حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان كان السينمائي الدولي الخامس والستون

مخرج العمل أكد أنه يرفض عرضه في تل أبيب

"بعد الموقعة".. فخ إسرائيلي يواجه ممثل الثورة المصرية في "كان"

 (طارق الشناوي - mbc.net)

إسرائيل ومهرجان "كانوالثورة المصرية والعمل الفني، أمامك أربعة مؤثرات وأنت تشاهد "بعد الموقعةأولًا تلك الدعاية الإسرائيلية التي تؤكد على أن الفيلم في طريقه للعرض في "تل أبيب".. بينما المخرج "يسرى نصر اللهيؤكد أن الشركة الفرنسية المشاركة في إنتاج الفيلم لا تملك من الناحية الشرعية عرضه في إسرائيل بدون موافقة الجانب المصري، وأنه بعدما حدث لأستاذه المخرج "يوسف شاهينقبل 18عامًا عندما عرض فيلمه "المهاجررغمًا عنه في إسرائيل ولم يكن يملك أي حق قانوني في منع العرض بات حريصًا في كل تعاقداته مع أي شركة إنتاج أجنبية أن يشترط على حق الجانب المصري في عرض أو عدم عرض الفيلم في إسرائيل.

المنتج الفرنسي "جورج مارك بناموالمشارك في إنتاج "بعد الموقعةمعروف في فرنسا بتوجهه الصهيوني.. ليس أمامنا سوى أن نصدق أن المخرج "يسرى نصر اللهتعامل معه كصاحب رأسمال ولم يعنيه في الأمر مواقفه السياسية، أو كما يقول لم يتأكد أبدًا من أن لديه توجهات ضد العرب، كما أن الأهم من ذلك هو حرصه على الـتأكيد بأنه لا يمكن أن يسمح بعرض الفيلم في إسرائيل قالها في المؤتمر الصحفي الذي عقد ظهر يوم 17 مايو فى "كانعندما سأله أحد الصحفيين الإسرائيليين عن حقيقة عرض فيلمه هناك أنكر "يسرىتمامًا، وقال إنه يرفض ذلك وصفق الحاضرون وأغلبهم من العرب وغادر الصحفي الإسرائيلي ومعه عدد من المتعاطفين معه بالقاعة احتجاجًا على هذا هو الموقف.

فرحتنا بعرض الفيلم داخل المسابقة الرسمية شيء ومستوى الفيلم شيء آخر تمامًا لا تستطيع سوى أن تتأمل هذا الفيلم بصريًا وفكريًا، إنها الثورة المصرية بعين "يسري نصر الله".. أتذكر مساء 25 يناير 2011 التقيته في ميدان التحرير ولم يكن لدى أحد بالتأكيد إحساس أن هذه هي الثورة التي ستطيح بالطاغية، ولكن من المؤكد أنه كان هناك يقين بأن مصر قد تغيرت.

"يسريشارك في الثورة كمصري أولًا ولكن عينه كسينمائي احتفظت لا شعوريا بقدرتها على الالتقاط حيث شارك في العام الماضي بإخراج واحد من تلك الأفلام العشرة الروائية القصيرة تحت عنوان "18 يومالتي شاركت في احتفال مهرجان "كان"بالثورة المصرية، وبالمناسبة كانت في معظمها تخلو من اللمحة الإبداعية وبينها فيلم "نصر الله".

كنت أرى بعضها أشبه بتسجيل للحضور في الثورة والشعبطة على أكتاف "كانوهكذا جاءت النتائج على المستوى الإبداعي هزيلة.. هذه المرة الرؤية أكثر هدوءًا، الهدف هو السينما وليس فقط الثورة، السينما كما يريدها "يسريوبعيونه وإحساسه.. الثورة تحتاج إلى فترة زمنية قبل أن نشرع في تناولها مقولة صحيحة لأن هناك أسرارا لا تزال تحت السطح وحقائق سنكتشف بعد مرور زمن أنها لم تكن حقائق، ولكن من حق السينمائي أن يقتنص لمحة محددة ويقدمها في عمل فني، وهذا هو ما فعله "نصر الله".

اختار المخرج واقعة الجمل التي كانت هي الخط الفاصل للثورة كان مبارك قبلها بأقل من 24 ساعة قد ألقى الخطبة التي قال فيها سأدفن على أرضها لاستعطاف مشاعر المصريين، وجاءت موقعة الجمل لتؤكد كم كان مراوغًا.

"نصر اللهاختار بطل الفيلم أحد الخيالة الذي تحول إلى بلطجي "باسم سمرةذهب إلى ميدان التحرير وتلقى علقة ساخنة هناك.. هل ذهب بعد أن استبد به الغضب مدافعًا عن أكل عيشه أم أنه كان عميلًا لأعداء الثورة.. الفيلم يتعاطف معه ولكنه في نفس الوقت لا يتعاطف مع موقفه.. يصل في لحظات إلى حدود تبرئته من الإدانة فهو كان يدافع عن مصدر رزقه، ولكنه سرعان ما يكتشف كم هو يروج لما كان يردده أعداء الثورة فيسارع بتأكيد الإدانة!.

لا أحد من الممكن أن يصدق أن هؤلاء تحركوا من نزلة السمان حتى ميدان التحرير بدون أن يخطط ويدفع لهم أيضًا مقابل مجزٍ لإجهاض الثورة.. السيناريو يقدم لنا "منة شلبيالناشطة السياسية التي كانت واحدة من الثوار وتذهب إلى نزلة السمان وتشعر بانجذاب إلى "باسمولا أدرى لماذا أثقل المخرج فيلمه بتلك العلاقة العاطفية التي ظلت طوال السيناريو مثل حمل ثقيل المخرج غير قادر على التعامل معه لا دراميًا أو فكريًا علاقة تذكرنا ببعض الحكايات المشابهة التي كان يحلو ليوسف شاهين أن يزرعها في أفلامه عندما يصبح الانجذاب الجنسي هو الدافع الوحيد وتسقط في سبيله كل الحواجز والحدود.. الأحداث تنتقل إلى نزلة السمان لتصبح هي المسرح الحقيقي للفكر الذي يتبناه المخرج حيث تمتد لعنة الغضب إلى حاصرت "باسم سمرةإلى ابنه الذي يتحول إلى أداة للسخرية من الطلبة في المدرسة لأنه ابن الخيال الذي تلقى علقة ساخنة في الميدان.

"باسم سمرةفي المشهد الأخير ينحاز للثورة يذهب إلى الميدان ويتلقى رصاصة قاتلة ثم نشاهده في لقطة أقرب إلى خيال يصعد إلى الهرم مؤكدًا أن الثورة في النهاية ستنتصر.

بالفيلم مزج بين الرؤية التسجيلية والدرامية نجح "نصر اللهفي الحفاظ على أن يظل حتى نجومه المحترفين أمثال "منه شلبي"و"باسم سمرةو"ناهد السباعيفي حالة من الانسيابية والطبيعية ولهذا كان يبدو "صلاح عبد اللهبأدائه الاحترافي خارج تلك المنظومة أداؤه يخدش روح الفيلم!!

الفيلم لا يقدم تأريخًا للثورة ولكنه يلتقط حالة "باسم سمرةوفي النهاية ينضم للثوار والحقيقة هي أنه لم يتغير فكريًا فهو يتوجه لميدان التحرير حماية لمنة شلبي وليس للثورة إنها حالة حب وتلك هي المشكلة التي أثقلته دراميًا وعوقته فكريًا!!

الفيلم لم يستطع أن يصل إلى طموحنا كمشاهدين ولا أتصور أن فرصه في النجاح الجماهيري عند عرضه تجاريًا في العالم العربي مواتية التقدير النقدي للفيلم يضعه في مكانة بين الضعيف والمتوسط تظلم الفيلم لو قلت إنه فنيًا ضعيف وتظلم الحقيقة لو وضعته في مكانة متوسطة ولكنه في كل الأحوال لم يحمل إبداعًا خاصًا بل أن "يسرىفي أفلام مثل "جنينة الأسماكقدم حالة سينمائية على الشاشة أفضل كثيرًا.

ما سوف يعانيه الفيلم ليس مستواه الفني ولكن هو هذا الاتهام الذي سيطوق عنقه أينما توجه فهو متهم بالعرض في إسرائيل حتى تثبت برأته!!

الـ mbc.net في

31/05/2012

 

ساعتان من السعادة السينمائية في فيلم عن انهيار الجسد وعبق الأماكن المغلقة

كان (جنوب فرنسا) – إبراهيم العريس 

أولاً أرقام بعضها قياسيّ... ثمة ميل إلى نسيانها في غمرة الأحداث السينمائية في «كان»: من بين الأحد عشر فيلماً التي حققها النمسوي ميكائيل هانيكي طوال مسيرته المهنية التي تربو الآن على الأربعين عاماً تقريباً، شاركت عشرة أفلام له في مسابقات مهرجان كان. كما ان عدد المهرجانات الدولية التي عرضت تلك الأفلام وتوّجتها بجوائزها في معظم الأحيان، يزيد عن أربعين مهرجاناً. اما مهرجان «كان» وحده، فإنه منح أفلام هانيكي جوائز عدة أهمها بالطبع سعفتان ذهبيتان أولاهما قبل ثلاثة أعوام عن تحفته «الرباط الأبيض» (2009)، والثانية قبل أيام طبعاً عن فيلمه الجديد «حب». وإلى هذا نال هانيكي من «كان» في العام 2004 جائزة أفضل إخراج عن فيلمه «مخبوء»... وطبعاً لن نواصل هنا تعداد جوائز ومشاركات احتاج ذكرها الى ثماني صفحات في الملف السينمائي لفيلم «حب». فقط سنقول ان هانيكي يبدو لنا، رقمياً على الأقل، المخرج الذي شارك في «كان» أكثر من اي مبدع سينمائي كبير آخر في تاريخ هذا المهرجان. ونحن إذا كنا نصف هانيكي بالمبدع هنا، فإن هذا لا علاقة له بالمشاركات المهرجانية بقدر ما يرتبط بسينماه نفسها... وهي السينما التي غالباً ما أخرجت المخرج من بلاده ومواضيعها النمسوية المحدودة لتطلقه مخرجاً عولمياً بامتياز... وما الفيلم الأخير، الحائز عن جدارة «السعفة الذهبية» في الدورة المنتهية لمهرجان «كان»، سوى دليل إضافي على هذا... حتى وإن كان «حب» في حد ذاته، فيلماً غير عولميّ على الإطلاق. إنه، بعد كل شيء، فيلم فرنسيّ قلباً وقالباً في ممثليه وحواراته وجغرافيته، وربما قد يقول بعضهم، في ثرثرته أيضاً... غير أن هذا لن يمنعنا من القول انه، كحال سابقه في «فيلموغرافيا» هانيكي، فيلم جرمانيّ المزاج، في جانب منه على الأقل.

لعبة الموت

هذا الجانب هو المتعلق بالموت، الموت الذي هو حبكة الفيلم وموضوعه، ظاهرياً على الأقل كما سنرى بعد قليل. ونعرف اصلاً ان الموت يشكل موضوعة أثيرة في الأفلام الجرمانية (ولا نعني الألمانية فقط بل يشمل كلامنا السينما النمسوية ايضاً)، وفي سينما هانيكي تحديداً. ولكن لئن تبدّى الموت عنيفاً في أفلام سابقة له (كما في «عازفة البيانو» أو «ألعاب مسلية» أو «الرباط الأبيض» أو حتى «مخبوء»)، ناجماً عن فعل خارجي إجراميّ، فإنه هنا، موت آخر، بالأحرى موت رحيم... له على أية حال سيرورة منطقية بنيت طوال الفيلم بإحكام بحيث يبدو هذا الموت نهاية منطقية ومنشودة لحب تجاوزت سنّه الخمسين عاماً.

حتى الآن قد يبدو هذا الكلام كله أشبه بالكلمات المتقاطعة لمن لم يشاهد الفيلم، ومن هنا لا بد من التوضيح إنما من دون الإيغال فيه الى درجة قد تكشف مسبقاً تلك «الخبطة المسرحية» التي ينتهي الفيلم عليها... حتى وإن كان المخرج – وهو نفسه كاتب القصة والسيناريو – قد كشف أوراقه الى حدّ ما منذ بداية الفيلم. إذاً، من أجل الوصول الى التوضيح لا بد من العودة الى ظروف كتابة فيلم «حب» وظروف تحقيقه. فالفيلم كتب أصلاً منذ اللحظة التي قرر فيها هانيكي ان يقنع جان لوي ترينتينيان بالعودة للوقوف امام الكاميرا بعد ابتعاد دام سنوات تلا مقتل ابنته الممثلة الشابة ماري ترينتينيان. وحين قبل النجم المعتزل والذي اربت سنّه على الثمانين، العودة الى التمثيل من جديد إكراماً لهانيكي لا أكثر – كما قال بنفسه - راح هانيكي يتخيل موضوعاً يناسبه. وهكذا ولد الفيلم المتحدث عن الأيام الأخيرة من حياة زوجين ثمانينيين، تميزت حياتهما بحب جارف تواطؤيّ جمع بينهما... وهما في الأصل مثقفان وأستاذا موسيقى متقاعدان يعيشان بهدوء ودعة في شقة باريسية أنيقة مملوءة بالكتب والأسطوانات وذكريات الحياة التي عاشاها. بالكاد يزورهما احد في الشقة باستثناء ابنتهما الستينية، إيفا (ايزابيل هوبير) التي تعيش في الخارج مع زوجها الأجنبي (قام بالدور ظاهراً في مشهد واحد، مغني الأوبرا الإنكليزي الذي كان لعب دور البطولة في فيلم عباس كياروساتمي السابق «نسخة طبق الأصل») وتلميذ المرأة العازف الكساندر. غير ان هذه العزلة لا تبدو مزعجة لزوجين يعيشان شيخوختهما على وقع الحب والذكريات... والتمتع بالسهرات الموسيقية.

وهذه «السعادة الزوجية» لن يقدمها هانيكي صافية مطلقة منذ البداية. بل إنه في مفتتح الفيلم يرينا مشهد اكتشاف البوليس لجثمان الزوجة آنا مسجى في سريرها محاطاً بالزهور... وحتى وإن كان البوليس هو من اكتشف الجثمان بعد ان أبلغه الجيران عن رائحة موت، وفي ظلّ غياب للزوج لا يبدو حتى الآن مبرراً، فإن لا شيء يوحي بموت غير عادي... ومهما يكن من أمر هنا، فإن المخرج بعد هذه المقدمة سينتقل الى حفل موسيقي سابق يحضره الزوجان ليعودا بعده الى الشقة مكتشفين ان ثمة من حاول كسر الباب لسرقتها. بيد ان هذا تفصيل لا يهم كثيراً هنا. ما يهم هو ما يحدث بعد ذلك وفي شكل تدريجيّ: سيبدأ انحدار آنا نحو المرض والموت يوماً بعد يوم. وهو واقع يتقبله الزوجان بهدوء ورضى. لكن المشكلة ستبدأ حين «يتأخر» الموت بعض الشيء ليعيش الزوجان كارثة المرض والتدهور الجثماني والعقلي لآنا... والحال ان كلّ ما يصوره الفيلم منذ تلك اللحظة وحتى النهاية، إنما هو ذلك التدهور.

العالم المغلق

أشرنا اعلاه الى ان هانيكي كتب السيناريو انطلاقاً من رغبته في العمل مع ترانتينيان، وحان الوقت كي نتحدث عن النصف الآخر من الثنائي، الممثلة الثمانينية بدورها، ايمانويل ريفا التي قامت بدور آنا... فإذا كانت ربفا تبدو اليوم شبه غائبة عن اضواء المسرح والسينما، فإن أهل الفن السابع يظلون يذكرونها من خلال دورها الأشهر في واحد من أول أفلامها، قبل نصف قرن من الآن، «هيروشيما يا حبي» لآلان رينيه، الذي عاد بدوره الى «كان» هذا العام في جديده الذي حمل عنواناً له: انت لم تر شيئاً بعد! وهي بالتحديد العبارة الأشهر المأثورة عن ايمانويل ريفا في ذلك الفيلم. إذاً، حين اراد هانيكي ان يسند دور آنا الى ممثلة فرنسية قديرة، وجد من الطبيعي له ان يختار ايمانويل ريفا. والحقيقة انه كان أكثر من محق في اختياره، حيث انها عرفت كيف تقدم مع شريكها في الفيلم أداء استثنائياً... بل ربما، نادراً في تاريخ السينما. ولا ريب ان في امكاننا ان نقول هنا بكل بساطة، ان تضافر عمل هانيكي وترانتينيان وريفا - مع عمل الإيراني الأصل، داريوش خونج، في ادارة التصوير والإضاءة – حوّل الفيلم من مناخه المقابري، كفيلم عن الشيخوخة والتدهور الجسدي والموت، إلى فيلم عن الحب وأبدية هذا الحب. الحب الذي جعل النجم الفرنسي الذي بدأ حياته السينمائية ومساره الكبير بفيلم «... وخلق الله المرأة» الى جانب بريجيت باردو، ومن إخراج روجيه فاديم، يختتمها الآن تقريباً بهذا الدور الذي لن ينسى أبداً.

ولعل في امكاننا هنا ان نقول ان موضوعاً في صعوبة هذا الموضوع يدور في مكان مغلق لشقة باريسية لا يخرج الفيلم منها ابداً، ومع عجوزين يدهمهما المرض والشيخوخة. وزوج يصرّ على ان يقبض هو وحده على الأمور، رافضاً حتى إدخال زوجته لتموت بهدوء في المستشفى إذ كان وعدها بذلك، موضوع مثل هذا، كان من شأنه، ربما، ان يفلت من يد صانعيه، مخرجاً ومصوّراً وممثلين، لو كانوا غير هؤلاء الذين اشتغلوا عليه. ونحن نعرف أصلاً، ان الأفلام التي تدور احداثها في اماكن مغلقة ومع عدد قليل من الشخصيات، تثير الملل والنفور لدى المتفرجين، اللهم إلا إذا قيض لها مخرجون من طينة ألفريد هتشكوك (في «الحبل») او جوزف مانكيفيتش (في «المخبر»)، وحبكات وحوارات دينامية. أما هنا، لدى هانيكي الذي نعرف انه سبق ان جرّب حظه ونجح مرات مع أفلام الأماكن المغلقة (كما في «ألعاب مضحكة» او حتى «مخبوء» والى حد ما «القارة السابعة»)، فإن الأمر يختلف. لا حبكة دينامية هنا، ولا حتى تبادل حوارات حيوية، منذ منتصف الفيلم على الأقل، حين تفقد آنا القدرة على التعبير ويضحي ما تقوله همهمة أقرب الى الهذيان. لكن هذه السكونية الإحتضارية لم تلق بظلها على تجاوب المتفرجين مع الفيلم... واللافت هنا ان ترانتينيان، وحده تقريباً خلال النصف الثاني من الفيلم، مع ابنته تزوره عرضاً مرة، والكساندر تلميذ آنا يفعل ذلك مرة أخرى، وحمامة تتسلل من النافذة مرة ثالثة غير مرحّب بها – على أية حال يبدو واضحاً ان جورج، الزوج، لا يرحّب اصلاً بأي زائر...-، إنه يريد ان يبقى مع آنا حتى لحظة النهاية. وهو يفعل ذلك... بل إننا سنقول هنا انه هو من سيضع حداً لذلك كله. ولكن ليس كي يبقى وحيداً من دون آنا. ذلك أن ميكائيل هانيكي، كان من «الملعنة» والانسجام المطلق مع موضوعه، انه بعد موت آنا، جعلها تعود في لقطة أخيرة وفي كل جماله وبهائه، كي تصطحب جورج معها الى حيث لا ندري أين... وربما الى حبهما يتواصل ابداً. وذلك بالتحديد لأن هانيكي أراد أن يذكّرنا مرة أخيرة بأن فيلمه، وإن بدا فيلماً عن الشيخوخة والموت، فإنه قبل ايّ شيء آخر فيلم عن الحب... ترى، أفلم يكن هذا واضحاً منذ العنوان؟

رائحة فضيحة ما حول جوائز «كان»

كان (جنوب فرنسا) – «الحياة»

قبل انعقاد الدورة الأخيرة لمهرجان «كان» السينمائي الدولي، وتحديداً منذ أعلن عن أن رئاسة لجنة التحكيم ستسند إلى المخرج الإيطاليّ الأشهر، ناني موريتي، راج كلام كثير حول مزاجية هذا الفنان و «نزاهته» والأبعاد الفنية السينمائية لاختياراته، ما من شأنه أن يشكّل ضمانة لقوة تفضيلات لجنة التحكيم في الحفل الختامي... وهذا الكلام نفسه ساد كذلك خلال أيام المهرجان وبعد عرض كل فيلم من الأفلام إلى درجة أن توقّّع الناس أن تكون هناك مفاجآت فنية صاخبة في ليلة الختام. غير أننا نعرف الآن أن النتائج أتت مخيبة للآمال طالما أن العدد الأكبر من الأفلام التي نالت الجوائز، كان أفلاماً كان ثمة تساؤل استنكاريّ عما جاء يفعله في مهرجان كبير كهذا، حتى ولو كانت من توقيع بعض كبار المخرجين.

مهما يكن من أمر، حتى هنا لم تكن هناك أسئلة جدية حول الموضوع وخلفياته، وإن كان ثمة بعض إشارات غير مريحة راحت تلوح في الأفق... وعلى الأقل حتى اللحظة التي «جرؤت» فيها صحيفة «لوموند» الفرنسية، بعد يومين من انقضاء المهرجان، على طرح تساؤلات أتت على شكل توليفة معلومات لا شك في أنها تضع اختيارات موريتي ولجنته موضع التشكيك. طبعاً لا يمكن القول إن ثمة جديداً في ما تقترحه «لوموند»... فالمعلوات و «الخبريات» الواردة في صفحاتها، وغالباً نقلاً عن مواقع إلكترونية متعددة، كانت معروفة في شكل مجزّأ، أما وقد ولّفت الصحيفة فيما بينها، فإن الأمر بات يتحدث عما يشبه الفضيحة، إن لم يصر على اعتباره «فضيحة الفضائح». فالذي تبين من خلال ذلك التوليف هو أن أربعة على الأقل، من الأفلام الستة الفائزة، هي من إنتاج أو توزيع شركة فرنسية اسمها «لا باكت» وهي الشركة نفسها التي أنتجت ووزعت في العام الفائت فيلم موريتي «صار عندنا بابا» الذي لم يفز بأية جائزة يومها ما أغضب السينمائي الإيطالي الكبير... فهل لنا أن نفترض أنه إنما عوّض على هذا في الدورة الجديدة إذ صار ربان السفينة، باختيارات تلائم مصالحه ومصالح منتجيه؟

إن هذا هو السؤال الذي توحي «لوموند» به الآن وهي تسمّي الأفلام المعنية: «الواقع» لماتيو غاروني (الجائزة الكبرى)، «حصة الملائكة» لكين لوتش (جائزة لجنة التحكيم)، «النور بعد الظلام» لريغاداس (جائزة الإخرج) وأخيراً، «ما وراء التلال» لكريستيان مونجيو (جائزتان، أفضل سيناريو، وأفضل تمثيل نسائي)... والحقيقة أن الأفلام الثلاثة الأولى هي التي أثار فوزها احتجاجات صاخبة. والجدير ذكره هنا هو أن «لوموند» ذكّرت في السياق نفسه أن استغلال رؤساء التحكيم نفوذهم لمصالحهم الخاصة، ليس جديداً والحالتان الأشهر هما إعطاء كونتن تارانتينو حين كان رئيساً، السعفة الذهبية لفيلم «فهرنهايت» من توزيع منتجيه الأخوين فنشتاين، وإعطاء ايزابيل هوبير السعفة لفيلم صديقها ميكائيل هانيكي «الرباط الأبيض» قبل ثلاثة أعوام. ولا بد أن نختتم هنا بالقول إن هذه السعفة الأخيرة كانت مستحقة بالتأكيد.

الحياة اللندنية في

01/06/2012

 

مبدعات جزائريات في 'كان': موسم منافسة الرجال

ميدل ايست أونلاين/ كان (فرنسا) 

مخرجات وممثلات قدمن من الجزائر للمشاركة في فعاليات المهرجان والتعريف بمنتجاتهن الابداعية وبالسنيما الجزائرية الشابة.

تتواجد المرأة الجزائرية بقوة في كان 2012 في جميع اقسام و فروع المهرجان من سوق الافلام وقرية ريفييرا على مستوى اجنحة بلدنها وايضا في لجان التحكيم بما يؤكد ارادتها واصرارها في اكتساح هذا المجال الذي كان الى وقت غير بعيد حكرا على الرجال .

و يتأكد الحضور المكثف للمرأة على مستوى جناح الجزائر في القرية الدولية للأفلام حيث يلاحظ وجود مميز لعدد من المبدعات العازمات حسب ما صرحن به لواج على المضي دون هوادة في تحقيق احلامهن في السينما في وقت اصبح فيه الانتاج السينمائي رهين جرأة و حنكة المبدع في جلب اهتمام شركات الانتاج و الاجهزة الداعمة للمواهب الشابة .

ومن بين هذه المبدعات صوفيا جاما المخرجة التي غامرت في تجربتها الثانية في نوع الاشرطة القصيرة بتقديم فيلم عن وضعية المرأة من خلال "مايسة" التي تتعرض الى الاغتصاب في مصعد العمارة لكن من خلال البطلة تقدم المخرجة اشارات لكثير من مشاكل المجتمع لاسيما وضعية المرأة التي ورغم كل ماحققته من تقدم في جل المجالات الا ان استمرار بعض الذهنيات البالية يعمل على تقليص دورها وتواجدها خارج الفضاء الخاص (البيت).

وقد حصل الفيلم على جائزتين في مهرجان كليرمون فران (فرنسا). مما شجع صوفيا على مواصلة المشوار بكثير من الثقة و رغم صعوبة مهنة السينما إلا ان المخرجة لا تكترث فهي تحب السينما كما تقول و مصرة على تحقيق مشاريعها.

و كانت صوفيا خلال تواجدها بكان لا تفوت فرصة كما يتجلى من خلال تنقلها دون ملل بين مختلف فضاءات المهرجان عارضة اعمالها في الاركان الخاصة بذلك كما تجدها سباقة للقاء محترفي الصناعة السينماتوغرافية في مسعى متواصل بحثا عن افاق جديدة للعمل .

نفس الحماس يحرك مخرجة اخرى سبقتها شهرة والدها الراحل عزالدين مدورالى الميدان الا انها لم تكن يوما معتمدة على اسمه انطلاقا من قناعتها بان احلى طعم النجاح هو الذي يصنعه صاحبه كما صرحت اثناء تواجدها بالجناح الجزائري.

تقول منية وهي تعود بشريط الذكريات الى 16 مايو/ايار 2000 يوم رحيل والدها في اوج عطاءه "لقد وجدت نفسي مسؤولة عن اعمال والدي فأخذت على عاتقي تلك المهمة وانا لم اتجاوز الـ20 سنة" من هذا الباب وجدت منية نفسها تغوص في عالم سحري وجذاب و بدأت تداعب الكاميرا في اول المشوار بأشرطة عن الطلبة في جامعات المهجر.

وفي 2009 قدمت اول شريط وثائقي بعنوان "الطبخ في المغرب" يتناول حياة عاملات في البيوت "الدادات" كما يسمها البعض والماهرات في الطبخ الذي يتوارثنه ابنة عن ام .

و تكشف منية من خلال الشريط الكثير من اسرار المراة في المنطقة. وقد تمكنت بفضل شريط "السينما الجزائرية :حياة جديدة "الذي انتجته عن الجيل الجديد من السينمائيين الجزائريين ان تعرف باسمها في المحافل السينمائية خاصة بعد المشاركة الموفقة للشريط افي المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بخريبكة المغربية حيث فازبجائزة النقاد. وانتقلت بعد ذلك الى الفيلم الروائي حيث وقعت اول تجربة لها بفيلم من انتاج فرنسي بعنوان "ادويج" .

وتبقى مشاريع كثيرة في جعبة منية التي اتت الى "كان" في اطار جناح الجزائر للبحث عن افاق و فرص اخرى لتجسيد تلك المشاريع. وقالت بهذا الشأن " وجود جناح جزائري بـ "كان" يعطي فضاء للالتقاء السينمائيين و المنتجين من افاق مختلفة".

والى جانب المبدعات الشابات حضرت المهرجان المخرجة الموهوبة يمينة شويخ التي جاءت حاملة معها سنوات من التجربة والخبرة في عالم السينما الذي دخلته في السبعينات وقد عملت امينة لسنوات في مجال التركيب مع أكبر السينمائيين مثل راشدي وحمينا وايضا زوجها محمد شويخ ثم تحولت الى الكتابة والاخراج بفيلم "رشيدة "الذي اظهرها كمخرجة محترفة.

ونال الفيلم الذي عرض بـ"كان" عدة جوائز كما سجل رقم دخول خيالي في الجزائر حيث كانت الطوابير لساعات امام قاعة "الموقار".

امينة التي حضرت كمنتجة لفيلم "الاندلسي" لشويخ الذي كان ضمن الافلام المحتفى بها على مستوى الجناح لم تفوت الفرصة للالتقاء بالمحترفين المتواجدين في الدورة ال65 ل "كان "و المشاركة في مختلف فضاءات المهرجان والسعي بحيويتها المعهودة للتعريف بإنتاجها الاخير "الاندلسي".

حضور المبدعة الجزائرية والعربية عموما لم ينحصر في العروض والندوات وانما كان لها ايضا باع في اتخاذ القرار وتعيين الاعمال الناجحة بفضل تواجدها في لجان التحكيم وفي مقدمة هذه المبدعات النجمة المتألقة الممثلة الجزائرية المقيمة بفرنسا ليلى بختي في لجنة تحكيم قسم "نظرة ما" ثاني اهم قسم في المهرجان وتعتبر ليلى من النجمات العربيات الاكثر نشاطا في اوروبا وآخر اعمالها كان في العام الماضي في المسابقة الرسمية لمهرجان كان من خلال فيلم (نبع النساء).

كما توجد ضمن اعضاء لجنة التحكيم الدولية التي تمنح جائزة السعفة الذهبية الممثلة الفلسطينية هيام عباس الى جانب اختيار المنظمين للسينمائية المصرية ماريان خوري شقيقة المخرج الراحل يوسف شاهين ضمن لجنة تحكيم تظاهرة (اسبوع النقاد) وهي تظاهرة سينمائية تعنى باكتشاف التجارب السينمائية الشابة.

ميدل إيست أنلاين في

27/05/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)