كان عمرها 16 سنة عندما لفتت المخرج السينمائي الأميركي نك كاسافيتس، نجل
العملاق الراحل جون كاسافيتس، وكانت تقف أمام باب معهد الدراما
في نيويورك، فعرض
عليها أحد الأدوار الرئيسة في فيلمه «دفتر المذكرات». ومنذ ذلك الحين (سبع
سنوات)
صارت ريتشل ماكادامز ممثلة محترفة ذات سمعة
مهنية ممتازة يعرض عليها كبار المخرجين
أدوار البطولة في أفلامهم. وظهرت ماكادامز حديثاً الى جوار كل
من بن أفليك وراسل
كرو في الفيلم الناجح «حالة اللعب» من اخراج كيفين ماكدونالد، وها هي تلمع
في «زوجة
الرحال» للسينمائي روبرت شوينتكي حيث تتقاسم البطولة مع النجم إيريك بانا
أحد أبطال
فيلم «تروي» وغيره من الأعمال الهوليوودية الجذابة في السنوات
الخمس الأخيرة.
وتتميز ماكادامز بجمال فذ وجاذبية طاغية، وهي من أصل كندي مولودة في
نيويورك حيث
كبرت الى أن خطفتها السينما وأرغمتها على الإقامة بين لوس
انجليس ومسقط رأسها طبقاً
لمتطلبات العمل.
زارت ماكادامز باريس لتروّج لفيلم «زوجة الرحال» فالتقتها «الحياة» في هذا
الحوار.
·
ربما انها المرة الأولى التي
يشاهدك الجمهور في فيلم بهذا المستوى من
الأهمية، فكيف عشت تجربة تصوير «زوجة الرحال»؟
-
صحيح انها المرة الأولى التي أجد فيها نفسي منغمسة في عمل تدور أحداثه بين
الزمن الحالي والتاريخ لأن بطل السيناريو يملك قدرة خيالية على الانتقال في
الزمن،
فهو «رحال زمني». وأنا أمثل شخصية شريكة حياته وبالتالي
مغامراته. واضطررت إذاً الى
ارتداء ثياب تليق بكل فترة من الفترات الزمنية ووجدت نفسي محاطة بديكورات
تشبه
الأفلام التي كنت أراها وأنا صبية والتي تدور أحداثها قبل آلاف السنين. كنت
متأثرة
طوال فترة التصوير بالإمكانات الهائلة للفيلم كي يعيد الى
الحياة حكاية عبور الزمن
على هذا المستوى من الواقعية، وقد ساعدني الجو المحيط بي في حسن تصور أبعاد
شخصيتي
وفي تقمصها بالطريقة المطلوبة. لقد رأيت الفيلم حديثاً وأكاد أقول انني لم
أتعرف
فيه إلى نفسي بسبب حدة المكياج فوق وجهي وحتى جسدي وكذلك بسبب
الثياب التنكرية التي
أرتديها. لقد عملت من قبل في أفلام ذات إمكانات جيدة، لا سيما «حالة لعب»
مع راسل
كرو وبن أفليك، ثم في أعمال صغيرة مثل «دفتر المذكرات» الذي كان فيلمي
الأول، وهو
الذي أطلقني سينمائياً على رغم ضآلة وسائله الإنتاجية، والواقع
انه من أجمل الأفلام
التي رأيتها في حياتي وأنا صادقة عندما أقول ذلك.
·
وأي لون تفضلين؟
-
من الصعب عليّ أن أحدد أي لون سينمائي يعجبني أكثر من غيره، فالحكاية تتعلق
أولاً وأخيراً بنوعية السيناريو وبموهبة المخرج، وأنا أفضل المشاركة في عمل
واحد
جيد فقط، سواء انتمى الى السينما المستقلة أم الى النوع
الهوليوودي ذي الإمكانات
الكبيرة.
·
كيف تم اختيارك لدور البطولة
النسائية في «زوجة الرحال»؟
-
أبدى المخرج روبرت شوينتكي رغبته في مقابلتي بعدما شاهد بناء على نصيحة
إحدى
مساعداته فيلم «حياة زوجية» من إخراج أيرا ساكس الذي أديت فيه الدور
النسائي الأول،
وطلب مني قراءة سيناريو فيلمه وتحليل شخصية زوجة الرحال ثم ارتجال مشهد
أمامه
بإيحاء من النص المكتوب. وبدت المهمة بمثابة التحدي لكنني
أنجزتها بشجاعة وإصرار،
والطريف أن شوينتكي لم يهنئني أو يترك لرد فعله أي عنان أمامي واكتفى
بعبارة بسيطة
وتقليدية من نوع «سنرد عليك في مستقبل قريب». لكن الرد طال قبل أن يأتي، ما
جعلني
أفقد الأمل نوعاً ما وأبدأ الاهتمام بمشروعات ثانية، الى ان
اتصل بي منتج «زوجة
الرحال» ليخبرني بقرار المخرج الإيجابي في شأن إسناد الدور إليّ. وعرف في
ما بعد من
شوينتكي شخصياً، أنه قرر منحي الشخصية فور لقائنا الأول، لكنه منح نفسه
أمام شركة
الإنتاج فترة زمنية إضافية من أجل خوض بعض التجارب أمام
الكاميرا مع غيري من
الممثلات حتى لا يتهمه المنتج بالعجلة وعدم منح المسألة الأهمية التي
تستحقها.
·
أديت في الفيلم لقطات جريئة مع
شريكك إيريك بانا الذي يؤدي دور الرحال، فهل
ضايقك الأمر بطريقة ما؟
-
اطلاقاً، على رغم كوني غير معتادة على تمثيل المشاهد الساخنة أمام
الكاميرا،
لكن الماكياج فوق وجهي وجسدي كله ثم الطريقة المهنية الفعالة في إدارة
الفريق
التقني، كلها عناصر جعلتني لا أبالي بما كنت أفعله وأنغمس في
الشخصية كلياً من دون
أدنى تفكير في الجانب الجريء من هذه المواقف.
·
لكن مقص الرقيب حذف الجزء الأكبر
من هذه المشاهد في النسخة المخصصة
للولايات المتحدة، والفيلم لن ينزل كاملاً الى دور العرض إلا في اليابان
وأوروبا،
فما قولك في هذا الشأن؟
-
أقول خسارة لأن اللقطات المعنية جميلة وشاعرية أكثر مما توحي بأي شيء مخل
بالأدب أو بالذوق الرفيع.
·
ترددت الى استوديو التصوير في
نيويورك كي تلتقط لك الفنانة المعروفة أني
ليبوفيتز صوراً جريئة مع النجمتين سكارليت جوهانسون وكيرا
نايتلي، لكنك فررت قبل
بدء الجلسة. فما الذي حدث؟
-
انتابني الشعور بالحشمة وأدركت الفارق الكبير بين لقطة سينمائية جريئة تدخل
في
اطار حبكة محددة، ثم جلسة تصوير عادية تلتزم العري لمجرد العري، فهربت من
دون أن
أتفوه بكلمة واحدة، ثم اتصلت هاتفياً بالمصورة لأفسر موقفي.
ربما انني كنت على خطأ
في تفكيري لأنني عندما رأيت الصور منشورة في ما بعد في مجلة «فانيتي فير»
الفاخرة
أدركت مدى موهبة ليبوفيتز في تحويل العري الى فن أصيل، كما يحدث في لوحة
جميلة.
دمية حلوة
·
مثلما تذكرين، غيرت مظهرك من أجل
أن تؤدي شخصية زوجة الرحال وظهرت في
الحقيقة قاسية الملامح الى حد كبير، على الأقل في لقطات محددة، ألم يضايقك
الظهور
بمعالم شبه مشوهة والتضحية بصورتك الجذابة جداً التي عرفت كيف تفرضينها على
الجمهور
عبر أفلامك السابقة؟
-
أنا على عكس ذلك مسرورة جداً لأنني ضحيت بهذه الصورة التي تتكلم عنها، فأنا
ممثلة وهذا، في رأيي، يعني انني قادرة على أداء كل أنواع الشخصيات، جميلة
كانت أم
بشعة، طيبة أم شريرة، عاقلة أم مجنونة. لقد بقيت حبيسة اللون
الرومانسي منذ بدايتي
السينمائية، لمجرد ان فيلمي الأول «دفتر المذكرات» انتمى الى هذا النوع،
ولم يوجد
قبل شوينتكي من فكر في منحي فرصة تمثيل شخصية متقلبة مثل تلك التي أديتها
في «زوجة
الرحال»، ما يجعل تجربتي في هذا العمل شيقة ومن أفضل ما حدث لي
في حياتي المهنية
حتى الآن.
·
لكن جمالك عادة ما يخدمك في
مهنتك، أليس كذلك؟
-
بالتأكيد، فالجمهور يحب أن يحلم بالممثلات وأن يراهن مستحيلات المنال وفي
قمة
الجاذبية، لكن يجب ألاّ يمنعهن الأمر من إثبات قدراتهن الفنية في أدوار
متنوعة ليست
دائماً مبنية على مفاتنهن. إذا نظرنا الى غريتا غاربو وأفا
غاردنر ومارلين ديتريش
وريتا هيوارث لوجدناهن أجمل نساء الكون، لكننا لا ننسى أنهن كن فنانات
قديرات
أيضاً. وربما تكون مارلين مونرو الوحيدة التي تركت مظهرها يطغى على
موهبتها، فلم
يعترف العالم بأنها كانت ممثلة جيدة إلا بعد رحيلها، وهي طالما كانت على
قيد الحياة
اعتبروها دمية حلوة لا أكثر ولا أقل، وهذا شيء لا شك في أنه
شارك في القضاء عليها
قبل الأوان.
·
يقال ان السينمائي نيك كاسافيتس
اكتشفك وأنت تقفين أمام باب معهد الدراما
في نيويورك، فما صحة ذلك؟
-
الخبر صحيح، فقد شاءت الصدفة ان يمر كاسافيتس بسيارته أمام المعهد الذي كنت
أدرس فيه في نيويورك، فتوقف وترجل من سيارته وعرَّفني الى نفسه قائلاً إنه
يهيئ
مشروعاً سينمائياً روائياً يتناول حياة امرأة متقدمة في العمر
مصابة بمرض الزهايمر
وتتذكر بين حين وآخر فترات من شبابها الأول، وأضاف أنه يراني أناسب شخصية
المرأة
هذه في سن الشباب وطلب مني الحضور الى مكتب الشركة المنتجة كي أخضع لتجربة
تمثيلية
أمام الكاميرا.
أخذت منه عنوان المكتب ووعدته بالحضور في اليوم الذي حدده ثم أخبرت أهلي
طبعاً
كون عمري لم يزد في حينه عن 16 سنة، لكنهم أبدوا شكوكاً في صحة
الخبر وهوية الرجل،
وفي النهاية ذهبت الى الموعد بصحبة والدايّ ووقفت أمام الكاميرا مؤدية لقطة
درامية
صعبة من الواضح أنها بدت مقنعة للمخرج والمنتج على السواء فتم إسناد الدور
إليّ
بحضور أمي وأبي ومع موافقتهما وتوقيعهما على عقد العمل.
·
هل أنت امرأة مخلصة في الحب؟
-
كلياً سواء كان الأمر يخص الحب أو الصداقة، فأنا ساذجة وبالتالي أتعذب
وأبكي
كثيراً لكنني عاجزة عن تغيير طبيعتي مثل كل الناس عموماً.
·
وما هو مشروعك الآني؟
-
الاستمرار في الترويج لفيلم «زوجة الرحال» في العواصم الأوروبية ثم العودة
الى
نيويورك من أجل التمعن في درس مشروع مسرحي غير محدد الملامح بعد.
الحياة اللندنية في
16/10/2009 |