مطلوب رقم واحد.. تصدّر قائمة الاغتيالات الإسرائيلية، دوّخ جنرالات
الاحتلال وهو لم يُكمل عامه الثاني والعشرين بعد.. لغاتٌ كثيرة اصطفت أمامه
إلا أن لغة "الجهاد" كانت الوحيدة التي أحب واختار.. لقبوه بـ"ذي الأرواح
السبع" وبـ"الأسطورة".
حياته وتفاصيلها العميقة أغرت الكُتاب والمُخرجين بامتشاق القلم والكاميرا
لكتابة وتصوير أوراق حكايته منذ الصرخات الأولى لميلاده وحتى آخر أنفاسه.
وبحروف شفافة كتب القيادي البارز في حركة حماس الدكتور "محمود الزهار"
السيناريو، وبإتقان مدروس أكملت شبكة الأقصى الإعلامية برعاية وزارة
الثقافة في حكومة غزة باقي الخطوات.
عبقرية عسكرية
"حروف السيناريو كتبها الواقع لا الخيال"، بثقة يحكي صاحب سيناريو أول فيلم
روائي فلسطيني يحمل نكهة الإسلام والمقاومة، ويُكمل الزهار قائلا: "المشاهد
من البداية حتى النهاية قصة حقيقية عاشها الشهيد الذي عشق تُراب أرضه".
وبفخر غلف نبرات صوته أكد الزهار أنه قام بدراسة أعمال الشهيد قبل كتابة
السيناريو فوجدها نابضة بعبقرية عسكرية في مواجهة الاحتلال، وقال إن أكثر
ما حفزه للكتابة هو موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل "إسحاق رابين"
الذي ذهب إلى منزل "عماد" عارضا عليه الخروج إلى مصر أو الأردن دون تقديمه
للمحاكمة شريطة ألا يعود إلا بعد ثلاث سنوات، فكان رد عماد قويا وحازما:
"لا يستطيع رابين أن يمنع شابا قرر أن يموت"، ولأن حياته حافلة بالمغامرات
وبأعوام تنطق أيامها برائحة النضال وبمواقف كبيرة وعظيمة فقد استحق "عماد"
أن تُسطر حياته في سيناريو.
ومن قلب غزة المحاصرة خرج فيلم "عماد عقل" قائد كتائب الشهيد عز الدين
القسام (الجناح العسكري لحركة حماس)، الذي اغتاله جيش الاحتلال الإسرائيلي
في "نوفمبر" 1993 بعد صراع طويل مع مغتصبي أرضه. والذي عرض يوم الجمعة
الماضية في قاعة المؤتمرات في الجامعة الإسلامية.
"عز الدين المصري"، مدير مكتب وزارة الثقافة في حكومة غزة والمشرف العام
على الفيلم أكد لـ"إسلام أون لاين"، أن الفيلم يعد أول نموذج سينمائي
إسلامي يحكي عن المقاومة بتفاصيلها المشرقة.
وبثقة أضاف: "العمل جميل ومميز وسيحظى بالتقدير والإعجاب.. كيف لا وهو يحكي
عن أسطورة في المقاومة.. شخصية متميزة وأسلوب فريد في الجرأة والمواجهة
وجها لوجه".
ولفت إلى أن وزارة الثقافة بغزة تبنت هذا العمل وأشرفت على كل مراحله من
مونتاج وإخراج, وتمنى المصري أن يكون الفيلم نواة لصناعة سينما غابت طويلا.
حكاية الإبداع
"ماجد جندية " مخرج الفيلم وصف "عماد عقل" بـ"التحدي"، وقال في حديث
لـ"إسلام أون لاين" إن قصة الشهيد سحرته وحرضته على الإبداع السينمائي,
وبفخر غلف صوته أضاف: "عماد حلم فلسطيني تحول إلى واقع.. الفيلم هو أول عمل
إسلامي يحكي عن المقاومة والجهاد".
وبشيء من التفصيل مضى يروي تفاصيل الفيلم: "احتوى العمل على العديد من
المشاهد تم تصويرها على مدار الأشهر والأسابيع الماضية.. الفيلم يحكي عن
قصة طفل حرمه الاحتلال من اللعب في شوارع مخيمه المتواضع.. يذهب إلى مدرسته
ويجيء وصوت الرصاص لا يعرف السكوت.. يكبر الصغير وتتكفل مشاهد الألم بصناعة
البطل".
وتحكي مشاهد الفيلم الأولى عن الطفل الدامع العينين.. الحزين على جارته
التي دهم الاحتلال بيتها المتهالك.. وفي كل يوم كان الصغير عماد على موعد
مع وجع جديد.
تصوير الفيلم تنقل بين مدينة أصداء للإنتاج الفني والإعلامي المقامة جنوب
قطاع غزة، وبين (مخيم جباليا)، ذاك المكان الذي يحفظ خطوات "عماد".
يقول جندية: "المشاهد سيشعر أنه يمشي بين الأزقة, سيقرأ ما تكتبه الجدران..
الفيلم مملوء بالتفاصيل الإنسانية وسيظهر للعالم كيف أن ممارسات الاحتلال
البشعة تراكمت داخل قلب وعقل عماد إلى أن تحولت إلى براكين".
ويؤكد مُخرج الفيلم أن السيناريو مكتوب بشكل إبداعي: "د. الزهار استطاع
تجسيد قصة الشهيد بحرفية عالية... مهمتنا كانت تحويل الكلمة إلى صورة".
ستذرفون الدموع
وعن أبرز تحديات الفيلم قال: "لكي نجسد القصة بإبداع احتجنا لتدريب
الممثلين لأوقات طويلة.. لم تكن الرحلة سهلة، بل كانت شاقة، لكنها ممتعة"،
وأشار إلى أن نفقات الفيلم تجاوزت الـ"مائة ألف دولار".
ويفتخر جندية بأن فيلم عماد بنكهة إسلامية مقاومة، ويستدرك المخرج: "لكن
هذا لا يعني أنه منغلق ورتيب"، وبشيء من التفصيل تابع شارحا: "أردنا أن
نقول للعالم: هاكم تفضلوا الأفلام الإسلامية.. عملنا لم يخل من العنصر
النسائي الذي رافق الشهيد منذ ولادته وحتى استشهاده.. هناك أمه، وجارته،
ومن احتضنته وخبأته من عيون الاحتلال".
المخرج الذي سبق له أن أنتج العديد من الأفلام الروائية والوثائقية اعترف
أنه أمام عمل جديد ومميز: "كل الجهات التي كانت ترعى وتمول أفلامي السابقة
كانت تضع شروطا تقيد من إبداعنا.. اليوم وبرعاية وزارة الثقافة في حكومة
إسماعيل هنية لا قيود أو شروط".
ويلفت إلى أن العمل يقدم الكثير من التفاصيل عن التاريخ الفلسطيني في قالب
درامي شيق: "سيكون العالم شغوفا بتلقف هذا العمل الذي يحمل فكر المقاومة
الإسلامية".
وعن أكثر المشاهد التي سحرته كـ"مخرج" يقول: "ذاك المشهد الذي سيهتف من
يراه: هذا خيال، إنها صورة مقتل مئير منز الجنرال الذي أشرف بنفسه على
قيادة الوحدة الخاصة التي قامت بتصفية الشهيد عماد.. ويقتل هذا الجنرال
ببندقية عماد نفسها".
ومن الجدير ذكره, أن الزهار شرع في كتابة سيناريو لفيلم منذ مطلع عام 1999
وفرغ منه في نهاية عام 2000 إلا أن إنتاج الفيلم استغرق عامين.
صحفية من مكتب الجيل للصحافة - غزة
إسلام أنلاين في
19/07/2009
الملتزمون والسينما.. خليك في البيت (شارك)
القسم الثقافي
يقف الملتزمون من السينما موقفا متأرجحا، خصوصا مع ظهور أنماط من التدين
"تتسامح" مع الفنون وتتعامل معها وفق منطقها الخاص.
ومما يمكن ملاحظته للمتابع وفق منطق الملتزمين الخاص في تعاطيهم مع
السينما، على سبيل المثال لا الحصر، هو أن جزءا لا بأس به منهم يعزفون عن
الذهاب للسينما (دور العرض) ويرون في مشاهدة الأفلام في منازلهم أو على
شاشات التلفزيون أمرا لا ضير فيه.
وهم وفق هذا المنطق يرون أن الذهاب لدور عرض الأفلام السينمائية نوعا من
الإقرار بشرعية منتج الفيلم وصناعه ونجومه، وهو ما يتأتى من اعتبار مقياس
شباك التذاكر ونجاح العرض تجاريا إقرارا بالمشروعية ومقياسا للنجاح، ومن
هذا الباب يرى البعض "حرمة المال" الذي يدفعه في مقابل ثمن تذكرة فيلم لا
يلتزم بالمعايير الشرعية.
غير أن تفضيل هؤلاء مشاهدة الأفلام في المنزل سواء عبر شاشة الكمبيوتر أو
التلفاز يضعهم في حالة من عدم الاتساق والتناقض، وهو ما يحتاج لنقاش وحوار
حوله، تتعمق طبعا إذا ما علمنا أن جزءا منهم لا يمانع في الحصول على نسخ
غير شرعية (مسروقة) من هذه الأفلام، وهو ما يعتبر سرقة للملكية الفكرية
والفنية.
الملاحظ هنا هو أن موضوع الخلاف التقليدي، وهو مضمون الفيلم وطريقة تقديمه،
لم يعد حاضرا في ذهن هؤلاء، إنما أصبحت المسألة ترتبط أكثر بالترويج لفكرة
الذهاب للسينما وكون ذهاب الملتزم لها يعني دعوة صريحة للبقية للقيام بذات
الأمر، هذا من ناحية، وبالصورة الذهنية عند الملتزم عن نفسه وأمام الآخرين
أيضا من ناحية أخرى، وهنا مربط الفرس، فشارك برأيك يرعك الله.
إسلام أنلاين في
19/07/2009 |