الفيلم السوري الممنوع في بلده يسافر من مهرجان إلى آخر
حاملا قضية سياسية شائعة في العالم العربي.
يحمل فيلم "الليل
الطويل" للمخرج والممثل السوري حاتم علي رؤية فنان ومثقف لقضية حيوية تجتاح
العالم
العربي كله: قمع وسجن ونفي السلطة لكل صاحب رأي يخالفها.
يلقي الفيلم الضوء على أربعة من سجناء الرأي، تقرر السلطة الإفراج عنهم،
بعد أن
قضوا في سجنهم مددا تقارب العشرين عاما. يطلق سراحهم ليلا،
لنقضي معهم ومع ما تركوا
وراءهم قبل الزج بهم إلي السجن من حياة، ليلة حافلة بآلام الحاضر والماضي.
وبعيدا عن موضوع الفيلم فإن عناصره الأخرى من سيناريو وحوار وإخراج وتصوير
عملت
وفقا لإطار فني متميز، وقد حصل بناء على ذلك على الجائزة
الكبرى في مهرجان تاورمينا
السينمائي الدولي الذي انتهى أخيراً في مدينة صقلية الإيطالية، كما لقي
حفاوة كبيرة
من قبل جمهور أبوظبي حيث عرض في مهرجان الشرق الأوسط السينمائي. واليوم
يعرض الفيلم
في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ33.
المخرج حاتم علي أكد أن الفيلم يقرأ موضوعا شائكا ومعقدا ومناقشته عربيا
تعد
مسألة شاقة، لكن معالجته تمت في إطار إنساني دون شعارات.
وقال "البعد الإنساني يمثل الحامل الفني لكثير من القضايا السياسية، وأظن
أن أي
عمل فني حتى لو حملت رؤيته تشاؤما فإنه يحمل قدرا من التفاؤل من خلال
الوسائل
الفنية والشحنة العاطفية ويبعث على الأمل".
وأضاف إن "هناك شعورا بالتدهور سواء في الثقافة أو الحياة الاجتماعية
والحريات
المدنية، الأمر الذي كان لا بد أن ينعكس على السينما والمسرح، لكن الازدهار
الذي
يحدث في التليفزيون فقط الذي هو فن الحكومات ووزارات الإعلام".
أبطال فيلم "الليل الطويل" من ممثلي التليفزيون والمسرح الذين لهم باع
طويل،
ويتميزون بخبراتهم الفنية العالية، وقد تألقوا كل في دور: خالد تاجا، أمل
عرفة،
باسل خياط، سليم صبري وأنيسة داود.
ورأى حاتم علي أن سوريا ليس فيها هذا التقسيم والتصنيف، ممثل سينمائي وممثل
تليفزيوني، وقال: لأنه ليس لدينا صناعة سينمائية، سوريا لا
تنتج أكثر من فيلم واحد
أو فيلمين في العام، وأبطال 'الليل الطويل' من أفضل الممثلين السوريين على
تعدد
الأجيال، ومشاركتهم جاءت عن رغبة حقيقة في صناعة فيلم سينمائي سوري يحمل
المقاييس
الفنية للفيلم العالمي".
ونظرا لأن الفيلم يعالج قضية العلاقة بين السلطة من جهة والمثقف أو الفنان
أو
الرأي المخالف لها من جهة أخرى، يبرز دور الرقيب في صناعة
الفيلم، إذ أكد مخرج
الفيلم على أن "ربط الرقابة بحرية الكاميرا ربط واهم"، وأن المؤثرات
الصوتية والضوء
والحركة لعبت دورا بارزا وأغنت عن كثير من الكلام، فالفيلم يبدأ بهطول
المطر وتنقيط
الماء من حنفية الزنزانة ليعطي إحساسا بوطأة الزمن وثقله
وكآبته، وتبدأ الموسيقى مع
خروج السجناء إلى الشارع.
وأشار حاتم علي إلى أن الفيلم استطاع أن يلامس ويطرح مشكلة علاقة السلطة
والمثقف
بشكل دقيق جدا، المثقف الذي يريد أن يساهم في إضاءة المجتمع.
يمثل حاتم علي في الفيلم، الأمر الذي يمكن التساؤل معه عن أحقية أن يكون
الفنان
مخرجا وممثلا في فيلمه، لكنه أكد على أنه من حيث المبدأ ضد أن
يمثل المخرج في
فيلمه، قائلا "لقد قمنا بإنتاج الفيلم بإمكانات بسيطة جدا، ولأننا كنا
مضطرين
للتصوير في باريس وليس هناك من المال ما يكفي لأن نعطي ممثلا ما يجعله يذهب
معنا
إلى هناك، لهذا السبب وليس لسبب غيره قمت أنا بتمثيل هذا الدور
الخاص بي، كذلك
الفنانة أنيسة داوود التي لعبت دور الزوجة مقيمة في باريس".
وقال "من الآمال التي أرجو تحققها أن يكون نجاح الفيلم عاملا في عملية
تسهيل
عرضه في سوريا، وأن يكون حافزا ومشجعا لمنتجين سوريين مترددين
للمشاركة في صناعة
أفلام سورية، فالقطاع الخاص لديه قدرة كبيرة على المساهمة في ذلك".
وأكد أن نجاح فيلم من هذا النوع سيعود على صناعة السينما في سوريا.
ميدل إيست أنلاين في
14/11/2009 |