* من المؤكد أن "سوق الكوميديا" في مصر في خطر.. وإلا ما توقفت اطلالة عدد
من الكوميديانات "المعتمدين" لهذا القصد علي الجمهور في أفلام جديدة هذا
العام. وبالتحديد اسماء مثل "هاني رمزي" و"محمد سعد" ثم "هنيدي". ليبقي
أمامنا هذا العام فيلمان ونجمان هما عادل إمام و"بوبوس" وأحمد حلمي و"ألف
مبروك". والثالث نجم صاعد إلي الحلبة هو أحمد مكي وفيلم "طير انت" الذي
اتوقف عنده هنا باعتباره الضلع المكمل لمثلث الكوميديا في السينما المصرية
عام 2009. أو بالتحديد في ثلاثة أرباع السنة. وأول ملاحظة هنا هي أن "بوبوس"
يقوم علي فريق محترف بالكامل "يوسف معاطي ومؤلفا ووائل إحسان مخرجا" مع
عادل إمام ويسرا وفريق من النجوم. بينما يقوم "ألف مبروك" علي فريق نصف
محترف "مؤلفين جديدين هما محمد وخالد دياب. ومخرج صاعد هو أحمد جلال" وفريق
تمثيل جديد مع البطل أحمد حلمي. بينما يتكيء "طير انت" علي فريق جديد من
أشبال السينما. الكاتب عمر طاهر والمخرج أحمد الجندي وثلاثة نجوم هم: أحمد
مكي ودنيا سمير غانم وماجد كدواني وأولهم أي مكي هو أحدثهم في دنيا
السينما. وإن أصبح معروفا بسرعة بفضل مشاركته في مسلسل "تامر وشوقية" وفيلم
"ليلة البيبي دول" ثم بطولته الأولي "اتش دبور" أما دنيا سمير غانم فهي هنا
تحصل علي فرصة واسعة لتأكيد موهبة ملفتة ومعترف بها من قبل بينما تحول ماجد
كدواني إلي أحد أكثر الوجوه الفة مع الجمهور. سواء كان الدور مهما أم لا..
وهو ما نراه عليه هنا في دور "الجن" الطيب. بل الغلبان. الذي يحتاج لمساعدة
"الانس" للحصول علي شهادة الاعدادية التي فشل في الحصول عليها منذ أكثر من
قرن!.. وهي تخريفة ظريفة تتيح له أي الجني صيد السمك والظهور بمظهر عصري
ينافس البطل الإنسي ويؤكد في الوقت نفسه علي أنه حتي الجن يعجز في هذا
الزمان عن القيام بالاعاجيب التي كان يفعلها في الماضي. بل إنه يتساوي مع
الإنس. فكلاهما هنا يحتاج إلي الآخر في تركيبة درامية تعتمد علي ثلاث
شخصيات. البطل الذي يتجول ويتحول في شخصيات ومناطق وقصص أخري باحثا عن
"ليلي" التي يحبها ويريدها أن تحبه. ثم ليلي التي تظهر له في كل قصة لتؤكد
علي اسطورة آدم وحواء القديمة. ثم الجني ودوره هنا هو "منصة" الاطلاق للبطل
والقصص. تذكرت هنا أوبريت "بساط الريح" لفريد الاطرش وسامية جمال الذي طاف
بهما في استعراض غنائي راقص في أحد الأفلام المصرية القديمة بلادا عديدة.
الفيلم تنويعة تذكرنا به. كما تذكر بالفيلم الأمريكي المأخوذ عنه. ولكن
المشكلة أنه من الممكن الاستغناء عن أي من الاسكتشات السبعة التي تقوم
عليها رحلة البطل للبحث عن فتاته. بدون أن يختل شيء. فإذا تم فصل قصة الشاب
"الفافي" في الساحل الشمالي لن يحدث شيء. وإذا أيضا تخلص الفيلم من اسكتش
"عتريس" و"فؤادة" المستوحي من فيلم "شيء من الخوف" لن يتأثر الفيلم. وهكذا.
لكن من زاوية أخري. فإن القليل من هذه الأجزاء تقدم رؤية جديدة للقصة
القديمة. حكاية عتريس تحديدا وحيث تقابل فؤادة افتراءه وطغيانه باستخدام
وسائل العصر الانترنت والشات. لمقاومته. وترفع في وجهه صورة بطل المسلسل
التركي لمطالبته بتحسين معاملته لها. أيضا القصة الهندية. أما ماعدا ذلك.
فكلها تقدم أنماطا مستهلكة ومن الغريب هنا أن يكون أفضل أجزاء الفيلم هو
بدايته وتلك اللقطات السريعة والمعبرة عن رحلة البطل مع أبويه في الخليج
وعودته وحيدا وعلاقته بجده ثم تخرجه وعمله طبيبا بيطريا ومقابلته للبطلة
وهي تتردد علي عيادة الحيوان التي يعمل بها لعلاج كلبها. ومحاولته الاقتراب
منها وخشونتها تجاهه بسبب خداع زملائه الأطباء لها.. إن هذا الجزء بكامله
كان يعد بفيلم آخر. أكثر جمالا وقوة وخيالا مما رأيناه. فيه بدت ملامح مكي
تأخذ طابعا مميزا بكل تفاصيلها من الحركة للملبس لأسلوب الحديث. لكنه اختفي
ليظهر لنا في "الأثواب" التي يفضلها سوق الضحك السينمائي الآن.
magdamaurice1@yahoo.com
الجمهورية المصرية في
06/08/2009 |