تحتفل جمعية المراسلين الأجانب في هوليوود اليوم، في السادسة بتوقيت
لوس أنجلوس بتوزيع جوائز “الجولدن جلوب” وهي ثاني أكبر حفلات الجوائز
السنوية في الولايات المتحدة بعد “الأوسكار” .
الجمعية تمنح جوائزها في خمسة وعشرين فرعاً أربع عشرة منها سينمائية
تشمل الأفلام (بقسميها الدرامي والكوميدي، والموسيقا) وأفضل تمثيل نسائي
ورجالي رئيسي (خمس في كل قسم) وأفضل تمثيل نسائي ورجالي مساند وأفضل إخراج
وأفضل سيناريو وأفضل موسيقا ثم أفضل أغنية موظّفة في فيلم لجانب أفضل فيلم
أجنبي (كما سبق وتناولنا هذا الجانب قبل أسبوعين) لجانب أفضل فيلم
“أنيماشن” .
التركيز سيكون على كل هذه الأقسام الليلة، والترشيحات تحمل في طيّاتها
حماساً بين كل المتسابقين من الممثلين والمنتجين والمخرجين على حد سواء،
لكن في نهاية المطاف هناك اسم واحد في كل قسم هو الذي سيخرج فائزاً .
ساندرا بولوك ستكون نجم هذا الاحتفال وهي تستحق إذ برهنت خلال العام
الماضي على عن حنكة كبيرة فإذا بأفلامها الثلاثة التي عُرضت خلال العام،
وهي “كل شيء عن ستيف” و”العرض” و”الجانب الأعمى” وهو الفيلم الذي لا يزال
معروضاً بنجاح إلى هذه اللحظة، تنجز إيرادات سحرية كونها أيضاً رخيصة
التكاليف . هذا ما يجعلها أنجح ممثلة حالياً . ليس هذا فقط، بل نسبة لحسن
إدائها وقابليّتها لتجسيد شخصياتها درامية كانت أو كوميدية على نحو مقنع
تستحق الترشيح الحالي (وذاك الذي ينتظرها عند ناصية الأوسكار) . وهي مرشّحة
كأفضل ممثلة درامية عن “الجانب الأعمى” وكأفضل ممثلة كوميدية عن دورها في
“العرض” ما يمنحها فرصة مزدوجة .
فرصة مزدوجة أيضاً بالنسبة للممثلة ميريل ستريب المرشّحة عن دورين
كوميديين واحد في “أمر معقّد” والثاني “جولي وجوليا” .
بالنسبة للتوقّعات الرجالية فهي لا تعرف سهولة الحصر السابق . في
القسم الدرامي هناك ثلاثة مرشّحين من أصل الخمسة لا يمكن تفويت أحدهم من
دون جائزة خاصّة به: جف بردجز عن دره في “قلب مجنون” وجورج كلوني في “في
الفضاء” ومورجان فريمان في “إنفيكتوس” .
على المستوى الكوميدي نجد مات دامون (عن “المخبر” وهو من إنتاج جورج
كلوني) والأيرلندي دانيال داي-لويس (عن “تسعة” الذي افتتح الدورة الماضية
من مهرجان دبي) الذي عادة ما يتغلّب على كل منافسيه، وروبرت داوني (عن
“شرلوك هولمز”) في مقدّمة المتوقّع نجاح أحدهم . من موقع نقدي صرف فإن
الثلاثة الأوائل متساوون في قيمة ما أنجزوه، أما الثلاثة الآخرون فأفضلهم
ربما فريمان ولو أن روبرت داوني هو محبوب العديد من أعضاء الجمعية هذا
العام .
على صعيد المخرجين، فإن المنافسة ليست أقل ضراوة خصوصاً بين مرشّحين
على طرفي نقيض: كاثرين بيجلو لديها دعم النقاد عن فيلمها الموغل في أوجاع
الحرب العراقية “خزنة الألم” ومطلقها جيمس كاميرون يحمل دعم الجماهير عن
فيلمه “أفاتا” والمفارقة هي أن المنافسة لا تقع فقط على صعيدي قيمة كل فيلم
(لنواحي مختلفة) بل بين مستويين ونوعين من الأعمال، ففيلم بيغلو هو أرخص
فيلم من تلك المرشّحة (أيضاً) لمسابقة أفضل فيلم درامي، بينما “أفاتار” هو
أغلاها كلفة . إنهما نوعا “هوليوود” المفضّلين والسائدين منذ عصور .
باقي المرشّحين من المخرجين تبدو حظوظهم متأرجحة: كوينتين تارانتينو
محبوب من نقاد الجمعية لكن هؤلاء هم القلّة بين الأعضاء . كلينت ايستوود
محبوب من الجميع لكن فيلمه الجديد “إنفيكتوس” لا يبدو الفيلم الذي يستطيع
أن يفوز عنه . أما المخرج الخامس، جايسون رايتمان فهو مثل بالون منفوخ،
ربما يكسب الجائزة ويطير بها بعيداً أو ربما ينفجر تماماً كعنوان فيلمه “في
الفضاء” .
ممثل من أصل عربي مرشح لجائزة في "بافتا"
لم تستطع الجوائز الممنوحة في المناسبات والمهرجانات العربية فتح باب
الفرص أمام الوجوه الشابّة التي تحاول الانطلاق في ميدان مزدحم ووسط منافسة
محمومة، ذلك لأن غالبيّتها حين تخصص جوائز للممثلين تختار المرشّحين من
بين الذين أمضوا سنوات طويلة في المهنة . من ناحية تشعر بالتقدير الفعلي
لهم، ومن ناحية أخرى عادة ما تحتاج لأسماء مشهورة تزيّن بها الحفلات التي
تقيمها والمواهب الجديدة ليست من بين تلك الأسماء .
هذا الى جانب أن السائد القول إن الممثل الجديد، مهما كانت موهبته، لا
يزال المستقبل أمامه ولابد أن ينال جائزته ولو بعد حين وبالتالي يمكن، بكل
راحة بال، منحها لممثل أمضى عقوداً في المهنة وبحاجة الى هذا النوع من
التكريم .
صحيح أن هذا التوجّه له مبرراته، لكن الواقع أن الأداء الأفضل هو الذي
يجب أن يتحكّم في نتائج لجان التحكيم وليس العمر أو عدد السنوات التي
أمضاها الممثل على الشاشة . وفي كل الأحوال، وكحلّ مثالي، يمكن تخصيص
مسابقات للوجوه والمواهب الجديدة (في كل مجال) ما ينتج عنه، لا تشجيع
الوجوه الشابّة على مواصلة العمل الجاد فقط، بل تقدير ما قامت به للآن
ومنح تميّزها بجوائز لها ذات الدلالات وذات المفعول للجوائز الأخرى .
أكاديمية الفنون السينمائية والتلفزيونية البريطانية، مانحة جوائز
“بافتا” السنوية، تُقيم منذ خمس سنوات مسابقة خاصّة بالمواهب التمثيلية
الجديدة، وهذه توزّع في ذات الحفل الكبير الذي يقام في الحادي والعشرين من
الشهر المقبل في دار الأوبرا الملكية في لندن .
لكل من الخمسة المرشّحين هذا العام فيلم تم عرضه في لندن (على الأقل)
ما بين الأول من يناير/كانون الثاني حتى الحادي والثلاثين من ديسمبر/كانون
الأول 2009 من دون تمييز بين جنسية الأفلام أو جنس الممثل “ذكراً أم أنثى”
. على هذا الأساس فإن الخمسة المرشّحين هذا العام هم طاهر رحيم عن فيلم
“نبي” (فرنسا)، وكاري موليجن عن “تعليم” (بريطانيا) ونيكولاس هولت عن “رجل
أعزب” (الولايات المتحدة) وكرستن ستيوارت عن “قمر جديد” (الولايات المتحدة)
وجيسي ايزنبيرج عن “أرض المغامرة” (الولايات المتحدة) .
طاهر رحيم “28 سنة” فرنسي من أبوين جزائريين ظهر في حفنة من الأفلام
الى الآن بدءاً من “داخلي”، وهو فيلم بوليسي من إنتاج 2006 ظهر فيه بدور
محقق وصولاً الى فيلم جاك أوديار “نبي” حيث أدّى فيه دور شاب عربي الأصل
يدخل السجن بجرم سيبقيه حبيساً لبضع سنوات . في السجن يواجه عالماً جديداً
عليه يحاول الانسحاب منه والبقاء بعيداً عنه، لكن محاولته تلك تتعرّض
للإخفاق ويجد نفسه منجرّاً لارتكاب جريمة قتل لإرضاء متزعّم كورسيكي يريده
لتنفيذ مآرب خارج السجن وهو، بسبب من نفوذه حتى داخل السجن، يساعده على
الخروج في مهام ما هي إلا مزيد من انحدار الشاب الى عالم الجريمة .
بالنسبة لبعض النقاد الذين شاهدوا الفيلم في عروضه المختلفة بدءاً من
مهرجان “كان”” فإن الفيلم يحمل على الشخصية العربية من بين شخصيات إسلامية
يعرضها داخل السجن وخارجه، لكن الحقيقة أن الفيلم يتحدّث عن ضحية عربية لا
تقدر على مجابهة أعدائها . شخصية تدخل بريئة وتقع تحت براثن مجرمين محترفين
.
علامات
إريك رومير
المخرج الفرنسي إريك رومير الذي رحل يوم العاشر من الشهر الحالي كان
مخرج أفلام تعتمد على الحوار . هذا ليس غريباً في صنف الأفلام الفرنسية كون
المعروف عنها من أوائل عهد السينما الناطقة أنها تتحدّث كثيراً، كما لو أن
نطق السينما تم ابتكاره ليخدمها . وتستطيع أن تتخيل سيناريو الفيلم
الكلاسيكي الفرنسي وهو مملوء بالحوارات في الخانة المتوسطة صفحة وراء صفحة
وذلك في مشهد واحد ربما لم يزد التعريف به على سطرين .
على عكس الفرنسي الآخر جان- بيير مليل ومخرجين آخرين في البال حالياً
هما جان- بيير موكي وإيف بواسيه، أفلام رومير اعتمدت على الحوار أكثر من
الصمت بالتالي أكثر من الصورة ذاتها . هذا على الرغم من أن المخرج الراحل
كتب حين كان لا يزال ناقداً (سنة 1948) أن العنصر الأساسي في السينما هو
الصورة . من ناحية أخرى هو الذي قال أيضاً: “إذا كانت السينما الناطقة
فناً، فإن النطق يجب أن يكون أساسياً فيها” .
مهما يكن، فإن المثير للاهتمام في هذا الشأن هو أن المخرج المذكور
حافظ على الخيط النحيف بين الثرثرة والحوار الذي في محلّه، فحواراته
الطويلة والمتبادلة في “كليو بعد الظهر” و”ليلتي عند مود” ومجموعة أفلامه
الأخيرة التي دارت حول حكايات المراهقين في منتجعات ساحلية التي حققها
أواخر الثمانينات ومطلع التسعينات من القرن الماضي، كانت لأجل الإفصاح عن
الشخصيات ووجبت متابعتها (او قراءتها مترجمة على الأقل) . وظّف الحوار
ليكون كشفاً لما تشعر به شخصياته وطريقة لرصد الوسيلة التي تتبلور فيها
الأحداث (إذا ما كان من الصحيح تسمية تلك الحبكات الصغيرة بالأحداث)
ومعانيها النفسية .
ومهما بلغ الدفاع عن سينما رومير شأنه، فإن الحقيقة هي أن الحوار أخذ
من الصورة في أعماله وهو لم يستطع (ولا يستطيع أي حوار آخر تحت ملكية أي
مخرج آخر) تعويض ما توفرّه الصورة من عمق ودلالات .
على ذلك، أفلام رومير تبقى محفوظة وذات قيمة لسببين، وهما أسلوبيّتها
المنفردة تبعاً للطريقة التي فضّل عبرها ذلك المخرج سرد قصصه ومواضيع تلك
الأفلام (او غالبيّتها) التي دائما ما تعاملت مع المواقف الأخلاقية في
مجتمع تتوارى هذه الأخلاقيات عنه .
م .ر
merci4404@earthlink.net
http://shadowsandphantoms.blogspot.com
الخليج الإمااراتية في
17/01/2010 |