ينكبّ على الجزء الخامس من «باب الحارة» وينصاع لرغبة الجمهور إذا أراد
المزيد. صاحب «أيام شاميّة» اعتبر أنّ الدراما السورية كسبت الرهان وصارت
مصر تستعين بها
لا يقف مشروع المخرج السوري بسام الملا عند مسلسله الأخير
«باب الحارة» الذي قدّم منه أربعة
أجزاء حتى الآن وحصد أكبر نسبة مشاهدة على مستوى العالم العربي. وراءه
تاريخ فني حافل بالنجاحات. في 1990، قدّم واحداً من أهم أعمال المسلسلات
السورية وأكثرها متابعة، هو «كان يا ما كان» كما قدم أعمالاً تاريخية كبيرة
مثل «العبابيد» و«زنوبيا». ثم بدأ تقديم مسلسلات البيئة الشامية بعمل حقق
نجاحاً كبيراً، وما زالت بعض المحطات العربية تعيد عرضه وهو «أيام شامية».
ثم عرف النجاح على نطاق أوسع بمسلسل «الخوالي» وتبعه «ليالي الصالحية»
فسلسلة «باب الحارة».
يستغرب الملا هجوم النقّاد على «باب الحارة» بسبب الصورة التي قدّمها عن
المرأة «لا يمكن أن أقدم امرأة في بدايات القرن العشرين بصورة مغايرة عن
الواقع الذي كانت عليه» هكذا يردّ الملا على الانتقادات وتحديداً على
الكاتبة السورية كوليت خوري التي انتقدت بشدّة كيفية تصوير المرأة في «باب
الحارة». ويضيف: «أعتبر أن أجمل ما كُتب عني في حياتي هو ما كتبته كوليت
خوري عن «أيام شامية». يومها، عنونت مقالها: الله يا بسام الملا. في ذلك
العمل، قدّمتُ المرأة بصورة أكثر اضطهاداً مما هي عليه في «باب الحارة». مع
ذلك، لم تنتقدني خوري كما فعلت مع «باب الحارة» رغم أننا قدمنا هنا امرأة
تقاوم ضدّ المستعمر إلى جانب الرجل، وامرأة مسيحية تظهر كاشفة عن وجهها وهي
رمز للنضال». ويعتبر الملا أنّ مسلسله ليس خدمة علم إجبارية. لذا، لمَن لا
يعجبه أسلوب الطرح في المسلسل، فليغيّر المحطة التي تعرضه. وعن تكريس
أعماله لثقافة بائدة لا تتوافق مع الخطوط العريضة لمعطيات عصرنا الراهن،
إضافة إلى ضياع الجزء الأخير من «باب الحارة» بين الحكاية الشعبية
المفترضة، وبين التوثيق لتاريخ مدينة ضاربة القدم ونضال شعب ضد الاستعمار،
يجيب الملا: «لا أسمح لـ«باب الحارة» ولا لغيره بأن يأخذ على عاتقه محاولة
التأريخ لدمشق. هذه المدينة أكبر من أن تُقدَّم في عمل تلفزيوني. ما قدمناه
مجرد حكاية مفترضة لشخصيات من محض الخيال والمكان الذي تدور فيه الأحداث.
لا وجود لحارة الضبع في دمشق القديمة. وأنا أذهب هنا نحو التاريخ الاجتماعي
من دون المساس بالتاريخ السياسي الذي لا يتمتّع بشعبيّة فيما يحتاج إلى
معلومات دقيقة وهائلة» ويسوق الملا مثالاً على حديثه، كتاب «حوادث دمشق
اليومية». في هذا الكتاب، وصف مؤلفه الشيخ أحمد البديري الحلاق إحدى
التظاهرات على أنّها أوّل تظاهرة عاهرات. وهي لم تكن كذلك حقيقةً كما يفصح
المخرج السوري، مضيفاً: «المسألة هنا تحمل وجهة نظر الكاتب. كان صوت المرأة
عورةً، ما جعل البديري يسمّي المُتظاهرات بالعاهرات لأنّ أصواتهن كانت تصدح
إلى العلن. عملنا لا يؤرخ لدمشق بل هي حالة كنا نأمل لو كانت دمشق على
صورتها».
وفي ما يخص ما يُتداول في أوساط الفنانين والمثقفين السوريين عن وقوف
mbc وراء العمل، بسبب رغبتها في نشر الثقافة التي يتبناها المسلسل، يكشف
الملا موضحاً «مسلسلي لا يتبنى ما هو عار أن يتبناه الفنان. هي مجموعة قيم
نبيلة ذات بعد إنساني ضمن معطيات بداية القرن العشرين في دمشق». ثم إن
أعمال البيئة الشامية التي قدمها الملا بدءاً من «أيام شامية» وانتهاءً
بآخر جزء من «باب الحارة» لم تصنع بتمويل خليجي كما يقول «حتى هذه اللحظة،
يظن بعضهم أن «باب الحارة» من إنتاج المحطة السعودية.
فريق «بيت جدي» تبعنا إلى أماكن التصوير ذاتها واستقطب الممثلين أنفسهم (ب.
م)
على العكس، هو إنتاجنا لكنّنا بعنا ملكية العرض الحصري لهذه المحطة بسبب
إيماننا بأهميتها ونسب مشاهدتها العالية. وحتى هذه اللحظة، لم تتدخل
mbc
بالمسلسل. وعن بعض الآراء التي رأت أنّ ناصر القصبي وعبد الله السدحان
يقلّدان «باب الحارة» في مسلسل «كلنا عيال قرية»، يرفض الملا هذه
الانتقادات، معتبراً أنّ الخليج يملك الحق في تقديم قدم بيئته بالطريقة
التي يراها مناسبةً، وخصوصاً أنّ أمواله تذهب إلى إنتاجات عربية. ويشير إلى
إمكانات القصبي والسدحان «أرى أنهما ممثلان يملكان موهبة استثنائية لكنهما
يؤطران إمكاناتهما في «طاش ما طاش»». في المقابل، يرى الملا أنّ التقليد
الحقيقي لـ«باب الحارة» جاء من السوريّين أنفسهم وما قدّموه من دراما
البيئة الشامية. ويعتبر أنّ هذا الأمر كان منافسة غير مشروعة. ويقصد هنا
مسلسل «بيت جدي» مضيفاً «تبعوني إلى أماكن التصوير ذاتها، واستقطبوا
الممثلين أنفسهم بطريقة غير مهنية».
وعن رأيه بما أنتجته الدراما السورية في رمضان 2009، يعتبر الملا أنّها
«كسبت رهان النوعية بجدارة، وأثبت السوريون أنهم صناع حقيقيون للدراما.
وخير مثال على ذلك أنّ مصر أستاذة الدراما بدأت تلجأ إلى الخبرات السورية
من ممثلين ومخرجين لأنّ العمل المصري سيحقق مبيعاً ورواجاً أكبر إذا وقّع
عليه سوريون».
الجمهور أولاً
يعتبر بسام الملا أنّ كل ما يقدمه من أعمال يهدف أولاً إلى إرضاء الجمهور.
وهذا الأخير هو صاحب الكلمة الفصل، إلا إذا كان رأيه يمثّل خطورة على
المشروع الفني. هكذا ينهي الملا التحضيرات لبدء تصوير الجزء الخامس من «باب
الحارة» ويتمنى أن يكون الجزء الأخير. لكنه يترك القرار للجمهور: «إذا
طالبنا بجزء سادس، فنحن مستعدون». وفي ما يخص أبطال العمل المستبعدين، يفصح
الملا عن رغبته بعودة عباس النوري (الحكيم أبو عصام). بينما يرفض الحديث عن
سامر المصري (الصورة) الذي استُبعد أيضاً من المسلسل ووصلت الخلافات بين
الاثنين إلى درجة تبادل فيها التهم والشتائم على شاشات التلفزيون وصفحات
الجرائد
الأخبار اللبنانية في
15/10/2009 |