في عام ٦٦٩١ كان »كمال الطويل«
قد قرر التوقف عن تلحين أغنية عيد ثورة يوليو والتي ارتبطت بها
مصر منذ منتصف الخمسينيات حيث كان الثلاثي صلاح جاهين وكمال
الطويل وعبدالحليم حافظ
قد صاروا أحد علامات الروح الوطنية الشعبية..
قال لي الطويل في حوار خاص انه
استمع الي كلمات أغنية صلاح جاهين »صورة«
واعجبته حيث انها تجمع بين الحماس
والاعتزاز الوطني وأيضا خفة الظل والشاعرية إلا أنه لم يكن في حالة مزاجية
تسمح له
بالتلحين وذهب إلي منزل
»عبدالحليم حافظ«
ليعتذر له فقال له ضابط كبير تصادف
تواجده في زيارة لعبدالحليم..
لم يكن كمال يعلم علي وجه اليقين من هو هذا الضابط
بعد ذلك اكتشف أنه »شمس
بدران« أحد أهم الشخصيات العسكرية التي كانت تشارك في
حكم مصر..
فوجيء الطويل أن بدران يقول له هل التلحين
صار أيضا بالمزاج سوف تلحن
الاغنية لتقدم في عيد الثورة وقرر »الطويل«
السفر في اليوم التالي خارج الحدود
إلا أنه فوجيء في المطار أن اسمه ضمن الممنوعين من السفر.. واكتشف أن
عبدالحليم
حافظ بالاتفاق مع »شمس بدران«
قد تمكن من اصدار هذا القرار وصار
»الطويل«
يلحن تحت التهديد وقدم »الطويل« في »صورة« واحدا من أروع الالحان الوطنية
وبعد الحفل داعبه شمس بدران قائلا ياريتك تلحن كل أغانيك من غير
مزاج؟!
تذكرت هذه الحكاية وأنا اتابع مهرجان القاهرة وهو يبحث عن فيلم مصري
يشارك في المسابقة الرسمية ودائما ما يرفعون شعار حب مصر فهل
الفنان مرغم علي أن
يمنح فيلمه للمهرجان طالما أن المهرجان يحمل اسم مصر وبرغم انه قد تم
الاتفاق مؤخرا
علي أن يشارك فيلم »عصافير النيل« للمخرج مجدي أحمد علي ولكن يظل أننا
نعاني من
مأزق علينا أن نبحث له عن حل دائم ولا ننتظر الانقاذ في اللحظة الأخيرة ولا
يمكن
كما يتصور البعض أن تصدر الدولة قرارا تصبح من خلاله السينما المصرية هي
التي ينبغي
أن تتوجه أولا لمهرجان القاهرة السينمائي قبل أن تفكر في
المهرجانات الأخري..
»جحا«
ليس دائما أولي بأفلامه لأن الدنيا تغيرت صار من حق الفنان أن يختار
بارادة حرة الاوفق بالنسبة له وكل لديه أسبابه المادية
والادبية في نفس الوقت كل
مهرجان يسعي للتأكيد علي تحقيق السبق بالنسبة له..
المهرجانات حتي التي ليست عضوا
في الاتحاد الدولي للمنتجين العالميين وليس لديها ما يمنعها من عرض أفلام
سبق
مشاركها في مهرجانات سابقة مثل مهرجان »القاهرة«
الذي لا يستطيع أن يعرض رسميا
أي فيلم اشترك من قبل في مهرجان هذه المهرجانات المتحررة من هذا القيد
الصارم تري
أيضا أمن حقها أن تعرض أفلاما تشاهد لأول مرة تحديدا الافلام العربية لم
يسبق لها
الاشتراك في أي مهرجان سابق؟!
في المهرجانات الكبري الثلاث »كان«
،
»برلين«
، »فينيسيا« سوف تكتشف أن سينما البلد المضيف لها نصيب كبير من
الافلام ولا يؤدي ذلك بالضرورة الي نصيب مميز من الجوائز فلم
تحصل فرنسا علي النصيب
الأكبر من جوائز »كان«
بل ظلت لمدة
٠٢ عاما بعيدة عن السعفة الذهبية حتي حصلت
عليها في الدورة قبل الاخيرة ولم تفعلها السينما الايطالية في »فينيسيا«
ولا
السينما الالمانية في »برلين« ولكن أغلب صناع الافلام يعرضون أفلامهم في
المهرجان التي تمنحهم نجاحا أدبيا..
مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يواجه
مأزقين الاول هو أن الدول الخليجية قد صارت لديها مهرجانات تمنح جوائز
مالية ضخمة
ولا تستطيع أن تلوم السينمائي لو أنه قرر أن يشارك في تلك المهرجانات مثلما لا
نلوم مثلا الطبيب أو المهندس أو المدرس الذين يعملون في تلك الدول ولا نلوم
الصحفي
الذي يذهب الي الخليج ويكتب في احدي المجلات والجرائد هناك
ونعتب عليه لأنه لا يكتب
في الجرائد المصرية رغم أن الدولة تحملت نفقات تعليمه المجاني
واكتسب الخبرة ربما
من العمل في احدي دور الصحف المصرية قبل أن يشرع في السفر لا أحد يلوم
انسان علي
الاختيار.. حتي الدولة من خلال وزارة الثقافة عندما انتجت فيلم »المسافر«
وجاءت لها الفرصة لعرضه في »فينيسيا«
لم تعتذر لادارة
»فينيسيا« مؤكدة
مثلا أن الفيلم سوف يشارك في مهرجان القاهرة ولا أحد كان من الممكن أن
يوافق علي أن
تضحي وزارة الثقافة بمهرجان »فينيسيا« من أجل عرض فيلمها في المسابقة
الرسمية
لمهرجان القاهرة ممثلا لها..
الدولة بالطبع لو أرادت ذلك لفعلته فهي تملك
القرار
لأنها هي منتجة الفيلم إلا أنها رأت أنه من صالحها كجهة انتاج أن تشارك
بالفيلم في
مهرجان بحجم فينيسيا واذا كنا نلتمس العذر للدولة فالأحري بنا أن نلتمسه
لمنتج
القطاع الخاص؟!
الجاذبية المادية انتقلت لمهرجانات مثل »دبي«، »أبوظبي«
وأخيرا »الدوحة«
ومصر كانت هي أول دولة عربية رصدت جائزة قدرها
٠٠١
ألف جنيه
وذلك لأفضل فيلم عربي أي حوالي
٧١ ألف دولار بينما جائزة أفضل ممثل أو ممثلة في
مهرجان »أبوظبي« مثلا تصل إلي ٥٧ ألف دولار ولا تستطيع أن تطلب من الدولة
أن
تزيد من قيمة الجائزة ولكن لماذا لم يعد الرعاة المصريون
يسارعون بالمساهمة في
المهرجان.. أصحاب رؤوس الأموال يبحثون بالطبع عن مكاسب أدبية يحققونها من
خلال
رعايتهم لتلك المهرجانات وكان هناك أكثر من محاولة في هذا
الاتجاه »ساويرس«
أكثر من دورة والراحل »محمد نصير«
دورة واحدة وكان يستعد للثانية لولا القدر
إلا أن أغلب أصحاب رؤوس الاموال لا يتوجهون لرعاية مهرجان القاهرة
السينمائي
الدولي!!
أنا لا أتصور أن المأزق قد انتهي بمجرد حصول مصر علي فيلم يحفظ ماء
وجهها هذه الدورة وأنا أؤيد
»عزت أبوعوف« رئيس المهرجان في ضرورة ألا يتورط
المهرجان في عرض أي فيلم مصري لمجرد أن نقول أن لدينا فيلما مصريا هذا هو
الخطأ
الأكبر وسبق لمهرجان القاهرة ارتكاب هذا الخطأ أكثر من مرة وآخرها العام
الماضي..
ليس مطلوبا أن تشارك السينما المصرية إلا بفيلم يستحق المنافسة ليس
بالضرورة أن
تحصل علي جائزة ولكن الحد الأدني هو أن نجد أمامنا فيلما
سينمائيا يحمل اسم السينما
المصرية؟!
الزمن تغير.. نعم لحن كمال الطويل مرغما صورة صورة صورة كلنا كده
عايزين صورة وذلك قبل
٣٤ عاما لأن تلقي أمرا وتكليفا وطنيا أما الآن فلا أحد يملك
علي أحد هذا التكليف حتي لو تحدث باسم الوطن ويجب من الآن أن
نسارع بإعادة البريق
لمهرجان القاهرة ليظل قادرا علي المنافسة والجذب..
فتجري إليه الافلام المصرية
بدلا من أن تجري بعيدة عنه إلي المهرجانات الأخري!!
أخبار النجوم المصرية في
22/10/2009 |