مهرجان برلين وحّد الألمان حول مسلّمات وقيم. في مدينة تاريخية تنطوي
على كل الغرائبيات، انه الموعد السنوي الأكثر رمزية: ليس من تظاهرة لعبت
الى هذا الحد دوراً تاريخياً في مصالحة شعب والخروج من غياهب التاريخ
منتصراً على الخراب. أمسى بعيداً زمن كان يلجأ فيه الأوروبيون الى لغة
العنف لمخاطبة بعضهم البعض. ومَن أكثر مِن السينما قدرة على مراقبة سلوك
البشر وتغيراتهم؟
يعاني مهرجان برلين من توقيت اشكالي يجعله يُعقد غداة مهرجان ساندانس
وروتردام (على رغم ان الاخير ليس منافسا جديا له، الا من حيث انه يحقق
الكمية نفسها من الايرادات في كل دورة) وقبل أشهر من انعقاد مهرجان كانّ،
ما يمنعه من اقتناص الأفلام الكبيرة التي تكون في مرحلة انتظار لتسلم جواب
من المهرجان السينمائي الاشهر. هناك القليل من هذا كله في حسابات إدارة
مهرجان برلين الذي مرّ أسبوع على انطلاق دورته الـ62، ولا تحفة سينمائية
بعد، تثلج صدر رئيس لجنة التحكيم مايك لي.
زانغ ييمو لم يُقنع. فيلمه الجديد، “أزهار الحرب” (خارج المسابقة)،
يحتاج الى مسوّغ يشرعه. وهذا ما يجعله قتيلاً يُرمى جثة أمام عيني المشاهد.
الحكاية بسيطة: عام 1937، تسقط نانكين، آخر المدن الصينية الصامدة، في يد
العدو، أي الجيش الامبريالي الياباني الذي يجد في المجازر الطريقة المثلى
للسيطرة على البلاد، روحاً وحجراً. مَن لا يعرف أين يذهب، يلجأ الى
كاتدرائية، بات المدعو جون ميللر (كريستيان بايل) نزيلها الأوحد، فيجد نفسه
مضطراً الى ايواء مجموعة بنات، نصفهن من العذارى ونصفهن الآخر من العاهرات.
بين جدران دار عبادة، يموضع ييمو احداثاً ومفارقات في حكاية ليست على
نسبة عالية من السلاسة. ييمو يحب التفخيم ولا يهتم بالتفاصيل. مواضيع
أساسية عدة تُغتصَب وتعالَج اعتباطياً فقط من باب التهذيب، في خلال بحث
ييمو عما يعنيه في المرتبة الاولى: استدرار العواطف وتأكيد النيات الطيبة.
هنا المواقف انفعالية، والحقّ أن كمنجة جوشوا بل (العظيمة في أمكنة أخرى)،
لا تساعد في خفض حدة الشفقة التي يريدها ييمو لبطلاته، مهما كلف الثمن. لم
يبخل ييمو في الامكانات المرصودة: 94 مليون دولار ونجم أميركي للمرة الأولى
في فيلم صيني بهذه الضخامة، كانا في تصرفه لإنجاز هذه الملحمة التي ترشحت
لغولدن غلوب أفضل فيلم أجنبي. اسلوبية ييمو، سواء تجسدت في تبطيئه الحركة
أو بحثه عن سمة رومنطيقية في لحظة عنف، أو التكثير من المؤثرات البصرية، لا
تساهم في انجاز سينما جدية، تقارع الحجة بالحجة، بل توقعه في فخّ
البروباغندا السهلة، لا سيما انه يستعين بشخصية أميركية، تنقذ الاطفال من
نيران الحرب، لكن لا تنقذه من التبعيات والتزييف.
ضمن المسابقة، عُرض الأحد الفائت واحد من أقوى افلام هذه الدورة:
“راقصة الظلّ” لجيمس مارش، الذي سبق أن عُرض في مهرجان ساندانس الأميركي.
كعادته، اراد البرليناليه، إلقاء الضوء على التجاذبات السياسية التي لا
تزال تلقي بظلالها على القارة العجوز. في السبعينات، كانت كوليت فتاة صغيرة
عندما قُتل شقيقها في عملية تفجير. هذا الموت شعرت تجاهه بالمسؤولية، كونها
بعثت اخاها لشراء سجائر لوالدها، بدلا من ان تذهب هي. عندما اصبحت راشدة في
منتصف التسعينات، صارت عضواً فاعلاً في الجيش الجمهوري الايرلندي. فتاة
ملتزمة، تضع حياتها في خدمة قضية تؤمن بها، عقلاً وقلباً. لكن، عندما تلقي
الاستخبارات البريطانية القبض عليها، تجد نفسها مضطرة للقبول بالاقتراح
الذي يُعرَض عليها: أن تنقل تحركات عائلتها. تحت الضغط، تقبل كوليت كون
البديل الآخر هو السجن لمدة 25 عاماً، ما كان ليمنعها من أن تربّي ابنها
بنفسها.
في بلفاست التسعينات، يأخذ السيناريو مكانه. بأسلوب هادئ ومتوتر في
الحين نفسه، نتابع معضلة امرأة تُرغم على خيانة كل ما كانت تؤمن به، لتحمي
ابنها. مارش، المعروف الى الآن بأفلامه الوثائقية لا سيما فيلمه الأوسكاري
“رجل على السلك”، يختار المعالجة الرومنطيقية الهادئة والصامتة لنص مشدود
العصب، ينتظر دائماً حدوث شيء ما، مسنود بموسيقى تضرب على الوتر الحساس.
نحن أمام سينما جافة، راديكالية، تنقّب في الماضي وتستجوب الضمير. من خلال
العلاقة التي تنشأ بين ماك (كلايف أوين) وكوليت (اندريا ريازبورو)، يترك
الفيلم الأفكار الكبيرة والقبضات المرتفعة عالياً ليجعلنا نغوص في حميمية
شخصيات وغضبها الدفين، حتى لحظة الانفجار الكبير.
فيلم آخر قد يتحول مادة دسمة للنقاش الاعلامي: “أسيرة” (مسابقة)
لبريانت مندوزا، الذي عوّدنا على أن يصور فيلماً كل عام، هو الثامن لهذا
المخرج الذي تعطي افلامه انطباعاً قاتلاً بأنها صوِّرت كيفما اتفق. الفيلم
يسرد عملية خطف نظمتها في الفيليبين الجماعة التابعة لأبي سياف، عام 2001،
قبل أشهر قليلة من 11 ايلول. أهم ما في هذا الفيلم ليس انخراط مندوزا في
قضية تطرف ديني قد يُفهم خطأ (أحد المخرجين العرب نعت الفيلم بـ”العنصري”)،
انما اسناده دور البطولة الى ايزابيل أوبير، ومشاركتها في الفيلم بدور
الفرنسية الناشطة في العمل الاجتماعي، لا يفعلان الشيء الكثير، خلافاً
للانطباع الذي كان سائداً. أوبير، على رغم أدائها الممتاز، تقف شهرتها
عائقاً بينها وبين الدور.
الفيلم انتجته “آرتي”، وفيه مساهمة مالية من بلدان أوروبية عدة. في
الشكل، يبقى الشريط وفياً لنمط مندوزا المتسرع، أما في الجوهر، فهو ايضاً
يقترب من افلامه، لا سيما في مجال اشتغاله على اطالة الزمن، الذي يحاول من
خلاله أن يموضع المتلقي في جسد الشخصيات. لكن، باستثناء المهمة السردية
المناطة به، يبدو النص هزيلاً، والخطاب متقوقعاً على افكار جاهزة، أما
السخرية فلا تبلغ الا منتصف الطريق، قبل أن تعود ع ادارجها، بعد الاخفاق في
إيجاد ارض للتفاهم بين ما ينتمي الى السينما وما ينتمي الى العالم. في
مؤتمره الصحافي، حمّل مندوزا المخرجين مسؤولية ما يجري من حولهم، بمعنى ان
هناك الكثير من المصائب قد يحول طرحها في افلام دون تكرارها. هذا قد يوضح
الهدف السامي الذي يرمي اليه هذا الفيلم الذي يأخذنا من مستشفى الى الغابات
طوال ساعتين: مرافعة ضد عمليات الخطف في الفيليبين التي تحولت الى بزنس
مربح. اذاً، نحن أمام فيلم لا يدين التطرف الاسلامي لجماعة تقرأ القرآن من
دون أن تفهم معنى الكلمات، بقدر ما يفضح الربح الذي يدره هذا التطرف على
اصحابه.
في “طفل المرتفعات” (مسابقة)، تذهب المخرجة الفرنكو سويسرية أورسولا
ماير الى حكاية انسانية، بعيداً من كل مغزى سياسي يمكن لصقه بهذه الحكاية،
مفضلة الطرح الانساني الصرف. تنطلق مما هو متناهٍ في الكبر (محطة التزلج
الواقعة بين سماء وأرض تغطيها الثلوج) لتبلغ ما هو متناهٍ في الصغر (صبي في
الثانية عشرة، يعتاش من سرقة الزلاجات واعادة بيعها). بين هاتين اللحظتين،
تعرج على سينما ذات قلب كبير، يمكن موضعتها في مكان ما بين الأخوين داردين
وسينما أوروبية تفضل الشخصية على الموقف. ماير، اكتشفناها في “منزل”، قبل
ثلاثة أعوام، تعرف كيف تدير ممثلها اليافع كايسي موتيه كلاين، كذلك الشابة
التي تضطلع بدور شقيقته ليا سايدو. تسرق منهما لحظات قاسية، حقيقية، غير
مساومة. تراهن على رد فعل المشاهد حيال اكتشافه في منتصف الفيلم عنصر
مفاجأة قد يأخذنا الى مكان آخر، والى بعد ثانٍ. العنوان الفرنسي (“طفل
المرتفعات”)، خلافاً للعنوان الانكليزي (“شقيقة”)، يقول الكثير. انه طفل
حُكم عليه أن يبقى في الاعالي، في مكان لا تدوس فيه قدماه الارض. فواقعه
بائس ومكانه معدوم، ولا أحد يريده لا في الجبال ولا على الساحل. ماير تتسلح
بحساسية ملموسة بالعينين لالتقاط عذابات هذا الطفل، ولا تفعل الطبيعة
القاسية الغارقة تحت لعنة السماء الا ان تزيد من وحدة الشخصيات الباحثة عن
حياة.
النهار اللبنانية في
16/02/2012
مهرجان برلين يحتضن سينما الربيع العربي
هبة الله إسماعيل – برلين
مراجعة: أحمد حسو
على هامش مهرجان برلين للأفلام السينمائية نظمت ندوة حول دور صناع
السينما والمخرجين في الربيع العربي. وكان التركيز على "الثورة السورية"
والدور الذي تلعبه الصحافة الشعبية.
قد تكون الصحافة الشعبية أو الأفلام التي يصورها الناشطون السوريين من
وسط الأحداث داخل البلاد، حيث يشدد النظام قبضته على الصحفيين المستقلين،
هي طوق النجاة للمتظاهرين لكشف ما يجري داخل البلاد من انتهاكات وجرائم
القتل أو ما ترجحه الأمم المتحدة من "جرائم ضد الإنسانية". بل إن هذه
الأفلام باتت تتداولها وسائل الإعلام العادية لتغطية ما يحدث داخل البلاد.
وبهذا تكون الحركة الاحتجاجية السورية قد انضمت إلى قائمة الثورات (تونس
ومصر وليبيا) التي يكون فيها المتظاهرون هم أيضا الصحفيون الذين يغطون
الأحداث ليكونوا بذلك "المخرجين الذين قد يلقون حتفهم خلال تصويرهم
أفلامهم"، هكذا يقول الصحفي والمخرج السوري محمد علي الأتاسي.
المخرج محمد علي الأتاسي، وهو نجل الرئيس السوري الراحل نور الدين
الأتاسي، حل ضيفا على ندوة "صانعو الأفلام والربيع العربي" التي أقيمت في
إطار مهرجان برلين للأفلام السينمائية إلى جانب المنتجة والناشطة السياسية
هالة العبد الله والصحفي والمصور محمد كركوتي حول الربيع العربي ودور
المخرجين.
وقد ركز الحاضرون على دور مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر
وكذلك الأفلام الوثائقية التي يصورها المواطنون العاديون ويتم وضعها على
موقع يوتيوب. وفي حديث خاص مع موقعنا، أشار محمد علي الأتاسي إلى أن هذه
الأفلام التي يصورها المواطنون السوريون خلال مشاركتهم في المظاهرات ضد
نظام بشار الأسد "هي نتيجة طبيعية لمنع الصحافة والمراسلين الأجانب من
الدخول إلى سوريا ولأن الإعلام الرسمي مسيطر عليه من قبل الحكومة وبالتالي
تحول الناشطون رغما عنهم إلى صحفيين".
أما المخرجة والمنتجة السورية، التي تقيم في فرنسا هالة العبد الله،
فقد شددت على أن درعا هي "مهد الثورة السورية"، حيث كانت بداية كسر حاجز
الخوف إذ أخذت سوريا "تكتب أغنية وشعرا جديدا"، بحسب تعبيرها.
الصحفي والمصور محمد كركوتي السوري الذي يعيش حاليا في مصر، أشار إلى
أهمية فهم أن "الثورة السورية هي جزء من ثورات ليست فقط على الصعيد العربي
بل على الصعيد العالمي ضد انعدام العدالة الاجتماعية وقمع الحريات". ويرى
كركوتي في ذلك "توجها عالميا جديدا"، لافتا أيضا النظر إلى أهمية قيام دولة
مدنية في الدول التي تنجح في إزاحة أنظمتها الديكتاتورية.
الصحافة الشعبية
الصحافة الشعبية التي تقدم كما هائلا من الأفلام والصور التي توثق
الأحداث، جعلت المواطن العادي يشعر بأهميته وكيف أنه بكبسة واحدة فقط على
الهاتف يمكنه أن يصور فيلما يكشف الحقيقة للعالم بأكمله. فما الجديد إذن
الذي قد يقدمه المخرجون وصانعو الأفلام العرب في خضم هذا الكم الهائل من
الأفلام الوثائقية؟
المخرج السوري محمد علي الأتاسي يوضح بأن هناك نوعين من المادة
البصرية حول الثورة السورية. الأولى هي "تلك التي يصورها الناشطون أنفسهم،
والذين قد يدفعون حياتهم ثمنا لذلك هذا نوع قد نطلق عليه اسم سينما
الواقع".
أما الثانية حسب الأتاسي فهي أن مخرجي الأفلام الوثائقية أمام تحد
خصوصا في بلد مثل سوريا. لذلك فهم "سيركزون على كواليس الثورة، واستخدام
عناصر السرد وبناء الشخصية. لتزيد على الأفلام الموجودة على اليوتيوب والتي
يمكن اعتبارها تقارير مصورة من ساحة الحرب. صانعو الأفلام الوثائقية أمام
تحد كبير لتقديم أفلام وثائقية مكملة لتلك التي يصورها المشاركون في
الثورة".
الربيع العربي والأفلام الوثائقية
ونظرا لتطور التقنيات الحديثة من مواقع تواصل على الإنترنت والهواتف
المحمولة و الحواسب مثل الآي باد ..إلخ. أصبح إيقاع الحياة سريعا جدا لدرجة
يمكن القول بأن الأخبار التي تنشر بسرعة البرق على الفيسبوك والتوتير
والأفلام التي تصور عبر الهواتف النقالة وتوضع في ثواني معدودات في
الإنترنت، جعلت الناس تعتمد اعتمادا كبيرا على الأفلام المصورة شعبيا،
لمعرفة الحقيقة. المخرج محمد على الأتاسي يقول في هذا الصدد أنه"حين تم
اختراع التصوير الفوتوغرافي، كان تحديا للرسم، ولم يؤد ذلك إلى توقف ممارسة
الرسم لوجود آلة التصوير، والفن التشكيلي تأقلم مع الواقع وبدأ في البحث عن
آفاق جديدة".
وما تقدمه أفلام اليوتيوب والصور التي يسجلها الناشطون من عين المكان
تضع صانعي الأفلام الوثائقية في مأزق وتدفعهم إلى البحث عن تقنيات جديدة
وتطوير أدواتهم الفنية، حسب الأتاسي. فبالمقارنة مع الثورتين المصرية
والتونسية القصيرتين "أتيح لصانعي الأفلام الوثائقية الوقت لتصوير أفلامهم
وعرض بعضها على القنوات الفضائية"، لأن الحركة الاحتجاجية ستكمل قريبا
عامها الأول.
دويتشه فيله في
16/02/2012
البرليناله ـ
"كلمات شاهدة" على دور المرأة المصرية في الثورة
هبة الله إسماعيل - برلين
مراجعة: أحمد حسو
في دورته الـ62 عرض في إطار مهرجان برلين للأفلام السينمائية "البرليناله"
في قسم البانورما فيلم "كلمات شاهدة" للمخرجة الأمريكية ـ ذات الأصول
المصرية مي اسكندر. الفيلم يحكي قصة متابعة صحفية مصرية شابة لأحداث
الثورة.
كل يوم تخرج فيه الصحفية الشابة هبه عفيفي لتغطية الأحداث الجارية في
مصر، تذكرها والدتها بأنها "صحفية، كما يجب عليها ألا تنسى أنها إمرأة
و"بنت ناس"، وأنها تعيش في مصر، في إشارة إلى التقاليد التي تحد من حرية
المرأة.
إلا أن هبة عفيفي تنزل الشوارع المصرية بلا خوف لتغطية الأحداث
لجريدتها مستخدمة في الوقت ذاته وسائل الاتصال الحديثة مثل موقع فيسبوك
وتويتر. في فيلم "كلمات شاهدة"
Words of Witness
ترافق كاميرا المخرجة الشابة مي اسكندر، هبة عفيفي داخل وخارج المنزل، في
مكتبها، في الشوارع خلال تغطيتها لفترة ما بعد تنحي الرئيس المخلوع حسني
مبارك. ولعل من أهم الأحداث التي رصدتها الكاميرا كانت ليلة دخول جموع
المصريين مبنى أمن الدولة.
الفيلم الذي تميز بالشفافية الشديدة، نظرا لأنه يعد فيلما وثائقيا
يخلو من أي نوع من أنواع الدرما أو الوسائل المستخدمة في الأفلام الروائية
العادية، ويلقى الضوء على دور المرأة المصرية منذ بداية ثورة 25 يناير.
ويظهر الأحداث التي مرت بها مصر منذ سقوط مبارك. أحداث مثل: الاستفتاء على
التعديلات الدستورية، والانتخابات البرلمانية، وعلاقة الجيش بالشعب، مرورا
بـ"واقعة الفتاة" التي تم تعريتها من قبل أفراد من الجيش المصري والتي
تصدرت صورتها الصحف العالمية.
المرأة المصرية وثورة 25 يناير
في حديث خاص لموقع دي دبيلو"DW"
تقول المخرجة الشابة مي إسكندر أنها قررت إخراج هذا الفيلم لأنها اهتمت
بعمل فيلم حول المرأة المصرية بعد انتهائها من فيلمها السابق "أحلام
القمامة" أو "Garbage Dreams"
والذي حين عرضته، في الولايات المتحدة وأوربا، لاحظت اهتمام الجمهور بمعرفة
كيف تعيش المرأة وكيف هي حياتها في الشرق الأوسط. وحين بدأت الثورة
المصرية، وجدت مي إسكندر، أنها فرصة جيدة لتسليط الضوء على المرأة المصرية
خلال هذه الفترة بالتحديد. فتوجهت إلى مصر والتقت ببعض النساء هناك، مثل
هبه عفيفي التي لفتت نظرها بشخصيتها وحبها لعملها وثقتها بنفسها.
ضيفة البرليناله أنجلينا جولي في ساراييفو مع فيلمها
الفيلم ركز أيضا على والدة الصحفية هبه عفيفي، التي هي ما بين نارين:
بين نار الأحداث التي تمر بها البلاد وعلى الجانب الآخر خوف الأم على
ابنتها نظرا لغياب الأمن في البلاد. وفي هذا الصدد تقول الأم في حديث خاص
لموقعنا إنه قبل ثورة 25 يناير، لم يكن لها أية اتجاهات أو اهتمامات
سياسية. ونحن كمجتمع كنا قد فقدنا انتمائنا للبلد، وحين بدأت الثورة أخرجت
مشاعر وطنية كانت داخلنا، كانت كامنة منذ سنوات. وتشرح لنا الأم أن ابنتها
هبه في هذا الوقت كانت قد بدأت عملها الصحفي، ولم يكن بإمكانها منعها من
القيام بهذا العمل نظرا لأنها كانت تعرف أنها لن تقبل رفض الوالدة لعملها
هذا، لأنها تعرف وتصر على فعل ما تريده، "كما أن واجبي كان يمنعني من منعها
من القيام بهذا العمل". وتعبر الأم عن إحساسها الذي كان يعذبها كل يوم
ودعوتها أن تعود إبنتها، "وحين كنت أرى مشاهد القتل والمصابين في أعينهم من
المصريين في الثورة كنت أقول لنفسي: إذا كان الله قد أراد شيئا لابنتي،
فهذا سيحدث حتى لو كانت بين أحضاني".
تغطية من موقع الحدث
هبه عفيفي لم تكتف بعملها الصحفي ومشاركتها في الأحداث السياسية
والتغيرات التي تحدث في مصر منذ سقوط حسني مبارك، بل كانت أيضا تعلم
والدتها كيف تستخدم التقنيات الحديثة، وهنا تبتسم الأم وتقول :"لم يكن لي
أي اهتمامات بالكومبيوتر، ومن علمني الفيسبوك وكل هذه التقنيات الحديثة هم
أولادي وخاصة هبه التي كانت أكثر صبرا على تعليمي". وتضيف "وبما أن
الفيسبوك كان له دور في اندلاع الثورة، هذا جعلني هذا أكثر اهتماما به.
والآن أتعلم كيفية استخدام التويتر لمتابعة ابنتي وما تكتبه فيه".
أما هبه عفيفي نفسها، التي تتسم بالهدوء الشديد ومراقبتها للأشياء،
فتشير إلى أنها ليست فقط صحفية تعمل في جريدة، بل كانت أيضا نشطة في
الشبكات الاجتماعية مثل فيسبوك وتويتر، أو ما تسميه بـ"الصحافة الشعبية"،
وتتابع "حين كنت في موقع الحدث كنت أكتب على التويتر أو فيسبوك ثم أعود إلى
مكتب الجريدة لأكتب قصتي أو موضوعي للنشر".
دويتشه فيله في
15/02/2012 |