لسنا ندري منذ الآن، وأي من المسلسلات الرمضانية المقبلة لم يعرض بعد، ما
هو
المسلسل الذي سيلفت الانتباه أكثر من غيره، مثيراً في طريقه
سجالات واسعة وردود فعل
متناقضة. لكننا نعرف منذ الآن أن هذا المسلسل لن يكون بأية حال، الأكثر
رواجاً
ومشاهدة من الجمهور العريض، لأن المسلسلات التي تشاهد أكثر هي، عادة، تلك
التي لا
تثير السجالات. ولن نقول هنا ان هذا حكم قيمة عليها. كل ما في الأمر أننا
نريد هنا
أن نقول ان المسلسلات المثيرة للسجال، هي تلك التي تحاول أن
تقول شيئاً حقيقياً،
جديداً يخاطب وعي المتفرجين وربما ذاكرتهم، وهذا النوع من المسلسلات قليل
عادة ولا
سيما في رمضان... وهو اعتاد أن يكون من نوع الأعمال التي تطاول حياة - أو
جزءاً من
حياة - نجوم الماضي المعروفين، في الفن أو السياسة أو الفكر أو
أي شيء آخر. ولنلاحظ
هنا أنه، منذ «أم كلثوم» وصولاً الى «أسمهان» مروراً، مثلاً، بـ «ناصر»
و«الملك
فاروق»، كان هذا النوع هو الأكثر صخباً، حتى وإن كانت الإحصاءات أفادت
دائماً بأن
اشتداد الصخب لا يعني ضخامة المشاهدة، بالضرورة.
انطلاقاً من هنا، إذاً، نتوقع منذ الآن أن يحظى مسلسل «ليلى مراد» بالقسم
الأعظم
من الاهتمام، لأنه مسلسل يسير على المسار نفسه. ثم لأن ليلى
مراد نفسها كانت شخصية
اشكالية، وبالكاد خرجت من الفن الحاضر لتدخل الذاكرة. ولكن أيضاً لأن العمل
المحقق
عنها بدأ يثير السجال، حتى من قبل عرض المسلسل، وكالعادة، من قبل الورثة
والأبناء
والأقارب، من الذين كما يحدث دائماً، يأتون بعد رحيل النجم،
الفنان أو السياسي،
ليعلنوا انهم هم من يملك حق الإرث ويحاولون دائماً منع الآخرين من «التدخل
في شؤون
هذا الإرث».
في بعض الحالات السابقة حدث لمبلغ من المال أن حسم الأمر! لكن هذا لا يحدث
دائماً إذ - بالنسبة الى «الورثة» - هناك، دائماً، ما هو أكبر
من المادةّ! ومن هنا
تنبع اشكالات نعرف انها أوقفت في بعض الأحيان، بعض المشاريع، لكنها أبداً
لم توقف
عرض أي مسلسل من هذا النوع بعد اكتماله... بالتالي فإنها دائماً معركة
خاسرة.
لكن الأدهى من هذا هو أن «الورثة» يتصدون دائماً للأعمال الفنية، حتى وإن
كانت
أخذت عن أصول مطبوعة موجودة في الأسواق منذ أزمان بعيدة، ولم
يجرؤوا في معظم
الأحيان على الدنو منها. وحال «ليلى مراد» نموذجية هنا: ذلك ان المسلسل
مأخوذ أصلاً
عن كتاب متميز أصدره الراحل صالح مرسي، وانتشر - في طبعة «كتاب الهلال» -
بألوف
النسخ، ملقياً على صاحبة «أنا قلبي دليلي» أضواء لطيفة، واقفاً
في صفها بالنسبة الى
كل ما خاضته في حياتها من معارك. وهنا، إذ نفترض بناء على ما هو متوافر من
معلومات
أن صانعي المسلسل، كانوا أوفياء لنصّ صالح مرسي، يصبح من حقنا مجدداً أن
نسأل، بكل
احتجاج، لماذا إذاً يثار الصخب «العائلي» منذ الآن حول مسلسل،
مأخوذ من كتاب لم
يصخب من حوله أحد؟ هل لأن الكتاب مشروع فكري... فيما المسلسل مشروع مادي؟
الحياة اللندنية في
07/08/2009 |