في الاستفتاء الشهير الذي أجرى لاختيار القائمة الذهبية
لأفضل مائة فيلم مصري أثناء الاحتفال بمئوية السينما المصرية منذ عدة سنوات
مضت جاءت صاحبة الموهبة العبقرية والحضور الذي لا يتكرر «سعاد حسني» في
المرتبة الثانية في القائمة بعد فاتن حمامه بفارق فيلم واحد ولهذا اعتبر
نقاد وصناع السينما أن «السندريللا» هي ثاني أفضل ممثلة في تاريخ السينما
المصرية بل أن هناك من النقاد وهم ليسوا بالقليل من رأى أن سعاد حسنى هي
الفنانة والممثلة الأعظم في تاريخ السينما المصرية على الاطلاق وأنها موهبة
وعبقرية وأسطورة لن تتكرر ولن يأتي بعدها من يملك موهبتها وحضورها
وجاذبيتها وانه لا يوجد ولن يوجد سوى «سندريللا» واحدة للشاشة المصرية
والعربية صالحة لكل العصور هي سعاد حسني.
ونحن هنا لن نطرح أو نستعرض الجانب الفني لهذه العبقرية فلا
جديد يضاف الى ما كتبه مئات من النقاد والباحثين والفنانين والمؤرخين عن
أفلامها وموهبتها وتراثها الفني الخالد ومسيرتها الفنية الحافلة والجوائز
العديدة التي حصلت عليها والتكريمات وأسابيع الأفلام التي أقيمت لها في
الكثير من العواصم والبلدان.. لكننا سنذهب الى الجانب الآخر سعاد حسني
الانسانة وماذا تحقق لها كأنثى؟ والاجابة بسيطة وسهلة للغاية فرغم كل هذا
المجد الهائل ورغم أنها كانت وستظل «سندريللا» الشاشة لكل العصور لكن كل
ذلك كان على حساب حياتها الخاصة كانسانة وفنانة فهي فازت فنيا لكنها- مع
الأسف- انهزمت عاطفيا وانسانيا ولم يتحقق لها مثل معظم بنات جنسها- حلم
الأمومة والاستقرار العاطفي والأسرى ولم تنعم- حتى مثل بعض الفنانات- بحياة
زوجية مستقرة ولا بالعش المستقر الهادئ.
حياة سعاد حسنى بها خمس زيجات دائما ارتبطت باسمها ثلاثة
منها مؤكدة لا تقبل الشك أو الجدل أما الزيجتان الأخريان فواحدة منهم غير
مؤكدة وطرفها الثاني صامت لا يتحدث عنها مطلقا والزيجة الأخيرة وهي قصة
زواجها من عبدالحليم حافظ فهي الى الآن وحتى كتابة هذه السطور لاتزال محل
جدل وخلاف كبير فهناك من يؤكد بقوة أن الزواج بين السندريللا والعندليب
وهناك على الجانب الآخر من ينفي بنفس القوة ويؤكد جازما أن هذا الزواج لم
يحدث مطلقا.
ولنبدأ بالزيجات المؤكدة لنرى أن الزواج الأول في حياة سعاد
حسنى كان من المخرج صلاح كريم وكان زواجاً سريعا لم يستمر سوى عامين وكان
نتيجة قصة حب سريعة بين سعاد وصلاح لكن بعد الزواج تسقط الأقنعة- كما
يقولون- حيث اكتشفت سعاد ان مشاعر زوجها ناحيتها لم تكن سوى مزيج من التملك
والرغبة في الصعود حيث كانت وقتها نجمة تملأ الأفق- كما يقول بعض النقاد-
ثم كانت الغيرة الشديدة من جانب الزوج من نجومية الزوجة ولم يتحقق له
الاحتكار الفني للنجمة التي أصبحت زوجته والذي كان يريده حيث لم يلتقى
الاثنان سعاد وصلاح الا في فيلم واحد هو «الزواج على الطريقة الحديثة» عام
1968 وكان الفيلم في نهاية علاقتهما الزوجية التي انتهت سريعا بعد عامين-
كما ذكرنا- لأنها مع كثرة الخلافات والرؤى لم يكن لتستمر أكثر من ذلك.
ونأتي الى الزواج الأبرز والأكثر معرفة بين الناس عن حياة
سعاد وهو زواجها من المخرج على بدرخان الذي استمر 11 عاما ولهذا الزواج قصة
تروى كان اللقاء الأول بينهما عام 1968 أثناء تصوير فيلم «نادية» الذي
أخرجه المخرج السينمائي الكبير أحمد بدرخان وكان علي يعمل في هذا الفيلم
مساعداً للاخراج لوالده وكانت سعاد وقتها في أوج نجوميتها وأثناء العمل في
الفيلم توطدت العلاقة بين علي وسعاد وكان علي خريج معهد السينما ، ومن خلال
جلسات العمل التي جمعت بين علي وسعاد اكتشف أن هذه النجمة المتألقة ما هي
الا انسانة بسيطة للغاية مع الجميع ومع أسرتها وعائلتها التي تعرف عليهم
علي بدرخان وقتها وهذه البساطة كانت أول ما جذبها اليه حيث اكتشف أنها «بني
آدم طبيعي» وليست كائنا مسلوعاً بحدة النجومية كان هذا رأى وكلام علي
بدرخان عندما عرفها عن قرب أثناء عملهما معا في فيلم «نادية».
بعد هذا الفيلم سافر علي بدرخان في بعثة دراسية الى روما
بايطاليا واستمر في بعثته لمدة عام وطوال هذا العام لم تنقطع المراسلات
والاتصالات بينه وبين سعاد وبعد عودته استمرت العلاقة وتطورت وتحولت الى
مشاعر واضحة ومقابلات دائما وأصبح الوسط الفني يشعر بهذه العلاقة ويتحدث
عنها وهنا استدعى الأب أحمد بدرخان ابنه علي وطلب منه أن يقطع هذه العلاقة
حتى لا يسيء الى سعاد حسني اذا كان جاداً في هذه العلاقة ولابد أن يتصرف
بشكل صحيح وبالفعل كان علي بدرخان جاداً في مشاعره تجاه سعاد وكانت هي
الأخرى تبادله نفس مشاعر الحب الصادقة فتزوجا على الفور بدون فترة خطوبة
بعد علاقة حب جميلة استمرت عامين وكان زواجهما في عام 1970.
استمر زواج سعاد حسنى وعلي بدرخان على مدى 11 عاماً كاملة
لم ينجبا فيها أولاداً لكنهما أنجبا أو أثمرت علاقتهما عن 6 أفلام قدماها
معا خلال زواجهما، بدأت بفيلم «الحب الذي كان» عام 1973 ثم «الكرنك» 1975-
«شفيقة ومتولي»1978 «أهل القمة»1981 وكان هذا الفيلم أول أفلامهما بعد
طلاقهما حيث كان الانفصال في نفس العام لكن رغم انفصالهما كزوجين الا أن
علاقتهما الانسانية والفنية كأصدقاء وزملاء مهنة واحدة لم تنقطع وكان
الاحترام المتبادل بينهما يُضرب به المثل في الوسط الفني حيث قدما معا
فيلمين هما «الجوع» 1986 و«الراعي والنساء»1991 وهو الفيلم الأخير في مسيرة
سعاد حسني الفنية ولم تظهر بعده في أي عمل فني على الاطلاق.
أما لماذا جاء الانفصال بعد كل هذا الحب الذي كان في بداية
الزواج، كان هذا هو السؤال الذي تردد بقوة داخل الوسط الفني والذي كانت
الاجابة عليه واحدة من سعاد وعلي معاً انه مثلما الزواج قسمة ونصيب
فالانفصال أيضا قسمة ونصيب لكن لم يتحدث احد مطلقا عن أي خلافات أو مشاحنات
وقعت بين الطرفين وأدت الى الانفصال على العكس كان انفصالا حضاريا للغاية
واستمرت صداقتهما كما ذكرنا- لكن الملاحظ أن هذا الزواج الثاني لسعاد حسنى
كان زواجاً فنياً أيضا من رجل أو زميل يعمل في نفس مهنتها وسنلاحظ أن كل
زيجاتها سواء المؤكدة أو التي بها شك كلها زيجات فنية وهذا يؤكد على حقيقة
هامة جدا وهي أن سعاد حسني كان الفن كل حياتها حتى عندما تتزوج كأنثى
وكانسانة يكون الفن حاضرا لذلك يجمع النقاد والمؤرخون لعلم الفن أن كل
النجاح والتألق والعبقرية الفنية لسعاد حسني كان على حساب حياتها فهي لم
تتعاطي الحياة من أي جانب آخر وكان الفن هو المسيطر عليها طوال الوقت ولم
يسمع أحداً عن علاقة عاطفية لها من خارج الوسط الفني أو حتى زواجاً سرياً
بعيداً عن الفن فالفن وحده هو الذي أخذها من أولها الى آخرها.
ونأتي الآن الى الزواج الثالث والأخير المؤكد في حياتها وهو
زواجها من السيناريست ماهر عواد، وكتب أن هذا الزواج تم في عام 1984
وبالطبع هذا التاريخ غير صحيح ولا يمكن أن يكون منطقيا على الاطلاق لان في
عام 1984 لم يكن هناك أي لقاء بين ماهر عواد وسعاد حسني لأنه ببساطة لم يكن
اسمه قد ظهر على الساحة الفنية في مصر كمؤلف أو سيناريست حيث قدم ماهر أول
أفلامه السينمائية «الأقزام قادمون» مع المخرج شريف عرفه والنجم يحيي
الفخراني في عام 1986 وعرض الفيلم في يناير مطلع العام التالي ومن هنا فان
التاريخ الصحيح لهذا الزواج هو عام 1988 عندما قامت سعاد ببطولة فيلم
«الدرجة الثالثة» مع المخرج شريف عرفه والنجم احمد زكي في نفس العام
والطبيعي ان لقاء ماهر وسعاد تم أثناء هذا الفيلم وان علاقتهما التي توجت
بالزواج قد نشأت أثناء جلسات العمل لهذا الفيلم.
الغريب في هذا الزواج رغم علانيته ومعرفة الجميع به الا انه
لا أحد يعرف أو يؤكد على وجه الدقة مدة هذا الزواج ومتى انتهى وهل كانت
نهايته بالطلاق أم بوفاة ورحيل سعاد حسني ورغم علانية هذا الزواج- كما
اشرنا- ألا انه بدى كزواج سري لا أحد يعرف تفاصيل كثيرة عنه وهناك من يؤكد
أن هذا الزواج انتهى سريعا ولم يستمر وهناك من ينفي ذلك تماما ويؤكد أن
الطلاق بين ماهر وسعاد لم يحدث مطلقا وأنها ظلت زوجة لماهر طوال رحلة
علاجها في لندن وحتى رحيلها المفاجئ على اثر حادثتها الشهيرة الغامضة التي
لاتزال لغزا حتى الآن.. الغريب في هذا الزواج أيضا أن صاحبه أو طرفه ماهر
عواد لم يؤكد ولم ينف اذا كان قد تطلقا أم لا؟ وهل سعاد عند رحيلها كانت
زوجته أم طليقته؟! فهو صامت دائماً لا يتحدث عنها على الاطلاق وهو بالاضافة
الى ذلك بعيد تماما عن الظهور الاعلامي والتصريحات والحوارات الاعلامية
واذا كان هذا عن الزيجات الثلاث المؤكدة في حياة السندريللا
فهناك زيجتان أخريان الأولى غامضة لا أحد يعرف عنها شيئا والثانية لازالت
تمثل لغزا لم يكشف عنه احد حتى الآن.. الزواج الأول من الفنان زكي فطين
عبدالوهاب وكما هو معروف انه ابن الفنانة الكبيرة ليلي مراد من المخرج فطين
عبدالوهاب وزكي ممثل ومخرج سينمائي معروف ومشهور وهناك من يؤكد وجود قصة
زواج سري بينه وبين سعاد حسني لكن لم يشر احد الى موعدها وترتيبها في زيجات
سعاد وأيضا لم يشر الذين أكدوا حدوث هذا الزواج الى متى كانت نهايته أو متى
وقع الانفصال بينهما وهناك- وهم كثيرون- من ينفون هذا الزواج تماما ويؤكدون
على انه لم يحدث ويشيرون الى انه ربما كانت هناك علاقة صداقة عادية قد ربطت
لفترة بين زكي وسعاد لكنها لم تكن أبدا علاقة زواج وما قيل عن موقف ماهر
عواد يقال عن زكي فطين عبدالوهاب فهو من البعيدين عن الظهور الاعلامي ولا
يتحدث مطلقا لوسائل الاعلام لا عن سعاد ولا عن عائلته الفنية سواء والده
المخرج الكبير ووالدته الفنانة العظيمة ولا عن عمه الفنان القدير سراج منير
لذلك سيبقى ما قيل عن زواجه من سعاد حسني محل شك كبير ولا يرقى مطلقا الى
زيجاتها المؤكدة التي يعرفها الجميع.
ونأتي الآن الى واحد من أهم الالغاز في حياة السندريللا وهو
اللغز الذي مازال غامضا ولم يفك احد طلاسمه ويكشف عن كامل خيوطه حتى اليوم
وهو زواجها من العندليب الراحل عبدالحليم حافظ لقد كتب المئات من النقاد
والصحافيين والمؤرخين وأصدقاء الطرفين كثيرا في هذا اللغز وحتى كتابة هذه
السطور لا يوجد ترجيح لرأي قاطع اذا كان العندليب تزوج السندريلا أم لا فلا
يوجد اجماع على وقوع الزواج أو عدمه..
سعاد حسني نفسها لم تؤكد الزواج من العندليب وأيضا لم تنفه
ففي لقاءات اعلامية لها تشير ضمنيا وليس يقينا بأن عبدالحليم تزوجها فعلا
ولا تعترض على من يؤكد زواجهما وفي مرات أخرى تنفى نفيا قاطعا وتؤكد أن كل
ما جمعها بعبد الحليم هي الصداقة والزمالة الفنية فقط أما عبد الحليم فقد
كان ينفي زواجه من سعاد حسنى وعلى طول الخط بل كان ينفي بقوة ويؤكد أنها
زميلة وصديقة عزيزة جدا.
أصدقاء الطرفين هناك من يؤكد وقوع الزواج مثل الكاتب مفيد
فوزي في حين أن مجدي العمروسي صديق عمر عبدالحليم ينفي هذا الزواج بشدة
وكان هذا أيضا هو الموقف المتناقض للعديد من أصدقاء الطرفين وأيضا من كتب
عن سعاد والعندليب الآراء تتأرجح دائما ما بين النفي والتأكيد لهذا الزواج
الذي سيظل لغزا لا أحد يعرف حقيقته بل انه يعد من أكثر المناطق والجوانب
غموضاً في حياة سعاد حسني بكاملها منذ بداية شهرتها ونجوميتها مع بداية
الستينيات وحتى رحيلها عن الدنيا في 21 يونيو عام 2001..
النهار الكويتية في
19/07/2013 |