جديد الموقع

 
 
 
 
عنوان الصفحة:

«تحية في ذكرى وفاته العاشرة: أحمد زكي.. عبقرية الأداء»

 
 

أحمد زكي

تحية في ذكرى وفاته العاشرة

هنا في "سينماتك"..

نحتفي بذكرى وفاته العاشرة والتي تصادف اليوم

أحمد زكي... عبقرية الأداء

منذ عشر سنوات.. رحل النجم الأسطورة أحمد زكي.. ليأخذنا معه، إلى متاهات المرض والخوف والموت.. متحدياً بذلك كل وصفات الأطباء في العالم، فقد كان التمثيل ملاذه الأخير، بل كان الكنز الذي يختزنه في خلاياه البلورية المليئة بالكثير من المشاعر والأحاسيس.

ونحن في "سينماتك" نشعر بمدى الفراغ الذي تركه هذا الفنان العملاق.. لذا كان لزاماً علينا أن نحتفي بهذا الفنان حتى في "الموت".. إنه يستحق منا ومن محبيه أكثر من ذلك.. أحمد زكي.. سلاماً على روحك الطاهرة... إقرأ المزيد....

تاريخ الميلاد: 18 نوفمبر 1949

تاريخ الوفاة: 27 مارس 2005

 
 
 

أحمد زكي في «سينماتك»

 
 

اسم الولادة

أحمد زكي متولي عبد الرحمن بدوي

الدولة

 مصر

تاريخ الولادة

18 نوفمبر 1949

مكان الولادة

الزقازيق، الشرقيةمصر

تاريخ الوفاة

27 مارس 2005 (العمر: 55 سنة)

مكان الوفاة

مستشفى دار الفؤادمدينة 6 أكتوبر,الجيزة،مصر

ألقاب أخرى

الإمبراطور ، النمر الأسود .

سنوات العمل

1967 - 2005

الزوجة

هالة فؤاد

الأبناء

هيثم

 

صفحة الممثل على قاعدة بيانات السينما العربية

 
 
 

أحمد زكي في «سينماتك»

 

شاهد صور للفنان وأفلامه

 

 
 

إضافة إلى الملف الخاص الذي تجسد في موقع "سينماتك" موثقاً كل شيء عن عبقري الأداء لدى الفنان أحمد زكي..... كان هناك أيصاً متابعة لأبرز أدواره في السينما، شرتها على حلقات في مجلة هنا البحرين.. والتي هي بالأسفل حسب تواريخ نشرها...!!

حسن حداد

 

"الموت" جاء إلينا ـ هذه المرة ـ في جسد الفنان العملاق أحمد زكي.. رحل هذا النجم الأسطورة.. ليأخذنا اليوم معه، إلى متاهات المرض والخوف والموت.. متحدياً بذلك كل وصفات الأطباء في العالم، فقد كان التمثيل ملاذه الأخير، بل كان الكنز الذي يختزنه في خلاياه البلورية المليئة بالكثير من المشاعر والأحاسيس.

رحل هذا العملاق قبل أن يكمل مشروع حياته (حليم).. بل أنه رحل ليجعل الخسارة والحيرة تعلو وجوه الكثيرين ممن ينتظرون شفائه، لتنفيذ المشاريع الكثيرة التي كانت مكتوبة خصيصاً له. 

نجمنا أحمد زكي.. الفنان المثابر من رأسه إلى أخمص قدميه.. عشنا معه صعوده إلى القمة منذ بدء في السبعينات.. ومتعتنا كانت حقيقية بتلك الأدوار والشخصيات المتميزة التي قدمها خلال مشواره السينمائي الطويل. شخصيات كثيرة متنوعة شاهدناها من خلاله.. لم نتخيل أي ممثل آخر يؤديها غيره. خصوصاً  تلك الشخصيات الشعبية والبسيطة التي نشاهدها يومياً في حياتنا.. تألق أحمد زكي في هذه النوعية من الشخصيات.. شخصيات من الطبقة الفقيرة، البعيدة عن شخصية الأفندي التركي، وراح في كل مرة يقدم وجهاً أكثر صدقاً للمصري الأصيل. 

اعتقد جازماً.. بأن النجم الأسمر أحمد زكي، يستحق بجدارة لقب نجم الثمانينات والتسعينات. فنحن أمام فنان مجتهد جداً، يهتم كثيراً بالكيف على حساب الكم، يلفت الأنظار مع كل دور جديد يقدمه، وأعماله تشهد له بذلك، منذ أول بطولة له في فيلم "شفيقة ومتولي" وحتى آخر أفلامه "معالي الوزير"، مروراً بالعديد من الأفلام والشخصيات التي حققت نجاحات كبيرة على مستوى الجماهير والنقاد على السواء.

هذا المشوار الطويل من الأداء التمثيلي الخلاق، جاء بعد معاناة، ومن خلال طريق صعب ومليء بالإحباطات والنجاحات.. طريق قطعه أحمد زكي حتى يصل إلى ما وصل إليه من شهرة واحترام جماهيري منقطع النظير، جعله يتربع على قمة النجومية. حصد العديد من الجوائز المحلية والدولية، واحتكر جوائز أفضل ممثل مصري لعدة أعوام متلاحقة.

كل هذا جاء، بعد أن شعر أحمد زكي بأنه يريد أن يهرب من وحدته بأي طريقة، بل كان يريد أن يهرب من حزن عينيه حين كره كلمة يتيم.. لذا لم يجد سوى بيوت الأصدقاء ليحاول أن يضحك.. حتى ظن الطفل الطري العود أنه كبر قبل الأوان.

ذكر أحمد زكي ـ ذات مرة ـ بأنه لم يضحك بما فيه الكفاية، ولم يبك بما فيه الكفاية.. لكنه صمت بما فيه الكفاية.. وحين أراد أن يهرب إلى الكلام، وجد في التمثيل متنفسه، فالتحق بعالمه يوم كان يكمل دراسته الثانوية. 

إنها لخسارة عظيمة بفقدان فنان كبير لا يتكرر أبداً.. مثله مثل النجوم الكبار الذي خلدهم التاريخ العربي.. زكي رستم، محمود المليجي، سعاد حسني.

ونحن في "هنا البحرين" بدورنا نشعر بمدى الفراغ الذي سيتركه هذا الفنان العملاق.. لذا كان لزاماً علينا أن نحتفي بهذا الفنان حتى في "الموت"، وخصص هذا العدد تكريماً له ولفنه الخلاق.. إنه يستحق منا ومن محبيه أكثر من ذلك.. وداعاً أحمد زكي.. سلاماً على روحك الطاهرة.

مجلة هنا البحرين في

06.04.2005

 

"عوامة" أحمد زكي

مع رحيل النجم الأسطورة.. أحمد زكي.. تعاظمت الخسارة الفنية.. فكلنا يتذكر رحيل العمالقة.. زكي رستم.. محمود المليجي.. سعاد حسني.. وغيرهم مازلنا نفتقدهم ونعيش مع أدوارهم الخالدة.. فمثل هؤلاء العمالقة في عالم التمثيل لا يمكن تعويضهم، ولا يمكن حتى التصور بأن أحداً سيخلفهم أو يحل مكانهم..

فأحمد زكي.. هذا الفنان الذي عشنا معه صعوده إلى القمة منذ بداية السبعينات.. ومتعتنا كانت حقيقية بتلك الأدوار والشخصيات المتميزة التي قدمها خلال مشواره السينمائي الطويل. شخصيات كثيرة متنوعة شاهدناها من خلاله.

لقد كان التمثيل ملاذه الأخير، كان بالنسبة له مثل الهواء الذي يتنفسه.. بل كان كالكنز الذي يختزنه في خلاياه البلورية المليئة بالكثير من المشاعر والأحاسيس. وإحساسنا هذا بالفقد.. جعلنا نسترجع الكثير من تلك الأدوار الجميلة والعميقة التي تحمسنا لها وعشنا تناقضاتها.

فمثلاً.. شخصية "أحمد الشاذلي" (العوامة 70 ـ 1982)، المخرج السينمائي التسجيلي الذي كان يحلم بالتحول إلى مخرج أفلام روائية إلا أن الظروف لا تسمح له بذلك، لذا نراه يعيش حلماً دائماً وصعب التحقيق، خاصة في الظروف التي عاشها وعاشتها مصر خلال العشر سنوات الماضية.. إنه ينتمي لجيل ممزق فقد الكثير من حماسه والتزامه الثوري، وفقد كذلك القدرة على مواجهة الواقع بشجاعة ففضل الاستسلام للأقدار. وأحمد واع لذلك ولكنه مصاب بمرض جديد هو اللامبالاة، فعندما يخبره عامل محلج القطن عبدالعاطي عن الاختلاسات في المحلج الحكومي، لا يحرك أحمد ساكناً وكأن الأمر لا يعنيه، بل ويحاول إلقاء العبء على خطيبته وداد.

ومن خلال قضية عبدالعاطي تزداد حدة الصراع داخل أحمد الشاذلي، ويصبح غصباً عنه طرفاً فيه، وعليه مجبراً اتخاذ موقف، ولأنه يعاني بعض الشيء من سيزيفية اتخاذ القرار، فلم يكن بالأمر السهل خاصة في ظل الأزمة التي وجد نفسه فيها.

من خلال علاقات أحمد الشاذلي بمن حوله تتجسد الأزمة في داخله، ولكن هناك بقية شجاعة قديمة يمتلكها أحمد زيادة على الوعي الفكري الذي يحمله والذي يمارس عليه رقابة دائمة. فالمشهد الأخير من الفيلم يوضح لنا موقف أحمد لرفض ما يدور وإيمانه بأن الحل لن يكون بعمل أفلام عن قضية مقتل عبدالعاطي، وإنما عن دودة البلهارسيا التي تعيش في نخاع الفلاح المصري.

هذا الفيلم ـ الذي أخرجه خيري بشارة ـ أحد الأعمال الجريئة والجادة التي ناضلت من أجل قيام سينما متقدمة وسط الكم الهائل من الأفلام التجارية التي تصيب المشاهد بالتبلد الحسي المؤقت عند مشاهدتها.. كان العملاق أحمد زكي طرفاً فاعلاً ومهماً فيه.. فهو هنا في دور جعلنا نفهم أبعاد الشخصية بكل مواقفها السلبية والإيجابية، أكدت على مقدرة هذا الفنان العملاق في تقمص أي شخصية وإتقانها.

مجلة هنا البحرين في

01.06.2005

 

أحمد زكي "لا ينام"

دور أحمد زكي في فيلم (عيون لا تنام ـ 1982)، لم ولن ينسى أبداً، فهذا الفيلم يتبنى فكرة تعتمد ـ أساساً ـ على الرغبة المرتبطة بالطبيعة الإنسانية، وهي حب التملك. ولكنه قدمها بعيون ناقدة ومتفهمة لمدى خطورة هذه الرغبة، فهي عندما تسيطر على الإنسان تحطمه وتقضي عليه.

ففي أحد محاوراته الصحفية.. يتحدث الفنان الراحل أحمد زكي وهو يفكر بعمق عن إنسان اليوم.. فيقول:

"اليوم علينا معالجة الإنسان.. أنا لا أجيد الفلسفة ولا العلوم العويصة.. أنا رجل بسيط جداً لديه أحاسيس يريد التعبير عنها.. لست رجل مذهب سياسي ولا غيره، أنا إنسان ممثل يبحث عن وسائل للتعبير عن الإنسان. الإنسان في هذا العصر يعيش وسط عواصف من الماديات الجنونية ، والسينما في بلادنا تظل تتطرق إليه بسطحية (...) هدفي هو ابن آدم، تشريحه، السير ورائه، ملاحقته، الكشف عما وراء الكلمات، ما هو خلف الحوار المباشر. الإنسان ومتناقضاته، أي إنسان، إذا حلل بعمق يشبهني ويشبهك ويشبه غيرنا.. المعاناة هي واحدة.. الطبقات والثقافات عناصر مهمة، لكن الجوهر واحد . الجنون موحد.. حروب وأسلحة وألم وخوف ودمار، كتلة غربية وكتلة شرقية، العالم كله غارق في العنف نفسه والقلق ذاته. والإنسان هو المطحون. ليس هناك ثورة حقيقية في أي مكان من العالم.. هناك غباء عام وإنسان مطحون.

من هذا المنطلق.. يرى أحمد زكي في أداءه لشخصية (إبراهيم) الميكانيكي تجربة مهمة بالنسبة لتطور قدراته الأدائية على الشاشة.. فنراه يؤكد على أن الشخصيات التي أداها ـ في أغلبها ـ حزينة، ظريفة، محبطة، حالمة، متأملة.. ويكمل بقوله:

"تعاطفت مع كل الأدوار، غير أنني أعتز بشخصية إسماعيل في فيلم عيون لا تنام، فيها أربع نقلات في الإحساس.. في البداية الولد عدواني جداً كريه جداً.. وساعة يشعر بالحب يصبح طفلاً.. الطفولة تجتاح نظرته إلى العالم والى الآخرين.. لأول مرة الحب، وهاهو يبتسم كما الأطفال، ثم يعود يتوحش من أجل المال، ثم يحاول التبرئة، ثم يفقد صوابه.. كلها نقلات تقتضي عناية خاصة بالأداء. في عيون لا تنام جملة أتعبتني جداً، جعلتني أحوم في الديكور وأحرق علبة سجائر بأكملها.. مديحة كامل تسأل: (إنت بتحبني يا إسماعيل؟) فكيف يجيب هذا الولد الميكانيكي الذي يجهل معنى الحب، وأي شيء عنه؟ يجيبها: (أنا ما عرفش إيه هو الحب، لكن إذا كان الحب هو أني أكون عايز أشوفك باستمرار، ولما بشوفك ما يبقاش فيه غيرك في الدنيا، وعايزك ليّه أنا بس.. يبقى بحبك). سطران ورحت أدور حول الديكور خمس مرات عشر.. لحظة يبوح ابن آدم بحبه، لحظة نقية جداً، لابد أن تطلع من القلب.. إذا لم تكن من القلب فلن تصل.. واحد ميكانيكي يعبر عن الحب، ليس توفيق الحكيم وليس طالباً في الجامعة، وإنما ميكانيكي يعيش لحظة حب.. هذه اللحظة أصعب لقطة في الفيلم".

مجلة هنا البحرين في

08.06.2005

 

الـ"بريء" أحمد زكي

يعتبر (البريء ـ 1985) من الأفلام المصرية الجريئة القليلة التي تناولت السلطة ونظام الحكم. لذا فقد أثيرت حوله ضجة رقابية وإعلامية بسبب اعتراض الرقابة والحكومة المصرية على الكثير من مشاهده، وبالتالي تأخر عرضه كثيراً.

وعند الحديث عن فيلم (البريء)، لا بد لنا من التوقف طويلاً أمام أداء الراحل أحمد زكي كفنان كبير امتلك طاقات تمثيلية عبقرية، شكلت اختياراته لأدواره عاملاً مهماً في تألقه الفني. ففيلم (البريء) هو فيلم أحمد زكي بحق. وهذا ـ طبعاً ـ ليس انتقاصا من تميز فيلم جريء عميق الدلالة قوي الإخراج، وإنما هي حقيقة واضحة تؤكد بأن الفيلم ينتمي إلى أحمد زكي في جوانب كثيرة. فشخصية سبع الليل أداها هذا الفنان ببساطة وصلت أحياناً إلى حد السذاجة التي يحتاجها الدور فعلاً، ولم يتخل عنها لحظة واحدة.

أحمد زكي ـ في هذا الفيلم ـ لا يمثل وإنما يقدم جانباً من شخصية موجودة في أعماقه ولم تلوثها المدنية بعد. وأكاد أقول بأن عبقرية هذا الفنان هي التي جعلت من سبع الليل شخصية تتجاوز مرحلة السكون وتتحول من مجرد كلمات على الورق إلى نبض حار متدفق ومؤثر، حيث جاء ذلك بأسلوب بسيط ومتمكن في الأداء يعتمد اللمحة بدلاً من الكلمة وعلى الحركة عوضاً عن الصراخ الزاعق.

إن ما سبق، ليس إلا وسيلة للوصول إلى حقيقة واحدة، وهي أن أداء أحمد زكي كان هو الفيصل الحقيقي الذي جعلنا نصدق سبع الليل، ونتابع معه خطوات مغامرته الكبيرة هذه. إنه بهذا الصدق في الأداء قد جعل المتفرج يتعاطف مع الشخصية إلى درجة التماهي، حيث أن المتفرج قد نسى أو تجاهل أن يفتش عن الأخطاء والسلبيات التي احتواها الفيلم. بل إن هذا التماهي قد جعله لا يرى ما يمكن أن يخالف المنطق أحياناً.

صحيح بأن فيلم (البريء) قد تناول موضوعاً خطيراً ومهماً، إلا أن هذا التناول لم يتلاءم وحساسية هذا الموضوع. فالمعالجة جاءت تقليدية وضاعت بين الميلودراما المؤثرة المصحوبة بالعنف، وبين أطروحات الفن الملتزم والموضوع السياسي. لهذا جاء الفيلم ركيكاً في كتابته الدرامية، معتمداً في نجاحه على فكرته الجريئة. إلا أنه يمكن الإشارة، بأن السيناريو قد نجح في الخروج من إطار المعتقل، عندما كانت الكاميرا في الريف مع سبع الليل، تنقل لنا الخلفية الاجتماعية والحياتية لبطل الفيلم، لكي تكون تصرفاته بعد ذلك مبرره ومنطقية. وعلى العكس.. لم ينجح السيناريو كثيراً في خروجه مع الضابط من المعتقل، رغبة في إعطاء شخصيته عمقاً وبعداً نفسياً واجتماعيا، حيث لم يؤثر ذلك في شخصية الضابط ولم يبرر تصرفاته السادية.. بل كان من الأفضل الاستغناء عن هذه اللقطات، طالما لم تؤد الغرض المطلوب منها.

مجلة هنا البحرين في

15.06.2005

 

"هروب" أحمد زكي

يعد فيلم (الهروب ـ 1990) للمخرج الراحل عاطف الطيب، من أبرز الأفلام التي قدمها أحمد زكي.. فهذا الفنان العملاق ـ كعادته ـ متجدد ومتدفق في هذا الفيلم، بل أنه قد أضفى على دوره عفوية فطرية وصدق في الأداء، فكان مقنعاً بدرجة كبيرة، فهو بهذا الفيلم يقدم واحداً من أفضل أدواره، مستفيداً من لياقته البدنية إضافة إلى لياقته الفنية، حيث كان هناك العديد من مشاهد المطاردات التي حرص أحمد زكي على أدائها بنفسه لتحقيق أعلى درجات الصدق.

يحكي الفيلم عن منتصر ، الشاب الصعيدي الذي هجر قريته إلى القاهرة سعياً وراء حلم زائف، يعمل في أحد المكاتب المشبوهة لتسفير العمالة المصرية إلى الدول العربية، وهو يعلم مسبقاً إن مدير المكتب يقوم بتزوير تأشيرات الدخول وعقود العمل، بل إن منتصر نفسه يشارك في ذلك باعتباره لا يجرؤ على الاعتراض. إلا أنه ـ ذات مرة ـ يعترض لأسباب خاصة، فهو يكتشف بأن مدير المكتب يغازل ابنة عمه وخطيبته التي عقد قرانه عليها، كما أن العمال المسافرين هذه المرة هم أبناء قريته، فهو يعلم ماذا باعوا من ممتلكات لكي يتحقق سفرهم وحلمهم بالغد الأفضل. وتصل المواجهة بين منتصر ومدير المكتب إلى التهديد، فيدبر الأخير مكيدة لمنتصر للتخلص من تهديده، حيث يوشي به للشرطة بعد أن يضع قطعة من المخدرات في غرفته التي يسكنها بسطح أحدى العمارات.

هنا يتحول الفيلم تحولاً واعياً في الرؤية والمعالجة، وذلك بعد أن يخرج منتصر من السجن ويبدأ رحلته بالانتقام. ربما نجد في شخصية منتصر ملامح من شخصية "سعيد مهران" بطل فيلم (اللص والكلاب)، إلا أن كاتب السيناريو (مصطفى محرم) يضيف إلى شخصية فيلمه وقائع معاصرة حقيقية عن القاتل الذي استطاع أن يهرب من المحكمة قبل صدور الحكم ضده. وقد كان من الممكن أن تسود الفيلم حوادث الانتقام كما في (اللص والكلاب)، إلا أن سيناريو (الهروب) يحطم هذا القيد ـ بعد حادثتين فقط ـ ويتطرق إلى عدة قضايا مهمة تضع المتفرج في مواجهة مناطق جديدة وبشكل جريء في الطرح. فهو مثلاً يتحدث عما يجري داخل جهاز الأمن حيث الانقسام وتباين وجهات النظر بين تياراتها أو المدارس المختلفة فيها ، والتي يعبر عنها الضابطان (عبدالعزيز مخيون ـ محمد وفيق). فالأول يتنازعه إحساس بالواجب تجاه عمله كضابط وإحساسه تجاه بلدياته (أحمد زكي)، بينما نجد الثاني نموذجاً للضابط الانتهازي الذي هو على استعداد للتخلي عن كل القيم والمبادئ لتحقيق أهدافه. كما يتطرق السيناريو إلى رد فعل جهاز الإعلام وتواطئه مع جهاز الأمن في التهليل لحوادث منتصر وتضخيمها وجعله أسطورة إجرامية، ثم الحديث عن كفاءة أجهزة الأمن في القبض على منتصر، كل ذلك محاولة لشق الرأي العام وتغيير اتجاهه عن قضايا أكثر أهمية، مثل ذلك الفساد الذي يستشري حولهم.

مجلة هنا البحرين في

22.06.2005

 

أحمد زكي.. ناصر

في فيلم (ناصر 56) نجح أحمد زكي في أن يقدم لنا جمال عبد الناصر على الشاشة بكل قدرات الفنان المتألق في المحاكاة ومعايشة الشخصية عن ظهر قلب لدرجة أن الأداء جاء ممزوجاً بروح عبد الناصر. فعبقرية الأداء عند أحمد زكي ليس لها حدود، خاصة عندما يلتقي بشخصية درامية لها أهميتها كشخصية عبد الناصر، حيث كانت عيناه تنطق بذكاء حاد، وترسم ملامح وجهه التحدي والصرامة وقوة الشخصية، ويجسد أسلوبه عن طريق حركة الجسم إلى الأمام والى الخلف وهو يخطب، أو وهو يقوم من مقعده مقدماً كتفه اليمنى أولاً، أو وهو برفع عينيه إلى أعلى جالساً نحو من يقف أمامه بنظرات ثاقبة. ثم كيف يغوص في روح عبد الناصر أثناء الأداء.

إن أحمد زكي في هذا الدور نجح في التقاط خيوط الشخصية ودراستها جيداً في معظم جوانبها.. ورغم ذلك فهو لم يقلد الشخصية ليبدو كنسخة مكررة، لأنه لو فعل ذلك فسيبدو كالمنولوجست الذي يقلد فيظهر ساخراً مثيراً للضحك. إلا أن أحمد زكي عرف عن الشخصية كل شيء.. أبعادها الثلاثة الجسمانية والاجتماعية والنفسية، ثم ابتعد عن عبد الناصر بعد أن تقمص شخصيته وراح يؤديها بطبيعة بالغة. مما ترك انطباعا طيباً بل ومفاجئاً لدى النقاد والمشاهدين في نجاح أحمد زكي بتجسيده لشخصية عبد الناصر وهو يحاول التغلب على الشكوك التي دارت حول قدرة مصر على تأميم القناة وإدارتها بنفس كفاءة الفرنسيين والبريطانيين.

الفيلم وراءه كاتب سيناريو كبير اشتهر بكتابة الدراما التاريخية، بل أنه يعد من أبرز كتابها، ألا وهو الكاتب محفوظ عبد الرحمن.. فقد نجح (محفوظ عبد الرحمن) في اختياره للفترة التاريخية التي تدور فيها أحداث الفيلم (فترة تأميم القناة)، فهي قمة تألق شخصية عبد الناصر، حيث أجمع كل المصريين على زعامته. فالفيلم ينقل البطل التاريخي في حياة الشعب ليصبح البطل الدرامي على الشاشة. وبالرغم من أن الفيلم تاريخي يعتمد على وثائق وأحداث حقيقية، إلا أن كاتب السيناريو قد استطاع أن يحولها إلى دراما شدت الانتباه وجذبت الأنظار إليها.

ولظهور سيناريو جميل وقوي كهذا إلى النور، كان لابد من وجود مخرج متميز ومتمكن يصل بالفيلم إلى بر الأمان.. وبالفعل كان هذا المخرج هو الفنان الكبير (محمد فاضل). فقد بذل محمد فاضل مجهوداً كبيراً للغوص في أعماق شخصيات الفيلم، ونجح إلى حد كبير في أن يستخرج منها تعبيرات أخلاقية، بدت ملامحها واضحة على الوجوه، ولم تكن بحاجة لأي جهد من المتفرج لفهمها، لذلك تأثر وانفعل بها كما أراد صناع الفيلم.

مجلة هنا البحرين في

29.06.2005

 

أحمد زكي.. السادات

أثناء مشاهدتي لفيلم (أيام السادات ـ 2000)، بهرني النجم الأسطورة أحمد زكي، في أداء رائع وممتاز، وهو ـ كما عودنا دائماً ـ قادر على إدهاشنا ومفاجأتنا، فكان كل الفيلم، حيث قام بدراسة الشخصية من كل جوانبها النفسية والعاطفية، ونجح في تقمص الشخصية وليس تقليدها. هذا مما أضفى وجوده في الفيلم مصداقية على أحداث فيلم ضخم كهذا، واستطاع أن ينقذه من الفشل الجماهيري، فكان الحمل بالطبع ثقيل عليه.

في البدء لابد من الإشارة إلى أن الفيلم يعتبر حدثاً هاماً بالنسبة للسينما المصرية. أولاً لنجاحه الجماهيري المتميز، وثانياً لأننا أمام شريط سينمائي يتحدث عن شخصية زعامية بارزة، أثرت في تاريخ مصر والوطن العربي بشكل عام.. فهو بالتالي فيلم هام.

سيناريو الفيلم، كان أضعف العناصر الفنية، فهو يقدم نظرة أحادية الجانب، باعتباره مأخوذاً عن كتابي (البحث عن الذات) لأنور السادات نفسه، و(سيدة من مصر) لزوجته جيهان السادات. هذا إضافة إلى أن مهمة كاتب السيناريو كانت مهمة مستحيلة، عندما يتناول فترة تاريخية طويلة من حياة الرئيس أنور السادات، تبدأ منذ صباه في الأربعينيات من هذا القرن، وحتى اغتياله في بداية الثمانينيات.. وكلها أحداث من الصعب الحديث عنها في فيلم واحد. وهذا مما جعله لا يهتم كثيراً بإبراز الصراع الفكري والسياسي بين السادات والشخصيات الأخرى المحيطة به، ويخفق في رسم بقية الشخصيات التي كان لها تأثيراً كبيراً على أحداث الفيلم.

ولكن بالرغم من تلك النظرة الأحادية، فقد كان هناك الكثير من المشاهد التي توخت الحذر في الطرح، وتجنبت أي مغالطات تاريخية. وقد ساهم في ذلك بالطبع وجود مخرج كبير وراء هذا العمل، وصاحب خبرة ودراية واسعة بلغة السينما، جعله يتميز عن أي فيلم تاريخي آخر.

والمتابع لمشوار محمد خان السينمائي من خلال أفلامه، يدرك تماماً بأنه مخرج لا يهتم بالحدوتة، بقدر اهتمامها بالشخصيات والتفاصيل الصغيرة، وهذا بالضبط ما وجده المخرج محمد خان في شخصية السادات، فهي شخصية ثرية درامياً، مليئة بالتناقضات، والتباينات المثيرة، ولحظات القلق والتوتر، وفترات هبوط وصعود، وتأرجح ما بين الحياة والموت. فهي بالتالي شخصية مغرية بالنسبة للمخرج محمد خان، الذي اهتم في هذه الشخصية بالتفاصيل الصغيرة المهمة وبالأخص الإنسانية منها.

ولكننا بالمقابل لم نجد في فيلم (أيام السادات) بصمة المخرج محمد خان الواضحة كمخرج له رؤية إخراجية فنية وفكرية خاصة. أفلامه تصل إلى القلب مباشرة، باعتبارها أفلاماً سينمائية مكتملة، تتوافر فيها كل الشروط الفنية. وهو بالتالي صاحب نظرية سينما المكان في السينما المصرية. إلا أن محمد خان في (أيام السادات) قد وقع في الشرك الذي وضعه له السيناريو، فكان ضحية لسيناريو ضعيف مترهل، لم ينجح هو في إنقاذه في حجرة المونتاج.

 

مجلة هنا البحرين في

06.07.2005

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)