فيلم (صراع الاحفاد) من بطولة نور
الشريف، صلاح السعدني، نورا. ومن إخراج عبداللطيف زكي. وهو فيلم يقدم فكرة
درامية كتبها السيناريست كرم النجار، تطرح الصراع الذي يمكن ان يحدث بين
المال والفكر والقوة. وذلك من خلال ثلاثة أشقاء يتنافسون للفوز بالارث
والتركة التي خلفها لهم جدهم، بشرط تنفيذ وصيته حتى ينال هذه التركة
أفضلهم.
الاول هو (نور الشريف) الكلاف الذي يرعى البهائم والذي لم تتجاوز حياته
حظيرة البهائم. لكنه عندما يبدأ في إحتكار كل المواشي في القرية، يصبح
بسرعة من الاثرياء، وينشيء شركة لتوظيف الاموال الي ان يدخل مجلس الشعب،
حتى ينكشف أمره بتلاعبه باموال الناس في النهاية.
لم ينجح السيناريو في رسم هذه الشخصية ولم يقنعنا بتصرفاتها، فقد بدت
مليئة بالسذاجة عوضاً عن البلاهة كما أراد السيناريو ان يوصلها للمتفرج،
ولولا وجود مشاهد قليلة مع أداء نور الشريف المتميز لفقدت الشخصية
مصداقيتها وإبتعدت عن مكنوناتها الدرامية المرسومة لها.
والثاني هو (صلاح السعدني) المؤلف المسرحي، الذي يمثل الفكر الملتزم
بقضايا الوطن والناس، إلا انه يصطدم بالواقع الفني المريض، وبالتالي
فالفيلم يقترح علينا ان نتعاطف مع هذه الشخصية ، إلا ان هذا لا يحدث، لان
السيناريو قدم مونولوجات طويلة جداً على لسان الشخصية تتضمن مشاهد من تلك
المسرحيات الملتزمة.. مشاهد ركيكة وثقيلة الظل درامياً. وبالتالي لن يكون
هناك أي رد فعل لدى المتفرج إذا تحولت الي عمل مسرحي مبتذل.
الشخصية الثالثة هي (أشرف الكنزي) بطل الملاكمة الذي يرى كل شيء من خلال
قوته البدنية. وبالرغم من ان الممثل بطل ملاكمة حقيقي، إلا ان الفيلم لم
ينجح في إقناعنا بذلك، ولم يظهر له في الفيلم أية مواهب، لا في التمثيل
ولا حتى في الملاكمة.
وفيلم (صراع الاحفاد) من الافلام الاولي التي تناولت قضية توظيف الاموال، ولكن لا يكفي ان يكون هذا السبق السينمائي عنواناً لجودة الفيلم، حيث يبدو ان هذه القضية (توظيف الاموال) لم تكن مطروحة في البداية،
وإنما جاء إستغلالها عرضاً فيما بعد، وذلك من أجل الحصول على شرف هذا
السبق. ودليل ذلك هو ان المساحة الدرامية التي تمثل محور المال، جاءت
أكبر من الدراما من أجل ان تصبح القضية الاساسية هي توظيف الاموال وليست
الصراع بين المحاور الثلاثة: المال ـ الفكر ـ القوة.
هذا الفيلم هو التجربة الاولى في الكتابة السينمائية للكاتب كرم النجار. وبالرغم من انه قد بدأ الكتابة في الستينات وقدم العديد من الاعمال
المسرحية والتليفزيونية الناجحة، إلا ان أولى تجاربه السينمائىة لم تكن
على نفس المستوى من تجربته في المسرح والتليفزيون. ومع ذلك فان دخوله مجال
الكتابة السينمائية بعتبر أمراً إيجابياً، خصوصاً وان السينما المصرية
تفتقر كثيراً الى كتاب السيناريو.
أما بالنسبة للمخرج عبداللطيف زكي، فهو مع مجموعة كبيرة من المخرجين
المصريين، يقدم لك معلومة أو فكرة أو حتى قضية هامة، لكنها إجمالاً تحمل
رؤية فنية وفكرية خاصة، وبالتالي فهو حرفي جيد ومنفذ لسيناريو في يده،
يمكن ان تلمح في فيلمه بعض اللقطات الفنية والجمالية لكنها في النهاية لا
تشكل أسلوباً واضحاً ومتماسكاً.
يبقى ان نتحدث عن الاداء التمثيلي، فهو أبرز عناصر هذا الفيلم، وهو الذي
ساهم في تجاوز الكثير من السلبيات في الفيلم. فبالاضافة الى نور الشريف
وصلاح السعدني اللذين أديا دوريهما بتمكن وأستاذية، تستوقفنا الفنانة
الموهوبة عبلة كامل، التي إستطاعت في اللقطات القليلة التي ظهرت فيها ان
تستحوذ على إهتمامنا ومشاعرنا بادائها التلقائي الاخاذ. هناك ايضاً
المنتصر بالله، الذي يكشف في كل دور جديد عن طاقات كوميدية عميقة لم يكشف
منها إلا القليل جداً. |