نشرت جريدة السفير اللبنانية مقالاً للمخرج السينمائي السوري أسامة
محمد بعنوان "التمثيل
بأميرالاي" يعلق فيه على ما قاله المدير العام للمؤسسة العامة للسينما في
سورية محمد الأحمد عن المخرج السوري المبدع الراحل عمر أميرالاي خلال
برنامج على
شاشة التلفزيون السوري. وبعد قراءتي للمقال لم أجد عبارة أعلق
فيها على ما قاله
الأحمد عن أميرالاي إلا أن أقول إنه بالفعل إذا لم يستح المرء فإنه يفعل ما
يشاء
ويقول ما يشاء، ذلك لأن كلام محمد الأحمد عن عمر أميرالاي لم يذكرني إلا
بهلوسات
القذافي الذي سيصبح عما قريب الرئيس المخلوع، أو ربما الرئيس المنتحر، أو
المقتول.
انظروا، مثلاً، ماذا يقول هذا الرئيس المعتوه، وهو ما يتم التندر عليه
وتناقله عبر
الرسائل الإلكترونية:
• للمرأة حق الترشح سواء كانت ذكراً أو أنثى!.
• أيها
الشعب... لولا الكهرباء لجلسنا نشاهد التلفاز في الظلام!.
• أنا لست ديكتاتورا
لأغلق الفيس بوك... لكني سأعتقل من يدخل عليه!.
• تظاهروا كما تشاؤون ولكن لا
تخرجوا إلى الشوارع والميادين!.
• سأظل في ليبيا إلى أن أموت أو يوافينى
الأجل!.
• بر الوالدين أهم من طاعة أمك و أبوك!.
والطريف، والمفارقة، في
الأمر أن القذافي يقول هذا الكلام في اللحظة نفسها التي يتهم
فيها شعبه بتناول حبوب
الهلوسة. ويبدو أن بعض المسؤولين السوريين أصيبوا بالداء نفسه المصاب به
القذافي،
أي داء العظمة. وبالتالي أصبحوا يشبهونه في العته والحماقة. لم أشاهد أو
أسمع ما
قاله محمد الأحمد عن عمر أميرالاي، لأنني بطبيعتي، ومثلي مثل
الملايين في سورية، لا
أشاهد التلفزيون السوري إلا عندما أذهب إلى والدتي، حيث أجدها تشغل
التلفزيون على
القناة السورية بانتظار مشاهدة النشرة الجوية التي غالباً ما تفتقر إلى
الدقة. لكن
قول الأحمد، مثلاً، عن الفيلم الذي أخرجه عمر أميرالاي عن سعد
الله نوس بعنوان "هناك
أشياء كثيرة كان يمكن قولها" بأنه "بورتريه" هو كلام فارغ. لأنه كما قال
أسامة محمد هو فيلم عن الصراع العربي "الإسرائيلي"، وأنا هنا أضيف: إنه
شهادة عن
هذا الصراع، وعندما قدمته إحدى قنوات التلفزة الفرنسية قدمته باعتباره
شهادة سورية
عن هذا الصراع إلى جانب شهادة أخرى من مخرج "إسرائيلي". لكن الشهادة
"الإسرائيلية"
لم تصمد أمام الشهادة السورية التي أتت على لسان سعد الله ونوس في فيلم عمر
أميرالاي. أما قول مدير السينما في سورية عن فيلم "الطوفان"
بأنه "أضعف أفلام
عمر..." فإنني أقول إن مسؤول السينما في سورية ليس بوسعه القول
عن فيلم "الطوفان"
أكثر من هذا طالما أنه من عداد المسؤولين السوريين، ذلك لأن الطوفان هو
فيلم، وكما
قلت في شهادتي عن عمر المنشورة على موقع الجزيرة الوثائقية بعنوان "نم قرير
العين
ياعمر..." (http://doc.aljazeera.net/cinema/2011/02/2011288592710253.html
)، هو فيلم عن "الطوفان الذي نغرق به، طوفان
الأيديولوجية، وطوفان الكذب، وطوفان
التضليل، وطوفان الشعارات المنتهية المفعول ولم تعد صالحة
لشيء..." وهذا ما ليس
بوسع مسؤول السينما السورية الاعتراف به...
إنني لا ألوم محمد الأحمد على ما قاله عن عمر
أميرالاي بقدر ما ألوم إدارة التلفزيون السوري التي لم تجد
شخصاً يتحدث عن عمر
أميرالاي عبر التلفزيون السوري سوى ألد أعداءه. وربما عدوه الوحيد.
لكن وجه
الشبه بين مدير السينما في سوريا والزعيم المعتوه في ليبيا لا يقتصر على
هذا،
فمعتوه ليبيا يشن حرباً على الشعب الليبي، أو قل معظم أبناء
الشعب الليبي، بينما
يشن مدير السينما في سورية حرباً على السينمائيين السوريين، أو قل على معظم
السينمائيين السوريين، وعلى أهم رموز السينما السورية. من محمد ملص إلى
نبيل
المالح، وهيثم حقي، وعمر أميرالاي، وأسامة محمد، ونضال حسن،
ونجدت أنزور، وقبلهم
على مروان حداد المدير السابق لمؤسسة السينما الذي أزاحه من منصبه وجلس
مكانه بقرار
من الجهات العليا المعروفة.
وكما
حوّل الزعيم المعتوه ليبيا إلى مزرعة خاصة به حوّل مسؤول السينما في سورية
المؤسسة
إلى مزرعة خاصة به. فكان أول ما قام به هو الإدعاء بتسمية مهرجان دمشق
السينمائي بـ
"مهرجان دولي"، دون أن يكون مصنفا على هذا النحو من قبل الهيئات
الدولية، لتقفز
ميزانيته من اثني عشر مليون ليرة سورية إلى خمسة وخمسين مليون ليرة،
والفارق بين
المبلغين لا أحد يعرف إلى أين يذهب سوى اللجنة التي أرسلتها هيئة الرقابة
والتفتيش
للتحقيق معه ومع عدد من مسؤولي المؤسسة. والأمر لا يقتصر على
التسمية بل طال هوية
المهرجان وشعاره. فقد كان مهرجان دمشق السينمائي هو مهرجان لسينما العالم
الثالث،
وكان يشكل فرصة لمشاهدة الأفلام القادمة من أمريكا اللاتينية وأفريقيا
وآسيا والتي
لا يمكن مشاهدتها في الأحوال العادية في ظل سيطرة السينما
الأمريكية، وكان شعاره
"من أجل سينما متقدمة ومتحررة"، فحوله إلى مهرجان فاقد الهوية ليضع له
في كل دورة
شعاراً جديداً خال من أي معنى. ويعرض فيه الأفلام المتوفرة على "البسطات"
وفي محلات
بيع "السيديات" المنتشرة في سورية. إن من يعود إلى الأهداف التي أقيم من
أجلها
مهرجان دمشق السينمائي، والتي أعلن عنها في دورته الأولى عام 1979 يجد كم
ابتعد هذا
المهرجان عن تلك الأهداف، بل كم أن المهرجان أصبح مناقضاً لأهدافه التي عقد
من
أجلها. كما أن ميزانية كل دورة من دورات مهرجان دمشق السينمائي يمكن أن
تصنع عشرة
أفلام سينمائية، وذلك أولى من صرفها على "بهرجانات" لا طائل
منها. إن ممارسات وسلوك
مدير مؤسسة السينما في سوريا دفعت السينمائيين السوريين لإصدار بيان على
الإنترنيت
يطالبون فيه بتنحيته عن إدارة المؤسسة. لكن يبدو أن وزارة الثقافة في سورية
التي
تتبع إليها مؤسسة السينما تنتظر من هؤلاء المثقفين النزول إلى
الشارع رافعين شعار
إسقاط مدير المؤسسة حتى تستجيب لمطالبهم.
الجزيرة الوثائقية في
28/02/2011
التمثيــل
بأميــرالاي
اسامة
محمد
انتقت قيادة التلفزيون
من كل مثقفي وصحافيي ونقاد سوريا... محمد الأحمد ليحيي ما يفترض أن يكون
صباح َخيرٍ
احتفاءً بسينما « أميرالاي « الراحل للتوّ... لا أتكهن من أَلهَمَ من ...
لكن أي
مخيلة هذه.. تأتي برجل حاول طوال سنين إلحاق الأذى بعمر في إشاراتٍ أمنية
وكاذبة
وثَقتها الصحافة وقرأها الجميع. اختار التلفزيون كارِهَ
السينمائيين ليحتفي
بفقيدهم... فأوسع جسده تمثيلا.
التمثيل بالجثة... عنف ٌنوعي وحقدُ نوعيٌّ وكرهٌ
نوعيٌّ ترعرعَ في منطقتنا وازدهر في الحروب الأهلية... والتمثيل بالراحل
خوفٌ من
قوّة حياته المستمرة وورطة تتمثّل في دونية القاتل ومحاولته تمديد لحظة
القتل
بوصفها لحظة الانفراد بسلطة اللحظة.
....
بدائيةٌ نقدية مسكينة... تدور على
الكرسي الدوار للمدير العام فيختلطُ الضميرُ الفنّي بالضمير
الأمني ليَمنح عُمر
فضيلة ًوحيدةً هي»الأكثر وسامة و... أناقة بين زملائه مجرّداً أميرالاي من
أناقة
السينما.
سؤال أبديّ وصعب عن علاقة الأخلاق بالفن.. من يلتهم من؟ ضحالة الضمير
أم ضحالة النقد؟... وأيهما الذي يتكلم على الشاشة... في مِيْلَويّة مغرورة
لا
تستطيع الخروج من تيمة الأفضل والأحسن
والصح والصواب وَالـ نعم وَالـ لا.
فضمير
الناقد يُغيّب فيلميّ «الحياة اليومية» و«الدجاج». يختطف محمد الأحمد من
عُمْرِعُمَر أعواماً يخفيه فيها عن الوجود... فعُمَر لم ينجز إلا الأفلام
التي
يقررها الأحمد.
أردُّ اليوم وللمرة الأولى في حياتي على ما يأتي من سباب
واتهامّ... لسببين، أولهما غياب عُمَر، وثانيهما الفراغ الإنساني والمهني
الذي
يُدير شؤون السينما في وطننا سوريا حيث نولد ونموت.
سأورد بعضاً مما شاهدتُ
وأورده سامر اسماعيل ومما لم يورِد من أقوال المدير العامّ بين
قوسين. وسعياً
للاختصار سأرمز للسيّد محمد الأحمد بالحرفين «م. أ« ولشخصي أنا بهما
معكوسين «أ.
م«.
هكذا يبدأ المدير قراءة البلاغات على أنها نقد سينمائي:
بلاغ رقم 1
ـ م. أ: «... حيث ساعده وجودهُ في باريس العام 1968 على الانخراط في
أحداث ثورة
الطلاب. وهذا بدوره خلق لدى عُمر أميرالاي مشكلة أساسية لم ينتبه أحد إليها
من
الذين قيّموا تجربته، فهو شخص تاهَ بين السياسيّ والمُخرج التسجيلي».
ـ أ. م:
مربّع الوتر يُساوي مجموع مربعيّ الضلعين الآخرين. وعليه فالمشارك في
الثورة يتوه
بين الإخراج والسياسة... فالسياسة والإخراج متوازيان لا يلتقيان إلا بإذن
المدير
العامّ... وهذا يعني أنّ تروفو وغودار وغاريل و... غلوبير روشا
وبازوليني وفورمان
سياسيون أكثر من كونهم مخرجين. وإن الأوان فات لتنبيه نوري بوزيد ومنصف
وزملائهم في
تونس ويُسري وخالد وخان وبشارة وداوود والقليوبي والبطوط من شرّ الانخراط
بالمطالبة
بالحرية والعدالة الاجتماعية لأن ذلك يضعف الإخراج. أما خالد
أبو النجا فسوف يغلب
السياسي على تمثيله لدور العاشق.
السياسي والمخرج
بلاغ رقم 2 ـ
ـ م. أ: «أنا
قلتُ لعمر انّ لديه مشكلة أساسية لم ينتبه إليها أحد، قلتُ ووافقني عليها.
وهيَ أنه ظلّ في منطقة فضائية عديمة
الجاذبية، فلم يستطع أن يَصعدَ نحو السياسة ولا
العودة إلى الواقع المعيش المتمثّل في السينمائيّ التسجيليّ.
لذلك كان سياسياً أكثر
من كونه مخرجاً سينمائياً، هذه حقيقة وهذا كلام يجب أن يُقال».
ـ أ. م: هل
صادفَ أحدكم ناقداً يصفُ مقولتهُ النقدية بالحقيقة!؟ كما لو أنه يتكلم عن
هلال
شعبان... هذا الذي يحتاج لعدّة شهود شرعاً. قد تكون الكلمة (الحقيقة)
انزلقت من
شعور صاحبها النفسي بمأزق سرد مواجهته النقدية الشجاعة
لأميرالاي... ولأن الأمر
مشكوكٌ به فقد صعدت أنا (أ. م) إلى أعلى حيّ المهاجرين والتقيتُ بعمر
البارحة
وقرأتُ له البلاغ أعلاه فأجابَ «هه».. وإذا لم تصدقوني فاسألوا عُمر...
والذي أجرى
دموعي عندما اجتمعتُ بفلليني وتشابلن وكيوبريك وفيرتوف قولهم
لي إنَّ سينما صديقك
عُمر واقعية ساحرة حُرّه. وإن ناقدنا فقير إذ أعرض لسببٍ ولم يفند عُمَرلا
في
السياسة ولا في الإخراج؟... واستغل إزنشتاين اتقاني الروسية فوبخني وترجم
لهم
فراحوا يبهدلونني كيف يمكن وفي بلدٍ اخترعَ الأبجدية أن يُدير سينماها
ناقدٌ يُطلقُ
على جملٍ تقريرية صفة الحقيقة.
إنها الحقيقة. وإذا لم تصدقوني فاسألوا دزيغا
وسيرغي وشارلي وفريدريكو وستانلي.
في البلاغات اللاحقة ينتشي المدير من قوة
مواجهته الافتراضية لعمر ويرفس السينمائيين السوريين جماعةً
فيقرر أنهم أخفقوا في
نقل البيئة السورية المحلية. والبرهان على ذلك نقداً، أن اليابانيّ
كيروساوا أو
روسيلليني الإيطالي أو بونويل الإسباني لم يُخفقوا... فالعلّة البنيوية
لأحلام
المدينة والنصف متر وابن آوى و... والكومبارس و...الحياة
اليومية والدجاج والطوفان
أن روسيلليني عظيم...
وحين يتنبه الى أنه على الهواء... يرشو عمر ويعلنه «الأكثر أناقة ووسامة بين زملائه»... طيّب
تشجع يا مدير. اهزم الغرب وقل انه أوسم
وأكثر أناقة من شلّة كورساوا!!!.
وسوف يُمَزِّق نعوة عمر في البلاغ الرقم (5)
ليسرق منها كلمة العالميّ محتكراً توزيعها مبرهناً عل ذلك بـ«لا لم يَصل
إلى
العالمية» و(لا) النافية للعالمية تصبح (لا) عالميةً وتُقَرِرُ أنه الأذكى
الذي
وجدها وأن كلَ نقدٍ آخر لسينما عُمَرْ عواطفي، خدعته ربما
وسامة... أميرالاي!!
بورتريهات
بلاغ رقم 7 ـ
ـ م. أ: «تجربة عُمر أميرالاي مع بداية
التسعينيات بدأت تضيق ولم تدخل أمداء واسعة، فقد اتجه إلى
تصوير بورتريهات سينمائية
أخذت شكل تقارير صحافية عن شخصيات... سعد الله ونوس وميشيل سورا وبنظير
بوتو».
ـ أ. م: هات.. بقى.. وقل لنا ولو لمرّة كيف ولماذا تَعْتــَبرُ أفلامه
عن سعد
الله وسورا وبوتو... تقارير صحافية؟ صارح شعبك السينمائي... افتح لنا أمداء
الحوار
وأجب عن السؤال... والحقيقة أنني أتحداك أن تفعل هذا.
من الصعب تحديد الذروة في
دراما إطلالة «م. أ« التابينية لسينما أميرالاي. لكن المرء
يصاب بالخجل والخوف
فـ«م. أ« يهجم فجأةَ على المذيعة: «متلما قلتلك يعني إغراء... شو إغراء؟
ممثلة»
و«بنظير شو» وبالطبع ... سعد الله ونوس شو؟.
-
أ. م: إي شو شو!؟... ذروة...
طبعاً ذروة.. فالإنسان مدىً ضيّق رغماً عن الإمام علي «أتزعمُ أنكَ جرمٌ
صغيرٌ
وفيكَ انطوى العَالَمُ الأكبرُ». وعن البدوي «وفي نفسيَ الدنيا وفي نفسيَ
الدَهْرُ»
بالمناسبة.. فيلم عمر مع سعد الله كان بالتحديد فيلم عمر عن الصراع
العربي
الاسرائيلي... فهل هو همّ وطني؟ أم شخصي ضيق الأمداء؟ والفيلم قدّم ونوس
كمفكر
ومثقف.. رؤيتُهُ النقدية همه الوطني. أم أن ونوس كان ضيق الأمداء بدوره؟
و«بوتو» لا تظهر في الفيلم ولا لثانية...
ثم َّمن هي إغراء؟ ألا يعرف
الأحمد المساحة الرمزية لإغراء في تاريخ السينما والمجتمع؟
أينكر مدى إنسانيتها؟ أم
أن انتقادها لإدارته جعلها مجرد ممثلة عارية؟
أ... غرور؟! أم فساد المخيلة...?!
عماها.
وسوف يغرق الناقد في «الطوفان» مؤكداً مكرراً أنه أضعف أفلام عمر،
فالـ«الطوفان... كان منطلقاً من مشاعر شخصية ضيقة».
الناقد يقبض على الفاعل...
إنها المشاعر الشخصية ولأنها ضيقة يُمسك بها... لم يخبرني عمر أن مشاعره
تغدَّت أو
تعَّشت مع المدير العام... الذي يتغدى ويتعشى بها منتهزاً غيابها.
يُقسِّم «م.
أ« عُمَر إلى مرحلتين، البداية الملتصقة بالهمّ العامّ ويحذف منها أفلامه
الممنوعة.
والخاتمة الذاتية المنفصلة عن الهمّ العام.
وفي كلتا المرحلتين يُنْكِرُ الفنَّ عن
الممنوع ويعترفُ بالمسموح في خلاصة واضحة أنَّ الرقابة هي
الفنّ، وأنَّ الذاتَ
الحرة عدوة للهمّ العام.
البلاغ الأخير
ـ م. أ «... علينا قول ذلك من أجل
أن نكون صادقين مع الإخوة المشاهدين».
ـ أ. م: ... مع الاخوة المشاهدين
الممنوعين من مشاهدة أفلام عُمر.
إنني أتساءل وأسأل العارفين والعالِمين
والنقاد... والمدير العام ّ الذي يخرج بعد رحيل عُمر على شاشة
تمنع أفلامه ليستبدّ
وينفرد بأحكامه عليها دون أن يخجل ضميرُهُ ويُطالبَ على الهواء بعرضها أو
يعتذر عن
عرض نفسه.. إنني أسأل الجميع هل أن شاعرا كبيرا كبدوي الجبل انطلق من
مشاعره
الشخصية الضيقة بعد نكسة 67 إذ قال:
والإذاعاتُ هل تخلّعت العاهر أم هل تقيّأ
السّكير.
أولا تشبه البلاغات الكاذبة هذه تلك؟ أولا يشبه اتهّام
المشاعرالاعتقالَ التعسفي دون حقّ الدفاع والردّ. أولا تشبه التمثيل
بالجثة؟
نحن موتى وشرّ ما ابتدعَ الطغيانُ موتى على الدروب تسير.
هل خطر ببال بدوي
الجبل الذي كاد يدفع حياته ثمناً لهذه القصيدة.. أن الموتى على الدرب
تمثلوا بأجساد
الموتى.
الاتهام ليس رأياً والتنكيل بالجسد ليس رأياً.
ليس نقد سينما
أميرالاي ممنوعاً ولا حراماً لكن اعرضوها وهي وحدها قادرة على أن تتكفل
بالأمر.
اندفس المنكل في العام 67 بجسد بدوي الجبل
وبَصَقهُ التاريخ والتمعت اليوم صورُه
الشعرية الخالدة في رأسي، وإلى جوارها في رأسي كذلك شعرٌ نادرٌ
وحيّ من صورعُمر
أميرالاي. في (الحياة اليوميّة) مانديلا السينما الممنوعة...... 197676 =
67ة
مقلوبة.
قد يكون محمد الأحمد في حياته الخاصة - خارج ورطة المنصب - لطيفاً
ولمّاحاً ومحباً ومحبوباً.
وما ورد أعلاه وجهة نظر في المهنية والضمير
لـ(الناقدٍ السينمائي) محمد الأحمد.
المهنية ضمير.. إذ يخونها لا يبقى ضميرأ
ولا تكون مهنيةً... ويصبح تََحَملَهُ المسؤولية والأمانة عليها
وعلى مستقبليتها
موضع شك. والمخيلة هي الضمير إذا ارتضى ارتضت وإذا مثلت بجسد الراحلين فما
الذي
تخبئ للأحياء!؟ إنَّ مخيلة لا ترى وتسمع إلا صدى غرورها لن تصغي لكمون
الإبداع
الوطني «السينمائيين الشباب» وستبقيهم ما بقيت سجناء مخيلةٍ
فاسدة.
)مخرج
سينمائي سوري(
السفير اللبنانية في
25/02/2011
شهادة
محمد سويد:
أهمية أميرالاي تتجسّد في المكانة التي وصل
إليها الفيلم التسجيلي العربي
شهادة حميمة يرويها السينمائي والناقد محمد سويد في الراحل عمر
أميرالاي من موقع الصداقة التي ربطتهما كما العلاقة المهنية:
"آخر مرة رأيته فيها في أبوظبي كانت الأولى بعد وفاة والدته. التقطت
له صورة. شعرت أنه كبر نفسياً. فوالدته كانت تحتل مكاناً كبيراً في حياته.
وللمرة الأولى شعرت أن الفارق بين الحياة والموت هو فرق العمر. كأن العمر
الذي كان يكبته طوال سنوات ظهر فجأة. حدّثني، هو الحريص على صحّته، عن
ضرورة الإهتمام بصحتي وإجراء الفحوصات الدورية. للمرة الأولى أيضاً خلال
علاقتي به أحسست بالفرق بين الشباب الدائم والكهولة التي بدأت تتسلّل إليه.
حدّثني عن والدته التي ربطتني بها مودة خاصة. مات الإثنان في البناية
نفسها. أذكر عندما كنت أساعده في فترة البحث والتحضير لفيلم ميشال سورا
إبان الحرب، كانت والدته تعاملني كأنني مسؤول عن عمر في الشارع. وبالفعل
ظلّت هي القاسم المشترك الحميم بيني وبينه، أزورها كلّما جاءت بيروت. كانت
موظفة في السنترال وناضلت بعد وفاة والده لتربي عائلتها. وأظن أن احد اسباب
عدم خوض عمر السينما الروائية أو تعثّر مشاريعه فيها هي أمّه التي كانت
الرواية في حياته. ولعلّ حكايتها وحكاية عائلتها كانتا المشروع الروائي غير
المعلن في مسيرته. وهو صوّرها بالفعل قبل وفاتها وكان يرغب في العودة إلى
ما صوره وصنع شيئاً منه بعد تجاوز موتها. من مشاريعه الروائية المعلنة هناك
"اسمهان" الذي اشتغل عليه سنوات مع محمد ملص. لم يتم المشروع في نهاية
المطاف ولكن هناك مجموعة شهادات مسجّلة عن عصر أسمهان من بينها مقابلة
نادرة مع ليلى مراد.
عدا عن انتماء والدته إليه، كان لبنان يعنيه في أكثر من معنى ومكان.
فهو تربى في جونية وعاش في بيروت لبعض الوقت وظلّ محافظاً على الجنسيتين
اللبنانية والسورية. وعلى الرغم من إقامته الطويلة في فرنسا، لم يفكّر في
الحصول على جنسية فرنسية. أذكر عندما التقيته في مطار روما أيام الحرب كان
يستخدم جواز سفره اللبناني. كان في عمر شيء من شخصين. مثل سمير قصير
اللبناني الفلسطيني السوري، كان عمر لبنانياً سورياً باريسياً. ولعلّ
صداقته بميشال سورا منحته ذلك البعد الأوروبي التنويري المنفتح على العالم
العربي الذي كان يجسّده سورا. وهو كان من بين محفّزي سورا على اكتشاف
المنطقة وإجراء أبحاثه فيها. ولولاه لتحوّل سورا رحّالة مدفوعاً بالدهشة
لاكتشاف الشرق وكتابته كما يراه. ولكن بوجود عمر، صار الشرق هو الذي يجذب
الرحالة إليه وهو الذي يكتب الرحّالة وليس العكس. غريب أن يجمع الموت مصائر
هذا الثلاثي، عمر وسمير وميشال. سمير انتهى إلى الإغتيال، وسورا قُتل على
ايدي الناس الذين كانوا موضوعه، وعمر رحل قبل أيام.
إذا أردت أن أوجز مسيرة عمر أميرالاي، أقول انها منذ بدايات شغله مع
سعدالله ونوس وانتهاءً بشغله المنفرد هي رحلة اليسار العربي، بدأها بفيلم
مثل "الدجاج" حيث نعثر على التفكير العربي اليساري المنفتح على التحليل
الماركسي للأشياء. منذ سفره إلى فرنسا وحتى فيلمه الأخير، تحوّلت مسيرته
إلى رحلة مع المواطن العربي والسلطة، ليس فقط السياسية. ناديا الجندي كانت
سلطة ايضاً في "الحب الموؤود"، سلطة مفروضة. كان عمر يرصد بدايات الأشياء
كما فعل في "العدو الحميم" الذي استشرف تفشي الأصولية والسلفية في العالم
العربي التي تحوّلت في النهاية إلى سلطة قتلت ميشال سورا. الرحلة من الفرات
إلى الطوفان بدأت في مرحلة كانت فكرة السد فيها ترمز إلى السياسات الوطنية
والتفّ حولها سينمائيون كثر مثل يوسف شاهين الذي أنجز "الناس والنيل" عن
"السد العالي" في نفس الوقت. نعثر في كلا الفيلمين على تقديم بريء للسلطة.
إلا أن السد لم يمنع الطوفان. فيلمه عن بنازير بوتو هو فيلم عن السلطة بكل
معنى الكلمة. أما "الرجل ذو النعل الذهبي" فعن سلطتين: سلطة المثقف وسلطة
رجل المال. وأعتقد أن مشروعه الأخير "إغراء" الذي رحل قبل إنجازه كان سيكون
عن سلطتين بائدتين: سلطة إغراء البائدة وسلطة المثقف البائدة، لاسيما انه
ردد غير مرة أن الإخراج سيكون مشتركاً بينه وبينها. بل أعتقد أن المشروع
كان سيذهب أبعد في تصوير ثلاثي بائد: "إغراء" نجمة الإغراء في السبعينات
المنعزلة اليوم، كاميرا السينما المنعزلة أمام الديجيتال أي انها سلطة
تعبير شبه بائدة وسلطته هو كمثقف وسينمائي.
على الصعيد الإنساني، جسّد لي عمر النبل وأناقة وكبرياء البورجوازي
الذي فقد ماله مع أنه لم يكن بورجوازياً. أما على الصعيد السينمائي، فأعتقد
أن أهمية عمر أميرالاي الكبرى تكمن في ما حقّقه الفيلم التسجيلي العربي إلى
يومنا هذا. فإذا كان الأخير قد تحرّر من إرث الريبورتاج والبروباغندا ووصل
إلى المكانة التي يعامل فيها كفن وكسينما مؤلف، فإن عمر هو الرائد الأول."
المستقبل اللبنانية في
18/02/2011
أخذ وردّ بين السينمائيين السوريين والمؤسسة العامة
للسينما
انتقد بيان صادر عن مجموعة من المهتمين بشؤون السينما السورية التراجع
الكبير الذي حل بالسينما السورية من حيث كم الإنتاج ومستواه الفني. وقال
البيان الذي نشر مؤخراً على شبكة "فايسبوك" والموقّع من نحو325 ممثلاً
ومخرجاً وصحافياً وعاملاً في مجال السينما "لقد شعرنا وشعر غيرنا، بأن
الصرح الإنتاجي السينمائي الأكبر في سورية موضوع بين أيدٍ لا تعرف إمكانيات
هذا البلد الزاخر بالمواهب السينمائية في مختلف المجالات، وتزداد ثقتنا
بهذا الشعور إذ نستذكر منع الأحمد لعدد من الموهوبين من صنع أفلامهم بسبب
خلافات شخصية، وغياب الأفلام التي أنتجتها المؤسسة بالفعل عن العرض
الجماهيري".
وكان حرّك تلك المبادرة حديث الأحمد عن السينمائي الراحل عمر أميرالاي
في مقابلة بثّها التلفزيون السوري، انتقد خلالها أعماله ومكانته. في هذا
الصدد، أوضح البيان أنه "بعيداً عن النظرة الشخصية الفردية لشخص الأحمد،
وبعيداً عن الأخبار المتواترة عن انتشار الفساد الإداري والمالي المستشري
في أروقة المؤسسة العامة للسينما، كان وقع حديث الأحمد عن المخرج الراحل
عمر أميرالاي علينا شديداً، مما دعانا إلى الخروج عن الصمت حيث دلَّ الحديث
لا على استفراد الأحمد بالمؤسسة، وبالسينما السورية كلها، بل ودلّ أيضاً
على جهل كبير بالفن السينمائي لدى من يُعتَبر المؤتمَن على السينما السورية
بوصفه ناقداً مميزاً."
وأضاف البيان أن "حديث الأحمد الذي يدير المؤسسة العامة للسينما منذ
حوالي العشر سنوات عن الراحل عمر أميرالاي، وهو أحد الرموز السينمائية
الهامة في سوريا، جاء بعيداً كل البعد عن قواعد النقد الفني السينمائي الذي
يُفتَرض به تناول الأعمال الفنية من الناحية الجمالية أولاً والفكرية
ثانياً والارتباط بينهما ثالثاً".
وطالب البيان في نهايته "بإعادة النظر في هيكلة المؤسسة العامة
للسينما من خلال الاستعانة بالخبرات الإنتاجية والفنية الموثوقة والمعتَرف
لها محلياً وعالمياً بالتميُّز والأصالة والقدرة على التجديد، بهدف البحث
عن آليات إنعاش لهذه المؤسسة المهددة بالتعطُّل التام، ومساعدة القطاع
الخاص وفتح الأبواب أمامه لدخول مجال الإنتاج السينمائي بشكل أوسع".
وكان الأحمد وصف سينما أميرالاي بأنها بلا جمهور وتكشف نزقه، وقال
"السينما التسجيلية التي توجه الراحل إليها، نخبوية شديدة الخصوصية وغير
مشاهدة إلا من قبل فئة قليلة جداً من الناس، وهذا الأمر معروف حتى في
أوروبا والغرب".
وأضاف الأحمد أن "المخرج الراحل "كان سياسياً أكثر من كونه مخرجاً
سينمائياً، والمشكلة في أفلام أميرالاي هي مشكلة كل السينمائيين السوريين،
حيث أخفق هؤلاء في نقل البيئة السورية المحلية".
وكان المخرج السينمائي السوري عمر أميرالاي قد توفي في الخامس من شهر
شباط الحالي عن نحو 66 عاما، بعد تعرضه لنوبة قلبية في منزله بدمشق، وعالجت
أفلام أميرالاي الوثائقية الحياة الاجتماعية والاقتصادية في سوريا ونالت
شهرة عالمية مع أعمال مثل "طوفان في بلاد البعث".
بدوره، رد الأحمد بعقد مؤتمر صحافي أعلن من خلاله خمسة مشاريع
سينمائية ستنتجها المؤسسة خلال العام 2011 وعن زيادة موازنة مهرجان دمشق
السينمائي وعن خطط انتاجية للعام المقبل. ومن بين تلك المشاريع اثنان
مقتبسان من مصدر أدبي: "هوى" لواحة الراهب المأخوذ عن رواية لهيفاء بيطار
و"الشراع والعاصفة" لغسان شميط المقتبس عن رواية حنا مينة. على جدول
المؤسسة أيضاً، مشروع "العاشق" لعبد اللطيف عبد الحميد و"صديقي الأخير"
لجود سعيد.
المستقبل اللبنانية في
19/02/2011 |