من توقيع المخرج الإسباني إيميليو
أراغون
«ليلة
في مكسيكو القديمة» ترسيخ لاقتدار روبرت دوفال
عبدالستار ناجي
تشرفت بلقاء النجم الأميركي روبرت دوفال أربع مرات وفي مواقع
ومهرجانات سينمائية عالمية ومنها كان وفينيسيا وبرلين.. وايضا في
مانيلا ثم بوينس آيريس في مهرجان لـ «التانغو». نجم من جيل الكبار
المبدعين، ومسيرة حافلة بالإنجازات والبصمان اقترنت بالابداع
والانجاز، حيث لا يمكن اختصار مسيرة هذا النجم في ظل هذه المساحة،
ولكن يمكن الاشارة لعدد بارز من الأعمال ومنها «العراب» و«الشبكة»
و«القيامة الآن» وكم آخر من التحف الخالدة في ذاكرة الفن السابع.
وهو في هذا الفيلم يعود ليقول الكثير، حتى رغم قلة أعماله في هذه
المرحلة من تاريخه (من مواليد 1931).
في هذا الفيلم «ليلة في مكسيكو القديمة» يتعاون مع المنتج والمخرج
الاسباني ايميلو أراغون، وهو بالإضافة الى الاخراج والانتاج يشتغل
في التأليف والموسيقى والتوزيع، كما أنه في هذا الفيلم يعتمد على
سيناريو كتبه وليم دي. ديتليف الذي كتب افلاما مثل «الحصاد الأسود»
1979 و«أسطورة الخريف» 1994 و«العاصفة الكاملة» 2000 وهذا يعني
أننا أمام كاتب مبدع وفريق عمل متميز للتصدي الى تجربة فيلم «ليلة
في مكسيكو القديمة».
في الفيلم نتابع حكاية العجوز ريد (روبرت دوفال) الذي يعيش حالة من
العزلة، حتى يأتيه حفيده جالي (جيرلي ايرفن).
ريد مربي ماشية خسر كل شيء، وأجبر على التنازل عن كل ما يملك بما
فيها أرضه وبيته. حينما يأتي حفيده يتفجر عنده الألم باستعادة ما
يملك من العصابات التي تتحكم في مكسيكو القديمة، حيث الأحياء
القديمة في العاصمة المكسيكية.
يستقل سيارته القديمة الحمراء، برفقة حفيده، في رحلة يعلم جيدا
بأنها تمثل المواجهة الكبرى كي يورث ذلك الحفيد شيئا ما.. لربما
الأرض المسلوبة.. ولربما الكرامة في التحدي.. وايضا البسالة
والاحترام.
خلال الرحلة هنالك كم من المشاكل.. التي لا تثني ريد عن اصراره...
وموقفه.. وعزيمته.
حيث تلتحق بهم مغنية شابة، ترتبط بعلاقة مع حفيده، في رحلة مشبعة
بالتحديات.. الإصرار.. على استعادة الأرض المفقودة.
وكلما اقتربت المواجهة، بدأ الاحساس بالقوة.. والتحدي يتزايد عند
الكهل (ريد) وكأنه يعود الى شبابه.. وقوته.. حيث يمنح روبرت دوفال
الشخصية ابعادا ومضامين عميقة، تترسخ مكانته.. وقيمته كمبدع
سينمائي وكممثل يستطيع أن (يغزل) من تلك الشخصية أعماقا ومضامين
بعيدة. رجل كهل خسر كل شيء، ولم يعد أمامه إلا انتظار الموت..
والإدمان، وفجأة ينتفض، يزيل غبار السنين.. وألم الخسارة..
والوحدة.. حينما يعلم بأن له حفيد.. وأن عليه أن يورثه لحظة خالدة
في الذاكرة.. عندها يقرر استعادة ما خسره قصراً.. وعنفا.. وقوة..
بذات اللغة التي يعرفها الطرف الآخر، من عصابات الأحياء القديمة في
العاصمة المكسيكية.
خلال ليلة واحدة، يتجاوز كهولته.. وشيخوخته.. الى مرحلة من التحدي
والاصرار والعناد.. حيث يتفجر اليأس الشديد.. والقوة.. والإصرار..
وهو يرى الى جواره حلما.. وأسرة.. وحفيدا. عندها يدخل في صراع مع
مجموعة من الأوغاد والأشرار ولكن معادلة الخير رابحة.. عندها يكون
للربح معانيه المادية.. وايضا المعنوية في تلك العلاقة المشبعة
بالمضامين والقيم الكبرى. حينما نشاهد روبرت دوفال وهو ينتقل
بالشخصية من حالة السكون.. والرضوخ.. الى حالة التفجر.. والعناد
والإصرار.. والمواجهة، تعرف لحظتها أنك أمام نجم حقيقي.. وممثل
رفيع المستوى.. ومبدع يجيد حرفته.. ويعلم جيدا بأنه قادر في كل
وقت، على أن يضيف الكثير الى تجربته.. وتاريخه.. وانجازاته. عبر
تلك الرحلة، نكتشف أهمية الأسرة، وأهمية الكينونة، والتحدي
والإصرار.. والعمل من أجل البقاء.. والاستمرارية وترك صورة مشرقة
في ذاكرة الأبناء والأحفاد.. والأجيال. ميزانية الفيلم بلغت 2
مليون دولار، حيث وافق روبرت دوفال على أجر بسيط ليقف الى جوار
فريق هذا الفيلم المتميز الذي يقول الكثير. قام بإدارة التصوير،
مدير التصوير الاسباني دايفيد اوميدس، وصاغ الموسيقى التصويرية
المخرج والمنتج نفسه ايميلو أراغون، الذي يتوقع له من خلال هذه
التجربة السينمائية أن يحقق حضوره اللافت بين صناع السينما
والإنتاج في السينما العالمية.
ويبقى أن نقول:
فيلم «ليلة في مكسيكو القديمة» سينما تقول إن الكبار في السن
يمتلكون المقدرة على تحقيق أحلامهم.. إذا ما توافرت لهم الأسرة..
والأهل.. والأحفاد.
حكاية بوليسية عامرة بالالتباسات
«الأسيرة»
لأتوم أوغيان سينما خارج سياق مهرجان «كان»!
عبدالستار ناجي
الذين يعرفون مهرجان «كان» السينمائي يعلمون جيدا قسوة الاختيارات
وحجم الدقة المتناهية في تلك الاختيارات بحيث تم هذا العام مثلا-
اختيار «18» فيلما فقط من أصل 3000 فيلم تم ترشيحها ليكون الاختيار
لتلك الفئة القليلة والتي جمعت عددا كبيرا من اهم الصناع . ومن
بينها المخرج الارمني الكندي اتوم اوغيان «مواليد القاهرة». وتأتي
مشاركته هذه المرة من خلال فيلم «الأسيرة» الذي يبدو بعيدا وخارج
سياق الاعمال التي تتنافس على السعفة الذهبية لهذا المهرجان العريق
.
حكاية بوليسية بالكاد تصلح لان تكون حلقة من مسلسل بوليسي ولكن
اتوم اشتغل عليها واعاد تركيب وترتيب الاحداث عن قصة رجل توقف ذات
يوم بسيارته امام احد المطاعم برفقة ابنته الصغيرة التي تبقى في
السيارة ولكنه حينما يعود من المطعم لا يجدها في السيارة وتبدأ
عملية البحث عنها عبر ثمانية اعوام مليئة بالغموض والتداخلات خصوصا
حينما تأتي بعض الاشارات للام وللأب من الابنة ونشاهد الجهة التي
اختطفت الابنة وهي تقوم بعملية رصد يومية لردود افعال الوالدين في
متاهة سينمائية تشير بشكل او بآخر الى اهمية الاهتمام بالابناء
وعدم ترك مصيرهم للصدفة في ظل وجود بعض العناصر المريضة نفسيا
والتي تتلذذ في اسر الاطفال ورصد ظروفهم والالم النفسي والتلذذ
بعذابات الاخرين وبالذات الاطفال
.
فيلم يبدأ وينتهي دونما مقولة او بعد او هدف سوى الدخول في لعبة من
البحث والتحليل وايضا تصوير تلك العصابات بانها نافذة وقادرة على
رصد الجميع والنيل منهم بمن فيهم رجال الشرطة حيث يتم اختطاف
المحققة الرئيسة في الفيلم
.
فيلم لا يطرح اسئلة.. ولا يحمل لغة سينمائية.. الا تلك اللعبة
الباهتة ولربما الساذجة والتي لطالما شاهدناها في الكثير من
الاعمال التلفزيونية البوليسية . ولهذا نستغرب ان يكون الفيلم من
توقيع اوغايان او ان يكون داخل المسابقة الرسمية في الوقت الذي
تعرض به اعمال اكثر اهمية في بقية التظاهرات الرسمية
.
في الفيلم عدد من الاسماء لتمرير الفيلم الى السوق الاميركية
وبالذات روزاريو داوسون وريان رينولد وهي من الاسماء التي تمتلك
قاعدة جماهيرية في افلام المغامرات ولكنها هنا باهتة وهامشية في
فيلم لا يكاد يتجاوز الهامش بعيدا عن اي تنافس في مهرجان «كان»
السينمائي الدولي.
علي الجابري:
«أبوظبي السينمائي» حاضنة للسينما الخليجية والعربية
عبدالستار ناجي
أكد مدير مهرجان ابوظبي السينمائي علي الجابري ان مهرجان ابوظبي
يمثل الحاضنة الاساسية للسينما في دول مجلس التعاون والدول العربية
على حد سواء في ظل الاهتمام الذي توليه ادارة المهرجان لتفعيل
السينما في المنطقة وتحفيز الشباب الخليجي لمزيد من الاهتمام
بصناعة الفن السابع . وأشار الجابري في تصريح خاص هنا في مدينة كان
جنوب فرنسا حيث تتواصل اعمال مهرجان «كان» السينمائي الدولي الى ان
التحضيرات للدورة الثامنة من مهرجان ابو ظبي السينمائي كانت قد
انطلقت فور انتهاء اعمال الدورة السابقة حيث خضعت اعمال الدورة
السابقة وفعالياتها الى عملية رصد وتحليل للانطلاق الى الدورة
الجديدة حيث تمت المشاركة في عدد من المهرجانات في الخطة عدد اخر
من المشاركات لتطوير صيغ التعاون الفني المشترك مع عدد بارز من
المهرجانات السينمائية الدولية
.
وأكد مدير مهرجان ابوظبي السينمائي على ان المهرجان يمضي قدما في
دعم المشاريع السينمائية من خلال صندوق «سند» الخاص بدعم
السيناريوهات الجديدة والتي تتحرك عبر مجموعة من المحاور بينها ما
هو خليجي وما هو عربي وعالمي وايضا للافلام الوثائقية والروائية
القصيرة والطويلة واشار الى ان المشاريع التي وصلت ادارة المهرجان
بلغت «91» سيناريو جديداً وهو ما يمثل قفزة لاعمال هذا الصندوق
الداعم لصناعة الفن السابع . واثنى علي الجابري على الرعاية التي
يحظى بها المهرجان من لدن «تو فور ففتي فور» والتي تمثل المؤسسة
الام الراعية لجملة الانشطة السينمائية في العاصمة الاماراتية وهو
ما يشكل اسنادا رسميا لمسيرة هذا المهرجان الذي بات يحتل موقعه
البارز الى جوار شقيقة مهرجان دبي السينمائي . وأكد الجابري في
تصريحه على ان مهرجاني دبي وابوظبي يتحركان في مهرجان «كان»
السينمائي تحت مظلة جناح دولة الامارات العربية المتحدة هنا في
مدينة كان جنوب فرنسا .وهناك تعاون بناء هدفه خدمة صناعة الانتاج
السينمائي في دولة الامارات العربية المتحدة ودول مجلس التعاون
الخليجي على وجه الخصوص. وحري بالذكر ان اعمال الدورة السابعة
والستين لمهرجان «كان» السينمائي الدولي تتواصل في ظل تنافس 18
فيلما على جائزة السعفة الذهبية من بينها الفيلم العربي الموريتاني
«تمبكتو» اخراج عبدالرحمن سيساكو.
من توقيع المخرج مايك لي
«السيد
تيرنر» يحتفي بالفن التشكيلي البريطاني
عبدالستار ناجي
مبدع يتحدث عن مبدع.. أيقونة سينمائية يصنع فيلما عن ايقونة
تشكيلية.. هكذا هو الامر في فيلم «السيد تيرنر» الذي يقدم خلاله
المخرج البريطاني القدير مايك لي السيرة الذاتية للفنان التشكيلي
البريطاني جي ام دبليو تيرنر الذي يعتبر احد اهم الفنانين
التشكيليين في القرن السابع عشر ومنتصف الثامن عشر . فنان من نوع
مختلف بهر الطبقة الارستقراطية وادهش العامة حرص على ألا يبيع
اعماله لتبقى ارثا للاجيال والشعب البريطاني
.
يرسم بطريقة مختلفة حيث للون معانيه ودلالته . من تهميش التفاصيل
وذوبانها وتداخلها لتمنح المتأمل فرص البحث والتفسير في مدارس
تشكلية متطورة عن عصرها اثارت كثيرا من الجدل والفضول البحث . رحلة
سينمائية عامرة بالتفاصيل والحرفيات السينمائية العالية الجودة حول
حياة «تيرنر» احد اهم التشكيليين في عصره والذي لاتزال اعماله حتى
اليوم تحظى بالاحترام لانها اعتمدت البحث وتجاوز تلك المرحلة التي
سيطرت عليها المدرسة التقليدية والانطباعية
.
حياته مع والده والظروف الصحية التي عاشها والده والتي ورثها لاحقا
وعلاقته مع خادمته وايضا وزوجته الاولى وابنته ولاحقا مع صاحبة
الفندق الذي تعود ان يقيم به على الشاطئ والتي ارتبط بها فيما بعد
.. وتحليل لعلاقته مع الاكاديمية الملكية للفنون التشكيلية وسيطرة
بعض الاتجاهات عليها والتي ظلت وان اختلفت معه ومع نهجه تكن له
الاحترام والتقدير. بالذات في موقفه الرافض لبيع اعماله التشكيلية
الى الاثرياء لتبقى ارثا للشعب والعالم . سرد لادق التفاصيل وفي
المقابل اعاده لتحليل عدد من اهم اعماله التشكلية عبر اعاده بنائها
سينمائيا وهذا ما منح الفيلم ثراءا وقيمة فنية اضافية. حيث الكتابة
والبناء الدرامي للمشهديات هو في حقيقة الامر كتابه تحليلية للوحة
والحياة وايضا المواقف التي كانت تحيط به وبمسيرته الحافلة
بالمواقف والمواجهات خصوصا في ظل النهج التشكيلي الذي يشتغل عليه.
جسد شخصية الفنان التشكيلي «تيرنر» الممثل البريطاني الكبير تيموثي
سبال والذي عاش التفاصيل الدقيقة لمفردات الشخصية شكلا ومضمونا.
ونشير هنا الى ان تيموثي هو النجم الاكثر حضورا في اعمال مايك لي
السابقة
.
معه في الفيلم كل من دروثي اتكنسون وماريون بايلي وبول جيسون
وليسلي مانفيلد ومارتن سافاج وروث شين .
تصدى لكتابة السيناريو مايك لي نفسه على مدى عامين كاملين قام
خلالهما بقراءة كل ما كتب عن «تيرنر» وشاهد النسبة الاكبر من
لوحاته وتحفة ومخطوطاته ومكان معيشته وراح يشتغل على خطوط درامية
بالذات في تحليل اللوحات وتحويلها الى جزءا من الفعل الدرامي
بالذات مشاهد البحر والساحل والشواطئ
..
خلف الكاميرا كان مدير التصوير الحاصل على الاوسكاؤر ديك بوب
وللموسيقى التصويرية كان هناك جاري يرشون .
ونعود الى بيت القصيد الى حيث المخرج «الايقونة» مايك لى الفائز
بالسعفة الذهبية عن فيلم «أكاذيب حقيقية» 1996 وفي رصيد هذا المبدع
كم من الاعمال السينمائية الهامة ومنها «الاماني الكبيرة» 1988 و
«الحياة جميلة» 1991 و«عري» 1993 وصولا الى فيلمه قبل الاخير «عام
اخر» 2010.
وهو في جملة اعماله يشتغل على الانسان وقضاياه، لهذا فهو حينما
يستحضر تيرنر فانه يستحضر من خلاله الموقف والفن والابداع والانسان
بكل ظروفه وألمه وتعبة واحاسيسه
.
سينما من نوع متخلف تلك التي يقدمها لنا المخرج الرائع مايك لي
الذي كلما تقدم به العمر ظل اكثر نضجا وعمقا ومقدرة على منحنا
الدهشة بكل دلالاتها وابعادها الحقيقية . سينما هي في الحقيقة تمثل
رحلة الى عوالم مبدع كبير من خلال عين مبدع اخر وكان السينما والفن
التشكيلي يعيشان حاله من العناق والالتقاء والانصهار .حيث لكل مشهد
دراسته التحليلية المعمقة للوحة واللون والقيم والمعاني الابداعية
في سينما صنعت لتوصيف وتكريم والاحتفاء بهذه القامة التشكلية
الكبرى من خلال مبدع سينمائي كبير هو البريطاني مايك لي . مبدع
لايمكن مقارنته او حتى الزج باعماله الى المسابقات لانه قامة وبصمة
سينمائية تمتلك خصوصيتها وتفردها وبصمتها الشديدة العمق والتفرد
...
ويبقى ان نقول
...
فيلم «السيد تيرنر» احتفاء بمبدع تشكيلي بريطاني
.
حكايات وأخبار
عبدالستار ناجي
-
وصل الى مدينة كان عبدالعزيز الخاطر مدير مؤسسة الدوحة للسينما حيث
يتواجد في الجناح القطري في سوق الفيلم الدولية في كان.
-
الاجنحة العربية في سوق كان تتمثل بالجناح القطري والاماراتي
والمغربي والجزائري والتونسي بالاضافة الى الجناح المصري الخاص
بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي
.
-
جملة الكتابات النقدية في الصحف والمطبوعات جاءت لصالح فيلم «السيد
تيرنر» لمايك لي وجاء في المرتبة الثانية حتى الان فيلم «تمبكتو»
لسيساكو الموريتاني
.
-
الملاحظة الاكثر حضورا هي الغياب التام لنجوم السينما العربية
الذين تعودوا التواجد في كان مثل ليلى علوي ولبلبة ومحمود
عبدالعزيز .. وذلك لارتباطهم بتصوير اعمال شهر رمضان
.
-
درجات الحرارة لا تتجاوز العشرين درجة في ساعات الظهيرة وتنخفض الى
12 درجة ليلا
.
-
ضمن عروض المعاهد الفنية السينمائية سيعرض الفيلم المصري القصير
«حمام الكيلو 375» للمخرج الشاب عمر الزهيري .
خارج المسابقة سينما من نوع مختلف!
عبدالستار ناجي
بين ارتفاع المظلات وهبوطها وهطول الامطار وشروق الشمس وكم اخر من
التقلبات في الانواء والمناخ تمضي ايام مهرجان «كان» السينمائي في
دورته السابعة والستين وسط احتفالية فنية واعلامية هي الاهم عالميا
.
وفي هذه المحطة من ايام مهرجان «كان» نتوقف عند العروض الرسمية
التي ادرجت خارج المسابقة الرسمية والتي تمثل نمطا سينمائيا مختلفا
شكلا ومضمونا عن تلك التي تتنافس على السعفة الذهبية في المسابقة
الرسمية
.
ومن اجل مزيد من الايضاح في هذا الجانب نشير الى ان الاختيارات
الرسمية في مهرجان «كان» لا تكاد تتجاوز ال 45 فيلما من بينها 18
فيلما فقط في المسابقة الرسمية من اصل 3000 فيلم شاهدتها اللجنة
المنظمة وهي قمة نتاجات هذا العام . على الصعيد الفكري
.
اما بقية الافلام ال 45 فانها تتوزع على تظاهرة «نظرة ما» وهي
المسابقة الثانية من حيث الاهمية. واسبوع النقاد وايضا اسبوعا
المخرجين السينمائيين. اما بقية الـ 3000 فيلم فيذهب جلها الى سوق
الفيلم الدولية او بقية المهرجانات الدولية . حيث يمثل كان الحاضنة
التي تزود بقية المهرجانات ومن بينها «الاوسكار» بالافلام
.
وضمن العروض خارج المسابقة هناك فيلم الافتتاح «غريس دو موناكو»
لاوليفيية دهان وبطولة نيكول كيدمان ولعلها النجمة الاكثر شهرة حتى
الان التي وصلت الى كان . والفيلم اثار كثيرا من ردود الافعال
المتفاوتة المستوى لعل ابرزها رفض قصر موناكو للفيلم ونهايته على
وجه الخصوص
.
من الافلام التي ستعرض خارج المسابقة هناك الصيني «العودة للمنزل»
اخراج الصيني زانج ييمو وبطولة زوجته السابقة جونج لي
.
وخارج المسابقة هناك عروض «منتصف الليل» ومنها افلام «النهر»
لدايفيد ميشود و«الذاتية» لكرستيان لافرينج و الهدف لشانج
.
وضمن العروض الخاصة هناك «الجيش الاحمر» لغابي بولسكي و«جسور
سراييفو» الذي تعاون في اخراجه 14 مخرجا من بينهم المخرج الفرنسي
القدير جان لوك غودار
.
وتحت مظلة هذه التظاهرة سيقدم المخرج السوري اسامة محمد فيلمه
الجديد «ماء الفضة» الذي يتحدث عن الظروف الموضوعية التي تعيشها
سورية اليوم
.
كما سيشهد المهرجان في العروض خارج المسابقة فيلم «غذاء وجنود»
اخراج ستيفان فالواتو
وقد خصص المهرجان فيلما بعنوان «ابناء اللوموند» يتم عرضه بمناسبة
مرور 70 عاما على تأسيس صحيفة اللوموند الفرنسية في مباردة تسجل
للمهرجان للاحتفاء بهذه الصحيفة الفرنسية البارزة . وفي تصريح
صحافي كان المدير الفني للمهرجان تيري فريمو قد شدد على اهمية
الدورة الحالية بوصفها دورة الكبار وايضا المزج بين الأجيال وهذا
يعني منح فرص حقيقية لأجيال الحرفة السينمائية . كما قال تيري
فريمو: مهرجان «كان» ليس مجرد مسابقة رسمية وسعفة ذهبية هناك
العشرات من التظاهرات التي تتواصل على مدى اسبوعي المهرجان لترسخ
حضور السينما وتعمد مكانة هذا المهرجان الذي بات موعدا حقيقيا مع
الابداع السينمائي القادم من انحاء العالم في حوار بين الثقافات
والمبدعين.
وقال ايضا: الدورة السابعة والستين لمهرجان «كان» السينمائي هي
اختصار لجديد السينما وابداعاتها لهذا يزدحم هذا العام اكبر عدد من
كبار المخرجين داخل المسابقة وخارجها من اجل احتفاء حقيقي بالابداع.
ويبقى ان نقول..
عروض خارج المسابقة تختلف شكلا ومضمونا حيث الصيغ الاكثر قربا من
جمهور المشاهدين
.
من توقيع المخرج الموريتاني عبدالرحمن سيساكو
«تمبكتو»
بيان سينمائي ضد التطرف والإرهاب
عبدالستار ناجي
يذهب فيلم «تمبكتو» للموريتاني عبدالرحمن سيساكو بعيدا في نبذ
التطرف والارهاب الاسلامي بالذات ذلك الذي ضرب عددا من دول الساحل
الافريقي . «منفيستو» شديد اللهجة عبر لغة سينمائية عالية الجودة
ثرية بالمضامين وشديد الوضوح مشبعة بالشفافية في وصف وتحليل الحالة
المعاشية لمدينة «تمبكتو» المالية تحت سيطرة وهيمنة التنظيمات
الاسلامية وتحركها تحت ستار الدين والشريعة وتبرير كل شيء بالحلال
والحرام وفق مصالح واهداف شخصية بحتة.
في الفيلم يذهب بنا المخرج الموريتاني الاكثر شهرة عالميا
عبدالرحمن سيساكو الذي عرفناه عبر عدد من الاعمال السينمائية ومنها
«باماكو» 2006 و«الحياة على الارض» 1998 يذهب بنا الى مدينة تمبكتو
التي كانت حاضرة الدنيا وشاغلتها على مدى عدة قرون وحينما عصفت
الحياة الاقتصادية تحولت تلك المدينة الى مدينة شبه خاوية الا من
سكانها الذين آمنوا بقدرهم.
وخلال ايام انتشر التطرف الديني والعديد من المنظمات التي حملت
راية الجهاد الاسلامي وحولت الشمال الافريقي وعددا من دول الساحل
بالذات مالي الى ساحة حرب وفرض السيطرة عبر كوادر تجمعت من العديد
من المسلمين من انحاء العالم حيث يظل الفيلم يشير الى النسبة
الاكبر بالحديث باللغة العربية اضافة الى الفرنسية والانكليزية
والسواحلية وغيرها من اللغات واللهجات.
في تلك الايام الصعبة تبدأ احداث الفيلم بمشهد «غزال » يطارده عدد
من عناصر احدى التنظيمات الاسلامية المتشددة .. وكمية من الطلقات
النارية تتطاير حوله .. بعدها رصاص يوجه لعدد من المنحوتات الفنية
النادرة ... وعندها ايضا تبدأ البيانات الموسيقى ..حرام وكرة القدم
..حرام والسفور ..حرام وهكذا كل شيء حرام والعقوبة تارة بقطع اليد
واخرى بالرجم وثالثة بالقتل وغيرها من صنوف تحقيق القانون حسب
الشريعة الاسلامية .
البناء الدرامي للفيلم يتحرك من خلال حكاية رجل «كيدان» يعيش مع
زوجته «ساتيما» وابنتهما ذات الاثنى عشر عاما في خيمة على اطراف
المباني . الرجل موسيقي سابق ولكنه اوكل صبيا شابا لرعايه الابقار
التي يعيش عليها . في تلك الاثناء تسيطر المجموعات الدينية
الاسلامية المتطرفة على جميع المناطق ويبدأون ممارساتهم في تحقيق
القانون. ونشاهد العديد من الممارسات فهذه بائعة سمك يطلب منها ان
تلبس كفوفا وهي ترفض لانها طيلة النهار وهي تعمل بالاسماك وتنظيفها
ويتم عقابها. وهذه مجموعة شابة تعزف الموسيقى يتم القبض عليها
لتلقى العقاب بالجلد .. وهكذا بقية الممارسات التي ليس لها علاقة
بالدين او الشريعة إلاّ من خلال التفسير الشخصي وتحقيق المصالح .
حيث نشاهد رجلا غريبا من المتطرفين يتقدم لخطبة فتاة صغيرة قاصر
وحينما ترفض والدتها بسبب غياب الوالد يتم تزويجها بالاكراه بحجة
انهم الذين يسيطرون على ادارة الامور. وتمضي الاحداث .. رجل من
المتطرفين يتحرش ولاكثر من مرة بزوجة الرجل الشاب الذي يعلم ذات
يوم ان صياد السمك قام بقتل احد العجول التي يمتلكها فيذهب للحديث
معه وسرعان ما يتحول الحوار الى اقتتال يموت خلاله صياد الاسماك
ويتم القبض على الرجل «كيدان» لتبدأ عملية محاكمته والاصرار على
تنفيذ الحكم في ظل رفض اسرة صائد السمك بالعفو. وخلال عملية تنفيذ
الحكم تصل الزوجة ومعها سلاح وتحدث مواجهة ويموت الزوج والزوجة
لتفر الابنة الصغيرة في نهاية الفيلم وكان الفيلم يعود بنا الى
بداية مشهد الغزال الشارد والذي تطاردته العصابات الارهابية
المتطرفة
..
ان فكرة الطريدة تظل حاضرة منذ المشهد الاول وكأن على الانسان
المسلم ان يظل مجرد «طريدة» للمنظمات الاسلامية المتشددة والتي
تفسر الامور حسب رغباتها ومصالها.
وفي الفيلم كم من المشهديات السينمائية الذكية ومنها مشهد لعب كرة
القدم بدون كرة القدم لان الكرة حرام.. ومشهد الجلد الذي تتعرض له
المطربة الشابة ولكنها وهي تتلقى السياط تظل تصدح بصوتها عاليا
وكانها تعلن الرفض . ثم يأتي مشهد المواجهة بين «كيدان» وصائد
السمك ومشهد الاغتيال والذي صور من مسافة بعيدة وكانه يقول بان
الارض صارت ساحة حرب ...ستصل الجميع . المخرج الموريتاني عبدالرحمن
سيساكو حرفي يمتلك موضوعه وحرفته وايضا لغته السينمائية التي
لطالما استمتعنا بها وبمضامينها التي تمتلك الموقف والرأي ضد كل
مفردات التطرف والتشدد والتزمت والارهاب الديني. تعاون سيساكو مع
السيناريست كيسين تال الذي تعاون معه من ذي قبل. وفي الفيلم لغة
بصرية عالية صاغها مدير التصوير التونسي العالمي سوفيان الفاني
الذي شاهدنا له في العام الماضي فيلم «حياة اديل» اخراج عبداللطيف
كشيش والذي فاز بالسعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائي
2013بالاضافة الى الموسيقى التصويرية المتفردة التي صاغها
الموسيقار امين بوهافا . فيلم «تمبكتو» بيان سينمائي عالي الجودة
شديد الشفافية ضد الارهاب والتطرف الاسلامي يحمل توقيع المخرج
السينمائي الموريتاني عبدالرحمن سيساكو وسيحدث هذا العمل الكثير من
ردود الافعال على الصعيدين الفني والفكري وهل يستحق التتويج باحدى
جوائز مهرجان كان السينمائي في دورته السابعة والستين لعام 2014.
وجهة نظر
كان 7
عبدالستار ناجي
تتواصل ايام مهرجان كان السينمائي الدولي في دورته السابعة
والستين، هنا في مدينة كان جنوب فرنسا. وتبدو الملاحظة الاساسية،
في مقدرة هذا المهرجان في منح فرص اكبر لجيل الشباب، وعلى الرغم من
ازدحام المسابقة الرسمية للمهرجان بأهم الصناع وعباقرة الفن
السابع، الا ان هناك مخرجا شاباً عمره (25) عاما بينهم. إضافة الى
كم اخر من الاسماء الشابة، التي تجتهد لان تحتل موقعها بين الكبار.
وضمن الاختيارات الرسمية، وفي تظاهرة افلام الطلبة الدارسين في
المعاهد السينمائية، يأتي فيلم عربي من مصر الا وهو حمام الكيلو
375 من توقيع المخرج الشاب عمر الزهير، وفي هذه التظاهرة هنالك
تواجد شبابي عالي المستوى ولهذا تحظى هذه الظاهرة باهتمام النقاد
والمنتجين والموزعين لانها نافذة على الاكتشاف الجديد.
ان منهجية التحرك، من قبل المدير الفني للمهرجان تيري فيريمو، تأتي
وفق حرفية عالية، ففي الوقت الذي يزدحم به النجوم على البساط
الاحمر امام قصر المهرجانات.. هناك جيل جديد يولد في كان ليكون في
الغد هو النجم على البساط الاحمر.
واتذكر هنا جملة جميلة جاءت ضمن مذكرات النجم الفرنسي آلان ديلون
حول مهرجان كان قال فيها «ذات يوم حضرت الى كان» لم امتلك سوى
فرنكات قليلة وكنت انام على الشاطئ، وعيني على النجوم امام قصر
المهرجانات، وحينما جاءت الشهرة والنجومية، وكنت اتمشى على البساط،
كنت انظر دائما الى الشاطئ لعلي ارى احلاماً، وامالاً جديدة كتلك
التي نقلتني من الشاطئ الى البساط الاحمر.
اليوم في كان يزدحم الشاطئ كما يزدحم البساط.
والرهان دائما هم الشباب.. فهم مستقبل كان.. ومستقبل السينما
العالمية.
وعلى المحبة نلتقي |