حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان برلين السينمائي الدولي الثاني والستون

«الشرق الأوسط» في مهرجان برلين السينمائي الدولي - 10

جوائز برلين عكست الخبرة وقبول الجديد معا

برلين: محمد رُضا

كالعادة تحلّق الكثيرون حول النتائج التي أعلنت مساء يوم السبت لكن حتى من قبل الوصول إلى نهاية الدورة الثانية والستين، وبل من بعد أيام على بدء المهرجان، كان هناك من يسعى للجزم بأن الفيلم الذي أعجبه هو الذي سينال الجائزة الأولى، في حين أن ما يعجبه قد لا يعجب لجنة التحكيم أو رئيسها مايك لي. كذلك غاب عنه أن الكثير من الأفلام التي وجدناها تستحق لم تنل الجائزة الأولى في أي من المهرجانات الرئيسية.

لقد عرض المهرجان ثمانية عشر فيلما في مسابقته. كثير منها استحق العرض داخل المسابقة، وكان هناك بعض الأفلام التي عرضت خارج نطاق التنافس، تستحق العرض داخل ذلك النطاق. المواضيع تنوّعت: من الموضوع الأسري في الفيلم الألماني «بيت عطلة نهاية الأسبوع» لهانز كرستيان شميد، إلى الموضوع المُلقى على خلفية سياسية مثل «مخطوفون» للفلبّيني برلانتي مندوزا. من ذلك الذي يُقدّر لحكمة إخراجه، كما لدى شيخي السينما الإيطالية الأخوين تافياني في فيلمهما الناصع «سيزار يجب أن يموت» إلى ذلك الذي يُقّدر لجماله وهدوء انسيابه كالفيلم اليوناني «متيورا» لسبيروس ستاتوبولوس. ثم بالطبع كانت هناك بعض الأفلام التي حملت أسماء كبيرة سقطت، مثل زانغ ييمو، وأخرى شابّة لمعت كالفرنسي التشادي آلان غوميز (اليوم) والبرتغالي ميغويل غوميز (تابو).

إذا ما كان كل ذلك وسواه طبيعيا ولا بد من حدوثه، فإنه بات من غير الطبيعي مقارنة ما تحمله جائزة برلين من معان وأهمية بجوائز المهرجانات العربية. وكما ذكرنا هنا ذات مرّة، المهرجان، مثل برلين أو فنيسيا كان الذي يطلق أفلامه الفائزة باتجاه المسابقات الكبرى (من الغولدن غلوب والبافتا والفيلم الأوروبي وصولا إلى الأوسكار) ليس كمعظم المهرجانات (عربية وغير عربية) التي لا تعني جوائزها سوى القدر المحدود من الفائدة (مادية آنية في معظم الحالات).

الساعات الأخيرة قبل صدور حكم لجنة التحكيم كانت مطبقة. صامتة. الترقّب كان في أوجه، على عكس مهرجاناتنا حيث تتسرّب النتائج قبل إعلانها فيتم القضاء على المفاجأة التي هي أهم عناصر تلك اللحظة الأخيرة. في برلين ذروة مقصودة وعندنا القصد هو الأذى.

بالتالي، كانت التوقّعات في برلين متضاربة في دورة لم تشهد تميّزا من أي نوع، بل جملة من الأفلام ذات الغالبية المتشابهة والمتوازنة. فجأة، مع إعلان اسم الفيلم الفائز بالجائزة الكبرى، في نهاية الساعة الاحتفالية المخصصة لتوزيع الجوائز، صار لدينا رابحون وخاسرون.

الجائزة الكبرى ذهبت بالفعل لمن يستحق: «قيصر يجب أن يموت» للأخوين الإيطاليين باولو ويتوريو تاياني، حاز الدب الذهبي وجائزة أفضل فيلم مستقل في الوقت ذاته. وصعد تلك المنصّة الشقيقان المعمّران (يتوريو في الثانية والثمانين وباولو يصغره بعامين) وعلى وجهيهما سعادة ظاهرة وقدر كبير من التواضع والامتنان. الفيلم يتحدّث عن نزلاء أحد السجون الأكثر مناعة وهم يتدرّبون، ثم يقومون بتمثيل مسرحية «جوليو سيزار»، وكيف تتغيّر حياة بعضهم تبعا لهذه الفرصة التي لم يتوقّعها أي منهم. «الريح فقط» لبنس فلايغوف (وهو إنتاج مشترك بين المجر وألمانيا وفرنسا) هو أحد الأفلام التي عكست مشاكل اجتماعية حاضرة وقد فاز الفيلم بالجائزة الثانية (الجائزة الكبرى للجنة التحكيم). حكايته المسرودة بصدق وبمستوى فني جيّد مستوحاة من أحداث حقيقية وقعت في هنغاريا وذهب ضحيّتها ثمانية غجريين وذلك لأسباب محض عنصرية. هذه الجائزة الثانية كانت محض منافسة الفيلم الألماني «باربرا» لكريستيان بتزولد. في الحقيقة، ذهبت بعض التوقّعات لتغليب احتمال فوزه بالدب الذهبي الذي ذهب للأخوين تاياني، لكن لجنة التحكيم التي رأسها المخرج البريطاني مايك لي منحته جائزة أفضل مخرج. وعلى الرغم من الحساسية العالية التي أبدتها بطلة الفيلم نينا هوس لاعبة شخصية ممرّضة تخطط للهرب من ألمانيا الشرقية (في أحد أعوام ما قبل انهيار النظام الشيوعي) فإن جائزة أفضل ممثلة تجاوزتها إلى الممثلة الأفريقية راتشل موانزا عن دورها في «ساحرة الحرب» لكيم غيووَن. أما المقابل الذكوري لها فكانت من نصيب ميكيل بو فولسغارد في فيلم «علاقة ملكية» وهو إنتاج تشيكي دنماركي من إخراج نيكولاي أرسل.

هذا الفيلم الذي لم يرتفع كثيرا عن حس المسلسلات التلفزيونية، فاز أيضا بجائزة أفضل سيناريو، بينما ذهبت جائزة أفضل إنجاز تقنية للوتز رايتماير، وهو مدير تصوير الفيلم الصيني «سهل الغزال الأبيض».

هذه هي الجوائز الرئيسية (وهناك سواها في أقسام مساندة) لكن الواضح أن التحكيم فضّل الخبرة في المركز الأول من نتائجه ثم وزّع الجوائز الأخرى على المواهب الجديدة. هذا إلى حد بعيد لم يكن خيارا جاهزا، نظرا لأن معظم المشتركين في مسابقة الدورة المنجزة كانوا من الجدد أو شبه الجدد في عالم السينما.

الاشتراك الصيني: حروب بهلوانية

* كما لو أن المهرجان كان بحاجة إلى زيادة شعبيّته، أو كما لو أن الخلط بين الفن والتكنولوجيا جائز، قام مهرجان برلين السينمائي بعرض فيلم من تلك التي تنتجها الصين حول أبطال «يتشعلقون» بالهواء، بل ويتجمّدون بين السماء والأرض، بلا حراك، مبرهنين على أن الجاذبية ليست سوى نظرية لا مكان لها فوق أرض الصين وفي زمن فنون القتال حيث يتشقلب المتبارزون وينتقلون من موقع إلى آخر بمجرد الرغبة في التحرّك في الاتجاه المرغوب. طبعا هناك حبال ربطتهم من تحت آباطهم، لكن هذا لم يكن المفترض ظهوره، أو حتى تخمينه.

«السيوف الطائرة عند بوابة التنّين» يصرخ العنوان، ويمضي الفيلم بالأبعاد الثلاثة: العرض لكي يوسع إطار استعراضه، والارتفاع، لكي يتيح للممثل كامل هيئته، والعمق لكي يبدو رأس الممثل الأقرب إلى الكاميرا كما لو كان رأس المشاهد الجالس أمامك. من حسن الحظ أنه لم يتلق ضربات السيوف بالخطأ. الأحداث بالطبع تقع في الزمن الغابر. هنا في عهد حكم سلالة مينغ. الفساد، يخبرنا الفيلم، مطبّق؛ لكن جت لي سيحرر البلاد منه عبر سلسلة من المبارزات البهلوانية مع عتاة المجرمين الذين يريدون نهب ثروة الناس البسطاء. لكن العنصر الذي يُضيف زادا إلى هذا الصراع وجود ذهب تحت الأرض ومحاولة الأشرار نهبه. طبعا لا مجال لذلك طالما أن جت لي وجماعته وبعض مبارزي منغوليا الأشدّاء في المواجهة. بعد ساعتين من العرض يتأكد لمن ارتاب لمن الغلبة.

النظّارات الملوّنة حاضرة لكي تشاهد بأم العين وعن كثب ذلك العبوس كلّما التقى الأشدّاء في مواجهتهم القتالية، لكن ما يوفّره الفيلم، لجانب خزعبلاته، هو رغبة البعض الانسياق في الخلط بين ما هو فن وما هو تكنيك. يكفي أنه عند تحقيق فيلم بالأبعاد الثلاثة فإن اختيار موقع الكاميرا لا يعد اختيارا تفرضه الحاجة والموهبة ولكنه قرار هندسي بحت، وذلك لإضفاء ذلك البعد الثالث. ما هو أسوأ من ذلك، أو يوازيه سوءا على الأقل، هو أن الفيلم، كما أخرجه تسوي هارك، يلوك الكثير من الحوارات بين مشاهد القتال، والتصوير (من تشوي شانغ فاي) باهت الألوان. جزء من ذلك يعود إلى أن المنطقة التي يدور فيها تصوير العديد من المشاهد الصحراوية، لكن الصحراء لعبت الدور الأول في «لورنس العرب» ولم تكن صورته باهتة على الإطلاق. الأفدح في كل ذلك أن الفيلم في المسابقة. هل رأيت مايك لي وهو يستقيل احتجاجا؟ لا، لكني واثق من أنه أغمض عينيه وتمنّى لو كان في مكان آخر.

أفضل منه بمراحل كثيرة وأصدق وتيرة، فيلم وانغ كوانان «سهل الغزال الأبيض»: هو أيضا دراما تاريخية لكن بسيوف تبقى على الأرض. حكايته تأخذ شكلا ملحميا تستحقّه وقصّته تبحث فيما آل إليه عدد من شخصيات قرية ما بين 1910 و1937.

وانغ كوانان كان قد نال ذهبية برلين سنة 2007 عن فيلمه السابق «عرس تويا» الذي دار في مقاطعة منغوليا والذي كان قد كتبه بنفسه. هذه المرّة اشتغل على رواية تاريخية لتشن جونغشي (نشرت سنة 1993) تدور حول عائلتين في منطقة زراعية عاشتا في سلام إلى أن دخلت بينهما امرأة من مقاطعة أخرى سرعان ما وقع في أسر جمالها ابن أحدهما بعد موت زوجها. حينما يتحوّل الزوج الجديد إلى طريد القانون، يحاول أكثر من رجل الوصول إليها ومعاشرتها وأكثر من رجل ينجح لكن مع نتائج تضع حدّا للألفة والوئام السابقين بين العائلتين.

يفتتح الفيلم على تلك السهوب المزروعة قمحا وعلى ثلاثة أولاد يلعبون هم من سيكبرون أمام أعيننا لتدور الحكاية حول صراعاتهم المقبلة. المرء حين يراجع في البال ما شاهده سيتذكر أن هذه المشاهد الأولى هي الوحيدة التي تعكس سعادة، بينما يغرق باقي الفيلم في مشاكل عاطفية كما تقدّم تُضاف إليها أوضاع معيشية واقتصادية صعبة («الطاعون جاء وراء المجاعة» يقول أحدهم). ما آلت إليه كل شخصية هو أمر محزن، لكن تلك البداية المرحة تلعب دور الإيحاء بأن تلك كانت آخر مرّة نال الصينيون حظّهم من المرح والسعادة قبل تولّي الحكم الشيوعي أمر البلاد. في هذا الإطار لا يتعرّض الفيلم للشيوعية، لكنه يعرض بعد فساد مديري المقاطعات والمسؤولين في ذلك الزمن الغابر.

هناك بعض العنف والجنس في هذا الفيلم لكن لا شيء لغاية الاستعراض بل للضرورة، وهو يترك في النفس مرارة نظرا لأن شخصياته تثير التعاطف بصرف النظر عن أفعال معظمها. لا يمكن، مثلا، إلا الإحساس بمدى الضيم الذي تعاني منه المرأة والحب الجارف الذي يوجّه بعض الراغبين بها. المخرج يأخذنا في رحلة ملحمية داكنة تذكّرنا بفيلم برناردو برتولوتشي «1990» الذي تحدّث أيضا عن عائلتين في مطلع القرن الماضي تحت وشاح النزاع بين الفاشية والشيوعية في إيطاليا آنذاك.

فيلم كوانان ينتهي حيث بدأ الفيلم الصيني الثالث في المهرجان «زهور الحرب»، ذلك الفيلم المتهالك لزانغ ييمو الذي نقلنا وقائعه في تقرير سابق. لكن في حين يوظّف ييمو الغزو الياباني الذي بدأ آنذاك لكي يقسّم العالم إلى أخيار مطلقين وأشرار خالصين، فإن كوانان يكتفي بغارة جويّة قاصفة إيذانا بأن مرحلة جديدة في حياة الصين والصينيين بدأت حينها.

الشرق الأوسط في

20/02/2012

 

«قيصر» تافياني متوَّجاً في «بـرلين»

زياد عبد الله / برلين 

أسدل «مهرجان برلين السينمائي الدولي» ستاره مع تتويج الأخوين المخضرمين بالجائزة الكبرى. باستثناء «الدب الذهبي»، أدّت تيمات الأفلام دوراً أساسياً في خيارات لجنة التحكيم على حساب أعمال لافتة، أوّلها «دير» سبيروس ستاثولوبولوس

انتصرت المؤامرة و«قيصر يجب أن يموت» على يد الأخوين الإيطاليين باولو وفيتوريو تافياني اللذين توِّجا بـ«الدب الذهبي» في الدورة الـ62 من «مهرجان برلين السينمائي الدولي». المهرجان الذي اختُتم أمس، قابل وفاء بينسي فليغوف للأسلوبية الهنغارية في فيلمه «مجرّد رياح»، بجائزة «الدب الفضي» (جائزة لجنة التحكيم). وكانت جائزة أفضل مخرج من نصيب الألماني كريستيان بيتزولد عن فيلمه «باربرا».

ما من مفاجآت في الجوائز باستثناء استبعاد فيلم اليوناني سبيروس ستاثولوبولوس Meteora (دير) الذي كان وحده قادراً على منافسة الأخوين تافياني. لكن خيارات مايك لي ولجنة التحكيم مضت نحو انتصار لما صنعه الأخوين تافياني اللذين اشتهرا بفنّهما الملتزم الذي يمثّل مرآة للواقع الاجتماعي في بلدهما (راجع المقال أدناه). علماً بأنّهما فازا مرتين بسعفة «كان» الذهبية في عامي 1976 و1982. أما باقي الجوائز، فكانت من نصيب الأفلام ذات المضمون السياسي والتاريخي.

فيلم «مجرد رياح» سيكون وفيّاً للسينما الهنغارية التي قد تكون الأولى في ترسيخ مزج الوثائقي بالروائي. في هذا السياق يندرج «مجرد رياح» الذي يتتبع تفاصيل من الحياة اليومية، وصولاً إلى نهاية تراجيدية يدفعنا الشريط إلى توقّعها منذ البداية؛ إذ يوثق على طريقته حوادث عنف اندلعت في هنغاريا بين 2007 و 2008 واستهدفت الغجر، لكنّ الفيلم يؤكد منذ البداية أنّه ليس وثائقياً.

يضعنا الشريط حيال ما يمكن السينما الروائية أن تفعله إزاء أحداث غير بعيدة، فيما الأجواء التي ينسجها تتضافر لتشكيل أجواء جحيمية لبشر ينتظرون موتهم. نبدأ مع استيقاظ الأم وذهابها إلى عملها ثم الابن والابنة. يبقى الابن ملتقى جماليات الفيلم، فهو طوال الوقت عاري الصدر، يقع على جثة خنزير في الغابة، فيدفنها. وعندما نصل إلى النهاية، فإنّ الابن هو الوحيد الذي يركض خارج البيت، لنقع على ثلاث جثث يجري إعدادها للدفن: الأم والابنة والجد. بينما يبقى مصير الابن غائماً. حين يطلق عليه الرصاص وهو يهرب، لا نرى إن كانت الرصاصة قد أصابته أو لا.

التمركز على حدث واحد، سيكون حاضراً أيضاً في فيلم «باربرا» الذي سيتمثّل في هرب الطبيبة باربرا (نينا هوس) من ألمانيا الشرقية إلى الغربية. يُبنى الشريط على علاقتها بأندريه (رونالد زرفلد) ومريضة تجد في باربرا خلاصها. وتكون النهاية انقلاباً درامياً يتخذ شرعيته من كل ما تعيشه الطبيبة في القرية. إذ تمسي كل استعدادات باربرا للهرب إلى ألمانيا الغربية وملاقاة عشيقها هناك تمهيداً لتخليها عن كل شيء في النهاية.

جائزة «الفريد باور» مؤسّس مهرجان برلين كانت من نصيب فيلم «تابو» للبرتغالي ميغيل غوميز. قدّم الشريط تنويعات سردية كثيرة، راوياً قصة أورورا. الفيلم بالأبيض والأسود ينتمي في جزء كبير منه إلى السينما الصامتة. لكن الجزء الصامت يترافق مع صوت معلّق (فويس أوفر)، وقد تحضر بعض المؤثرات الصوتية التي لا تشمل كل ما نراه، كأن نسمع هدير شلال ماء من دون أن نسمع أي شيء آخر. العناصر الصوتية تبقى صامتة عدا عنصر واحد يجده المخرج ملائماً فيظهره.

جائزة أفضل سيناريو كانت من نصيب فيلم الدنماركي نيكولا آرسل «علاقة ملكية»، إضافة إلى جائزة أفضل ممثل لميكيل بو فولسغارد عن تجسيده شخصية الملك الدنماركي كريستيان الذي سرعان ما يصبح لعبة في يد طبيبه التنويري الذي يمرّر ـــــ بفضل علاقته القوية بالملك ـــــ قوانين تحررية كمنع الرقابة وتعزيز حرية التعبير والأفكار التي تبنتها الثورة الفرنسية. لكن نقطة ضعفه ستكون عشقه للملكة كارولين. جائزة أفضل ممثلة كانت من نصيب راشيل موانزا عن دورها في فيلم كيم نغوين «ساحرة الحرب». هنا، يتعامل المخرج الكندي مع الحروب الأهلية الأفريقية في سياق جمالي خاص يتركز على كومونا التي تمسي ساحرة الفصيل الذي يخطفها. بعد أن تشرب من حليب الأشجار، تكسب قدرات خارقة، بما فيها رؤية أشباح كل من قضوا في تلك الحرب عبر تتبع مصير الشاب الوحيد الذي تحبه، ومخاضها في قارب في النهر وغير ذلك من عتاد جمالي يروّض القسوة والوحشية التي تحيط بها من كل جانب. سنكون حيال واحد من أجمل الأفلام التي تناولت الحروب الأهلية في القارة السمراء.

جائزة أفضل تصوير كانت من نصيب الفيلم الملحمي «وادي الغزال الأبيض» للصيني وانغ كانان الذي يؤرخ لصين ما قبل الثورة الشيوعية من خلال امرأة وعلاقات الحب التي تتشابك عندها، والإضاءة على المجتمع القبلي والإقطاعي الذي كانت الصين ترزح تحته، وبدايات تشكل النقابات الفلاحية تحت عباءة الحزب الشيوعي. وكل ذلك يأتي في سياق قصة ملأى بالانعطافات الدرامية، والحروب والمجاعات وكميات كبيرة من الظلم تنتهي مع الغزو الياباني للصين.

التيمة أولاً

باستثناء جائزة «الدب الذهبي» رأى النقاد أنّ نتائج الدورة الـ62 من «البرليناله» جاءت مخيّبة للآمال؛ إذ مالت لجنة التحكيم التي يرأسها مايك لي (الصورة) إلى الأفلام ذات المضمون السياسي والتاريخي، فيما تراجع الاهتمام بالأعمال التي تحمل نفساً ابتكارياً وإبداعياً مثل «تابو» (جائزة ألفريد باور) لميغيل غوميز و«الأخت» (جائزة خاصة) لأورسولا ماير اللذين حظيا بـ«فتات» الجوائز.

الأخبار اللبنانية في

20/02/2012

 

حوارية مدهشة بين المسرح والسينما

زياد عبد الله  

الشاشة ملونة فقط حين نشاهد خشبة المسرح. هذه هي بداية فيلم الأخوين تافياني «قيصر يجب أن يموت» ونحن نرى بروتوس عاجزاً عن الانتحار يسأل المحيطين به أن يقتلوه إلى أن يضع السيف في يد الخادم ويعانقه لينغرز فيه. تبتعد بعدها الكاميرا لنرى أنّ ما نشاهده يدور على خشبة المسرح. بعد ذلك، سنجد رجال الشرطة قد أحاطوا المسرح، ورافقوا الممثلين إلى حافلة السجن. هنا سيصبح الفيلم بالأبيض والأسود حتى النهاية عندما يُختتم بالعودة إلى خشبة المسرح فيعود ملوّناً مرة أخرى.

سنعرف أنّ الممثلين ليسوا سوى سجناء، وسيعود الفيلم ستة أشهر إلى الوراء ليرينا «بروفات» المسرحية، وسيكون الاستثمار في السجن حيث التنويع بين «البروفا» والأداء. سيجد الأخوان تافياني معبراً لتقديم هذا العمل المسرحي وفق رؤية متصلة بالواقع الإيطالي يجد معادل الشخصيات الرومانية التاريخية والشكسبيرية كقيصر وبروتوس لدى رجال العصابات، وتحديداً المافيا الإيطالية. جميع مؤدي شخصيات مسرحية شكسبير «يوليوس قيصر» هم من أعضاء المافيا الإيطالية الذين تلتقي تجاربهم الواقعية بالشخصيات التي يجسدونها. وفي سياق متصل، يصرّ مخرج المسرحية على ألا يستخدم السجناء اللغة الإيطالية الفصحى أو المعادل الإيطالي للغة الشكسبيرية، بل يريدهم أن يستخدموا لهجتهم. تتحول الجزالة اللغوية الشكسبيرية إلى تنويع في اللهجات بين نابولي وتورينو والمدن الإيطالية. وينتقل الفيلم إلى التنويع في مواقع التصوير التي لن تتعدّى أسوار سجن «ريبيبيا». سيكون هناك تشظٍّ للحوار وتحريف للوحدات المسرحية الثلاث. قد يعجز كوسيمو ريغا وهو يجسد شخصية كاسيوس عن إكمال الحوار لأنه متصل بما تعرّض له شخصياً، مستعيداً ذلك عبر أسطر شكسبير، بينما لن تكون الأزياء ثياب ملوك وأباطرة رومان، بل إنّ الشخصيات قد تضع سيفاً في الجينز. قيصر أيضاً يرتدي «تي شيرت» أبيض بينما يرتدي ماركوس أنطونيوس تي شيرت أسود. حصيلة ما تقدم معالجة سينمائية مدهشة لمسرحية شكسبير، وبناء نقطة التقاء حصيفة بين السينما والمسرح من دون أن يطغى أحدهما على الآخر. تتحول ساحة السجن إلى ما يشبه المدرجات الرومانية من دون تعديل على تلك الساحة، عدا صراخ السجناء من زنزانتهم منددين بقتل يوليوس قيصر. ستكون الأسوار المحاصرة بالشباك، مكاناً مثالياً لنسج خيوط المؤامرة. ستتماهى الشخصيات الشكسبيرية مع السجناء، فالسمات المسرحية للشخصيات ليست إلا السمات الواقعية للسجناء الذين لن يكونوا إلا ضحايا خيانات ومؤامرات ووشايات نالت منهم وأودعتهم وراء القضبان.

الأخبار اللبنانية في

20/02/2012

 

في ختام مهرجان برلين اليوم

فيلم الافتتاح الفرنسي وداعا مليكتي يطابق ثورات الربيع العربي

يقدمها‏:‏ سعيد عبد الغني 

تسببت الأمطار الثلجية والبرودة الشديدة التي واجهت نهاية فعاليات مهرجان برلين السينمائي الدولي في دورته رقم‏62‏ في إحداث ارتباك شديد في مسار فعاليات المهرجان‏.. ومنعت هذه الظروف نجوم ونجمات المهرجان من الوقوف امام كاميرات التصوير في الهواء الطلق‏..‏ وعلي البساط الاحمر‏..‏ وكانت رسالة المهرجان وشعاراته التغيير وخدمة المجتمع والحفاظ علي البيئة‏..‏ واستعانت ادارة المهرجان بلمبات اضاءة خاصة لتوفير الاضاءة المبهرة علي البساط الاحمر‏..‏ وتوفير سيارات كهربائية لتحركات النجوم والنجمات ووصل الامر الي التقشف وعدم التبذير في احتفالات المهرجانات من خلال المطبخ الذي يقوم بخدمة توفير الطعام للضيوف وإعتماده علي تقديم قليل من اللحوم‏..‏ وغيرها من الاصناف القليلة التي توفر العناصر الغذائية المتكاملة للجسم‏!!‏وكان حفل الختام رسالة للحفاظ علي حقوق الانسان في العالم‏..‏ وعدم التبذير والمبالغات الزائدة في تكاليف حفلات المهرجانات السينمائية‏..‏ لمواجهة الازمات الاقتصادية التي تواجه العالم‏..‏ درس‏..‏ ورسالة مهمة للمهرجانات‏.‏

ومن اهم افلام المهرجان المرشحة للدب الذهبي‏..‏ الفيلم الصيني غزال أبيض للمخرج وانج كوانات‏..‏ وهو مقتبس عن قصة صينية حول كفاح عائلات المزارعين‏..‏ لحماية ارضهم وزراعتهم‏..‏ قبل ظهور الشيوعية‏..‏ والمخرج سبق فوزه بالدب الذهبي عام‏2007‏ عن فيلمه زواج نويا عن قصة حب بين امرأة وزوجها في الريف الصيني‏.‏

‏*‏ وتنافس السينما الألمانية علي جائزة الدب الذهبي‏..‏ بفيلم باربارا الذي تدور احداثه في فترة السبعينات في المانيا الشرقية حول طبيبة يتم نقلها في الريف لتعمل هناك ونقلها جاء بشكل ظالم‏..‏ وأثناء عملها ترتبط برجل احبها وأحبته‏..‏ ويقرر مساعدتها علي الهروب‏!!‏ والفيلم اخراج كريستيان بيتزولد‏.‏

‏*‏ والفيلم الذي تنافس به المجر‏..‏ فيلم مجرد رياح للمخرج بينيس فيلجوف‏..‏ ويدور حول عدة جرائم قتل حدثت في المجر عامي‏2008‏ و‏2009‏

‏*‏ وتنافس الفلبيني بفيلم أسير للمخرج الفلبين بريلانت ميندوزا‏..‏ ويتعرض الفيلم لعملية خطف لشخصية تعمل في جمعيات الاغاثة الانسانية‏..‏ ويتم خطفها من جماعه إسلامية‏..!!‏

‏*‏ وتشترك السينما الامريكية في المنافسة علي جائزة الدب الذهبي‏..‏ بفيلم سيارة جاين مانسيفيلد وهو من اخراج بيلي بوب ثورنتون‏..‏ الممثل الذي احترف الاخراج ايضا‏..‏ وتدور احداث الفيلم ايام حرب فيتنام‏..‏ ويقوم المخرج بالاشتراك في بطولة الفيلم مع النجوم كيفين باكوم‏..‏ وروبرت دوفال‏!!‏

‏*‏ السينما الدنماركية تشارك في المسابقة الرسمية بفيلم شئون ملكية وتدور احداث الفيلم حول ملكة في القرن الثامن عشر تقع في حب الطبيب النفسي الذي يعالج زوجها المريض العقلي‏..‏

ومن الافلام المهمة التي قدمها المهرجان فيلم الافتتاح‏..‏ وداعا مليكتي وهو للمخرج الفرنسي بينوا جاكو‏..‏ وتدور احداثه التاريخية مع بداية الثورة الفرنسية‏..‏ ومصير الملكية الفرنسية في احداث الثورة الفرنسية‏..‏ وأعلن وزير الثقافة الالماني‏..‏ ان فيلم وداعا مليكتي يشير في مضمونه إلي مطابقته لثورات الربيع العربي‏..‏ وحقوق الانسان‏..‏ واظهر نهاية الملكة الفرنسية‏..‏ ماري انطوانيت‏!‏

وعرض خارج المسابقة الرسمية مجموعة افلام تاريخية هامة منها فيلم راقص الظل وغيره من الأفلام التاريخية‏!‏

واليوم تعلن جوائز مهرجان برلين السينمائي الدولي‏..‏ في ختام فعاليات دورته رقم‏62‏ وتنتظر قلوب النجوم‏..‏ والنجمات مفاجآت الدب الذهبي ومن يفوز بها يرأس لجنة تحكيم المسابقة الرسمية المخرج البريطاني مايك لي‏.‏

الأهرام المسائي في

19/02/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)