|
* ديفيد كنسلا.. مخرج ومصور ومنتج وموزع بريطاني. يعتبر بحق "رجل الإنترنت
السينمائي" فهو يوزع فكرة الفيلم الذي ينوي صنعه عبر شبكة المعلومات
الإلكترونية بحثا عن دعم مالي ممن تعجبه الفكرة. وحين يحصل علي الدعم أو
يظهر له منتج يبدأ بإخراج الفيلم وأثناء تصويره يضع لقطات منه عبر "اليوتيوب"
لجذب المشترين ثم عندما ينهيه يكون لديه مجموعة عروض تلقاها عبر الإنترنت
فيبدأ في التفاوض علي بيعه. وعلي عرضه. أي أنه بمفرده يقوم بكل الأدوار
تقريبا لإخراج أفكاره إلي حيز التنفيذ. وإيصالها إلي المشاهدين عبر الشاشات
والمهرجانات. ولديه مؤهلات تسبقه منها فوزه بجائزة أفضل مصور صحفي في العام
عام 1981 في أيرلندا الشمالية. وفوزه بأكثر من 58 جائزة عن أعماله كمصور
صحفي ومخرج تسجيلي علي مدي 20 سنة من مهرجانات دولية وفي فيلمه "مأساة
جميلة" هو المنتج والمخرج والمصور ولكنه أعطي العيش لخبازه في السيناريو
"آنا سيروتا" والمونتاج "سيربان جورجيسكو" وبالطبع الموسيقي "رايموند
إينوكسين" والفيلم بعد هذا هو الفائز بالجائزة الكبري في مهرجان
الإسماعيلية السينمائي الدولي الذي أعلنت جوائزه منذ أيام. والفيلم وإن كان
مصنفا باعتباره تسجيليا قصيرا "مدته ساعة" إلا أنك تدرك عند مشاهدته أنه
يقترب من الروائي في بنائه وتأخذ الدراما فيه مساحة هامة من خلال توظيف
"التسجيل" نفسه فهو فيلم واقعي بمعني التسجيل لرحلة إنسانة حقيقية ومحيطها.
وهو فني في اختياره لقصة اكتشاف وتأهيل نجمة جديدة للباليه. وعنايته بتكوين
اللقطات. ورهافة التعبير عن كافة مفردات الفيلم وأجزائه بأسلوب يخاصم
الاستطراد ويعظم الاقتصاد في الكلمة والنظرة والحوار وحتي الضروري منه
كالشروح الصادرة من المعلمة إلي تلميذتها. المساحة الأوسع في الفيلم تركها
كنسلا للحركة السريعة المدعمة بلغة الموسيقي في عرضه للحياة الصارمة
للطالبات في مدرسة باليه البولشوي الروسي. صرامة تصل إلي حدود القسوة
وتتخطاها أحيانا في المراجعة الدائمة وتقييمات الأداء والتدريبات المنفردة
لما ينقص بطلة الفيلم. وحيث تؤمر باستكمالها في الإجازة التي تتمتع بها
رفيقاتها بإقامة حفل في غرفة مجاورة. وكأن صاحبتنا في سجن انفرادي. تتمني
معه أحيانا العودة إلي بيتها وأحضان الأم الدافئة. لكنها لحظات سرعان ما
تتجاوزها "اوكسانا سكوربك" إحدي نجمات الباليه الجدد الآن في روسيا. والتي
يقدمها الفيلم كشابة صغيرة جميلة ونحيلة تتمتع بإرادة حديدية تتجاوز معها
كل العقبات التي تجعل غيرها يهرب من هذا العالم الصعب. وتلك "المفرمة" أو
"المخرطة" التي تعيد تشكيل هؤلاء الفتيات لتأهيلهن لعالم آخر قوامه البراعة
واللياقة المفرطة في دنيا أعلي فنون الرقص جمالا واكتمالا لتصبح الراقصة
هنا قريبة من الفراشة أو الكيان الضوئي المتحرك كما نري أوكسانا تدق
بقدميها علي المسرح شاعرة بمتعة الرقص وتلقي التصفيق والاعجاب من جمهور
الايليت.. في التذوق.. ولهذا كله سمي المخرج فيلمه مأساة جميلة.. ففي لحظات
من الفيلم تشعر بمأساة أوكسانا وهي تتمني لقاء أمها التي حرمت منها بسبب
تدريبات لم تؤدها كما يجب. أو رأي سلبي لمدربتها في مستواها ليطرح علينا
الفيلم قمة التراجيديا الذي تعانيه البطلة عاطفيا وإنسانيا مقابل نفق طويل
تجتازه حتي تصل إلي الضوء.. أو النجاح والتأهل لمستقبل مليء بالعمل والمجد
والشهرة والأضواء.. فأي مأساة هذه في رأي البعض منا أن يضحي بالأهل والدفء
والأصحاب مقابل العمل؟ ويقابل هذا اختيار البطلة نفسها التي لم تتراجع مع
كل قسوة وحرمان التأهيل لأنها رأت "الجمال" في مستقبل تتصوره علي الجانب
الاخر من النفق.. وهو ما نصل إليه عبر قدرة المخرج في استخدام كل أدواته.
خاصة قدرته علي تقديم تتابع درامي لفيلم تسجيلي نابع من حياة البطلة
وتفاعلها مع الآخرين. أي أنه تسجيل بأسلوب درامي شاركت فيه الموسيقي بدور
مؤثر. وأيضا المونتاج في عملية عزف جماعي واضحة الاتقان. وربما يكون "مأساة
جميلة" هو المعادل التسجيلي لأفلام روائية عديدة عن حياة الفنانين وعن جنون
الشهرة والمجد. وبرغم جاذبية هذه الأفلام إلا أن قوة الفيلم هنا تنبع من
قيامه علي قاعدة حقيقية. القصة والبطلة. أي واقعية الحدث والنموذج إلي جانب
انحياز المخرج لهذه "المأساة الجميلة" ضد الحياة الإنسانية للبطلة قبل
دخولها هذا العالم المبهر.. ولولا هذا الانحياز لما صنع هذا الفيلم.. وهو
ما اعترف به في المؤتمر الذي أعقب عرضه في المهرجان.. بل اعترف أيضا أنه
لابد أن يحب النماذج التي يقدمها في أفلامه.. حتي يصبح لديه دافع للابداع!
magdamaurice1@yahoo.com
الجمهورية المصرية في
22/10/2009
فنون يقدمها: محمد صلاح الدين
حرب أكتوبر في أحدث كتاب عن السينما المصرية :
التسجيلية كانت أفضل من الروائية .. ونقد لأفلام الحب
والانفتاح
حسام حافظ
صدر عن المجلس الأعلي للثقافة كتاب "أطياف الحداثة" للناقد السينمائي عصام
زكريا. وفيه يتناول من خلال مجموعة من الدراسات كيفية مواكبة السينما لتطور
المجتمع المصري من ثورة يوليو وحتي بداية القرن الحادي والعشرين وقد اهتم
الباحث بصور مصر الاجتماعية علي الشاشة خاصة واقعية صلاح أبوسيف ورومانسية
عبدالحليم حافظ حتي مواجهة السينما للتطرف في أفلام التسعينيات.
تحدث الناقد في كتابه عن تجربة صلاح أبوسيف المتميزة في السينما وعن صعوده
في الخمسينيات وارتباطه بالثورة وكم الأفلام الواقعية الاجتماعية التي
قدمها خلال تلك الفترة مثل "شباب امرأة" 1956 و"الفتوة" 1957 و"الوسادة
الخالية" "ولا أنام" و"هذا هو الحب" 1958 و"أنا حرة" 1959 و"بداية ونهاية"
1960 واستمرت رحلة صعود صلاح أبوسيف مع الثورة أعقبها رحلة هبوط بعد هزيمة
1967 ثم بعد توقف القطاع العام مع بداية السبعينيات قد تأثر مستوي أفلامه
بهذا التحول.
وإذا كان صلاح أبوسيف رصد تحديث الثورة للحياة في المجتمع المصري فان نجم
الرومانسية عبدالحليم حافظ عاش هذه التحولات وعبر عنها من خلال أفلامه
الستة عشر ويقول عصام زكريا: في أفلامه يظهر عبدالحليم دائما في دور اليتيم
الباحث عن الحب والحب في أفلامه ثورة علي الواقع العادي القاسي الظالم وحلم
بالهروب والذوبان في عالم مثالي والعودة إلي الجنة المفقودة وعبدالحليم كان
أول مطرب في السينما المصرية يلعب دور المهندس والطالب الجامعي والمحاسب.
ويحتوي كتاب "أطياف الحداثة" علي واحدة من أهم الدراسات التي تناولت "سينما
أكتوبر" أي الأفلام الروائية والتسجيلية التي قدمتها السينما المصرية وكان
للحرب تأثير مباشر علي أحداثها. ويؤكد الناقد أن الأفلام التسجيلية عبرت عن
حرب أكتوبر بشكل أفضل من الأفلام الروائية ومازلنا نذكر من تلك الأفلام:
"صائد الدبابات" لخيري بشارة و"جيوش الشمس" لشادي عبدالسلام و"مسافر إلي
الشمال.. مسافر إلي الجنوب" لسمير عوف و"ثلاثية رفح" لحسام علي و"أبطال من
مصر" لأحمد راشد و"مبكي بلا حائط" لهاشم النحاس و"نزرع المدافن.. نحصد
العدو" لصلاح التهامي و"نهاية بارليف" لعبدالقادر التلمساني و"6 أكتوبر"
لسعد نديم و"أغلي من الحياة" لسعدية غنيم و"تحطمت الأسطورة" لخليل شوقي
والسؤال الذي يتكرر كل عام لماذا يحرمنا التليفزيون المصري من عرض تلك
الأفلام التسجيلية الرائعة التي تزداد قيمتها سنة بعد أخري خاصة بالنسبة
للأجيال الشابة التي لم تعش أيام حرب أكتوبر؟!
ويتناول الناقد الأفلام الروائية عن حرب أكتوبر ويقسمها إلي ثلاث فئات:
"الأولي التي قدمتها السينما المصرية بعد شهور قليلة من الحرب مثل "الوفاء
العظيم" و"الرصاصة لا تزال في جيبي" و"بدور" و"أبناء الصمت" و"حتي آخر
العمر" و"العمر لحظة" وتم انتاجها بين عامي 1974 و.1978
والفئة الثانية التي تتعرض لحرب أكتوبر من زاوية سياسية وهي أفلام صنعت
خلال الثمانينيات والتسعينيات مثل "سواق الأتوبيس" و"بيت القاضي"
و"العصابة" و"زمن حاتم زهران" و"كتيبة الاعدام" و"المواطن مصري" والفئة
الثالثة أفلام من انتاج التليفزيون تعرضت لحرب الاستنزاف التي سبقت ومهدت
لحرب أكتوبر مثل: "حكايات الغريب" و"الطريق إلي إيلات" و"الكافير" و"حائط
البطولات" و"يوم الكرامة".
الجمهورية المصرية في
22/10/2009 |
