ثلاثة أدوار مختلفة قدمتها الممثلة اللبنانية كارمن لبس أخيراً في مصر في
ثلاثة أعمال هي مسلسل “أبو ضحكة جنان”، “البوابة الثانية” و”الهروب إلى
الغرب”، أخرجتها من الدائرة المحلية التي حفرت فيها مكاناً خاصاً ومميزاً،
لتطلقها إلى الساحة العربية، من خلال أعمال مصرية نفذتها وعروض تنهال
عليها، وبينما هي تستعد للسفر إلى القاهرة لتوقيع عمل سينمائي جديد رفضت أن
تُفصح عن تفاصيله، جرى هذا الحوار:
·
هل ستأخذك الدراما المصرية من
لبنان؟
لا أعرف، بصراحة أقول انني لم أشعر بالغربة في مصر، بل أحببت الحياة هناك.
المصريون لا يزالون على طيبتهم أكثر وهذا ما يجعل رفقتهم سهلة ومريحة.
·
هل توجهك إلى الخارج يهدف إلى
دعم الفن اللبناني؟
إلى دعم نفسي، أيّ فن لبناني تتحدثين عنه؟ لا يمكن لشخص أن يدعم الفن
اللبناني، ويكذب على نفسه وعلى الآخرين من يقول غير ذلك. لا يمكن لأحد أن
يدعم الفن اللبناني غير الدولة أو مؤسسة كبرى أو منتج.
·
من الواضح أنك يائسة؟
بل واقعية، وتجارب من سبقونا تؤكد ذلك. صباح، نور الهدى، وأسماء برزت
واشتهرت في مصر، ولكن كلبنانيات برزن وحدهن بدون أن يبرز لبنان معهن، ليس
لأنهن لم يردن ذلك. هذا هو الواقع. لذلك أقول إني أدعم نفسي، وفي هذا
الإطار هناك كلام بيني وبين ايلي سمير معلوف لتقديم مسلسل تلفزيوني.
·
هل العمل بين لبنان ومصر سيشتتك؟
لن يشتتني كثيراً لأني سأختار أدواري ولن أكثر منها.
·
لطالما كانت هذه سياستك حتى في
مرحلة الانتشار؟
لا أستطيع تقديم أعمال كثيرة، حتى لا أتشتت بالشخصيات التي أؤديها.
·
تخوضين كثيراً بشخصياتك؟
إلى حد كبير.
·
يؤثّر الأمر في من حولك؟
في المقربين من حولي.
·
تضايقينهم؟
ليس عن قصد. عندما صورت بين “بيروت ودبي” مثلاً كنت عصبية جداً، مشكلجية
وهجومية. في “البوابة الثانية” كنت أكثر وجعاً ولا أستطيع اتخاذ موقف وإذا
كانت الشخصية تفترض اهمالاً لشكلي الخارجي، فلن أتردد. والعكس صحيح أيضاً.
هذا التناقض ظهر جلياً في “البوابة الثانية” و”بديعة مصابني”، في الأول كنت
امرأة مهملة لنفسي، على عكس حالي في “بديعة مصابني”.
·
وعلى الصعيد الشخصي؟
أحب تغيير “اللوك” كثيراً بين فترة وأخرى، اليوم أنا شقراء، ولكن لا بد من
تغيير قريب، لأني واثقة من أن الأدوار التي سألعبها بهذا “اللوك” ستكون
قليلة جداً.
·
لماذا؟
لأن الأدوار التي تُسند اليّ تعتمد على المضمون أكثر من الشكل، وفيها لعب
على الشخصية. أما الشكل فلا بد انهم سيجدون شقراوات كثراً يؤدين شخصيات
أخرى، علماً بأني أحب أن أؤدي يوماً ما دور شخصية “خفيفة”.
·
أتحبين لعب كل الأدوار؟
ما عدا دور المرأة المقموعة والتي تفتقد كيانها وشخصيتها.
·
ولكن هذا النموذج موجود؟
موجود ولكني لا أستطيع أن ألعبه، لأنه يستفزني كثيراً خصوصاً لأني أعيش
الدور بتفاصيله.
·
هل تعتبرين التمثيل مقدرة
وموهبه، تعلماً واكتساباً أم أشياء أخرى؟
هو مزيج من كل شيء، الشكل قد يبهر في البداية، وبعدها ماذا يمكن أن يحصل؟
هو صدق في الأداء الصحيح الذي يحتاج لتقنيات من الضروري تعلمها، الموهبة
والإحساس لا يكفيان، بل يمكن أن يضرا العمل إذا لم نعرف تقنية الإضاءة أو
الصوت أو الزوايا. وأنا دائماً أقول إن التمثيل بالنسبة لي هو حالة اجترار
لما أبتلعه ثم اجتره بإحساسي.
·
كُثر بلا موهبة استطاعوا فرض
أنفسهم على الساحة من خلال علاقات ووساطات هل يُحبطك هذا الأمر؟
كان يحبطني بالأمس، خصوصاً بعدما كانت تحجب عني أدوار البطولة لصالح غيري،
اليوم لم يعد الأمر يؤثر فيّ.
·
ألأنك خرجت من الإطار المحلي؟
أبداً فهذه الأمور تحصل أينما كان، بل على العكس في لبنان تحصل أقل من أي
مكان آخر وحيث لا تزال المنافسة محصورة في ظل الإنتاج اللبناني الخجول.
·
المنافسة في مصر أشد، وهذا يعني
انك تدخلين إلى دائرة الخطر؟
بالنسبة لي لم أشعر بأي حرب. العكس، استقبلوني في القاهرة بكل احترام.
أقول إن الفنان هو الذي يفرض نفسه، فإذا ذهبت إلى القاهرة لأعرض نفسي
بابتذال، فهذا يفتح المجال لوضعي في دائرة حولها علامات استفهام، لذلك لا
أضع اللوم على المنتجين أو الرجال عموماً بل على الفتيات اللواتي يعرضن
أنفسهن للوصول الى غايات معينة وليس بهدف التمثيل.
·
ولكن لا يمكن أن تنكري أن للنجاح
أعداء، ونجاحك قد يُثير عداوات الغير مستقبلاً؟
لا أخاف ولم أفكر في الموضوع، فأنا أعيش عالمي الخاص، وأعمل بعيداً عن أي
شيء بصراحة لست اجتماعية. مكثت في مصر نحو سبعة اشهر تنقلت فيها بين أماكن
التصوير والمنزل فقط. كنت أخرج للغداء أو العشاء في مكان عام لا أكثر ولا
أقل فقط مع والدتي وأختي أو صديقة لي في زياراتهن المتقطعة لي، ولم أخرج
للسهر يوماً في أي مكان لأني لا أحب هذه الأجواء لا في لبنان ولا في مصر.
·
لماذا هذه العزلة؟
لأن أجواء الكذب والنفاق باتت سائدة أكثر.
·
ألا تجدين أن هذا الأمر قد يعيق
نجوميتك؟
إلى حد كبير ولكن هذه أنا، ولا أعرف المسايرة.
·
حتى في الإعلام علاقتك رسمية
جداً؟
أنا أرفض الظهور لمجرد الظهور. فإذا لم يكن لدي عمل لماذا أطل على الناس،
وماذا يمكن أن أقول لهم؟ ربما هذا خطأ وربما جاء عملي في مكان لا يجب أن
أكون فيه ولكن هذا قدري.
·
لو لم تكوني ممثلة ماذا كان يمكن
أن تكوني؟
طبيبة نفسية.
·
تقرأين في مجال علم النفس؟
كثيراً، وخصوصاً أنه يساعدني على فهم الشخصيات التي ألعب دورها. كل
الأدوار يشبه بعضها بعضاً، والتفاصيل هي التي تغير ملامحها. الشر والخير لا
يتغيران والتفاصيل هي المهمة في الأدوار السطحية، وإذا لم يخلق الكاتب
للعمل بُعداً، فعلى الممثل أن يخلقه ولو من خلال جملة صغيرة.
·
أي شخصية لعبتها كانت الأقرب
إليك؟
في كل شخصية لعبتها شيء يشبهني، وان كانت الأقرب “ابنة المعلم”.
·
هل تقبلين بدور لا تجدين أنه يمت
إليك بصلة؟
ربما أجد في الأدوار ما يجعلني اكتشف أشياء كامنة في ذاتي.
·
هل يمكن أن نقول إنك تنطلقين من
جديد اليوم، أم انك تستكملين مسيرة انطلقتِ بها قبل سنوات؟
استكمل مسيرة أصبحت أكثر نضجاً فيها وصار لي فيها هدف.
الخليج الإماراتية في
12/10/2009 |