرع
ما يستطيع.
أفلام تحفة إيطالية صغيرة تحت سماء شكسبير
* الأخوان باولو ويتوريو تافياني تجربة سينمائية مثيرة للتأمل وعلى
قدر كبير من الرغبة في صياغة الفيلم الفني غير المتهادن. أعمالهما، منذ
منتصف السبعينات، أيام «أب وراعي» و«ليلة النجوم المنطلقة» و«صباح الخير،
بابل»، تشهد بالرغبة في عدم التضحية بأي شيء يمكن أن يهدر قيمة الصياغة
الأسلوبية والفنية التي يقومان بها. لا ينتج عن ذلك أفلام صعبة ولا أعمال
متساوية دائما، لكن الناتج عن سينما خاصة بهما تحترم لرغباتها ولجودتها
ولجديتها في الوقت ذاته.
فيلمهما الأول منذ 5 سنوات (حين تم عرض «مزرعة الطيور» في مهرجان
برلين عرضا خاصا سنة 2007) عنوانه «سيزار يجب أن يموت» وهو بحق عودة حميدة.
عمل يستوعب جوانب كثيرة تمتد من الواقع إلى التاريخ. من سجناء اليوم إلى
سجناء الزمن. من كيف تعبر عن نفسك سينمائيا إلى كيف تعبر عنها مسرحيا في
الوقت ذاته. كل ذلك تحت سماء أشهر الكتاب وأكثرهم قدرة على إثارة الحس
بالمأساة والدراما ويليام شكسبير.
في العام الماضي، أمضى الأخوان تافياني 6 أشهر في سجن ذي مستوى أمني
شديد، إذ يضم بعض عتاة الجريمة ومرتكبيها، للقيام بتحضيرات لتصوير فيلم
مأخوذ من مسرحية ويليام شكسبير «جوليوس سيزر» يقوم ببطولته سجناء فعليون.
هذا الأمر تطلب اختيار السجناء المناسبين بعد إجراء اختبارات ثم تركهم
يجولون في أرض غريبة إلا من حيث رغبتهم الحارة في إجادة لعب شخصيات
المسرحية الخالدة. «حتى أنت يا بروتوس» تأتي في سياق أدائي درامي خالص
تماما كحال الجملة المعروفة حين يقوم بها ممثلون محترفون. كل ما نراه من
قبل ممثلين غير محترفين وجدوا أمامهم فرصة للظهور في فيلم سينمائي قائم على
مسرحية يقومون هم بتمثيلها يكشف عن ذلك الإنسان المتخفي في الداخل وتحت
سنوات حكم تتراوح بين الـ15 سنة والمؤبد. لا شيء كثير عن خلفياتهم. الفيلم
ليس تسجيليا على الإطلاق رغم أن منحاه قد يخدع، فهو يتابع اختيارات مخرج ما
(ليس أحد الشقيقين) للذين سيقومون بتمثيل الشخصيات الشهيرة (جوليوس سيزار،
بروتو، لوكيو، سينا، ميتالو إلخ…) ثم يصور كيف يلتحمون مع الأدوار ويؤدونها.
هناك، على نحو جلي، بناء درامي من المخرجين تافياني يتم العمل بمنواله.
الفيلم بذلك هو فيلم حول مسرحية يتم تقديمها. وهو يبدأ بفصلها الختامي (بروتوس
يسأل رفاقه أن يقتلوه) بالألوان. ثم يعود إلى البداية ويستمر بالأبيض
والأسود حتى النهاية التي شاهدناها ومشاهد قليلة بعدها أيضا. في أحد هذه
المشاهد يقول الممثل الذي أدى جوليوس سيزار (جيوفاني أركوري) كلمته التي
تحفر لنفسها وجودا جوهريا في الفيلم وفي البال: «منذ أن اكتشفت الفن تحولت
هذه الزنزانة إلى سجن». يقول ذلك وهو يعلم أنه في سجن، لكنه لم يشعر به على
هذا النحو الضيق إلا من بعد أن وجد نفسه ينتقل من الذات الخاصة به إلى ذات
أخرى بعيدة. بذلك فإن «سيزار يجب أن يموت» يصبح رمزا لنقلة عبر الزمن،
وتجربة فريدة منحت معنى جديدا للحياة، كما هو ممارسة شكسبيرية الذي ما زال
أكثر المؤلفين شهرة وعرضة لاقتباسات السينما. في الحقيقة الفيلم من
الانصهار النوعي والفني الكامل بين تلك العوالم بحيث ينفرد بعيدا عن كل
التجارب المشابهة من قبل.
مخرج فلبيني يوعز بأن الإسلام ضد المسيحية
Captive
* في هذا الفيلم، الذي بناه المخرج الفلبيني برلانتي مندوزا حول وقائع
انطلقت سنة 2001 عندما قامت مجموعة تنتمي إلى جماعة أبو سياف التي تطالب
باستقلال منطقتها من الفلبين، بخطف نحو 20 مدنيا من منتجع بينهم مبشرون
مسيحيون. من بين هؤلاء امرأة فرنسية اسمها تيريز (إزابل أوبير) وغربيون
آخرون لجانب مجموعة من الفلبينيين. يتم نقل هؤلاء عبر مركب كبير ليومين
تتساءل خلالهما كيف تستطيع مجموعة مسلحة في منطقة متنازع عليها تشهد حروب
إبادة بين طرفي «الثوار» والميليشيات الحكومية أن تبحر يومين باتجاه ذلك
المكان وتخطف من فيه ثم تعود وكل ما يعترضها مركب يسأل إذا ما كان كل شيء
على ما يرام فترد عليه تيريز بالإيجاب فينصرف. لكن المرء منا لم يكن،
والحمد لله، على ذلك المركب وعليه أن يوافق على أن الفيلم، إلى الآن، إنما
يتحدث عن وقائع.
لكن حينما يصل المركب إلى الشاطئ ويدخل مع من كان عليه في رحلة على
الأقدام في الأدغال الوعرة تستمر لنحو سنة لا بد أن يزداد ذلك السؤال
إلحاحا قبل أن ينقلب إلى آخر أكثر أهمية: ما حاجة المشاهد إلى فيلم يرصد
حادثة؟ نعم هناك من يقول: إن على السينما واجبات، لكن إذا ما تم تقديم فيلم
يقصد أن يتمحور حول وضع سياسي أو عسكري، ألا يجب عليه أن يطرح تحليلا
للواقع ولماذا يحدث ما يحدث؟ سبيل «مخطوفون» هو تقسيم الفيلم إلى أخيار
وأشرار. طبعا لا غبار على أن الأخيار هم المخطوفون، وأن الخطف جريمة وأي
عمل إرهابي هو ذروة الجريمة، لكن ماذا عن الأسباب والموجبات؟ بالكاد هناك
نقد لتقاعس الحكومة عن الإنقاذ السريع وتقاعس دول الغرب عن الضغط على
الحكومة الفلبينية للتدخل. حين تصل مراسلة تلفزيونية إلى ما يفترض أن يكون
موقعا سريا لتنقل مقابلات يستنجد فيها من بقي حيا بالسفارات الغربية للتدخل
لدى الحكومة الفلبينية تتساءل كيف تصل الصحافية التلفزيونية ولا يصل الجنود
لإطلاق سراح المخطوفين. ولا يلبث الفيلم أن يسأل هذا السؤال من دون أن يجيب
عنه. صحيح أنه في النهاية يصور نهاية رجال أبو سياف، لكن ذلك تحصيل حاصل
لما وقع خاليا من إظهار مسببات أو موجبات.
لكن المشكلة الأساسية هنا هو القصد بالأذى. المخرج يريد تصوير شيئين
أساسيين عبر سرد حكاية واقعة: الإسلام ضد المسيحية وهو بذلك تخلف عقائدي ضد
الحضارة، والثاني أن هناك ازدواجية معايير فهو «يدعي» شيئا (كعدم المساس
بالأجانب واحترام الفرد الآخر وممارسة الشعائر الدينية ثم القتل بعدها)
ليتصرف على نحو مناف بعدها.
هناك مشاهدون كانوا يضحكون ساخرين من ذلك دلالة على أنهم شاركوا
المخرج وجهة نظره الجانحة، لكن هناك كثيرين من الغربيين الذين اعتبروا ما
شاهدوه عملا سخيفا. الناقدة الألمانية المخضرمة التي جلست على الكرسي
المجاور نهضت بعد أقل من ساعة وغادرت قائلة: «لقد اكتفيت».
لكن من دون ولوج المزيد من التفاصيل حول معاملة المخرج للإسلام فإن
«مخطوفون» يفتقد الضرورة. بمجرد أن يقوم مخرج بعملية نقل لواقع ما من دون
منحه تفسيرا، سببا، تحليليا أو قراءة ذاتية، فإنه يهدر وقته ووقت مشاهديه
فيما لا يعود على فيلمه بالنفع.
الشرق الأوسط في
14/02/2012
«الشرق
الأوسط» في مهرجان برلين السينمائي الدولي - 4
ربيعان نازي وبوسني يتنافسان على مكانة الربيع
العربي!
برلين : محمد رُضا
أول لقطة الأمور ليست على ما يُرام بالنسبة لأنجلينا جولي التي وصلت
إلى المهرجان البرليني بصحبة فيلمها الأول كمخرجة (أو الثاني إذا ما حسبنا
فيلمها التسجيلي الذي لم يشهد عروضا واسعة «مكان في الزمن» - 2007) وهو «في
أرض الدم والعسل»، ذلك أن فيلمها الذي يتحدث عما سببته الحرب الأهلية بين
صربيا والبوسنة من آلام مبرحة لدى الضحايا من النساء البوسنيات نتيجة
التشريد والقتل والاغتصاب، لا يشهد حماسا بين الموزعين العالميين. نعم
أنجلينا جولي نجمة كبيرة لكنها لا تمثّل في فيلمها ما يجعل المسألة بالنسبة
للكثير من الموزّعين غير مضمونة المخاطر، خصوصا أن الموضوع بحد ذاته
متجهّم، وهم والجمهور عادة ما يرغبون في مواضيع ضاحكة.
«فيلم واحد آخر من أدام ساندلر وسأترك المهنة» قال أحد النقاد هنا بغضب في
مجال الحديث عما يرغبه الناس ولماذا قد يعزفون عن أفلام ذات أهمية تشغل
البال ولو قليلا. لكن ساندلر ليس هنا (من حسن حظ ذلك الناقد) وما هنا هو
مجموعة كبيرة من الأفلام التي تتحدّث عما يقع فوق هذه الأرض.
بالنسبة للنجمة جولي فإن ما وجدته أن فيلما لم يسمع أحد به من قبل،
عنوانه «سماء حديدية» بيع أسرع وأكثر مما فعل فيلمها. هو أيضا له علاقة
بتبعات التاريخ، لكن عبر موضوع خيالي تماما. فحسبه، نجد أن العلماء
النازيين في زمن هتلر تمكّنوا من الإفلات قبل استسلام ألمانيا مهزومة
والهرب إلى كوكب آخر حيث بنوا قدرات الجيش النازي من جديد، وهاهم في عام
2018 يهاجمون كوكب الأرض لتكملة ما عجزت عنه جحافل هتلر في أربعينات القرن
الماضي.
لكن حذر الموزعين من جنوح أنجلينا جولي إلى هموم الأرض وتفضيلهم خيالا
تاما عبّر عنه «سماء حديدية» بمزيج من الخيال العلمي ومشاهد الحرب، انحصر،
للآن، في مسألة التسويق، أما من حيث إقبال الجمهور الألماني على فيلمها فهو
مرتفع وفي مستوى واحد منافس مع فيلمين آخرين هما «الدون 2 - عودة الملك»
الذي قام ببطولته شاه روح خان، الممثل الذي اعتذر في آخر لحظة عن مواكبة
فيلمه نظرا «لأوامر الطبيب»، و«سماء حديدية» بنفسه.
أما الانشغال بالربيع العربي متمثّلا في أفلام تتناول ما حدث في
مقدّمتها «تقرير حول ثورة» لبسام مرتضى و«ظل رجل» لحنان عبد الله، فكان
مقبولا وليس كاسحا. الصالة مليئة لكن الشغف بالموضوع جفّ على طول المدّة
التي ما زال يستغرقها هذا النزيف.
الإقبال أيضا كان شاملا الفيلم الأردني «الجمعة الأخيرة» ليحيى العبد
الله حول حياة رجل مقلوبة رأسا على عقب ولو أنها قد تبدو طبيعية للناظر
أوّل مرّة.
أفضل - الممثلة الأميركية قالت لـ«الشرق الأوسط» إن دورها في «مدوٍّ وقريب
جدّا» كان واحدا من أصعب الأدوار التي مثلتها
ساندرا بولوك: نريد عالما قائما على الحب لأنه السبيل الوحيد لمستقبل
* «مدو وقريب جدّا»
Extremely Loud and Incredibly Close هو الفيلم المعروض خارج المسابقة الذي يدور حول
إرث ما وقع في الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) على الناس العاديين. الممثلة
ساندرا بولوك تلعب دور الأم التي حين خسرت زوجها (توم هانكس) خسرت، ربما من
دون أن تدري، سببا لوجودها فانسحبت من مسؤوليّاتها الأمومية حيال ابنها
الذي، على العكس، أخذ يسعى لمعرفة أبيه على نحو أفضل. المقابلة التالية
تمّت في لوس أنجليس قبل ثلاثة أسابيع بمناسبة هذا الفيلم وفي مطلعها
حذّرتنا الممثلة من أن نحافظ على مسافة منها: «لدي رشح شديد ولا أريد أن
أكون سببا في نقل العدوى.. إذن لا قبلات اليوم».
·
ماذا كان رد فعلك حين قرأت
سيناريو «مدوٍّ وقريب جدّا»؟
- شيء غريب لأن السيناريو أثار اهتمامي لأنه بدا بسيطا في مواقفه.
أؤدي دور الأم التي لم تحاول أن تلعب دورها ومسؤوليّتها في الحياة تجاه
ابنها الذي كان يحتاج إليها بعد رحيل أبيه، لكنه لم يجده بجوارها. لاحقا
زاد اهتمامي بالفيلم على نحو متعدد، فهو يدور فعلا حول آثار تلك الكارثة
ولو أنه يبقى محددا بهذه الحكاية العائلية، وكلنا يعلم كم هو مؤسف ومأساوي
ذلك الذي حدث لكننا لم نتابع عن كثب حكايات صادقة وقريبة من الشخصيات التي
تعرضت لخسارة أب أو شقيق أو ابن أو زوجة..
·
هل كانت لديك ملاحظات حول قيامك
بدور هو بالنتيجة سلبي؟
- لا، وسأقول لك لماذا؟ لأن ذلك الدور السلبي من ناحيتها ساعد ابنها
على شق طريقه صوب الحقيقة. جعله أكثر إدراكا لمعنى غياب من يحب ووضعه على
مستوى الحدث المؤلم من حيث لم يكن يدري في البداية. ودورها ذلك هو ما أعاد
ابنها إليها بمدارك جديدة.
·
هذا حين كنت تقرأين السيناريو..
ماذا حين شاهدت الفيلم؟ هل من ملاحظات؟
لا، أعتقد أن الفيلم كتب جيدا ونفذ جيدا والموضوع مهم لنا لأننا نبحث
في حياتنا عن السلام في كل مكان. نريد عالما قائما على الحب لأنه السبيل
الوحيد لمستقبل أفضل. حين شاهدت الفيلم شعرت بالأسى. إنه صعب ووجداني
وعاطفي وجميل.
·
جزء من هذه اللحمة التي تتحدثين
عنها بين الأم في الفيلم وبين ابنها تم بعد مشاعر حادة يوجهها الابن لأمه..
كيف تفسرين ذلك؟
- حين يقول لها «أتمنى لو كنت ميتة»، أعتقد أن كل بنت أو ولد قال ذلك
لأمه أو قال ذلك لأبيه أو عبر عن موقفه ذاك بطريقة أو بأخرى. حين كنت صغيرة
أعتقد أنني قلت ذلك لوالدتي. طبعا لم أكن أعرف ما عرفته لاحقا ولولا والدتي
لأنجبت مبكرا أو لضللت طريقي ولو إلى حين. لكننا لا نعرف ذلك حينها. نحاول
أن نبدو كما لو كان المستقبل كله واضحا أمامنا وأننا على ثقة منه لكننا في
الواقع لا نعرف شيئا. في الفيلم هناك بعد آخر لهذا الموقع أو تلك العلاقة.
الصبي بالفعل يعبر عن آلامه، لكن الفيلم يعبر عن قطاع كبير من الآلام.
·
هل في دورك في الفلم ما قمت
باستخلاصه من حياتك الواقعية كأم؟
- هناك المشاعر الدفينة التي تشكل قناعات الشخص، نعم، في حياتي الخاصة
أريد لطفلي أن يكون حرا ومستقلا وآمنا. لكن ما أراه من قناعات عائلية لم
يلعب دورا حاسما في أدائي. إذا كنا نتحدث الآن، فإن جزءا كبيرا هو عن واقع
يختلف عن آخر، هناك أنا في حياتي وهناك أنا في هذا الفيلم.
·
ماذا عن الحادي عشر من سبتمبر؟
مرت عليه 10 سنوات، هل تشعرين أنك آمنة اليوم أكثر من السابق؟
- تعلم شيئا؟ لقد كنا دوما عنيفين، الإنسان عنيف منذ أن وجد على هذه
الأرض، منذ أيام العيش في الكهوف، سنبقى دائما معرضين لشيء ما من هذا
القبيل، المسألة هي ماذا نفعل حيال الالتفاف في مجموعاتنا الصغيرة، كيف
يمكن لنا البقاء متحدين وملتفين كبيئات ولو صغيرة. لا أعتقد أننا سننسى
مطلقا ما حدث في ذلك التاريخ لكن ذلك ليس أمرا سيئا، بل هو مطلوب لأننا
جعلنا أكثر إدراكا لما يدور حولنا. لكني لن أمشي في الشارع خائفة، أريد أن
أتمتع بحياتي، أريد أن أتمتع بإنسانيتي. لن أحكم على الناس مسبقا وبسبب
مظاهرهم، لكن نعم. أشعر بالأمان جدا الآن وبالقوة، وأعتقد أن هذا هدف جيد
بحد ذاته يدفعنا لكي نتعرف على الآخر ونتعاضد أكثر.
·
دورك في الفيلم صغير بالمقارنة
على الأقل، ما الذي يدفع ممثلة كبيرة مثلك لاختيار دور محدود؟
- كل شيء؛ السيناريو والنوعية والمخرج الذي سأتعامل معه والموضوع الذي
يثيره الفيلم، إنه قدر كبير من كل هذه الأسباب، لكني لم أشعر مطلقا أنني في
دور صغير، بالنسبة لي كان واحدا من أصعب الأدوار التي مثلتها.
·
فيلمك يعرض في مهرجان برلين، هل
تجدين ذلك مناسبة لزيارة ألمانيا؟
- أنا دائما هناك (تضحك)، عائلتي لديها منزل هناك وأنا دائمة الانتقال
بين لوس أنجليس وألمانيا.
·
أين تشعرين أكثر بالانتماء؟
- حين أصل إلى منزل أهلي أشعر بأني في بيتي الخاص، حين أعود إلى لوس
أنجليس أشعر أيضا أنني عدت إلى حياتي ومكاني الطبيعيين، لذلك لا أستطيع
القول، لكن من يدري بعد خمس سنوات ربما قررت العيش في ألمانيا لفترات أطول.
أخبار برلين
* السينما الأردنية شهدت العام الماضي نقلة بالغة الأهمية: 3 أفلام
روائية طويلة تم إنتاجها وانتهى تحقيقها في سنة واحدة. فالعادة، منذ 5
سنوات، عندما أخرج أمين مطاوعة فيلم «كابتن أبو رائد»، تحقيق فيلم روائي
واحد كل عام أو عامين، مع فيلم تسجيلي طويل بالنسبة ذاتها. لكن هذه المرة،
ولأول مرة في التاريخ، طالعتنا السينما الأردنية بـ3 أفلام هي «فرق سبع
ساعات» و«يوم الجمعة الأخير» و«عمّو نشأت». «اللجنة الملكية للأفلام» تحتفل
هنا بهذه الخطوة وتعرض في سوق المهرجان كما على شاشات خاصة أفلامها الحديثة
في تحية تستحقها تلك اللجنة وتستحقها المواهب السينمائية التي شاركت في هذه
الحركة الإنتاجية المدروسة.
* وصلت الممثلة البريطانية شارلوت رامبلينغ إلى مهرجان برلين بصحبة
فيلمها الجديد «أنا، آنا» (I،Anna) الذي هو من إخراج ابنها بارنابي ساوكومب وتم إنتاجه بتمويل بريطاني
- ألماني مشترك. شارلوت انتهت من تصوير فيلم جديد بعنوان «بشرة نظيفة»
للمخرج هادي حجاج لجانب شون بين.
* المخرج ج. س. شاندور، الذي كان قدم باكورة أعماله في مسابقة العام
الماضي، أعلن عن فيلمه الجديد «كله ضائع» حول رجل تائه في عرض البحر.
البطولة ستذهب إلى روبرت ردفورد المشغول حاليا بتصوير فيلم تشويقي من
إخراجه عنوانه «المجموعة التي تحتفظ بها» لجانبه البريطانية جولي كريستي
والأميركي سام إليوت.
1.
Mike Leigh
المخرج مايك لي: هل يجود الزمن؟
2.
Emir Al emary
الناقد أمير العمري رئيس مهرجان الإسماعيلية الجديد 3.
My Brother.jpg
شقيقي، الشيطان 4.
C. Rampling شارلوت رامبلينغ
الشرق الأوسط في
13/02/2012
انجلينا للجيش السوري : أوقفوا الحرب فورا
برلين
–
محمد حسن
نصحت النجمة الامريكية والعالمية انجلينا جولي
الجيش السوري بان يكفوا فورا عن الحرب واراقة الدماء , وقالت
خلال ندوة عقدت لها
بمهرجان برلين السينمائي الدولي عقب عرض اول فيلم من اخراجها "ارض الدم
والعسل"
الذي يناقش الحرب الصربية على البوسنة منتصف تسعينيات القرن الماضي :"اود
ان اوجه
رسالة لكل العالم من هذا الفيلم وهي "اوقفوا الحروب فورا", واخص بهذه
الرسالة سوريا
واطالب الجيش النظامي هناك بان يكف فورا عن اراقة الدماء.
جاء ذلك ردا منها على
سؤال لاحد الحضور يتعلق بالرسالة التي تريد توجيهها للعالم من خلال هذا
الفيلم ,
يتناول الفيلم بشاعة الحرب التي وقعت خلال
تسعينيات القرن الماضي بين صربيا
والبوسنة وجرائم الحرب التي ارتكبها الجيش الصربي في حق شعب البوسنة من قتل
للاطفال
وإذلال للرجال والشيوخ والاغتصاب المنظم للفتيات , بينما تحدث وسط هذه
الاجواء
علاقة حب حقيقية بين ضابط صربي ورسامة بوسنية , لكنها تنتهي
نهاية مأساوية في نهاية
الاحداث حين يقوم الضابط بقتل حبيبته لاعتقاده انها خانته , ثم يسلم نفسه
للجيش
البوسني ويعترف انه مجرم حرب وينتهي الفيلم .
ووسط تصفيق حار من الجمهور استمر
لاكثر من 10 دقائق دخلت انجولينا جولي اول عرض عالمي لفيلمها
"ارض الدم والعسل"
والذي تم عرضه ليلة امس – السبت – بدار عرض تدعى "بيت مهرجان برلين" تبعد
حوالي 30
كيلو متر عن قصر المهرجان .
وعلى الرغم من ابتعاد قاعة العرض جغرافيا عن مقر
المهرجان , والظروف الجوية القاسية ودرجة حرارة الجو التي بلغت 10 درجات
تحت الصفر
فقد تزاحم الجمهور خارج القاعة , حاملين صورا لانجلينا جولي وبمجرد وصولها
طلبوا
منها توقيع "اوتوجرافات" لهم
.
وعقب دخولها دار العرض قامت انجلينا بالتوقيع على
صورة كبيرة لها كان قد تم تعليقها في مدخل دار العرض , وفوجئ الحضور بظهور
زوجها
النجم العالمي براد بيت والذي قام بفتح باب السيارة لها ثم
توارى بعيدا عن عدسات
المصورين حتى لا يخطف الاضواء منها , ثم ظهر مرة اخرى داخل قاعة العرض قبيل
بدء عرض
الفيلم بلحظات , وواصل التصفيق الحار مع الجمهور , ترحيبا بانجلينا جولي.
الجدير
بالذكر ان ديتر كوسليك رئيس مهرجان برلين ترك قصر المهرجان في هذا التوقيت
وتخلى عن
حضور فعاليات السجادة الحمراء للفيلم الالماني "باربرا" المشارك في
المسابقة
الرسمية , وذهب لاستقبال انجولينا جولي وبراد بيت في قاعة "بيت مهرجان
برلين" التي
شهدت العرض والاحتفال معهما بفيلمهما "ارض الدم والعسل".
الجزيرة الوثائقية في
13/02/2012 |