رافع سينمائيون أفارقة، السبت، لصالح قيام ما سمّوه "نيباد سينمائي"
في إحالة على رغبتهم استنساخ مبادرة الشراكة الجديدة من أجل التنمية في
إفريقيا (نيباد)، وتأسيس كيان قاري يعنى بتنسيق جهود سينمائيي القارة
السمراء ويقوم بتطوير تطبيقات الفن السابع في إفريقيا، وأبرز كوكبة من
السينمائيين الأفارقة ضرورة التكوين سيما في مجال كتابة السيناريو واستعمال
تكنولوجيات الإعلام والاتصال الحديثة في مجال السينما.
ودعا المشاركون في الملتقى الدولي حول السينما الإفريقية الذي تحتضنه
الجزائر حاليا، إلى إرساء قواعد "نيباد للسينما و الثقافة" في إفريقيا قصد
إحياء الفن السابع في القارة وكذا التكفل به على الصعيد المادي، ويتعلق
الأمر بإنشاء تجمعات إقليمية سينماتوغرافية إفريقية أو اتحادات منتجين
ومخرجين أفارقة.
وركّز المنتج والمخرج السينمائي الجزائري "بوعلام بن عيسى" في محاضرة
له حول تجربة المؤسسات الخاصة للإنتاج السمعي البصري في الجزائر التي ظهرت
للوجود خلال التسعينيات، على حتمية الارتقاء بالفعل السينمائي الإفريقي،
فيما اعتبر المنتج والمخرج التونسي "نجيب عياد" الأمين العام للمنتجين
السينمائيين التونسيين، أنّ نقص موارد التمويل وأثر ذلك على تمويل السينما
الإفريقية، يدفع بالسينمائيين الأفارقة إلى التكفل بأنفسهم من خلال التنظيم
في مجموعات لإنتاج أفلامهم معربا عن تأسفه لكون السينما في بعض البلدان
الإفريقية لا تمثل البتة أولوية، وألّح نجيب عياد على حساسية توخي الأفارقة
لإستراتيجية للصورة وعدم اعتبار السينما من الآن فصاعدا ثقافة منفردة،
مؤكدا أنه ليست هناك إلا إستراتيجية واحدة بين السينما والتلفزيون.
وبحسب السينمائي التونسي يوجد حاليا ستمائة قناة تلفزيونية فضائية
عربية، ثلثها متخصص في أفلام الخيال، وأوضح عياد أنّ هذه القنوات التي كانت
تهتم بالسينما المصرية التي تعتبر صناعة حقيقية في هذا المجال تتوجه حاليا
نحو السينما المغاربية، ومن ثمّ تتجلى ضرورة الاتجاه نحو تجمعات ونتاجات
مشتركة.
ونادى عياد بتشجيع الإنتاج المحلي، من خلال تدخل السلطات في بلد بشكل
أكبر فيما يخص المساعدات التي تمنحها إلى قطاع السينما، مقترحا تطبيق
اقتطاعات على الومضات الإشهارية التي تبث عبر قنوات التلفزيون وتأسيس ضريبة
على الهاتف النقال لتمويل السينما، علاوة على تعميم ضريبة على الأقراص
المضغوطة ومحاربة القرصنة.
كما اعتبر المخرج السينمائي السنغالي "جونسون تراوري" أنه من الحكمة
أن يتكفل الأفارقة بأنفسهم عوض توجيه أنظارهم نحو الشمال مع أمل الحصول على
تمويلات رهنية، وأكد المخرج السنغالي على ضرورة التكفل بقطاع السينما من
طرف الأفارقة ذاتهم وعدم الاعتماد على المساعدات التي تقدمها الدول
الغربية، مشيرا إلى ضرورة التنسيق بين المخرجين السينمائيين والمؤلفين
والمنتجين وبين القنوات التلفزيونية.
ووجّه تراوري نداء إلى القيادات الإفريقية لحث المتعاملين الاقتصاديين
على المشاركة في إعادة بعث السينما، واعتبر المخرج السينمائي السنغالي أنه
على أصحاب القرار إقناع المقاولين الذين يستثمرون في العقار على تخصيص ضمن
العمارات التي ينجزون قاعات للسينما عوض غلق هذه الأخيرة وتحويلها إلى
محلات تجارية.
بدوره، أكد المخرج السينمائي الفرنسي "روني فوتيي"، أنّ للأفارقة الحق
في امتلاك ذاكرتهم المصورة، ورأى فوتيي أنه حان الوقت للشروع في نقاش حول
الذاكرة المصورة للأفارقة وحول حرية الصورة قصد السماح لأبناء القارة
السمراء بالتعبير وتجاوز الحواجز التي تفرضها حقوق الإنتاج عندما يتعلق
الأمر بالذاكرة.
واستدل السينمائي الفرنسي المخضرم بصور بثت منذ سنة على شبكة
الأنترنيت والتي تسترجع لقطات من فيلمه "إفريقيا 50" الذي أنجزه سنة 1950،
ومقتطفات من الخطاب "المثير للجدل" الذي ألقاه الرئيس الفرنسي نيكولا
ساركوزي حول الاستعمار بتاريخ 26 يوليو-تموز 2007 بداكار (السنغال).
وأورد فوتيي أنّ هذا الفيلم القصير من حوالي عشرة دقائق والذي يحمل
عنوان "ساركو استعمار" يعارض تصريحات ساركوزي من خلال صور فيلم "إفريقي 50"
الذي أنجز في كوت ديفوار مما أدى إلى سجن المخرج لمدة سنة لتصويره الفيلم
من دون رخصة.
وأفاد فوتيي أنه يشتغل حاليا على استعادة صور أحد الأفلام التي أنجزها
بمدينة براست (فرنسا) سنة 1950 عن مسيرة عامل قتل بالرصاص خلال المظاهرات
العمالية التي عرفتها هذه المدينة، علما أنّ هذا الفيلم بحسب صانعه، تم
منعه وإتلافه لأنه كان يتطرق لشهادات رجال شرطة يؤكدون خلالها أنهم أطلقوا
الرصاص بأمر من ضابط من مصالح الأمن.
إيلاف في
13/07/2009 |